logo
«ناسا»... الصين وترمب والتمويل

«ناسا»... الصين وترمب والتمويل

الشرق الأوسطمنذ يوم واحد
في أمسية باردة من شهر ديسمبر (كانون الأول) 2023، تلقيت تنبيهاً عاجلاً: رُصد سرب من الطائرات المسيرة مجهولة الهوية فوق قاعدة «لانغلي» الجوية في ولاية فرجينيا، داخل مجال جوي شديد التقييد.
وبصفتي مدير وكالة «ناسا» في ذلك الوقت، شعرت بالقلق على الفور. «لانغلي» هي واحدة من أكثر المواقع حساسية في الولايات المتحدة - فهي موطن لطائرات «F - 22» رابتور، وهي مقاتلات خفية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وتتمتع بقدرات سرية للغاية، فضلاً عن مقر قيادة عمليات الدفاع الجوي لأميركا الشمالية «NORAD». كما أنها تقع بجوار مركز «لانغلي» للأبحاث التابع لـ«ناسا»، حيث رصدت تقنيتنا التجريبية الطائرات المسيرة.
لم تكن مشاهدة الطائرات المسيرة المنعزلة حول القواعد العسكرية أمراً غير مسبوق، ولكن لم يحدث من قبل شيء مثل هذا السرب. اتصلت بكبار المسؤولين في البنتاغون مرتين، وأثرتُ القضية مع موظفي مجلس الأمن القومي. أشرتُ إلى أن تقنية «ناسا» هي التي تمكنت من رصد الطائرات المسيرة، وبناء على ملاحظاتنا، لم تكن هذه النشاطات عشوائية: من المحتمل أن الطائرات المسيرة أُطلقت من سفينة أو غواصة مختبئة على بعد ثلاثة أميال فقط من الشاطئ في المياه الدولية، أو ربما من شاحنات أو مقطورات مخبأة في الغابات المجاورة.
استمر توغل الطائرات المسيرة 17 يوماً. على حد علمي، ما زلنا لا نعرف مصدرها أو الغرض منها، أو مدى التهديد الذي شكلته. لكنها رُصدت في المقام الأول بفضل تكنولوجيا «ناسا». لم تكن قاعدة سلاح الجو تمتلك هذه القدرة.
إذا كان توغل الطائرات المسيرة يمكن أن يفعل شيئاً كهذا في «لانغلي»، فما الذي يمنع عدواً مصمماً من إطلاق سرب من الطائرات المسيرة التي تُسقط المركبات الفضائية على مركز كينيدي الفضائي ومحطة كيب كانافيرال الفضائية؟ أو قاعدة فاندنبرغ للقوات الجوية في كاليفورنيا؟ أو جزيرة والوبس قبالة سواحل فيرجينيا؟ هذه ليست مجرد مواقع لإطلاق الصواريخ إلى الفضاء وإيصال حمولات «ناسا» إلى المدار، إنها أهداف استراتيجية حيوية للدفاع عن وطننا.
تؤكد الأحداث في «لانغلي» أنه على الرغم من أن «ناسا» هي وكالة مدنية لاستكشاف الفضاء، فإن دورها يتجاوز ذلك. إن دراستها لبيئة الفضاء تجعل من الممكن للولايات المتحدة إطلاق وتشغيل أقمار اصطناعية حيوية لاكتشاف الأشياء غير العادية التي تسميها «ناسا» «الشذوذيات»، وتسمح بالاتصالات عبر الكرة الأرضية. لقد أتاحت تطوراتها التكنولوجية تطوير صواريخ وطائرات متقدمة لا يمكن لعدد قليل من البلدان الأخرى أن تضاهيها.
وقد عزز الفوز في سباق الوصول إلى القمر من هيبة البلاد وهيمنتها الجيوسياسية، مما ساعد الولايات المتحدة على الفوز في الحرب الباردة. ويوفر أسطول «ناسا» من أقمار رصد الأرض المعلومات التي تحتاج إليها المجتمعات الضعيفة للتخطيط لمستقبل غامض في ظل تغير المناخ. كما أن أبحاثها العلمية في أقصى أطراف المجموعة الشمسية وما وراءها تفتح أعيننا على الطبيعة الرائعة للكون، وتذكرنا بإنسانيتنا المشتركة.
إن اقتراح إدارة ترمب بخفض ميزانية «ناسا» إلى الحد الأدنى - بما في ذلك تخفيض تمويل العلوم بنسبة 50 في المائة تقريباً - يُهدد مساعي البلاد إلى الاكتشاف، ويُقوض القدرات الضرورية في عصر يتقدم فيه المنافسون في المجالات الأرضية وخارج الأرض. والمنافسة للعودة إلى القمر، وأن تصبح أول دولة تهبط على سطح المريخ وما وراءه، هما أبرز مثال على ذلك. من مصلحة العالم الحفاظ على سلام العوالم خارج الأرض، وأفضل طريقة للقيام بذلك هي ضمان وصول أميركا وحلفائها إلى هناك أولاً وإقامة موطئ قدم دائم قبل أن يفعل ذلك خصومنا.
وهذا يتطلب دعم نوع الأبحاث التي تجري على محطة الفضاء الدولية، والتي تساعدنا على فهم كيفية حماية صحة الإنسان خلال فترات طويلة في ظروف الجاذبية المنخفضة. يمكن استخراج احتياطيات الجليد على القمر لتوفير الأكسجين والماء ووقود الصواريخ للأشخاص الذين يعيشون على القمر، ولكننا بحاجة إلى إرسال مسبارات ومركبات هبوط لرسم خرائط لهذه الرواسب وإخبارنا بأفضل موقع لبناء قاعدة أمامية هناك.
إذا فازت الصين في سباق الفضاء الجديد من خلال إعادة البشر إلى القمر قبلنا، وإنشاء أول موطئ قدم على المريخ، والسيطرة على الموقع الاستراتيجي المتقدم في الفضاء، فإن التقنيات التي تشكل حياتنا اليومية، والشبكات التي تدعم اقتصاداتنا، والأقمار الاصطناعية التي تحمي قواتنا وتراقب مناخنا، لن تكون بعد ذلك مرتكزة على إطار عمل مفتوح وديمقراطي. بل سوف تُستخدم بوصفها وسيلة ضغط في منافسة ستحدد ماهية القرن، وربما تشمل حتى استخدام الأسلحة النووية في الفضاء.
لكن الأمر لا يتعلق فقط بالسباق لتشكيل مستقبل البشرية كجنس متعدد الكواكب. إنه يتعلق بالتهديدات القائمة بالفعل، كما شهدنا قبل أكثر من عام في «لانغلي». في أماكن مثل أوكرانيا والشرق الأوسط، نشهد بزوغ فجر الضربات الجوية المستقلة بالطائرات المسيرة ذاتية التشغيل كنموذج جديد للحرب - تُطلق من حجرات مخفية، وقادرة على اختراق حتى أكثر أنظمة الدفاع الجوي تطوراً. على هذه الخلفية، هناك تقارير عن شركات مملوكة للصين تشتري أراضي زراعية بالقرب من القواعد العسكرية الأميركية - ما لا يقل عن 350 ألف فدان في 27 ولاية - مما يثير أسئلة ملحة حول التجسس والتهديدات ليس فقط للمنشآت العسكرية، وإنما أيضاً للأنظمة الحيوية مثل شبكات الطاقة. لا يقتصر دور برنامج الفضاء المدني القوي على تطوير التقنيات اللازمة للكشف عن هذه التهديدات فحسب، وإنما يساعد أيضاً في ضمان السيادة على الأجواء وفي المدار.
* خدمة «نيويورك تايمز»
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجيش الأميركي يختبر استخدام أسلحة الطاقة الموجهة ضد المسيرات
الجيش الأميركي يختبر استخدام أسلحة الطاقة الموجهة ضد المسيرات

الشرق السعودية

timeمنذ 9 ساعات

  • الشرق السعودية

الجيش الأميركي يختبر استخدام أسلحة الطاقة الموجهة ضد المسيرات

أجرى الجيش الأميركي، قبل أيام، مناورة بالذخيرة الحية في أوكلاهوما، شهدت أول استخدام أميركي لأسلحة الطاقة الموجهة في الدفاع الجوي، بحسب موقع Army Recognition. ووفق الموقع، فقد اختبر جنود في الجيش الأميركي نظام الدفاع الجوي قصير المدى بمناورة الطاقة الموجهة- DE M-SHORAD، المُثبت على مركبة Stryker 8×8. وتضمنت هذه المناورة استهداف سرب من أنظمة الطائرات المسيرة. أنظمة الطاقة الموجهة وأظهر التمرين التآزر التشغيلي بين أنظمة الطاقة الموجهة القائمة على الليزر، ومنصات M-SHORAD الحركية التقليدية، مسلطاً الضوء على نهج دفاعي متعدد الطبقات. ومن خلال الجمع بين التقنيتين، يطور الجيش الأميركي بنية دفاعية سريعة الاستجابة، وقابلة للتطوير، مصممة لمواجهة التهديدات الجوية سريعة التطور، وخاصة الطائرات المسيرة الصغيرة القادرة على التهرب من الدفاعات التقليدية، أو اختراقها. وتُسهم مرحلة الاختبار بشكل مباشر في تطوير برنامج الليزر عالي الطاقة الدائم- E-HEL، التابع للجيش الأميركي للعام المالي 2026، والذي من المقرر أن يصبح أول برنامج طاقة موجهة يُسجَّل، ما يمهد الطريق لنشره على نطاق واسع. وركزت تجربة القدرات على دمج التكنولوجيا الجديدة على مستوى القوات، مع التركيز على تحسين التكتيكات والتقنيات والإجراءات (TTPs) للانتشار في الميدان. شبكة دفاع جوي آمنة وطُلب من الجنود في الجيش الأميركي اتخاذ قرارات سريعة في بيئات تهديد معقدة، وإدارة فض اشتباك الأهداف، وتطبيق بروتوكولات اشتباك مناسبة لأنظمة الطاقة الموجهة والأنظمة الحركية. ولم تقتصر هذه التمارين على اختبار المعدات فحسب، بل أثبتت أيضاً صحة الأطر التشغيلية اللازمة لفاعلية القتال في الوقت الفعلي. وعلى الرغم من الوعد المتزايد بأسلحة الليزر ذات الطاقة المباشرة، أكد الجيش الأميركي الأهمية الدائمة للأنظمة الحركية. ويهدف النهج الحالي إلى تعزيز أنظمة الطاقة المباشرة، لا استبدالها بالأصول الحالية، ما يضمن شبكة دفاع جوي احتياطية وآمنة. الليرز في مواجهة المسيّرات ومع تطور تقنيات الليزر والموجات الدقيقة عالية الطاقة، فإنها توفر دقة لا مثيل لها، وتكلفة منخفضة لكل طلقة، وهو أمر بالغ الأهمية لمواجهة هجمات الطائرات المسيرة المكثفة التي أصبحت سمة مميزة للخصوم شبه المتماثلين وغير المتكافئين. ويشير هذا الاختبار في أوكلاهوما إلى تحول واضح في عقيدة الجيش الأميركي نحو مستقبل تُصبح فيه أسلحة الليزر المُركبة على مركبة Stryker واقعاً ملموساً في الخطوط الأمامية. ويبرز نظام DE M-SHORAD بسرعة كركيزة أساسية في استراتيجية الجيش المتطورة للحفاظ على التفوق الجوي، وحماية قوات المناورة في ساحة معركة تتزايد فيها الطائرات المُسيرة. مواصفات DE M-SHORAD يعتبر نظام DE M-SHORAD، المعروف أيضاً باسم "Guardian"، هو سلاح ليزر عالي الطاقة من فئة 50 كيلوواط مُدمج في مركبة Stryker A1 8x8 المدرعة. ويُعد هذا الدمج جزءاً من برنامج الليزر عالي الطاقة متعدد المهام (MMHEL)، الذي يهدف إلى توفير قدرة طاقة متنقلة وموجهة لمواجهة التهديدات الجوية. ويتضمن نظام الليزر، الذي طورته شركة Raytheon Technologies، مُوجِّه شعاع، ونظاماً كهروضوئياً/أشعة تحت الحمراء لاكتساب وتتبع الأهداف، وراداراً متعدد المهام Ku720، تُديره شركة Kord Technologies، التي توفر أيضاً أنظمة إدارة الطاقة والتبريد. وتتميز منصة سترايكر A1 بتصميمها المزدوج على شكل حرف V، ما يوفر قدرة نجاة مُحسَّنة ضد الألغام والعبوات الناسفة المرتجلة. وتعمل المركبة بمحرك CAT C9 بقوة 450 حصاناً، ما يُلبي احتياجات نظام الليزر من الطاقة مع الحفاظ على قابلية الحركة. ويعمل سلاح الليزر في مركبة DE M-SHORAD ببطاريات، يتم شحنها بواسطة مولدات ديزل مدمجة، ما يضمن عمليات مستدامة في سيناريوهات قتالية مُختلفة. نظام متعدد المهام صُمم نظام DE M-SHORAD لحماية الفرق والألوية القتالية، وهو قادر على تحييد أنظمة الطائرات المسيرة، والطائرات العمودية وثابتة الجناح، بالإضافة إلى الصواريخ والمدفعية وقذائف الهاون. ويمثل نشره تقدماً ملحوظاً في جهود الجيش الأميركي لدمج أسلحة الطاقة الموجهة في استراتيجيته للدفاع الجوي، ما يوفر حلاً منخفض التكلفة لكل اشتباك لمواجهة التهديدات الجوية الناشئة. تُمثل أسلحة الليزر اليوم تحولاً جذرياً في نهج الجيوش الحديثة في الدفاع الجوي. وعلى عكس الذخائر التقليدية القابلة للاستنفاد، والتي تشكل عبئاً لوجستياً كبيراً، توفر أسلحة الليزر ذخيرة غير محدودة تقريباً، لا يحدها سوى مصدر الطاقة. وتؤدي قدرة تلك الأنظمة على مواجهة التهديدات بسرعة الضوء بدقة متناهية، وأضرار جانبية ضئيلة، وتكلفة تشغيلية منخفضة، إلى جعلها فعالة للغاية ضد أسراب الطائرات المسيرة والمقذوفات التي تُحلق على ارتفاع منخفض. حروب الطائرات المسيرة وفي مستقبل تهيمن عليه حروب الطائرات المسيرة والهجمات المكثفة، تُوفر أسلحة الليزر ميزة تكنولوجية تقلل من البصمة اللوجستية، مع تمكين تغطية دفاعية مستمرة. ويُظهر دمج DE M-SHORAD ضمن وحدات الجيش الأميركي العاملة أن أسلحة الطاقة الموجهة لم تعد نظرية، بل تتحول إلى أصول ميدانية قابلة للنشر. وبينما يستثمر الخصوم في التهديدات الجوية منخفضة التكلفة، لتحدي الهيمنة الجوية الراسخة، فإن القدرة على تحييد هذه التهديدات بأنظمة عالية الكفاءة، وقابلة للتطوير، ومستدامة مثل DE M-SHORAD تُقدم ميزة حاسمة. ويتشكل مستقبل الدفاع الجوي بشكل متزايد من خلال الطاقة الدقيقة بدلاً من القوة النارية الضخمة، ويضع الجيش الأميركي نفسه بوضوح في طليعة هذه الثورة التكنولوجية، بحسب تعبير موقع "Army Recognition".

الحالة الكمومية
الحالة الكمومية

عكاظ

timeمنذ 13 ساعات

  • عكاظ

الحالة الكمومية

نقصد بها الواقع الكمومي في الصراع الإيراني-الإسرائيلي وتشابك المصالح وتداخل السرديات، حيث يبدو أن الوضع في الشرق الأوسط، وخاصة في الصراع بين إيران وإسرائيل، يعيش حالة من «اللايقين الكمومي»، لتتداخل الاحتمالات وتتشابك التوقعات بشكل يجعل التنبؤ بالمستقبل ضرباً من المستحيل. ففي عالم تتقاطع فيه المصالح الجيوسياسية مع الأيديولوجيات المتطرفة تصبح كل السيناريوهات ممكنة، حتى تلك التي تبدو غير منطقية أو متناقضة. إن التشابك الكمومي في السياسة يكون عندما يصبح العدو حليفاً. ذلك أن إحدى أكثر الظواهر إثارةً في الفيزياء الكمومية هي «التشابك الكمومي» (Quantum Entanglement)، حيث يرتبط جسيمان ببعضهما بشكل لا يمكن تفسيره وفقاً لقوانين الفيزياء الكلاسيكية. وبطريقة مشابهة، نرى في السياسة الدولية تحالفات غريبة وتناقضات صارخة. فالدول التي تدّعي معاداة الإرهاب تدعم جماعات مسلحة، والأنظمة التي تتحدث عن السلام تهدد باستخدام القوة النووية، والخصوم الألداء يتحولون فجأة إلى شركاء عندما تتقاطع المصالح. فإسرائيل، على سبيل المثال، تعلن معارضتها لبرنامج إيران النووي، لكنها في الوقت نفسه تتعامل بشكل غير مباشر مع مصالح اقتصادية تتقاطع مع طهران في بعض الأسواق الدولية. وبالمثل، نجد أن الولايات المتحدة، رغم عدائها الظاهر لإيران، كانت على استعداد للتفاوض معها في إطار الاتفاق النووي، بينما حلفاؤها في المنطقة يشنون حروباً بالوكالة ضد المصالح الإيرانية. لا يمكن فهم تعقيدات الصراع في الشرق الأوسط دون الرجوع إلى نظرية الفوضى (Chaos Theory)، التي تظهر كيف يمكن لحدث صغير أن يخلق تداعيات غير متوقعة على نطاق واسع. فالغرب، وخاصة الولايات المتحدة، استخدم هذه النظرية كأداة لتفكيك الاستقرار الإقليمي، سواء عبر دعم انقلابات أو إشعال حروب أهلية أو التلاعب بالاقتصادات المحلية. والأكثر إثارةً هو كيف يتم توظيف نظرية الألعاب (Game Theory) في هذا الصراع، حيث يصبح لكل حركة حساب دقيق لردود الأفعال المحتملة. فإسرائيل، مثلاً، تطلق تصريحات عن «ضرب المفاعلات النووية الإيرانية»، ليس لأنها تنوي ذلك بالضرورة، ولكن لاختبار ردود الفعل الإقليمية والدولية، ولخلق بيئة من التهديد المستمر الذي يبرر أي إجراء لاحق. ما بعد الحداثة وتفكيك الهوية أحد أخطر أدوات الصراع الحديثة، حيث الحرب الناعمة، التي تستهدف العقل الجمعي للمجتمعات عبر تفكيك الهويات وتشويه السرديات التاريخية. فمشاريع مثل «الديانة الإبراهيمية» أو إثارة النزعات العرقية والمناطقية ليست سوى محاولات لخلق واقع جديد تفقد فيه الشعوب ارتباطها بجذورها، وتصبح أكثر تقبلاً للهيمنة الخارجية. فالغرب لم يعد يحتاج إلى غزو عسكري مباشر لتحقيق أهدافه؛ بل يكفيه تفكيك البنى الاجتماعية والدينية، وإحلال قيم جديدة تخدم مصالحه. وهذا ما يفسّر الهجوم المستمر على الإسلام كعقيدة وهوية، ومحاولة استبداله بخطاب ديني مشوش يسهل التحكم فيه. ولا يعني ذلك أن الخطاب الديني العباسي لا يحتاج إلى نقد وتمحيص. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هل يمكن الخروج من المتاهة الكمومية؟ كما يبقى السؤال الأهم هل يمكن للشرق الأوسط أن يتحرر من هذه الحالة الكمومية المعقدة، حيث تتداخل فيه الأدوار وتتشابك المصالح؟ الجواب يعتمد على قدرة دول المنطقة على خلق سرديات موحدة تقاوم التفتيت، واستراتيجيات ذكية تتجاوز لعبة «رد الفعل» التي يفرضها الغرب. فكما في الفيزياء الكمومية، حيث يمكن للجسيم أن يكون في حالات متعددة حتى لحظة القياس، فإن مصير الشرق الأوسط يبقى معلقاً بين احتمالات كثيرة... لكن القوة الوحيدة القادرة على «قياس» هذا الواقع وتحديد مساره هي إرادة شعوبه وقدرتها على مقاومة التلاعب الخارجي. وإلا، فستظل المنطقة عالقة وساحة لتجارب القوى الكبرى، تعيش في دوامة لا تنتهي من الصراعات المفتعلة. أخبار ذات صلة

شركة أميركية ناشئة تبتكر وحدات لتربية النحل تعمل بالذكاء الاصطناعي
شركة أميركية ناشئة تبتكر وحدات لتربية النحل تعمل بالذكاء الاصطناعي

الشرق السعودية

timeمنذ 13 ساعات

  • الشرق السعودية

شركة أميركية ناشئة تبتكر وحدات لتربية النحل تعمل بالذكاء الاصطناعي

ابتكرت شركة Beewise الأميركية الناشئة، وحدات لتربية النحل باستخدام الذكاء الاصطناعي، وتعد تطويراً صناعياً لخلايا النحل الخشبية التقليدية. وحسبما أوضح موقع phys، فإن الوحدات مغطاة بمعدن أبيض ومزودة بألواح شمسية، إذ تحتوي الوحدة على ماسح ضوئي عالي التقنية وذراع آلية تعمل بالذكاء الاصطناعي. تٌستخدم حوالي 300 ألف وحدة من هذه الخلايا في الولايات المتحدة، موزعة عبر حقول اللوز والفستق وغيرها من المحاصيل التي تعتمد على التلقيح. بعيداً عن الصورة الرومانسية لخلية النحل أو النحال التقليدي، فإن الأولوية تكمن في الحفاظ على حياة النحل، إذ توفر وحدات شركة "بي وايز" تحسينات كبيرة مقارنة بالخلايا التقليدية، من خلال تقديم بيانات مستمرة عن صحة مستعمرة النحل والقدرة على تقديم العلاج عند الحاجة. وتشهد الولايات المتحدة ارتفاعاً مقلقاً في نفوق مستعمرات النحل منذ منتصف العقد الأول من القرن الجاري، إذ يواجه النحالون صعوبات في مواجهة الطفيليات الحاملة للأمراض، والتقلبات المناخية، وغيرها من الضغوط التي تهدد المستعمرات، مما يعرض محاصيل بمليارات الدولارات، من اللوز إلى الأفوكادو، للخطر. في العام الماضي، سُجلت أعلى معدلات خسائر مستعمرات النحل على الإطلاق. وجمعت الشركة الأميركية الناشئة، تمويلًا يقارب 170 مليون دولار، وتخطط لتغيير صناعة تربية النحل، إذ قال سار سافرا، الرئيس التنفيذي ومؤسس الشركة، إن الذكاء الاصطناعي والروبوتات يمكنهما استبدال 90% من مهام النحال في الحقل. آلية عمل خلايا النحل بالذكاء الاصطناعي وبداية من أبريل 2024 وعلى مدار عام، نفق أكثر من 56% من مستعمرات النحل التجارية في الولايات المتحدة، وفق مفتشي المناحل الأميركية. وتكبد النحالون خسائر اقتصادية كبيرة، إذ قدرت تكلفة خسائر المستعمرات بين يونيو ومارس بـ600 مليون دولار، وفق تحالف "صحة النحل". وتوفر خلايا "بي وايز" الروبوتية، تدفقاً شبه مستمر لبيانات صحة المستعمرة في الوقت الفعلي، مما يتيح للنحالين الاستجابة للمشكلات. وتزود "بي وايز" خلاياها بكاميرا وذراع آلية، بشكل يشبه جهاز الرنين المغناطيسي. ويحلل الذكاء الاصطناعي آلاف النقاط البيانية من كل خلية، التي تحتوي على ما يصل إلى 6000 زنزانة لفقس اليرقات أو تخزين العسل وحبوب اللقاح، وعند رصد علامات تحذيرية، مثل نقص اليرقات أو وجود طفيليات، يتلقى النحال تنبيهاً عبر تطبيق. تهدف الشركة إلى زيادة عدد الوحدات إلى مليون وحدة خلال 3 سنوات. يقول سافرا: "نحن في سباق مع الزمن، فقد نمتلك أفضل منتج في غضون 15 عاماً، لكن ذلك لن يهم إذا لم يبقَ نحل". وتصف "بي وايز" خلاياها بأنها فندق فاخر للملقحات، إذ تقلل من خسائر المستعمرات إلى حوالي 8%، مقارنة بمتوسط الخسائر السنوية البالغ أكثر من 40%. وتتوقع الشركة تحقيق إيرادات بقيمة 100 مليون دولار خلال العام الجاري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store