
طفولة مفقودة في ظل الحروب
في زمن الحروب، تتحول براءة الأطفال وضحكتهم إلى كابوس مرعب وواقع لا يرحم! الأطفال في مناطق النزاعات لا يجدون الوقت للعب، ولا يشعرون بالأمان، بل يعيشون بين الخوف والقلق الدائم.. المدارس تغلق، والألعاب تختفي، والدموع تُغرق وجوههم الصغيرة؛ فكيف لهذه النفوس الصغيرة أن تكبر وتصبح قوية إذا سُلب منها أبسط الحقوق؟!
هذا الجيل الذي وُلد في ظل الحروب يحمل أثقالاً فوق عاتقه؛ كثيرون يعانون من فقدان الأهل، والتشرد، والجوع، والإصابات الجسدية، فضلاً عن الألم النفسي الذي يصاحبهم. هؤلاء غالبًا ما يصبحون مسؤولين قبل الأوان، لأنهم يتحملون أعباء فاقت أعمارهم بكثير، وهنا تكمن المأساة.. أطفال تُسرق منهم طفولتهم، ويجبَرون على أن يكبروا بسرعة في عالم قاسٍ.
لكن السؤال الكبير: ماذا ينتظر هؤلاء الأطفال بعد انتهاء الحروب؟! هل سيستمتعون بمستقبل أفضل؟ وهل ستتاح لهم فرصة ليعيشوا حياة طبيعية؟
جيل بلا طفولة هو جيل مهدد بفقدان الأمل، لكن مع الدعم الحقيقي يمكننا أن نعيد لهم أحلامهم، ونمنحهم فرصة لبداية جديدة
الواقع أنّ هذا الجيل سيواجه بعد الحرب تحديات كبيرة.. لذلك، فهو بعد أن عانى من الخوف، والفقد، والمرض، وعدم الثقة، يحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي عميق، يحتاج إلى تعليم جيد ليتمكن من بناء نفسه ومجتمعه ومن مساعدة أسرته. كما على المجتمعات والدول أن تسارع في بذل جهود حقيقية لإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال، لأنهم هم المستقبل لأوطانهم.
ولنعلم أنّ إعادة بناء حياة هؤلاء الأطفال هي استثمار في السلام والاستقرار؛ فحين يحصل الطفل على فرصة ليعيش طفولته، ويتعلم، وينمو في بيئة آمنة، يكون أكثر قدرة على أن يصبح مواطنًا فعّالاً وبانيًا لمجتمعه.
لذلك، فإن هذه المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق الجميع، من الحكومات، إلى المنظمات الإنسانية والأسر، وحتى كل فرد منا.. يجب أن نعمل معًا لنمنح هؤلاء الأطفال حقهم في الحياة الكريمة، وأن نتذكر دائماً أنّ كل طفل يستحق أن يعيش وينمو في بيئة مناسبة هادئة بعيدة عن الخوف والألم؛ لأنّ الطفولة السعيدة هي بداية أي مستقبل مشرق.
أخيراً، جيل بلا طفولة هو جيل مهدد بفقدان الأمل، لكن مع الدعم الحقيقي يمكننا أن نعيد لهم أحلامهم، ونمنحهم فرصة لبداية جديدة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 3 ساعات
- الجزيرة
حين يصبح التبرع "عملا وطنيا".. أزمة وحدات الدم تتفاقم بمشافي غزة
غزة- تمثّل أزمة نقص وحدات الدم معضلة يومية للطبيب معتز حرارة، رئيس قسم الاستقبال والطوارئ في مجمع الشفاء الطبي، بمدينة غزة. وحينما يسمع أصوات سيارات الإسعاف، يعرف أنه على موعد مع موجة جديدة من المصابين: عشرات الحالات تصل دفعة واحدة، بعضها في حالة حرجة، ينزفون بغزارة ويحتاجون فورا إلى وحدات دم لإنقاذ حياتهم. وفي الوضع الطبيعي، كان الأطباء يمنحون الجريح 3 أو 4 وحدات دم على الفور، بينما تصل وحدات إضافية من بنك الدم خلال دقائق. أما الآن، فالوضع مختلف كليا. قلق دائم يقول الطبيب حرارة للجزيرة نت "نطلب 4 وحدات دم لجريح حالته خطيرة، فيأتينا بنك الدم بواحدة فقط لا تكفي، ونظل ننتظر متبرعين". ويأتي معظم المصابين الذين يصلون إلى قسمه إثر قصف جوي أو مدفعي على منازل أو خيام مكتظة بالنازحين، أو على تجمعات للمواطنين. وفي تلك اللحظات الحرجة، لا يجد الفريق الطبي ما يكفي من الدم لإجراء تدخل جراحي عاجل أو حتى لتعويض النزف الأولي. ويضيف الدكتور حرارة بنبرة أسف "نعيش قلقا دائما، نخشى أن يتأخر وصول الدم وأن نخسر المريض بين أيدينا فقط لأن كيس دم لم يصل في الوقت المناسب". وداخل بنك الدم في المجمع ذاته، تعمل أماني أبو عودة، المسؤولة في دائرة المختبرات، على تدوين بيانات وحدات دم، وصلت توا من متبرعين قلائل. وتقول للجزيرة نت "منذ عامين، ونحن نعيش نقصا متواصلا في وحدات الدم، فالحرب الحالية جعلت الأمر أكثر كارثية، نحن نستنزف يوميا، فعدد الجرحى في ارتفاع مستمر وأعداد المتبرعين في هبوط حاد". وتشرح المسؤولة الطبية السبب، وتوضح أنه يعود إلى "سوء التغذية، والمجاعة، الناس تخاف التبرع بالدم لأنها لا تملك ما يعوّض الفاقد، البعض يُغمى عليه أثناء التبرع بسبب نقص الهيموغلوبين، ونضطر لتحويله إلى قسم الطوارئ". أزمة متفاقمة ورغم المناشدات اليومية وتكرار دعوات وزارة الصحة، فإن الأزمة تتوسع، فحتى وحدات الدم التي وصلت مؤخرا من الضفة الغربية ، جاءت بكميات قليلة، لا تكفي أمام موجات المصابين اليومية، خاصة في المجازر الجماعية، كما تضيف المسؤولة بدائرة المختبرات. وتتابع "أحيانا تأتينا إصابات مهولة من مجزرة ولا تتوفر وحدات دم كافية، نبدأ الاتصالات مع مستشفيات أخرى، ومع جمعية بنك الدم (أهلية)". وفي قاعة التبرع داخل بنك الدم، تمدد المواطن أبو القاسم الدلو على الكرسي الخاص بسحب الدم ليبدأ الأخصائي بعمله، وبينما يمتلئ الكيس الملقى على الأرض بدمه ببطء، يقول الشاب "كل 3 شهور أتبرع، الحمد لله نسبة الهيموغلوبين عندي عالية، دمي هذا قد ينقذ جريحا. هذا واجب وطني وإنساني". لكن مواطنه جمال الدحدوح، الذي كان ينتظر دوره في التبرع، أقر أنه لم يعد يقوم بذلك بانتظام كما في السابق بسبب المجاعة التي يعيشها سكان قطاع غزة. ويردف "كنت أتبرع بشكل منتظم قبل الحرب. الآن، وبسبب الجوع، لا أستطيع". أما المتبرع الثالث أدهم عبد الرزاق، فقال بصوت خافت "كل يوم نرى بالأخبار عشرات المصابين، هذا يدفعني للتبرع، ربنا يقدرنا على فعل الخير، ونأمل أن تكون هذه الحرب في ساعاتها الأخيرة". صورة قاسية داخل قسم غسل الكلى في المجمع نفسه، الصورة أكثر قسوة، فالمرضى لا يستطيعون التبرع، ولا يجدون من يتبرع لهم، بينما تقلصت جلسات غسل الكلى من 3 جلسات في الأسبوع إلى اثنتين، ومن 4 ساعات إلى ساعتين، وسط انقطاع الكهرباء وشحّ المياه. معزوزة الخطيب (68 عاما) واحدة من هؤلاء، تقول بنبرة احتجاج "حينما أطلب وحدة دم، يقولون لي: أحضري متبرعا، ولمّا أجد واحدا يكون دمه أضعف من دمي، من أين نأتي بالمتبرعين؟ الكل جائع وضعيف". أما زينات العيماوي (55 عاما) التي لم تقوَ على الحديث فتتكلم ابنتها بدلا منها قائلة "أمي الهيموغلوبين عندها لا يزيد على 8 (غرامات/ديسيلتر) وبنك الدم يطلب متبرعين ولا نجد، حالتها معقدة. عندها مرض في الغدد الجار درقية، تحتاج علاجا غير موجود، واستئصال الغدد غير ممكن هنا، وتحتاج سفرا عاجلا للعلاج". وفي زاوية أخرى، تجلس أريج السموني (30 عاما) وهي تعاني من فشل كلوي منذ 6 سنوات، وتقول "بعد كل غسل، يضعف دمي بشكل كبير، ذهبت لبنك الدم، قالوا: أحضري متبرعا، لكن كل الناس دمهم ضعيف، لا أحد يستطيع التبرع" وتختم بحزن "لا نعرف أين نذهب، نريد حلا لأننا نموت ببطء". وكان الطبيب محمد أبو سلمية ، مدير عام مجمع الشفاء الطبي قد حذر -في تصريح صحفي- من خطورة أزمة نقص وحدات الدم، ودعا للتبرع بالدم من خارج قطاع غزة. وقال على حسابه في موقع فيسبوك إن ما تم صرفه للجرحى خلال يونيو/حزيران الماضي هو 10 آلاف وحدة دم ومشتقاته، منها 3500 وحدة وصلت من الضفة الغربية و"الباقي تم توفيره من المُجوَّعين في غزة" مضيفا أن أهل القطاع "لا يستطيعون التبرع بالدم بسبب المجاعة وسوء التغذية".


الجزيرة
منذ 7 ساعات
- الجزيرة
كيف فسَّر إسرائيليون تزايد حالات الانتحار بين جنود الجيش؟
شبكات انتقد ناشطون إسرائيليون الحكومة التي يحملونها مسؤولية تزايد حالات الانتحار في صفوف الجنود الذين قالوا إنها تدفع بهم لحرب قاسية، وتهملهم عن عمد ولا تقدم لهم الرعاية اللازمة. ومن المعروف أن الحروب تترك كثيرا من الآثار النفسية على من يخوضونها، ومن ذلك اضطراب ما بعد الصدمة، والقلق والاكتئاب، وصولا إلى الانتحار. ووفقا لحلقة 2025/7/16 من برنامج "شبكات"، فقد انتحر 43 جنديا خلال الحرب التي تشنها تل أبيب على قطاع غزة منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، بينهم 21 انتحروا خلال 2024 وحدها، وهو رقم كبير مقارنة بحالات الانتحار في سنوات سابقة. وانتحر 3 جنود إسرائيليين خلال الأيام العشرة الأخيرة فقط، ونُقل رابع إلى المستشفى في حالة حرجة بعدما أطلق النار على نفسه. كما تواصل نحو 30 ألف جندي مع الخط الساخن للصحة النفسية منذ بداية الحرب، حسب بيانات الجيش الإسرائيلي. وتم تسريح حوالي 200 عسكري، بسبب مشكلات نفسية ناجمة عن الحرب. وعزت بعض التقارير ارتفاع حالات الانتحار إلى توسع قاعدة الخدمة الإجبارية والاحتياطية التي ضمت جنودا غير مستعدين نفسيا أو بدنيا للمعارك. لكن الجنود الذي يعترفون بمشاكلهم النفسية يقولون إنهم لا يتلقون المساعدة المناسبة، وإنهم يخضعون لبيروقراطية كبيرة لتلقي العلاج، ويرون أن المختصين النفسيين الـ800 الذين يوفرهم الجيش لا يكفون للتعامل مع العدد الكبير من الحالات. إهمال حكومي متعمد ومن بين الجنود المنتحرين، دانييل إدري، الذي أضرم النار في نفسه، وترك رسالة قبل إنهاء حياته قال فيها: "أنا أفقد عقلي.. أشم رائحة الموت والجثث". وقد أكدت عائلته أنه توسل لتلقي العلاج النفسي، لكنه لم يحصل عليه بسبب الإجراءات الإدارية التي تأخذ وقتا طويلا. وأثار تزايد حالات الانتحار بين الجنود حديثا على مواقع التواصل حيث اتهم إسرائيليون الحكومة بالإهمال المتعمد للجنود، وقالوا إن هذه الحرب تُفقد الجنود حياتهم وكرامتهم. فيما قال ناشطون عرب إن ما يعيشه جنود الاحتلال أكبر بكثير مما يتحدثون عنه. فقد كتب "ماسئير": "يستخدمون شبابنا في الحروب ثم يتركونهم بعد ذلك دون رعاية. لا يوجد علاج حقيقي للصحة النفسية لدى جنودنا، وما يحدث هو إهمال مقصود. نخسر الأرواح ونفقد كرامة جنودنا". كما كتب ليئور: "ظروف القتال قاسية للغاية، والجنود يواجهون معارك ليست فقط على الأرض، بل في أعماق نفسياتهم المدمرة التي لا تراعى بما يكفي". أما علي، فقال "إن ما يشاع عن رعب الجنود وخوفهم هو أقل مما يعانونه فعلا. الحقيقة أن القتال يكشف عن أوجاع نفسية عميقة لا ترى، والرعب الحقيقي هو ما في قلوبهم". وأخيرا، قال محمد: "الرعب الذي تزرعه المقاومة في قلوب جنود الاحتلال يتصاعد حتى يختار بعضهم الانتحار بينما حكومتهم لا ترى فيهم سوى عبئا يثقلها". ولا يعترف جيش الاحتلال بعدد حالات الانتحار بين صفوفه وينشر حصيلة سنوية فقط، وهو ما دفع 9 أعضاء من لجنة الخارجية والأمن في الكنيست لعقد جلسة طارئة لمناقشة تصاعد حالات الانتحار بين الجنود.


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
النفايات الطبية تهدد بكارثة بيئية في الخرطوم
الخرطوم- حذر مصدر طبي سوداني من خطورة بقاء نفايات طبية وصفها بـ"الخطيرة" تخص بنك الدم المركزي في العراء لأكثر من 3 أشهر مع بداية هطول الأمطار بالعاصمة الخرطوم ، مما يهدد بكارثة بيئية محتملة. وكانت منظمة الصحة العالمية، حذرت في أبريل/نيسان 2023، بعد أسبوع من اندلاع الحرب من "خطر بيولوجي" مرتفع في السودان بعد سيطرة قوات الدعم السريع على المعمل المركزي للصحة العامة وبنك الدم المركزي وسط الخرطوم، في ظل المعارك بين الجيش وقوات الدعم السريع. وقال المصدر الذي رفض ذكر اسمه للجزيرة نت إن النفايات تشمل عينات من فيروسات الكبد الوبائي وأمراضِ الزهري والسيلان والإيدز وأكياس دم ملوثة، وتابع "الخطير هو فيروس الكبد الوبائي الذي إذا تسرب للتربة يمكن أن يبقى فيها لفترة عام كامل". وتفاقمت الأوضاع الصحية بعد انقطاع التيار الكهربائي عن المعامل الرئيسة وسط العاصمة لفترة طويلة، مما أدى إلى تلف عينات شديدة العدوى مثل الأنسجة والخلايا المريضة وكذلك الفيروسات الوبائية لتشكل أكبر الهواجس والأخطار على البيئة والصحة العامة. وأشار المصدر إلى مراسلات بين إدارة بنك الدم وهيئة نظافة الخرطوم للتخلص من النفايات، ولكن لم تتم الاستجابة، مضيفا أن الهيئة طلبت من إدارة البنك توفير وقود لسيارات نقل ومعالجة النفايات، ورغم مرور أكثر من 3 أشهر لم تتمكن إدارة البنك من الحصول على المبلغ بعد عدة اتصالات أجرتها مع جهات حكومية وطوعية. وقال المصدر "مع دخول فصل الخريف وهطول الأمطار يزداد الوضع خطورة ويهدد بكارثة بيئية خاصة بعد تحطم بعض العبوات التي تحمل الفيروسات بفعل حرارة الشمس" داعيًا الى تحرك سريع لسحب هذه النفايات ومعالجتها في المناطق المخصصة لذلك.