logo
أخبار العالم : ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟

أخبار العالم : ما هي جماعة "سرايا أنصار السنة" التي تبنت تفجير كنيسة مار إلياس في دمشق؟

الثلاثاء 24 يونيو 2025 06:00 مساءً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
أودى الهجوم الانتحاري على كنيسة مار إلياس في دمشق بحياة 25 شخصاً على الأقل.
Article Information Author, بي بي سي عربي وقسم المتابعة الإعلامية في بي بي سي Role,
قبل 2 ساعة
أعلنت جماعة "سرايا أنصار السنة" الجهادية الجديدة نسبياً مسؤوليتها عن هجوم كنيسة مار إلياس في دمشق في 22 يونيو/حزيران، والذي أودى بحياة 25 شخصاً على الأقل، واصفةً إياه بأنه رد على "استفزازات مسيحية ضد السنة".
صدر هذا الإعلان في الساعات الأولى من صباح الثلاثاء على قناة الجماعة على تلغرام، ذكرت فيه الجماعة أن الاسم الحركي للانتحاري هو "محمد زين العابدين أبو عثمان"، لكنها لم تقدم أي دليل إضافي يدعم مسؤوليتها عن الهجوم.
إذا كانت سرايا أنصار السنة وراء التفجير بالفعل، فسيكون هذا أكبر هجوم لها حتى الآن.
فمن هي هذه الجماعة الجهادية التي برز اسمها في الفترة الأخيرة؟
امتداد لـ"داعش" أم أداة استخباراتية؟
إنها مجموعة جهادية جديدة في سوريا تعهدت في الفترة الأخيرة بملاحقة أبناء الطائفة العلوية والشيعة والدروز. وأعلنت مسؤوليتها عن العديد من عمليات القتل، كما هددت بملاحقة من يُطلق عليهم اسم "فلول الأسد". لكنها أيضاً لم تُخفِ ازدراءها لحكومة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع، وإن لم تدعُ لمواجهته.
ولم تتضح بعد ارتباطاتُها بالحركات الجهادية الأخرى، لكن يبدو أنها تسير "على نهج داعش".
أعلنت الجماعة، التي تُطلق على نفسها اسم "سرايا أنصار السنة"، عن ظهورها في أواخر يناير/كانون الثاني الماضي عبر حساب على تلغرام. وتضمنت رسائل الجماعة في البداية تهديدات للعلويين بغض النظر عن جنسهم وأعمارهم، كما قالت، إلا أنها خففت من حدة هذه التهديدات لاحقاً. ومع ذلك، فإن خطابها عموماً شديد العنف، وازدراؤها للشيعة يشبه إلى حد كبير خطاب ما يعرف بتنظيم الدولة الإسلامية "داعش" وأنصاره.
ومنذ ذلك الحين، واصلت الجماعة التحريض والتهديد، بالإضافة إلى تبنيها هجمات تستهدف في المقام الأول أفراد الطائفة العلوية؛ الطائفة التي ينتمي إليها الرئيس السابق بشار الأسد ومن يوصفون بفلول نظامه، كما أعلنت هذه الجماعة مسؤوليتها عن هجمات على ما وصفتها بـ "أضرحة المشركين"، في إشارة لبعض المواقع الدينية الشيعية في سوريا.
وقد تناقل الإعلام على نطاق واسع إحدى الهجمات الرئيسية التي أعلنت الجماعة مسؤوليتها عنها، وفيها قُتل عدد من العلويين في قرية أرزّة ذات الأغلبية الشيعية في محافظة حماة في الأول من فبراير/شباط الماضي. ونُسبت الحادثة إلى "مسلحين مجهولين"، أشارت التقارير إلى أنهم داهموا القرية ليلاً.
صدر الصورة، Copyright ANSAR AL-SUNNAH BATTALIONS
التعليق على الصورة،
تضمنت رسائل الجماعة في البداية تهديدات للعلويين بغض النظر عن أعمارهم أو جنسهم، لكنها خففت من حدتها لاحقاً
أعربت الجماعة أيضاً عن ازدرائها للحكومة السورية الجديدة، بقيادة أحمد الشرع - القائد السابق لهيئة تحرير الشام - متهمةً إياها بـ"التساهل المفرط" لعفوها عن مسؤولين وموظفين حكوميين سابقين. وتدّعي الجماعة، مبررةً ذلك، أنها تولّت زمام الأمور للانتقام من العلويين والشيعة وموظفي نظام الأسد السابقين، ومنعهم من "إعادة تنظيم صفوفهم".
كما أعربت الجماعة الجديدة أيضاً عن ازدرائها الواضح للأقليات غير المسلمة، مثل المسيحيين. وبالرغم من أنها لم تُشر سابقاً إلى أنها ستستهدفهم، ما لم يدعموا أو يدافعوا عن أفراد الفئة الأولى، إلا أن التفجير الأخير في كنيسة مار إلياس كان بمثابة رسالة واضحة لهم.
يعتقد الكاتب والباحث المتابع للجماعات الإسلامية، حسام جزماتي، أنه بالإضافة لـ"البعد الشرعي" الذي تنم عنه رسائل التنظيم فإن هنالك أيضاً "بعداً سياسياً". ويتابع "هم كفّروا الحكم الحالي، وكفّروا قواته العسكرية والأمنية، ورغم ذلك لم يعلنوا عن رغبتهم بقتالهم الآن، بل قالوا قاتلوا لونكم من الكفار، أي الأقرب إليكم" - مشيراً إلى أن الحركة لم تستثنِ الكُرد التابعين لقوات سوريا الديمقراطية من القتال.
بدوره يعتقد ستيفن همفريز، المتخصص في الإعلام الجهادي في "بي بي سي" أن تركيز التنظيم تحديداً على العلويين والدروز قد يكون "استغلالاً لتخوّف السنة المتشددين السوريين تجاه هذه الأقليات"، ولا سيما في ظل "هيمنة العلويين على مؤسسات السلطة في عهد الأسد، وما يُنظر إليه على أنه تعاطف مع إسرائيل لدى الدروز" - على حد تعبيره.
"ذئاب منفردة"
ليس من الواضح حجم هذه القوة عسكرياً، سواء من حيث تعداد المقاتلين، وجنسياتهم، أو أنواع الأسلحة التي بحوزتهم أو مصادر التمويل. ويرجح جزماتي أنهم "بحدود العشرات، وربما لم يتجاوزوا المئة".
أما أيديولوجياً، فتتبنى الجماعة خطاباً "متشدداً وجهادياً،" بحسب همفريز. كما ألمحت الجماعة إلى تعاطف مع تنظيم ما يعرف بالدولة الإسلامية "داعش". مع ذلك، يضيف همفريز، لا يزال جهاديون آخرون، "بمن فيهم مؤيدو داعش، متشككين بشأنها". وفي حين أن خطاب الجماعة وأيديولوجيتها المعلنة تتوافق مع الحركات الجهادية، إلا أنه لا يوجد دليل حتى الآن يربطها بأي جماعة جهادية قائمة أو يشير إلى تعاونها معها.
عرّفت الجماعة قائدها بأنه "أبو عائشة الشامي"، وهو اسم حركي يوحي بأنه سوري لكنها لم تُقدّم أي تفاصيل إضافية عن هويته أو خلفيته. كما لم يُلاحَظ ظهوره العلني. وفي حين زعمت الجماعة في 9 فبراير/شباط الماضي أنه أصدر رسالة صوتية، لم تُنشر على تلغرام سوى مقتطفات نصية منها. لكنّ اسماً آخر بدأ يبرز مؤخراً، وهو أبو فتح الشامي، الذي يصف نفسه بأنه أحد قياديي التنظيم، والمسؤول عن القسم الشرعي فيه.
تشبه الشعارات والعلم والرموز الدعائية التي تستخدمها "سرايا أنصار السنة" إلى حد كبير تلك التي تستخدمها الجماعات الجهادية. ورغم نشاطها على تلغرام، وتصريحاتها وادعاءاتها المتكررة، إلا أنها لم تحظَ إلا بقدر ضئيل جداً من الاهتمام في الأوساط الجهادية والإسلامية على الإنترنت، وهو ما يدل على شك الجهاديين بمدى مصداقية هذه الجماعة. واعتباراً من 27 مارس/آذار، أطلق التنظيم على ذراعه الإعلامية الرسمية اسم "العاديات".
صدر الصورة، ANSAR AL-SUNNAH BATTALIONS
التعليق على الصورة،
يشبه شعار الجماعة إلى حد كبير الشعارات واللافتات التي تستخدمها الجماعات الجهادية الأخرى
وتدّعي الجماعة أنها شبكة "لامركزية" تعمل من خلال "ذئاب منفردة"، أي أفراد أو خلايا صغيرة ذات صلات محدودة ببعضها البعض، وليست لها قواعد مشتركة.
ومن اللافت للنظر أيضاً، أن بيانات وكتابات الجماعة تفتقر للمهنية التي عادة ما توجد في صياغة بيانات الجماعات الجهادية الأخرى.
وهنا يضيف جزماتي أنه من الواضح أنهم بعموم عناصرهم وقياداتهم القليلة "ليسوا من العلماء أو المدججين أيديولوجياً على مستوى اللغة"، قبل انضمام من يسمّي نفسه الدكتور أبو فتح الشامي، الذي يصفه جزماتي بأن "لغته الشرعية رصينة وواضحة ولديه أدلة من الفقه الإسلامي ومتمكن"، لكن يبدو أنه حالة "منفردة"، بحسب الباحث الذي يضيف "معظم عناصرهم محدودو التعليم، لغتهم بسيطة ومباشرة، وبياناتهم قصيرة جداً".
بحسب تقييم مينا اللامي، خبيرة بي بي سي في الجماعات المتشددة، فإن الجماعة تقوم بـ"التمسّح بتنظيم الدولة، وتحاول بشكل مبالغ فيه الترويج لقربها الفكري من التنظيم، وكذلك الترويج بطريقة مبالغة ومثيرة للشك لمدى تطرّف الجماعة (سرايا أنصار السنة) ونَفَسها الطائفي وعملياتها الطائفية، كأنها تسعى إلى تسريع إشعال صراع طائفي أو إثارة الذعر من هجمات جهادية محتملة".
الجهاديون "مشبوهون"
على الرغم من ادعاءاتها المتكررة بشن هجمات قاتلة ضد أهداف من الطائفة العلوية، بما فيها بعض أحداث الساحل، إلا أن المجموعة فشلت حتى الآن في جذب اهتمام أو دعم كبير من الجهاديين والإسلاميين المتشددين.
وأسفرت أحداث العنف في مارس/آذار الماضي في الساحل عن مقتل نحو 1614 مدنياً غالبيتهم الساحقة من الأقلية العلوية، بحسب ما نقل المرصد السوري لحقوق الإنسان. وأشارت تقارير حقوقية إلى تورط قوات حكومية وأخرى رديفة لها في المجازر التي وقعت بعد أن شنت قوات تابعة للنظام السابق هجوماً مباغتاً على عناصر القوات الأمنية الحكومية، وأدت إلى مقتل 250 عنصراً، بحسب مصادر رسمية.
وفي حين لم تعلن المجموعة مسؤوليتها عن عمليات قتل واسعة، يستبعد جزماتي أن تكون السرايا لديها القدرة على القيام بهجمات من هذا النوع في الوقت الراهن، مشيراً إلى أن إمكانياتها "لا تتجاوز عمليات صغيرة وأحداث قتل منفردة، لذلك لا يمكن لها أن تقوم بعمليات تمشيط أوسع والوصول لقرى وارتكاب مجازر كما حدث في الساحل".
وتدور شكوك حول مصداقية الجماعة، إذ يتكهن بعض الجهاديين بأن الجماعة قد تكون مرتبطة بجهات معادية للجهاديين، تحاول من خلالها الإيقاع بالجهاديين الحقيقيين، أو تشويه سمعتهم من خلال ربطهم بالهجمات على المدنيين والطائفة العلوية.
وفي حين يصعب التكهن بحقيقتهم ضمن المعطيات الحالية، إلا أن همفريز لا يستبعد ذلك، مشيراً إلى أن أحد أبرز مؤيدي ما يعرف بداعش "أصدر عبر الإنترنت هذا التحذير نفسه بالضبط. لكنني لن أتكهن بشدة بهذا الأمر". كذلك تميل آراء أخرى إلى أنهم قد يكونون "أداة استخباراتية" بيد الحكومة السورية الحالية للتنصل من الاتهامات الموجهة لقواتها بارتكاب انتهاكات كبيرة، ولا سيما تلك المرتبطة بأحداث القتل الأخيرة في الساحل السوري.
لكن يشير همفريز مجدداً إلى أنه "من المبكر إصدار حكم قاطع بشأن هذا الأمر استناداً إلى المعطيات المتوفرة". غير أنه يضيف قائلاً : "من المثير للاهتمام أن الجماعة اتهمت في الأيام الأخيرة الحكومة السورية بإلقاء اللوم عليها (أنصار السنة) وعلى تنظيم الدولة الإسلامية في عمليات قتل الأقليات التي تورطت بها قوات أو أفراد محسوبون على الحكومة. وقالت جماعة أنصار السنة إن حكومة الشرع تفعل ذلك لتجنب الاتهامات الدولية بانتهاكات حقوق الإنسان".
بدورها، ترى الباحثة مينا اللامي أن حالة الفوضى في بعض المناطق السورية من جهة، ومحاولة استغلال بعض الأطراف المحلية أو الخارجية - سواء كانت متطرفة أو من أتباع النظام السابق - من جهة أخرى، "توفر بيئة مناسبة لظهور مجموعات كهذه وأفراد مُريبة وذات أجندات عادة ما تكون طائفية وتسعى الى تأجيج الصراع الداخلي".
لكنها تضيف، أن الشك في هذه التنظيمات الجديدة "يجب ألّا يجعلنا ننسى أن مجموعات جهادية متطرفة في سوريا حالياً ساخطة جداً على حكومة الشرع وتسعى إلى قلب الطاولة على الحكام الجدد بأي طريقة، والورقة الطائفية عادة ما تلجأ إليها".

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أخبار العالم : ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟
أخبار العالم : ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟

نافذة على العالم

timeمنذ 4 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟

السبت 28 يونيو 2025 11:40 صباحاً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images Article Information Author, مهند توتنجي Role, بي بي سي عربي، القدس قبل 2 ساعة في خضم تداعيات الضربة العسكرية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الجدل السياسي والقانوني داخل إسرائيل، بعدما دعا علناً إلى إلغاء محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً فورياً، واصفاً إياه بأنه "بطل حربي" يستحق التكريم لا المحاكمة. وفي سياق متصل، تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلي بطلب رسمي للمحكمة المركزية في القدس لتأجيل جلسات محاكمته، التي تُعقد ثلاث مرات أسبوعياً، لمدة أسبوعين، متذرعاً بانشغاله بملفات "سياسية وأمنية حساسة" على رأسها الملف الإيراني والوضع في قطاع غزة. غير أن المحكمة رفضت طلبه مرتين، معتبرة أن المبررات "غير كافية" لتأجيل الجلسات، وأصرت على مواصلة الإجراءات القضائية دون تغيير في الجدول الزمني المحدد مسبقا. العفو الرئاسي في إسرائيل: قواعد صارمة وحدود سياسية دعوة ترامب أثارت تساؤلات قانونية حول إمكانية منح رئيس حكومة على رأس عمله عفواً رئاسياً، فبحسب القانون الإسرائيلي، لا يمكن للرئيس أن يمنح العفو إلا بطلب مباشر من الشخص المعني، وبعد التشاور مع النيابة العامة ووزارة العدل، كما أن العفو لا يُمنح عادة إذا ثبتت في القضية صفة "العار الأخلاقي" التي تمنع صاحبها من تولي المناصب العامة. الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، وفي تصريحات نادرة، أبدى انفتاحاً على فكرة التوصل إلى تسوية شاملة، مشيراً إلى أن أكثر من 90 في المئة من القضايا الجنائية في إسرائيل تنتهي عبر صفقة ادعاء. وقد دعا هرتسوغ إلى "حوار مسؤول" بين السلطات القضائية والسياسية للوصول إلى حل توافقي، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام استقلال القضاء وسيادة القانون. بين الدعم والرفض: انقسام إسرائيلي حاد صدر الصورة، Getty Images أحدثت تصريحات ترامب صدمة في الأوساط السياسية، وانقسمت ردود الفعل في إسرائيل بين من رأى فيها تعبيراً عن "شعور شعبي عميق" بضرورة إنهاء المحاكمة، وبين من اتهم ترامب بالتدخل الفج في شؤون دولة ذات سيادة. في أوساط الحكومة، سارع العديد من الوزراء إلى تأييد دعوة ترامب، واعتبر وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار أن "الوقت قد حان لإنهاء الظلم اللاحق بنتنياهو"، واصفاً المحاكمة بأنها "مطاردة شخصية بلا أساس قانوني". أما وزير الخارجية جدعون ساعر، فأشار إلى أن المحاكمة استغرقت أكثر من خمس سنوات، وأن الاستمرار فيها يخدم منطق "الاضطهاد القانوني" أكثر مما يخدم العدالة. كذلك، رأى رئيس لجنة الدستور في الكنيست، سمحا روتمان، أن المحاكمة تعكس صورة مشوهة للقضاء الإسرائيلي، واصفاً الاتهامات بأنها "مفبركة وبعيدة عن الواقع"، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أن الرئيس الأمريكي ليس مخولاً بالتدخل في النظام القضائي لدولة أخرى، داعياً إلى حل "يليق بدولة ذات مؤسسات مستقلة". في المقابل، وجدت التصريحات معارضة شديدة من قبل أطراف المعارضة، حيث اعتبر زعيم المعارضة السابق يائير لابيد أن تدخل ترامب "غير مقبول على الإطلاق"، وأنه يشكل مساساً بسيادة القضاء الإسرائيلي. أما النائبة ناعما لازيمي، فرأت في تصريحات ترامب "دليلاً جديداً على أن نتنياهو لم يعد يثق بمؤسسات دولته"، معتبرة أن طلب الدعم من زعيم أجنبي هو بحد ذاته "إدانة سياسية وأخلاقية". اللافت أن رئيس المحكمة العليا المتقاعد، أهارون باراك، دخل على خط النقاش، معلناً دعمه لأي خطوة تفضي إلى إنهاء محاكمة نتنياهو، سواء كانت عفواً أو صفقة ادعاء، وقال إنه لا يفهم سبب تعثر هذه المبادرات. وتشير تقارير صحفية إلى أن باراك عرض الوساطة فعلياً بين الأطراف للوصول إلى تسوية، إلا أن محاميي نتنياهو رفضوا طرحه، بسبب اشتراطه خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل إسقاط التهم عنه. بين السياسة والقضاء، هل نحن أمام صفقة شاملة؟ صدر الصورة، Reuters تعكس هذه التطورات معركة مزدوجة يخوضها نتنياهو: داخل المحكمة وداخل المؤسسة السياسية. فبينما يواجه اتهامات بالفساد في قضايا الهدايا والرشى، يُنظر إليه أيضاً كمهندس للهجوم على إيران، والشريك الرئيسي في خطة أمريكية واسعة لإنهاء الحرب في غزة وتوسيع دائرة اتفاقيات أبراهام. في هذا السياق، يرى محللون أن تصريحات ترامب لم تكن مجرد دعم عاطفي لصديق، بل جزءاً من محاولة استراتيجية لإزاحة العائق القضائي عن طريق نتنياهو، تمهيداً لدفع خطة سلام إقليمية تشمل إنهاء الحرب مقابل تسوية شاملة مع حماس، وإشراك دول عربية في إدارة غزة، وفتح باب التطبيع مع السعودية. كشفت صحيفة يسرائيل هيوم عن وجود خطة في المقابل لإنهاء الحرب في غزة والإفراج عن المحتجزين وتسوية تطبيع مع دول مختلفة من بينها السعودية وسوريا. ترامب وبحسب مراقبين يعلم جيدا بأن نتنياهو يتمسك بحكومته التي ستمنعه من إيقاف الحرب في غزة أو توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية بسبب إمكانية اتخاذ مسار حل الدولتين مع الفلسطينيين، وأن هذا المانع يرتبط كثيرا بخشية نتنياهو من سقوط الحكومة وفقدان حصانته البرلمانية، لذلك يعتقد أن تقديم العفو لنتنياهو سيعطيه مساحة سياسية داخلية أكبر للذهاب في مشروع الرئيس الأمريكي للمنطقة. بيد أن نتنياهو قد يصر على براءته ويستمر في جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم النهائي فهو لايزال يعتقد بأنه سيستطيع تفنيد التهم الموجهة ضده بينما يعتبر آخرون بأن ما قُدم ضده من تهم فساد قد يقوده للسجن بشكل شبه حتمي. خلاصة المشهد: عدالة مؤجلة أم تسوية كبرى؟ وسط ضغوط داخلية متزايدة، وأخرى خارجية من حلفاء كبار مثل ترامب، يجد نتنياهو نفسه عند مفترق طرق. فهل يواصل المواجهة القضائية حتى النهاية؟ أم يسلك طريق التسوية السياسية تحت غطاء العفو؟

أخبار العالم : بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً
أخبار العالم : بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً

نافذة على العالم

timeمنذ 10 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : بعد مرور شهر على نظام المساعدات الجديد في غزة، أصبح إطلاق النار والفوضى روتيناً

الجمعة 27 يونيو 2025 11:40 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Reuters Article Information بعد مرور شهر على بدء نظام توزيع المساعدات المثير للجدل والمدعوم أمريكياً وإسرائيلياً في غزة، أظهر تحليل أجراه فريق بي بي سي لتقصي الحقائق، لعشرات المقاطع المصورة، تكرار حوادث إطلاق النار قرب أشخاص كانوا يتجهون للحصول على المساعدات، إلى جانب مشاهد أخرى من الفوضى والذعر. وفي عدد من المقاطع المصورة التي حُللت، يُسمع صوت إطلاق نار وتُظهر لقطات عدة فلسطينيين قتلى أو مصابين. ووفق وزارة الصحة في غزة، قُتل، الشهر الماضي، أكثر من 500 شخص وأُصيب 4 آلاف آخرون أثناء توجههم للحصول على المساعدات، وحمّل مسؤولون ومُسعفون في غزة إلى جانب شهود عيان القوات الإسرائيلية مسؤولية قتل وإصابة الغالبية العظمى من الضحايا. ولم يعثر فريق بي بي سي لتقصي الحقائق على مقاطع مصورة تسمح بإجراء تقييم قاطع بشأن الجهة المسؤولة عن موجة القتل هذه، لكن الصورة العامة تعكس حالة فوضى وخطر مستمر. وقال الجيش الإسرائيلي، مراراً في بيانات صدرت الشهر الماضي، إنه أطلق "طلقات تحذيرية" باتجاه أفراد وصفهم بأنهم "مشتبه بهم" أو يشكلون تهديداً. واتهم الجيش الإسرائيلي خلال حديثه لبي بي سي، حماس، بأنها "تفعل كل ما بوسعها لمنع نجاح توزيع المواد الغذائية في غزة، وتحاول عرقلة إيصال المساعدات، وتلحق الأذى بشكل مباشر بسكان قطاع غزة". في 18 مايو/أيار الماضي، أعلنت إسرائيل أنها ستخفف جزئياً من حصارها المفروض منذ 11 أسبوعاً على دخول المساعدات إلى غزة، وهو الحصار الذي قالت إنه يهدف إلى الضغط على حماس للإفراج عن الرهائن. أنشأ الجيش الإسرائيلي أربعة مراكز لتوزيع المساعدات- ثلاثة في أقصى جنوب غرب غزة، وواحد في وسط القطاع قرب منطقة أمنية إسرائيلية تُعرف باسم ممر نتساريم، وبدأت هذه المراكز عملها في 26 مايو/ أيار. وتُدار هذه المراكز الواقعة في مناطق يسيطر عليها الجيش الإسرائيلي- المعروفة باسم SDS 1 و2 و3 و4- من قبل شركات أمنية تعمل لصالح مؤسسة غزة الإنسانية (GHF)، بينما يتولى الجيش الإسرائيلي تأمين الطرق المؤدية إليها ومحيطها. والخميس، أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية تقديم تمويل بـ 30 مليون دولار للمؤسسة، في أول مساهمة مالية مباشرة لها. ومنذ البداية، أدانت الأمم المتحدة هذه الخطة، قائلة إنها ستؤدي إلى "عسكرة" المساعدات، وتجاوز شبكة التوزيع القائمة، وإجبار سكان غزة على قطع رحلات طويلة عبر مناطق خطرة للحصول على الغذاء. وفي غضون أيام من بدء تنفيذ الخطة، قُتل عشرات الفلسطينيين في حوادث منفصلة وقعت في الأول والثالث من يونيو/حزيران، ما أثار إدانات دولية واسعة. ومنذ ذلك الحين، تتوالى التقارير شبه اليومية عن مقتل أشخاص أثناء توجههم لتلقي المساعدات. وقال الجيش الإسرائيلي إن "قواته تُجري عمليات تدريب منهجية تهدف إلى تحسين الاستجابة العملياتية في المنطقة وتقليل الاحتكاك المحتمل بين السكان وقوات الجيش الإسرائيلي". ووصف المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية، ديفيد مينسر، تقارير تفيد بمقتل أشخاص أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات بأنها "كذبة أخرى"، مضيفاً: "لم يمت المئات من الأشخاص". فيما، نفت مؤسسة غزة الإنسانية وقوع أي "حادث أو حالات وفاة في أو قرب" أي من مراكز التوزيع التابعة لها. وقالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، الثلاثاء، إن مستشفاها الميداني في رفح اضطر لتفعيل إجراءات الاستجابة لحوادث الإصابات الجماعية، 20 مرة، منذ 27 مايو/أيار، مشيرة إلى أن الغالبية العظمى من المرضى كانوا يعانون من إصابات بطلقات نارية، وأفادوا بأنهم كانوا في طريقهم إلى أحد مراكز توزيع المساعدات. وتواصل الأمم المتحدة وبرنامج الأغذية العالمي التابع لها، فضلاً عن جهات أخرى، محاولات توزيع المساعدات في غزة، لكنها تقول إنها تعتمد على السلطات الإسرائيلية لتسهيل مهماتها. وقالت المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، إن قتل الفلسطينيين الذين يحاولون الحصول على المساعدات يعد "جريمة حرب محتملة". وقالت المحامية الدولية المتخصصة في حقوق الإنسان، سارة إليزابيث ديل، لفريق بي بي سي لتقصي الحقائق، إنه إذا كان هناك استهداف متعمد للمدنيين، فقد يشكل ذلك انتهاكاً خطيراً للقانون الدولي. وأضافت "إطلاق النار الجماعي أثناء وصول المدنيين إلى المساعدات ينتهك القواعد الأساسية التي تحظر استهدافهم واستخدام التجويع ضدهم، وقد يرقى ذلك إلى جرائم حرب". فوضى على الساحل وتُظهر ثلاث مقاطع مصورة- نُشر الأول منها في 9 يونيو/حزيران- مئات الأشخاص، بعضهم يحمل ما يبدو أنه أكياس دقيق فارغة، وهم يتدافعون فوق أكوام الأنقاض ويختبئون في حُفر. بينما يُسمع صوت إطلاق نار. وفي ذلك اليوم، أفادت وزارة الصحة بمقتل ستة أشخاص أثناء محاولتهم الحصول على مساعدات، وأُصيب أكثر من 99 آخرين. وفي اليوم التالي، تحدثت عن مقتل 36 شخصاً وإصابة أكثر من 208 آخرين على صلة بعمليات توزيع المساعدات. ولم يتسنَ التأكد ما إذا كانت أي من هذه الوفيات أو الإصابات ناجمة عن إطلاق النار الذي يمكن سماعه في اللقطات المصورة. وتمكّنا من تأكيد أن مقاطع الفيديو صُوّرت على بُعد نحو 4 كيلومترات شمال غرب مركز توزيع المساعدات SDS 4، في الطريق المؤدي إلى الموقع الواقع وسط قطاع غزة. وأظهر تحليل للصوت لإطلاق النار أجراه، ستيف بيك، المستشار السابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي، أن أحد الأسلحة كان يُطلق النار بمعدل وأصوات تتوافق مع رشاش FN Minimi وبندقية M4 الهجومية. أما السلاح الثاني، فقال بيك إنه كان يُطلق النار بمعدل "يتوافق" مع صوت بندقية AK-47. ولا يمكننا تحديد الجهة التي كانت تطلق النار، لكن رشاش FN Minimi وبندقية M4 تُستخدم بشكل شائع من قبل الجيش الإسرائيلي، في حين تُستخدم بندقيةAK-47 عادةً من قبل حماس وفصائل مسلحة أخرى في غزة. وفي لقطات نُشرت في اليوم التالي، 10 يونيو/حزيران، وصُوّرت قرب الموقع، ظهرت حشود أكبر تهرب في ذعر، بينما سُمع صوت إطلاق نار ثم تبعه ما يشبه الانفجار. وبعد ذلك، ظهرت مشاهد لأشخاص مصابين وملطخين بالدماء، بينهم أطفال، يُنقلون بعيداً عن المكان. ولدى مؤسسة غزة الإنسانية خرائط تُظهر "ممرات آمنة" لمواقعها، وتُعلن أوقات فتحها عبر تطبيق واتساب ووسائل التواصل الاجتماعي. ولكل ممر "نقطة بداية" و"نقطة توقف"، مع تحذير الفلسطينيين بعدم تجاوز نقطة التوقف إلا عند تلقي تعليمات. وأكدت مؤسسة غزة الإنسانية أن هذه الممرات مُؤمّنة من قبل الجيش الإسرائيلي، وحذرت الناس من أن تجاوز نقاط التوقف هذه بدون إذن قد يكون خطيراً. لكن في مركز SDS 4، وسط قطاع غزة، لم يُخصص أي ممر آمن للأشخاص القادمين من الشمال. قتلى قرب شاحنة ووقعت حوادث قتل قرب مراكز توزيع مساعدات لا تتبع لمؤسسة غزة الإنسانية. وأظهر مقطع مُوثّق من 17 يونيو/ حزيران ما لا يقل عن 21 جثة وعدداً من المصابين على طريق كانت تقف فيه مركبات عدة، بينها شاحنة مُتضررة بشدة. وقال شهود عيان لبي بي سي إن طائرات مسيرة ودبابة للجيش الإسرائيلي أطلقت النار على حشد أثناء انتظارهم الحصول على مساعدات. صدر الصورة، Instagram / @adli_ham التعليق على الصورة، في مقطع مصور، قمنا بالتحقق من صحته، يُظهر أشخاصاً يركضون وهم في حالة ذعر قرب جثث. وأقرّ بيان للجيش الإسرائيلي برصده "تجمّعاً" لأشخاص "قرب شاحنة توزيع مساعدات تعطّلت في منطقة خان يونس، وبجوار قوات للجيش الإسرائيلي كانت تعمل في المنطقة". وأفاد البيان، "الجيش الإسرائيلي على علم بتقارير تفيد بوقوع إصابات جراء إطلاق نار من قِبل قواته بعد اقتراب الحشد". وأعرب عن أسفه "لأي أذى لحق بأشخاص غير متورطين"، مشيراً إلى أن تفاصيل الحادث قيد المراجعة. وقال متحدث باسم الدفاع المدني في غزة إن 50 شخصاً على الأقل قُتلوا في مكان الحادث. ويُظهر الفيديو عدداً من القتلى قرب علامات احتراق على الأرض، بما في ذلك شخص بُترت ساقاه. وأشار مارك كانسيان، من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية، إلى عدم وجود حفرة واضحة ناجمة عن الاصطدام، لكنه قال إن حجم الضرر كان، على الأرجح، نتيجة "لكمية كبيرة من إطلاق النار المباشر". نقل جثث وأظهر مقطع فيديو آخر نُشر في 16 يونيو/ حزيران، جرى التحقق من صحته، جثثاً تُنقل على عربة يسحبها حصان عبر شارع الرشيد في شمال غزة، وهو طريق ساحلي رئيسي تستخدمه غالباً شاحنات المساعدات. وقال شرح موجود بجانب الفيديو، إن هؤلاء الفلسطينيين قُتلوا أثناء انتظار المساعدات. صدر الصورة، Instagram / @mohammed_abu_loay التعليق على الصورة، مقطع مصور جرى التحقق من صحته، أشخاص يسيرون بجانب عربة تحمل جثثاً. في اليوم التالي، نُشرت صور ومقاطع فيديو تحققنا من صحتها على وسائل التواصل الاجتماعي، تُظهر جثة يحملها أشخاص على لوح خشبي على الطريق نفسه. وقالت مؤسسة غزة الإنسانية إن العديد من الحوادث المزعومة كانت مرتبطة بقوافل ومراكز توزيع تابعة لمجموعات أخرى، بينها الأمم المتحدة، وقالت إن تلك المساعدات "تُنهَب من قِبل مجرمين وجهات سيئة". وعَبّر المتحدث باسم المؤسسة عن "رضاه" بشكل عام بعد الشهر الأول من عملياتها، مع توزيع 46 مليون وجبة على مليوني فلسطيني في غزة، لكنه قال إن المؤسسة ترمي إلى زيادة قدرتها التشغيلية. وقال الجيش الإسرائيلي إنه، ضمن تغييرات أخرى، يقوم بتركيب أسوار ولافتات وفتح طرق إضافية. قال المتحدث باسم مؤسسة غزة الإنسانية "لقد أعربنا عن قلقنا (للجيش الإسرائيلي) بشأن الحفاظ على ممرات آمنة لطالبي المساعدات، لكن للأسف، حاول بعض الأشخاص َسلْك طرق مختصرة خطيرة أو التنقل خلال أوقات محظورة".

أخبار العالم : عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس
أخبار العالم : عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس

نافذة على العالم

timeمنذ 10 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : عيد النائمين السبعة: قصة مسيحية تنبئ الألمان بالطقس

الجمعة 27 يونيو 2025 11:40 مساءً نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images Article Information في 27 يونيو/ حزيران من كل عام، تحتفل ألمانيا بعيد يحمل رمزية تاريخية ودينية عميقة، هو عيد "النائمين السبعة" (Siebenschläfertag)، ويُعتقد أن حالة الطقس في هذا اليوم تُنبئ بما سيكون عليه الطقس خلال الأسابيع السبع التالية. يُعد هذا العيد تقليداً شعبياً ألمانياً وليس مناسبة دينية رسمية. ورغم أن الاسم مستمد من قصة دينية شهيرة عن "النائمين السبعة"، فإن يوم 27 يونيو يرتبط في ألمانيا بالتقاليد الزراعية والفلكلورية، فيما تُحيي الكنيسة الكاثوليكية تذكار النائمين السبعة في 27 يوليو، أي بعد شهر كامل، وفق تقويمها الليتورجي الرسمي. ويعود أصل هذا الاعتقاد إلى عصور ما قبل المسيحية، إذ يُعتقد أن لهذا التقليد ضاربة في الثقافات القديمة، وربما في معتقدات المصريين القدماء، قبل أن يتبناه الرومان، ثم أعاد المسيحيون تأطيره ضمن تقويمهم السنوي. القصة التي يرتبط بها هذا العيد تدور حول 7 شباب مسيحيين (أو 8 وفق بعض الروايات) عاشوا في القرن الثالث الميلادي، أثناء فترة الاضطهاد التي قادها الإمبراطور الروماني ديكيوس (دقيانوس)، حيث عذّب المسيحيين وقتلهم، صغاراً وكباراً، دون تمييز. في ذلك الوقت، لم يُرد الشبان السبعة إنكار إيمانهم بالمسيح، فبعد أن وزّعوا ممتلكاتهم على الفقراء، غادروا المدينة واختبأوا في كهف قريب من مدينة أفسس اليونانية القديمة، الواقعة على الساحل التركي الحالي، حتى يتوقف الاضطهاد. وعندما وصل جنود الإمبراطور ديكيوس للكهف أمرهم بغلق مدخله، وذلك لكي يموتوا بداخله، عقاباً لهم على معصيتهم له. عندما وصل جنود الإمبراطور ديكيوس إلى الكهف، أمرهم بغلق مدخله، لكي يموتوا بداخله، عقاباً لهم على معصيتهم له. ومع اقتراب الخطر، صلّى الشباب السبعة وطلبوا من الرب أن يأخذ أرواحهم حتى لا يسقطوا أحياءً في يد ديكيوس، فاستجاب الرب لدعائهم، وهكذا بعد أن ناموا ليلاً، لم يستيقظوا في الصباح. وقد حدث ذلك في عام 250 ميلادية، وبعد ذلك بمئتي عام، وتحديداً في 27 يونيو/ حزيران من عام 450، استيقظوا من سباتهم العميق، وفق الرواية المسيحية. ويُذكر أن الاحتفال الألماني بيوم "النائمين السبعة" كان يستند في الأصل إلى التقويم اليولياني، لكن بعد اعتماد التقويم الغريغوري في أوروبا عام 1582، بقي العيد الشعبي في ألمانيا يُحتفل به في 27 يونيو، رغم أن التاريخ الأصلي وفق الحساب الفلكي ينبغي أن يكون في أوائل يوليو. وهكذا، دمج هذا العيد بين قصة قيامة النائمين السبعة والطقس الشعبي المتعلق بالتنبؤ بالجو، فشكّل تقويماً روحياً وطبيعياً في آنٍ واحد، مما جعله موروثاً عميق الجذور. قصة شهيرة صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، تم تشييد كنيسة القديسين السبعة، المخصصة للنائمين السبعة من أفسس، في بداية القرن الثامن عشر في منطقة بريتاني في فرنسا تقول دائرة المعارف البريطانية إن أصحاب الكهف في أفسس هم أبطال قصة شهيرة، ونظراً لأن قصتهم أكدت قيامة الأموات، فقد حظيت بشعبية كبيرة في جميع أنحاء العالمين المسيحي والإسلامي خلال العصور الوسطى. لت الإمبراطورية البيزنطية بينما كانوا نائمين، حيث أصبحت المسيحية ديانة رسمية في عهد قسطنطين الأول، وتوطدت الدولة على أساس الإيمان المسيحي. ومرّ قرنان وهم نائمون حتى قرر صاحب الأرض التي يقع فيها الكهف استخدامه حظيرة لماشيته، وعندما أزاح الحجر، وفقاً للأسطورة، وجد النائمين السبعة هناك. وعندما رأوه، استيقظوا وتخيلوا أنهم لم يناموا إلا ليوم واحد أو يومين. وحدث ذلك خلال فترة حكم الإمبراطور البيزنطي ثيودوسيوس الثاني في عام 450. لقد استيقظ الفتية على عالم متغير، مملوء بمعالم دولة تبنّت العقيدة التي رفضها مضطهدوهم قبل قرنين. وخرج أحدهم إلى المدينة بحثاً عن الخبز، فأُصيب بالدهشة لما رآه، إذ إن الأسواق قد تغيّرت، والصلبان تزدان بها المباني، والمسيحية رسخت كعقيدة رسمية في الإمبراطورية. وعندما حاول شراء الخبز، وجد أن المال الذي معه قد عفا عليه الزمن، فأيقن أنّ العالم لم يعد عالمهم، وأنّ ما ظنّه ليلة أو ليلتين، كان في الحقيقة قرنين من الزمن. وقد اندهش الناس واستدعوا الأسقف، الذي استجوب الشبان السبعة، وهم يشرحون له قصة نومهم التي كانت بمثابة معجزة تخلط بين الإيمان والواقع، وتثبت مرة أخرى ما آمنوا به عن قيامة الجسد. وبعد أن انتشرت قصتهم في القرى والمدن المجاورة، وصلت إلى مسامع إمبراطور القسطنطينية، الذي ذهب لرؤيتهم، فقال له أحدهم: "اسمح لنا أن نودّعك بسلام، وليكن الأمان في مملكتك". وهكذا، بعد أن سردوا قصة نومهم الطويل وأهدافهم في النجاة، فارقوا الحياة. فأمر الإمبراطور ثيودوسيوس الثاني ببناء ضريح مهيب لهم، ومنح العفو لكلّ الأساقفة الذين تعرّضوا للأذى أو الاضطهاد بسبب إيمانهم بنمط القيامة ذاته. عدة نسخ صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، كهف النائمين السبعة في أفسس القديمة بمنطقة بحر إيجة في تركيا، وهو مقبرة مسيحية مبكرة وملجأ خلال عصور الاضطهاد في القرن الثالث الميلادي وتُعدّ قصة أصحاب الكهف في أفسس من أكثر القصص الدينية والثقافية ثراءً، ولا تزال تلامس قلوب المؤمنين من مسيحيين ومسلمين على حدّ سواء، فضلاً عن إثارة اهتمام الأدباء والفنانين والمؤرخين. وتقول دائرة المعارف البريطانية إن هذه القصة موجودة في عدة نسخ وعدة لغات، حيث يرجّح بعض الباحثين أن سيميونو متافراستس هو صاحب السرد اليوناني الأصلي، كما توجد نسخة لاتينية أعدّها القديس غريغوريوس من تورز، وإصدار سرياني بواسطة يعقوب السروجي، وهو الإصدار الذي يُرجّح أن منه انبثقت النسختان القبطية والجورجية. قد انتشرت الروايات حول هذه القصة عبر مختلف الثقافات، إذ عُثر على نسخة منها ضمن قصائد أنجلو-نورماندية، وفي جزء من قصيدة نوردية قديمة. وتنقل المصادر الغربية أسماء هؤلاء الفتية على أنهم: ماكسيميان، ومالكوس، ومارسيان، ويوحنا، ودينيس، وسرابيون، وقسطنطين، بينما تذكر المصادر الشرقية أسماء موازية هي: ماكسيميليان، ويامبليخوس، ومارتن، ويوحنا، وديونيسيوس، وأنطونيوس، وقسطنطين. ورُويت نسخة من القصة في السورة الثامنة عشرة من القرآن، التي تحمل اسم "سورة الكهف". ففي القرآن ترد قصة هؤلاء الفتية الذين لجأوا إلى كهفهم خوفًا على دينهم، كما جاء نصًا: "أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا، إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا، فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا" (الكهف: 9–11). وبينما تتحدث الروايات المسيحية عن مكوثهم في الكهف لقرنين، جاء في الآية 25 من نفس السورة القرأنية :"وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلاثَ مِئَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعاً"، والتي تبين أن هؤلاء الشبان ناموا في الكهف لأكثر من 300 سنة متواصلة. واليوم، تستمر قصة أصحاب الكهف داخل المناهج الدينية والتربوية في العالم العربي، فهي تُروى للأطفال كدرس في الصبر والثبات، وتُذكر في المحافل الثقافية كرمز لوحدة التراث بين الأديان. مصدر إلهام صدر الصورة، Getty Images التعليق على الصورة، مخطوطة "السبعة النائمون في أفسس الذين اكتشفهم الإسكندر الأكبر" إلى جانب كلبهم قطمير من كتاب فلناما (كتاب الطالع)، الصادر في خمسينيات القرن السادس عشر في إيران الحالية لقد اكتشف الباحثون الأثريون في القرن العشرين موقع الكهف قرب مدينة سلجوق (أفسس القديمة)، وبدأوا التنقيب حيث عثروا على مقابر تضم رفاتاً عدة، مزينة بنقوش تذكر القصة. ويزور السياح والحجاج اليوم هذا الموقع، كما توجد مواقع مشابهة له في العاصمة السورية دمشق وأيفشين التركية. وتفاعل التراث الفني معها، إذ سكنت القصة لوحات الفنانين، وخيال الشعراء، وصارت مثالاً على إمكانية تجاوز الزمن للحفاظ على مبدأ، وعلى إمكانية اللقاء مجدداً مهما طال الانتظار. لا تزال القصة، إلى اليوم، محطّ اهتمام علماء التاريخ والدراسات الدينية، الذين يحاولون تتبّع تفاصيلها وتحليلها من منظور أدبي، ولاهوتي، وفلسفي، بل وحتى نفسي، لما تحمله من أبعاد عن النوم كحالة فاصلة، وحضور للحياة خارج حدود الزمن، وحلم بانتظار يوم تتكشّف فيه الحقائق وتنقشع الظلمات.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store