logo
#

أحدث الأخبار مع #حافظالأسد

أرشيف الكاسيت السوري: كي لا يضيع صوت امرأة تغني من شباك بيتها
أرشيف الكاسيت السوري: كي لا يضيع صوت امرأة تغني من شباك بيتها

العربي الجديد

timeمنذ 14 ساعات

  • ترفيه
  • العربي الجديد

أرشيف الكاسيت السوري: كي لا يضيع صوت امرأة تغني من شباك بيتها

في دمشق، تفترش بسطات كبيرة متصلةٌ الطريقَ تحت الجسر الذي كان يعرف منذ عقد السبعينيات حتى قبل ستة أشهر فقط باسم "جسر الرئيس حافظ الأسد". تبيع هذه البسطات أشرطة الكاسيت الشعبية. كان هذا المشهد جزءاً من ملامح دمشق الثابتة طوال عقود متتالية حتى بدايات الألفية الجديدة، إذ بدأ بالانحسار تدريجياً إلى أن اختفى تماماً. بين ملامح المدينة الثابتة في تلك الحقبة أيضاً، متجر الحواصلي الواقع في منطقة الحمرا في قلب العاصمة السورية، والذي كان مقصداً لهواة الموسيقى الغربية في التسعينيات، ولا سيما محبي موسيقى الروك والميتال. كان صاحب المتجر، طارق الحواصلي، جاراً للموسيقي فاهيه تمزجيان ببرنامجه المعروف فيه حينه "لغة العالم" الذي كان يبث على التلفزيون السوري في التسعينيات. أين اختفت كل هذه الكاسيتات التي ملأت المتاجر السورية؟ وكيف قرر سائقو الميكرو باصات استبدال الكاسيتات بالفلاشات؟ ساقنا هذا الفضول إلى رحلة في أرشيف الكاسيتات السورية التي أوصلتنا أخيراً إلى محطة تمثّل جانباً من الذاكرة السورية، هي "أرشيف الشريط السوري". ظل السوريون متمسكين بالأرشيف حتى مطلع الألفية، وظلت هذه العلاقة عينها، حتى دخل قرص الـ"سي دي" الأسواق السورية، وحينها توارت محلات الكاسيتات تدريجياً تاركة المساحة للتكنولوجيا الجديدة. قبل هذه الفترة بسنوات، زار الموسيقي الأميركي ذو الأصول العراقية، مارك جرجس، سورية للمرة الأولى، كان هذا بالتحديد عام 1997. وفي شوارع البلاد وأزقتها أغوته تلك الموسيقى الشعبية السورية التي تسللت إلى مسامعه من كل مكان، وحفزت اهتمامه نظراً إلى خلفيته الموسيقية من جهة، وأصوله المشرقية من جهة ثانية. بعدما يقرب من عقدين على هذه الزيارة، التقى بالموسيقي السوري يامن مقداد، الذي انتقل للعيش في بريطانيا عام 2011، وحينها بدأ العمل على مشروع توثيقي وثقافي يحفظ أصوات سورية الشعبية، بعيداً عن مؤسسات الدولة وسردياتها الرسمية. كان مارك جرجس يرغب بزيارة بلاده، وفق ما يقوله لـ"العربي الجديد"، إلا أنه لم يتمكن من الذهاب إلى العراق على الرغم من أنه اطلع على موسيقى بلاده من خلال الأفراح والسهرات العائلية في ديترويت. خلال زياراته إلى سورية، راكم جرجس مجموعة من أشرطة الكاسيت، بين أغانٍ شعبية، وتسجيلات زفاف، وأعمال عراقية وسورية نادرة. هذه المجموعة كانت أساس ما عُرف لاحقاً بمشروع I Remember Syria، وهو تسجيل مزدوج نشره عام 2004، يضم مختارات من الأصوات التي التقطها في رحلاته. كان جرجس مفتوناً بالموسيقى المشرقية ولذلك، وكما يخبرنا: "قررت عام 1997 أن أزور سورية، وقد سمعت عن البلاد كثيراً من الأمور الجميلة... وفعلاً، وقعت في حب المكان". لم يكن ينوي توثيق رحلته حينها، وجمع ما شاهده في أرشيف ضخم، بل كان يسير في الشوارع مدفوعاً بشغفه بالصوت: "في سورية، كانت أشرطة الكاسيت هي الوسيط الأساسي لتوزيع الموسيقى، كنت أسمعها تُشغَّل بصوت عالٍ في محطات الباصات، في المحلات، على عربات متنقلة. كنت أشتري كل ما أستطيع حمله، وأسأل الباعة عن الأسماء والمغنين، وأستمع لساعات. كنت مسافراً فضولياً، لكنني بدأت أجمع هذه التسجيلات بشغف شديد". مع تراكم هذه المجموعة، بدأ جرجس بتنسيقها ونشر أجزاء منها ضمن تسجيل صوتي بعنوان I Remember Syria، بالتعاون مع شركة تسجيلات في سياتل. لكن المنعطف الأساسي جاء بعد عام 2011. "في تلك اللحظة، شعرت أن من واجبي أن أشارك هذه المجموعة مع الآخرين، أن أفتحها للباحثين والفنانين والمستمعين، وأن نروي من خلالها حكايات عن سورية... عن الأصوات التي كانت تمثّل الحياة اليومية قبل أن تغيّبها الحرب". نهاية عام 2017، حصل جرجس على منحة من مؤسسة آفاق لرقمنة مجموعته. نقل العدة إلى لندن، وهناك بدأ المشروع يأخذ شكلاً مؤسساتياً. يامن مقداد، الذي تعرّف إلى جرجس حينها، يقول لـ"العربي الجديد": "في البداية استمعت إلى المجموعة بمجرد وصوله إلى لندن، وبدأت أساعده في رقمنة المواد، مع الوقت، تحوّل التعاون إلى شراكة، وأنشأنا الموقع الإلكتروني للمشروع، وبدأنا بتنظيم جلسات استماع، وكتابة مقالات، وتصوير مقابلات مع منتجين موسيقيين عملوا في زمن الكاسيت". لم يكن الأمر مجرد نقلٍ ميكانيكي للمحتوى، بل محاولة لفهمه وتحليله وإحيائه من جديد. يؤكد مقداد: "بالنسبة لنا، هذه التسجيلات ليست فقط مادة من الماضي، بل نافذة على الواقع الاجتماعي والثقافي السوري، نريد أن نتفاعل معها بحثياً، وإبداعياً، وحتى موسيقياً". لذلك، أنتج القائمون على المشروع خمسة مقالات بحثية تستند مباشرةً إلى أرشيف الكاسيت. اليوم، يضم الأرشيف أكثر من 1500 كاسيت، رُقمنت بعناية على أيادي فريق مدرّب. بعض هذه التسجيلات يوثق حفلات شعبية، وأخرى تُظهر تعبيرات سياسية مباشرة بعد عام 2011، من أغانٍ ثورية خرجت من درعا والغوطة، إلى تسجيلات موالية للنظام أو تمجّد الأسد. حول العالم التحديثات الحية لافتات كفرنبل المحتلة: هذه هي ثورتنا وهذه بلادنا حول الأغنية الشعبية، يرى مقداد أن هذه الأغاني تعبّر بصدق عن شريحة واسعة من المجتمع السوري، وتؤرشف وجدان الناس اليومي. يقول: "غياب مؤسسات إنتاج موسيقي مستقلة في سورية، واحتكار السلطة للإعلام والثقافة، جعل من الأغاني الشعبية التعبير الأصدق عن حياة الناس". يؤمن القائمون على المشروع بأهمية وجود أرشيف بديل عن أرشيف الدولة. "المؤسسات الرسمية تحفظ ما يخدم السلطة، لكنها تُغيب ما لا يتماشى مع خطابها"، يقول مقداد، مضيفاً: "نحن نحاول أن نوثق ما هُمّش، ما لم يُكتب له أن يُحتفى به في الجرائد أو التلفزيونات الرسمية". هذا الأرشيف هو صوت الشارع، وصوت الأعراس، وصوت الهامش. الحرب غيرت ديموغرافية سورية، وأثرت على الذاكرة السمعية للمجتمع، وكذلك فإن معطيات التكنولوجيا أدت إلى اندثار أرشيف سمعي لا بأس به، لا سيما ذاك الذي لم يرقمن. يقول جرجس: "كثير من الأشرطة التي جمعتها في التسعينيات اختفت لاحقاً، لم تعد موجودة في الأسواق، وبعض الأنماط الموسيقية اندثرت. الأرشفة هنا ضرورة، ليس بنموذج غربي، بل بوصفها فعلاً شخصياً ومجتمعياً لمقاومة النسيان". لا يكتفي فريق المشروع بالجمع والتوثيق، بل يعمل على إنتاج دراسات وأفلام قصيرة ومقابلات طويلة تُبنى على هذا الأرشيف. يوضح مقداد: "صدرت حتى الآن خمس مقالات بحثية من داخل المشروع، ونعمل حالياً على إنتاجات إضافية، وسلسلة مقابلات موسعة. نأمل أن يتحول الأرشيف إلى منصة مفتوحة للباحثين والمهتمين والكتاب". يرى جرجس أن أهمية الأرشفة لا تكمن فقط في الحنين للماضي أو الاحتفاظ به، بل في حماية شيء قابل للاندثار، وغالباً ما لا يُعترف به رسمياً: "نحن نبتعد أكثر فأكثر عن تلك المرحلة الزمنية. التطورات الجديدة في سورية تدفع الناس إلى التطلع إلى الأمام، وربما يرغب بعضهم في نسيان تلك الحقبة، أو ربطها بالنظام السياسي... لكن هذه الموسيقى كانت جزءاً من نسيج الحياة. وهي معرضة اليوم للاختفاء". أشرطة الكاسيت، كما يقول، "لم تُنقل إلى الأقراص المدمجة. هي وسيط سريع الزوال، لكنه كان الوسيط الشعبي الأول. لم تُصنَّف هذه الموسيقى، لم تُؤرشف منهجياً، بل كانت انعكاساً للحظات عابرة: عرس في قرية، وحفلة في صالة بسيطة، وحوار في الشارع، وصوت امرأة تغنّي من شباك بيتها. هذه اللحظات لم ترَها مؤسسات الدولة، ولم تهتم بها وسائل الإعلام. لكنها تمثل وجدان الناس". يضيف: "كثير من الأشرطة التي اشتريتها عام 1997، لم أجدها بعدها حتى عام 2000، كان عمرها قصيراً، واختفاؤها سريعاً. لذا، علينا أن نؤرشف، ليس بالضرورة على الطريقة الغربية أو الأكاديمية، بل بأي طريقة فردية أو مجتمعية، لأن ما يبدو عادياً اليوم، قد يصبح أثراً نادراً غداً". بصفته غريباً عن الثقافة السورية، يعترف جرجس بأن نظرته كانت مختلفة: "ربما اشتريت أشرطة لم يكن السوريون ليهتموا بها، أو كنت أدمج أنماطاً يعتبرها البعض غير منسجمة... لكنني كنت أبحث عن كل التمثيلات الممكنة للموسيقى. بعض أصحاب المحلات كانوا يحدقون فيّ باستغراب حين أشتري شريطاً لشخصية شعبية إلى جانب شريط لمغنٍ تراثي أو حتى لسائق شاحنة يغني أغنية شعبية... لكن هذه التناقضات كلها كانت موجودة في المتجر نفسه، لأنها تعكس تنوع السوق". ويختم: "ربما كان جهلي بالسياق السوري نعمة، سمحت لي بأن أجمع مزيجاً لم يكن ليُجمع لو كنت أملك تلك الفلاتر الثقافية المحلية. ومع الوقت، صار الناس يرفعون هذه التسجيلات على منصة يوتيوب، لكن الحقيقة أن سورية كانت أكبر منتج لأشرطة الكاسيت في المنطقة، ومع ذلك لا نعرف كم منها صدر بالفعل. إنها مادة غنية، عابرة، ولكنها لا تقدّر بثمن". يشكل مشروع "أرشيف الكاسيتات السوري" بمجمله جزءاً من توثيق ضروري للتراث السوري وللثقافة السورية ككل. والسوريون اليوم، وفي إطار انتقالهم العاصف من مرحلة إلى مرحلة، ومن نظام إلى نظام، يحتاجون إلى نقاط استناد من ذاكرتهم الجمعية، يبنون عليها من جديد هويتهم الوطنية الخاصة، ورغم أن أشرطة الكاسيت قد تبدو شيئاً ثانوياً ومتقادماً من وجهة نظر التكنولوجيا، إلا أنها تبقى جزءاً مهماً من ذاكرة أجيال سورية متعاقبة ما تزال جيناتها الثقافية جزءاً من حوض جيني ثقافي سوري يحاول إعادة تعريف ذاته لمواجهة المستقبل.

كيف تخطط الحكومة السورية الجديدة للنهوض بالاقتصاد؟
كيف تخطط الحكومة السورية الجديدة للنهوض بالاقتصاد؟

Amman Xchange

timeمنذ يوم واحد

  • أعمال
  • Amman Xchange

كيف تخطط الحكومة السورية الجديدة للنهوض بالاقتصاد؟

الغد دمشق - نفذ مصرف سورية المركزي، مؤخرا، أول تحويل دولي مباشر عبر نظام سويفت، ونقلت رويترز أن حاكم مصرف سورية المركزي عبد القادر الحصرية قد وجه دعوة رسمية للبنوك الأميركية لإعادة العلاقات المصرفية بعد الإطاحة ببشار الأسد. ويأتي هذا التحويل بعد سنوات طويلة من فرض الدول الغربية أحد أكثر أنظمة العقوبات صرامة، نتيجة قمع النظام المخلوع للاحتجاجات العام 2011. ورفعت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي العقوبات الاقتصادية عن سورية، مما قد يبعث الآمال لدى السوريين بتحسن في الحالة الاقتصادية العامة والأمور المعيشية بعد عقود عاشوها من فساد ممنهج مارسه النظام المخلوع في مؤسسات الدولة وعلى اقتصادها، وبعد حرب طاحنة استنزفت موارد البلاد ونظام سخرها للقمع والدمار. وتعيش البلاد تحديات اقتصادية بارزة تقع أمام طريق التعافي وقرارات الحكومة السورية، وذلك منذ سقوط النظام وتركه إرثا ثقيلا واقتصادا منهكا سيحتاج إلى سنوات من الإصلاح والدعم الدولي الكافي لكي يتم الوصول إلى حالة مستقرة. إضرار النظام المخلوع بالاقتصاد وانتهجت عائلة الأسد، طوال فترة حكمها، أساليب من الفساد وتكريس اقتصاد البلاد بما يخدم مصالحها والمقربين، والاحتكار والمحاصصة، ليكون هذا التعدي أحد أسباب قيام الثورة التي واجهها بالقمع والدمار، مما أوصل الحالة الاقتصادية إلى الحضيض. وأشارت دراسة، نشرت في تشرين الأول (أكتوبر) 2024، إلى أن النظام قد لازمته صفة الاشتراكية منذ استحواذ حزب البعث على الحكم، لكن تلك الصفة كانت نظرية فقط واستخدمت بطريقة انتقائية صبت في مصالح النظام، حيث ركز حافظ الأسد على الاشتراكية كشعار أكثر من كونها تطبيقا، وراح ابنه بشار بعدها للسوق الاجتماعية في سبيل منح رجال أعمال محسوبين عليه مزيدا من الصلاحيات والقدرة على العمل بحرية ومراكمة الثروة لصالح وكلائه. وتقول الدراسة، التي أعدها باحثون في مركز جسور للدراسات، إن فترة نهاية الثمانينيات ومطلع التسعينيات من القرن الماضي كانت من أسوأ الفترات في تاريخ سورية المعاصر؛ حيث ارتفع الدين العام للدولة إلى أعلى مستوياته، وخرجت رؤوس أموال كبيرة من سورية، ليتصاعد التضخم وتهبط قيمة الليرة. وكان يوجد بشكل فعلي ملكية من ضمن الملكيات الموزعة خصصت للأسرة الحاكمة، وتتضمن الثروات الطبيعية وشبه الطبيعية، بحسب الدراسة. تلك الملكية كان يتم إخفاء مواردها تماما لصالح آل الأسد والمقربين منهم، بشكل خاص آل مخلوف الذين أعطاهم حق الاستثمار بالاتصالات وحقوقا واسعة في مجالات العقارات والبنوك، إضافة لإدارتهم عددا كبيرا من الثروات. وقد ذكرت دراسة أعدها الباحث محمد صارم في مركز حرمون للدراسات المعاصرة، أن الاقتصاد السوري برمته كان محمولا على الفساد؛ طبيعة ونشأة وسلوكا، وكان المحرك الرئيس للعمليات الاقتصادية وسبب علتها، وكان وظيفيا ومتسقا داخليا فيما يتعلق بالغاية النفعية للقوى الفاعلة في مركزي القرارين الاقتصادي والسياسي. ونوهت الدراسة، التي تناولت الفساد الاقتصادي في سورية، إلى أن حرب النظام على المجتمع السوري لم تبدأ العام 2011، وإنما كان قد أعلنها منذ زمن طويل بأشكال مختلفة عبر هيمنة السلطة على الاقتصاد، وتسيد أمراء الفساد، وحرمان المجتمع من عوائد الثروات العامة بما ينذر بالكارثة المتوقعة. كما أشارت إلى أن الاقتصاد السوري مهشم ويحتاج بالضرورة إلى مساعدات خارجية لإعادة الإعمار، وهو شر لا بد منه لاختصار زمن التعافي، لكن المساعدات المشروطة قد تتحول إلى نقيض غايتها، وتشكل عبئا إضافيا، يجب التنبه إليه وعدم الانزلاق في مساراته. وبحسب تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" مطلع العام الحالي، فإن 13 عاما من الحرب جعلت الاقتصاد السوري في حالة خراب، في حين وصلت الخدمات العامة إلى حافة الانهيار، مضيفة أن حالتها اليوم، أسوأ مما كانت عليه قبل سقوط نظام الأسد. وأشارت دراسة أعدها المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات إلى أن النظام قد وجه موارد الدولة ومقدراتها لخدمة آلة الحرب؛ حيث أصبحت النفقات العسكرية المكون الأكبر للإنفاق العام الذي كان على حساب الجانب التنموي، ليتحول الاقتصاد إلى "اقتصاد نزاع"، ويؤدي إلى دمار موارد البلاد وتحول مقوماتها الاقتصادية إلى مصادر لاستدامة العنف. وأظهرت الدراسة، التي نشرت في تموز (يوليو) 2020، أن استنزاف الحرب للموارد قد أدى إلى انخفاض إنتاج النفط وهبوط العائدات المرتبطة به، وبالنسبة للإيرادات، فقد انخفضت في الأوعية الضريبية وتراجعت في قطاعات السياحة، ليتم تسجيل خسائر متراكمة في الناتج المحلي الإجمالي السوري. اقتصاد الحرب وفي حديث مع الخبير الاقتصادي خالد التركاوي، يقول "إن أخطر ما قام به النظام هو تسخير موارد الدولة لخدمة الحرب، بمعنى أنه حول الاقتصاد الإنتاجي إلى اقتصاد حرب، يعني بشكل ما ذهبت كل موارد الدولة لخدمة معركة النظام ضد الشعب". وكان النظام قد حول مصانع عدة إلى إنتاج السلاح والبراميل، وفي القطاع الطبي تحولت المستشفيات العامة إلى مستشفيات حربية أو ميدانية للجنود فقط أو بإعطائهم الأولية، وحتى المؤسسات التي ليس لها علاقة بالحرب كان يؤخذ موظفوها إلى الجبهات أو الأعمال الأمنية، بحسب التركاوي. وقد أدت سياسات النظام ضمن الحرب التي مورست على التجار ورجال الأعمال إلى مغادرة الكثير منهم إلى مختلف الدول، وكذلك نقل معاملهم والمصانع والورشات. وبحسب التركاوي، فإنه "قد نقل جزء كبير من رؤوس الأموال لخارج سورية نتيجة فرض النظام المخلوع المحاصصة عليهم فترة الحرب، مما أدى إلى تعطل في الجهاز الإنتاجي ونقص الدخل المحلي، وأولئك التجار الذين قد يصل عددهم إلى عشرات الآلاف والمتوزعون في مختلف البلدان ليس من السهل عودتهم الآن". وقد أشار تقرير سابق لهيئة الإذاعة البريطانية إلى أن نظام بشار الأسد قد ترك خلفه تحديات اقتصادية كبيرة، لتسببه في انهيار شبه كامل للبنية الاقتصادية بعد السياسات التي نفذها على مدار سنوات طويلة، لا سيما فترة الحرب. وأشارت دراسة أخرى أجراها مركز حرمون للدراسات المعاصرة إلى أن "التحدي الاقتصادي من أبرز التحديات التي تواجه الإدارة السورية الحالية، مع الأخذ بعين الاعتبار أن التحديات التي واجهت الاقتصاد السوري لم تغب عن سياقات تطور الدولة السورية منذ نشأتها". وتتضمن الدراسة أهدافا حتى يتعافى الاقتصاد السوري، وأنه من الضروري استعادة تشغيل مصادر النفط والطاقة واستثمار الموارد الطبيعية، وتطوير القطاع الزراعي باعتباره ركيزة أساسية للاقتصاد الوطني، وترميم رأس المال البشري، من خلال دعم عودة المهجرين داخليا واستقطاب القدرات المهاجرة خارج البلد، والعمل على ترميم رأس المال الاجتماعي وفق إستراتيجيات التعليم والعمل المجتمعي المدني والتشاركية. وتشير الدراسة التي أعدها عبد الناصر الجاسم، إلى ضرورة تهيئة الموارد عبر المباشرة بأعمال البنى التحتية، بالتوازي مع قطاع الاتصالات والطاقة والمياه، حيث تسهم هذه القطاعات في الإسراع بتحقيق الاستقرار وتوطين الموارد البشرية والمالية والمادية. وتشير تقارير إلى حاجة الاقتصاد السوري إلى نحو 10 سنوات من أجل العودة إلى مستويات 2011، وذلك بعد أن فقد نحو 85 % من قيمته خلال 12 عاما ليصل إلى 9 مليارات دولار في 2023 مقابل 67.5 مليار دولار في 2011، وفقا للبنك الدولي. التعامل مع القطاع العام ويتمثل التحدي الاقتصادي الأبرز أمام الحكومة الجديدة في كيفية التعامل مع القطاع العام المتضخم، بحسب "واشنطن بوست"، وأن سوء الإدارة والفساد في عهد نظام الأسد قد أدى إلى تضخم في قوائم الرواتب. وأشار تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية إلى أن خبراء اقتصاديين أجمعوا على أن إصلاحا اقتصاديا في سورية لن يتم إلا بدعم خارجي ومساعدات دولية. ويزداد تحدي إنعاش الاقتصاد صعوبة أمام الحكومة، في ظل اقتصادات سياسية متصدعة، ولدها النزاع فيما مضى وترسخت في مناطق جغرافية مختلفة، مما نتج عنه تفاوت في الأنماط الاقتصادية وتقطع لسلاسل القيمة الوطنية، بحسب ورقة بحثية قام بها مركز عمران للدراسات. وسبق أن صرح وزير الاقتصاد السوري نضال الشعار، بأن بلاده بحاجة إلى ما لا يقل عن تريليون دولار لإعادة بناء اقتصادها، وهو رقم يفوق كثيرا تقديرات البنك الدولي السابقة. وفي فترة مبكرة من توليها إدارة البلاد، ‎كشفت الحكومة عن خطة لتسريح نحو ثلث موظفي القطاع العام، مع خصخصة أكثر من 100 شركة حكومية خاسرة، وإزالة ما يعرف بـ"الموظفين الأشباح" من كشوف الرواتب. وكان الشعار قد أعلن عن خطة تهدف إلى تحفيز القطاع المصرفي واستقطاب الكفاءات السورية من الخارج، وإعادة بناء الاقتصاد الوطني، مع التركيز على مدينة حلب كنقطة انطلاق. وفي سعيها لإلغاء مؤسسات حكومية غير فعالة، قامت الحكومة بحل "مؤسسة التجارة الخارجية" و"مجالس الأعمال السورية" القديمة، لتسهيل التجارة الخارجية وإعادة هيكلة العلاقات الاقتصادية على أسس جديدة. وسبق أن أعلنت الحكومة ‎تبنيها لنهج "اقتصاد السوق التنافسي"، وإصدارها تعريفة جمركية جديدة ‎لحماية الصناعات الوطنية وتعزيز القدرة التنافسية للمنتجات السوري، إضافة إلى تبسيطها ‎النظام الضريبي ومنحها عفوا عن العقوبات المالية السابقة، لتشجيع المستثمرين على العودة. وقد حاولت الحكومة الحد من أزمة الكهرباء في البلاد، بحسب تقارير، لكن الحلول المؤقتة التي نفذتها لم تنجح في إنهاء حالة الانقطاع رغم توقيعها اتفاقية الغاز مع قطر، حيث ما تزال العاصمة ومناطق شاسعة في سورية تعاني من الظلام لفترات طويلة من اليوم. وجاء في تقرير لـ"إندبندنت عربية" نشر مؤخرا، أن ملفات الفساد والاحتكار ما تزال تتكشف بشكل مستمر، وذلك رغم مرور أشهر على سقوط النظام، ومع كل يوم جديد تعلن الحكومة السورية الجديدة عن ملف آخر من ملفات الفساد المستشري الذي طال جميع القطاعات في البلاد. ومنذ بداية العام، وقعت الحكومة السورية عددا من الاتفاقيات والعقود، منها اتفاقيات إدارة وتشغيل موانئ ومناطق حرة، ومذكرات تفاهم مع دول إقليمية، واتفاقيات تمويل دولي، وإعادة التفاوض بشأن اتفاقيات سابقة موروثة من النظام المخلوع. لكن، لم يطرأ استقرار على الليرة السورية منذ سقوط النظام، إضافة لعدم تحسنها وبقاء التضخم، مع ارتفاع عام في الأسعار في عموم البلاد وتصريحات متكررة عن تحديثات في العملة وطباعة نسخ جديدة للأوراق النقدية. كما سبق أن أعلنت الحكومة عن نيتها رفع رواتب شريحة واسعة من موظفي القطاع العام بنسبة تصل إلى 4 أضعاف، وهو ما لم يتحقق حتى الآن.-(وكالات)

إيران وسوريا... زواج النار والدم
إيران وسوريا... زواج النار والدم

Independent عربية

timeمنذ 7 أيام

  • سياسة
  • Independent عربية

إيران وسوريا... زواج النار والدم

في قصر الشعب بدمشق، في الـ22 من ديسمبر (كانون الأول) 2024، استقبل الرئيس السوري أحمد الشرع (قبل تنصيبه)، وفداً لبنانياً برئاسة الزعيم الدرزي وليد جنبلاط، وعلى رغم أن الشرع لم يكن قد عين رئيساً بعد فإنه كان يمثل سوريا الجديدة بصفته قائد إدارة العمليات العسكرية التي أسقطت النظام. خلال لقائه جنبلاط، قال الزعيم السوري إن "البعض استغل مسائل فقهية وقضايا تاريخية مثل القضية الفلسطينية لاحتلال دول وإسقاط عواصم كما فعلت إيران في سوريا، فما علاقتنا نحن أهل الشام بأحداث حصلت قبل 1400 سنة؟". كلمات الشرع هذه كانت تظهر اتجاه السياسة الجديدة للدولة السورية، القائمة على القطيعة الكاملة مع إيران "حتى إشعار آخر"، ولا يخفى على أحد سبب هذه القطيعة المتمثلة بتحالف وثيق بنته إيران مع النظام السابق، واشتركت معه في قتل آلاف السوريين خلال 14 عاماً. الشاه والأسد بالعودة في التاريخ نحو 60 عاماً للوراء، في مطلع ستينيات القرن الماضي، كانت إيران تحت حكم الشاه محمد رضا بهلوي، وكانت طهران متحالفة مع الغرب، وواحدة من دول إسلامية قليلة اعترفت بإسرائيل رسمياً وأقامت معها علاقات دبلوماسية، في ذلك الوقت كان حزب البعث قد استولى على السلطة في سوريا حديثاً، وتبنت دمشق في تلك الفترة خطاباً قومياً مناهضاً لإسرائيل والغرب، متحالفاً مع الاتحاد السوفياتي، فكانت سوريا وإيران على طرفي نقيض. على رغم ذلك أدرك كل من البلدين أهمية الآخر، فبدأ الجليد بالذوبان بين دمشق وطهران ليجري حافظ الأسد زيارة رسمية يلتقي فيها الشاه في ديسمبر 1975، لتبدأ العلاقات بين الطرفين بالتحسن، من دون أن تصل إلى مرحلة التحالف، بل كانت قائمة على البراغماتية المتبادلة. في فبراير (شباط) 1979، تمكنت "الثورة الإسلامية الإيرانية" من إطاحة حكم الشاه، وتولي المرشد الإيراني آية الله الخميني الحكم، فكان تحولاً سياسياً أثر في المنطقة كلها، ولا تزال عواقبه مستمرة حتى اليوم. الحكم الإيراني الجديد تربطه مع سوريا في عهد الأسد الأب روابط أيديولوجية عدة، منها التقارب الطائفي والعداء لإسرائيل والغرب، مما فتح الباب لبدء حقبة من التحالف الاستراتيجي بين الطرفين، فدخلت إيران إلى سوريا بقوة عبر مشاريع اقتصادية وثقافية، وأبرزها المشاريع الطائفية عبر بناء الحسينيات خصوصاً في مناطق دمشق وحلب ودير الزور، وجانب آخر جمع إيران وسوريا هو اشتراكهما في العداء للعراق خلال فترة حكم صدام حسين، ففي حقبة الحرب العراقية الإيرانية (1980-1988)، وقفت سوريا بقوة إلى جانب إيران خلافاً للموقف العربي الذي أجمع على ضرورة دعم العراق. في لبنان، وبعد تأسيس "حزب الله" الموالي لإيران، كانت سوريا الممر الاستراتيجي للسلاح والدعم الذي تقدمه طهران للحزب، واستمر هذا الممر في أداء مهمته حتى نهاية 2024، حيث أُغلق نهائياً تزامناً مع سقوط النظام السوري السابق. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) في الـ10 من يونيو (حزيران) 2000، مات حافظ الأسد بعد 29 عاماً قضاها في السلطة، فورث الحكم لابنه بشار الذي اقترب من إيران أكثر من أبيه، خصوصاً بعد الغزو الأميركي للعراق عام 2003، فيما أتاح سقوط نظام صدام حسين في العراق الفرصة لإيران لتشكيل ميليشيات طائفية مسلحة في العراق، وإنشاء نفوذ لها في بغداد، مما جعل إيران قريبة من سوريا جغرافياً، وأصبح الطريق سالكاً من طهران حتى بيروت مروراً ببغداد ودمشق، وبعد ثورة الأرز في لبنان عام 2005، وإجبار الجيش السوري على مغادرة لبنان عقب تورط نظام الأسد في اغتيال رئيس الوزراء اللبناني رفيق الحريري، فرضت على سوريا عزلة دولية، فأصبح النظام السوري يستشعر الخطر الحقيقي، لذلك لجأ إلى توقيع اتفاق تعاون عسكري مع إيران ضد ما سمي "التهديدات المشتركة من إسرائيل والولايات المتحدة"، هذا الاتفاق أتاح لإيران مزيداً من النفوذ في سوريا. كل ما جنته إيران في سوريا خلال الفترة من 1979 حتى 2011 لا يذكر مقارنة بالعلاقات السورية بين 2011 و2024، إذ كانت لحظة اندلاع الثورة السورية ضد نظام الأسد فارقة، فعلى الفور أعلنت إيران دعمها المطلق للنظام السوري، وذلك أيضاً خلافاً للموقف العربي والدولي الذي دعم الشعب. طريق القدس لم يقتصر الدعم الإيراني لنظام الأسد على الصعيد السياسي فحسب، بل على جميع الصعد سياسياً واقتصادياً وعسكرياً، فدخلت "سوريا الأسد" رسمياً في ما يسمى "محور المقاومة"، بل وأصبح النظام السوري واحداً من أهم عناصر المحور، إضافة إلى الميليشيات الطائفية في العراق واليمن و"حزب الله" في لبنان. في الفترة ما بين 2011 وحتى 2015 كانت الحرب السورية في ذروتها، في هذه الفترة أرسلت إيران كميات ضخمة، ولعلها الأضخم، من الأسلحة والعناصر إلى سوريا، وشكلت جماعات مسلحة عدة منها لواء "زينبيون" ولواء "فاطميون"، ولواء "الفضل بن العباس"، إضافة إلى دخول المئات من عناصر "فيلق القدس" التابع لـ"الحرس الثوري" الإيراني، وعلى رأسه الجنرال قاسم سليماني الذي قتل بغارة أميركية في العاصمة العراقية بغداد مطلع 2020. أشرف قاسم سليماني بصورة مباشرة على العمل العسكري الإيراني في سوريا، فخاض المعارك ضد السوريين في ريف دمشق وحمص ودير الزور وحلب، وعلى رغم ذلك لم تتمكن إيران والنظام السوري من هزيمة المعارضة التي كادت تطيح الأسد في 2015، حينها غادر سليماني إلى موسكو والتقى الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتمكن من إقناعه بضرورة التدخل العسكري في سوريا خشية سقوط الأسد، وهذا ما حصل بالفعل. التدخل العسكري الروسي في سوريا أسهم في تغيير موازين القوى، لكنه في الوقت ذاته جعل من موسكو منافساً أساساً لطهران في سوريا، وأحد أوجه هذه المنافسة تكمن في رغبة روسيا بتحقيق نوع من المصالحة الوطنية على أن تكون لمصلحة الأسد، في حين تريد إيران الحسم العسكري المطلق، كذلك فإن مصالح روسيا في سوريا تتمثل في الوصول إلى المياه الدافئة في المتوسط فضلاً عن مصالح اقتصادية ونفوذ سياسي، في حين كان المشروع الإيراني مبنياً على أساسي طائفي ولتدعيم "محور المقاومة". لا توجد إحصاءات دقيقة لعدد العناصر الذين أرسلتهم إيران إلى سوريا، لكن يرى مراقبون أن الحرس الثوري الإيراني وحده أرسل نحو 4 آلاف عنصر من إيران مباشرة، فضلاً عن المجموعات التي أُرسلت من العراق ولبنان، إضافة إلى تجنيد مئات الشباب السوريين في المجموعات الموالية لإيران. لعنة الداخل والخارج التدخل العسكري الإيراني في سوريا كان مبرراً لإسرائيل لتنفيذ مئات الغارات الجوية على الأراضي السورية. القصف الإسرائيلي لم يكن يستهدف جيش النظام، بل كان يركز على المواقع التابعة لإيران بما في ذلك مقار الحرس الثوري، الذي اغتالت إسرائيل في سوريا العشرات من قادته، كما وصلت إلى مرحلة قصفت فيها مبنى تابعاً لمقر السفارة الإيرانية لدى دمشق. في حديثه إلى "اندبندنت عربية"، يقول الشاب السوري حمزة العيسى، إن لديهم "منزلاً في منطقة المزة بدمشق، هذا المنزل هو للعائلة ونعيش فيه منذ عشرات السنين، عام 2016 وصلت عائلة إيرانية لا نعرفها وسكنوا في الطابق الثاني في بنايتنا، لم نستطع الاندماج معهم، يتحدثون اللغة الفارسية، وفيهم ضابط يرتدي بالعادة زياً عسكرياً يشبه ألبسة الحرس الثوري الإيراني، لم يكن لدينا الجرأة لنسأله ماذا يفعل في دمشق، فهي لا تشبهه ولا يشبهها، تخيل أن تكون دمشقياً وتكون مواطناً بدرجة عاشرة، بينما الإيراني الغريب هو مواطن بدرجة أولى، صبرنا على هذه الحال حتى مارس (آذار) 2023، ثم رأينا إسرائيل تزيد من استهدافها للأماكن التي يسكن بها الإيرانيون، فاضطر والدي لاستئجار منزل لنا في ضواحي دمشق وتركنا منزلنا في المزة. عدنا إليه في التاسع من ديسمبر بعد يوم واحد من إعلان سقوط النظام وطرد إيران من سوريا". التدخل الإيراني في سوريا كلف طهران مليارات الدولارات، فضلاً عن الخسائر البشرية الكبيرة، إذ استُنزف "الحرس الثوري" والميليشيات الموالية، كذلك فإن كثيراً من المراقبين يرون أن أحد أسباب الهزيمة السريعة لـ"حزب الله" في لبنان في معركته الأخيرة مع إسرائيل، كان بسبب تدخله في سوريا وخسارته آلاف العناصر وكميات ضخمة من الأسلحة، إضافة إلى الاختراقات الكبيرة التي تعرض لها الحزب الموالي لإيران جراء انتشاره بمناطق واسعة في الجغرافيا السورية. في الـ27 من نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 أعلنت فصائل المعارضة السورية إطلاق عملية "ردع العدوان" ضد النظام السوري، وبعد ساعات من إطلاق العملية تمكنت فصائل المعارضة من القضاء على قائد قوات "الحرس الثوري" الإيراني في حلب الجنرال كيومارس بورهاشمي، فكانت الضربة الأولى التي تتلقاها إيران في معركة التحرير. مأساة عالقة مع التقدم السريع لفصائل المعارضة السورية، بات واضحاً أن روسيا لن تتدخل هذه المرة لمصلحة الأسد وحليفه الإيراني، فبدأت الهزائم تلحق بالنظام السوري والفصائل الإيرانية على مدى الساعة، سارعت إيران إلى بذل جهود لمحاولة الحصول على فرصة أخيرة لإنقاذ الأسد، فأجرى وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي جولة دبلوماسية مكثفة بدأت من دمشق ثم أنقرة ثم بغداد، وختمها في الدوحة عشية سقوط بشار، لكن جميع هذه الجهود لم تسفر إلا عن المساعدة في تأمين خروج الإيرانيين من سوريا. انتهت عملية "ردع العدوان" وانتصرت الثورة السورية، وخرجت إيران من جغرافيا البلاد بعد تجرعها هزيمة وصفت بالتاريخية، بل لعلها أكبر هزيمة تلحق بها منذ عام 1979، إذ هُدم خلال 11 يوماً كل ما بنته إيران على مدى خمسة عقود. أثار سقوط نظام الأسد صدمة في إيران، إذ وصف بأنه أكبر ضربة لـ"محور المقاومة"، فيما أعلنت الحكومة السورية الجديدة أن إيران "جلبت لسوريا كثيراً من الفوضى والدمار"، بل واتهمتها بالإسهام في تنفيذ هجوم على قوات الجيش السوري الجديد بالمناطق الساحلية في مارس 2025، أما على الصعيد الشعبي فأجمع السوريون على ضرورة استمرار الحذر من إيران، وظهر ذلك جلياً من خلال حال الفرح التي أظهرها السوريون خلال الحرب الإيرانية - الإسرائيلية التي بدأت بقصف إسرائيل لإيران فجر الجمعة الـ13 من يونيو 2025. بمعنى آخر يمكن القول إن العلاقات السورية - الإيرانية وصلت إلى مرحلة القطيعة الكاملة بعد ديسمبر 2024، أما سيناريوهات المستقبل فهي اليوم غامضة في ظل الحرب الحالية والتهديدات التي أصدرها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بـ"تغيير وجه الشرق الأوسط"، في ظل مخاوف حقيقية من إمكان تغيير النظام السياسي في إيران، فإذا استطاعت الصمود في وجه القصف الإسرائيلي والحفاظ على النظام ستبقى العلاقات بين دمشق وطهران تشهد نوعاً من القطيعة حتى إشعار آخر، أما إذا فُرض تغيير سياسي في طهران، فإن إيران الجديدة قد تعمل على بناء علاقات جديدة مع سوريا، وربما تسهم في تقديم تعويضات للسوريين جراء التدخل الإيراني السابق.

"السمّاق المُرّ" لحسيبة عبد الرحمن.. دهاليز سلطة الطغيان السورية
"السمّاق المُرّ" لحسيبة عبد الرحمن.. دهاليز سلطة الطغيان السورية

العربي الجديد

time١٤-٠٦-٢٠٢٥

  • سياسة
  • العربي الجديد

"السمّاق المُرّ" لحسيبة عبد الرحمن.. دهاليز سلطة الطغيان السورية

تُصدر الروائية السورية حسيبة عبد الرحمن روايتها الثالثة بعنوان "السمّاق المُرّ" (دار نينوى للدراسات والنشر والتوزيع، دمشق، 2025)، بعد "الشرنقة" التي تناولت تجربة السجينات السياسيات، و"تجليات جدّي الشيخ المهاجر". رواية جديدة تتقاطع فيها التجربة الذاتية مع السرد السياسي، وتكشف عن زوايا معتمة في ذاكرة الطائفة العلوية و تاريخ الحكم في سورية. تجربة عبد الرحمن ليست مجرد تأمل روائي، بل شهادة حيّة. فقد قضت ثماني سنوات في السجن خلال حكم حافظ الأسد، واعتُقلت مرات عدة في عهد ابنه بشار. عرفت الكاتبة من قرب دهاليز السلطة بصفتها مثقفة يسارية انخرطت في حلقات ماركسية ثم في حزب العمل الشيوعي. تعيد الكاتبة في روايتها بناء تاريخ حافظ الأسد مستخدمةً تقنية السرد عبر 54 صورة، تقدم من خلالها مشاهد مركّبة من التاريخ السياسي السوري، بدءاً من صعود الأسد إلى السلطة وصولاً إلى إرثه داخل الطائفة. تسرد علاقاته المعقدة مع رموز البعث مثل ميشيل عفلق وصلاح جديد الذي يكنّ له حافظ حقداً طبقياً، وأكرم الحوراني الذي ناداه الأسد بـ"المعلم"، رغم صراعهما السياسي والاجتماعي، وياسر عرفات الذي شكّل مصدر إزعاج دائم للسلطة السورية. حافظ الطائفة... ونقمة الداخل لا تُظهر الرواية حافظ الأسد بصفته طاغية فحسب، بل باعتباره مهندساً لتحوّلات عميقة داخل البنية العلوية. فقد سعى، كما تقول الرواية، إلى "الهيمنة على الطائفة" خلال الثمانينيات عبر تصعيد ضباط من خلفيات متواضعة، وتهميش المشايخ التقليديين لصالح "مشايخ جدد" من المؤسسة العسكرية. تسجّل الرواية، من وجهة نظر سردية نقدية، كيف فرض الأسد شبكته السلطوية على الطائفة، وواجه في البداية رفضاً واسعاً من أبنائها، قبل أن تحوّل الحرب مع الطليعة المقاتلة والإخوان المسلمين هذا الرفض إلى استسلام، وربما اصطفاف. كتابة تاريخ سورية الحديث من خلال شخصية تُمثّل قلب النظام تقدّم الرواية صورة مُتخيلة لرحلة روح الأسد بعد موته، حيث تطوف المدن السورية، وتواجهه أرواح خصومه السياسيين والمعارضين، من الإسلاميين إلى اليساريين، في سردية تكثف مأساة الاستبداد وتجلياته. يُتهم الديكتاتور بالكذب والنفاق واستغلال شعارات القومية والاشتراكية والأخلاق لتثبيت سلطته، في حين يسخر منه الجميع قائلين: "لم تكن تدافع عن الوطن بل عن عرشك". تاريخ منسي تأتي الرواية الجديدة استكمالاً لـ"تجليات جدّي الشيخ المهاجر"، حيث حاولت الكاتبة إعادة الاعتبار لرموز الطائفة الأصليين الذين قاوموا عسكرة الدين. هناك، روت أساطير الطائفة حول مشايخها الخالدين، وحاولت ترميم صورة الطائفة بعيداً عن التشويه الذي مارسه النظام. تُشير عبد الرحمن إلى محاولات سابقة لمنع نشر روايتها، خاصة من ضباط كبار خشوا من كشف أسرار الطائفة واندلاع حرب أهلية، بحسب تحذيرات وردت في بيان اتحاد الكتاب العرب آنذاك. تمثال الديكتاتور السوري حافظ الأسد في بلدة دير عطية وقد تدمَّر، 2025 (Getty) كتابة بلا أسماء حرصت الكاتبة في روايتها على التعمية الرمزية، فغيّرت أسماء الشخصيات مراراً، وتجنبت ذكر حافظ الأسد صراحة، ووصفت البلاد بـ"المملكة"، والديكتاتور بـ"الملك". لكن الرمز لا يخفي الإشارة، والسياق يشي بالمرجع. الرواية لا تستعرض مسيرة طاغية فحسب، بل تعيد كتابة تاريخ سورية الحديث من خلال شخصية محورية تُمثّل قلب النظام وأطرافه في آن معاً. ورغم ذلك، تقع الرواية أحياناً في إشكالية غير محسوبة، حين تمنح الشيخ المهاجر وذريته هالة دفاعية، من دون مساءلة امتيازاتهم الاجتماعية والاقتصادية، التي لا تقل تسلطاً عن نخب السلطة، ما يفتح باب النقد لمسألة العدالة الاجتماعية وتوزيع الثروة داخل الطائفة وخارجها. "السمّاق المُرّ" رواية سياسية بامتياز، وربما يُشكّك بعض النقاد في تصنيفها ضمن الأدب الفني، لكنها بلا شك عمل توثيقي روائي يقدّم وجهة نظر من داخل الطائفة العلوية نفسها، ويحفر في ذاكرة القمع والطائفية والطبقية. تلتقط الرواية لحظة تأسيس الاستبداد، وتسردها من خلال الأدب، حيث يُصبح النص أداة مساءلة، لا أرشيفاً فقط. توفرت للرواية تقنيات السرد واللغة والتكثيف، وتمكنت من تقديم شهادة أدبية عن أحد أكثر الفصول قتامة في التاريخ السوري الحديث. حافظ الأسد، هنا، ليس فقط شخصاً، بل بنية سلطوية كاملة، هيمنت على الدولة والمجتمع والطائفة، وشكّلت مآلات مأساوية ما زال السوريون يعيشونها حتى اليوم. *كاتب من سورية كتب التحديثات الحية ريبيكا شريعة طالقاني.. أدب السجون السوري من منظور البويطيقا

الاستثمار في سورية بعد فرعون والفرعونية
الاستثمار في سورية بعد فرعون والفرعونية

العربي الجديد

time١٢-٠٦-٢٠٢٥

  • أعمال
  • العربي الجديد

الاستثمار في سورية بعد فرعون والفرعونية

يمكننا القول، وفق ما درج في سورية أيام الرئيس السوري الأسبق، حافظ الأسد بأنه المعلم الأول والمزارع الأول والقاضي والمحامي وحتى الرياضي الأول، وإنه أيضاً فاتح الاستثمار الأول، فهو، وبالتوازي مع انهيار الاتحاد السوفييتي عام 1991، من فتح باب الاستثمار للقطاع الخاص، بعد أن وصفه وجوقته، على مدى عشرين عاماً، بالقطاع الطفيلي وأتبعوه لبقايا الرأسمالية البغيضة و الليبرالية المتوحشة والإمبريالية والاستعمار البغيضين. بيد أن أول قانون للاستثمار الصناعي في سورية الحديثة، القانون 10 لعام 1991 المستورد "نسخاً لصقاً من مصر" كان على مبدأ "شرف الوثبة" بغض النظر عن "غلب الواثب أم لم يغلب" لأن الضرورة المرحلية وقتذاك، فرضت على الأسد الوارث أن ينحني أمام رياح ما بعد الشيوعية بمحاولة مضللة "أن سورية تتسع للجميع" كما قال حينذاك، ويصدر قانوناً لمشاركة القطاع الخاص، المحلي والدولي، في البناء والإنتاج، طبعاً مع الاحتفاظ بالقطاع الحكومي، حتى في صناعة "العلكة والمناديل والبطاريات والدهان" وبقاء وصفه بالقطاع الريادي، ليكون بسرقته مصدراً لتكوين رأس مال مافيا الأسد. لذا، ومن يتتبع الاستثمارات الصناعية التي جذبها القانون 10، يلحظ أنها، في الغالب، صناعات تكميلية ولمسة أخيرة أو مشابهة لإنتاج القطاع العام، متأثرة بمخاوف التأميم الذي حدث نهاية خمسينيات القرن الماضي وغير واثقة بمناخ منفّر محكوم لسلطة مستبدة وقانون ملغّم، يجوز في معظم مواده، الوجهان. ولم تجذب سورية، جراء المخاوف وعدم تقديم قانون الاستثمار مزايا إضافية وحوافز تشجيعية، ما يغني البلاد عن المستورد أو يحوّلها، وفق ما تزخر به من مواد أولية ومهارة تراكمية وأيد عاملة رخيصة، إلى قبلة للاستثمار أو "هونغ كونغ الشرق الأوسط" كما كان يشاع في تلك المرحلة. وما يقال عن الاستثمار الصناعي، ينسحب، بشكل أو بآخر، على الاستثمار الزراعي وتجارب الشركات المشتركة الفاشلة أو الاستثمار السياحي الذي أبقى كنوز سورية ومواقعها، أسيرة الإهمال أو استقطاب بعض المستثمرين المحليين، منذ ثمانينيات القرن المنصرم، الذين كلفهم القائد الأول، بأدوار وظيفية مقابل منحهم بعض الفنادق أو المنتجعات. اقتصاد عربي التحديثات الحية مصرف سورية المركزي: سنرتبط مجدداً بنظام سويفت للمدفوعات الدولية وبقي الحال في سورية، بين تشجيع نظري لئلا تحسب على محور الاشتراكية، وتضييق عملي كي لا تخترق الخصوصية التي بناها الرئيس وفق السرية والشللية واقتسام الثروات، إلى أن مات حافظ الأسد عام 2000 من دون أن يفتح الباب، حتى لاستثمار الاتصالات الخلوية، فكانت سورية آخر دولة في المنطقة تدخلها الاتصالات الفضائية، والبلد الأقل جذباً للأموال والوكالات العالمية الكبرى أو الشركات العابرة للحدود والقارات. وجاء "الولد سر أبيه" بشار الأسد ليرث النهج والذهنية، وإن بأدوات جديدة، فرضتها المرحلة وشروط التوريث، فاضطر لينفتح على الخارج ويدعّي الحرص على جذب الأموال والاستثمارات، ولكن بنهج استئثار ومحاصصة، لم يجرؤ عليها حتى من ورّثه، لأن العبث في الحصص بالسورية، كان ضمن عقد اتفاق حافظ الأسد مع من تبقى من أقطاب ورجال أعمال دمشق وحلب، حول نفوذ الداخل والاقتصاد، كما الاتفاق مع رفاق النضال، على الجيش والمنظمات، في مقابل القيادة للأبد للرئيس حافظ الأسد. وبدأ الابن الوريث بإصدار مراسيم وقوانين الاستثمار، الصناعي والزراعي والسياحي والمالي، بما يتواءم مع ما ادعاه بشعار "التطوير والتحديث"، فمنح استثمار الخليوي عام 2000 لابن خاله رامي مخلوف والمستثمر المصري نجيب ساويرس قبل الاستيلاء على حصة ساويرس وطرده، ومن ثم إدخال واجهة لبنانية، والقانون التجاري البحري والملاحة الجوية، في العام نفسه، ثم المرسوم 30 لعام 2001 القاضي بترخيص الجامعات الخاصة، فالمرسوم 40 لعام 2003 للاستثمار في المناطق الحرة، ومرسوم إحداث المدن الصناعية عام 2004، والمرسوم 43 للاستثمار في الصحة والتأمين بعد مرسوم الاستثمار في المصارف ومرسوم حماية الصناعات الناشئة. ولما شعر الأسد الوريث، أو قيل له، إن قانون الاستثمار رقم 10 بات ضيقاً على البلاد، بعد الانفتاح النظري، أصدر عام 2007 المرسوم رقم 8 لتشجيع الاستثمار، بعد أن أحدث، في العام نفسه، هيئة الاستثمار السورية، ليتابع رشق القوانين والمراسيم، كقانون التجارة عام 2007 والتطوير والاستثمار العقاري عام 2008 والقانون 18 لتشجيع الاستثمار عام 2021 وتعديله في القانون 2 لعام 2023. الأمر الذي حوّل قوانين الاستثمار في سورية، إلى متاهة يصعب على أي صاحب مال أو مستثمر عبورها أو فك طلاسمها، مع تزايد قانون "الأمر الواقع" الذي يمنح الحق للرئيس أو أحد مشغلي أمواله، وبمقدمتهم رامي مخلوف، منح أي فرصة أو مطرح استثماري، إن دفع المعلوم والنسبة المتفق عليها، ما جعل لقب "السيد عشرة في المئة" تسري على محمد مخلوف أبو رامي، قبل أن يتسلم المهمة رامي ويحاصص ويقاسم ويسمح ويمنع، باسم وتوجيهات السيد الرئيس. موقف التحديثات الحية عن فرص العمالة العربية المحتملة في سورية قصارى القول: في واقع التيه القانوني الموروث من عهد الاستبداد الأسدي، أليس من المنطق أن نسأل، كيف لرأس مال أو مستثمر أن يأتي إلى سورية، وبناء على أي قانون أو مرسوم أو حتى مزاج، يمكن أن يجازف بأمواله، لأن رأس المال وصاحبه، ليسا جبانَين كما يشاع، بل من أبسط حقوقهما، معرفة المناخ والقانون والسوق والقدرة الشرائية، قبل أن يدفعهما، حتى الحماس إلى المشاركة في بناء سورية الجديدة. وهذا طبعاً، من دون أن نسأل عن غياب السلطة التشريعية (مجلس الشعب) التي لا بد أن تصادق على أي اتفاق أو مشروع كبير، لتحيله إلى الرئيس ليصدره في مرسوم، وسورية، كما يعلم المتابع، من دون برلمان بعد حل جوقة التصفيق الأسدي المسماة بهتاناً مجلس شعب. الأمر الذي يفرض، نعم يفرض، على السلطة في دمشق وسريعاً، إصدار قانون استثمار يتلاءم مع مرحلة الانفتاح والوعود وإزالة العقوبات. قانون عصري يشجع الأموال والمستثمرين والدول، لتمد اليد إلى سورية المهدّمة، من دون أن تجازف أو تخسر أو تشوبها الشكوك. قانون متطوّر ومنافس، بنصه وتسهيلاته وحوافزه لما تقدمه دول الجوار على الأقل، يشجع ويجذب ويحمي خلال التأسيس والتسجيل والإنتاج والتصدير وتحويل الأموال، والأهم، جامع للقطاعات، لاغ لما قبله من تعدد وتشتت، شفاف وواضح ويبعد المستثمر عن التيه وعدم التملّك وما كان يعلق عليه سابقاً، من مطبات خلال مقولة "الخصوصية السورية". وإلى جانب القانون، أو قبله، استحداث بوابة الاستثمار السورية لتقوم بدورها، وفق نافذة واحدة، بشرح النص والحوافز وخدمات الترخيص والتأسيس ودراسات الجدوى وتشبيك المستثمر مع أقرانه، للتشارك أو معرفة المنافسة والقطاعات المشابهة. نهاية القول: ربما بزوال العقوبات الأوروأميركية، وبدء، خلال أسابيع، ربط سورية بالكامل بنظام "سويفت" للمدفوعات الدولية، يكون عدم صدور قانون للاستثمار، الثغرة الكبرى التي يعاني منها المناخ السوري. بل الأمر المستغرب بواقع ما يقال عن تهافت الرساميل وزيارات رجال الأعمال وتوقيع بعض الشركات والدول اتفاقات استثمار وإن بصيغة " مذكرة التفاهم" هو غياب مجلس الشعب المشرّع وقانون الاستثمار الذي يعد المنطلق الإجباري والإطار التشريعي الذي ينظم العلاقة بين المستثمر والدولة ويحفظ حقوقهما. اقتصاد عربي التحديثات الحية تراجع التحويلات المالية إلى السوريين... تعرف على الأسباب ولطالما تريثت القيادة السورية، إن لم نقل تأخرت أو تلكأت بإصدار القانون، حبذا لو تأخذ تشغيل العمالة ونسبة القيمة المضافة بالصناعات لأكثر من 50% في الحسبان ولا تتساهل في قضايا التنظيم والبيئة، والأهم، أن تعقد سوقاً أو مؤتمراً للاستثمار، لا يقتصر برنامجه على الجذب والتشجيع، بل بعرض الفرص والقطاعات بما يتناسب مع حلم بناء سورية الجديدة، عبر خريطة وخطة، حتى ولو بعيدة عن توقعات الممولين والدول الداعمة، التي قد يتطلع بعضها إلى بناء سورية وفق مصالحه لا وفق ما ينقل سورية من البؤس إلى ما يحلم ويَعد صانع القرار وينتظر الشعب بعد سني التضحية والحرمان. ولعلّ الأهم والأخطر، إلى جانب عرض ما تحتاجه سورية لا ما يفرضه الآخرون والنية بالانفتاح والتطوير وليس المتاجرة بهما، هو تجفيف أي مستنقع للسمسرة أو الفساد وإلغاء القيود الإدارية التي تجهض أي قانون، كي يتأكد الجميع، بعد سقوط مملكة الأسد، أن فرعونَ ذهب وذهبت معه الفرعونية، وفي سورية اليوم، من الشفافية والربح والإغراء، ما يجذب كبار المستثمرين ليضفوا على مناخها وثرواتها، ثقة ومصداقية وآمالاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store