logo
إسرائيل تحصي خسائرها.. هذا ما فعلته صواريخ إيران الباليستية باقتصاد تل أبيب

إسرائيل تحصي خسائرها.. هذا ما فعلته صواريخ إيران الباليستية باقتصاد تل أبيب

بوست عربيمنذ 3 أيام

ألحقت الحرب التي بدأتها تل أبيب بشن هجوم ضد إيران، والتي امتدت 12 يوماً، خسائر فادحة باقتصاد إسرائيل، وباتت البلاد تواجه عواقب وخيمة على الصعيدين المدني والاقتصادي وسط تقديرات بأن تبلغ تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات حوالي 5 مليار شيكل (حوالي 1.4 مليار دولار).
وشملت الكلفة التي تكبدها الاقتصاد الإسرائيلي خسائر في الممتلكات وتراجعاً في النشاط الاقتصادي ومطالبات التعويض عن الأضرار المادية المباشرة، جراء سقوط الصواريخ الإيرانية الباليستية داخل المدن والبلدات في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وفق وسائل إعلام عبرية.
وتضع هذه التكاليف والخسائر الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحديات صعبة، خاصة في ظل استمرار الحرب على غزة، والتي كلفت الاحتلال حوالي 40 مليار دولار حتى نهاية عام 2024 فقط، فيما تلقت قطاعات عديدة، وفي مقدمتها البناء والسياحة والطيران، خسائر فادحة أيضاً منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
🎥- هتافات 'الموت #لأمريكا … الموت #لإسرائيل ' في البرلمان الإيراني، عقب التصويت على قانون قطع العلاقات مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، ردًا على العدوان الذي استهدف المنشآت #النووية #الإيرانية pic.twitter.com/veq77d3yY3
— عربي بوست (@arabic_post) June 25, 2025
نستعرض في هذا التقرير أبرز الخسائر الاقتصادية التي تكبدتها إسرائيل خلال 12 يوماً من الحرب مع إيران، والتي وضعت أوزارها، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران، بعدما توصل الجانبان إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بوساطة أمريكية قطرية.
أولاً: 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية
تلقى صندوق التعويضات في سلطة الضرائب الإسرائيلية نحو 39 ألف طلب للتعويض عن أضرار مادية مباشرة، جراء سقوط صواريخ إيرانية داخل إسرائيل، وفق إعلام عبري.
وبحسب صحيفة كالكاليست الاقتصادية العبرية، تلقى صندوق التعويضات حوالي 38 ألفاً و700 طلب تعويض منذ بداية الحرب الإسرائيلية الإيرانية في 13 يونيو/حزيران الجاري.
ونقلت الصحيفة عن الصندوق أن بين تلك الطلبات 30 ألفاً و809 طلبات تعويض عن أضرار لحقت بمبانٍ مباشرة، و3713 طلباً عن أضرار بمركبات، و4085 طلباً عن أضرار بمعدات وغيرها.
وتابعت: "هناك تقديرات بتضرر آلاف المباني الأخرى، ولم تُقدَّم أي طلبات تعويض عنها حتى الآن".
من جانبه، أفاد الموقع الإلكتروني "بحديري حريديم" العبري، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران، بأن أكثر من 24 ألفاً و932 طلباً تم تقديمها في مدينة تل أبيب (وسط) وحدها، تليها مدينة أشكلون (عسقلان/جنوب) 10 آلاف و793 طلباً.
ووفقاً للهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ الإسرائيلية، فقد أكثر من 11 ألف ساكن منازلهم، وتم إجلاء حوالي 10,400 منهم إلى الفنادق، بينما يقيم الباقون مع أقاربهم. وإجمالاً، تضررت أكثر من 30 ألف وحدة سكنية، ومن المقرر هدم حوالي ثلثها بالكامل.
وتُقدَّر تكلفة الأضرار التي لحقت بالممتلكات بنحو أربعة مليارات شيكل، وسط توقعات بأن التكلفة النهائية ستتجاوز 5 مليارات شيكل (1.4 مليار دولار)، أي ضعف تكلفة الأضرار المباشرة جراء الحرب على غزة، والتي بلغت حوالي 2.6 مليار شيكل (750 مليون دولار)، بحسب القناة 13 العبرية.
وقال شاي أهرونوفيتش، مدير سلطة الضرائب، في مؤتمر صحفي، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران: "هذه تحديات لم نشهدها من قبل. لم يسبق أن شهد تاريخ دولة إسرائيل مثل هذا القدر من الضرر".
ثانياً: تكاليف غير مباشرة
أضفت المواجهة العسكرية مع طهران مزيداً من الضغوط على الاقتصاد الإسرائيلي، وسط مؤشرات على تباطؤ الاستثمارات وتراجع حركة التجارة والسياحة، فضلاً عن تذبذب أداء سوق المال وتزايد التكاليف الأمنية، وفق تقرير لوكالة الأناضول.
وقال أستاذ العلوم المالية في الجامعة العربية الأمريكية في فلسطين، نصر عبد الكريم، للأناضول، إنه بجانب تكاليف الذخائر العسكرية المستخدمة وتعطل حركات الطيران واعتراض الصواريخ الإيرانية، توجد تكاليف غير مباشرة.
وأرجع هذه التكاليف إلى تعطل الحياة الإنتاجية تقريباً، واضطرار معظم السكان للدخول إلى الملاجئ أكثر من مرة يومياً، ما يحدث نوعاً من التقطع في الإنتاج محلياً.
عبد الكريم رأى أن الحكومة الإسرائيلية أمام ثلاثة خيارات لمواجهة العجز المالي: "إما خفض النفقات الاجتماعية مثل الصحة والتعليم، ما قد يثير احتجاجات شعبية بين الفئات المتضررة، أو رفع الضرائب".
واستطرد: "أو اللجوء إلى الاقتراض الخارجي، ما قد يدفع نسبة الدين العام لتتجاوز 75% من الناتج المحلي، وهو مستوى غير مسبوق في تاريخ إسرائيل".
ثالثاً: الشيكل
وحول تأثير الحرب على الأسواق المالية، قال عبد الكريم إن الشيكل الإسرائيلي أظهر قدراً من التماسك، حيث عاد إلى مستويات ما قبل الحرب عند 3.50 مقابل الدولار، بعد أن تراجع إلى 3.70 مع بدء الضربات الإيرانية.
وأرجع أمين سر الاتحاد العام للاقتصاديين الفلسطينيين، نصر عطياني، استقرار الشيكل الإسرائيلي في الأيام الأولى من الحرب بشكل رئيسي إلى التدخل المباشر لبنك إسرائيل المركزي.
ولفت إلى أن البنك ضخ نحو 8.5 مليارات دولار في سوق الصرف، لدعم الشيكل مع بدء حرب الإبادة الإسرائيلية على قطاع غزة في 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وأوضح عطياني للأناضول أن هذا التدخل ساهم في الحفاظ على تماسك الشيكل مقابل الدولار وباقي العملات الأجنبية، رغم الضغوط الناتجة عن تصاعد التوترات الأمنية وانعكاساتها على الأسواق.
وأردف أن "الشيكل لم يُظهر حتى الآن تذبذباً كبيراً في قيمته، لكن استمرار استقراره مرهون بقدرة الحكومة على مواصلة دعمه، وهو أمر يضع عبئاً مالياً متزايداً".
عطياني رأى أن الحفاظ على استقرار الشيكل يُعد أولوية قصوى لصُنّاع القرار في إسرائيل، لكونه العملة الوطنية التي تُقَيَّم بها معظم الأنشطة الاقتصادية، بما في ذلك الأسعار والأجور والمعاملات التجارية.
وشدد على أن أي انهيار في قيمته قد يؤدي إلى اضطرابات تضخمية أوسع تؤثر على الاقتصاد الكلي.
ورداً على الهجوم الإسرائيلي، استهدفت إيران البنية التحتية الحيوية في إسرائيل، وفي مقدمتها مدينة حيفا، رئة الاقتصاد الإسرائيلي.
وزاد ذلك من الضغوط، إذ أسفرت تلك الهجمات عن توقف مصفاة "بازان" لتكرير النفط، وهي أكبر مصفاة نفط إسرائيلية، ما كبّد اقتصاد البلاد 3 ملايين دولار يومياً، حسب تقرير لصحيفة فاينانشال تايمز البريطانية.
كما طالت هجمات طهران مطار بن غوريون قرب تل أبيب (وسط)، ما أدى إلى إغلاقه طوال فترة الحرب، مما يُنذر بمزيد من الخسائر في مطار تستقبل وتُقلع منه نحو 300 رحلة طيران، بمعدل 35 ألف مسافر يومياً.
وتزامن إغلاق المطار مع نقل شركة "إلعال" للطيران الحكومية الإسرائيلية 48 طائرة إلى قبرص واليونان والولايات المتحدة (خشية استهدافها)، ما قد يترتب عليه تحمّل تكاليف تشغيلية تُقدَّر بنحو 6 ملايين دولار.
كما أن أسواق المال لم تكن بمنأى عن تداعيات التصعيد العسكري، إذ طالت الصواريخ الإيرانية بورصة الألماس الإسرائيلية، في وقت سجلت فيه صادرات البلاد من الماس تراجعاً بنسبة 35% على أساس سنوي خلال عام 2024.
وتشكل هذه الصناعة 8% من إجمالي صادرات إسرائيل، حسب معهد الماس الإسرائيلي.
واعتبر عطياني أن مثل هذه الضربات "تثير ذعراً بين المستثمرين، وتدفع المساهمين إلى الانسحاب وبيع أسهمهم بشكل جماعي، ما يُسرّع وتيرة الانهيار ويُهدد الاستقرار الاقتصادي على المدى القريب، ويُلقي بظلاله على مستويات الاستثمار والتشغيل والنمو".
ورأى أن تحول الحرب إلى استهداف البنية الاقتصادية والمدنية يعكس خروج النزاع عن الطابع العسكري البحت، ليدخل في مرحلة جديدة تستهدف الأعمدة المالية والاقتصادية للدولة.
وأوضح عطياني أن ذلك يضع الاقتصاد الإسرائيلي أمام تحديات مضاعفة، تتطلب إجراءات عاجلة لإعادة بناء الثقة واستقرار التداول والحركة النقدية.
حذرت وزارة الطاقة الإسرائيلية، الأربعاء 25 يونيو/حزيران، من "نقص وشيك" في غاز الطهي بعد تضرر مصفاة بازان في حيفا شمال إسرائيل، إثر الهجمات الصاروخية الإيرانية رداً على هجمات تل أبيب.
وكانت إسرائيل أقرت بأن صاروخاً أطلق من إيران سبب أضراراً كبيرة لمصفاة بازان التي تعد المصدر الرئيسي للغاز المسال في السوق المحلية الإسرائيلية.
ونقلت صحيفة كالكاليست عن وزارة الطاقة تحذيرها من أن "الأضرار الجسيمة التي لحقت بمصفاة بازان الأسبوع الماضي، والتي أدت إلى إغلاق جميع الأنشطة في المصفاة، يمكن أن تتسبب في نقص حاد في الغاز الهيدروكربوني المكثف، وغاز البترول المسال (يستخدم في الطهي والوقود وقطاع الصناعة)".
وأشارت الصحيفة إلى أن التحذير جاء في رسالة وجهتها الوزارة إلى مديري شركات الغاز في إسرائيل.
وأضافت: "نتيجة لذلك، أصدرت الوزارة إجراء لتحديد أولويات توزيع الغاز المسال بين مختلف المستهلكين في حالة حدوث نقص".
ولفتت إلى أن الأولوية في الإمداد بالغاز ستمنح للمستشفيات والمغاسل التي تخدم المستشفيات ودور رعاية المسنين ومرافق المعيشة المساعدة والمخابز ومصانع المواد الغذائية والملاجئ ومصانع التصنيع الأساسية.
يأتي المستهلكون المحليون سواء في مخازن الغاز المركزي في المباني أو في أسطوانات الغاز في آخر ترتيب أولوية الحصول على الغاز، وفق الصحيفة.
وقالت: "في حالة وجود نقص فعلي في غاز البترول المسال، ستحصل الفئة الأولى في الأولية على ما يصل إلى 60% من الطلب بشكل روتيني، أما الأولوية الثانية فهي السجون وأقفاص الدجاج والمفرخات والفنادق وخدمات تقديم الطعام الذين سيحصلون على ما يصل إلى 30 في المئة".
ونقلت "كالكاليست" عن وزير الطاقة إيلي كوهين قوله إن عودة مصفاة بازان للعمل ستستغرق حوالي شهر، حتى تتمكن المنشأة من العودة بكميات تلبي جميع احتياجات الاقتصاد المحلي.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الشهداء 100 ألف.. كيف كذبت الدراسات الدولية رواية إسرائيل ووثقت زيادة أعداد ضحايا غزة بشكل يفوق الأرقام الرسمية
الشهداء 100 ألف.. كيف كذبت الدراسات الدولية رواية إسرائيل ووثقت زيادة أعداد ضحايا غزة بشكل يفوق الأرقام الرسمية

بوست عربي

timeمنذ 10 ساعات

  • بوست عربي

الشهداء 100 ألف.. كيف كذبت الدراسات الدولية رواية إسرائيل ووثقت زيادة أعداد ضحايا غزة بشكل يفوق الأرقام الرسمية

قالت صحيفة هآرتس العبرية، الجمعة 27 يونيو/حزيران 2025، إن حصيلة الضحايا الذين قتلوا بهجمات إسرائيلية أو توفوا نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اقتربت من عتبة 100 ألف فلسطيني بنسبة تقارب 4% من عدد سكان قطاع غزة، ما يجعل هذه الحرب "الأكثر دموية في القرن 21". وفي تقرير لها تساءلت الصحيفة عما إذا كانت إسرائيل قتلت 100 ألف فلسطيني في غزة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية، محاولة الإجابة بتسليط الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي هذا الأسبوع. يأتي ذلك بينما سعى الاحتلال مراراً وتكراراً إلى التشكيك في أعداد الضحايا في غزة، جنباً إلى جنب مع محاولات أمريكية لإخفاء العدد الحقيقي للضحايا في القطاع الفلسطيني المحاصر. ⭕️ صحة #غزة: ▪️ وصول "81 شهيداً و422 مصاباً" إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة جرّاء استمرار الهجمات الإسرائيلية بالقصف وإطلاق النيران. ▪️ ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى "56 ألفاً و412 شهيداً، و133 ألفاً و54 مصاباً". ▪️ ارتفاع حصيلة الضحايا… — عربي بوست (@arabic_post) June 28, 2025 وتواجه إسرائيل محاكمات دولية أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة، وصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت. ووفقاً لإحصاءات رسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الشهداء في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي حتى الآن 55998 شهيداً، من بينهم 18 ألف طفل و12400 امرأة و3853 مسناً. الحرب الأكثر دموية في القرن 21 ونقلت صحيفة هآرتس تأكيد باحثين دوليين أن عدد الضحايا بغزة جراء الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، "أقل من الحجم الحقيقي للأزمة". وقالوا بهذا الصدد: "الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء جعل الحرب في القطاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين". وفي الوقت الذي يرفض فيه متحدثون رسميون وصحفيون ومؤثرون في إسرائيل بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدعين أنها "مبالغ فيها"، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة "بكل ما تجسده من فظائع، ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جداً مقارنة بالواقع". وعن أبرز الدراسات الدولية التي تناولت هذه القضية، سلطت الصحيفة الضوء على دراسة نشرها البروفيسور مايكل سباغات، الخبير العالمي في الوفيات خلال النزاعات العنيفة، وفريق من الباحثين هذا الأسبوع، إذ اعتبرتها "الأكثر شمولاً حتى الآن بشأن موضوع الوفيات في غزة". وأوضحت الصحيفة أن سباغات وبمساعدة "عالم السياسة الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي"، أجرى الفريق مسحاً لـ 2000 أسرة في غزة، تضم نحو 10 آلاف شخص، وخلصوا إلى أنه حتى يناير/كانون الثاني 2025، قتل حوالي 75 ألفاً و200 شخص في غزة نتيجة أعمال عنف خلال الحرب، غالبيتهم العظمى بسبب الذخائر الإسرائيلية. واستدركت: "في ذلك الوقت، قدرت وزارة الصحة في قطاع غزة عدد القتلى منذ بداية الحرب بـ 45 ألفاً و660 قتيلاً، وبعبارة أخرى، قللت بيانات وزارة الصحة من العدد الحقيقي للقتلى بنحو 40%". وذكرت الصحيفة العبرية أن دراسة "سباغات وزملائه تحاول الإجابة عن سؤال الوفيات الزائدة في القطاع، وبمعنى آخر، كم عدد الأشخاص الذين ماتوا نتيجة الآثار غير المباشرة للحرب: الجوع، والبرد، والأمراض التي استحال علاجها بسبب تدمير النظام الصحي، وعوامل أخرى؟". وقالت بهذا الصدد: "حتى دون احتساب موجات الوفيات الزائدة المتوقعة في المستقبل، أدى الجمع بين ضحايا العنف والوفيات الناجمة عن الأمراض والجوع إلى وفاة 83 ألفاً و740 شخصاً قبل يناير/كانون الثاني (2025)، مع الأخذ في الحسبان المسح والوفيات الزائدة". وأضافت: "منذ ذلك الحين، ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص، وهذا لا يشمل من هم في فئة الوفيات الزائدة، والخلاصة هي أنه حتى لو لم تتجاوز الحرب بعد خط 100 ألف قتيل، فهي قريبة جداً من ذلك". ونقلت الصحيفة عن البروفيسور سباغات، قوله: "حتى لو كان العدد الإجمالي لضحايا الحرب في سوريا وأوكرانيا والسودان أعلى في كل حالة، فإن غزة على ما يبدو تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين، وكذلك من حيث معدل الوفيات بالنسبة إلى حجم السكان". وأشارت الصحيفة إلى أنه "وفقاً لبيانات المسح، والتي تتوافق مع بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 56% من القتلى كانوا إما أطفالاً دون 18 عاماً، أو نساء، وهذا رقم استثنائي مقارنة بجميع النزاعات الأخرى تقريباً منذ الحرب العالمية الثانية". وبحسب الصحيفة، فإن البيانات التي جمعتها ونشرتها منظمة سباغات، تشير إلى أن نسبة النساء والأطفال الذين قُتلوا نتيجةً للعنف في غزة تزيد على ضعف النسبة في جميع النزاعات الأخيرة تقريباً. ومن البيانات المتطرفة الأخرى التي وُجدت في الدراسة، نسبة القتلى إلى عدد السكان، يقول سباغات: "أعتقد أننا ربما وصلنا إلى نسبة قتلى تُقارب 4% من السكان". ويضيف: "لست متأكداً من وجود حالة أخرى في القرن الحادي والعشرين وصلت إلى هذا المستوى". ولفتت الصحيفة إلى أنه "على عكس ثراء البيانات التي تقدمها قوائم الوزارات الرسمية والدراسات البحثية، والتي تُؤكد أرقام وزارة الصحة في غزة، فإن صمت المتحدثين الرسميين الإسرائيليين عن عدد القتلى لافت للنظر". وقالت: "حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول (2023) هي الأولى التي لم يُقدم فيها الجيش الإسرائيلي تقديرات لعدد القتلى المدنيين من العدو". وأضافت: "الرقم الوحيد الذي تُكرره وحدة المتحدث باسم الجيش والمتحدثون الرسميون الإسرائيليون الآخرون هو مقتل 20 ألفاً من حماس ومنظمات أخرى. هذا الرقم غير مدعوم بقائمة أسماء أو أدلة أو مصادر أخرى". وتابعت: "وفقاً لسباغات، جرت محاولة لإحصاء عدد المسلحين الذين نشرتهم إسرائيل. وقد تمكن فريقه من الوصول إلى بضع مئات، لكن من الصعب إعداد قائمة تضم حتى ألفاً". العدد الحقيقي لضحايا غزة قد يتجاوز 186 ألف ولم يكن تقرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الذي يسلط الضوء على أعداد الضحايا في غزة، الأول من نوعه، حيث صدرت في وقت سابق تقارير تابعة لمؤسسات طبية وحقوقية بارزة توثق زيادة أعداد الشهداء في القطاع المحاصر بشكل يفوق الأرقام الرسمية. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، قالت دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية إن حصيلة وفيات غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة "أعلى بنحو 41% مقارنة بأرقام وزارة الصحة في القطاع". واستندت الدراسة الطبية الجديدة إلى بيانات للوزارة الفلسطينية، واستطلاع عبر الإنترنت، ومنشورات نعي على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي يوليو/تموز 2024، قدّرت دراسة أخرى نشرتها أيضاً مجلة " لانسيت" أن يبلغ عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة 186 ألفاً من الوفيات المباشرة وغير المباشرة. واستندت الدراسة إلى حقيقة أنه في الصراعات والحروب الأخيرة، تراوحت أعداد الوفيات غير المباشرة حوالي 3 إلى 15 ضعفاً من أعداد الوفيات المباشرة. وباستخدام تقدير أعداد السكان في قطاع غزة لعام 2022 البالغ 2,375,259 نسمة، فإن ذلك يعني أن عدد الضحايا من الوفيات المباشرة وغير المباشرة سيبلغ 7.9٪ من إجمالي عدد السكان في القطاع. وقال تقرير المجلة البريطانية إن الصراعات المسلحة تنطوي على مخاطر صحية غير مباشرة تتجاوز الضرر المباشر الناجم عن العنف. وحتى لو انتهى الصراع على الفور، فسوف يستمر وقوع العديد من الوفيات غير المباشرة في الأشهر والسنوات التالية لأسباب مثل الأمراض الإنجابية والأمراض المعدية وغير المعدية. وبحسب تحقيق أجرته منظمة "أيروورز" في يوليو/تموز الماضي، والذي حدد بشكل مستقل ما يقرب من 3000 اسم لضحايا مدنيين قتلوا في أول 17 يوماً من الحرب، فإن أرقام وزارة الصحة الفلسطينية "موثوقة على نطاق واسع" على الرغم من الصعوبات التي ينطوي عليها تقييم الخسائر. وقال تقرير منظمة "أيروورز" إن التحقيق وجد ارتباطاً وثيقاً بين أرقام الوزارة وما أفاد به المدنيون الفلسطينيون عبر الإنترنت، حيث ظهرت 75% من الأسماء المبلغ عنها علناً أيضًا في قائمة وزارة الصحة. ومنظمة "أيروورز" هي منظمة غير ربحية مقرها لندن تابعة لقسم الإعلام والاتصالات في جامعة لندن، والتي تقوم بالتحقيق في الوفيات المدنية في الصراعات. محاولات لإخفاء أعداد الضحايا في غزة ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصدر وزارة الصحة بانتظام تحديثات حول عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الهجوم الإسرائيلي. وكانت هذه الأرقام محل تشكيك من قبل إسرائيل وحلفائها، حيث قال الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، إنه "لا يثق" بها، في حين تسلط وسائل الإعلام الضوء بانتظام على سيطرة حماس على الوزارة مع التلميح إلى أنه يجب التعامل معها بحذر. وضمن المساعي الأمريكية لإخفاء أعداد الضحايا في غزة، تضمن مشروع قانون الدفاع السنوي، الذي تم تقديمه للكونغرس في ديسمبر/كانون الأول 2024، بنداً يحظر على البنتاغون الاستشهاد بوزارة الصحة في غزة كمصدر موثوق، بحسب موقع ذا انترسبت. وقالت النائبة إلهان عمر، عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا، في بيان لموقع ذا إنترسبت: "هذا محو مثير للقلق لمعاناة الشعب الفلسطيني، وتجاهل الخسائر البشرية الناجمة عن العنف المستمر". فيما شكك سياسيون أمريكيون في الأرقام التي تقدمها وزارة الصحة في غزة، لأنها تقع تحت سلطة حماس. وفي يونيو/حزيران 2024، أقرّ مجلس النواب تشريعاً يحظر صراحةً على وزارة الخارجية الأمريكية الاستشهاد ببيانات من وزارة الصحة في غزة. ووصفت حماس في بيان سابق ادعاء نتنياهو في مقابلة تلفزيونية بأن نسبة (القتلى) من المدنيين إلى المقاتلين في غزة واحد إلى واحد، بأنه "كذب واستخفاف بالرأي العام العالمي"، مشيرةً إلى أن "تقارير وزارة الصحة اليومية، وغيرها من التقارير والتوثيقات التي أجرتها جهات أممية وحقوقية دولية تؤكد أن الغالبية العظمى من الضحايا في قطاع غزة من المدنيين". وفي مقابلة سابقة مع موقع بانشبول الأمريكي، زعم نتنياهو، أن "نسبة الضحايا المدنيين إلى القتلى المسلحين في غزة تبلغ واحداً إلى واحد تقريباً، وهي أدنى نسبة في حروب المدن الحديثة".

فجأة تبخّر استثمار بقيمة 30 مليار دولار.. لهذه الأسباب رفضت بريطانيا دعم مشروع يربطها بالمغرب
فجأة تبخّر استثمار بقيمة 30 مليار دولار.. لهذه الأسباب رفضت بريطانيا دعم مشروع يربطها بالمغرب

بوست عربي

timeمنذ 10 ساعات

  • بوست عربي

فجأة تبخّر استثمار بقيمة 30 مليار دولار.. لهذه الأسباب رفضت بريطانيا دعم مشروع يربطها بالمغرب

فاجأت الحكومة البريطانية إحدى الشركات العملاقة المتخصصة في الطاقة، ومعها المغرب، بعد أن أعلنت بشكل رسمي تخليها عن واحد من أكبر مشاريع الطاقة الخضراء في العالم، مع العلم أن الشركة البريطانية قامت فعلاً باستثمار مئات ملايين الدولارات في المشروع الذي قُدرت قيمته بنحو 30 مليار دولار. هذا المشروع الذي روّجت له شركة "X Links" البريطانية العملاقة، والذي كان مقرراً أن يبدأ في الإنتاج خلال عام 2027، لم يتمكن من إقناع الحكومة البريطانية بالفوائد التي سيعود بها على مجال الطاقة في بريطانيا، وبالتالي فشل في الحصول على الدعم الحكومي اللازم من أجل مواصلة الاستثمار في هذا المشروع. فما أهمية هذا المشروع بالنسبة للمغرب، وكيف سيؤثر ذلك على المملكة، خاصة في مجال الطاقة؟ وما الأسباب التي دفعت الحكومة البريطانية للتخلي عن دعم هذا المشروع الضخم؟ وهل سيؤثر قرار لندن على استثمارات أجنبية أخرى في مجال الطاقة بالمغرب؟ وهي الأسئلة التي سنجيب عنها في التقرير التالي. مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا بدايةً، وقبل الحديث عن الأسباب التي دفعت الحكومة البريطانية للتخلي عن دعم مشروع الربط الكهربائي مع المغرب، لا بد من العودة إلى المشروع، ومن كان وراءه، والفوائد التي كان سيجنيها المغرب من خلال استثمار 30 مليار دولار في المشروع. كان يخطط مشروع تصدير الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا، المعروف باسم "إكس لينكس"، إلى نقل إنتاج مزارع الرياح والطاقة الشمسية، التي تمتد عبر منطقة بحجم لندن في منطقة كلميم واد نون جنوب المغرب، عبر خط كهرباء بحري، وهو ما يكفي لتزويد أكثر من 9 ملايين منزل بريطاني بالكهرباء. وكان يُتوقع أن يبدأ المشروع بمدّ خطَّي كهرباء بحريين يتصلان بخطَّين آخرين في بريطانيا، وستُولَّد الكهرباء بجهة كلميم واد نون عبر محطة لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية وطاقة الرياح بقدرة 10.5 غيغاواط، ومرافق لبطاريات التخزين بسعة 20 غيغاواط، وفق ما أورده الموقع الرسمي لشركة "Xlinks". وكان يأمل الرئيس التنفيذي السابق لشركة "تيسكو"، المسؤول الحالي بشركة "إكس لينكس" (Xlinks First) -المشرفة على مشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا- ديف لويس، بناء أطول خط كهرباء بحري في العالم لتسخير مصادر الطاقة المتجددة في شمال أفريقيا لدعم خطة الطاقة النظيفة في بريطانيا. وحال تنفيذ المشروع، فإن خط كهرباء يبلغ طوله 4 آلاف كيلومتر مدفون في قاع البحر، سينقل ما يصل إلى 8% من احتياجات بريطانيا من الكهرباء من مشروعات الطاقة المتجددة والبطاريات في كلميم واد نون جنوب المغرب إلى ساحل ديفون في أقل من ثانية. ويرى ديف لويس أنه بالإضافة إلى أشعة الشمس الدائمة في المغرب وسرعات الرياح المستمرة، فإن مشروع تصدير الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا، من الناحية النظرية، قد يوفّر لحكومة لندن مصدراً متوقعاً وموثوقاً للطاقة المتجددة لمدة 19 ساعة يومياً على مدار العام، حسب ما نقله موقع " الطاقة" الإخباري المتخصص. تولّى ديف لويس منصب الرئيس التنفيذي لشركة "إكس لينكس"، التي تقف وراء خطط تصدير الكهرباء من المغرب إلى بريطانيا، في عام 2020 بعد تنفيذ خطة إنقاذ مدتها 5 سنوات لإعادة أكبر بائع تجزئة في بريطانيا من حافة الانهيار. منذ ذلك الحين، أجرى المسؤول البريطاني محادثات مع 6 وزراء للطاقة خلال السنوات الـ6 الماضية من أجل التوصل إلى اتفاق، والحصول على دعم مالي وتقني يسمح ببدء تنفيذ المشروع بين المملكة المتحدة والمغرب بحلول عام 2030، لكن نتائج المحادثات كانت سلبية، وانتهت بإعلان تخلي الحكومة البريطانية عن المشروع. لماذا تخلّت الحكومة البريطانية عن المشروع؟ صباح الجمعة 27 يونيو/حزيران 2025، انتشر خبر مفاده أن وزير الطاقة البريطاني، إد ميليباند، قرر إفشال مشروع XLinks الضخم للطاقة المتجددة، الذي تبلغ تكلفته 25 مليار جنيه إسترليني (نحو 30 مليار دولار)، والذي كان من المفترض أن يخفض سعر الطاقة بنسبة 10٪ في البلاد. وقالت تقارير إعلامية بريطانية إن أحد أكبر مشاريع الربط البيني في العالم يتعثر، فقد رفضت حكومة المملكة المتحدة أخيراً توقيع عقد الفروقات لمدة 25 عاماً مع شركة XLinks، الشركة التي كانت تنوي توريد الطاقة المتجددة من المغرب إلى المملكة المتحدة. وفقاً للصحافة البريطانية، فإن قرار وزير الطاقة بعدم الاستثمار في مشروع الربط الكهربائي مع المغرب، يعود بالأساس إلى رغبة الحكومة البريطانية في عدم الاعتماد على دول ثالثة، ويفضّلون أن يكونوا أكثر استقلالية في مجال الطاقة، حتى لو كانت التكلفة أعلى. كما أن القرار يأتي بعد أزمة انقطاع التيار الكهربائي في إسبانيا والبرتغال، وهما دولتان كان من المفترض أن يمر الكابل عبر مياههما، وفي المعركة الأوروبية الكبرى للتخلص من الغاز الروسي، والتوقف عن الاعتماد على أطراف ثالثة. صحيفة "The Times" كتبت في تقرير نشرته الخميس 26 يونيو/حزيران أن وزارة الطاقة البريطانية منعت تنفيذ مشروع Xlinks، الذي كان سيُنقل الطاقة النظيفة من المغرب عبر كابل بحري ضخم، بتكلفة تُقدَّر بـ24 مليار جنيه إسترليني. وكشفت الصحيفة أن أسباب تخلّي الحكومة عن المشروع تعود بالأساس إلى ارتفاع التكاليف من 16 إلى 24 مليار جنيه إسترليني، إضافة إلى مخاوف أمنية واقتصادية، ورغبة الحكومة البريطانية في تطوير مشاريع الطاقة محلياً. كما قالت وكالة رويترز إن الحكومة البريطانية أكدت وقف دعمها لمشروع الربط الكهربائي بين المغرب وبريطانيا، واعتبرت أن الطاقة المحلية المنبع "أفضل استراتيجية للبلاد وأولى بمصالح الشعب والمال العام"، مع العلم أن المشروع كان مدعوماً من شركات عالمية مثل Total Energies وOctopus Energy. خيبة أمل المستثمر البريطاني وشركائه في المغرب خيّب قرار الحكومة البريطانية آمال مروّج المشروع السير ديف لويس، رئيس شركة Xlinks، الذي عبّر عن إحباطه من قرار لندن عدم دعم مشروع الربط الكهربائي مع المغرب، وفق ما جاء في بيان لديف لويس صدر عقب قرار الحكومة البريطانية. وقال في البيان: "نحن مندهشون للغاية ومحبطون للغاية لأن حكومة المملكة المتحدة قررت تفويت الفرصة لإطلاق العنان للقيمة الكبيرة التي سيجلبها مشروع طاقة متجددة واسع النطاق مثل هذا، ولا سيما فرصة خفض سعر الجملة للكهرباء، والذي يعد حالياً واحداً من أعلى الأسعار في أوروبا". وتجدر الإشارة إلى أن المشروع لم يكن يتطلب أي استثمار حكومي مقدماً، ويقدّم سعراً تنافسياً للغاية للعقود مقابل الفروقات، وسيُخفض أسعار الكهرباء بالجملة بأكثر من 9٪ خلال عامه الأول، ويوفّر 20 مليار جنيه إسترليني من القيمة الاجتماعية والاقتصادية. وحسب المستثمر الرئيسي في المشروع "إكس لينكس"، فإن المشروع كان سيغطي 8٪ من احتياجات الكهرباء في البلاد في وقت يرتفع فيه الطلب بشكل كبير، فضلاً عن تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون من قطاع الكهرباء بنسبة 10٪ تقريباً خلال عامه الأول. بينما يسعى المسؤولون عن شركة "إكس لينكس" وشركاؤها، بما في ذلك شركات عالمية المستوى مثل GE Vernova وTotalEnergies وTAQA الإماراتية وOctopus Energy البريطانية، إلى البحث عن حل للأزمة التي تسبب بها القرار البريطاني، وعدم التخلي عن المشروع، وإيجاد مخرج آخر. مع العلم أنه تم فعلاً استثمار أكثر من 100 مليون جنيه إسترليني من قبل شركات الطاقة الكبرى في تطوير المشروع، وقال مدير "إكس لينكس" البريطانية: "ليس أمامنا خيار سوى قبول قرار وزارة الطاقة. ونحن نعمل الآن على إطلاق إمكانات المشروع وتعظيم قيمته لجميع الأطراف بطريقة مختلفة". كيف سيؤثر إلغاء المشروع على المغرب؟ المشروع الذي قُدرت قيمته بأكثر من 30 مليار دولار، كان يُعتبر من أكبر الاستثمارات الطاقية الموجّهة نحو المغرب، وكان سيخلق آلاف الوظائف في مناطق مثل كلميم وطانطان، مع تنمية بنية تحتية للطاقة الشمسية والريحية بقدرة 10.5 غيغاواط. ومن شأن إلغاء المشروع أن يؤخّر الطموح المغربي لتصدير الكهرباء الخضراء، مع العلم أن المشروع كان أحد أهم النماذج الترويجية للطاقة المتجددة المغربية نحو أوروبا، ويطمح المغرب من ورائه إلى تعزيز مكانته كمزوّد طاقة نظيفة لأوروبا. وهذا الإلغاء قد يُضعف ثقة المستثمرين الدوليين مؤقتاً في قابلية تصدير الكهرباء من إفريقيا نحو أوروبا عبر الكابلات البحرية، كما ستكون له انعكاسات على استراتيجية الهيدروجين الأخضر المغربية. من جهة أخرى، فإن المشروع كان يُستخدم كـ"نموذج نجاح" للدبلوماسية المغربية الطاقية، غير أن قرار الحكومة البريطانية عدم دعم المشروع قد يُفسَّر على أنه "فشل سياسي" للدبلوماسية المغربية، وهو ما قد تستغله جهات خارجية للنيل من المغرب. وقد يؤثر على مشاريع أخرى مماثلة، في مقدمتها مشروع الملياردير الأسترالي أندرو فورست، الذي يعمل في مجال التعدين، وكان يسعى للحصول على الدعم من وزير الطاقة البريطاني إد ميليباند لإنشاء خط كهرباء جديد بقيمة مليارات الدولارات بين أوروبا وشمال أفريقيا. وأجرى مؤسس ورئيس شركة فورتسكيو العملاقة لخام الحديد، أندرو فورست، المعروف باسم "تويجي"، مناقشات مع وزير الطاقة حول مشروع ربط كهربائي بين المغرب وبريطانيا، وفق ما ذكرته تقارير في شهر مايو/أيار 2025.

من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي
من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي

بوست عربي

timeمنذ يوم واحد

  • بوست عربي

من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي

سلّط تقرير نشره موقع أسباب للدراسات الجيوسياسية الضوء على تنامي ثقل الصناعات الدفاعية التركية عالمياً، حيث أعلنت أنقرة عن صفقتين دفاعيتين بارزتين مع إندونيسيا وإيطاليا. ففي حدثين متزامنين، أعلنت أنقرة عن أول صفقة تصدير لمقاتلتها من الجيل الخامس "قآن" إلى إندونيسيا، وتتضمن إنتاج وتسليم 48 مقاتلة بقيمة 10 مليارات دولار خلال عشر سنوات. وجاء التوقيع خلال معرض الدفاع الإندونيسي في جاكرتا، بحضور الرئيسين أردوغان وبرابوو سوبيانتو. وفي باريس، وعلى هامش معرض الطيران الدولي، وقّعت شركة "بايكار" التركية للصناعات الدفاعية اتفاقية تعاون مشترك مع شركة "ليوناردو" الإيطالية، إحدى أكبر شركات الصناعات الدفاعية في أوروبا. وجاءت الاتفاقية بعد دخول أداة "العمل الأوروبي من أجل الأمن" SAFE حيّز التنفيذ، وهي آلية تتيح للدول الأوروبية تمويل استيراد معدات دفاعية من دول غير أعضاء في الاتحاد، من بينها تركيا. وتُظهر الصفقتان أن تركيا لم تعد تتموضع كفاعل أمني هامشي ضمن الناتو، تتلقى السلاح من الغرب وتخضع لشروطه، بل تعيد صياغة موقعها كقوة دولية متوسطة يصعب استبعادها من طاولة الصناعات الدفاعية الدولية، وفق تقرير موقع أسباب. ففي آسيا، يتعزز التموضع التركي من خلال تقديم بديل للدول التي تسعى لتجنب تناقضات الأحلاف الكبرى بين الصين والولايات المتحدة. أما في أوروبا، فإن تغير المزاج الاستراتيجي – بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والاتجاه الأمريكي لفك الارتباط الأمني التاريخي مع أوروبا – يسمح لتركيا بتأكيد موقعها باعتبارها شريكاً أمنياً استراتيجياً يمكن الوثوق به، لا كتهديد يُحتوى. وبهذا، تتحول الصناعات الدفاعية التركية إلى نقطة ارتكاز لإعادة تعريف العلاقة مع الأطراف الدولية، لا باعتبارها تابعاً أمنياً، بل طرفاً فاعلاً في مستقبل الصناعات الدفاعية. ورغم هذا الزخم، تواجه الصناعات الدفاعية التركية تحديات عميقة، قد تعيق استدامة هذا التمدد، أبرزها ما يلي: يتطلب التطوير الثابت لقطاع الصناعات الدفاعية توفر ميزانيات مرتفعة، وتأمين التمويل اللازم لأبحاث التطوير وعمليات التصنيع التي لا تحقق عوائد اقتصادية مباشرة في الأجل القريب. ولذلك، تعتمد تركيا على تطوير شراكات مع دول أخرى يمكنها تقديم التمويل للتصنيع المشترك. إن تسليم 48 مقاتلة لإندونيسيا خلال عشر سنوات يتطلب توسعة كبيرة في القدرات الإنتاجية، دون تأخير الجدول الزمني المخصص للجيش التركي، ما يفرض ضغطاً على الشركات التركية في إدارة الأولويات والموارد. لا تزال بعض المكونات الأساسية في "قآن" و"بيرقدار" تعتمد على سلاسل توريد غربية، ما يجعلها عرضة لفرض قيود أو تعطيل خطوط التصنيع إذا تغير المزاج السياسي في العواصم الكبرى. قد تتحول الشراكات المفتوحة إلى موضع تنافس داخلي في أوروبا، إذا ما بدأت الشركات التركية في اقتطاع حصص سوقية حقيقية، لا مجرد ملء ثغرات مؤقتة. وبالتالي، فإن نجاح تركيا في تثبيت موقعها المستقل كمصدر ومصمم للشراكات الدفاعية يتطلب استثماراً استراتيجياً طويل الأمد في الاكتفاء التكنولوجي، وتنويع الشركاء، وبناء تحالفات تحصّن المشروع الصناعي من الارتدادات الجيوسياسية وتقلبات المشهد العالمي. صفقة "قآن" إلى إندونيسيا نقطة تحول في مسار الصناعات الدفاعية التركية يمثّل تصدير مقاتلات "قآن" إلى إندونيسيا نقطة تحول في مسار الصناعات الدفاعية التركية؛ فهي ليست فقط أول عملية تصدير لطائرة مأهولة من الجيل الخامس تركية الصنع، بل تأتي قبل أن تدخل المقاتلة الخدمة فعلياً في سلاح الجو التركي، ما يعكس ثقة أنقرة المتزايدة في نضج مشروعها الصناعي العسكري، وقدرتها على تسويقه كمنتج استراتيجي حتى قبل اكتمال دمجه محلياً. وتفتح الصفقة الباب أمام شراكة طويلة الأمد مع إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان وعضو فاعل في مجموعة العشرين، تقوم على نقل التكنولوجيا، والإنتاج المشترك، وتبادل المنفعة السياسية والصناعية. تأتي الصفقة تتويجاً لمسار تراكمي من التقارب، بدأ مع تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي، والذي دفع جاكرتا إلى إعادة صياغة أولوياتها الدفاعية والبحث عن مصادر تسليح أقل ارتباطاً بالتحالفات الكبرى. وبعد سنوات من الحذر الاستراتيجي، بدأت إندونيسيا تتجاوز نمط الحياد التقليدي باتجاه شراكات تكنولوجية أكثر استقلالاً. تُمثّل الصفقة نموذجاً متكاملاً لدبلوماسية التصنيع العسكري التركي، إذ لا يُستخدم السلاح كوسيلة ضغط سياسية، بل كأداة لبناء التحالفات، وتوسيع الحضور الجيوسياسي عالمياً. إذ تمنح هذه الصفقة تركيا نقطة ارتكاز استراتيجية في جنوب شرق آسيا، في قلب منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تُعد اليوم المسرح الأبرز لتنافس القوى الكبرى. وبدلاً من نموذج البيع المشروط الذي يقدمه الغرب، تقدّم تركيا نفسها كشريك إنتاج، وهي ميزة نادرة في سوق تفتقر فيه الدول الإسلامية الكبرى لخيارات صناعية سيادية. اتفاقية "بايكار – ليوناردو" فصل جديد في الشراكة الأمنية بين تركيا وأوروبا جاءت اتفاقية "بايكار – ليوناردو" بعد إطلاق أداة "SAFE" العمل من أجل الأمن الأوروبية، مما يمثّل فرصة نادرة لإعادة إدماج تركيا في النظام الدفاعي الأوروبي عبر بوابة الاقتصاد وتكنولوجيا السلاح. فالطائرات المسيّرة التركية، التي واجهت في السابق عقبات تصديرية بسبب استخدامها في صراعات مثل كاراباخ وليبيا، أصبحت اليوم مرشحة لتصنيع مشترك ضمن آلية أوروبية مشتركة. تمنح هذه الشراكة أنقرة موطئ قدم مباشر داخل السوق الدفاعية الأوروبية، ليس كمورّد خارجي، بل كشريك إنتاج يعمل من داخل البنية الصناعية للاتحاد الأوروبي. ويشير هذا التطور إلى تحول في المزاج الاستراتيجي داخل العواصم الأوروبية، إذ فرضت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتوجه الأمريكي لفك الارتباط الأمني مع القارة، منطقاً براغماتياً جديداً، أعاد التأكيد على محورية موقع تركيا الجيوسياسي الذي يجعل من الصعب إقصاء أنقرة، خاصة حين تتقاطع قدراتها مع ضرورات الأمن الجماعي الأوروبي، بالرغم من الاعتراضات السياسية التقليدية من دول مثل اليونان وقبرص. تحتل شركة ليوناردو الإيطالية المرتبة الثالثة أوروبياً والثالثة عشرة عالمياً في تصنيف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) عام 2024، بإجمالي مبيعات دفاعية 12.4 مليار دولار سنوياً. أما شركة بايكار، فقد دخلت قائمة أكبر 100 شركة سلاح في العالم عام 2022، وجاءت في المرتبة 79، بإجمالي مبيعات 1.9 مليار دولار. ويعود نجاح "بايكار" إلى ما هو أبعد من الكفاءة التقنية؛ إذ نجحت الشركة التركية في تطوير نموذج صناعي مرن ومنخفض التكلفة، قادر على سد فجوات قائمة منذ سنوات في القدرات الدفاعية الأوروبية، لاسيما في مجالات المسيّرات القتالية والذخائر الذكية.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store