logo
تقرير طفولة تسحقها الحرب في غزَّة... "معيلون صغار" لأسر مكلومة

تقرير طفولة تسحقها الحرب في غزَّة... "معيلون صغار" لأسر مكلومة

فلسطين أون لاينمنذ 19 ساعات
غزة/ رامي محمد:
لم يبلغ أكبرهم سن الحادية عشرة، لكنهم أصبحوا معيلين لأسرتهم بعد أن اختطف الموت والدهم في حرب الإبادة الجارية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023.
ثلاثة أطفال من عائلة واحدة يجوبون شوارع وأزقة مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يقودون عربة خشبية يجرّها حمار محملة ببرميل ماء عذب يبيعونه للمارة في محاولة يائسة لتأمين لقمة العيش في وقت يُحرم فيه أكثر من 90% من أهالي القطاع من المياه النظيفة وفق تقارير الأمم المتحدة.
محمود الحواجري الطفل الأكبر البالغ من العمر عشرة أعوام، يتولى قيادة الحمار وتوجيه العربة، في حين يقوم شقيقه الأوسط (9 أعوام) بتعبئة الجالونات، ويشاركهما شقيقهم الأصغر (8 أعوام) مهام البيع والتوزيع.
بثياب باهتة ووجوه أنهكها التعب يسيرون تحت شمس يوليو اللاهبة، لكن في عيونهم بريق طفولة تصارع للبقاء. يقول محمود لصحيفة "فلسطين": "أبونا استشهد بالحرب كان عندنا العربة، واقترحت أمي نشتغل ونبيع الميّ، لأن الناس محتاجة ميّ حلوة، خاصة بالصيف هيك نساعد بالبيت ونجيب شوية مصاري".
منذ استشهاد والدهم قبل ثلاثة أشهر، وجدت الأسرة نفسها بلا معيل حاولت الأم، التي تعيل أربعة أطفال، أن تصمد وحدها، لكنها اضطرت لإشراك أبنائها في تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم اليومية.
وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، فإن أكثر من 17,000 طفل في قطاع غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما منذ بداية العدوان، فيما يعاني أكثر من ثلاثة من كل أربعة أطفال في غزة من اضطرابات نفسية شديدة. وتشير المنظمة إلى أن نحو 40% من الأطفال يضطرون للعمل في مهن شاقة أو خطرة نتيجة انهيار الأوضاع الإنسانية.
في مخيم البريج وسط القطاع، تحاول حنين عمار البالغة من العمر 17 عامًا أن تقاوم مصيرًا مشابهًا بطريقتها الخاصة، فبعد استشهاد والدها في الشهر الرابع من العدوان قررت أن تحول جزءًا من منزلها إلى "زاوية تعليم" تقدم فيها دروسًا خصوصية لأطفال الحي في مواد اللغة العربية والرياضيات مقابل أجر رمزي.
تقول حنين لصحيفة "فلسطين": "بدأت بطفلين والآن لدي 13 طالبًا بعضهم لا يعرف القراءة، صحيح أنني لست معلمة محترفة، لكن أحاول أن أُعوضهم شيئًا مما خسروا".
ووفق بيانات وزارة التربية والتعليم في غزة فقد دمر الاحتلال أو ألحق الضرر بأكثر من 411 مدرسة ومنشأة تعليمية، وتوقفت العملية التعليمية بالكامل لأكثر من 625 ألف طالب وطالبة، فيما تُستخدم أكثر من 30% من المدارس كمراكز إيواء للنازحين في ظروف إنسانية وصحية مأساوية.
أسوأ الأزمات الإنسانية
الاختصاصي الاقتصادي محمد سكيك يرى أن أطفال غزة يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث إن أكثر من 50% من أهالي القطاع هم دون سن 18 عامًا، ويعيشون في ظل حصار خانق وحرمان من أبسط حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والغذاء.
يقول سكيك لصحيفة "فلسطين": "حين يتحول الأطفال إلى معيلين للأسرة، أو يضطرون لترك مقاعد الدراسة للعمل في بيع الماء أو الخردة، فهذا ليس فقط انتهاكًا لحقوقهم بل جريمة موجهة ضد مستقبل المجتمع الفلسطيني بأكمله".
ويضيف "الطفولة لم تعد مرحلة بريئة في غزة، بل باتت حقلًا مليئًا بالتحديات القاسية".
والتقرير الأخير للبنك الدولي يعكس حجم الكارثة إذ رصد انهيار النشاط الاقتصادي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 83% منذ بداية العدوان، وخسائر في رأس المال الثابت تُقدّر بنحو 29.9 مليار دولار، في وقت بلغ فيه معدل التضخم السنوي 238% مدفوعًا بارتفاع أسعار الغذاء والنقل نتيجة ندرة السلع وغياب سلاسل التوريد.
أما على مستوى سوق العمل فقد بلغ معدل البطالة 79% بنهاية 2024 وهو من بين الأعلى عالميًا، في حين ارتفع معدل الفقر الوطني من 22.1% في 2023 إلى 37.7% نهاية العام ذاته، وسط تقديرات بأن معظم أهالي غزة باتوا تحت خط الفقر المدقع.
المصدر / فلسطين أون لاين
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الجبهة العربية الفلسطينية تدين تورط شركة 'بوسطن للاستشارات' في خطة تهجير جماعي لأبناء شعبنا في غزة
الجبهة العربية الفلسطينية تدين تورط شركة 'بوسطن للاستشارات' في خطة تهجير جماعي لأبناء شعبنا في غزة

شبكة أنباء شفا

timeمنذ 16 ساعات

  • شبكة أنباء شفا

الجبهة العربية الفلسطينية تدين تورط شركة 'بوسطن للاستشارات' في خطة تهجير جماعي لأبناء شعبنا في غزة

شفا – تدين الجبهة العربية الفلسطينية بأشد العبارات ما كشفه التحقيق الاستقصائي الذي نشرته صحيفة فايننشال تايمز البريطانية بشأن تورط شركة 'بوسطن للاستشارات' (BCG) في إعداد نموذج مالي وتنفيذي لخطة تهجير جماعي لأبناء شعبنا في قطاع غزة، ضمن مشروع إغاثة مزعوم يحظى بدعم الولايات المتحدة وحكومة الاحتلال الإسرائيلي. إن ما ورد في التقرير من إعداد تقديرات مالية لترحيل أكثر من نصف مليون فلسطيني من غزة مقابل 'حزم ترحيل' تصل إلى 9000 دولار للفرد، يمثل جريمة أخلاقية وقانونية مكتملة الأركان، تتجاوز مجرد التواطؤ إلى الشراكة الفعلية في جريمة تطهير عرقي مبيتة، تستهدف اقتلاع الفلسطينيين من أرضهم وتفريغ القطاع من سكانه الأصليين تحت مسمى 'إعادة التوطين'. وتحذر الجبهة من خطورة هذه المخططات التي تلبس لباس 'العمل الإنساني' بينما هي في جوهرها جزء لا يتجزأ من حرب الإبادة المستمرة على غزة، ومن مشروع التهجير القسري الذي تسعى إسرائيل إلى فرضه كأمر واقع بدعم صريح من الإدارة الأمريكية وبعض الأطراف المتواطئة في المنطقة والعالم. إن ادعاء شركة BCG طرد اثنين من شركائها لا يعفيها من المسؤولية القانونية والأخلاقية، كما أن انخراطها في تأسيس ما يُسمى 'مؤسسة غزة الإنسانية' – والتي تعمل خارج الأطر الدولية وترفض الأمم المتحدة التعاون معها – يكشف الطبيعة الحقيقية لهذه المؤسسات التي تستخدم كغطاء لتمرير مشاريع الحرب والاقتلاع. تدعو الجبهة العربية الفلسطينية إلى تشكيل لجنة تحقيق دولية مستقلة لكشف الأطراف المتورطة في هذه الخطة، ومحاسبة كل من ساهم أو شارك أو مول هذه الجريمة، بما في ذلك الحكومات والمؤسسات المتعاقدة. كما تطالب الجبهة المجتمع الدولي، وفي مقدمته الأمم المتحدة والمحاكم الدولية، بإعلان هذه الخطة باعتبارها انتهاكا صارخا للقانون الدولي الإنساني، واعتبار أي محاولة لترحيل الفلسطينيين من أرضهم جريمة حرب وجريمة ضد الإنسانية. سيبقى شعبنا الفلسطيني، وفي مقدمته أهلنا في غزة، صامدين فوق أرضهم، متمسكين بحقهم الوطني في البقاء والحرية، ولن تمر هذه المؤامرات مهما عظمت أدواتها أو تشابكت أطرافها.

تقرير طفولة تسحقها الحرب في غزَّة... "معيلون صغار" لأسر مكلومة
تقرير طفولة تسحقها الحرب في غزَّة... "معيلون صغار" لأسر مكلومة

فلسطين أون لاين

timeمنذ 19 ساعات

  • فلسطين أون لاين

تقرير طفولة تسحقها الحرب في غزَّة... "معيلون صغار" لأسر مكلومة

غزة/ رامي محمد: لم يبلغ أكبرهم سن الحادية عشرة، لكنهم أصبحوا معيلين لأسرتهم بعد أن اختطف الموت والدهم في حرب الإبادة الجارية على قطاع غزة منذ 7 أكتوبر 2023. ثلاثة أطفال من عائلة واحدة يجوبون شوارع وأزقة مخيم النصيرات وسط قطاع غزة، يقودون عربة خشبية يجرّها حمار محملة ببرميل ماء عذب يبيعونه للمارة في محاولة يائسة لتأمين لقمة العيش في وقت يُحرم فيه أكثر من 90% من أهالي القطاع من المياه النظيفة وفق تقارير الأمم المتحدة. محمود الحواجري الطفل الأكبر البالغ من العمر عشرة أعوام، يتولى قيادة الحمار وتوجيه العربة، في حين يقوم شقيقه الأوسط (9 أعوام) بتعبئة الجالونات، ويشاركهما شقيقهم الأصغر (8 أعوام) مهام البيع والتوزيع. بثياب باهتة ووجوه أنهكها التعب يسيرون تحت شمس يوليو اللاهبة، لكن في عيونهم بريق طفولة تصارع للبقاء. يقول محمود لصحيفة "فلسطين": "أبونا استشهد بالحرب كان عندنا العربة، واقترحت أمي نشتغل ونبيع الميّ، لأن الناس محتاجة ميّ حلوة، خاصة بالصيف هيك نساعد بالبيت ونجيب شوية مصاري". منذ استشهاد والدهم قبل ثلاثة أشهر، وجدت الأسرة نفسها بلا معيل حاولت الأم، التي تعيل أربعة أطفال، أن تصمد وحدها، لكنها اضطرت لإشراك أبنائها في تأمين الحد الأدنى من احتياجاتهم اليومية. وبحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسف"، فإن أكثر من 17,000 طفل في قطاع غزة فقدوا أحد والديهم أو كليهما منذ بداية العدوان، فيما يعاني أكثر من ثلاثة من كل أربعة أطفال في غزة من اضطرابات نفسية شديدة. وتشير المنظمة إلى أن نحو 40% من الأطفال يضطرون للعمل في مهن شاقة أو خطرة نتيجة انهيار الأوضاع الإنسانية. في مخيم البريج وسط القطاع، تحاول حنين عمار البالغة من العمر 17 عامًا أن تقاوم مصيرًا مشابهًا بطريقتها الخاصة، فبعد استشهاد والدها في الشهر الرابع من العدوان قررت أن تحول جزءًا من منزلها إلى "زاوية تعليم" تقدم فيها دروسًا خصوصية لأطفال الحي في مواد اللغة العربية والرياضيات مقابل أجر رمزي. تقول حنين لصحيفة "فلسطين": "بدأت بطفلين والآن لدي 13 طالبًا بعضهم لا يعرف القراءة، صحيح أنني لست معلمة محترفة، لكن أحاول أن أُعوضهم شيئًا مما خسروا". ووفق بيانات وزارة التربية والتعليم في غزة فقد دمر الاحتلال أو ألحق الضرر بأكثر من 411 مدرسة ومنشأة تعليمية، وتوقفت العملية التعليمية بالكامل لأكثر من 625 ألف طالب وطالبة، فيما تُستخدم أكثر من 30% من المدارس كمراكز إيواء للنازحين في ظروف إنسانية وصحية مأساوية. أسوأ الأزمات الإنسانية الاختصاصي الاقتصادي محمد سكيك يرى أن أطفال غزة يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، حيث إن أكثر من 50% من أهالي القطاع هم دون سن 18 عامًا، ويعيشون في ظل حصار خانق وحرمان من أبسط حقوقهم في التعليم والرعاية الصحية والغذاء. يقول سكيك لصحيفة "فلسطين": "حين يتحول الأطفال إلى معيلين للأسرة، أو يضطرون لترك مقاعد الدراسة للعمل في بيع الماء أو الخردة، فهذا ليس فقط انتهاكًا لحقوقهم بل جريمة موجهة ضد مستقبل المجتمع الفلسطيني بأكمله". ويضيف "الطفولة لم تعد مرحلة بريئة في غزة، بل باتت حقلًا مليئًا بالتحديات القاسية". والتقرير الأخير للبنك الدولي يعكس حجم الكارثة إذ رصد انهيار النشاط الاقتصادي في قطاع غزة بنسبة تجاوزت 83% منذ بداية العدوان، وخسائر في رأس المال الثابت تُقدّر بنحو 29.9 مليار دولار، في وقت بلغ فيه معدل التضخم السنوي 238% مدفوعًا بارتفاع أسعار الغذاء والنقل نتيجة ندرة السلع وغياب سلاسل التوريد. أما على مستوى سوق العمل فقد بلغ معدل البطالة 79% بنهاية 2024 وهو من بين الأعلى عالميًا، في حين ارتفع معدل الفقر الوطني من 22.1% في 2023 إلى 37.7% نهاية العام ذاته، وسط تقديرات بأن معظم أهالي غزة باتوا تحت خط الفقر المدقع. المصدر / فلسطين أون لاين

تقرير ضحى وأطفالها.. نزحوا من الموت فاحترقوا في المأوى
تقرير ضحى وأطفالها.. نزحوا من الموت فاحترقوا في المأوى

فلسطين أون لاين

timeمنذ 2 أيام

  • فلسطين أون لاين

تقرير ضحى وأطفالها.. نزحوا من الموت فاحترقوا في المأوى

غزة/ يحيى اليعقوبي: عند ثلاجات الموتى في مجمع الشفاء الطبي، ترقد جثامين الشهيدة ضحى عبده (28 عامًا) وأطفالها الثلاثة: آدم (سنتان)، وخالد (6 سنوات)، وشام (7 سنوات)، إلى جانب زوجها محمد حجيلة وعدد من أقارب عائلته. استهدفتهم ثلاث طائرات إسرائيلية انتحارية مفخخة، عند الساعة الثانية من فجر الخميس، ليتحوّل المأوى الذي نزحت إليه ضحى قبل شهر هربًا من الموت في حي التفاح شرق غزة، إلى محرقة التهمت أجساد أبنائها وطمست ملامحهم، حتى لم يُعرفوا إلا بأسمائهم. في وداع يشبه العناق الأخير، احتضنت ضحى أطفالها الشهداء وكأنها تصرُّ على الرحيل معهم. رحلت الأم إلى حيث سبَقها زوجها محمد الذي استشهد في بداية الحرب، فواجهت وحدها مصاعب النزوح والحرمان، تنقّلت بأطفالها من مركز إيواء إلى آخر، في بحث عبثي عن ملاذٍ آمن لم يكن موجودًا. داخل المشرحة، حمل أحد أقارب العائلة جثمان الطفلة "لين"، لم تُكمل عامها الثاني، وقد لُفَّت بقطعة قماش ووُضعت فوق جثمان والدها صقر حجيلة، في مشهد يُمزق القلب. وداع لا يشبه الوداع مع ساعات الصباح الأولى، تجمّع أقارب الشهداء في ساحة المشرحة، والصدمة تكسو ملامحهم. لم تُمنح لهم فرصة لرؤية الوجوه، ولا حتى قبلة وداع؛ فالأجساد تفحّمت بفعل القصف، واكتفى الأهالي بنظرات باكية للأكفان البيضاء، ودموع صامتة اختلطت بصرخات الفقد والفاجعة. صرخ خال الشهيدة، عثمان عبده، بمرارة: "نتفاجأ بأنهم يرسلون طائرات انتحارية لتفجير عائلة من أم وأطفال! بأي شرعٍ يُقتلون؟ بأي ضمير؟ حرقوهم أحياء... نطلب الرحمة من الله لأهل غزة." جلست والدة ضحى قرب جثمان ابنتها الوحيدة، لا تكاد تصدق ما ترى. قبل يومٍ فقط زارتها، واحتضنت أحفادها، والآن تلقي عليهم نظرة الوداع الأخيرة، فقدت ابنها مصعب قبل أشهر، وها هي اليوم تعيش فاجعة فقد ضحى وأحفادها دفعة واحدة. "بدنا نروح مع بعض" يروي شقيق ضحى، عبد الرحمن، بكلمات ثقيلة تُغالب الدمع: "كانت أختي تخاف على أولادها كثيرًا. كانت تقول: إذا بدنا نستشهد، بدنا نروح مع بعض. ما بدنا يضل حدا يتحسّر على التاني." ويضيف لصحيفة "فلسطين": "جاءنا الاتصال فجرًا من شقيق زوجها، يخبرنا بما جرى، وعندما وصلنا صُدمنا بتفحّمهم جميعًا." يحاول عبد الرحمن التماسك وهو ينظر إلى الأكفان التي تضم أشلاء أبناء شقيقته: "كانوا في منتهى الجمال. شام كانت تحلم أن تصبح طبيبة، ووالدتهم كانت تدرّسهم بنفسها، ترفض إرسالهم للمراكز التعليمية خوفًا من القصف. كانت تبحث عن الأمان، لكنها لم تجده." وكان من المقرر أن يزورها في يوم استشهادها، يقول: "بعد نزوحنا من حي التفاح إلى منزل عمي، فكرت أن أذهب عندها لأدرس استعدادًا للثانوية العامة، لكن استُشهدت قبل أن أتمكن من رؤيتها. تحدثنا قبلها بيوم، كنا نشتاق إليها كثيرًا. فراقها قاسٍ." ويتابع: "كانت ترى زوجها محمد كثيرًا في المنام، قالت لنا مرارًا إنه يظهر لها في أحلامها... وكأنها كانت تودّعنا دون أن نعلم." فقدها كسر شيئًا داخله بصوت يختنق بالحنين، يقول عبد الرحمن: "بوجود الأخت، تشعر ببهجة العيد. برحيلها تفقد أشياء كثيرة. كانت قريبة منا جميعًا. بعد استشهاد زوجها، نزحت إلينا وعاشت بيننا... الفقد كسر فيها الكثير." ويتذكّر اليوم الأول لفقد زوجها محمد: "أخرنا إخبارها بوفاته ثلاثة أيام، خشينا على حالتها النفسية، لكنها بدأت تشعر، وحين علمت، دخلت في صدمة استمرت لأكثر من شهرين." استشهد محمد أثناء محاولته شراء دواء لابنه الصغير، وكان قد مرّ بوالده يساعده في تعبئة المياه، بينما ذهب الأب لشراء الدواء. في تلك اللحظة، قصف الاحتلال المنزل، واستشهد محمد مع والدته وشقيقاته. واليوم، بلحظة قصف جديدة، لحقَت بهم زوجته وأطفاله، ولم ينجُ من العائلة إلا شخص واحد. لا أمان حتى في النوم في زاوية أخرى، جلست قريبات الشهيدة يبكين بصمت موجع. كل العائلة كانت مجتمعة في مركز الإيواء التابع لمدرسة مصطفى حافظ، في لحظة سكينة قبل الفجر. لم يتوقع أحد أن تُغدر أحلامهم بثلاث طائرات مفخخة، تقصف المكان دون إنذار، لتسرق أرواحهم وهم نائمون. تقول إحدى القريبات، وهي تمسح دموعها: "ضحى كانت تخشى على أطفالها من القصف في محيط منزل والدها بحي التفاح، فذهبت إلى مركز الإيواء عند أهل زوجها. لكن حتى هناك لم يسلموا. ما ذنب الأطفال؟ ماذا رأوا من الدنيا ليُقصفوا بهذه الوحشية؟" نزحت ضحى – المعروفة بـ "أم خالد" – خمس مرات في الأسابيع الأخيرة، بحثًا عن بقعة آمنة. أرادت فقط أن تحمي أطفالها، أن تحافظ على شيء من رائحة زوجها الراحل. تختم خالتها بحسرة: "كان أولادها من أجمل ما يكون... أذكياء، وطيبون. لكن انظر كيف صاروا... أين حق الطفولة في غزة؟!" المصدر / فلسطين أون لاين

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store