
تحليل النصف الثاني من يونيو: هدنة جيوسياسية تنعش الأسواق العالمية لتلتقط أنفاسها بعد أسبوع مضطرب
لاشك في أن الحرب الإسرائيلية - الإيرانية قد أرخت بثقلها بشكل ملموس على الأسواق العالمية والإقليمية خلال النصف الثاني من يونيو. والتقرير يستعرض بشكل سريع هذه التداعيات عالميا ومحليا.
عوائد سندات الخزانة الأمريكية
ارتفعت عوائد سندات الخزانة الأمريكية في مستهل الأسبوع وسط تصاعد حدة التوترات الجيوسياسية، لكنها عادت وتراجعت في وقت لاحق من الأسبوع بعد تسجيل تراجع في مبيعات التجزئة أكثر حدة من المتوقع.
وقد أثار هذا المخاوف بشأن تباطؤ اقتصادي محتمل. هذا فيما تعزز الدولار الأمريكي خلال الأسبوع مرتفع بنسبة 0.5%، مدعوما بجاذبيته كملاذ آمن في ظل استمرار حالة عدم اليقين الجيوسياسي في منطقة الشرق الأوسط.
هذا ناهيك عن قرار الفيدرالي الأمريكي الإبقاء على أسعار الفائدة دون تعديل، وإن لا يزال الفيدرالي متمسك بتوقعاته بخفض الفائدة مرتين في وقت لاحق من العام، في حين خفض توقعاته للنمو الاقتصادي ورفع في المقابل توقعاته للتضخم، في إشارة إلى تزايد المخاوف من سيناريو الركود التضخمي.
تجدر الإشارة هنا أيضا إلى أن بنك اليابان قد أبقى على أسعار الفائدة دون تغيير وكشف عن خطة جديدة لتقليص وتيرة خفض ميزانيته العمومية بدءاً من العام المقبل، وذلك في ظل تنامي المخاطر الخارجية، بما في ذلك الصراع في منطقة الشرق الأوسط وتأثير الرسوم الجمركية الأمريكية المتجددة.
الدولار الأمريكي
عاد مؤشر الدولار الأمريكي للتراجع بشكل كبير خلال الأسبوع الحالي وذلك إلى أدنى مستوى في ثلاثة أعوام ونصف العام وسط انحسار المخاوف في المنطقة مع الإعلان عن وفق لإطلاق النار بين إيران وإسرائيل فجر 24 يونيو.
هذا بالإضافة إلى المخاوف حيال استقلال الفيدرالي في المستقبل ما أرخى بظلاله على الثقة في السياسة النقدية للبلاد.
ومن المتوقع أن يبقى مؤشر الدولار الأمريكي تحت ضغط خلال المرحلة المقبلة، مع توقعات بأن يصل سعر اليورو إلى 1.20 دولار في ظل تصاعد الاتجاه العالمي نحو التخلي عن الدولار الأمريكي، وهو ما يعزز جاذبية العملات البديلة.
الأسهم الأمريكية
استهلت أسواق الأسهم الأمريكية الأسبوع المنتهي في 20 يونيو بأداء إيجابي، إلا أن المعنويات تحولت إلى السلبية بحلول يوم 17 يونيو مع دخول الصراع بين إسرائيل وإيران يومه الخامس.
وقد أثر هذا على المستثمرين، لتغلق أسواق الأسهم الأمريكية على تباين في اليوم التالي بعد أن حذر رئيس الفيدرالي، جيروم باول، من احتمال ارتفاع التضخم في السلع خلال أشهر الصيف مع بدء تأثير الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
وبحلول نهاية الأسبوع المنتهي في 20 يونيو، بقي الأداء متباين في وول ستريت، مع تزايد حذر المستثمرين في ظل تصاعد وتيرة النزاع بين إيران وإسرائيل، وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية على الخط.
وبناءً عليه، أنهى مؤشر داو جونز الأسبوع بدون تغيير، بينما تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.2%، وحقق مؤشر ناسداك مكاسب طفيفة بنسبة 0.2% خلال الفترة نفسها.
وقد استمر هذا المسار يوم 25 يونيو لاسيما مؤشر ناسداك مع إغلاق سهم إنفيديا عند أعلى مستوياته على الإطلاق، حيث اكتسب المستثمرون ثقة بأن ريادة الشركة في مجال الذكاء الاصطناعي لن تتأثر بضوابط التصدير الصينية.
في المقابل، ارتفع مؤشر نيكاي 225 الياباني بنسبة 1.5% في حين تراجع مؤشر MSCI لآسيا والمحيط الهادئ بنسبة 0.3% خلال الأسبوع المنتهي في 20 يونيو. أما الأسواق الأوروبية فقد كانت أكثر وهناً مع تراجعات طفيفة نسبياً بشكل عام.
24 يونيو
يجدر الذكر بأن أسواق الأسهم العالمية قد شهدت منذ فجر الثلاثاء 24 يونيو موجة من التفاؤل بعد إعلان اتفاق وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مما أدى إلى صعود قوي في مؤشرات الأسهم الأمريكية والآسيوية، مع تحسن معنويات المستثمرين وإقبالهم على المخاطرة في ظل انحسار المخاوف الجيوسياسية.
سجلت أسواق الأسهم الأوروبية ارتفاعات يوم 24 يونيو مع صعود مؤشر ستوكس 600 الأوروبي بنسبة 1.4% وارتفاع مؤشر داكس الألماني بنسبة 2%. غير أنها عادت وسجلت هبوط جماعي يوم الأربعاء 25 يونيو، وذلك في ظل ترقب المستثمرين لتفاصيل الاتفاق التجاري بين الولايات المتحدة والصين وتطورات السياسة النقدية في أوروبا، ما قد يبقيها في خانة الترقب خلال الفترة المقبلة.
وبالتالي من المتوقع أن تشهد أسواق الأسهم الأمريكية والآسيوية موجة تصحيح خلال المدى المنظور.
النفط
ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد بين 17 و20 يونيو، مع تصاعد حدة النزاع بين إيران وإسرائيل دون بوادر حل.
وقد قيم المستثمرون احتمالات تعطل الإمدادات نتيجة استمرار الصراع، خاصة في حال حدوث تدخل عسكري مباشر من جانب الولايات المتحدة وهو ما حدث لاحقا.
عليه، أنهت العقود الآجلة لخام برنت الأسبوع المنتهي في 20 يونيو عند 77.3 دولار للبرميل، في حين وصلت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط عند 75.0 دولار للبرميل، بارتفاع أسبوعي نسبته 2.8% و2.5% على التوالي.
غير أن أسعار النفط تراجعت بأكثر من 5% يوم الثلاثاء 24 يونيو، بعد التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، مما هدأ المخاوف من اضطراب الإمدادات في المنطقة في ظل انخفاض علاوة المخاطرة التي كان المستثمرون يأخذونها في عين الاعتبار وسط احتمالات عن لجوء طهران إلى إغلاق مضيق هرمز.
غير أن أسعار النفط عاودت ارتفاعها بعض الشيء في 25 يونيو، إلا أنها بقيت مستقرة قرب أدنى مستوياتها في أسبوعين، وهو مسار من المتوقع أن يبقى سائد في المرحلة المقبلة مع صمود وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل.
المعادن الثمينة
تراجعت أسعار الذهب بأكثر من 1% يوم الاثنين 16 يونيو، مع قيام المتداولين بجني الأرباح بعد أن سجلت أعلى مستوى لها في ثمانية أسابيع.
هذا فيما راقبت الأسواق عن كثب تصاعد التوترات بين إسرائيل وإيران، بالإضافة إلى الاجتماع المرتقب للسياسة النقدية لمجلس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، لتعود وترتفع بشكل طفيف في 17 يونيو مدعومة بطلب الملاذ الآمن في ظل استمرار الصراع في منطقة الشرق الأوسط وقتها.
إلا أن المكاسب كانت محدودة بسبب قوة الدولار الأمريكي. وإن كشف استطلاع أجراه مجلس الذهب العالمي أن البنوك المركزية حول العالم تتوقع زيادة حصة الذهب في احتياطاتها خلال السنوات الخمس المقبلة. هذا في إشارة إلى استمرار الطلب المؤسسي على المعدن الأصفر.
هذا فيما قفزت أسعار الفضة يوم 17 يونيو إلى أعلى مستوى لها في 13 عام.
ولكن تراجعت أسعار الذهب في 18 يونيو تحت ضغط قرار الفيدرالي بالإبقاء على أسعار الفائدة دون تغيير، لتستقر عند 3,384.4 دولار للأونصة يوم 20 يونيو، مع تراجع أسبوعي بنسبة 2.0%.
في المقابل، أنهت المعادن الثمينة الأخرى الأسبوع المنتهي في 20 يونيو بأداء متباين، حيث تراجعت أسعار الفضة إلى 36.0 دولار للأونصة، بانخفاض أسبوعي نسبته 1.1%، في حين ارتفعت أسعار البلاتين بنسبة 4.1% لتغلق عند 1,261.5 دولار للأونصة بعد أن لامست مؤقتاً أعلى مستوياتها منذ سبتمبر 2014.
وبطبيعة الحال، تراجعت أسعار الذهب بأكثر من 1% خلال تعاملات يوم الثلاثاء 24 يونيو إلى 3,319 دولار للأونصة، إلى أقل مستوياتها خلال أكثر من أسبوعين، وذلك بعد الإعلان عن وقف إطلاق النار وسط تراجع الطلب على الذهب كملاذ آمن.
وبعدها عادت أسعار الذهب لتسجل ارتفاع طفيف في 25 يونيو بدعم من تراجع الدولار وعوائد سندات الخزانة الأمريكية، وذلك في تقلب ملموس خلال الأسبوع المنتهي في 27 يونيو، مع توقعات بأن تبقى أسعار الذهب في دوامة التقلب خلال المرحلة المقبلة، لاسيما في ظل ضغوط معاكسة جراء انحسار المخاوف العسكرية في المنطقة من جهة وضعف الدولار الأمريكي من جهة أخرى.
كما متوقع، كان للحرب بين إيران وإسرائيل تداعيات قاسية على أداء أسواق الأسهم العربية التي سجلت تراجعات حادة خلال الأسبوع المنتهي في 20 يونيو.
وطغى اللون الأحمر على شاشات البورصات العربية بحيث سجل مؤشرS&P العربي المركب تراجع أسبوعي بنسبة 3%، في ظل تراجع كبير في مؤشر أسعار البورصة المصرية بنسبة 7% ومؤشر سوق تداول السعودية بنسبة 2.1%، لاسيما نتيجة استمرار القتال بين إيران وإسرائيل، مما أثار المخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة.
غير أن أسواق الأسهم العربية استهلت الأسبوع المنتهي في 27 يونيو بتحسن طفيف، لتعوض خسائرها في 24 يونيو مع وقف إطلاق النار بحيث عاد اللون الأخضر ليطغى من جديد على كل البورصات العربية مع ارتفاع بنسبة 3% في مؤشرS&P العربي المركب يوم 24 يونيو، وبنسبة 0.4% في 25 يونيو.
ومن المتوقع أن تغلق أسواق الأسهم العربية خلال الأسبوع المنتهي في 27 يونيو على ارتفاع جيد وإن قد يبقى الحذر سيد الموقف خلال المدى المنظور.
(إعداد: فادي قانصو، الأمين العام المساعد ومدير الأبحاث في اتحاد أسواق المال العربية، خبير اقتصادي وأستاذ جامعي، تحرير: ياسمين صالح، مراجعة قبل النشر: شيماء حفظي)
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ 8 ساعات
- البيان
مستويات قياسية جديدة لـ «إس آند بي» و«ناسداك».. وأوروبا واليابان تواصلان الصعود
وارتفع مؤشر «ستاندرد آند بورز 500» بنسبة 0.59%، ليصل إلى 6477 نقطة، متجاوزاً الرقم القياسي السابق البالغ 6147 نقطة، المسجل في 19 فبراير. كما ارتفع مؤشر ناسداك المركب بنسبة 0.52%، ليصل إلى 20271 نقطة، وهو أيضاً مستوى قياسي جديد. أما مؤشر «داو جونز» الصناعي، فقد أضاف 398 نقطة، بنسبة 0.92%. وصعد سهما شركتي صناعة الملابس الرياضية الألمانيتين «بوما» و«أديداس» 4.3% و2.9% على التوالي، وذلك بعد أن تجاوزت تقديرات شركة «نايكي» الأمريكية لإيرادات الربع الأول توقعات السوق. وقفز «نيكاي» 1.43%، إلى 40150.79 نقطة، مسجلاً أعلى مستوى إغلاق منذ 27 ديسمبر. وزاد المؤشر 4.6% منذ بداية الأسبوع، مسجلاً أكبر مكاسبه الأسبوعية منذ أسبوع 23 سبتمبر 2024. كذلك صعد مؤشر «توبكس» الأوسع نطاقاً بنسبة 1.28%، إلى 2840.54 نقطة، لتصل مكاسبه الأسبوعية إلى 2.5%.


البيان
منذ 8 ساعات
- البيان
ترقبوا تحركات الين الياباني خلال الصيف
ورغم أنه ليس ملاذاً آمناً بالمعنى الدقيق، إلا أن «الفولكلور» السائد في الأسواق يشير إلى أنه خلال فترات الاضطراب، خاصة الجيوسياسية، يميل المستثمرون اليابانيون لإعادة أموالهم المستثمرة في الأصول الخارجية، ما يدفع بقيمة الين إلى الارتفاع. وعندما بدأت هذه الرهانات بالتراجع، شهدنا ما وصفه دومينيك بانينغ، المحلل في مؤسسة «نومورا»، بأنه «ضغط سوقي مؤلم»، حيث وصل الأمر به إلى الاقتراب من التخلي عن توصيته للعملاء بشراء العملة اليابانية، وهي لحظة ليست مريحة أبداً لمسوق الأفكار الاستثمارية في بنك استثماري مرموق. وفي الوقت ذاته، انخفضت أسهم التكنولوجيا الأمريكية، حيث واجه مركزان استثماريان مترابطان وشائعان للغاية (المراهنة على الين والاستثمار في التكنولوجيا الأمريكية) في صناديق التحوط الكبرى فشلاً مفاجئاً، ثم انعكس اتجاههما بسرعة فائقة. فإذا كانت الولايات المتحدة غير راغبة أو غير قادرة على خفض أسعار الفائدة، سواء بسبب التضخم المرتفع أو الأداء الاقتصادي الأفضل من المتوقع في بداية العام الجاري، فإن صعود الين الذي يأمل فيه المضاربون قد لا يتحقق. ممن يؤمنون بتحول طويل الأمد من الاستثمار في الولايات المتحدة إلى أوروبا، يمكنهم الاعتراف بأن ارتفاع الأسهم الألمانية بنسبة 18% هذا العام وحده يبدو مفرطاً بعض الشيء.


سكاي نيوز عربية
منذ 18 ساعات
- سكاي نيوز عربية
تويوتا موتورز تسجل مبيعات عالمية قياسية في مايو
وأضافت الشركة أن مبيعات تويوتا العالمية - بما في ذلك شركتي دايهاتسو موتور وهينو موتورز المحدودة - قد ارتفعت بنسبة 8 بالمئة في مايو مقارنة بالعام السابق حيث تم بيع 955 ألف و 532 مركبة، بدعم من الطلب القوي في أميركا الشمالية والصين واليابان ، بحسب وكالة بلومبرغ نيوز. وارتفعت المبيعات في الولايات المتحدة بنحو 11 بالمئة. وارتفعت المبيعات داخل اليابان بنسبة 14.5 بالمئة مقارنة بالعام السابق لتصل إلى 147 ألفا و 80 مركبة، بينما ارتفعت المبيعات خارج اليابان بنسبة 6.4 بالمئة لتصل إلى 808 آلاف و 452 مركبة. ونتيجة لزيادة حجم المبيعات، ارتفع سهم تويوتا موتور بنسبة 3 بالمئة خلال التعاملات باليابان. لكن الشركة ذكرت أن إنتاجها العالمي من السيارات انخفض 0.7 بالمئة على أساس سنوي في مايو، وهو أول تراجع في خمسة أشهر بسبب تقليص أيام التشغيل في اليابان. وتشمل أرقام الإنتاج والمبيعات أيضا العلامة التجارية الفاخرة لكزس التابعة للشركة. وتأتي أرقام المبيعات الإيجابية في وقت يواجه فيه قطاع السيارات الياباني ضغوطا متزايدة بسبب الإجراءات التجارية الأميركية. في مايو الماضي، أعلنت شركة تويوتا أنها تتوقع خسارة قدرها 180 مليار ين (1.2 مليار دولار) من الرسوم الجمركية خلال شهري أبريل ومايو فقط. وتوقعت كل من شركتي نيسان موتور وهوندا موتور تأثيرًا قدره 3 مليارات دولار، بينما حجبت شركتا سوبارو ومازدا موتور توقعاتهما للأرباح السنوية للسنة المالية المنتهية في مارس 2026. أعلنت شركة هوندا الجمعة أن مبيعاتها العالمية انخفضت بنسبة 4 بالمئة في مايو لتصل إلى 298,167 وحدة، بينما انخفض إنتاجها بنسبة 6 بالمئة. باعت نيسان 256,159 وحدة الشهر الماضي، بانخفاض قدره 6 بالمئة عن العام الماضي، حيث انخفض الإنتاج بنحو 17 بالمئة ليصل إلى 229,645 وحدة. صرح كبير المفاوضين التجاريين اليابانيين، ريوسي أكازاوا، الخميس بأن اليابان لا تستطيع قبول رسوم ترامب الجمركية على السيارات بنسبة 25 بالمئة. وأضاف أكازاوا أن شركات صناعة السيارات اليابانية تنتج حوالي 3.3 مليون سيارة سنويًا في الولايات المتحدة، وهو ما يزيد بكثير عن 1.37 مليون سيارة تُصدرها إلى هناك.