logo
سيف التعريفات في وجه الحلفاء: هل يغامر ترامب بحرق جسور آسيا؟

سيف التعريفات في وجه الحلفاء: هل يغامر ترامب بحرق جسور آسيا؟

النهارمنذ 4 أيام
لم يكن صباح الإثنين عادياً في مفكرة الجغرافيا الاقتصادية العالمية، بل كان نقطة تحوّل في مسار التوترات التجارية المتصاعدة. دونالد ترامب قرر قلب الطاولة من جديد، أطلق سلسلة من الرسائل الرسمية إلى 14 دولة، يتصدرها عملاقا آسيا — اليابان وكوريا الجنوبية — ليعلن عن فرض رسوم جمركية تصل إلى 25% على صادراتها إلى الولايات المتحدة، بدءاً من الأول من آب/أغسطس.
الصدمة لا تكمن فقط في توقيت القرار، بل في هوية المستهدفين. فاليابان هي خامس أكبر مستورد من الولايات المتحدة، وبإجمالي صادرات يتجاوز 148.2 مليار دولار، تليها كوريا الجنوبية في المركز السابع كمستورد، وبصادرات تبلغ 131.5 مليار دولار. لكن ما يثير الانتباه — وربما الاستغراب — أن البلدين لا يُعدّان مجرد شريكين تجاريين، بل هما حليفان استراتيجيان يضطلعان بدور محوري في تحالفات واشنطن الآسيوية.
وعلى الرغم من هذه الأهمية، لم تتردد إدارة ترامب في التلويح بالسيف الجمركي. "إذا قررتم رفع تعريفاتكم علينا، فسيُضاف ذلك مباشرة إلى الـ25% الحالية"، كتب ترامب بلهجة تحذيرية على منصته "تروث سوشيال". إلا أن النغمة المتشددة لم تحجب مساحة المناورة، إذ أبدى الرئيس انفتاحه على مفاوضات بديلة في حال رغب الشركاء في تعديل المسار.
الأسواق تحت وقع المطرقة
جاء رد فعل الأسواق الأميركية سريعاً ومضطرباً، إذ تراجع مؤشر S&P 500 بنسبة 0.8% وسط مخاوف من موجة تصعيد جديدة قد تعصف بالزخم الذي اكتسبته الأسواق في أعقاب فترة التهدئة. في المقابل، أبدت الأسواق الآسيوية صلابة نسبية؛ تعافت بورصة طوكيو من خسائرها الأولية، وقفز المؤشر الكوري بنسبة 1.8%، في دلالة إلى رهان مستتر على نجاح المساعي الديبلوماسية قبل الأول من آب/أغسطس. إلا أن تذبذب الأسواق قد يعني أن لهجة ترامب باتت معتادة في الأسواق.
عقيدة الرسوم: أكثر من مجرد أرقام
القرار الأميركي لم يأتِ من فراغ. فمنذ إعادة تفعيل ما تُعرف بسياسة "الرسوم المتبادلة" في نيسان/أبريل، يستخدم ترامب سلاح التعريفات، ليس فقط لتحقيق توازنات تجارية، بل لتوجيه رسائل سياسية إلى خصومه — وأحياناً إلى حلفائه. من آسيا إلى أوروبا، ومن دول الجنوب إلى اقتصادات ناشئة، باتت الرسوم أداة ضغط تفاوضية مكشوفة.
وفي هذا السياق، هدّد ترامب بفرض رسوم إضافية بنسبة 10% على الدول التي "تتبنى سياسات معادية لأميركا"، في إشارة مباشرة إلى بعض أعضاء مجموعة "بريكس" الذين اجتمعوا أخيراً في البرازيل. الرسالة واضحة: الاصطفاف الجيوسياسي ستكون له كلفة اقتصادية. وحتى جسور الصين ستدفع تكلفة أكبر؛ فالتعريفات الجمركية على فيتنام 20% و 40% تعني أن الكلفة ستكون أعلى على الدول التي تعتمد على دول لتمرير بضائعها كما فعلت الصين.
من يدفع ثمن الحرب التجارية؟
تأثير هذه الخطوات لا يقتصر على التبادلات التجارية، بل يطال سلاسل التوريد العالمية، وقرارات الاستثمار، وأسعار السلع الأساسية. فالرسوم على المنتجات اليابانية والكورية — خصوصاً في قطاعات السيارات، الإلكترونيات، والصلب — سترفع تكلفة الاستيراد على الشركات الأميركية، ما قد يُترجم لاحقاً إلى ضغوط تضخمية جديدة يتحملها المستهلك الأميركي. الأمر الذي يعقد مهمة الاحتياطي الفيدرالي، العالق أصلاً بين تباطؤ النمو والمخاوف من عودة التضخم. وبينما يسعى الفيدرالي لضبط إيقاع السياسة النقدية بدقة، تأتي سياسة ترامب الجمركية كإيقاع خارجي يهدد بكسر التوازن الهش.
بين الانفتاح والوعيد: أي باب تختاره الدول؟
لكن، على الرغم من نبرة التهديد، لم تُغلق واشنطن الباب كلياً. فقد لمّح ترامب ووزير خزانته إلى إمكان التوصل إلى اتفاقات في الساعات أو الأيام المقبلة. في الواقع، أعلنت كل من بريطانيا وفيتنام عن إحراز تقدم كصفقة كاملة، بينما تبقى الصين أمام مهلة حتى 12آب/أغسطس قبل إعادة فرض الرسوم عليها. أما اليابان وكوريا، فهما في سباق مع الزمن لتأمين استثناءات — أو على الأقل تخفيضات — قبل حلول الموعد المفصلي. إلا أن أوروبا تفادت الموجة الأولى من التعريفات.
نهاية مفتوحة... وبوصلة مضطربة
الأول من آب/أغسطس ليس مجرد تاريخ تنفيذي للتعريفات الجديدة. إنه لحظة فاصلة في مسار النظام التجاري العالمي. هل ستنحني الدول أمام سيف التعريفات؟ أم تردّ برسوم مقابلة؟ وماذا عن شركاء واشنطن التقليديين الذين بدأوا يشعرون أنهم أقرب إلى الاستهداف منهم إلى الشراكة؟
في لعبة الحواف، اختار ترامب أن يقترب من الحافة. لكن يبقى السؤال: من سيتراجع أولًا؟ الأسواق، أم الحلفاء، أم أعمدة النظام التجاري الدولي بأسره؟
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل بلغت "إسرائيل" نقطة "الذروة" في حرب إيران؟
هل بلغت "إسرائيل" نقطة "الذروة" في حرب إيران؟

الميادين

timeمنذ 37 دقائق

  • الميادين

هل بلغت "إسرائيل" نقطة "الذروة" في حرب إيران؟

هناك إجماع تقريباً، لدى المحللين الأميركيين أن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو اتصل بالرئيس الأميركي دونالد ترامب، في اليوم الأخير من الحرب على إيران، وطلب منه إيقاف الحرب، بينما يقول الباحث الأميركي المرموق الدكتور جون مارشايمر إن نتنياهو "توسل" ترامب للعمل على وقف الحرب. وهذا يشير إلى أن الإسرائيلي، وصل في اليوم الـ 12 للحرب مع إيران الى ما يسمى "نقطة الذروة" culminating point. صاغ كارل فون كلاوسفيتز، في كتابه الشهير "عن الحرب"، مفهوم "نقطة الذروة" للإشارة الى ما يُعرَّف - في الاستراتيجية العسكرية- بأنه الحد بين الإطارين النظري والعملي للهجوم، أي اللحظة التي تصبح فيها القوة العسكرية عاجزة عن تنفيذ عملياتها بفعالية أو مواصلة تقدمها، أو حين يصبح الاستمرار في الحرب مكلفاً جداً، وحيث تصبح تلك التكلفة أكبر من الفوائد المرجوة من الحرب. ويعود العجز عن الحفاظ على الزخم الحربي إلى عوامل عدة أبرزها التحديات اللوجستية، وقوة العدو، وعدم القدرة على إخضاعه، أو ضرورة راحة القوة المهاجمة واستعادة قدراتها وغيرها من الظروف سواء العسكرية أم الاجتماعية أم الاقتصادية أو جميع ما سبق. يحدد كلاوسفيتز، أن الهدف الأهم بالنسبة للقوة المهاجمة هو تحقيق أهداف الحرب قبل الوصول إلى هذه النقطة. في المقابل، فإن الهدف الاستراتيجي للقوة المدافعة هو إيصال القوة المهاجمة إلى نقطة ذروتها قبل أن يتمكن المهاجم من تحقيق أهدافه، وبالتالي تحويل مجرى الصراع لمصلحة المدافع، فيكون انتصر بصموده وليس بالضرورة بربح المعركة عسكرياً. وعليه، إن سوء تقدير اللحظة المحورية التي تشكّل "الذروة" يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة، بما في ذلك الفشل العملياتي، مع العلم أن "نقطة الذروة" لا تنطبق فقط على المستويات التكتيكية والعملياتية للحرب، بل أيضًا على قدرة الدولة الكلية على تحمل الصراع أو تحقيق أهدافها الاستراتيجية طويلة المدى عبر الأبعاد العسكرية، والاقتصادية، والاجتماعية، والدبلوماسية. هذه النقطة تمثل الحد الأقصى لقدرة الدولة على إبراز قوتها، وبعدها تبدأ قوتها وقدراتها في التراجع بسبب استنزاف الموارد، أو إرهاق الجيش، أو التحديات اللوجستية. تُعد هذه النظرة الشاملة والمتعددة الأبعاد لـ"نقطة الذروة" أساسية لإجراء تحليل دقيق وشامل لوضع دولة خلال الحرب، إذ قد تحقق الدولة نصرًا عسكريًا في ساحة المعركة، ولكن إذا أصبحت التكاليف الاقتصادية غير قابلة للاستمرار، أو إذا تآكل النسيج الاجتماعي بسبب الصعوبات الطويلة، أو إذا حدّت العزلة الدبلوماسية من الخيارات الاستراتيجية المستقبلية، فقد تصل إلى نقطة ذروة استراتيجية تحدّ قدرتها على استثمار الانتصارات العسكرية وتسييلها في تحقيق أهداف سياسية. 11 تموز 10:45 11 تموز 10:14 وبالعودة الى "إسرائيل"، فالسؤال الذي يطرح نفسه في هذا الإطار: هل يشير طلب نتنياهو إيقاف الحرب على إيران، أن "إسرائيل" وصلت إلى "نقطة الذروة" في اليوم الـ12 للحرب؟ رغم تحقيق "إسرائيل" انتصارات تكتيكية، إلا أن التكاليف والقيود العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية تشير إلى أنها قد تكون اقتربت من حدود قدرتها الاستراتيجية، أو ربما قد وصلت إليها بالفعل في بعض المجالات. - بالنسبة للذروة العسكرية، لقد أظهرت "إسرائيل" تفوقًا تكتيكيًا أمنياً وتكنولوجياً، خاصة في السيطرة الجوية والضربات الدقيقة والتغلغل الأمني، وألحقت أضرارًا كبيرة في الداخل الإيراني في اليوم الأول. لكن، عندما بدأ الإيرانيون بالردّ وتكبيد "إسرائيل" خسائر كبرى، انتقلت المعركة الى نوع من توازن القوى الذي أرهق الإسرائيلي ودفعه إلى طلب وقف الحرب. - أما الذروة الاقتصادية، فبحسب التقارير الأميركية، بلغت تكلفة الحرب 6 مليارات دولار (حوالى 1٪ من الناتج المحلي الإجمالي)، مع إنفاق يومي بلغ 725 مليون دولار. كما ارتفع العجز في "إسرائيل" إلى 8.5٪، والدين العام إلى 74٪. هذه التكاليف ستؤدي إلى اختلال في الاقتصاد، وهروب العقول من قطاع التكنولوجيا، ما يهدد قدرة "إسرائيل" على الصمود الاقتصادي طويل الأمد، وبالتالي اقترابها من نقطة الذروة الاقتصادية، حيث تؤدي الحروب المستمرة إلى تآكل الاستقرار المالي وتراجع النمو المستقبلي. - في مجالي الذروة الاجتماعية والسياسية، تشير استطلاعات الرأي العام، إلى أن الجمهور يعاني إنهاكاً شديداً بعد نحو عامين من الصراع. - الذروة الدبلوماسية: على المستوى العالمي، تزداد عزلة "إسرائيل" في العالم والإدانات الدولية لها، وتراجعت إمكانية التطبيع مع السعودية، وأدانت دول مجلس التعاون الخليجي والعديد من دول الجنوب العالمي العدوان الإسرائيلي على إيران. وهكذا، تكون "إسرائيل" قد وصلت إلى ذروة دبلوماسية. وبالرغم من نجاحها العسكري في توجيه ضربات إلى محور المقاومة، لكن ذلك لم يكن من دون ثمن، حيث أدت الأحداث من 7 أكتوبر ولغاية اليوم إلى زيادة عزلتها الدولية بالرغم من الدعم الأميركي والغربي. وهكذا، ورغم النجاح العسكري الذي حققته "إسرائيل" على المدى القصير، إلا أنها تواجه تكاليف باهظة تجعلها تقترب – أو وصلت بالفعل – إلى نقطة الذروة في المجالات العسكرية والاقتصادية والسياسية والدبلوماسية، ما سيعني تراجعاً على المدى الطويل يحد من قدرتها على استثمار "إنجازاتها العسكرية المرحلية" في تحقيق أهداف سياسية طويلة المدى.

أكسيوس: بوتين يحث على إبرام اتفاق نووي لا يتيح لإيران تخصيب اليورانيوم
أكسيوس: بوتين يحث على إبرام اتفاق نووي لا يتيح لإيران تخصيب اليورانيوم

LBCI

timeمنذ ساعة واحدة

  • LBCI

أكسيوس: بوتين يحث على إبرام اتفاق نووي لا يتيح لإيران تخصيب اليورانيوم

نقل موقع أكسيوس عن مصادر قولها إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أبلغ نظيره الأميركي دونالد ترامب والمسؤولين الإيرانيين بأنه يؤيد فكرة إبرام اتفاق نووي لا تستطيع طهران بموجبه تخصيب اليورانيوم.

أغلى حقيبة في العالم.. "هيرميس بيركن" تباع بـ10 ملايين دولار
أغلى حقيبة في العالم.. "هيرميس بيركن" تباع بـ10 ملايين دولار

صدى البلد

timeمنذ ساعة واحدة

  • صدى البلد

أغلى حقيبة في العالم.. "هيرميس بيركن" تباع بـ10 ملايين دولار

بيعت حقيبة بيركين الأصلية بمبلغ قياسي بلغ 10 ملايين دولار في مزاد، مما يدل على أن الطلب لا يزال قويا على المقتنيات الفاخرة الفريدة. بيعت حقيبة هيرمس الجلدية السوداء، المصنوعة قبل نحو 40 عامًا للمغنية والممثلة الراحلة جين بيركين، في مزادٍ استمر لأكثر من عشر دقائق في دار سوذبيز للمزادات بباريس يوم الخميس، وأعلنت شركة فالوانس اليابان، وهي شركة إعادة بيع سلع مصممة ومقرها طوكيو، أنها المشتري، وأُجري المزاد عبر الهاتف، وفقًا لدار المزادات. حطم السعر الرقم القياسي السابق لحقيبة يد في مزاد، وهي حقيبة هيمالايا كيلي النادرة المصنوعة من جلد التمساح مع الماس، من إنتاج هيرميس أيضًا، والتي بيعت في مزاد كريستيز في عام 2021 مقابل 4 ملايين دولار هونج كونج (510 آلاف دولار أمريكي). صُممت حقيبة بيركين الأصلية عام ١٩٨٤ لجين بيركين من قِبل جان لوي دوماس، الرئيس التنفيذي لشركة هيرميس إنترناشونال إس سي إيه آنذاك. وسُلمت لها بعد عام. تذكرت بيركين في مقابلاتها كيف التقت صدفة بدوماس على متن طائرة، واشتكت من عدم وجود حقيبة يد هيرمس كبيرة بما يكفي لاحتياجاتها، وقالت إنها رسمت نموذجًا لما أرادته على "حقيبة قيء" خلال ذلك اللقاء. وفي العام التالي، قدمت لها العلامة التجارية نموذجها الأولي. وواصلت الشركة تسويق المنتج تحت اسمها، لكن الميزات الموجودة في الحقيبة الأصلية لم يتم تكرارها في أي حقيبة أخرى من بيركين، قد باعت بيركين حقيبتها عام ١٩٩٤ لجمع التبرعات لجمعية خيرية لمكافحة الإيدز. ثم عُرضت في مزاد عام ٢٠٠٠، وظلت حتى الآن ملكًا لجامعتها المعروفة باسم "كاثرين ب" على إنستغرام. قالت قبل المزاد يوم الخميس: "إنها اليوم الحقيبة الأكثر طلبًا التي يحلم بها الجميع"، موضحةً أنها احتفظت بها على مدار الخمسة والعشرين عامًا الماضية في مكان آمن بدرجة حرارة مناسبة لحمايتها، وكانت تخرجها أحيانًا في بعض المناسبات، ولم ترغب البائعة في الكشف عن اسم عائلتها. غالبًا ما تُباع حقائب هيرمس بأسعار أعلى عند إعادة بيعها مقارنةً بالمتاجر نظرًا لقوائم الانتظار الطويلة، ولم تُعلن دار سوذبيز عن تقديرات لسعر القطعة قبل مزاد يوم الخميس. المصدر: japantimes.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store