غزة مدينة الجوع لا تعرف الخضوع
اليوم، بات صوت غزة يعلو ليذكّر العالم بحقيقة المأساة: وضع إنساني كارثي مزري وصل إلى حد المجاعة، وسط الهجمة البربرية الإسرائيلية، التي لا تفرق بين المدنيين الأبرياء من طفل أو امرأة أو شيخ أو جريح.
في ظل هذا الصمت ظهرت صورة مؤثرة للملكة رانيا العبدالله، لفتت الأنظار عالميًا، لامرأة تُمسك طفلها المحتضر جوعًا، وهي تحتضنه بانتظار الموت ليرحمه من ألم الحياة.
صورة تحمل في طياتها ألف رسالة و الف قصة ، تعبّر عن قسوة الحصار وأهوال الحرب وجرائم الإبادة الجماعية التي حولت غزة إلى ركام تنهشه المجاعة والأمراض.
هي رسالة صامتة للعالم المتخم المترف الذي لا يعرف ماذا يعني انقطاع الكهرباء عن أجهزة الأوكسجين، أو كيف تموت امرأة حبلى وقد جف حليب ضرعها ، لا تجد ما ترضعه لطفلها الذي ما زال متصل بحبلها السري ، أو لمريض جرعة غسيل كلى لا تصل.
غزة اليوم لن تموت، بل تصنع الحياة بالمقاومة، و تقدّم درسًا أخلاقيًا و إنسانيًا و سياسيًا في مواجهة مشاريع الإذلال والتجويع والخضوع.
لكن، خلف هذا المشهد المأساوي، عجلة السياسة هناك تتحرك. التصريحات الصادرة من واشنطن وتل أبيب حول "مفاوضات إنهاء الحرب" تبدو جزءًا من استراتيجية إلهاء، تهدف إلى كسب الوقت، وإعادة ترتيب المسرح وفق أجندة تستهدف الضفة الغربية، لا غزة فقط.
الاحتلال لا يستهدف الجغرافيا فقط، بل يسعى إلى محو ديمغرافيا الإنسان الفلسطيني. ويسعى من خلال سياسة التجويع والعقوبات، لفرض تسويات تفرّغ الأرض من سكانها و السيطرة على الموارد ، لهذا يفرض هندسة حدود ميدانية تخدم مخططاته في الضفة وغزة على السواء.
السيناريو الأكثر تفاؤلا ، للأسف، ليس سوى حكم محلي منزوع الدسم ، تابع، يعيش على هامش قرارات تل أبيب، مقابل تنازلات تضمن بقاء القطاع في صيغة "إدارة داخلية" تحكم المدن، مقابل تفريغ الريف والمناطق الحدودية.
وسط هذه الصورة، تبقى غزة علامة أسطورية فارقة مخالفة لقوانين الفيزياء الحيوية في زمن الموت، غزة تختار الحياة، في زمن الركوع، رغم الجوع.
-رسالة إلى من هم في ميدان الخنادق أو على طاولة التفاوض داخل الفنادق:
ما قمتم به هو حق مشروع، ودفاع بطولي عن الأرض والكرامة. ولكن، وفي ظل ما نعيشه من مجازر جماعية، و اختلال في موازين القوى لا بد من شجاعة سياسية توقف هذا النزيف ، حيث من الشجاعة احيانا أن لا نموت .
آن الأوان على حركة حماس أن تتحمل مسؤولياتها السياسية، و توظف نضالها العسكري في خدمة الهدف السياسي الصحيح، خاصة ان قنوات الاتصال مفتوحة مع الولايات المتحدة ، الداعم الرئيسي لهذا العدوان ، آن الأوان لتحويل هذه القنوات إلى أدوات لوقف القتل، بدل الاكتفاء بالمواقف والبيانات.
في المقابل، غير مقبول من بعض الأطراف المشبوهة تحميل المسؤولية للأردن ، في إيقاف حرب لم يبدأها أو يكن طرفا فيها ، لكنه لم يدخر جهدًا في الإغاثة و دعم القطاع من بدايه العدوان عليه ، وآخرها قوافل الإمداد الميدانية. بعض الأصوات المشككة ذات الأجندة تسعى لتشويه و أضعاف دوره ، لأنها تدرك مدى قوة تأثيره في الحالة الجارية لأسباب عدة : موقعه الجيوسياسي و أهميته، ملف اللاجئين وحق العودة ، الوصاية الهاشمية على المقدسات .
كلها اوراق سياسية قادرة على إفشال مخططات الطرف الإسرائيلي الديني المتطرف الماثلة بتهديدات اطماع التوسعة و هواجس الهجرة القسرية لتصفية القضية الفلسطينية على حساب الاردن.
أيضا هذه القيادة مطالبة اليوم بإعادة النظر في موقفها من المبادرة العربية، والانخراط في مشروع سياسي وطني فلسطيني جامع يعيد اللحمة الوطنية، ويضع حدا للانقسام المدمر.
الاستمرار في الانقسام لن يخدم سوى إسرائيل، و يقدم رفاهية آنية لقيادات منقسمة يقابله وضع الآلاف من ابناء الشعب الفلسطيني في غزة والضفة في مواجهة مخاطر الموت على السواء.
ختامًا نعم، الاحتلال هو المسؤول الأول عن هذه المذبحة، ومعه الحليف الأمريكي.
لكن رفع هذه المأساة يتطلب قرارات استراتيجية، و خفض اسقف سياسية مؤقتة ، لدرء الخطر الأكبر: الإبادة الديمغرافية ، وهذا لا يعني بقبول املاءات اسرائيلية امريكية بالمطلق .
إن فشل جهود تشكيل حكومة وحدة وطنية محايدة سيؤدي إلى انفجار أوسع، قد يمتد ليشعل الإقليم بأكمله.
كما حذّر الملك عبد الله الثاني مرارًا: "المنطقة على صفيح ساخن، والشعوب باتت تتململ وقد تنفجر".
من لا يقرأ عليه أن يبدأ إعادة القراءة ومن لا يفكر فليتعلم . المرحلة تتطلب وعيا و تفكيرًا استراتيجيا ديناميكيا مرنًا، يُوازن بين الثوابت والمصالح، ويؤسس لخارطة طريق تحرر الأرض و تحمي الإنسان، وتعيد للأمة دورها التاريخي.
اليوم، لا نملك رفاهية الخيارات ، لكننا نملك إرادة البقاء، و الصمود في صراع الوجود و هذا كاف بالحد الأدنى في هذه المرحلة الحرجة لاستيعاب ما هو آت.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الغد
منذ ساعة واحدة
- الغد
إيران: فشل المفاوضات وتفعيل ما تبقى من الجبهات
اضافة اعلان تشير تطورات المشهد الإقليمي إلى احتمالية دخول المنطقة في مرحلة تصعيدية جديدة، عنوانها الأبرز تعثّر عودة إيران إلى المفاوضات وفقاً للشروط الأميركية، والتهديد الأميركي المتزايد بتقديم الدعم النوعي لإسرائيل في إطار جولة المواجهة القادمة مع طهران.تعثّرت المفاوضات المتعلقة بالهدنة في غزة، وتبنّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لهجة تلويم حادّة تطال حماس بسبب إفشالها المستمر للصفقة، وهو ما يمكن تفسيره إسرائيلياً على الأرض بعمليات نوعية وتعزيز لفكرة تفريغ غزة ديموغرافيا، وهي الفكرة التي ستعمل عليها حكومة نتنياهو بشكل أكبر في المرحلة القادمة. ويتوافق هذا التصعيد أيضاً مع الخطوات التي تعمل إسرائيل عليها في الضفة الغربية في إطار سعيها لضم أراضٍ واسعة وخلق واقع جديد.من هنا، يمكن رصد أيضاً ردّة فعل وزير المالية سموتريتش على تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، حيث كان ردّه بالإعلان ضمنيا عن أراضٍ في الضفة الغربية، وهو ما قد يدفع هذه الحكومة الإسرائيلية إلى تسريع هذه الخطوة، مستفيدين أيضاً من موقف الرئيس ترامب، الذي أشار إلى كلام ماكرون بوصفه عديم القيمة والأثر، حيث صرح ترامب قائلاً عن ماكرون قائلاً: "ما يقوله لا يهم."على الصعيد اللبناني، لا توحي الرسائل القادمة من حزب الله بامتثال الحزب للشروط الأميركية، كما أن تسليم سلاح الحزب لا يبدو أمرًا ممكنًا بسهولة، وهو ما يفتح المشهد اللبناني على سيناريو التصعيد، خصوصاً مع استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات متكرّرة تستهدف ترسانة حزب الله وعناصره. ويواكب هذا التصعيد الإسرائيلي، الذي يجعل المشهد اللبناني مفتوحا على احتمالية التدهور الأمني، سعي أميركي دبلوماسي مباشر لتعديل مهام قوات اليونيفيل وتحويلها إلى قوات فرض سلام، مما يعني دورًا أكبر على الأرض واحتمالية مواجهة ميدانية مع حزب الله.أما الجبهة السورية، التي كان عنوانها الأبرز في الأسابيع الماضية "مواجهات السويداء"، فإن الدخول الإسرائيلي على خط المواجهة المباشرة ناتج أيضاً عن قلق حقيقي من تحويل المناطق المحاذية للجولان إلى مناطق فوضى يمكن استغلالها لخلق حالة من الانفلات الأمني تستثمر في استهداف الداخل الإسرائيلي. وتخشى إسرائيل من أن يشكّل هذا الوضع المناخ الأمثل لعودة إيران ووكلائها إلى النشاط الفعلي ضدها.أما جبهة اليمن، فهي الجبهة التي لم تهدأ، والتي أبقت على حالة استهداف إسرائيل بالصواريخ، حتى وإن لم تؤدِّ هذه الاستهدافات إلى أضرار كبيرة، فإنها ما تزال تشكّل تهديداً حقيقياً بالنسبة لإسرائيل، خصوصاً وأن هذه الجبهة هي الأكثر صعوبة حتى الآن، والأقل اختراقاً على المستوى الاستخباري، مما يعكس استعصاءً استخبارياً واضحاً – على الأقل في المرحلة الحالية، مما يجعلها الجبهة الأمثل بالنسبة لإيران للإبقاء على مناخ التهديد قائماً، ويمنح إيران القدرة على الحفاظ على جزء من توازن الردع، لا سيما بعد انتقال إسرائيل للعمل المباشر داخل إيران أثناء حرب الأيام الـ12 أو بعدها.وفي ظل تعثّر إنجاز أي من الملفات العالقة على كافة الجبهات، من غزة إلى لبنان، اليمن وإيران، فإن المنطق الإيراني لا بد أن يتجه نحو تخفيض الضغوط باستخدام آخر ما تبقّى من أوراق، في ظل تعثّر الحلول وتعطّل التسويات الدبلوماسية. فالجبهات التي كانت تسعى إيران من خلالها لتهديد إسرائيل تم احتواؤها إلى حدّ كبير، والسعي الإيراني لفرض المواجهة على إسرائيل من حدودها أو من داخلها، كما جرى في السابع من أكتوبر، لم يعد خياراً قائماً. بل إن إسرائيل قلبت المعادلة بفرض المواجهة على إيران داخل أراضيها، وبالتالي فإن تخفيف الضغوط على إيران اليوم قد يتم عبر سعيها للاستفادة ممّا تبقى من قدرات لوكلائها، وتفعيل عوامل الخطر المحيطة بإسرائيل من الجبهات القريبة، أو حتى عبر التطورات في القدرات الصاروخية القادمة من اليمن. إن تفعيل إيران لما تبقّى من جبهات يأتي في إطار الاستفادة من حالة الضغط الحالي في أي مفاوضات مقبلة.


الرأي
منذ 4 ساعات
- الرأي
الأمم المتحدة: إسرائيل تتحمل المسؤولية عن أزمة الجوع المتفاقمة في غزة
اتخذ رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، القرارات حول إدخال مساعدات إلى قطاع غزة، «مذعورا ومتسرعا»، بعد أكثر من أربعة أشهر من خرقها لوقف إطلاق النار مع حماس واستئناف الحرب، «اضطرت إسرائيل إلى الاعتراف بأنها وضعت نفسها في طريق مسدود»، حسبما ذكر المحلل العسكري في صحيفة «هآرتس»، عاموس هرئيل. وأشار إلى أن مفاوضات وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى «تعثرت بالكامل. وأدركت حماس أنها أصبحت متفوقة على إثر الغضب العالمي على إسرائيل»، بسبب تزايد عدد القتلى الفلسطينيين ومشاهد المجاعة في غزة، ما أدى إلى «إصرار حماس على مواقفها في المفاوضات». وأضاف هرئيل أنه بعد إعلان إسرائيل والولايات المتحدة عن وقف المفاوضات في الدوحة، وتعهدهما بدراسة طرق أخرى لدفع المفاوضات «لم تؤد إلى شيء ما عملي. والمجتمع الدولي منشغل الآن بالبحث عن وسائل سريعة من أجل تخفيف المعاناة في غزة والضغط على إسرائيل كي توقف الحرب. وربما أن حكومة نتنياهو باتت تدرك أن هذا ليس الوقت الملائم لهجوم عسكري». ولفت إلى أن وزير المالية الإسرائيلي، بتسلئيل سموتريتش، وأبواق نتنياهو في وسائل الإعلام، «تجاهلوا التحذيرات من انعدام قدرة مؤسسة غزة الإنسانية على تنفيذ أهدافها الطموحة، فيما لديها مراكز توزيع (مساعدات) قليلة في جنوب القطاع. وقد علموا أن الطريق إلى هذه المراكز خطيرة وأن فوضى رهيبة ميدانية حاصلة، وقسم كبير منها ناجم عن عمليات الجيش الإسرائيلي، لكنهم ركزوا على حلم السيطرة الإسرائيلية الكاملة على القطاع والمساعدات، وأن يقود في نهاية الأمر إلى 'هجرة طوعية' للفلسطينيين من غزة عن طريق سيناء». وشدد هرئيل على أن نتنياهو هو «المسؤول المركزي. وهو يعلم أنه لا توجد طريق عسكرية لإنقاذ المخطوفين أحياء، وأن حماس ليست قلقة أو تشعر بمسؤولية حيال مصير السكان، وأن العمليات الإسرائيلية الحالية تطيل الحرب وحسْب بدون هدف وفائدة». وأضاف أن «نتنياهو تجاهل، منذ بداية العام الحالي، فرص إنهاء الحرب، لأن مصير ائتلافه كان أهم. والآن يصطنع رئيس الحكومة حلولا تحت ضغط عالمي متصاعد. ومن الجائز أن الوقت بات متأخرا. فحماس ستتحصن في مواقفها بشكل أعمق، إثر دعم دولي للفلسطينيين، والحكومة الإسرائيلية ستواجه معضلة بين تصعيد بلا جدوى للعمليات العسكرية وبين الاستسلام لإملاء وقف إطلاق نار يفرض عليها، من دون أن تنجح بإعادة 20 مخطوفا أحياء و30 قتيلا بأيدي حماس». ووفقًا لمصادر مقرّبة من المحادثات التي جرت في الدوحة، فإن رد حماس تضمن ذات المطالب الأربعة التي كانت تطالب بها منذ بداية الحرب بعد السابع من أكتوبر وهي وقف الحرب نهائياً وانسحاب جيش الاحتلال من كل القطاع وانهاء الحصار وفتح المعابر والتوصل الى صفقة تبادل والشروع فوراً في اعمار قطاع غزة. ووفق المصادر أن أبرز ما اضيف في الجولة الاخيرة زيادة عدد الأسرى الفلسطينيين المفرج عنهم، خاصة أولئك المحكومين بعقوبات طويلة أصحاب «المؤبدات». هذا الطلب من قبل الحركة دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى اتهامها بعدم الرغبة الحقيقية في التوصل لاتفاق، بل ووصفها بأنها «تريد الموت» علماً آنه طلب مشروع وسبق وتم البحث فيه. وقالت المصادر الإسرائيلية: هذا الخطاب يلمح إلى احتمال تبني واشنطن خيارًا عسكريًا كحل وحيد، خاصة بعد فشل الوساطات في كسر الجمود. ومع ذلك، فإن إعلان إعادة الوفدين الأمريكي والإسرائيلي إلى الدوحة يشير إلى أن الباب لم يُغلق تمامًا، لكنه مرهون بتعديل حماس لمطالبها. وتشير تقارير إلى أن الضغط الدبلوماسي من الدوحة والقاهرة قد يُجبر حماس على تخفيف شروطها، خاصة فيما يتعلق بعدد الأسرى المطلوبين مقابل المخطوفين الأحياء والجثث. إذا عدّلت حماس ردها، قد تشهد الأيام المقبلة عودة الوفود إلى الدوحة، مع هدنة مؤقتة تسمح بالإفراج عن دفعات صغيرة من الأسرى. أو التصعيد العسكري: في حال استمر الجمود، قد تعود إسرائيل إلى الخيار العسكري كما ألمح ترامب، خاصة مع تصاعد الضغوط الداخلية لإنهاء الأزمة. أو صفقة جزئية: قد يتم الاتفاق على صفقة محدودة للإفراج عن بعض المخطوفين مقابل وقف إطلاق نار قصير، دون حل شامل. ويرى كبار المفاوضين أن الحرب على غزة تدخل مرحلة حرجة، حيث تتصاعد التصريحات العدائية من الجانب الأمريكي، بينما تحاول الوساطات الإقليمية منع الانهيار الكامل للمفاوضات. القرار النهائي قد يعتمد على مدى مرونة حماس وتنازلها عن أسماء كبيرة من الاسرى الفلسطينيين كروان البرغوثي وعباس السياد وأحمد سعادات وغيرهم من كبار قادة الفصائل الذين امضوا سنوات طويلة في السجون والمعتقلات الإسرائيلية ولا امل ولا افق للافراج عهم ألا بصفقة، علماً أن معظمهم ليسوا من كوادر حماس. وأضاف احد أعضاء الوفد الإسرائيلي ان الامر حساس عقب الحديث عن مجاعة بلغت حد موت أطفال ونساء جوعاً ومدى وقدرة إسرائيل على الموازنة بين الضغوط الدولية والرغبة في تحقيق «نصر عسكري». في كل الأحوال، المنطقة تقترب من مفترق طرق قد يُحدد مصيرها لشهور أو حتى سنوات قادمة. وقالت الأمم المتحدة: في الأسابيع الأخيرة، تصاعدت الأدلة على أن الحكومة الإسرائيلية تتحمل المسؤولية المباشرة عن أزمة الجوع المتفاقمة في قطاع غزة، والتي أودت بحياة 127 شخصًا، بينهم 83 طفلاً، وفقًا لتقارير محلية ودولية. ومع ذلك، بدلاً من معالجة الأزمة، تُركّز إسرائيل جهودها على حملة اتهامات ضد الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية، في محاولة لتحميلها مسؤولية الكارثة التي صنعتها بسياساتها المقصودة. وأوضحت الأمم المتحدة أن الجوع يتجاوز نقطة اللاعودة وحذّر أطباء في غزة من أن الجوع قد أصبح قاتلًا حتى مع عودة الغذاء، عندما يصل الجسم إلى مرحلة الهزال الشديد، لا يكفي الطعام العادي لإنقاذ الضحايا، بل يحتاجون إلى علاج طبي مكثف وأغذية علاجية. وختم تقرير الأمم المتحدة أمس الاحد:«إسرائيل تُجري تجربة جماعية على شعب محاصر، بينما تحاول إخفاء الجريمة وراء اتهامات زائفة للأمم المتحدة. السؤال الآن: هل سيتحرك المجتمع الدولي لوقف هذه الكارثة الإنسانية، أم سيواصل المراقبة حتى يُكتب الفصل الأخير من مأساة غزة؟».


أخبارنا
منذ 5 ساعات
- أخبارنا
د. عامر سبايلة : إيران: فشل المفاوضات وتفعيل ما تبقى من الجبهات
أخبارنا : تشير تطورات المشهد الإقليمي إلى احتمالية دخول المنطقة في مرحلة تصعيدية جديدة، عنوانها الأبرز تعثّر عودة إيران إلى المفاوضات وفقاً للشروط الأميركية، والتهديد الأميركي المتزايد بتقديم الدعم النوعي لإسرائيل في إطار جولة المواجهة القادمة مع طهران. تعثّرت المفاوضات المتعلقة بالهدنة في غزة، وتبنّى الرئيس الأميركي دونالد ترامب ومبعوثه للشرق الأوسط ستيف ويتكوف لهجة تلويم حادّة تطال حماس بسبب إفشالها المستمر للصفقة، وهو ما يمكن تفسيره إسرائيلياً على الأرض بعمليات نوعية وتعزيز لفكرة تفريغ غزة ديموغرافيا، وهي الفكرة التي ستعمل عليها حكومة نتنياهو بشكل أكبر في المرحلة القادمة. ويتوافق هذا التصعيد أيضاً مع الخطوات التي تعمل إسرائيل عليها في الضفة الغربية في إطار سعيها لضم أراضٍ واسعة وخلق واقع جديد. من هنا، يمكن رصد أيضاً ردّة فعل وزير المالية سموتريتش على تصريح الرئيس الفرنسي ماكرون بشأن الاعتراف بدولة فلسطينية، حيث كان ردّه بالإعلان ضمنيا عن أراضٍ في الضفة الغربية، وهو ما قد يدفع هذه الحكومة الإسرائيلية إلى تسريع هذه الخطوة، مستفيدين أيضاً من موقف الرئيس ترامب، الذي أشار إلى كلام ماكرون بوصفه عديم القيمة والأثر، حيث صرح ترامب قائلاً عن ماكرون قائلاً: "ما يقوله لا يهم." على الصعيد اللبناني، لا توحي الرسائل القادمة من حزب الله بامتثال الحزب للشروط الأميركية، كما أن تسليم سلاح الحزب لا يبدو أمرًا ممكنًا بسهولة، وهو ما يفتح المشهد اللبناني على سيناريو التصعيد، خصوصاً مع استمرار إسرائيل في تنفيذ عمليات متكرّرة تستهدف ترسانة حزب الله وعناصره. ويواكب هذا التصعيد الإسرائيلي، الذي يجعل المشهد اللبناني مفتوحا على احتمالية التدهور الأمني، سعي أميركي دبلوماسي مباشر لتعديل مهام قوات اليونيفيل وتحويلها إلى قوات فرض سلام، مما يعني دورًا أكبر على الأرض واحتمالية مواجهة ميدانية مع حزب الله. أما الجبهة السورية، التي كان عنوانها الأبرز في الأسابيع الماضية "مواجهات السويداء"، فإن الدخول الإسرائيلي على خط المواجهة المباشرة ناتج أيضاً عن قلق حقيقي من تحويل المناطق المحاذية للجولان إلى مناطق فوضى يمكن استغلالها لخلق حالة من الانفلات الأمني تستثمر في استهداف الداخل الإسرائيلي. وتخشى إسرائيل من أن يشكّل هذا الوضع المناخ الأمثل لعودة إيران ووكلائها إلى النشاط الفعلي ضدها. أما جبهة اليمن، فهي الجبهة التي لم تهدأ، والتي أبقت على حالة استهداف إسرائيل بالصواريخ، حتى وإن لم تؤدِّ هذه الاستهدافات إلى أضرار كبيرة، فإنها ما تزال تشكّل تهديداً حقيقياً بالنسبة لإسرائيل، خصوصاً وأن هذه الجبهة هي الأكثر صعوبة حتى الآن، والأقل اختراقاً على المستوى الاستخباري، مما يعكس استعصاءً استخبارياً واضحاً – على الأقل في المرحلة الحالية، مما يجعلها الجبهة الأمثل بالنسبة لإيران للإبقاء على مناخ التهديد قائماً، ويمنح إيران القدرة على الحفاظ على جزء من توازن الردع، لا سيما بعد انتقال إسرائيل للعمل المباشر داخل إيران أثناء حرب الأيام الـ12 أو بعدها. وفي ظل تعثّر إنجاز أي من الملفات العالقة على كافة الجبهات، من غزة إلى لبنان، اليمن وإيران، فإن المنطق الإيراني لا بد أن يتجه نحو تخفيض الضغوط باستخدام آخر ما تبقّى من أوراق، في ظل تعثّر الحلول وتعطّل التسويات الدبلوماسية. فالجبهات التي كانت تسعى إيران من خلالها لتهديد إسرائيل تم احتواؤها إلى حدّ كبير، والسعي الإيراني لفرض المواجهة على إسرائيل من حدودها أو من داخلها، كما جرى في السابع من أكتوبر، لم يعد خياراً قائماً. بل إن إسرائيل قلبت المعادلة بفرض المواجهة على إيران داخل أراضيها، وبالتالي فإن تخفيف الضغوط على إيران اليوم قد يتم عبر سعيها للاستفادة ممّا تبقى من قدرات لوكلائها، وتفعيل عوامل الخطر المحيطة بإسرائيل من الجبهات القريبة، أو حتى عبر التطورات في القدرات الصاروخية القادمة من اليمن. إن تفعيل إيران لما تبقّى من جبهات يأتي في إطار الاستفادة من حالة الضغط الحالي في أي مفاوضات مقبلة.