logo
هل يؤثر ترتيب ميلادك بين أشقائك على شخصيتك؟

هل يؤثر ترتيب ميلادك بين أشقائك على شخصيتك؟

الصحراءمنذ 6 ساعات
لطالما حيّرت مسألة تأثير ترتيب ميلاد الإخوة على شخصياتهم عائلاتهم وعلماء النفس لسنوات. لكن الأدلة ليست واضحة كما قد تظنون.
بصفتي الابنة الكبرى بين اثنتين، غالباً ما أتماثل مع السمات التي تُنسب عادةً إلى الأخت الكبرى: المسؤولية، الوعي، والسعي للكمال. والدتي أيضاً ابنة كبرى، وتشترك معي في هذه السمات. أما أختي الصغرى، فهي أكثر هدوءاً بعض الشيء - فرغم أننا نشأنا في نفس المنزل مع نفس الوالدين، وكنا قريبات من بعضنا، إلا أن شخصياتنا مختلفة تماماً.
تساءلتُ عما إذا كان هذا الاختلاف ناتجاً عن ترتيب ميلادنا - هل هناك أي أساس علمي لفكرة أن كوننا الأكبر أو الأصغر أو الطفل الوحيد يُشكل هويتنا، وكيف نتعامل مع العالم؟
لغزٌ دام قرناً
على الرغم من أن مسألة ما إذا كان ترتيب ميلادنا بين الأشقاء يُشكل شخصياتنا قد أثارت اهتمام المجتمع العلمي والجمهور لأكثر من 100 عام، إلا أن هذه المسألة لا تزال محل جدل.
تاريخياً، توصلت الأبحاث إلى نتائج متضاربة. وهناك عدة أسباب لذلك، لكن ببساطة: يصعب قياس ذلك.
توضح روديكا داميان، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة هيوستن، تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الدراسات السابقة غالباً ما شملت عينات صغيرة. إضافة إلى أن اختبارات الشخصية غالباً ما تُبلّغ بشكل ذاتي عن طريق الأشخاص أنفسهم، وهذا ما قد يجعل النتائج والإجابات متحيزة نوعاً ما.
تشير الدراسات الحديثة إلى وجود متغيرات مُحيرة تجعل من الصعب تحديد ما إذا كان ترتيب الولادة يؤثر بشكل منهجي - أي بمعنى أنه يترك الأثر نفسه على جميع الأفراد. فعدد الإخوة الإجمالي قد يشكل أحد العوامل المؤثرة.
على سبيل المثال: من المتوقع أن تختلف ديناميكيات العلاقات تماماً في عائلة مكونة من طفلين مقارنة بعائلة لديها سبعة أطفال. إن كونك الطفل الأكبر أو الأصغر في هذه العائلات متنوعة الحجم قد يشكل تجارب حياتية شديدة الاختلاف، لا يمكن مقارنتها بشكل مباشر.
وقد يتداخل حجم الأسرة وتجربة الطفولة في أي عائلة مع عوامل أخرى عديدة، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة (فالأسر الأكثر ثراءً ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى تميل إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال، على سبيل المثال). ثم هناك عمر الشخص وجنسه، ما قد يؤثر على تجربته داخل الأسرة وخارجها.
وفي هذا السياق، لم يتمكن الباحثون من استنتاج أن ترتيب الولادة له أي تأثيرات متسقة وعالمية على شخصياتنا. لكن هذا لا يعني أن ترتيب الولادة غير ذي صلة. فقد يؤدّي دوراً داخل بعض العائلات أو الثقافات.
تقول جوليا روهرر، الباحثة في علم الشخصية بجامعة لايبزيغ في ألمانيا، "أعتقد أن لدى الناس الكثير من المعتقدات التي عفا عليها الزمن نوعاً ما، أو التي لم تكن مدعومة جيداً في المقام الأول". على سبيل المثال، تُعدّ "متلازمة الابنة الكبرى" مسألةً جوهريةً؛ فبالطبع، غالباً ما تختلف أدوار النساء ويُتوقع منهن تقديم المزيد من الرعاية. كما يُتوقع من الأبناء البكر رعاية إخوتهم الأصغر سناً.
وتضيف "قد يتوافق هذا تماماً مع تجارب بعض النساء، لكنّه يختلف مع أخريات، نظراً لاختلاف العائلات". بمعنى آخر، ليست كل ابنة كبرى مسؤولةً وعطوفةً - لكن قد تبدو فكرة "متلازمة الابنة الكبرى" صحيحةً بالنسبة للبعض، لأنهنّ نشأن بالفعل وهنّ مُضطرّات لرعاية إخوتهنّ الأصغر سناً، ويشعرن بأنّ هذه التجربة شكّلت شخصياتهنّ.
ووجدت جوليا وزملاؤها أنّ ترتيب الولادة "ليس له تأثيرٌ دائمٌ على سمات الشخصية العامة"، بعد دراسة ثلاث مجموعات بيانات كبيرة من مسوحات في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، ضمّت كلٌّ منها بياناتٍ من آلاف الأشخاص. ومع ذلك، أكّدت الدراسة نتائجَ سابقةً حول تأثير ترتيب الولادة على سمةٍ واحدةٍ مُحدّدة هي الذكاء.
فالذكاء ظاهرة معقدة، ويمكن للدراسات قياسه فقط من خلال الأداء في اختبارات الذكاء، ومستوى الذكاء المُبلّغ عنه ذاتياً. وقد كتبت جوليا وزملاؤها في الدراسة عن الذكاء: "أكّدت الدراسة تأثير ارتفاع درجات المواليد الأوائل في اختبارات الذكاء المُقاسة موضوعياً، ووجدنا أيضاً تأثيراً مشابهاً على مستوى الذكاء المُبلّغ عنه ذاتياً". وكانت أبحاث سابقة قد وثّقت أن الأداء في اختبارات الذكاء "يتراجع بشكل طفيف بين المواليد الأوائل والمواليد اللاحقين".
أما بالنسبة لترتيب الميلاد وسمات الشخصية الأخرى، فتقول جوليا إن التأمل في تجربة المرء قد يكون له معنى، حتى لو لم يكن هناك نمط عالمي. وتضيف عن مصطلحات مثل "متلازمة الابنة الكبرى": "إنها تُعطي تصنيفاً يُمكنك من خلاله العثور على أشخاص آخرين نشأوا في ظروف مماثلة، وتبادل الخبرات وما إلى ذلك". ولا حرج في تأطير تجربتك بهذه الطريقة، "طالما أنك لا تفترض أن هذه التجربة عالمية".
وتؤيد روديكا داميان هذا الرأي قائلة "مع أننا لا نجد اختلافات منهجية في الشخصية، فإن هذا لا يعني عدم وجود عمليات اجتماعية داخل كل عائلة أو داخل كل ثقافة يُمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة بناءً على ترتيب الميلاد".
على سبيل المثال، تُعرف المملكة المتحدة تاريخياً بثقافة البكورة (التي تُفضل الذكور)، ما يعني أن الابن الأكبر سيكون أول من يرث ثروة العائلة أو ممتلكاتها أو ألقابها.
ولم ينتهِ نظام البكورة في النظام الملكي إلا في عام 2013، مع إقرار قانون خلافة التاج، ما ألغى حق الوريث الذكر في خلع ابنته الكبرى من حقها في التاج. وتنتشر فكرة البكورة بشكل مثير للدهشة: ففي مسلسل "الخلافة"، وهو مسلسل كوميدي درامي ساخر من إنتاج شركة إتش بي أو إتش بي أو العالمية، يتناول صراع عائلة للسيطرة على إمبراطورية إعلامية، ويصرخ أحد الشخصيات "أنا الابن الأكبر!" في إحدى الحلقات. فهو يعتقد أن مكانته الاجتماعية يجب أن تمنحه الحق في تولي منصب الرئيس التنفيذي لوالده، على الرغم من أنه في الواقع ثاني أكبر أبناء العائلة (لكن ليس هذا موضوعنا).
تقول روديكا "إذا كانت الممارسة الاجتماعية قائمة على ترتيب الميلاد، فبالتأكيد، سيؤثر ترتيب الميلاد على نتائجك".
هل العمر مجرد رقم؟
يشرح الباحثون كيف يمكن الخلط بسهولة بين التجارب المرتبطة بالعمر وسمات الشخصية أو السلوكيات التي يُعتقد أن ترتيب الولادة يؤثر فيها. خذ على سبيل المثال الأخ الأكبر "المسؤول": "مع تقدم الناس في العمر، يصبحون أكثر تحملاً للمسؤولية وضبطاً للنفس. لذا فإن الطفل البكر سيكون دائماً أكبر سناً من الأخوة الأصغر، وعندما تراقب أطفالك وهم يكبرون، ستجد أن البكر دائماً أكثر مسؤولية"، كما يوضح داميان.
وتضيف: "الأمر الآخر أن الناس يصبحون أكثر وعياً بذواتهم مع تقدم العمر. لذا قد يبدو الطفل الثاني أكثر اجتماعية وأقل عصابية، لأن الطفل في العاشرة من عمره يكون أكثر سعادة وثقة بنفسه... مقارنةً بمراهق الأربعة عشر عاماً الذي يقلق من كل شيء. هذا ببساطة لأن كل مرحلة عمرية لها تحدياتها المختلفة".
ومن العوامل المهمة أيضاً، دوائر صداقة الأطفال. تشير دراسات متعددة إلى وجود صلة بين الأقران الجانحين والسلوك الجانح، على سبيل المثال، لذا قد يكون الطفل الأكبر سناً أكثر ميلاً لكسر القواعد اعتماداً على الأشخاص المحيطين به.
الأشقاء الأذكياء
وكما ذكرنا سابقاً، من النتائج الثابتة التي تَظهَر في أبحاث ترتيب المواليد: العلاقة بين ترتيب المواليد والذكاء، حيث يُظهر المواليد الأوائل متوسطاً أعلى قليلاً في السمات المتعلقة بالذكاء مقارنةً بالمواليد الأصغر سناً. تقول روديكا: "يظهر هذا الارتباط بالذكاء غالباً في نتائج اختبارات الذكاء اللفظي، وله تأثير ضئيل جداً". تماماً مثل إجراء اختبار مرتين، فمن المرجح أن نتيجتك "ستعتمد على اليوم أو الحالة المزاجية، أو ما تناولته في ذلك الصباح، أو مدة نومك".
ويمكن تفسير ذلك أيضاً بالتحفيز المعرفي في السنوات الأولى من الحياة.
تُشير روديكا إلى أنه كلما زاد عدد البالغين لكل طفل في الأسرة، زاد تعاملهم مع اللغة والمفردات الناضجة. ولكن عندما يكون هناك عدد أكبر من الأشقاء المولودين في الأسرة، فقد تنخفض مستويات التحفيز المعرفي. وتقول "لذا، فالأمر لا يتعلق بذكائهم الوراثي أو امتلاكهم إمكانيات أكبر، بل يتعلق الأمر بارتفاع معدل ذكائهم اللفظي في الاختبار، الذي قد يُعزى إلى معرفتهم بكلمات أكثر، لأن عدداً أكبر من البالغين تحدثوا إليهم مقارنةً بالأطفال الآخرين". وتضيف "مع وجود طفلين، ربما يُخصص جزء من وقت القراءة لإدارة تفاعلات الأشقاء حيث يكون المدخل اللفظي أقل تأثيراً". وهناك أيضاً اقتراحات بأنه عندما يُعلّم الأشقاء الأكبر سناً أشقاءهم الأصغر سناً، أو يشرحون لهم الأمور، فإنهم يستخدمون "موارد معرفية أكبر".
ومن المثير للاهتمام أن أنماط الذكاء هذه لا تُطبّق عالمياً. فعلى سبيل المثال، تختلف بيانات الدول النامية عن بيانات الدول المتقدمة. ففي إندونيسيا، من المرجح أن يحظى الأشقاء المولودون لاحقاً بفرص تعليمية أفضل من أشقائهم الأكبر سناً، ربما بسبب القيود المالية، التي تخفّ فقط عندما يبدأ الأشقاء الأكبر سناً بالمساهمة في دخل الأسرة.
ووفقاً لروديكا وزملائها، فإن لترتيب الميلاد "تأثيرات ضئيلة" على المسارات المهنية أيضاً. ففي الماضي، كان الاعتقاد السائد بين العلماء أن الأخ الأكبر غالباً سيدخل مساراً أكاديمياً أو علمياً، بينما سيدخل الأخ الأصغر مساراً أكثر إبداعاً. لكن روديكا وجدت عكس ذلك. ففي دراستها الطولية، التي شملت عينة من طلاب المدارس الثانوية الأمريكية عام 1960، ثم نفس المشاركين بعد 60 عاماً، وانتهى المطاف بالأبكار في مسارات مهنية أكثر إبداعاً.
هل الأطفال الوحيدون "أنانيون"؟
غالباً ما يُنظر إلى الأطفال الوحيدين على أنهم أكثر أنانية من الأطفال المولودين مع أشقاء، بدعوى عدم اضطرارهم للتنافس على اهتمام الوالدين. ومع ذلك، أظهرت دراسات حديثة أن هذا ليس صحيحاً، وأن النشأة بدون أشقاء لا تؤدي إلى زيادة الأنانية أو النرجسية. وتشير أبحاث أخرى إلى أن السلوكيات الاجتماعية للأطفال الوحيدين مقارنةً بالأطفال الذين لديهم أشقاء ليست كبيرة أو منتشرة، و"قد تتقلص مع التقدم في السن".
ولم تشمل أبحاث ترتيب الولادة عادةً الأطفال الوحيدين، بحجة أنه لا يمكن مقارنتهم بإنصاف بالأطفال الذين نشأوا مع أشقاء. ومع ذلك، من الممكن مقارنة سمات شخصية الأشقاء والأطفال الوحيدين، وفقاً لورقة بحثية نُشرت عام 2025 من قِبل مايكل أشتون، أستاذ علم النفس في جامعة بروك، كندا، وكيبيوم لي، أستاذ علم النفس في جامعة كالغاري، كندا.
وقد قدّمت دراستهما بعض النتائج الجديدة والمثيرة للاهتمام. إذ درست الدراسة العلاقة بين الشخصية وترتيب الميلاد وعدد الأشقاء، لدى 700 ألف بالغ عبر الإنترنت في عينة واحدة، وأكثر من 70 ألف في عينة أخرى منفصلة. وسجّل الأشقاء الأوسط والأخير متوسط درجات أعلى على مقايّس "الصدق والتواضع واللطف" مقارنةً بالأشقاء البكر. ويقيس "الصدق والتواضع" مدى صدق الشخص وتواضعه، ما يعني أن الشخص الذي يحصل على درجات عالية من غير المرجح أن يتلاعب بالآخرين، أو يخالف القواعد، أو يشعر بأنه صاحب حق. أما الشخص الذي يحصل على درجات منخفضة، فقد يكون أكثر ميلاً لخرق القواعد، وقد يشعر بأهمية كبيرة لنفسه. وعلى مقياس اللطف، يميل الشخص الذي يحصل على درجات عالية إلى التسامح، والتساهل في الحكم على الآخرين، وضبط النفس، والاستعداد للتنازل، بينما قد يكون الشخص الذي يحصل على درجات منخفضة حاقداً، وعنيداً، وسريع الغضب، وينتقد الآخرين.
يقول أشتون ولي: "كانت هذه الاختلافات ضئيلة الحجم، خاصةً عندما تشمل المقارنات أفراداً من عائلات لديها نفس العدد من الأطفال. في المقابل، كانت الاختلافات في هذه الأبعاد بين أفراد أسرة ذات طفل واحد (أي الأطفال الوحيدين) وأفراد أسرة ذات ستة أطفال أو أكثر أكبر بكثير، في مكان ما بين الأحجام يسميها علماء الاجتماع "صغيرة" و"متوسطة".
فأتساءل، هل تأثير ترتيب الولادة مجرد نظرية زومبي – أي مفهوم خاطئ لكنه يرفض الزوال؟، ولا توافق جوليا روهرر على ذلك. وتقول: "لست متأكدة مما إذا كنت سأسميها نظرية زومبي. من المنظور العلمي، أعتقد أن الدراسات العلمية تتقدم بشكل مثمر".
لذا، قد نحصل يوماً ما على إجابة أوضح حول ما معنى أن تكونين الابنة الكبرى. إلى ذلك الحين، سأستمر في جعل أختي الصغرى تعتقد أنني أذكى منها بطبيعتي.
نقلا عن بي بي سي العربية نت

هاشتاغز

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

هل يؤثر ترتيب ميلادك بين أشقائك على شخصيتك؟
هل يؤثر ترتيب ميلادك بين أشقائك على شخصيتك؟

الصحراء

timeمنذ 6 ساعات

  • الصحراء

هل يؤثر ترتيب ميلادك بين أشقائك على شخصيتك؟

لطالما حيّرت مسألة تأثير ترتيب ميلاد الإخوة على شخصياتهم عائلاتهم وعلماء النفس لسنوات. لكن الأدلة ليست واضحة كما قد تظنون. بصفتي الابنة الكبرى بين اثنتين، غالباً ما أتماثل مع السمات التي تُنسب عادةً إلى الأخت الكبرى: المسؤولية، الوعي، والسعي للكمال. والدتي أيضاً ابنة كبرى، وتشترك معي في هذه السمات. أما أختي الصغرى، فهي أكثر هدوءاً بعض الشيء - فرغم أننا نشأنا في نفس المنزل مع نفس الوالدين، وكنا قريبات من بعضنا، إلا أن شخصياتنا مختلفة تماماً. تساءلتُ عما إذا كان هذا الاختلاف ناتجاً عن ترتيب ميلادنا - هل هناك أي أساس علمي لفكرة أن كوننا الأكبر أو الأصغر أو الطفل الوحيد يُشكل هويتنا، وكيف نتعامل مع العالم؟ لغزٌ دام قرناً على الرغم من أن مسألة ما إذا كان ترتيب ميلادنا بين الأشقاء يُشكل شخصياتنا قد أثارت اهتمام المجتمع العلمي والجمهور لأكثر من 100 عام، إلا أن هذه المسألة لا تزال محل جدل. تاريخياً، توصلت الأبحاث إلى نتائج متضاربة. وهناك عدة أسباب لذلك، لكن ببساطة: يصعب قياس ذلك. توضح روديكا داميان، الأستاذة المساعدة في علم النفس بجامعة هيوستن، تكساس في الولايات المتحدة الأمريكية، أن الدراسات السابقة غالباً ما شملت عينات صغيرة. إضافة إلى أن اختبارات الشخصية غالباً ما تُبلّغ بشكل ذاتي عن طريق الأشخاص أنفسهم، وهذا ما قد يجعل النتائج والإجابات متحيزة نوعاً ما. تشير الدراسات الحديثة إلى وجود متغيرات مُحيرة تجعل من الصعب تحديد ما إذا كان ترتيب الولادة يؤثر بشكل منهجي - أي بمعنى أنه يترك الأثر نفسه على جميع الأفراد. فعدد الإخوة الإجمالي قد يشكل أحد العوامل المؤثرة. على سبيل المثال: من المتوقع أن تختلف ديناميكيات العلاقات تماماً في عائلة مكونة من طفلين مقارنة بعائلة لديها سبعة أطفال. إن كونك الطفل الأكبر أو الأصغر في هذه العائلات متنوعة الحجم قد يشكل تجارب حياتية شديدة الاختلاف، لا يمكن مقارنتها بشكل مباشر. وقد يتداخل حجم الأسرة وتجربة الطفولة في أي عائلة مع عوامل أخرى عديدة، مثل الوضع الاجتماعي والاقتصادي للأسرة (فالأسر الأكثر ثراءً ذات الوضع الاجتماعي والاقتصادي الأعلى تميل إلى إنجاب عدد أقل من الأطفال، على سبيل المثال). ثم هناك عمر الشخص وجنسه، ما قد يؤثر على تجربته داخل الأسرة وخارجها. وفي هذا السياق، لم يتمكن الباحثون من استنتاج أن ترتيب الولادة له أي تأثيرات متسقة وعالمية على شخصياتنا. لكن هذا لا يعني أن ترتيب الولادة غير ذي صلة. فقد يؤدّي دوراً داخل بعض العائلات أو الثقافات. تقول جوليا روهرر، الباحثة في علم الشخصية بجامعة لايبزيغ في ألمانيا، "أعتقد أن لدى الناس الكثير من المعتقدات التي عفا عليها الزمن نوعاً ما، أو التي لم تكن مدعومة جيداً في المقام الأول". على سبيل المثال، تُعدّ "متلازمة الابنة الكبرى" مسألةً جوهريةً؛ فبالطبع، غالباً ما تختلف أدوار النساء ويُتوقع منهن تقديم المزيد من الرعاية. كما يُتوقع من الأبناء البكر رعاية إخوتهم الأصغر سناً. وتضيف "قد يتوافق هذا تماماً مع تجارب بعض النساء، لكنّه يختلف مع أخريات، نظراً لاختلاف العائلات". بمعنى آخر، ليست كل ابنة كبرى مسؤولةً وعطوفةً - لكن قد تبدو فكرة "متلازمة الابنة الكبرى" صحيحةً بالنسبة للبعض، لأنهنّ نشأن بالفعل وهنّ مُضطرّات لرعاية إخوتهنّ الأصغر سناً، ويشعرن بأنّ هذه التجربة شكّلت شخصياتهنّ. ووجدت جوليا وزملاؤها أنّ ترتيب الولادة "ليس له تأثيرٌ دائمٌ على سمات الشخصية العامة"، بعد دراسة ثلاث مجموعات بيانات كبيرة من مسوحات في بريطانيا والولايات المتحدة وألمانيا، ضمّت كلٌّ منها بياناتٍ من آلاف الأشخاص. ومع ذلك، أكّدت الدراسة نتائجَ سابقةً حول تأثير ترتيب الولادة على سمةٍ واحدةٍ مُحدّدة هي الذكاء. فالذكاء ظاهرة معقدة، ويمكن للدراسات قياسه فقط من خلال الأداء في اختبارات الذكاء، ومستوى الذكاء المُبلّغ عنه ذاتياً. وقد كتبت جوليا وزملاؤها في الدراسة عن الذكاء: "أكّدت الدراسة تأثير ارتفاع درجات المواليد الأوائل في اختبارات الذكاء المُقاسة موضوعياً، ووجدنا أيضاً تأثيراً مشابهاً على مستوى الذكاء المُبلّغ عنه ذاتياً". وكانت أبحاث سابقة قد وثّقت أن الأداء في اختبارات الذكاء "يتراجع بشكل طفيف بين المواليد الأوائل والمواليد اللاحقين". أما بالنسبة لترتيب الميلاد وسمات الشخصية الأخرى، فتقول جوليا إن التأمل في تجربة المرء قد يكون له معنى، حتى لو لم يكن هناك نمط عالمي. وتضيف عن مصطلحات مثل "متلازمة الابنة الكبرى": "إنها تُعطي تصنيفاً يُمكنك من خلاله العثور على أشخاص آخرين نشأوا في ظروف مماثلة، وتبادل الخبرات وما إلى ذلك". ولا حرج في تأطير تجربتك بهذه الطريقة، "طالما أنك لا تفترض أن هذه التجربة عالمية". وتؤيد روديكا داميان هذا الرأي قائلة "مع أننا لا نجد اختلافات منهجية في الشخصية، فإن هذا لا يعني عدم وجود عمليات اجتماعية داخل كل عائلة أو داخل كل ثقافة يُمكن أن تؤدي إلى نتائج مختلفة بناءً على ترتيب الميلاد". على سبيل المثال، تُعرف المملكة المتحدة تاريخياً بثقافة البكورة (التي تُفضل الذكور)، ما يعني أن الابن الأكبر سيكون أول من يرث ثروة العائلة أو ممتلكاتها أو ألقابها. ولم ينتهِ نظام البكورة في النظام الملكي إلا في عام 2013، مع إقرار قانون خلافة التاج، ما ألغى حق الوريث الذكر في خلع ابنته الكبرى من حقها في التاج. وتنتشر فكرة البكورة بشكل مثير للدهشة: ففي مسلسل "الخلافة"، وهو مسلسل كوميدي درامي ساخر من إنتاج شركة إتش بي أو إتش بي أو العالمية، يتناول صراع عائلة للسيطرة على إمبراطورية إعلامية، ويصرخ أحد الشخصيات "أنا الابن الأكبر!" في إحدى الحلقات. فهو يعتقد أن مكانته الاجتماعية يجب أن تمنحه الحق في تولي منصب الرئيس التنفيذي لوالده، على الرغم من أنه في الواقع ثاني أكبر أبناء العائلة (لكن ليس هذا موضوعنا). تقول روديكا "إذا كانت الممارسة الاجتماعية قائمة على ترتيب الميلاد، فبالتأكيد، سيؤثر ترتيب الميلاد على نتائجك". هل العمر مجرد رقم؟ يشرح الباحثون كيف يمكن الخلط بسهولة بين التجارب المرتبطة بالعمر وسمات الشخصية أو السلوكيات التي يُعتقد أن ترتيب الولادة يؤثر فيها. خذ على سبيل المثال الأخ الأكبر "المسؤول": "مع تقدم الناس في العمر، يصبحون أكثر تحملاً للمسؤولية وضبطاً للنفس. لذا فإن الطفل البكر سيكون دائماً أكبر سناً من الأخوة الأصغر، وعندما تراقب أطفالك وهم يكبرون، ستجد أن البكر دائماً أكثر مسؤولية"، كما يوضح داميان. وتضيف: "الأمر الآخر أن الناس يصبحون أكثر وعياً بذواتهم مع تقدم العمر. لذا قد يبدو الطفل الثاني أكثر اجتماعية وأقل عصابية، لأن الطفل في العاشرة من عمره يكون أكثر سعادة وثقة بنفسه... مقارنةً بمراهق الأربعة عشر عاماً الذي يقلق من كل شيء. هذا ببساطة لأن كل مرحلة عمرية لها تحدياتها المختلفة". ومن العوامل المهمة أيضاً، دوائر صداقة الأطفال. تشير دراسات متعددة إلى وجود صلة بين الأقران الجانحين والسلوك الجانح، على سبيل المثال، لذا قد يكون الطفل الأكبر سناً أكثر ميلاً لكسر القواعد اعتماداً على الأشخاص المحيطين به. الأشقاء الأذكياء وكما ذكرنا سابقاً، من النتائج الثابتة التي تَظهَر في أبحاث ترتيب المواليد: العلاقة بين ترتيب المواليد والذكاء، حيث يُظهر المواليد الأوائل متوسطاً أعلى قليلاً في السمات المتعلقة بالذكاء مقارنةً بالمواليد الأصغر سناً. تقول روديكا: "يظهر هذا الارتباط بالذكاء غالباً في نتائج اختبارات الذكاء اللفظي، وله تأثير ضئيل جداً". تماماً مثل إجراء اختبار مرتين، فمن المرجح أن نتيجتك "ستعتمد على اليوم أو الحالة المزاجية، أو ما تناولته في ذلك الصباح، أو مدة نومك". ويمكن تفسير ذلك أيضاً بالتحفيز المعرفي في السنوات الأولى من الحياة. تُشير روديكا إلى أنه كلما زاد عدد البالغين لكل طفل في الأسرة، زاد تعاملهم مع اللغة والمفردات الناضجة. ولكن عندما يكون هناك عدد أكبر من الأشقاء المولودين في الأسرة، فقد تنخفض مستويات التحفيز المعرفي. وتقول "لذا، فالأمر لا يتعلق بذكائهم الوراثي أو امتلاكهم إمكانيات أكبر، بل يتعلق الأمر بارتفاع معدل ذكائهم اللفظي في الاختبار، الذي قد يُعزى إلى معرفتهم بكلمات أكثر، لأن عدداً أكبر من البالغين تحدثوا إليهم مقارنةً بالأطفال الآخرين". وتضيف "مع وجود طفلين، ربما يُخصص جزء من وقت القراءة لإدارة تفاعلات الأشقاء حيث يكون المدخل اللفظي أقل تأثيراً". وهناك أيضاً اقتراحات بأنه عندما يُعلّم الأشقاء الأكبر سناً أشقاءهم الأصغر سناً، أو يشرحون لهم الأمور، فإنهم يستخدمون "موارد معرفية أكبر". ومن المثير للاهتمام أن أنماط الذكاء هذه لا تُطبّق عالمياً. فعلى سبيل المثال، تختلف بيانات الدول النامية عن بيانات الدول المتقدمة. ففي إندونيسيا، من المرجح أن يحظى الأشقاء المولودون لاحقاً بفرص تعليمية أفضل من أشقائهم الأكبر سناً، ربما بسبب القيود المالية، التي تخفّ فقط عندما يبدأ الأشقاء الأكبر سناً بالمساهمة في دخل الأسرة. ووفقاً لروديكا وزملائها، فإن لترتيب الميلاد "تأثيرات ضئيلة" على المسارات المهنية أيضاً. ففي الماضي، كان الاعتقاد السائد بين العلماء أن الأخ الأكبر غالباً سيدخل مساراً أكاديمياً أو علمياً، بينما سيدخل الأخ الأصغر مساراً أكثر إبداعاً. لكن روديكا وجدت عكس ذلك. ففي دراستها الطولية، التي شملت عينة من طلاب المدارس الثانوية الأمريكية عام 1960، ثم نفس المشاركين بعد 60 عاماً، وانتهى المطاف بالأبكار في مسارات مهنية أكثر إبداعاً. هل الأطفال الوحيدون "أنانيون"؟ غالباً ما يُنظر إلى الأطفال الوحيدين على أنهم أكثر أنانية من الأطفال المولودين مع أشقاء، بدعوى عدم اضطرارهم للتنافس على اهتمام الوالدين. ومع ذلك، أظهرت دراسات حديثة أن هذا ليس صحيحاً، وأن النشأة بدون أشقاء لا تؤدي إلى زيادة الأنانية أو النرجسية. وتشير أبحاث أخرى إلى أن السلوكيات الاجتماعية للأطفال الوحيدين مقارنةً بالأطفال الذين لديهم أشقاء ليست كبيرة أو منتشرة، و"قد تتقلص مع التقدم في السن". ولم تشمل أبحاث ترتيب الولادة عادةً الأطفال الوحيدين، بحجة أنه لا يمكن مقارنتهم بإنصاف بالأطفال الذين نشأوا مع أشقاء. ومع ذلك، من الممكن مقارنة سمات شخصية الأشقاء والأطفال الوحيدين، وفقاً لورقة بحثية نُشرت عام 2025 من قِبل مايكل أشتون، أستاذ علم النفس في جامعة بروك، كندا، وكيبيوم لي، أستاذ علم النفس في جامعة كالغاري، كندا. وقد قدّمت دراستهما بعض النتائج الجديدة والمثيرة للاهتمام. إذ درست الدراسة العلاقة بين الشخصية وترتيب الميلاد وعدد الأشقاء، لدى 700 ألف بالغ عبر الإنترنت في عينة واحدة، وأكثر من 70 ألف في عينة أخرى منفصلة. وسجّل الأشقاء الأوسط والأخير متوسط درجات أعلى على مقايّس "الصدق والتواضع واللطف" مقارنةً بالأشقاء البكر. ويقيس "الصدق والتواضع" مدى صدق الشخص وتواضعه، ما يعني أن الشخص الذي يحصل على درجات عالية من غير المرجح أن يتلاعب بالآخرين، أو يخالف القواعد، أو يشعر بأنه صاحب حق. أما الشخص الذي يحصل على درجات منخفضة، فقد يكون أكثر ميلاً لخرق القواعد، وقد يشعر بأهمية كبيرة لنفسه. وعلى مقياس اللطف، يميل الشخص الذي يحصل على درجات عالية إلى التسامح، والتساهل في الحكم على الآخرين، وضبط النفس، والاستعداد للتنازل، بينما قد يكون الشخص الذي يحصل على درجات منخفضة حاقداً، وعنيداً، وسريع الغضب، وينتقد الآخرين. يقول أشتون ولي: "كانت هذه الاختلافات ضئيلة الحجم، خاصةً عندما تشمل المقارنات أفراداً من عائلات لديها نفس العدد من الأطفال. في المقابل، كانت الاختلافات في هذه الأبعاد بين أفراد أسرة ذات طفل واحد (أي الأطفال الوحيدين) وأفراد أسرة ذات ستة أطفال أو أكثر أكبر بكثير، في مكان ما بين الأحجام يسميها علماء الاجتماع "صغيرة" و"متوسطة". فأتساءل، هل تأثير ترتيب الولادة مجرد نظرية زومبي – أي مفهوم خاطئ لكنه يرفض الزوال؟، ولا توافق جوليا روهرر على ذلك. وتقول: "لست متأكدة مما إذا كنت سأسميها نظرية زومبي. من المنظور العلمي، أعتقد أن الدراسات العلمية تتقدم بشكل مثمر". لذا، قد نحصل يوماً ما على إجابة أوضح حول ما معنى أن تكونين الابنة الكبرى. إلى ذلك الحين، سأستمر في جعل أختي الصغرى تعتقد أنني أذكى منها بطبيعتي. نقلا عن بي بي سي العربية نت

يوم دراسي حول "الذكاء الاصطناعي في خدمة الأداء الرياضي" الخميس 10 جويلية بمدينة العلوم
يوم دراسي حول "الذكاء الاصطناعي في خدمة الأداء الرياضي" الخميس 10 جويلية بمدينة العلوم

Babnet

timeمنذ 14 ساعات

  • Babnet

يوم دراسي حول "الذكاء الاصطناعي في خدمة الأداء الرياضي" الخميس 10 جويلية بمدينة العلوم

ينظم المرصد الوطني للرياضة يوم الخميس 10 جويلية الجاري بمدينة العلوم بتونس يوما دراسيا حول " الذكاء الاصطناعي في خدمة الأداء الرياضي" بمشاركة عدد من الباحثين والخبراء والاكاديميين. وسيتناول هذا اليوم الدراسي الذي سيلتئم تحت شعار "الابتكار: الرهانات والآفاق" عددا من المحاور تهتم بالخصوص بتحسين وصفة التمارين والتحكم في عبء التدريب بفضل الذكاء الاصطناعي التوليدي والقضايا والتحديات والحالات العملية في مجال الرياضة وإمكانيات الذكاء الاصطناعي في الكشف المبكر عن المواهب، كما يمثل هذا اليوم، فرصة للتباحث حول علاقة الذكاء الاصطناعي بالتنمية الشخصية والذهنية للرياضيين. وسيتم التباحث كذلك في مسائل تعنى بالبيانات الكبيرة باعتبارها أدوات فعالة لدفع تطور علوم الرياضة، فضلا عن الحلول الثورية لتوليد الأصول ثلاثية الأبعاد لتحسين الأداء الرياضي، اضافة الى تحسين الأداء الرياضي من خلال تحليل الفيديو في اطار محور "التحديات التقنية والتكتيكية". وسيتم بالمناسبة، شرح حالات عملية حول الذكاء الاصطناعي في خدمة الرياضة في تونس وبحث سبل تطويرها مع تكييفها مع المحيط الرياضي التونسي، بالاضافة الى التباحث حول التوجه نحو دمج فعال للذكاء الاصطناعي في الممارسات الرياضية.

هل يؤجّل الاتحاد الأوروبي تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي؟
هل يؤجّل الاتحاد الأوروبي تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي؟

الصحراء

timeمنذ 15 ساعات

  • الصحراء

هل يؤجّل الاتحاد الأوروبي تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي؟

مع بقاء أقل من شهر على دخول أجزاء من قانون الذكاء الاصطناعي للاتحاد الأوروبي حيز النفاذ، تطالب الشركات بتعليق العمل بأحكامه، وتحظى بدعم بعض السياسيين. وحثّت مجموعات تُمثّل شركات تقنية أميركية كبرى، مثل ألفابت -مالكة "غوغل"- و"ميتا"، مالكة فيسبوك، وشركات أوروبية مثل "ميسترال" و"ASML"، المفوضية الأوروبية على تأجيل تطبيق قانون الذكاء الاصطناعي لسنوات. وأكد متحدث باسم المفوضية أن القواعد الخاصة بالذكاء الاصطناعي للأغراض العامة (المعروف اختصارًا باسم GPAI) ستدخل حيز التنفيذ في 2 أغسطس، مضيفًا أن صلاحيات تطبيق هذه القواعد لا تبدأ إلا في 2 أغسطس 2026، بحسب رويترز. ما هو الموعد النهائي؟ بموجب هذا القانون التاريخي، الذي أُقرّ قبل عام بعد نقاشات مكثفة بين دول الاتحاد الأوروبي، ستدخل أحكامه حيز التنفيذ على مراحل على مدى عدة سنوات. وستخضع بعض الأحكام المهمة، بما في ذلك القواعد المتعلقة بنماذج الأساس، كتلك التي تطورها "غوغل" و"ميسترال" و"أوبن إيه آي"، لمتطلبات الشفافية، مثل إعداد الوثائق الفنية، والامتثال لقانون حقوق النشر في الاتحاد الأوروبي، وتقديم ملخصات مفصلة حول المحتوى المستخدم في تدريب الخوارزميات. وستحتاج الشركات أيضًا إلى إجراء اختبارات لهذه النماذج لقياس التحيز والسلوك الضار والثبات قبل إطلاقها. وسيتعين خضوع نماذج الذكاء الاصطناعي المصنفة على أنها تشكل خطرًا منهجيًا ونماذج الأغراض العامة عالية التأثير لعملية تقييم للنموذج، وتقدير للمخاطر والتخفيف منها، واختبارات هجومية، والإبلاغ للمفوضية الأوروبية بالحوادث الخطيرة، وتقديم معلومات حول كفاءتها في استخدام الطاقة. لماذا تريد الشركات تعليق تطبيق القانون؟ بالنسبة لشركات الذكاء الاصطناعي، يعني تطبيق القانون تكاليف إضافية للامتثال. وبالنسبة للشركات التي تطور نماذج الذكاء الاصطناعي، تكون المتطلبات أكثر صرامة. لكن الشركات أيضًا غير متأكدة من طريقة الامتثال للقواعد نظرًا لعدم وجود إرشادات حتى الآن. وتأخر صدور وثيقة "قواعد ممارسة الذكاء الاصطناعي" (AI Code of Practice) الإرشادية لمساعدة مطوري الذكاء الاصطناعي على الامتثال للقانون، عن موعدها المحدد في الثاني من مايو. وجاء في رسالة مفتوحة من قبل مجموعة من 45 شركة أوروبية يوم الخميس: "لمعالجة حالة عدم اليقين التي يخلقها هذا الوضع، نحث المفوضية على اقتراح "تعليق مؤقت" لمدة عامين لقانون الذكاء الاصطناعي قبل دخول الالتزامات الرئيسية حيز النفاذ". ودعت الرسالة إلى تبسيط القواعد الجديدة. وقال متحدث باسم المفوضية إن مجلس الذكاء الاصطناعي الأوروبي -وهو كيان استشاري يهدف إلى ضمان التطبيق الفعال لقانون الذكاء الاصطناعي عبر دول الاتحاد- يناقش توقيت تطبيق قواعد الممارسات، وينظر إلى نهاية عام 2025 كموعد محتمل. وتُثار مخاوف أخرى من أن هذا القانون قد يُعيق الابتكار، لا سيما في أوروبا حيث تمتلك الشركات فرق امتثال أصغر مقارنة بنظيراتها الأميركية. هل سيؤجل؟ في حين أن المفوضية الأوروبية مُستعدة لدخول قواعد الذكاء الاصطناعي للأغراض العامة حيز التنفيذ اعتبارًا من الشهر المقبل، فإن خطتها لنشر إرشادات رئيسية لمساعدة آلاف الشركات على الامتثال لقواعد الذكاء الاصطناعي بحلول نهاية العام ستكون متأخرة ستة أشهر عن الموعد النهائي المحدد في مايو. وكانت هينا فيركونن، مسؤولة شؤون التكنولوجيا في الاتحاد الأوروبي، قد وعدت سابقًا بنشر مدونة قواعد ممارسات الذكاء الاصطناعي قبل حلول الشهر المقبل. ووصف بعض القادة السياسيين، مثل رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترسون، قواعد الذكاء الاصطناعي بأنها "مُربكة" وطالبوا الاتحاد الأوروبي بإيقاف تنفيذ القانون مؤقتًا. وقالت مجموعة الضغط المعنية بالتكنولوجيا "CCIA Europe" إن هناك حاجة ماسة إلى تدخل جريء بشكل عاكل لتأجيل القانون لمنح مطوري ومُستخدمي الذكاء الاصطناعي اليقين القانوني، طالما أن المعايير اللازمة لا تزال غير متوفرة أو مُتأخرة. نقلا عن العربية نت

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store