logo
القيلولة أو "ميتافيزقيا الأرجوحة" كما وصفها الفلاسفة

القيلولة أو "ميتافيزقيا الأرجوحة" كما وصفها الفلاسفة

Independent عربية١٦-٠٧-٢٠٢٥
يدرس سيباستيان سبيتزر فوائد القيلولة الصحية على المستويات الجسدية والنفسية والعقلية، ناظراً إليها على أنها وسيلة للإبداع والتوازن في عالم محموم الإيقاع، مهووس بالعمل المتواصل والإنتاج والأرباح. وإن ينسَ فلا ينسَ التفكر في "ميتافيزيقا" حقيقية لهذه القيلولة، باحثاً عن جذر الكلمات المرتبطة بها والأفكار التي تدور حولها، كاشفاً عن معانٍ عميقة لطالما ارتبطت بأسرار هذه اللحظة من الراحة التي يصفها بـ"الوقت المعلق"، ممجداً ما يسميه "ميتافيزيقا الأرجوحة" التي تهدئ الروح والجسد والتي لا شيء أفضل منها لإبطاء وتيرة حياتنا المجنونة بغية استعادة نشاطنا و"شحن" طاقتنا من جديد.
لكن هل ثمة حقاً فلسفة خاصة بالقيلولة؟ وما القيلولة التي إن لم يسألنا أحد عنها، نعرفها، أما أن نشرحها، فلا نستطيع؟
ينطلق سبيتزر الذي اشتهر عام 2017 بروايته "تلك الأحلام التي ندوسها" في التأمل في البعد الفلسفي والسياسي لنوم الظهيرة من خلال نحو 20 نصاً قصيراً، قائلاً إن العجلة لا تنفع، وإن النوم في الوقت المناسب هو الحكمة بعينها، متأملاً في مكانة القيلولة عبر التاريخ والفكر والعلم والأدب والأفلام السينمائية، مستحضراً نصوصاً لألبير كامو وفيكتور هوغو وأفلاطون ونيوتن وأينشتاين ودانيال بناك وبول سايمون وآرت غارفنكل، والشخوص السينمائية، كشخصية ألكسندر، المزارع المنهك من العمل في الحقل والمزرعة.
الكتاب الفرنسي عن فلسفة القيلولة (فناك)
في الفيلم الكوميدي الموسوم "ألكسندر السعيد" للمخرج إيف روبير، يقرر المزارع الذي قام بدوره فيليب نواريه، بعد وفاة زوجته المستبدة والمهووسة بالعمل، ركن جراره الزراعي والصعود إلى غرفته كل يوم في منتصف النهار لأخذ قسط من النوم في سريره المزود بنظام بكرات يضع في متناول يده كل ما يحتاج إليه، مختصراً بذلك حبه لهذه اللحظة الصغيرة من الراحة في عالم يجبر الإنسان على العمل بكد.
يقول لنا سبيتزر إن هذه الكوميديا الريفية شكلت عام 1968 نقداً لاذعاً للاقتصاد الرأسمالي القائم على منطق العمل المتواصل والسعي المستمر إلى تحقيق الأرباح والمنافسة على حساب راحة الإنسان. ولعلها عبرت عن الأسباب التي كانت وراء أحداث مايو (أيار) وشعاراتها "لا تضيع حياتك لتكسبها" و"لكل فرد حرية أن يكون حراً" و"التمرد حق مقدس" إلخ. والتي لم تفقد كثيراً من بريقها في القرن الـ21، ذلك أن المنطق الاقتصادي نفسه ما زال يتحكم بحياة الإنسان اليومية، علماً أن كثيراً من العمل لا يعني بالضرورة كسباً مادياً أكبر وسعادة أكثر.
يكفي بحسبه أن ننظر إلى حياة الفلاحين في فرنسا اليوم، لنرى ملامح الشقاء الذي يطبع أيامهم. فهم يعملون بكد وانتظام، ومع ذلك تتزايد الأعباء على كواهلهم حتى تكاد تخنق أنفاسهم. لا عطلة صيفية تلوح في أفقهم، ولا راحة لهم يوم الأحد. كل ذلك من غير أن ينعكس هذا الكد على دخلهم بزيادة أو تحسن. لذا لم تعُد الراحة ترفاً ينعم به بعضهم أو دلالة على كسل، بل باتت نوعاً من أنواع المقاومة والعصيان. يكتب سبيتزر "أن نأخذ قيلولة، يعني أن نعيد لأنفسنا شيئاً من كرامتها، أن نتمسك بإنسانيتنا، ونرفض أن نختزل إلى مجرد آلة إنتاج". وهذا بالضبط برأي الكاتب ما أراد صناع فيلم "ألكسندر السعيد" قوله في عالم تتراكم فيه المهمات ويقاس النجاح بالعمل المتواصل وسرعة الإنجاز.
فعل وجودي
القيلولة بريشة فان غوخ (متحف الرسام)
يدافع كتاب "فلسفة صغيرة للقيلولة" إذاً عن أطروحة مفادها بأن القيلولة فعل وجودي، تذكرنا بأننا بشر لا أدوات، ولو كنا نعيش في زمن يطلب منا أن نكون دائمي الإنتاج وأن نكسب رزقنا بعرق جبيننا، وأن نؤخر "لحظة النوم" التي ما برحت تستبعد بدعم من التقدم التكنولوجي، منذ اختراع إديسون للكهرباء وسماحها بإطالة السهر، وصولاً إلى الابتكارات التكنولوجية الحديثة كالهواتف الذكية والشاشات ومجتمع الترفيه الذي أخر موعد النوم ولم يعُد يترك للإنسان مجالاً للراحة.
لكن الجسد لا يكذب، فعندما يكف الإنسان عن الاستماع إليه ينفجر. والتوتر والأرق والتعب المزمن والانهيار النفسي كلها صرخات من الداخل تنبه كل واحد منا إلى ضرورة التوقف وأخذ قسط من الراحة. ومن هذه الزاوية ليست فلسفة القيلولة انسحاباً من الحياة، بل رجوعاً إلى الذات وإعادة الاعتبار لهذا الزمن المعلق المليء بالحياة.
هذه هي الفكرة الأساسية لكتاب سيباستيان سبيتزر التي تحث كل إنسان على إعادة اكتشاف القيلولة بوصفها وقت لا يُطلب فيه منه شيء، وقت يكفي فيه أن يكون وأن يصغي إلى جسده ليتركه يأخذ سِنَة "يُصلح" بها ما أفسد الدهر بهدوء. من هذه الزاوية تحمل القيلولة في طياتها عمق التجربة البشرية. فيها لا يعرض الإنسان عن الحياة، بل يستعد لها، معيداً تشغيل قلبه وعقله، كمن "يفتح"، بحسب تعبير سبيتزر، "نافذة في غرفة مزدحمة". القيلولة ليست إذاً خمولاً، بل هي استراحة المحارب الحكيم. ويتساءل سبيتزر قائلاً "هل هناك، في نهاية المطاف، عمل أنبل من أن نتوقف عن الركض لكي نتذكر أننا كائنات حية؟ وهل من حكمة أعمق من أن نسمح لأنفسنا بقسط من النوم، لا لكي نهرب من العالم، بل لنعود له أكثر وعياً ولطفاً وحضوراً؟".
وعلى امتداد صفحات الكتاب يذكرنا سبيتزر بأن القيلولة أو نوم الظهيرة هي من أبرز القواسم المشتركة بين البشر، لكنها عانت طويلاً سوء الفهم والنظرة الدونية، ذلك أن مغادرة طاولة الغداء لأخذ قسط من النوم، أو إراحة الرأس لبضع دقائق على المكتب بعد اجتماع ممل، غالباً ما نظر إليها باستهجان. ومع ذلك، ثمة كم هائل من الفوائد لهذه الغفوة القصيرة. وما استدعاء بعض أسماء العلماء والمفكرين والفنانين إلا لصوغ نص يحتفي من دون حرج بجمال هذه الراحة المنصوص عنها في الدستور الصيني المعترف بأهميتها وإلزاميتها والمبرز لفوائدها من ناحية الإنتاجية. والأهم من كل ذلك، لتجسيدها فلسفة أعمق قوامها الاندماج في تدفق الكون، في "الطاو" أي الطريق أو المبدأ الذي هو مصدر كل شيء موجود في الحياة، والعيش في وئام معه وفق تلقائية طبيعية.
الطمأنينة والسكنية
ومن النصوص التي يتوقف عندها الكتاب أيضاً نص لأبيقور يذكرنا بضرورة الإصغاء إلى الطبيعة والزهد في الرغبات غير الضرورية، معتبراً أن النوم سبيل من سبل الطمأنينة ووسيلة لبلوغ "الأتاراكسيا"، تلك الحال من اللاهوى والسكينة التامة والتحرر من الاضطراب التي تسمح للإنسان بمواجهة تقلبات الحياة بثبات، جاعلاً من هذا الوقت المعلق فعلاً من أفعال الحكمة التي تعيد اللحمة بين الروح والجسد.
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما يتوقف سبيتزر عند تعريف جميل للقيلولة رأى فيه خلاصة مكثفة لفكرته استله من سلسلة "مالوسين" للروائي الفرنسي دانيال بناك الذي شبّه هذه الغفوة الصغيرة "بمستطيل من الزمن معلق في السماء".
في هذا السياق، يتحدث سبيتزر عن علاقته الشخصية بالنوم خلال أزمة كورونا والحجر الصحي، حين تحرر من الجداول الزمنية، مما سمح له بتذوق هذه المتعة التي أصبحت تقسم يومه إلى قبل وبعد، صائراً بفضلها مستعداً للعمل من جديد، معترفاً أنه بعد نوم خفيف وسريع، كان أكثر كفاءة وإبداعاً.
وبأسلوبه السلس والواضح وبفصوله القصيرة، يظهر لنا سيباستيان سبيتزر من خلال مصادر متعددة سينمائية أدبية وعلمية وطبية وفلسفية أهمية القيلولة والنوم المنتظم والمرمم بروح مرحة تشجعنا على تجربتها فوراً، منتقداً في الوقت عينه ميل بعض الناس إلى التباهي بعدم نومهم كعلامة على القوة والإنتاجية الفائقة، ومعتبراً هذا السلوك نوعاً من الغطرسة، لكأن النوم حاجة يمكن تجاوزها ومذكراً إيانا بأن عباقرة مثل أينشتاين ونيوتن استفادوا من لحظات الراحة لتحقيق اكتشافات عظيمة. فمن دون استراحة نيوتن وغفوته تحت الشجرة، هل كانت البشرية ستعرف قانون الجاذبية؟
خلاصة القول إن كتاب "فلسفة صغيرة للقيلولة" ليس سوى دعوة إلى إعادة اكتشاف فضائل طقس قديم، يذكرنا بأهمية التوازن والحكمة في إيقاع الحياة اليومية. هو محاولة تجمع بين الشعر والعلم والفلسفة للدفاع عن القيلولة باعتبارها فعل تحرر من هيمنة الزمن وطريقة لاستعادة السيطرة على زمام حياتنا في مجتمع يؤلّه الإنتاجية المطلقة، قائلاً لنا بلغة بسيطة وأنيقة إن القيلولة فن في العيش وفلسفة في الحياة، قائمة على فعل تباطؤ متعمد يذكرنا بأن أجسادنا ليست آلات، وأن للبطء جمالاً عميقاً قد تحدث فيه أعظم الاكتشافات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

القيلولة أو "ميتافيزقيا الأرجوحة" كما وصفها الفلاسفة
القيلولة أو "ميتافيزقيا الأرجوحة" كما وصفها الفلاسفة

Independent عربية

time١٦-٠٧-٢٠٢٥

  • Independent عربية

القيلولة أو "ميتافيزقيا الأرجوحة" كما وصفها الفلاسفة

يدرس سيباستيان سبيتزر فوائد القيلولة الصحية على المستويات الجسدية والنفسية والعقلية، ناظراً إليها على أنها وسيلة للإبداع والتوازن في عالم محموم الإيقاع، مهووس بالعمل المتواصل والإنتاج والأرباح. وإن ينسَ فلا ينسَ التفكر في "ميتافيزيقا" حقيقية لهذه القيلولة، باحثاً عن جذر الكلمات المرتبطة بها والأفكار التي تدور حولها، كاشفاً عن معانٍ عميقة لطالما ارتبطت بأسرار هذه اللحظة من الراحة التي يصفها بـ"الوقت المعلق"، ممجداً ما يسميه "ميتافيزيقا الأرجوحة" التي تهدئ الروح والجسد والتي لا شيء أفضل منها لإبطاء وتيرة حياتنا المجنونة بغية استعادة نشاطنا و"شحن" طاقتنا من جديد. لكن هل ثمة حقاً فلسفة خاصة بالقيلولة؟ وما القيلولة التي إن لم يسألنا أحد عنها، نعرفها، أما أن نشرحها، فلا نستطيع؟ ينطلق سبيتزر الذي اشتهر عام 2017 بروايته "تلك الأحلام التي ندوسها" في التأمل في البعد الفلسفي والسياسي لنوم الظهيرة من خلال نحو 20 نصاً قصيراً، قائلاً إن العجلة لا تنفع، وإن النوم في الوقت المناسب هو الحكمة بعينها، متأملاً في مكانة القيلولة عبر التاريخ والفكر والعلم والأدب والأفلام السينمائية، مستحضراً نصوصاً لألبير كامو وفيكتور هوغو وأفلاطون ونيوتن وأينشتاين ودانيال بناك وبول سايمون وآرت غارفنكل، والشخوص السينمائية، كشخصية ألكسندر، المزارع المنهك من العمل في الحقل والمزرعة. الكتاب الفرنسي عن فلسفة القيلولة (فناك) في الفيلم الكوميدي الموسوم "ألكسندر السعيد" للمخرج إيف روبير، يقرر المزارع الذي قام بدوره فيليب نواريه، بعد وفاة زوجته المستبدة والمهووسة بالعمل، ركن جراره الزراعي والصعود إلى غرفته كل يوم في منتصف النهار لأخذ قسط من النوم في سريره المزود بنظام بكرات يضع في متناول يده كل ما يحتاج إليه، مختصراً بذلك حبه لهذه اللحظة الصغيرة من الراحة في عالم يجبر الإنسان على العمل بكد. يقول لنا سبيتزر إن هذه الكوميديا الريفية شكلت عام 1968 نقداً لاذعاً للاقتصاد الرأسمالي القائم على منطق العمل المتواصل والسعي المستمر إلى تحقيق الأرباح والمنافسة على حساب راحة الإنسان. ولعلها عبرت عن الأسباب التي كانت وراء أحداث مايو (أيار) وشعاراتها "لا تضيع حياتك لتكسبها" و"لكل فرد حرية أن يكون حراً" و"التمرد حق مقدس" إلخ. والتي لم تفقد كثيراً من بريقها في القرن الـ21، ذلك أن المنطق الاقتصادي نفسه ما زال يتحكم بحياة الإنسان اليومية، علماً أن كثيراً من العمل لا يعني بالضرورة كسباً مادياً أكبر وسعادة أكثر. يكفي بحسبه أن ننظر إلى حياة الفلاحين في فرنسا اليوم، لنرى ملامح الشقاء الذي يطبع أيامهم. فهم يعملون بكد وانتظام، ومع ذلك تتزايد الأعباء على كواهلهم حتى تكاد تخنق أنفاسهم. لا عطلة صيفية تلوح في أفقهم، ولا راحة لهم يوم الأحد. كل ذلك من غير أن ينعكس هذا الكد على دخلهم بزيادة أو تحسن. لذا لم تعُد الراحة ترفاً ينعم به بعضهم أو دلالة على كسل، بل باتت نوعاً من أنواع المقاومة والعصيان. يكتب سبيتزر "أن نأخذ قيلولة، يعني أن نعيد لأنفسنا شيئاً من كرامتها، أن نتمسك بإنسانيتنا، ونرفض أن نختزل إلى مجرد آلة إنتاج". وهذا بالضبط برأي الكاتب ما أراد صناع فيلم "ألكسندر السعيد" قوله في عالم تتراكم فيه المهمات ويقاس النجاح بالعمل المتواصل وسرعة الإنجاز. فعل وجودي القيلولة بريشة فان غوخ (متحف الرسام) يدافع كتاب "فلسفة صغيرة للقيلولة" إذاً عن أطروحة مفادها بأن القيلولة فعل وجودي، تذكرنا بأننا بشر لا أدوات، ولو كنا نعيش في زمن يطلب منا أن نكون دائمي الإنتاج وأن نكسب رزقنا بعرق جبيننا، وأن نؤخر "لحظة النوم" التي ما برحت تستبعد بدعم من التقدم التكنولوجي، منذ اختراع إديسون للكهرباء وسماحها بإطالة السهر، وصولاً إلى الابتكارات التكنولوجية الحديثة كالهواتف الذكية والشاشات ومجتمع الترفيه الذي أخر موعد النوم ولم يعُد يترك للإنسان مجالاً للراحة. لكن الجسد لا يكذب، فعندما يكف الإنسان عن الاستماع إليه ينفجر. والتوتر والأرق والتعب المزمن والانهيار النفسي كلها صرخات من الداخل تنبه كل واحد منا إلى ضرورة التوقف وأخذ قسط من الراحة. ومن هذه الزاوية ليست فلسفة القيلولة انسحاباً من الحياة، بل رجوعاً إلى الذات وإعادة الاعتبار لهذا الزمن المعلق المليء بالحياة. هذه هي الفكرة الأساسية لكتاب سيباستيان سبيتزر التي تحث كل إنسان على إعادة اكتشاف القيلولة بوصفها وقت لا يُطلب فيه منه شيء، وقت يكفي فيه أن يكون وأن يصغي إلى جسده ليتركه يأخذ سِنَة "يُصلح" بها ما أفسد الدهر بهدوء. من هذه الزاوية تحمل القيلولة في طياتها عمق التجربة البشرية. فيها لا يعرض الإنسان عن الحياة، بل يستعد لها، معيداً تشغيل قلبه وعقله، كمن "يفتح"، بحسب تعبير سبيتزر، "نافذة في غرفة مزدحمة". القيلولة ليست إذاً خمولاً، بل هي استراحة المحارب الحكيم. ويتساءل سبيتزر قائلاً "هل هناك، في نهاية المطاف، عمل أنبل من أن نتوقف عن الركض لكي نتذكر أننا كائنات حية؟ وهل من حكمة أعمق من أن نسمح لأنفسنا بقسط من النوم، لا لكي نهرب من العالم، بل لنعود له أكثر وعياً ولطفاً وحضوراً؟". وعلى امتداد صفحات الكتاب يذكرنا سبيتزر بأن القيلولة أو نوم الظهيرة هي من أبرز القواسم المشتركة بين البشر، لكنها عانت طويلاً سوء الفهم والنظرة الدونية، ذلك أن مغادرة طاولة الغداء لأخذ قسط من النوم، أو إراحة الرأس لبضع دقائق على المكتب بعد اجتماع ممل، غالباً ما نظر إليها باستهجان. ومع ذلك، ثمة كم هائل من الفوائد لهذه الغفوة القصيرة. وما استدعاء بعض أسماء العلماء والمفكرين والفنانين إلا لصوغ نص يحتفي من دون حرج بجمال هذه الراحة المنصوص عنها في الدستور الصيني المعترف بأهميتها وإلزاميتها والمبرز لفوائدها من ناحية الإنتاجية. والأهم من كل ذلك، لتجسيدها فلسفة أعمق قوامها الاندماج في تدفق الكون، في "الطاو" أي الطريق أو المبدأ الذي هو مصدر كل شيء موجود في الحياة، والعيش في وئام معه وفق تلقائية طبيعية. الطمأنينة والسكنية ومن النصوص التي يتوقف عندها الكتاب أيضاً نص لأبيقور يذكرنا بضرورة الإصغاء إلى الطبيعة والزهد في الرغبات غير الضرورية، معتبراً أن النوم سبيل من سبل الطمأنينة ووسيلة لبلوغ "الأتاراكسيا"، تلك الحال من اللاهوى والسكينة التامة والتحرر من الاضطراب التي تسمح للإنسان بمواجهة تقلبات الحياة بثبات، جاعلاً من هذا الوقت المعلق فعلاً من أفعال الحكمة التي تعيد اللحمة بين الروح والجسد. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كما يتوقف سبيتزر عند تعريف جميل للقيلولة رأى فيه خلاصة مكثفة لفكرته استله من سلسلة "مالوسين" للروائي الفرنسي دانيال بناك الذي شبّه هذه الغفوة الصغيرة "بمستطيل من الزمن معلق في السماء". في هذا السياق، يتحدث سبيتزر عن علاقته الشخصية بالنوم خلال أزمة كورونا والحجر الصحي، حين تحرر من الجداول الزمنية، مما سمح له بتذوق هذه المتعة التي أصبحت تقسم يومه إلى قبل وبعد، صائراً بفضلها مستعداً للعمل من جديد، معترفاً أنه بعد نوم خفيف وسريع، كان أكثر كفاءة وإبداعاً. وبأسلوبه السلس والواضح وبفصوله القصيرة، يظهر لنا سيباستيان سبيتزر من خلال مصادر متعددة سينمائية أدبية وعلمية وطبية وفلسفية أهمية القيلولة والنوم المنتظم والمرمم بروح مرحة تشجعنا على تجربتها فوراً، منتقداً في الوقت عينه ميل بعض الناس إلى التباهي بعدم نومهم كعلامة على القوة والإنتاجية الفائقة، ومعتبراً هذا السلوك نوعاً من الغطرسة، لكأن النوم حاجة يمكن تجاوزها ومذكراً إيانا بأن عباقرة مثل أينشتاين ونيوتن استفادوا من لحظات الراحة لتحقيق اكتشافات عظيمة. فمن دون استراحة نيوتن وغفوته تحت الشجرة، هل كانت البشرية ستعرف قانون الجاذبية؟ خلاصة القول إن كتاب "فلسفة صغيرة للقيلولة" ليس سوى دعوة إلى إعادة اكتشاف فضائل طقس قديم، يذكرنا بأهمية التوازن والحكمة في إيقاع الحياة اليومية. هو محاولة تجمع بين الشعر والعلم والفلسفة للدفاع عن القيلولة باعتبارها فعل تحرر من هيمنة الزمن وطريقة لاستعادة السيطرة على زمام حياتنا في مجتمع يؤلّه الإنتاجية المطلقة، قائلاً لنا بلغة بسيطة وأنيقة إن القيلولة فن في العيش وفلسفة في الحياة، قائمة على فعل تباطؤ متعمد يذكرنا بأن أجسادنا ليست آلات، وأن للبطء جمالاً عميقاً قد تحدث فيه أعظم الاكتشافات.

شاهد.. "أمطار الطائف" تحكي قصة عشق بين "مدينة وسحابة"
شاهد.. "أمطار الطائف" تحكي قصة عشق بين "مدينة وسحابة"

صحيفة سبق

time٠٦-٠١-٢٠٢٥

  • صحيفة سبق

شاهد.. "أمطار الطائف" تحكي قصة عشق بين "مدينة وسحابة"

تصوير : ماجد عسيري في الوقت الذي لفّت فيه كميات من الضباب جبال "الطائف" ومرتفعاته، عانقَت الغيوم تلك المدينة الحالمة التي اختالت دلعًا وهي تبتهج بهطول الأمطار المتفرقة، ليظهر بارزًا ومُلفتًا "اللون الأخضر" عنوانًا لذلك الجمال بعد أن أغرقت الأمطار الأشجار وروتها، حينها خرجَ العاشق بحثًا عن زوايا الجمال في هذه المدينة مُستمتعًا برؤيته التي زادت وضوحًا وبهجةً. ذلك الجمال الماطر الذي تفردت به "الطائف"، ظلَ جاذبًا للمصور والرسام، حيث التنقل والمشاهدة، ومن ثم رصد تلك الملامح الجميلة التي حظيت بها "العروس" وزادتها ألقًا، حينها يخرج المصور بالتقاطة مميزة يتفرد بها عن غيره، وتُصبح "ترند" تنقلهُ للاحتراف والإبهار، كذلك الرسام الذي يتسع افقهُ الفني وهو يخرج بلوحة تُجسد "دلوعة الغيم" وهي تختال فرحًا بيومها الماطر. صور عديدة تناقلها الكثير من المُحبين وهم يستمتعون بـ "أمطار الطائف" اليوم، والتي تزامنت مع الإجازة المدرسية، وكذلك مع الأجواء الباردة، مُغلفةً لحظات العائلة بالمتعة والابهاج، مُحذرةً من انخفاض لدرجات الحرارة قد يطرأ بعد هطول الأمطار وازدياد البرد.

فان غوخ الرسام العاشق الذي استوطن الحدائق
فان غوخ الرسام العاشق الذي استوطن الحدائق

Independent عربية

time٠٤-١٠-٢٠٢٤

  • Independent عربية

فان غوخ الرسام العاشق الذي استوطن الحدائق

إن الإغراء يكمن عادةً في رؤية الجنون في عمل فان غوخ، أو "الطاقة الهوسيّة" التي وصفها بول غوغان، حين تقاسم معه لفترة وجيزة البيت الأصفر في آرل، بأنها "قطار ينطلق بسرعة قصوى". لكن القيميين على المعرض فضّلوا الابتعاد عن محاكاة النواحي المأساوية المرتبطة بحياة فان غوخ ومرضه العقلي، ليتم التركيز على النواحي الخيالية والشعرية التي انعكست على مرحلة مضيئة من أعماله قبيل رحيله. إنها المرحلة التي تلت قطع جزءٍ من أذنه اليسرى، والتي قضاها في آرل وسان ريمي في جنوب فرنسا (1888-1890)، وشكلت بطبيعتها وأمكنتها مصادر إلهاماته وموضوعاته، ومساحات مثالية تفجرت فيها عبقريته لا سيما تجاربه مع الألوان قوله: "أنا أؤمن بالضرورة المطلقة لفن جديد قائم على الألوان"، كما كتب إلى شقيقه ثيو في عام 1888. أنهما سنتان عظيمتان تمتدان من فبراير (شباط) 1888، حين وصل فان غوخ إلى آرل، قادماً من باريس، طلباً للدفء وحرارة الشمس بناءً على نصيحة صديقه تولوز لوتريك الذي قاسمه شغفه بالفن الياباني. وفي الفترة التي تلت ذلك وبين نوبات صحية وانهيارات عصبية كان يعالج نفسه بالفن، أنتج ما يقرب من 200 لوحة وعدداً لا يحصى من الرسوم، لا سيما وأنه أمضى 12 شهراً في مصح سان بول دي موسول في سان ريمي القريبة من آرل. كان فان غوخ مفتوناً بقوة الضوء واللون الأصفر الشمسيّ وجمال مناظر الطبيعية المُلهمة التي اكتشفها في سان ريمي، ليغادر بعدها المصح، ويعود شمالاً إلى أوفير سور واز، بالقرب من باريس، حيث مات منتحراً (وقيل مقتولاً لأسباب غامضة) في يوليو (تموز) 1890، وكانت آخر الكلمات التي قالها لأخيه ثيو: "إن الحزن يدوم إلى الأبد". الحدائق مقر العشاق فان غوخ أوتو بورتريه (متحف فان غوخ) بلا شك إن عنوان المعرض "شعراء وعشاق" محفزّ ومشوق للغاية، ولكنه زائف و"مُربك إلى حدٍ ما" بحسب تعبير صحيفة "الغارديان"، لأن فان غوخ لم يكن في الفترة التي يغطيها المعرض، يقضي وقته مع الشعراء، بل كان يتردد على بيت دعارة، ولم يكن له شريكة أو عشيقة، بل رسم الحقول والحدائق والأشجار على أنها الأمكنة التي تجمع الأحبة والعشاق. لذا فقد رسمهم ليس بهيئاتهم بل كمتنزهين أو كأشباح ظليّة في كنف الطبيعة التي كانت المبتغى الأهم لريشة فان غوخ في ثورتها وقلقها واندفاعاتها الحلزونية ودواماتها المضطربة. لعل الجديد في تيمة المعرض يكمن في البحث عن الأعمال غير المعروفة للفنان، فضلاً عن القطع المتحفية المشهورة، التي أنجزها فان غوخ بعد أن دخل طوعاً إلى مستشفى سان بول دي موسول في سان ريمي، حيث تخيّل حديقة المصح المليئة بالنبات والأعشاب كمكان منعزل للعشاق. ورسم تركيبات مذهلة تصور مناظر للأرض والأشجار والمتكآت. يُظهِر المعرض كيف يتناقض هذا الاستكشاف المثالي والمبهج لحديقة المصح بشكل كبير مع الأعمال التي رسمها في الخريف عندما ربط فان غوخ المكان نفسه بمعاناته ومعاناة زملائه المرضى. ويستعيد المعرض فكرة فان غوخ حين خطط في أواخر صيف عام 1888، لتزيين منزله الأصفر في آرل بـ "حديقة الشاعر" و"عباد الشمس" و"الشاعر" و"العاشق". كانت هذه اللوحات في تَصوُّره تشكل مخططاً متمماً لرؤيته الفنية وكان يأمل بعرضها معاً كمجموعة متماسكة، في المعرض العالمي في باريس عام 1889، إلى جانب أعمال زملائه الفنانين الانطباعيين. لوحة ازهار عباد الشمس (متحف الرسام) يستكشف المعرض كيف تطور الخيال الشعري والأفكار المرتبطة بالحب إلى موضوعات مركزية بالنسبة للفنان (بحسب ما جاء في كتيب المعرض). ففي آرل على سبيل المثال، خصص فان غوخ الحديقة العامة أمام البيت الأصفر (حيث استأجر أربع غرف في عام 1888) كحديقة للشعراء، متخيلاً الشاعرين الإيطاليين في عصر النهضة بترارك وبوكاتشيو يتجولان هناك. وترتبط بعض أروع لوحات ورسومات فان غوخ في ذلك الوقت بهذه الفكرة، ويظهر أزواج العشاق في لوحات مثل "ليلة مرصعة بالنجوم"، وهي إحدى اللوحات الليلية التي رسمها عام 1888 على ضفة نهر الرون، الذي كان على بعد دقيقة أو دقيقتين فقط سيراً على الأقدام من البيت الأصفر الذي يقطنه في ساحة لامارتين. البارز في هذه اللوحة ليس رسم العاشقين اللذين يهمان بالخروج من الإطار المشهدي، بل المجموعة النجمية التي تشع في سماء اللوحة وعلى سطح المياه، وهي تنم عن رؤية فلكية أكثر مما هي واقعية (مجموعة الدب الأكبر التي لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة من موقع الرسم). يضم المعرض ما لا يقل عن 61 لوحة (بينها رسوم ورقية)، غالبيتها مستعارة من متاحف ومجموعات خاصة حول العالم، بما في ذلك لوحات مهمة من متحف كرولر مولر في أوتيرلو بهولندا، ومتحف فان غوخ في أمستردام، ومتحف أورسيه في باريس. يخبئ المعرض بعض المفاجآت منها لوحة "صورة وجه فلاح" (1888)، وهي لوحة لبستاني عجوز، (اسمه باسيانس إسكالييه)، بلحية خضراء، لم تخرج قط من مجموعة نورتون سايمون في باسادينا بولاية كاليفورنيا. ويُذكر أن متحف فيلادلفيا للفنون قد أرسل لوحة "عباد الشمس" ذات الخلفية الزرقاء (1889)، التي تم تعليقها إلى جانب النسخة الثانية من اللوحة ذات الخلفية الداكنة (1888) العائدة إلى الغاليري الوطنية، وبينهما لوحة "التهويدة" (1889)، المجلوبة من متحف الفنون الجميلة في بوسطن. تشكل هذه اللوحات ثلاثية، كما كان الفنان يرغب دوماً أن يراها. ومن بين العديد من اللوحات المُعارة من مجموعات خاصة، لوحة "أشجار في حديقة المصح" (1889)، وهي ذات تأليف مغلق بشكل رائع، تجسد جذوع الأشجار المقصوصة من كلا الطرفين، تنم عن إعجاب فان غوخ بالمطبوعات الخشبية اليابانية. كرسي فان غوخ مع الغليون (متحف الفنان) من بين لوحات البورتريه الذاتية للفنان تم اختيار اللوحة (1889) التي عُلقت في قاعة وينفيلد هاوس، المقر الرسمي للسفير الأميركي في لندن عام 1959، قبل أن تنضم إلى مقتنيات المتحف الوطني للفن في واشنطن عام 1998. ومن بين الأعمال المميزة لوحة "أشجار الدلب الكبيرة" المرسومة في 26 نوفمبر (تشرين الثاني) 1889 على قماش مناشف الشاي القطنية التي تسمى بالفرنسية بالتورشون، لأنه كان يفتقر حينها لقماش الرسم، وفيها بعض المناطق مطلية بشكل رقيق ويمكن رؤية أشكال ماسيّة حمراء بين الأحجار المرسومة في مقدمة اللوحة. أما لوحة ورود فان غوخ (أبريل/ نيسان 1889) فهي من مقتنيات الدكتور غاشيه الطبيب الذي اعتنى به في أوفير سور واز، وقد باعها ابنه في عام 1923 ثم اشتراها جامع فن ياباني وانتهى بها المطاف في متحف طوكيو. من القطع الأساسية في المعرض لوحة "العاشق"، هي واحدة من اثنتين من البورتريهات التي أعطت للمعرض عنوانه الفرعي، وهي تحمل شعار فوج المُلازم "بول أوجين ميلييه" بطريقة خاطئة. وكما يوضح كتاب المعرض، فإن الهلال كان ينبغي أن يشير إلى اليمين وليس اليسار، علماً أن فينسنت رسمه بشكل صحيح في رسالة إلى أخيه ثيو. لماذا رسمه بشكل خاطئ؟ الأرجح لأسباب فنية لخلق تركيبة أكثر توازناً ولكن الواضح أن الشعار أضيف بعد وقت قصير من جلوس ميلييه أمام الفنان. ولو كان يعلم، لكان المُلازم قد اعتبر تشويه رمز فوجِه إهانة. ازهار عباد الشمس وأشجار السرو وجه فلاح- زيتية (متحف الرسام) ارتبطت شهرة فان غوخ بشكل أساسي بأزهار عباد الشمس، رمز التفاني والفرحة العابرة. وقد وصفها بأنها "المكمِّلة والمكافِئة" لأشجار السرو الخاصة به، التي كانت تمثل الصمود والأبدية. في رسالة إلى أخيه ثيو (25 يونيو/ حزيران 1889) كتب فان غوخ يقول: "ما زالت أشجار السرو تشغلني، أود أن أستخدمها مثل اللوحات الزيتية لزهور عباد الشمس؛ لأنه يدهشني أن أحداً لم يرسمها كما أراها" وعن طريقة رؤيته لها يضيف: "إنها البقعة المظلمة في منظر طبيعي مشمس، لكنها واحدة من أكثر المناطق المظلمة إثارة للاهتمام، وأصعب ما يجسد تصوُّري بالتحديد". يعكس الظلام الذي أدركه فان غوخ الصلة التقليدية لأشجار السرو بالموت والخلود. غالباً ما كانت تُزرع أشجار السرو في المقابر، وتستخدم أخشابها في التوابيت. في كتابات المؤلفين الكلاسيكيين مثل أوفيد وهوراس، ظهرت في سياق الحداد، واستمر ربطها بهذه الفكرة عبر قرون، وعادت إلى الظهور في مسرحيات شكسبير وروايات فيكتور هوغو، المؤلفيَن اللذيْن عرفهما فان غوخ وأعجب بهما. لذا ربط فان غوخ منذ البداية أشجار السرو، بالسماء والنجوم والقمح، والتي كانت مجازاً حقيقياً للخلود ودورات الحياة السرمدية. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) "إن أشجار السرو هي رمز لصمود فان غوخ نفسه" على حد تعبير الناقدة الأميركية الشهيرة جرترود شتاين، لأنها ارتبطت بشخصيته القوية وإصراره على الاستمرار، وقدرته على مواجهة التحديات التي مرّ بها، إذ كانت تمنحه القوة أثناء ضعفه. رآها فان غوخ كمسلات واقفة منذ آلاف السنين لحراسة الريف من الرياح الشمالية العاتية، كما رآها طواطم عملاقة ترمز إلى قوة الطبيعة. سيطرت أشجار السرو على عمله، فكانت بمثابة نوع من الإمضاء ورمز للمكان الذي أحبه، متجسداً في أكثر من منظر طبيعي ليليّ ونهاري مثل حقل القمح مع أشجار السرو (يونيو 1889) حيث تبدو الأشجار بألسنتها المتطاولة مثل شعلة اللهب. ما زال التنقيب الفني في حقول فان غوخ جارياً لاستجلاء الغموض في سيرته وأعماله التي غيرت مجرى الفن منذ أواخر القرن التاسع إلى القرن العشرين، كذلك أسهم أسلوبه التلويني في الخروج من الانطباعية إلى التعبيرية، وما زال حتى الآن من أكثر الشخصيات المؤثرة على الفن. ولئن كان الفضل يعود بداية إلى زوجة ثيو الهولندية جوانا بونر التي صنعت بذكائها التجاري أول أسطورة لفان غوخ، ولكن يبدو أن الفنان كان موقناً من أنه سيصيب شهرة بعد موته. ذلك ما نقرأه في رسالة كتبها إلى صديقه أنطون كيرسيميكرز (في نوفمبر عام 1885) يقول: "من المؤكد أنهم سيتعرّفون على عملي لاحقاً وسيتحدثون عني عندما أموت وأرحل. سوف أتأكد من ذلك إذا كنت لا أزال قادراً على العيش لفترة من الوقت".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store