
الاستثمار في سورية بعد فرعون والفرعونية
يمكننا القول، وفق ما درج في سورية أيام الرئيس السوري الأسبق،
حافظ الأسد
بأنه المعلم الأول والمزارع الأول والقاضي والمحامي وحتى الرياضي الأول، وإنه أيضاً فاتح الاستثمار الأول، فهو، وبالتوازي مع انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، من فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص، بعد أن وصفه وجوقته، على مدى عشرين عاماً، بالقطاع الطفيلي وأتبعوه لبقايا الرأسمالية البغيضة و
الليبرالية المتوحشة
والإمبريالية والاستعمار البغيضين.
بيد أن أول قانون للاستثمار الصناعي في سورية الحديثة، القانون 10 لعام 1991 المستورد "نسخاً لصقاً من مصر" كان على مبدأ "شرف الوثبة" بغض النظر عن "غلب الواثب أم لم يغلب" لأن الضرورة المرحلية وقتذاك، فرضت على الأسد الوارث أن ينحني أمام رياح ما بعد الشيوعية بمحاولة مضللة "أن سورية تتسع للجميع" كما قال حينذاك، ويصدر قانوناً لمشاركة القطاع الخاص، المحلي والدولي، في البناء والإنتاج، طبعاً مع الاحتفاظ بالقطاع الحكومي، حتى في صناعة "العلكة والمناديل والبطاريات والدهان" وبقاء وصفه بالقطاع الريادي، ليكون بسرقته مصدراً لتكوين رأس مال مافيا الأسد.
لذا، ومن يتتبع الاستثمارات الصناعية التي جذبها القانون 10، يلحظ أنها، في الغالب، صناعات تكميلية ولمسة أخيرة أو مشابهة لإنتاج القطاع العام، متأثرة بمخاوف التأميم الذي حدث نهاية خمسينيات القرن الماضي وغير واثقة بمناخ منفّر محكوم لسلطة مستبدة وقانون ملغّم، يجوز في معظم مواده، الوجهان. ولم تجذب سورية، جراء المخاوف وعدم تقديم قانون الاستثمار مزايا إضافية وحوافز تشجيعية، ما يغني البلاد عن المستورد أو يحوّلها، وفق ما تزخر به من مواد أولية ومهارة تراكمية وأيد عاملة رخيصة، إلى قبلة للاستثمار أو "هونغ كونغ الشرق الأوسط" كما كان يشاع في تلك المرحلة.
وما يقال عن الاستثمار الصناعي، ينسحب، بشكل أو بآخر، على الاستثمار الزراعي وتجارب الشركات المشتركة الفاشلة أو الاستثمار السياحي الذي أبقى كنوز سورية ومواقعها، أسيرة الإهمال أو استقطاب بعض المستثمرين المحليين، منذ ثمانينيات القرن المنصرم، الذين كلفهم القائد الأول، بأدوار وظيفية مقابل منحهم بعض الفنادق أو المنتجعات.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
مصرف سورية المركزي: سنرتبط مجدداً بنظام سويفت للمدفوعات الدولية
وبقي الحال في سورية، بين تشجيع نظري لئلا تحسب على محور الاشتراكية، وتضييق عملي كي لا تخترق الخصوصية التي بناها الرئيس وفق السرية والشللية واقتسام الثروات، إلى أن مات حافظ الأسد عام 2000 من دون أن يفتح الباب، حتى لاستثمار الاتصالات الخلوية، فكانت سورية آخر دولة في المنطقة تدخلها الاتصالات الفضائية، والبلد الأقل جذباً للأموال والوكالات العالمية الكبرى أو الشركات العابرة للحدود والقارات.
وجاء "الولد سر أبيه" بشار الأسد ليرث النهج والذهنية، وإن بأدوات جديدة، فرضتها المرحلة وشروط التوريث، فاضطر لينفتح على الخارج ويدعّي الحرص على جذب الأموال والاستثمارات، ولكن بنهج استئثار ومحاصصة، لم يجرؤ عليها حتى من ورّثه، لأن العبث في الحصص بالسورية، كان ضمن عقد اتفاق حافظ الأسد مع من تبقى من أقطاب ورجال أعمال دمشق وحلب، حول نفوذ الداخل والاقتصاد، كما الاتفاق مع رفاق النضال، على الجيش والمنظمات، في مقابل القيادة للأبد للرئيس حافظ الأسد.
وبدأ الابن الوريث بإصدار مراسيم وقوانين الاستثمار، الصناعي والزراعي والسياحي والمالي، بما يتواءم مع ما ادعاه بشعار "التطوير والتحديث"، فمنح استثمار الخليوي عام 2000 لابن خاله رامي مخلوف والمستثمر المصري نجيب ساويرس قبل الاستيلاء على حصة ساويرس وطرده، ومن ثم إدخال واجهة لبنانية، والقانون التجاري البحري والملاحة الجوية، في العام نفسه، ثم المرسوم 30 لعام 2001 القاضي بترخيص الجامعات الخاصة، فالمرسوم 40 لعام 2003 للاستثمار في المناطق الحرة، ومرسوم إحداث المدن الصناعية عام 2004، والمرسوم 43 للاستثمار في الصحة والتأمين بعد مرسوم الاستثمار في المصارف ومرسوم حماية الصناعات الناشئة.
ولما شعر الأسد الوريث، أو قيل له، إن قانون الاستثمار رقم 10 بات ضيقاً على البلاد، بعد الانفتاح النظري، أصدر عام 2007 المرسوم رقم 8 لتشجيع الاستثمار، بعد أن أحدث، في العام نفسه، هيئة الاستثمار السورية، ليتابع رشق القوانين والمراسيم، كقانون التجارة عام 2007 والتطوير والاستثمار العقاري عام 2008 والقانون 18 لتشجيع الاستثمار عام 2021 وتعديله في القانون 2 لعام 2023.
الأمر الذي حوّل قوانين الاستثمار في سورية، إلى متاهة يصعب على أي صاحب مال أو مستثمر عبورها أو فك طلاسمها، مع تزايد قانون "الأمر الواقع" الذي يمنح الحق للرئيس أو أحد مشغلي أمواله، وبمقدمتهم رامي مخلوف، منح أي فرصة أو مطرح استثماري، إن دفع المعلوم والنسبة المتفق عليها، ما جعل لقب "السيد عشرة في المئة" تسري على محمد مخلوف أبو رامي، قبل أن يتسلم المهمة رامي ويحاصص ويقاسم ويسمح ويمنع، باسم وتوجيهات السيد الرئيس.
موقف
التحديثات الحية
عن فرص العمالة العربية المحتملة في سورية
قصارى القول: في واقع التيه القانوني الموروث من عهد الاستبداد الأسدي، أليس من المنطق أن نسأل، كيف لرأس مال أو مستثمر أن يأتي إلى سورية، وبناء على أي قانون أو مرسوم أو حتى مزاج، يمكن أن يجازف بأمواله، لأن رأس المال وصاحبه، ليسا جبانَين كما يشاع، بل من أبسط حقوقهما، معرفة المناخ والقانون والسوق والقدرة الشرائية، قبل أن يدفعهما، حتى الحماس إلى المشاركة في بناء سورية الجديدة.
وهذا طبعاً، من دون أن نسأل عن غياب السلطة التشريعية (مجلس الشعب) التي لا بد أن تصادق على أي اتفاق أو مشروع كبير، لتحيله إلى الرئيس ليصدره في مرسوم، وسورية، كما يعلم المتابع، من دون برلمان بعد حل جوقة التصفيق الأسدي المسماة بهتاناً مجلس شعب. الأمر الذي يفرض، نعم يفرض، على السلطة في دمشق وسريعاً، إصدار قانون استثمار يتلاءم مع مرحلة الانفتاح والوعود وإزالة العقوبات. قانون عصري يشجع الأموال والمستثمرين والدول، لتمد اليد إلى سورية المهدّمة، من دون أن تجازف أو تخسر أو تشوبها الشكوك.
قانون متطوّر ومنافس، بنصه وتسهيلاته وحوافزه لما تقدمه دول الجوار على الأقل، يشجع ويجذب ويحمي خلال التأسيس والتسجيل والإنتاج والتصدير وتحويل الأموال، والأهم، جامع للقطاعات، لاغ لما قبله من تعدد وتشتت، شفاف وواضح ويبعد المستثمر عن التيه وعدم التملّك وما كان يعلق عليه سابقاً، من مطبات خلال مقولة "الخصوصية السورية". وإلى جانب القانون، أو قبله، استحداث بوابة الاستثمار السورية لتقوم بدورها، وفق نافذة واحدة، بشرح النص والحوافز وخدمات الترخيص والتأسيس ودراسات الجدوى وتشبيك المستثمر مع أقرانه، للتشارك أو معرفة المنافسة والقطاعات المشابهة.
نهاية القول: ربما بزوال العقوبات الأوروأميركية، وبدء، خلال أسابيع، ربط سورية بالكامل بنظام "سويفت" للمدفوعات الدولية، يكون عدم صدور قانون للاستثمار، الثغرة الكبرى التي يعاني منها المناخ السوري. بل الأمر المستغرب بواقع ما يقال عن تهافت الرساميل وزيارات رجال الأعمال وتوقيع بعض الشركات والدول اتفاقات استثمار وإن بصيغة " مذكرة التفاهم" هو غياب مجلس الشعب المشرّع وقانون الاستثمار الذي يعد المنطلق الإجباري والإطار التشريعي الذي ينظم العلاقة بين المستثمر والدولة ويحفظ حقوقهما.
اقتصاد عربي
التحديثات الحية
تراجع التحويلات المالية إلى السوريين... تعرف على الأسباب
ولطالما تريثت القيادة السورية، إن لم نقل تأخرت أو تلكأت بإصدار القانون، حبذا لو تأخذ تشغيل العمالة ونسبة القيمة المضافة بالصناعات لأكثر من 50% في الحسبان ولا تتساهل في قضايا التنظيم والبيئة، والأهم، أن تعقد سوقاً أو مؤتمراً للاستثمار، لا يقتصر برنامجه على الجذب والتشجيع، بل بعرض الفرص والقطاعات بما يتناسب مع حلم بناء سورية الجديدة، عبر خريطة وخطة، حتى ولو بعيدة عن توقعات الممولين والدول الداعمة، التي قد يتطلع بعضها إلى بناء سورية وفق مصالحه لا وفق ما ينقل سورية من البؤس إلى ما يحلم ويَعد صانع القرار وينتظر الشعب بعد سني التضحية والحرمان.
ولعلّ الأهم والأخطر، إلى جانب عرض ما تحتاجه سورية لا ما يفرضه الآخرون والنية بالانفتاح والتطوير وليس المتاجرة بهما، هو تجفيف أي مستنقع للسمسرة أو الفساد وإلغاء القيود الإدارية التي تجهض أي قانون، كي يتأكد الجميع، بعد سقوط مملكة الأسد، أن فرعونَ ذهب وذهبت معه الفرعونية، وفي سورية اليوم، من الشفافية والربح والإغراء، ما يجذب كبار المستثمرين ليضفوا على مناخها وثرواتها، ثقة ومصداقية وآمالاً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة

العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
صراع السلطات النقدية.. هل أصبح مصرف سورية المركزي تحت مظلة وزارة المالية؟
في الاقتصاد السوري ، لم يعد التداخل بين وزارة المالية والمصرف المركزي مجرد تفصيل تقني، بل بات عنواناً لخلل يهدّد جوهر الاستقلالية النقدية. فرغم أنّ القانون ينصّ على استقلالية مصرف سورية المركزي، إلا أنّ الواقع يكشف عن علاقة ملتبسة يغلب عليها التدخل المباشر في السياسات النقدية. فوزارة المالية، التي يُفترض أن تكون جهة تنسيقية في الإطار المالي العام، تحوّلت، بحسب خبراء، إلى اللاعب الأكثر تأثيراً في قرارات المصرف، من تعيين المديرين إلى التحكّم بخطط التمويل والسيولة. هذا التداخل، كما يصفه اقتصاديون، لا يهدد فقط كفاءة السياسة النقدية، بل يُفرغ فكرة "استقلالية المصرف" من مضمونها، ويُضعف ثقة المستثمرين ببيئة المال في البلاد. تدخلات تُقوّض الاستقرار يرى الباحث الاقتصادي يونس كريم، في تصريح لـ"العربي الجديد"، أنّ العلاقة بين وزارة المالية ومصرف سورية المركزي ليست حالة استثنائية، "بل تمثل نموذجاً لتشابك عام يسود العلاقة بين مختلف الوزارات، نتيجة غياب وضوح السلطات، وانعدام المؤسساتية والقوننة". فمثلاً، تمارس وزارة الاقتصاد نوع التدخل نفسه الذي تمارسه وزارة المالية، بل قد تكون تدخلاتها أكثر عمقاً بفعل طبيعة عملها. هذا التداخل، بحسب وصفه، "ينعكس سلباً على مجمل السياسات النقدية وعلى قدرة البنك المركزي على تنفيذ توجهات واضحة". لكن ما يستدعي الوقوف عنده، وفقاً لكريم، هو "التساؤل عما إذا كانت هذه التدخلات تخدم فعلاً مصلحة الاقتصاد، أو تسهم في جذب الاستثمارات كما يُروّج". ويشير إلى أنّ "معظم الرسائل المتداولة حالياً تحمل طابعاً سلبياً نتيجة استمرار هذا النهج". من جهة أخرى، يعتبر أنّ "ضعف احترافية البنك المركزي في ضبط السياسة النقدية يقابله تقصير مماثل من وزارة المالية في وضع خطة شاملة أو تصور استراتيجي، ما يُنتج حالة من التداخل والفوضى بين السياسات النقدية والمالية معاً". وهذا ما يكشف زيف شعارات الاستقلالية الاقتصادية والرأسمالية المتداولة، بحسب قوله، معتبراً أنها "مجرد ألفاظ لتغطية العجز المؤسسي، وهي أيضاً مخالفة للقانون". ويرى كريم أنّ "ضعف استقلالية مؤسسات الدولة، وتغوّل الوزارات، وعدم وجود حوكمة واضحة، كل ذلك يُخيف المستثمرين، وينعكس سلباً على بيئة الاستثمار". أما نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، عبد الرحمن محمد، فيقول في تصريحه لـ"العربي الجديد" إنّ استقلالية مصرف سورية المركزي "تُعد عنصراً حاسماً في استقرار الاقتصاد الوطني، لكنها تواجه تهديدات فعلية نتيجة تدخلات وزارة المالية التي تؤثر في السياسة النقدية بما يخدم أهدافها قصيرة الأجل، ما يُقوّض قدرة المصرف على تحقيق استقرار الأسعار وضبط سعر الصرف". هذا التداخل "غير الشفاف"، وفق وصفه، يُفقد المصرف استقلاليته النقدية الفعلية، ويضعف الثقة بالمنظومة المالية، ويعقّد عملية اتخاذ القرار. ويشدد محمد على ضرورة وجود آليات واضحة تضمن استقلالية المصرف، وتتيح تقويم أدائه من خلال مؤشرات اقتصادية موضوعية كالأسعار، والتضخم، والبطالة، والنمو، دون المساس بمهامه. طاقة التحديثات الحية منحة 146 مليون دولار لتمويل الكهرباء في سورية وكان وزير المالية السوري محمد يسر برنية، قد أبدى عبر منشور له على منصة "لينكد إن" عدم رضاه عن أداء المصارف العامة، معلناً قرب إطلاق خطة "شاملة وعميقة" بالتعاون مع مصرف سورية المركزي. وحول ذلك، يشير كريم إلى أنّ هذا التدخل لا يمثل خروجاً عن المألوف، بل استمراراً لمحاولات وزارة المالية للهيمنة على البنك المركزي، موضحاً أنّ التشابك بين وزارة المالية ووزارة الاقتصاد ومصرف سوررية المركزي نابع من القانون نفسه. ويضيف أنّ هذه الوزارات باتت تتعامل مع البنك المركزي على أنه مجرد منفّذ للسياسات، لا جهة مستقلة ذات قرار. ويعتبر كريم أنّ "الدور الأخطر يتمثل بخضوع البنك المركزي لرغبات وزارة المالية في ما يتعلق بتمويل عجز الحكومة"، مشيراً إلى أنّ الوزارة تُقرّر متى يُطبَع النقد أو يُجمّد، وتتحكم بخطط السيولة وسلوك السوق. ويؤكد أنّ "هذا النمط من العلاقة ظل قائماً في كل العهود، ما يجعل المركزي عاجزاً عن فرض أي هوية مؤسساتية مستقلة، ويُحوّله في نظر الناس إلى ذراع من أذرع وزارة المالية". شكوك بإمكانات مصرف سورية المركزي من جهة أخرى، ينبّه كريم إلى أنّ "صمت مصرف سورية المركزي أمام هذا التغوّل، وعدم صدور أي تصريح أو موقف رسمي، عزّز القناعة العامة بأنّ الحاكم لا يملك صلاحياته الفعلية، بل يعمل تحت غطاء السلطة التنفيذية ووفق حدود الضوء الأخضر السياسي". ويتابع بأنّ "قوة المركزي لا تُستمد من القوانين، بل من الدعم الشخصي الممنوح من رأس الدولة للحاكم، ما يُضعف دور المؤسسة ويفرغها من مضمونها السيادي". ويتفق معه محمد بالقول إنّ "إصرار وزير المالية على التحدث باسم المصرف وتغييبه عن المشهد، قد يكون محاولة لتعزيز السيطرة على السياسة النقدية وتوجيه الرسائل السياسية والاقتصادية للرأي العام، وقد يعكس أيضاً عدم ثقة الوزارة بقدرة المصرف على إدارة الملفات النقدية باستقلالية". تعطيل الدور الأكاديمي وتكمن الإشكالية الأكبر، بحسب كريم، في "غياب أي صوت مستقل أو مراجعة نقدية داخل البيئة الوزارية أو خارجها، حيث اختفت المداخلات التي كانت تصدر عن وزارة الاقتصاد مثلاً، كذلك إنّ غياب صوت الجامعات والأبحاث والأصوات الفكرية أفقد القطاع المالي التوازن، وحرم القرارات النقدية أي رقابة معرفية أو تحذير مهني مبكر". وفي هذا السياق، يشير إلى أنّ "فقدان هذا الضوء المعرفي التراكمي أدى إلى جمود نقدي واضح، فلا سياسات جديدة تُناقش، ولا محاور تُفتح، بل اختلط الفعل بالتخطيط، وغابت أي مسافة بين التنفيذ والقرار، ما أسهم في تكريس التدهور". اقتصاد عربي التحديثات الحية سورية تنفذ أول تحويل مصرفي دولي عبر نظام سويفت منذ 14 عاماً ولم ينفِ كريم وجود خلل واضح في السياسات النقدية لدى مصرف سورية المركزي، "فهو لا يستخدم أدوات رئيسية مثل الفائدة أو الاحتياطي الإلزامي لضبط الإقراض، ما أضعف قدرته على مواجهة التضخم"، موضحاً أنّ "السيولة باتت محصورة إلى درجة أنها حوّلت التضخم الجامح إلى تضخم كامل متجمّد، حيث الأسعار مرتفعة، لكن السوق فاقد للسلع الأولية، وهي حالة ركود تضخمي خطيرة"، مشيراً إلى "تآكل الثقة بالبنوك، كذلك باتت المؤسسات الدولية والمنظمات الإنسانية تتجنّب التعامل معها، مفضّلة تحويل أموالها عبر قنوات خارجية وغير رسمية". ويعتبر أنّ هذه "الديناميكية لا تُهدد فقط مصداقية الجهاز المصرفي، بل أيضاً قدرة البلاد على التعافي وإعادة الإعمار". استشارات مشروطة ولم يغفل كريم التطرق إلى تآكل الليرة السورية وظهور سعرين للصرف، الرسمي وغير الرسمي، قائلاً إنّ هذا الازدواج أفرز بيئة استثمارية مشوّشة، مشيراً إلى أنّ المستثمرين باتوا يرفضون الاقتراض من البنوك المحلية أو إيداع أموالهم فيها خوفاً من الحجز أو فقدانها، ما يُجهض أي مشروع اقتصادي مستقل. ويعتبر أنّ "كل هذه المؤشرات مجتمعة وضعت سورية خارج نطاق التمويل المؤسسي الحقيقي، إذ لا يمكن الحديث عن بيئة اقتصادية منتجة أو متوازنة دون وجود مصرف مركزي مستقل، شفاف، ويتمتع بثقة داخلية وخارجية. ومن دون هذه الشروط، إن أي حديث عن بناء اقتصاد جديد سيبقى معلّقاً في الهواء". بدوره يشدد نائب عميد كلية الاقتصاد في جامعة حماة، على أنّ تقويم أداء المصرف "يجب أن يتم من خلال أدوات موضوعية، أبرزها تحليل المؤشرات الاقتصادية كنسب التضخم والنمو والبطالة، إضافة إلى السماح بتقديم مشورات علمية من وزارة المالية، شرط ألا تنتهك استقلالية المصرف". ويرى أنّ الآليات الشفافة لتقييم السياسة النقدية ستُعزز المساءلة وتمنع التداخلات غير المرغوبة. ويعتبر محمد أنّ "انعكاسات هذا التدخل ليست محصورة بالإطار المؤسساتي فقط، بل تطاول المواطن العادي أيضاً، إذ تبدأ بارتفاع الأسعار وانخفاض القدرة الشرائية، وتمتد إلى تهديد الاستقرار الاقتصادي ككل. ففقدان الثقة في النظام المالي يدفع بالمواطن إلى التردد في الادخار أو الاستثمار، ما ينعكس سلباً على حركة السوق والنمو العام، ويُقيّد أي فرصة لتحريك العجلة الاقتصادية في ظل واقع هش ومتقلب"، وفق قوله.


العربي الجديد
منذ يوم واحد
- العربي الجديد
قرار بتخفيض رسوم جوازات السفر للسوريين
صادق وزير الداخلية السوري، أنس خطاب، اليوم الأربعاء، على قرار يقضي بتخفيض الرسوم المستوفاة لقاء منح أو تجديد جوازات السفر للمواطنين السوريين، في إطار ما وصفته الوزارة بالتسهيلات المقدّمة للمواطنين وحرصها على تخفيف الأعباء عنهم. وجاء في نص القرار رقم (1) ش.ق، أن " التخفيض يستند إلى أحكام المرسوم رقم 119 لعام 2025، وإلى مقتضيات المصلحة الوطنية العليا"، مشيراً إلى أن القرار "يأتي بناءً على محضر اجتماع وزراء الداخلية والخارجية والمغتربين والمالية، والمتعلق بتخفيض رسوم جواز السفر للسوريين داخل البلاد وخارجها". وبحسب القرار، خُفّض الرسم القنصلي لمنح أو تجديد جواز أو وثيقة السفر للمواطنين السوريين ومن في حكمهم الموجودون خارج الجمهورية العربية السورية، أو عبر أحد ذويهم حتى الدرجة الرابعة، أو وكيلهم القانوني داخل القطر، وفق ما يلي: بشكل فوري: ليصبح 400 دولار بدلاً من 800 دولار. أما ضمن نظام الدور: ليصبح 200 دولار أميركي بدلاً من 300 دولار. كما نصّ القرار على تخفيض الرسم المقرر لمنح أو تجديد جواز أو وثيقة السفر للمواطنين السوريين، ومن في حكمهم الموجودون داخل سورية، ليصبح 1.600.000 ليرة سورية بدلاً من مليوني ليرة. اقتصاد عربي التحديثات الحية هل أصبح مصرف سورية المركزي تحت مظلة وزارة المالية؟ وأشار القرار إلى أن الرسوم المحددة لا تخضع لأية رسوم إضافية أخرى، بما فيها رسوم الإدارة المحلية، لكنها تخضع لرسم التسجيل القنصلي لدى البعثات السورية في الخارج في حال لم يكن المواطن مسجلاً لديها. وأكد القرار أن العمل به يبدأ من تاريخ صدوره اليوم الأربعاء، السادس والعشرين من يونيو/حزيران 2025. محمد النوري، مواطن سوري مقيم في إسطنبول، قال لـ"العربي الجديد": "هذه خطوة جيدة ومهمة، خاصة بعد سنوات طويلة كان يُستغل فيها السوريون من قبل نظام بشار الأسد المخلوع من خلال فرض رسوم مرتفعة جداً على جوازات السفر والوثائق الثبوتية. كان الحصول على جواز السفر يُعد معاناة حقيقية بسبب الأسعار الباهظة، حتى أصبح مصدراً لابتزاز السوريين في الداخل والخارج. نأمل أن تستمر مثل هذه الإجراءات التي تخفف فعلاً من الأعباء على الناس، لا أن تكون مجرد قرارات مؤقتة".


BBC عربية
منذ 3 أيام
- BBC عربية
12 يوماً تهزّ الشرق الأوسط: تسلسل المواجهة الخاطفة بين إيران وإسرائيل
قبيل إبرام وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، تبادلت البلدان هجمات، منذ فجر الجمعة 13 من يونيو/حزيران، عندما أقدمت الأولى على استهداف مواقع نووية ومنشآت عسكرية إيرانية وتنفيذ عمليات اغتيال طالت شخصيات عسكرية و علماء نوويين. وفي موجة ضرباتها الأولى، قتلت إسرائيل العديد من الشخصيات العسكرية الإيرانية البارزة، بما في ذلك حسين سلامي، قائد الحرس الثوري الإسلامي الإيراني، والعديد من العلماء النوويين، من بينهم فريدون عباسي، الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية. وفي هذا التقرير نقدم لكم تسلسلاً زمنياً للمواجهة بين البلدين. 12 يونيو/حزيران 2025: في 14 يونيو/حزيران 2025: 15 يونيو/حزيران 2025: في 16 يونيو/حزيران 2025: وفي 17 يونيو/حزيران 2025: 18 يونيو حزيران 2025: وفي 19 يونيو/حزيران 2025: 20 يونيو حزيران 2025: وفي 21 يونيو حزيران 2025: الأسد والشمس في واجهة حملة إسرائيل الرقمية ضد إيران وفي 22 يونيو/ حزيران 2025: 23 يونيو/ حزيران: