
ترامب يوقع قانون الميزانية الضخم في العيد الوطني الأميركي
العيد الوطني
عيد الاستقلال في الولايات المتحدة 4 يوليو 1776
في الرابع من يوليو/ تموز من كل عام تحتفل الولايات المتحدة بعيد الاستقلال عن بريطانيا عام 1776، وكان الكونجرس القاري للولايات الثلاثة عشرة التي كان يتكون منها الاتحاد الأميركي في ذلك التوقيت، قد صوت لصالح الاستقلال عن بريطانيا العظمى في 2 يوليو/ تموز من عام 1776، لكنه لم يكمل عملية مراجعة إعلان الاستقلال إلا في 4 يوليو/ تموز.
في الولايات المتحدة، وسط مفرقعات واستعراض جوّي لقاذفة خفيّة من طراز "بي-2" كتلك التي استخدمت لقصف إيران. وقال ترامب خلال التوقيع: "أميركا تفوز وتفوز وتفوز أكثر من أي وقت مضى"، بينما أحاط به عشرات النواب الجمهوريين الذين دعموا ما يوصف بـ"مشروع القانون الكبير والجميل".
ومارس الرئيس الأميركي ضغوطاً كبيرة على النواب الجمهوريين كي يعتمد
الكونغرس
مشروع القانون قبل الرابع من يوليو/تموز الذي تصادف فيه ذكرى استقلال الولايات المتحدة. واعتُمد القانون نهائياً الخميس. واستفاد الرئيس الذي يهوى الاستعراضات الاحتفالية من ذكرى مرور 249 عاماً على استقلال الولايات المتحدة عن بريطانيا للاحتفاء أيضاً بنصر تشريعي مع اعتماد قانون يعدّ محوراً أساسياً من محاور ولايته الرئاسية الثانية. وكان قد كتب الخميس على شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشال": "معاً سنحتفل باستقلال أمّتنا وببزوغ عصر ذهبي جديد".
اقتصاد دولي
التحديثات الحية
الكونغرس يقر مشروع ترامب للضرائب والإنفاق
ويشكّل اعتماد قانون الميزانية أحدث الإنجازات التي حقّقها الرئيس الأميركي في الأسابيع الأخيرة، بعد قصف مواقع نووية إيرانية والتوسّط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران والاتفاق على زيادة النفقات الدفاعية في حلف شمال الأطلسي (ناتو) وقرار قضائي مؤيّد لسياساته. وهو يعزّز أيضاً سطوة الرئيس على الحزب الجمهوري وعلى السياسة الأميركية عموماً. أشاد ترامب بهذا النصر مساء الخميس خلال تجمّع في أيوا (الوسط)، قائلاً: "ما من هدية عيد ميلاد أجمل لأميركا من النصر الهائل الذي حقّقناه منذ بالكاد بضع ساعات عندما اعتمد الكونغرس مشروع القانون الكبير والرائع الذي يرمي إلى استعادة عظمة أميركا".
ولم يتطرّق الملياردير الجمهوري إلى مخاوف أعضاء حزبه والناخبين الذين يخشون أن يفاقم هذا القانون المديونية العامة ويضعف المساعدات المخصّصة للصحة والحماية الاجتماعية. وبمناسبة اليوم الوطني، ستحلّق طائرة من طراز "بي-2" كتلك التي قصفت المنشآت النووية الإيرانية في 22 يونيو/حزيران الماضي ومقاتلات أخرى في عرض جوّي فوق البيت الأبيض. ودُعي طيّارون قادوا العملية الموجّهة ضدّ إيران إلى المشاركة في المراسم الاحتفالية.
ونجح دونالد ترامب في تمرير مشروع القانون هذا بالرغم من الشكوك الكثيرة التي خيّمت على حزبه والمعارضة الشديدة والعالية النبرة لحليفه السابق إيلون ماسك. وبعد مجلس الشيوخ الذي اعتمد القانون بفارق ضئيل من الأصوات الثلاثاء، أقرّ مجلس النواب النصّ نهائياً بـ218 صوتاً مؤيّداً و214 معارضاً إثر تصويت سبقته مساومات وضغوط كثيرة. ويساعد هذا القانون واسع النطاق الرئيس الأميركي على الإيفاء بعدد كبير من وعوده الانتخابية، منها زيادة النفقات العسكرية، وتمويل حملة واسعة لطرد المهاجرين غير النظاميين، وتخصيص 4500 مليار دولار لتمديد الخصومات الضريبية التي أقرّها خلال ولايته الرئاسية الأولى.
وبغية التعويض عن زيادة الدين العام، ينصّ القانون على تخفيض البرنامج الفيدرالي للمساعدات الغذائية ويحدّ من نطاق برنامج التأمين الصحي "ميديكيد" لمحدودي الدخل في أكبر اقتطاعات يتعرّض لها هذا النظام منذ اعتماده في الستينيات. وتشير بعض التقديرات إلى أن 17 مليون شخص قد يخسرون تأمينهم الصحي، وإلى أن عشرات المستشفيات قد تغلق أبوابها في الأرياف بسبب القانون الجديد. ويأمل الحزب الديمقراطي أن يساعده الاستياء الناجم عن تداعيات الميزانية الجديدة على تحقيق مكاسب في الانتخابات التشريعية لمنتصف الولاية في 2026.
سيارات
التحديثات الحية
محادثات التجارة الأوروبية الأميركية تتركز على تخفيف رسوم السيارات
ويلغي القانون تدريجياً الإعفاءات الضريبية للطاقة النظيفة التي أُقرّت خلال فترة جو بايدن، والتي يستنكرها الجمهوريون. وتشير تقديرات مكتب الميزانية في الكونغرس (وهي جهة غير حزبية) إلى أن نحو 17 مليون شخص سيفقدون تغطية الرعاية الصحية خلال السنوات العشر المقبلة بسبب هذا القانون، وسيضيف نحو 4 تريليونات دولار إلى الدين العام خلال الفترة نفسها، عند احتساب خدمة مدفوعات الدين. وقال الجمهوريون إنّ التشريع سيخفض الضرائب على الأميركيين من مختلف شرائح الدخل، وسيحفز النمو الاقتصادي. وصوّت جميع الديمقراطيين في الكونغرس ضد مشروع القانون، ووصفوه بأنه هبة للأثرياء ستحرم الملايين التأمين الصحي.
(فرانس برس، العربي الجديد)

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 30 دقائق
- العربي الجديد
عماد الدين أديب... محطات على طريق "الشرق الأوسط الجديد"
أثار لقاء الإعلامي المصري عماد الدين أديب مع زعيم المعارضة الإسرائيلية ورئيس حكومة الاحتلال السابق، يئير لابيد، استهجاناً واسعاً في الأوساط الصحافية والشعبية، خاصة في مصر. بُث اللقاء عبر قناة سكاي نيوز عربية ، الخميس الماضي، واعتُبر خروجاً صارخاً على الإجماع العربي الداعي إلى مقاطعة إسرائيل ووقف أشكال التواصل كافة مع رموزها، سواء في الحكم أو خارجه، تضامناً مع الفلسطينيين الذين يتعرضون لحرب إبادة مستمرة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. ما أثار الغضب أكثر، أن أديب منح منبره من دون أي مقاطعة لضيفه، الذي استغل المنصة لوصف المقاومة الفلسطينية بالإرهاب، وطرح سياسات وأفكاراً عنصرية تستدعي محاكمته أمام المحكمة الجنائية الدولية، كما هو الحال مع رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي بنيامين نتنياهو. بين جمهور غاضب لا يملك سوى الإدانة، وآخرين برروا اللقاء تحت مسميات مهنية أو بدعوى "مواجهة العدو بالعقل"، بدا واضحاً أن الحوار المطول لم يكن عشوائياً في توقيته ولا في اختيار ضيفه، بل جاء ضمن سياق مدروس. وكانت الرسالة واضحة: صفقات التطبيع مع إسرائيل تمضي قُدماً، مهما بلغت فظاعة مجازرها. ليست هذه المرة الأولى التي يثير فيها عماد الدين أديب الجدل. فالرجل عرف منذ عقود بأنه عرّاب صفقات إعلامية وسياسية، بدأها من خلال عمله في مؤسسات عربية، حيث ارتبط اسمه بتسهيل شراء عقارات لمسؤولين كبار في أوروبا، خاصة في لندن. لاحقاً، قرر تحويل مشروعه غير المعلن إلى أدوات ناطقة، حين حصل على ترخيص لطبع صحيفة العالم اليوم، الصادرة في بريطانيا، داخل مصر. كانت أول مطبوعة أجنبية يسمح لها بذلك، وكانت تخدم توجهاً أراده النظام آنذاك: فتح المجال أمام رجال الأعمال للتعبير عن أفكارهم، بعيداً عن الصحافة القومية والحزبية. وجد أديب دعماً من النخبة السياسية الصاعدة بقيادة جمال مبارك، والتي بدأت تتقدم إلى مراكز القرار مع تولي عاطف عبيد رئاسة الوزراء عام 1999. لم يُفسح له المجال كثيراً في دوائر النفوذ، لكنه حصل على امتيازات اقتصادية، من بينها أراضٍ شاطئية. فرصة في "الشرق الأوسط الجديد" مع غزو العراق عام 2003 وظهور فكرة "الشرق الأوسط الجديد" التي بشّرت بها كونداليزا رايس، ظهرت فرصة لأديب ليلعب دوراً محورياً في الترويج الإعلامي للمشروع، الذي لم يسعَ إلى تغيير الخرائط بقدر ما استهدف فرض واقع اقتصادي تطبيعي، تُشرف فيه تل أبيب على قيادة المنطقة من بوابة التعاون العلمي والتقني. وكان الإعلام حجر الزاوية في هذا المخطط، بحسب تصور وزارة الخارجية الأميركية التي خصصت نحو 47 مليون دولار عام 2003 لدعمه. شمل التمويل مؤسسات صحافية كبرى مثل "الأهرام"، ومراكز تدريب، ودور نشر لترجمة الكتب الأميركية وتوزيعها مجاناً عبر السفارة الأميركية في القاهرة. في بداياته، استهدف المشروع تمويل صحف حزبية، لكنه اصطدم بموانع قانونية ومخاوف السلطة من دعم المعارضة، فجرى التفكير في إصدار صحف خاصة. وظهرت فكرة تأسيس صحيفة المصري اليوم بدعم من رجال أعمال، وبدأ طبع الأعداد التجريبية في مارس/آذار 2003، لكنها توقفت فجأة بعدما واجه الناشرون صعوبة في السيطرة على توجه رئيس التحرير الراحل مجدي مهنا وكتّاب يساريين وقوميين. عماد الدين أديب و"نهضة مصر" في ظل تعثّر "المصري اليوم"، أُطلقت صحيفة جديدة تحت اسم "نهضة مصر"، برئاسة مجلس إدارة عماد الدين أديب، عبر مؤسسته الإعلامية "جود نيوز"، التي كانت تملك أيضاً "العالم اليوم" وعدة مجلات ترفيهية، جميعها تحمل تراخيص بريطانية وتُطبع في القاهرة استثنائياً بموافقة من وزير الإعلام الراحل صفوت الشريف. لعب أديب دوراً مباشراً في رسم الخط التحريري للصحيفة التي تلقّت دعماً غير مباشر من السفارة الأميركية. حضرتُ، شخصياً، أحد الاجتماعات المبكرة في مقر "جود نيوز"، إلى جانب مدير مركز الدراسات السياسية في "الأهرام"، وسفير أميركي سابق خدم في القاهرة وتل أبيب، وكان يشغل حينها منصباً في الخارجية الأميركية. طرح السفير تصوراً عاماً للصحيفة بوصفها منصة تعبّر عن جميع الأطياف، وتركز على قضايا الحريات. لكن ما تحقق فعلياً كان تخصيص صفحتين يومياً للشؤون الأميركية، وفرض الصيغ الإسرائيلية في التغطية، وتدريجياً سُحبت المصطلحات المنتقدة للصهيونية أو الاحتلال من المقالات والتقارير. مع الوقت، جرى استبعاد كتّاب التيار اليساري والقومي، واستبدلوا بأقلام محسوبة على لجنة السياسات في الحزب الوطني، المؤمنة بخط السلام مع إسرائيل والدور الأميركي في المنطقة. نال هؤلاء مكافآت تفوق ما كان يتقاضاه رئيس التحرير، بينما تراجع اهتمام الصحيفة بالشأن المصري لمصلحة تغطيات السلطة والولايات المتحدة. علمت من داخل المؤسسة أن جزءاً كبيراً من تمويل "نهضة مصر" جاء من دبلوماسيين أميركيين، في إطار خطة لتسويق فكرة "النهضة المصرية" على أسس تتماشى مع المشروع الأميركي. اللافت أن هذه التدفقات المالية كانت تجري بموافقة رسمية من الأجهزة السيادية في الدولة. أثارت هذه الترتيبات حفيظة كثير من الصحافيين، الذين اكتشفوا أن بعض زملائهم يتقاضون ما يصل إلى مليون جنيه شهرياً، في حين لا يحصل الأكفأ منهم إلا على الفتات، وتعرض بعضهم للإقصاء أو التضييق. منابر شخصية وصفقات إعلامية تحت إشراف أديب، تحولت "نهضة مصر" إلى منصة دعائية تخدم رجال الأعمال والدوائر المرتبطة بجمال مبارك. ومع اقتراب انتخابات الرئاسة عام 2005، جرى توجيه الخط التحريري لدعم الرئيس حسني مبارك (1928 ــ 2020) مباشرة، وأجرى أديب حواراً مطولاً معه دام ست ساعات. أثمرت الانتخابات عن صفقة ناجحة لعائلة أديب، حيث تحوّل إلى نجم في إعلام السلطة، واحتل شقيقه وزوج شقيقته مواقع ثابتة على الشاشات المصرية. لكن طموحه السياسي تجاوزه، وبدأت أخبار عن تعيينه وزيراً للإعلام تثير ردات فعل سلبية في الحزب الحاكم، فأُجبر على التراجع، مستثمراً ما حصده في صفقات الأراضي في الساحل الشمالي، قبل أن يغلق مشاريعه الإعلامية في القاهرة تدريجياً. وعام 2020، فصل من عضوية نقابة الصحافيين بعد أزمة مع العاملين في مؤسسته. لابيد... مجازاً عن كل شيء على ضوء هذا التاريخ، لا يبدو لقاء أديب مع يئير لابيد إلا استمراراً لمسار طويل من الصفقات الإعلامية التي تتجاوز الصحافة إلى صناعة خطاب سياسي كامل. يسعى أديب اليوم، كما في الأمس، إلى العودة للمشهد من بوابة "السلام الإعلامي"، مروّجاً لفكرة أن التعايش مع إسرائيل ممكن، شرط أن يحدث مع "عقلاء" مثل لابيد لا مع "متطرفين" كنتنياهو.


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
ترامب: الانحياز لسياسات بريكس المناهضة لأمريكا يستدعي فرض رسوم إضافية بنسبة 10%
واشنطن: قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب أمس الأحد إن الدول التي تنحاز إلى 'السياسات المعادية للولايات المتحدة' لدول مجموعة البريكس ستفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 بالمئة. وأضاف في منشور على موقع تروث سوشيال 'أي دولة تنحاز إلى السياسات المعادية للولايات المتحدة الأمريكية لمجموعة بريكس ستفرض عليها رسوم جمركية إضافية بنسبة 10 بالمئة. لن يكون هناك أي استثناءات لهذه السياسة. شكرا لكم على اهتمامكم بهذا الأمر!'. ولم يوضح ترامب أو يتوسع في الإشارة إلى 'السياسات المعادية للولايات المتحدة' في منشوره. كانت مجموعة بريكس تضم في بدايتها البرازيل وروسيا والهند والصين في أول قمة لها في عام 2009. ثم أضاف التكتل جنوب أفريقيا في وقت لاحق. وفي العام الماضي ضمت المجموعة لعضويتها كل من مصر وإثيوبيا وإندونيسيا وإيران والسعودية والإمارات وإندونيسيا. (رويترز)


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
خسراننا في هزيمة إيران
ليس الوقت للكتابة في السياسة، فالظاهر أنه سيحين بعد ما لا نعرفُ من أيامٍ وأسابيع، فقنابل حارقة وأكثر من 125 طائرة حربية، ضرب بها الرئيس ترامب، فجر أمس، ثلاثة مفاعلاتٍ نوويةٍ في الأراضي الإيرانية أعادتنا، جميعاً، إلى عطالةٍ للسياسة مُضافة، سيما أن لقاء جنيف الأوروبي الإيراني يوم الجمعة الماضي لم يكن فيه من السياسة شيء، فقد دلّ على ما لم يكُن في حاجةٍ إلى دليل، اصطفافِهم في باريس ولندن وبرلين (وغيرها) وراء نتنياهو. وسيّما أيضاً أن المنطق الأميركي، وقبل الإسرائيلي ومعه وبعده، اختصر القضيّة كلها، أن المطلوب أمرٌ وحيد، توقيع إيران على اتفاقٍ مكتوبٍ سلفاً، تستسلم فيه لمطلب واشنطن وتل أبيب، "صفر تخصيب يورانيوم". ما يعني، أنه لن يُكتفى بهزيمة الجمهورية الإسلامية، وإنما أيضاً استسلامها تماماً. وكان الاجتهاد في التحليل السياسي أنها أمام هذيْن الخيارين، ولكن المؤشّرات في الأيام العشرة الماضية أفادت بأنها ليست في هذا الوارد، أو ربما تُؤثِر الهزيمة على الاستسلام. ومع تحسّن أدائها عسكريّاً، ونجاحات مسيّراتها في إيذاء إسرائيل جيّداً، وإحداثها مزاجاً في دولة الاحتلال لا يتحمّس للمضي أكثر في الحرب، فإن هزيمة إيران المُرتجاة في واشنطن وتل أبيب قد لا تكون مختتم الحرب غير المعلوم متى ستنتهي، فثمّة وجاهةٌ في القول إنها بدأت فجر أمس، 22 يونيو/ حزيران الجاري، مع القنابل الحرارية الأميركية على مواقع نووية في نطنز وأصفهان وفوردو، وليس فجر يوم الجمعة قبل الماضي، لمّا صحوْنا على الأنباء إياها، والتي جعلتنا نتطيّر من هزيمة إيرانية تقترب. الوقتُ لخبراء في الأسلحة والمقذوفات والصواريخ، لنسمعهم بشأن ما نرى، ولخبراء البيئة والإشعاعات وشؤون اليورانيوم، مخصّباً وغير مخصّب، ليفيدونا بما يُطمئن أو لا يطمئن، وبسبل الوقاية والحيْطة. وقت العارفين، عن حقّ، في السياسة مُرجأ. وليس من اللائق أن تُعطى المساحاتُ في فضاء النقاش والتداول العام لمن يتحدّثون في السياسة كالمنجّمين، أو مثل عادل إمام في إجابته عمّا إذا كان قد شاهد سابقاً المتّهم في القفص أمامه في المحكمة إنه ربما شاهدَه وربما لم يشاهده. ... ولمّا كان هذا هو الحال، أو هو التشخيصُ الممكن، يصبح الأجدى أن ننشغل بالأخلاقيّ الجوهري، أو بالوطنيِّ في مسمّىً أنسب ربما، في ممارستنا نحن العرب السياسة، بمعنى تفتيشنا عن مصالحنا، عن النافع لنا، عن خساراتنا إذا ذهبت خواتيم الحرب إلى هذه النتيجة أو تلك. هنا بالضبط، وبلا لفٍّ ولا دوران، إذا خسرت إيران الحرب، بالمعنى الذي يريده صقور البيت الأبيض ودولة الاحتلال، فذلك يعني أن الجموح الإسرائيلي الذي تُعايَن وحشيته البالغة السفور لن يتوقّف عند أي سقوف، فالعالم العربي مجرّد ملعب مستباح لصاحب القرار الأمني والعسكري والسياسي في تل أبيب. لقد انكشفنا، نحن العرب، في أثناء نكبة الإبادة اليومية الحادثة في ناس غزّة، إلى مدىً أظنّه فاجأ نتنياهو نفسه، ما جعل هذا المجرم يمضي في مُراده بلا حدود، فقد قرّر الإجهاز التام على كل أسباب العيش في غزّة، واختطف أزيد من مليوني فلسطيني هناك رهائن للتمويت والتجويع والتهجير، بلا أي اكتراثٍ بمحكمتي جناياتٍ وعدلٍ دوليتين، وبازدراءٍ لبيانات الغضب في الأمم المتحدة وفي اجتماعاتٍ كلامية بلا عدد، ضَجر من نشطوا فيها في الشهور الأولى، ثم انصرفوا، غير مُحرجين على الأرجح، إلى شؤونهم. ولمّا أفلح في إنهاء قدرات حزب الله، واغتيال زعميه وقياداته وكفاءاته، ولمّا سوند من إدارتي بايدن وترامب بأكثر مما تصوّر، ولمّا انقطع المفاوضون في حركة حماس لانتظار "ضماناتٍ" من اثنيهما، بأن لا تعود الحرب في غزّة إذا توقفت في هدنة، ... لمّا تتالت هذه الوقائع وأخرى غير قليلة، أوضحَت لكل صاحب بصرٍ فداحة البؤس الذي نقيم فيه، نحن العرب، فلن يكون من شأن انتصارٍ تُحرزه الفاشية الإسرائيلية على إيران التي طالما اشتهيْنا أن تكون صديقةً للعرب، عن حقٍّ وحقيق، سوى أن تزيد قيعان هذا البؤس هبوطاً أكثر فأكثر. باختصار، لا نملك في غضون الحرب الإسرائيلية الأميركية، الشرسة والمركبة، على إيران، غير فُرجتنا عليها، ولكننا نملك أيضاً أن نكون مع أنفسنا، أنفسنا وحسب، بأن لا نرجو الهزيمة لإيران، ففي حدوثها، بالكيفيّة التي يشتهونها في واشنطن وتل أبيب، خسرانٌ كثيرٌ لنا، استضعافٌ آخر لنا، من ذئاب جارحةٍ نراها تصنع في غزّة ما نراه.