logo
قمة الاتحاد الأوروبي تتجاهل تقريرا يدين جرائم إسرائيل بغزة

قمة الاتحاد الأوروبي تتجاهل تقريرا يدين جرائم إسرائيل بغزة

الجزيرةمنذ يوم واحد

بروكسل – في اليوم الـ622 من الحرب المستمرة على غزة ، وبعد أن تجاوز الشهداء الفلسطينيين 55 ألفا -معظمهم من النساء والأطفال- انعقدت في بروكسل أول أمس الخميس، قمة المجلس الأوروبي، وسط أجواء سياسية مشحونة بالتناقضات، ومثقَلة بصمت رسمي تجاه تقرير داخلي يدين إسرائيل بارتكاب انتهاكات خطيرة قد ترقى إلى "إبادة جماعية صامتة".
وعلى عكس الإجماع الأوروبي الصارم الذي وُجِّه بسرعة نحو موسكو عقب غزوها لأوكرانيا، بدا الاتحاد الأوروبي هذه المرة عاجزا ومنقسما ومكتفيا بعبارات رمادية في ختام القمة، رغم تقرير صادر عن "دائرة العمل الخارجي الأوروبي" (إي إي إيه إس) يُحمّل إسرائيل مسؤولية انتهاكات منهجية ل لقانون الدولي الإنساني في غزة.
هذا التباين في ردود الفعل حول أوكرانيا و فلسطين يطرح أسئلة حادة داخلية حول حيادية الاتحاد الأوروبي، وصدقية قيمه، ومدى خضوعه لضغوط الحلفاء والمصالح الاقتصادية والتاريخية، في وقت تتصاعد فيه المطالب الحقوقية والدبلوماسية لاتخاذ مواقف أكثر صرامة تجاه الجرائم المرتكبة بحق المدنيين الفلسطينيين.
ورغم أن التقرير الذي سرّبته منصات كبرى مثل "بوليتيكو" و"يورونيوز" وصف ما تقوم به إسرائيل بأنه "انتهاك ممنهج للقانون الدولي الإنساني"، وأن الحصار المفروض على غزة يخلق "خطر مجاعة شاملا" قد يرقى إلى "جريمة إبادة جماعية صامتة"، فإن البيان الختامي للقمة اكتفى بعبارة عامة تنص على "أخذ العلم بالتقرير"، دون ذكره بالاسم أو التوصية بأي إجراء فعلي.
وأثار ذلك موجة اتهامات داخل البرلمان الأوروبي وخارجه، وصفت المواقف الأوروبية بأنها "تواطؤ باسم الحياد"، و"تراجع حتى عن الحد الأدنى الأخلاقي".
ويستند تقرير "إي إي إيه إس" إلى مصادر أممية وقرارات صادرة عن محكمة العدل الدولية ، ويخلص إلى أن إسرائيل انتهكت بنود القانون الدولي والإنساني، وخرقت بشكل صارخ المادة الثانية من اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، التي تشترط احترام حقوق الإنسان، لكن رد فعل القمة الأوروبية لم يرقَ لمستوى خطورة المحتوى.
ويقول النائب البلجيكي في البرلمان الأوروبي مارك بوتينغا، للجزيرة نت، إن "تقرير الدائرة الدبلوماسية الأوروبية يوثّق بوضوح انتهاكات خطيرة ترتكبها إسرائيل، تشمل خرقا للمادة الثانية من اتفاقية الشراكة، ومع ذلك لم تُتخذ أي عواقب، وبالنظر إلى تمويل الاتحاد الأوروبي لوزارة الحرب الإسرائيلية، فإن هذا لا يُعد حيادا بل تواطؤا".
وأضاف بوتينغا للجزيرة نت، أن تقرير "إي إي إيه إس" "ليس وثيقة تقنية، بل يحمل وزنا قانونيا وسياسيا ويُوفر أساسا لتعليق الاتفاق، ومع استمرار التجارة رغم علم الاتحاد بهذه الانتهاكات، فإن المسؤولية القانونية قد تطاله".
مواقف متباينة
وفي القمة ذاتها، برزت إسبانيا وبلجيكا كأشد المعترضين، حيث طالب رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز بـ"تعليق اتفاق الشراكة إذا لم تُحترم بنوده المتعلقة بحقوق الإنسان"، في حين شدد وزير خارجيته على ضرورة "وقف فوري لإطلاق النار وتحقيق دولي في المجازر".
وأكدت وزيرة خارجية بلجيكا هدجا لابهبيب، أن "ما يجري في غزة لا يمكن السكوت عنه"، رافضة استمرار "التعامل كالمعتاد مع إسرائيل'.
في المقابل، امتنعت دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا وإيطاليا عن تأييد أي صيغة تدين إسرائيل مباشرة، مما يمكن وصفه بـ"ضعف البيان الختامي".
من جانبه، يوضح أستاذ العلاقات الدولية في جامعة بروكسل، البروفيسور كورت ديبوف للجزيرة نت جذور هذا التردد ويقول "دول مثل ألمانيا والنمسا وهولندا ما زالت تشعر بذنب عميق تجاه المحرقة، وهو ما يدفعها لدعم إسرائيل بلا شروط، كما أن رئيسة المفوضية أورسولا فون دير لاين ، وهي ألمانية، تتبنى مواقف غير متوازنة، مما يزيد الانقسام الأوروبي".
ويرى ديبوف أن غياب موقف واضح من الاتحاد الأوروبي تجاه ما يحدث في غزة "أضعف بشدة مصداقيته، خاصة أمام العالم العربي والإسلامي، الذي بدأ يرد على هذا التناقض، مطالبا أوروبا بالكف عن إلقاء المحاضرات الحقوقية".
خضوع أم مصالح
وعلَّق مراسل الشؤون الأوروبية في وكالة "أسكا نيوز" لورينزو كونسولي، للجزيرة نت قائلا إن "القمة وإن لم تذكر التقرير صراحة، فإنها أدرجت المتابعة في جدول وزراء الخارجية في يوليو/تموز القادم".
واستدرك "الموقف الفرنسي بدا مائعا، إذ رفضت باريس الانضمام للدول التي طالبت بتعليق الاتفاق رغم إدراكها لخطورة الانتهاكات، السبب هو مزيج من الحذر السياسي والمصالح الاقتصادية، خاصة صادرات السلاح".
وأضاف أن الانقسام هذه المرة "حقيقي وعميق، خلافا لأزمات سابقة مثل أوكرانيا، حيث كانت المجر وحدها معارضة. الآن لدينا كتلة داعمة لإسرائيل وأخرى تطالب بالمحاسبة، لكن لا توجد آلية تلقائية لتفعيل الجزاءات، والقرار يتطلب إجماعا سياسيا عاليا".
وختم كونسولي قائلا إنه في اللحظة التي تنسحب فيها واشنطن من التزاماتها الدولية، يُفترض أن تسد أوروبا هذا الفراغ. "لكنها اليوم، بخطابها المزدوج تجاه إسرائيل وأوكرانيا، لا تخسر فقط مصداقيتها، بل تضيّع فرصة نادرة لتكون قوة سياسية ذات معنى في النظام الدولي".
وتساءل: هل فقد الاتحاد الأوروبي بالفعل القدرة على حماية القانون الدولي؟ أم أن غزة فضحت حدود نفاق سيثير الكثير من الجدل الداخلي لسنوات؟
من جهته يرى النائب بوتينغا أن خضوع أوروبا لإرادة واشنطن يُضعف قراراتها، ويقول "بعد قمة الناتو الأخيرة، لا أرى تحوّلا إيجابيا، العديد من الحكومات الأوروبية تتردد باتخاذ موقف ضد إسرائيل خوفا من غضب الولايات المتحدة". وتساءل: "إذا كنا مجرد تابعين، فكيف يمكننا الادعاء بالسيادة أو الدفاع عن القيم العالمية؟".
إدانة حقوقية
ولم تقتصر ردود الفعل على السياسيين، فقد أصدرت منظمات كبرى مثل العفو الدولية و هيومن رايتس ووتش بيانات شديدة اللهجة، ووصفت الأولى التأخر في مراجعة الاتفاق بـ"الكارثة الأخلاقية"، ورأت الثانية أن "عدم تعليق التعاون مع إسرائيل رغم هذا الكم من الانتهاكات، يضع الاتحاد في خانة التواطؤ الصامت".
وأشارت مؤسسات قانونية أوروبية إلى أن الاتحاد قد يواجه دعاوى أمام محاكم دولية، إن ثبت علمه بانتهاكات ترتقي إلى جرائم حرب أو إبادة، واستمر رغم ذلك في الشراكة الاقتصادية والدعم التقني.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تعرف على الآلية الأميركية الإسرائيلية في توزيع المساعدات على غزة
تعرف على الآلية الأميركية الإسرائيلية في توزيع المساعدات على غزة

الجزيرة

timeمنذ 22 دقائق

  • الجزيرة

تعرف على الآلية الأميركية الإسرائيلية في توزيع المساعدات على غزة

رفضت الأمم المتحدة الخطة الإسرائيلية الأميركية في توزيع المساعدات من قبل ما يعرف بمؤسسة غزة الإنسانية وقالت إنها تقصر المساعدات على جنوب القطاع وتجبر المدنيين على عبور مناطق خطرة للحصول على الغذاء. اقرأ المزيد

إعلام إسرائيلي: ترامب يريد تحرير نتنياهو من قبضة اليمين المتطرف
إعلام إسرائيلي: ترامب يريد تحرير نتنياهو من قبضة اليمين المتطرف

الجزيرة

timeمنذ 39 دقائق

  • الجزيرة

إعلام إسرائيلي: ترامب يريد تحرير نتنياهو من قبضة اليمين المتطرف

سلط الإعلام الإسرائيلي الضوء على كيفية إنهاء الحرب في قطاع غزة بعد أسبوع دموي بالنسبة للجيش الإسرائيلي. وقد تصاعد الجدل بين مؤيدي إنهاء الحرب خصوصا عائلات الجنود وذلك من خلال صفقة، وبين مؤيدي استمرار الحرب من الائتلاف الحكومي بهدف احتلال القطاع وفرض الحكم العسكري عليه. ونقل محلل الشؤون السياسية في القناة 12، أمنون أبراموفيتش عن رئيس الأركان، إيال زامير قوله "استنفدنا الإنجازات ويجب أن ننسحب من غزة"، وعن قائد سلاح الجو اللواء تومر بار قوله إن "المهمة الأهم حاليا هي إطلاق سراح المخطوفين". وعبّر أبراموفيتش عن أمله في أن "يتجرأ رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ويمضي إلى الأمام"، مشيرا إلى أن نتنياهو سيواجه عقبات في منزله الخاص وفي قاعدته الانتخابية في الليكود. ويرى آري شبيط، وهو صحفي وكاتب أن "الرئيس الأميركي دونالد ترامب يريد التقدم في مسألة غزة ويريد التقدم تجاه السعودية، وهو يدرك أنه لتحقيق ذلك يجب تحرير نتنياهو من قبضة اليمين المتطرف، ولذلك فهو يقود هذا الأمر". وذكرت محللة الشؤون السياسية في القناة 12، دانا فايس أن "نتنياهو يريد إنجاز التطبيع مع السعودية وسوريا ولبنان وإندونيسيا وماليزيا، ومن الواضح للجميع، بمن فيهم رئيس الحكومة، أن المفتاح لذلك هو إنهاء الحرب في غزة". وبشأن المؤيدين لاستمرار الحرب، يقول عضو الكنيست عن حزب الليكود، خانوخ مليفيتسكي، إن إسرائيل عليها أن تسيطر بشكل كامل على قطاع غزة وتفرض حكما عسكريا هناك. صدمة وانهيار ومن جهته، قال محلل الشؤون العسكرية في القناة "آي24″، يوسي يهوشوع إنه "في حال ذهبت إسرائيل إلى اتفاق فلن تفكك حركة المقاومة الإسلامية (حماس)، بل ستتخلى عن أحد أهداف الحرب". وقالت بت إيل، وهي والدة ضابط في سلاح البر للقناة كان 11 "لا يمكن القضاء على حماس، يجب التوصل إلى تسوية سياسية"، وتساءلت: "هل نريد أن نفقد 300 أو 400 من أبنائنا؟ هذا الجيل سيخرج مصابا بصدمة". وذكرت أن ابنها يخبرها أن جنوده منهارين. وفي السياق نفسها، أكد مراسل الشؤون العسكرية في القناة 13، ألون بن دافيد، أن الجيش الإسرائيلي يعاني من الإنهاك، وقال "كم عدد الجنود الذين سنضحي بهم ونحن نركض وراء الانتصار المطلق؟".

نتنياهو يشكر ترامب على دعوته للتوصل إلى اتفاق بغزة
نتنياهو يشكر ترامب على دعوته للتوصل إلى اتفاق بغزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

نتنياهو يشكر ترامب على دعوته للتوصل إلى اتفاق بغزة

شكر رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو -المطلوب من المحكمة الجنائية الدولية – الرئيس الأميركي دونالد ترامب على دعوته للتوصل إلى اتفاق في غزة، قائلا "معا سنجعل الشرق الأوسط عظيما مرة أخرى". وكانت مصادر إسرائيلية أفادت أمس السبت بإحراز تقدم في مفاوضات وقف إطلاق النار والإفراج عن المحتجزين الإسرائيليين في قطاع غزة، في ظل زيارة مرتقبة لوزير الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمر ل واشنطن. وقالت هيئة البث الإسرائيلية، نقلا عن مصادر، إنه رغم التقدم المحرز فإن ذلك لم يصل إلى مرحلة إرسال وفد للتفاوض، مشيرة إلى أن الخلاف الرئيسي يتمحور حول شروط إنهاء الحرب، والضمانات التي تطالب بها حركة المقاومة الإسلامية ( حماس). وفي السياق ذاته، نقلت صحيفة "يديعوت أحرونوت" عن مسؤولين إسرائيليين مطلعين استغرابهم من تفاؤل الرئيس ترامب بشأن إمكانية التوصل إلى وقف لإطلاق النار في غزة خلال الأسبوع المقبل، مؤكدين أن إسرائيل لم تُبلّغ بأي تغيير أو تقدم يبرر هذا التفاؤل، ولا توجد مؤشرات على مرونة في موقف حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أو رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بشأن إنهاء الحرب. وأضافت الصحيفة نقلا عن المسؤولين الإسرائيليين أن أحد التقديرات يشير إلى أن تفاؤل ترامب قد يكون محاولة لاستثمار الزخم السياسي بعد انتهاء الحرب مع إيران لتحقيق إنجاز سياسي إضافي. ورغم أنهم أكدوا وجود اتصالات ومحادثات مكثفة في الكواليس لكنهم نفوا وجود نتائج ملموسة أو اختراق حقيقي حتى الآن. وقد نقلت وكالة رويترز عن ترامب قوله "أنجزوا الاتفاق بشأن غزة واستعيدوا الرهائن"، وفي وقت سابق تحدّث ترامب عن اتفاق محتمل لوقف إطلاق النار في غزة قد يتم التوصل إليه الأسبوع المقبل. وحثّ ترامب، في منشور كتبه في وقت متأخر الليلة الماضية، إسرائيل وحركة حماس على إبرام صفقةٍ في قطاع غزة تهدف إلى إعادة المحتجزين ووقف إطلاق النار. وكتب ترامب على منصته "تروث سوشيال" يقول "أبرموا صفقة في غزة. استرجعوا الرهائن"، وذلك في محاولةٍ منه على ما يبدو للضغط على نتنياهو للتوصل إلى اتفاق، وفق ما ذكرته صحيفة "تايمز أوف إسرائيل". وقال الرئيس الأميركي، أمس الأول الجمعة، إن وقف إطلاق النار في غزة بات "وشيكا"، وأضاف خلال استقبال وزيري خارجية رواندا والكونغو الديمقراطية في البيت الأبيض بمناسبة توقيعهما اتفاق سلام بين بلديهما، "سنصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة في غضون الأسبوع المقبل".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store