logo
من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي

من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي

بوست عربيمنذ 18 ساعات

سلّط تقرير نشره موقع أسباب للدراسات الجيوسياسية الضوء على تنامي ثقل الصناعات الدفاعية التركية عالمياً، حيث أعلنت أنقرة عن صفقتين دفاعيتين بارزتين مع إندونيسيا وإيطاليا.
ففي حدثين متزامنين، أعلنت أنقرة عن أول صفقة تصدير لمقاتلتها من الجيل الخامس "قآن" إلى إندونيسيا، وتتضمن إنتاج وتسليم 48 مقاتلة بقيمة 10 مليارات دولار خلال عشر سنوات. وجاء التوقيع خلال معرض الدفاع الإندونيسي في جاكرتا، بحضور الرئيسين أردوغان وبرابوو سوبيانتو.
وفي باريس، وعلى هامش معرض الطيران الدولي، وقّعت شركة "بايكار" التركية للصناعات الدفاعية اتفاقية تعاون مشترك مع شركة "ليوناردو" الإيطالية، إحدى أكبر شركات الصناعات الدفاعية في أوروبا. وجاءت الاتفاقية بعد دخول أداة "العمل الأوروبي من أجل الأمن" SAFE حيّز التنفيذ، وهي آلية تتيح للدول الأوروبية تمويل استيراد معدات دفاعية من دول غير أعضاء في الاتحاد، من بينها تركيا.
وتُظهر الصفقتان أن تركيا لم تعد تتموضع كفاعل أمني هامشي ضمن الناتو، تتلقى السلاح من الغرب وتخضع لشروطه، بل تعيد صياغة موقعها كقوة دولية متوسطة يصعب استبعادها من طاولة الصناعات الدفاعية الدولية، وفق تقرير موقع أسباب.
ففي آسيا، يتعزز التموضع التركي من خلال تقديم بديل للدول التي تسعى لتجنب تناقضات الأحلاف الكبرى بين الصين والولايات المتحدة. أما في أوروبا، فإن تغير المزاج الاستراتيجي – بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والاتجاه الأمريكي لفك الارتباط الأمني التاريخي مع أوروبا – يسمح لتركيا بتأكيد موقعها باعتبارها شريكاً أمنياً استراتيجياً يمكن الوثوق به، لا كتهديد يُحتوى.
وبهذا، تتحول الصناعات الدفاعية التركية إلى نقطة ارتكاز لإعادة تعريف العلاقة مع الأطراف الدولية، لا باعتبارها تابعاً أمنياً، بل طرفاً فاعلاً في مستقبل الصناعات الدفاعية.
ورغم هذا الزخم، تواجه الصناعات الدفاعية التركية تحديات عميقة، قد تعيق استدامة هذا التمدد، أبرزها ما يلي:
يتطلب التطوير الثابت لقطاع الصناعات الدفاعية توفر ميزانيات مرتفعة، وتأمين التمويل اللازم لأبحاث التطوير وعمليات التصنيع التي لا تحقق عوائد اقتصادية مباشرة في الأجل القريب. ولذلك، تعتمد تركيا على تطوير شراكات مع دول أخرى يمكنها تقديم التمويل للتصنيع المشترك.
إن تسليم 48 مقاتلة لإندونيسيا خلال عشر سنوات يتطلب توسعة كبيرة في القدرات الإنتاجية، دون تأخير الجدول الزمني المخصص للجيش التركي، ما يفرض ضغطاً على الشركات التركية في إدارة الأولويات والموارد.
لا تزال بعض المكونات الأساسية في "قآن" و"بيرقدار" تعتمد على سلاسل توريد غربية، ما يجعلها عرضة لفرض قيود أو تعطيل خطوط التصنيع إذا تغير المزاج السياسي في العواصم الكبرى.
قد تتحول الشراكات المفتوحة إلى موضع تنافس داخلي في أوروبا، إذا ما بدأت الشركات التركية في اقتطاع حصص سوقية حقيقية، لا مجرد ملء ثغرات مؤقتة.
وبالتالي، فإن نجاح تركيا في تثبيت موقعها المستقل كمصدر ومصمم للشراكات الدفاعية يتطلب استثماراً استراتيجياً طويل الأمد في الاكتفاء التكنولوجي، وتنويع الشركاء، وبناء تحالفات تحصّن المشروع الصناعي من الارتدادات الجيوسياسية وتقلبات المشهد العالمي.
صفقة "قآن" إلى إندونيسيا نقطة تحول في مسار الصناعات الدفاعية التركية
يمثّل تصدير مقاتلات "قآن" إلى إندونيسيا نقطة تحول في مسار الصناعات الدفاعية التركية؛ فهي ليست فقط أول عملية تصدير لطائرة مأهولة من الجيل الخامس تركية الصنع، بل تأتي قبل أن تدخل المقاتلة الخدمة فعلياً في سلاح الجو التركي، ما يعكس ثقة أنقرة المتزايدة في نضج مشروعها الصناعي العسكري، وقدرتها على تسويقه كمنتج استراتيجي حتى قبل اكتمال دمجه محلياً. وتفتح الصفقة الباب أمام شراكة طويلة الأمد مع إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان وعضو فاعل في مجموعة العشرين، تقوم على نقل التكنولوجيا، والإنتاج المشترك، وتبادل المنفعة السياسية والصناعية.
تأتي الصفقة تتويجاً لمسار تراكمي من التقارب، بدأ مع تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي، والذي دفع جاكرتا إلى إعادة صياغة أولوياتها الدفاعية والبحث عن مصادر تسليح أقل ارتباطاً بالتحالفات الكبرى. وبعد سنوات من الحذر الاستراتيجي، بدأت إندونيسيا تتجاوز نمط الحياد التقليدي باتجاه شراكات تكنولوجية أكثر استقلالاً.
تُمثّل الصفقة نموذجاً متكاملاً لدبلوماسية التصنيع العسكري التركي، إذ لا يُستخدم السلاح كوسيلة ضغط سياسية، بل كأداة لبناء التحالفات، وتوسيع الحضور الجيوسياسي عالمياً. إذ تمنح هذه الصفقة تركيا نقطة ارتكاز استراتيجية في جنوب شرق آسيا، في قلب منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تُعد اليوم المسرح الأبرز لتنافس القوى الكبرى. وبدلاً من نموذج البيع المشروط الذي يقدمه الغرب، تقدّم تركيا نفسها كشريك إنتاج، وهي ميزة نادرة في سوق تفتقر فيه الدول الإسلامية الكبرى لخيارات صناعية سيادية.
اتفاقية "بايكار – ليوناردو" فصل جديد في الشراكة الأمنية بين تركيا وأوروبا
جاءت اتفاقية "بايكار – ليوناردو" بعد إطلاق أداة "SAFE" العمل من أجل الأمن الأوروبية، مما يمثّل فرصة نادرة لإعادة إدماج تركيا في النظام الدفاعي الأوروبي عبر بوابة الاقتصاد وتكنولوجيا السلاح. فالطائرات المسيّرة التركية، التي واجهت في السابق عقبات تصديرية بسبب استخدامها في صراعات مثل كاراباخ وليبيا، أصبحت اليوم مرشحة لتصنيع مشترك ضمن آلية أوروبية مشتركة.
تمنح هذه الشراكة أنقرة موطئ قدم مباشر داخل السوق الدفاعية الأوروبية، ليس كمورّد خارجي، بل كشريك إنتاج يعمل من داخل البنية الصناعية للاتحاد الأوروبي. ويشير هذا التطور إلى تحول في المزاج الاستراتيجي داخل العواصم الأوروبية، إذ فرضت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتوجه الأمريكي لفك الارتباط الأمني مع القارة، منطقاً براغماتياً جديداً، أعاد التأكيد على محورية موقع تركيا الجيوسياسي الذي يجعل من الصعب إقصاء أنقرة، خاصة حين تتقاطع قدراتها مع ضرورات الأمن الجماعي الأوروبي، بالرغم من الاعتراضات السياسية التقليدية من دول مثل اليونان وقبرص.
تحتل شركة ليوناردو الإيطالية المرتبة الثالثة أوروبياً والثالثة عشرة عالمياً في تصنيف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) عام 2024، بإجمالي مبيعات دفاعية 12.4 مليار دولار سنوياً. أما شركة بايكار، فقد دخلت قائمة أكبر 100 شركة سلاح في العالم عام 2022، وجاءت في المرتبة 79، بإجمالي مبيعات 1.9 مليار دولار. ويعود نجاح "بايكار" إلى ما هو أبعد من الكفاءة التقنية؛ إذ نجحت الشركة التركية في تطوير نموذج صناعي مرن ومنخفض التكلفة، قادر على سد فجوات قائمة منذ سنوات في القدرات الدفاعية الأوروبية، لاسيما في مجالات المسيّرات القتالية والذخائر الذكية.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي
من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي

بوست عربي

timeمنذ 18 ساعات

  • بوست عربي

من إندونيسيا إلى قلب أوروبا: مقاتلات ومسيرات تركيا ترسم حدوداً واسعة لنفوذها الجيوسياسي

سلّط تقرير نشره موقع أسباب للدراسات الجيوسياسية الضوء على تنامي ثقل الصناعات الدفاعية التركية عالمياً، حيث أعلنت أنقرة عن صفقتين دفاعيتين بارزتين مع إندونيسيا وإيطاليا. ففي حدثين متزامنين، أعلنت أنقرة عن أول صفقة تصدير لمقاتلتها من الجيل الخامس "قآن" إلى إندونيسيا، وتتضمن إنتاج وتسليم 48 مقاتلة بقيمة 10 مليارات دولار خلال عشر سنوات. وجاء التوقيع خلال معرض الدفاع الإندونيسي في جاكرتا، بحضور الرئيسين أردوغان وبرابوو سوبيانتو. وفي باريس، وعلى هامش معرض الطيران الدولي، وقّعت شركة "بايكار" التركية للصناعات الدفاعية اتفاقية تعاون مشترك مع شركة "ليوناردو" الإيطالية، إحدى أكبر شركات الصناعات الدفاعية في أوروبا. وجاءت الاتفاقية بعد دخول أداة "العمل الأوروبي من أجل الأمن" SAFE حيّز التنفيذ، وهي آلية تتيح للدول الأوروبية تمويل استيراد معدات دفاعية من دول غير أعضاء في الاتحاد، من بينها تركيا. وتُظهر الصفقتان أن تركيا لم تعد تتموضع كفاعل أمني هامشي ضمن الناتو، تتلقى السلاح من الغرب وتخضع لشروطه، بل تعيد صياغة موقعها كقوة دولية متوسطة يصعب استبعادها من طاولة الصناعات الدفاعية الدولية، وفق تقرير موقع أسباب. ففي آسيا، يتعزز التموضع التركي من خلال تقديم بديل للدول التي تسعى لتجنب تناقضات الأحلاف الكبرى بين الصين والولايات المتحدة. أما في أوروبا، فإن تغير المزاج الاستراتيجي – بعد الغزو الروسي لأوكرانيا والاتجاه الأمريكي لفك الارتباط الأمني التاريخي مع أوروبا – يسمح لتركيا بتأكيد موقعها باعتبارها شريكاً أمنياً استراتيجياً يمكن الوثوق به، لا كتهديد يُحتوى. وبهذا، تتحول الصناعات الدفاعية التركية إلى نقطة ارتكاز لإعادة تعريف العلاقة مع الأطراف الدولية، لا باعتبارها تابعاً أمنياً، بل طرفاً فاعلاً في مستقبل الصناعات الدفاعية. ورغم هذا الزخم، تواجه الصناعات الدفاعية التركية تحديات عميقة، قد تعيق استدامة هذا التمدد، أبرزها ما يلي: يتطلب التطوير الثابت لقطاع الصناعات الدفاعية توفر ميزانيات مرتفعة، وتأمين التمويل اللازم لأبحاث التطوير وعمليات التصنيع التي لا تحقق عوائد اقتصادية مباشرة في الأجل القريب. ولذلك، تعتمد تركيا على تطوير شراكات مع دول أخرى يمكنها تقديم التمويل للتصنيع المشترك. إن تسليم 48 مقاتلة لإندونيسيا خلال عشر سنوات يتطلب توسعة كبيرة في القدرات الإنتاجية، دون تأخير الجدول الزمني المخصص للجيش التركي، ما يفرض ضغطاً على الشركات التركية في إدارة الأولويات والموارد. لا تزال بعض المكونات الأساسية في "قآن" و"بيرقدار" تعتمد على سلاسل توريد غربية، ما يجعلها عرضة لفرض قيود أو تعطيل خطوط التصنيع إذا تغير المزاج السياسي في العواصم الكبرى. قد تتحول الشراكات المفتوحة إلى موضع تنافس داخلي في أوروبا، إذا ما بدأت الشركات التركية في اقتطاع حصص سوقية حقيقية، لا مجرد ملء ثغرات مؤقتة. وبالتالي، فإن نجاح تركيا في تثبيت موقعها المستقل كمصدر ومصمم للشراكات الدفاعية يتطلب استثماراً استراتيجياً طويل الأمد في الاكتفاء التكنولوجي، وتنويع الشركاء، وبناء تحالفات تحصّن المشروع الصناعي من الارتدادات الجيوسياسية وتقلبات المشهد العالمي. صفقة "قآن" إلى إندونيسيا نقطة تحول في مسار الصناعات الدفاعية التركية يمثّل تصدير مقاتلات "قآن" إلى إندونيسيا نقطة تحول في مسار الصناعات الدفاعية التركية؛ فهي ليست فقط أول عملية تصدير لطائرة مأهولة من الجيل الخامس تركية الصنع، بل تأتي قبل أن تدخل المقاتلة الخدمة فعلياً في سلاح الجو التركي، ما يعكس ثقة أنقرة المتزايدة في نضج مشروعها الصناعي العسكري، وقدرتها على تسويقه كمنتج استراتيجي حتى قبل اكتمال دمجه محلياً. وتفتح الصفقة الباب أمام شراكة طويلة الأمد مع إندونيسيا، أكبر دولة مسلمة من حيث عدد السكان وعضو فاعل في مجموعة العشرين، تقوم على نقل التكنولوجيا، والإنتاج المشترك، وتبادل المنفعة السياسية والصناعية. تأتي الصفقة تتويجاً لمسار تراكمي من التقارب، بدأ مع تصاعد التوتر في بحر الصين الجنوبي، والذي دفع جاكرتا إلى إعادة صياغة أولوياتها الدفاعية والبحث عن مصادر تسليح أقل ارتباطاً بالتحالفات الكبرى. وبعد سنوات من الحذر الاستراتيجي، بدأت إندونيسيا تتجاوز نمط الحياد التقليدي باتجاه شراكات تكنولوجية أكثر استقلالاً. تُمثّل الصفقة نموذجاً متكاملاً لدبلوماسية التصنيع العسكري التركي، إذ لا يُستخدم السلاح كوسيلة ضغط سياسية، بل كأداة لبناء التحالفات، وتوسيع الحضور الجيوسياسي عالمياً. إذ تمنح هذه الصفقة تركيا نقطة ارتكاز استراتيجية في جنوب شرق آسيا، في قلب منطقة المحيطين الهندي والهادئ، التي تُعد اليوم المسرح الأبرز لتنافس القوى الكبرى. وبدلاً من نموذج البيع المشروط الذي يقدمه الغرب، تقدّم تركيا نفسها كشريك إنتاج، وهي ميزة نادرة في سوق تفتقر فيه الدول الإسلامية الكبرى لخيارات صناعية سيادية. اتفاقية "بايكار – ليوناردو" فصل جديد في الشراكة الأمنية بين تركيا وأوروبا جاءت اتفاقية "بايكار – ليوناردو" بعد إطلاق أداة "SAFE" العمل من أجل الأمن الأوروبية، مما يمثّل فرصة نادرة لإعادة إدماج تركيا في النظام الدفاعي الأوروبي عبر بوابة الاقتصاد وتكنولوجيا السلاح. فالطائرات المسيّرة التركية، التي واجهت في السابق عقبات تصديرية بسبب استخدامها في صراعات مثل كاراباخ وليبيا، أصبحت اليوم مرشحة لتصنيع مشترك ضمن آلية أوروبية مشتركة. تمنح هذه الشراكة أنقرة موطئ قدم مباشر داخل السوق الدفاعية الأوروبية، ليس كمورّد خارجي، بل كشريك إنتاج يعمل من داخل البنية الصناعية للاتحاد الأوروبي. ويشير هذا التطور إلى تحول في المزاج الاستراتيجي داخل العواصم الأوروبية، إذ فرضت تداعيات الحرب الروسية الأوكرانية والتوجه الأمريكي لفك الارتباط الأمني مع القارة، منطقاً براغماتياً جديداً، أعاد التأكيد على محورية موقع تركيا الجيوسياسي الذي يجعل من الصعب إقصاء أنقرة، خاصة حين تتقاطع قدراتها مع ضرورات الأمن الجماعي الأوروبي، بالرغم من الاعتراضات السياسية التقليدية من دول مثل اليونان وقبرص. تحتل شركة ليوناردو الإيطالية المرتبة الثالثة أوروبياً والثالثة عشرة عالمياً في تصنيف معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) عام 2024، بإجمالي مبيعات دفاعية 12.4 مليار دولار سنوياً. أما شركة بايكار، فقد دخلت قائمة أكبر 100 شركة سلاح في العالم عام 2022، وجاءت في المرتبة 79، بإجمالي مبيعات 1.9 مليار دولار. ويعود نجاح "بايكار" إلى ما هو أبعد من الكفاءة التقنية؛ إذ نجحت الشركة التركية في تطوير نموذج صناعي مرن ومنخفض التكلفة، قادر على سد فجوات قائمة منذ سنوات في القدرات الدفاعية الأوروبية، لاسيما في مجالات المسيّرات القتالية والذخائر الذكية.

هل يستطيع مشروع 'طريق التنمية' إصلاح الشرق الأوسط؟
هل يستطيع مشروع 'طريق التنمية' إصلاح الشرق الأوسط؟

بوست عربي

timeمنذ 18 ساعات

  • بوست عربي

هل يستطيع مشروع 'طريق التنمية' إصلاح الشرق الأوسط؟

في وقتٍ يشهد فيه الشرق الأوسط صراعات متفاقمة ومحاولات متعثرة لإعادة صياغة علاقات الإقليم، يعود العراق إلى الواجهة بمبادرة استراتيجية قد تغيّر موازين الجغرافيا الاقتصادية والسياسية في المنطقة، بحسب تحليل يقدمه موقع " أسباب". حيث يمثل مشروع طريق التنمية، أو كما يصفه البعض بـ"القناة الجافة"، رهان بغداد على إعادة التموضع كلاعب مركزي في التجارة بين الشرق والغرب، من خلال ربط موانئ الخليج العربي بتركيا وأوروبا عبر شبكة حديثة من الطرق والسكك الحديدية. ما دام الموقع الجغرافي للعراق ميزة كامنة، لكنها كثيراً ما تحوّلت إلى عبء بسبب التدخلات الإقليمية والصراعات الداخلية. اليوم، تحاول بغداد استثمار هذه الميزة عبر إنشاء ممر لوجستي يمتد من ميناء الفاو الكبير على الخليج العربي حتى الحدود التركية شمالاً بطول 1200 كيلومتر، متصلاً بخطوط النقل الأوروبية. تُقدَّر كلفة المشروع بنحو 7 مليارات دولار. يهدف إلى نقل ما يقارب 40 مليون طن من البضائع سنوياً. يُولِّد نحو 250 ألف فرصة عمل. تحقيق إيرادات تصل إلى 4 مليارات دولار من رسوم العبور سنوياً. وبحسب التحليل، فإن هذه الأرقام تكشف أن الرهان ليس اقتصادياً فحسب، بل تنموياً وجيوسياسياً في آنٍ واحد. ميناء الفاو: حجر الأساس لمشروع طريق التنمية جوهر هذا المشروع هو ميناء الفاو الكبير، الذي يُبنى على جزيرة اصطناعية عند مصب شط العرب. من المقرر أن يضم الميناء 99 مرسى، بطاقة استيعابية تصل إلى 36 مليون طن من الحاويات سنوياً (ما يعادل 4 ملايين حاوية قياسية)، وهو رقم يقارب قدرة موانئ مثل بورسعيد أو أبوظبي. وبدأت أعمال البناء بالفعل، وتتوقع الحكومة العراقية استكماله بحلول عام 2038. ويُعد حاجز الأمواج الذي تم إنشاؤه بطول 15 كيلومتراً – وهو الأطول في العالم – بمثابة إعلان واضح عن التزام بغداد بهذا المشروع. وعلى الصعيد السياسي، يحاول العراق أن يُقدّم نفسه كطرف جامع بدلاً من أن يكون ساحة صراع. ففي أبريل/نيسان 2024، استضافت بغداد قمة تركية – عراقية هي الأولى منذ أكثر من عقد، تُوّجت بتوقيع أكثر من 24 اتفاقية، أبرزها اتفاق لتقاسم المياه بين دجلة والفرات، ومذكرة تفاهم لمكافحة حزب العمال الكردستاني. لاحقاً، تحرّكت بغداد نحو الخليج، ووقّعت اتفاقات استثمارية مع قطر والإمارات. وقد بدا واضحاً أن العراق يحاول حشد أكبر قدر من الشركاء الإقليميين لدعم المشروع، في خطوة تختلف عن مشاريع موازية مثل الممر الاقتصادي الهندي – الشرق أوسطي – الأوروبي الذي يمر عبر إسرائيل، أو الممر الشمالي المدعوم من روسيا، أو الممر الأوسط الصيني. الميزة العراقية تكمن في السعي إلى شمول الجميع، وعدم إقصاء أي طرف، في مقابل مشاريع ذات طابع محوري يُقصي بعض اللاعبين. منافسة عالمية شرسة ينافس المشروع العراقي عدة مبادرات طموحة على الساحة الدولية: الممر الاقتصادي الهندي – الشرق أوسطي – الأوروبي: تلقى هذا المشروع دفعة خلال قمة العشرين 2023، بدعم من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والهند، ويفترض أن يربط مومباي بموانئ الإمارات ثم يعبر السعودية والأردن وإسرائيل وصولاً إلى اليونان. الممر الشمالي – الجنوبي الروسي: تسعى موسكو من خلاله إلى ربط بحر قزوين بالخليج عبر إيران، لتعويض خسائرها من العقوبات الأوروبية. مبادرة الحزام والطريق الصينية: عبر الممر الأوسط الذي يمر من آسيا الوسطى إلى تركيا. إلا أن المشروع العراقي يتميز بتركيزه على المصالح المشتركة بين الأطراف الإقليمية، ما يجعله أكثر قابلية للتنفيذ رغم العوائق. ورغم طموحات المشروع، تعترضه العديد من التحديات: الجغرافيا السياسية المعقدة: النزاعات بين الحكومة المركزية في بغداد وحكومة إقليم كردستان، والصراعات الحزبية داخل الإقليم نفسه، مثل الانقسام بين الاتحاد الوطني الكردستاني والحزب الديمقراطي الكردستاني. الفساد ونقص التمويل: مشاريع كبرى سابقة في العراق تعثرت بسبب الفساد، ما يثير الشكوك حول الإدارة الفعالة لهذا المشروع. التهديدات الإقليمية: إيران ترى أن الممر قد يقلّص من نفوذها اللوجستي في العراق وسوريا. المنافسة البحرية: خصوصاً من الكويت التي أعلنت عن توسيع ميناء مبارك الكبير، ما قد يشكّل تحدياً مباشراً لميناء الفاو. ولا يقتصر أثر المشروع على البنية التحتية، بل يُعوّل عليه لإعادة توزيع التنمية داخل العراق. فمع مرور الطريق عبر مدن مثل البصرة والنجف وبغداد والموصل، تأمل الحكومة في خلق فرص عمل مباشرة وغير مباشرة عبر قطاعات النقل، والخدمات، والصناعة، إلى جانب تحريك الاقتصاد الريفي عبر تحسين الخدمات وربط القرى بشبكة الطرق، وتحفيز الاستثمارات المحلية من خلال عقود فرعية. وتشير تقديرات حكومية إلى أن المشروع قد يُحدث سلسلة من العوائد الاقتصادية تتجاوز البنية التحتية، لتشمل النقل والزراعة والتصنيع الخفيف. سباق الممرات وصراع النفوذ يأتي المشروع العراقي في خضم "حرب ممرات" عالمية. فالممر الاقتصادي الهندي – الأوروبي تلقى ضربة قوية بفعل الحرب في غزة، لأن مساره يمر عبر إسرائيل والسعودية، أما الممرات الروسية والصينية فتواجه تحديات تتعلق بالعقوبات أو الجغرافيا. ووسط هذا المشهد، يبدو أن المشروع العراقي، إن اكتمل، قد يقدّم مساراً واقعياً وآمناً، خاصةً في ظل الاضطرابات في البحر الأحمر. ويعوّل المسؤولون العراقيون على أن يؤدي المشروع إلى تحريك الاقتصاد المحلي، وخلق فرص عمل، وإنعاش الريف، وتخفيف الضغط على المدن. كما يأملون أن يساعد على تعزيز المركزية وتقليص الفجوة بين المركز والأطراف. في المقابل، يرسل المشروع رسالة إلى الخارج مفادها أن العراق لا يريد أن يبقى حلبة لصراعات الآخرين، بل منصة للتعاون الإقليمي والتنمية. ومشروع طريق التنمية العراقي ليس مجرد بنية تحتية، بل هو اختبار لقدرة الدولة العراقية على الاستقرار، ولرؤية المنطقة لمستقبلها الجماعي. فهل ينجح العراق في تحويل مركزية موقعه من نقمة إلى نعمة؟ الإجابة لا تزال رهنًا بالتحولات المقبلة، لكن ما هو واضح أن المشروع يُعيد تعريف العراق، لا كعبء، بل كجسر حيوي بين آسيا وأوروبا.

ستطلق سباق تسلح جديد بالمنطقة.. ما الدروس التي قدمتها حرب إيران و'إسرائيل' للجيوش؟
ستطلق سباق تسلح جديد بالمنطقة.. ما الدروس التي قدمتها حرب إيران و'إسرائيل' للجيوش؟

بوست عربي

timeمنذ 3 أيام

  • بوست عربي

ستطلق سباق تسلح جديد بالمنطقة.. ما الدروس التي قدمتها حرب إيران و'إسرائيل' للجيوش؟

شهدت الأيام الماضية حرباً غير مسبوقة بين إيران وإسرائيل استخدم فيها الطرفان أسلحة وتكتيكات جديدة، حيث أطلقت إيران مئات الصواريخ الباليستية، بعضها ذات قدرات عالية على تجاوز طبقات عديدة من المنظومات الدفاعية، وذات قدرات تدميرية كبيرة، بالإضافة إلى استخدامها نحو 1000 طائرة مسيرة، فيما ردّت إسرائيل بـ"استراتيجية مكشوفة" عبر ضرب البنى التحتية الصاروخية الإيرانية وقواعد عسكرية ومطارات ومفاعلات نووية، مع قدرات متواضعة لمنظومات الدفاع الجوي الإيرانية في صد هذه الهجمات. وتأتي هذه المواجهة الساخنة التي استمرت لنحو 12 يوم كدرس عميق لمختلف الجيوش في المنطقة وحول العالم، وتنبّه إلى سباق تسلّح متصاعد بين دول المنطقة، يعتمد بشكل أساسي على تطوير الطائرات المسيرة وأنظمة الدفاع الجوي، ويلفت الانتباه إلى قدرات الصواريخ البالستية والفرط صوتية. ما الذي كشفته لنا الحرب بين إيران وإسرائيل؟ منذ بداية المواجهة، تمكّنت دولة الاحتلال من تحقيق تفوق جوي في سماء إيران بسرعة كبيرة، وفي غضون الأيام الأولى زعم جيشها أنه دمّر أكثر 120 نظام دفاع جوي إيراني، من خلال مزيج من الضربات الجوية والطائرات المسيّرة الانتحارية، وكانت نسبة الاعتراضات الإيرانية بواسطة منظومات الدفاع الجوية (معظمها محلية الصنع) ضعيفة جداً. وهذا يكشف مدى حاجة طهران لتطوير منظومات الدفاع الجوي الخاصة بها أو امتلاك منظومات أخرى أكثر فاعلية، مثل S-400 الروسية. في الوقت نفسه، كان سلاح إيران الأكثر فعالية هو مخزونها من الصواريخ الباليستية عالية السرعة، والتي يقدّر الجيش الإسرائيلي بامتلاك طهران منها عشرات الآلاف من الصواريخ، استخدمت طهران منها بضع مئات ونجحت العشرات منها في ضرب مواقع ومنشآت حساسة وإيقاع دمار في مناطق مختلفة من "إسرائيل"، وهو ما أحدث صدمة لدى تل أبيب التي تمتلك طبقات مختلفة من منظومات الدفاع الجوي الأحدث في العالم. استخدمت طهران أيضاً نحو 1000 طائرة مسيرة انتحارية في هجماتها على "إسرائيل"، لكن تزعم دولة الاحتلال أن نسبة الاعتراضات لهذه المسيرات عالية جداً ولم تنجح إلا القليل منها بالوصول لأهدافها، حيث تم اعتراض معظمها خارج نطاق دولة الاحتلال، في الأردن وجنوب سوريا ولبنان، لذلك كان سلاح طهران الأكثر فعالية في هذه الجولة هو الصواريخ الباليستية بعيدة المدى التي تستطيع مراوغة المنظومات الدفاعية وضرب أهدافها بنجاح. كشفت هذه الحرب أن أفضل منظومات الدفاع الجوي في العالم تفشل أمام صواريخ باليستية إيرانية محلية الصنع. اعتراض الصواريخ الباليستية هو في المقام الأول مهمة أحدث نظام دفاع جوي إسرائيلي، "حيتس 3″، الذي يبلغ مداه 1500 ميل ويمكنه إسقاط الصواريخ القادمة من خارج الغلاف الجوي للأرض، وسابقه "حيتس 2″، وذلك على الرغم من أن الولايات المتحدة تقدم دعماً اعتراضياً متقدماً لإسرائيل من خلال نظام ثاد ومدمرات متمركزة في شرق البحر الأبيض المتوسط. ولا يُعدّ أيٌّ من نظامي "حيتس" رخيصاً – فقد قُدّرت تكلفة اعتراض "حيتس 3″ بـ 3.5 مليون دولار، مع أن تقديرات أخرى تشير إلى مليوني دولار، و1.5 مليون دولار لـ"حيتس 2". وأشارت صحيفة "غلوبس" الاقتصادية الإسرائيلية إلى أن التكلفة الإجمالية لصواريخ "حيتس" الاعتراضية على إسرائيل تراوحت بين مليار و1.5 مليار دولار منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023. أحد المشاكل الأخرى التي كشفتها الحرب لدى إسرائيل، هو تراجع مخزون الصواريخ الاعتراضية المتاحة، حيث كانت استطالة أمد الحرب ستسبب مشكلة كبيرة لتل أبيب، خصيصاً أن هذا القلق تفاقم بعد تقريرٍ نشرته صحيفة "وول ستريت جورنال"، نقلاً عن مسؤولٍ أمريكيٍّ، قال فيه إن مخزون إسرائيل من الصواريخ يوشك على النفاد. وبحسب صحيفة " الغارديان"، تُحفظ مستويات مخزون الصواريخ الاعتراضية سراً، ويُعتقد أن إسرائيل، المُدركة تماماً لتهديد الصواريخ الباليستية الإيرانية، لم تكن لتختار مهاجمة إيران دون امتلاكها ما يكفي من الصواريخ الاعتراضية لتتناسب مع تقييمها للتهديد المُحتمل، لكنها تفاجأت بقدرة صواريخ طهران على المراوغة وضرب العديد من الأهداف يومياً بنجاح. ويستغرق تصنيع الصواريخ الدفاعية المتطورة وقتاً طويلاً، وهي مشكلةٌ انكشفت منذ فترةٍ طويلة في أوكرانيا، حيث تُواصل روسيا إطلاق صواريخَ أكثرَ مما تملكه كييف من دفاعاتٍ جوية. الحرب بين إسرائيل وإيران ستطلق سباق تسلح جديد في المنطقة في السياق، يشير خبراء أن الهجمات المتبادلة التي اندلعت عقب العدوان الإسرائيلي على إيران في 13 يونيو/ حزيران قد تُطلق شرارة "سباق تسلح جديد" في الشرق الأوسط، بدءاً من الطائرات المسيرة ومن ثم الصواريخ بعيدة المدى، وحتى أنظمة الدفاع الجوية والرادارات ذات التقنية العالية. ويقول البروفيسور توم ساور، أستاذ السياسات الدولية في قسم العلوم السياسية بجامعة أنتويرب البلجيكية، إن الأسلحة الحديثة، لا سيما الطائرات المسيّرة المسلحة، تركت بصمتها على النزاعات الأخيرة في إيران وإسرائيل وأوكرانيا. وأضاف ساور لوكالة الأناضول أن ما هو جديد الآن هو الاستخدام الواسع للطائرات المسيّرة. وكما حدث في حرب أوكرانيا وروسيا، نرى استخدامًا واسعًا وناجحًا نسبيًا للطائرات المسيّرة في هذه الحرب أيضًا. هناك سباق تسلح تكنولوجي قائم حاليًا في مجال الطائرات المسيّرة. وستستخلص الدول في الشرق الأوسط دروسًا من هذه الحروب وتكتشف نقاط ضعفها. ومن بين الدروس التي يمكن أن تستفيد منها، الحاجة لامتلاك أسلحة ونظم تسليح دفاعية متطورة وفعالة من الناحيتين النوعية والكمية. وكذلك امتلاح صواريخ باليستية بعيدة المدى (فوق 1500 كيلو متر). لذلك، ستفتح هذه الحروب الباب أمام سباق تسلح جديد في الشرق الأوسط. ويرى الباحث مراد أصلان من جامعة حسن قاليونجو التركية والباحث بمركز الدراسات السياسية والاقتصادية والاجتماعية التركي "سيتا"، أن البرامج والاستراتيجيات الدفاعية تتغير دائمًا بعد كل حرب في ضوء التجارب المستخلصة، ما يؤدي بدوره إلى اقتناء معدات دفاعية جديدة وأكثر تطوراً. يقول أصلان إنه بينما كانت برامج الدفاع التي بدأتها أوروبا الشرقية في منطقة البلطيق تركز على روسيا، فإن التوتر بين إيران وإسرائيل فتح الباب لمعاينة نموذج جديد، ونتيجة لذلك، يتم حاليًا إعادة النظر في الأنظمة الدفاعية الموجودة. ودأبت الدول قبل سنوات على اقتناء أنظمة أسلحة تقليدية، أما الآن، فنشهد تركيزًا واضح على المنصات الجوية، بما في ذلك الطائرات الحربية، والطائرات المسيّرة، والصواريخ، والقذائف الذكية. أشار أصلان إلى وجود حاجة "لإعادة تقييم الأنظمة الدفاعية، والسعي نحو تحقيق الاكتفاء الذاتي على الأقل من حيث التكنولوجيا، وزيادة القدرات بما يتناسب مع حجم التهديد". الحاجة لامتلاك أنظمة دفاع جوي متطورة تتعاظم يقول الباحث أصلان: "نظرًا لعجز إيران عن التصدي بفعالية للهجمات الجوية الإسرائيلية، ولأن الولايات المتحدة نفذت ضربات من مسافات بعيدة باستخدام قواتها الجوية، فمن المتوقع أن تتجه الدول نحو تطوير أنظمة دفاع جوي متكاملة ومتناسقة تعمل بتناغم فيما بينها". مشيراً إلى أن "تركيا محظوظة في ما يخص تكامل أنظمتها الجوية"، مشيرًا إلى أن المشاريع التي طورتها في هذا المجال، خلال السنوات المنصرمة، بدأت تتكشف أهميتها مع تصاعد التوتر والأحداث الأخيرة في الشرق الأوسط. ويرى هؤلاء الخبراء أن أنظمة الدفاع الجوي ستلعب دورًا رئيسيًا في الحروب خلال السنوات المقبلة، وبعد الصراع الإيراني الإسرائيلي، ستحرص جميع الدول على امتلاك أحدث أنظمة الدفاع الجوي متطورة، قادرة على حماية مصالحها ومنشآتها. ويشير الأكاديمي التركي أصلان إلى أن تركيا على سبيل المثال قطعت شوطًا كبيرًا في مجال إنتاج وتطوير الطائرات المسيّرة، فيما لا تزال أوروبا لا تزال متأخرة عنها في هذا المجال. وفي الحرب بين روسيا وأوكرانيا شاهدنا الجيش الروسي يستخدم دبابات من طراز "تي – 62″ و"تي – 64″ و"تي – 72″، وقد دُمّر الآلاف منها. السبب في ذلك أنها تعود إلى فترة الحرب الباردة، ولم تكن قادرة على حماية نفسها". وعندما استخدمت روسيا تلك الدبابات في الهجوم "تعرضت لأعطال، بل إن بعضها تُرك في الطرق. لذلك، ليس المهم امتلاك دبابة وحسب، بل امتلاك دبابة حديثة. الأمر نفسه ينطبق على مدافع الهاوتزر الحديثة. الهجمات المباغتة تؤكد على ضرورة الاستعداد الجيد والدائم للمعارك في إطار المواجهات الأخيرة في إيران وأوكرانيا، تقول صحيفة "وول ستريت جورنال" إن حلف الناتو يخطط إلى تعزيز الدفاعات الجوية ضد الطائرات بدون طيار وكذلك القرصنة والتخريب. وتضيف الصحيفة أن الضربة التي شنتها أوكرانيا مؤخراً بطائرات بدون طيار على قاذفات روسية متوقفة، وتدمير إسرائيل للدفاعات الجوية الإيرانية، هو "تحذير لدول حلف شمال الأطلسي، فالخصوم الأذكياء قادرون على القضاء على أصول ساحة المعركة الحيوية في أي مكان، قبل الدخول في القتال". هذا يجعل الاستعداد للمعارك والهجمات المباغتة أكثر أهمية من أي وقت مضى. وقال السفير الأمريكي لدى حلف الناتو، ماثيو ويتاكر: "إذا اندلعت الحرب العالمية الثالثة في القارة الأوروبية، فما هي الطلقة الأولى؟ هل ستكون دبابات روسية تغزو بولندا، أم هجومًا إلكترونيًا على أحد حلفائنا، أم تحديًا لبنية تحتية ما؟". وتقول الصحيفة إن الأوروبيين أدركوا أن تجهيز القوات العسكرية ليس بالأمر الهيّن، حتى في زمن السلم. فالقوات المُعبأة للمعركة تُعدّ أهدافًا رئيسية للهجوم. وكذلك البنية التحتية، بدءًا من الطرق والموانئ وصولًا إلى خطوط الهاتف ومحطات الطاقة. ويقول المثل العسكري إن الخيارات المتاحة لا تُنفد أبدًا، فالخصوم لديهم طرقٌ أكثر من أي وقت مضى للهجوم وإيقاع الألم. ويجب على المخططين أن يأخذوا في الاعتبار الخيارات غير المتوقعة، بدءًا من التخريب التقليدي وصولًا إلى الهجمات الإلكترونية وضربات الطائرات المسيرة. وقال الفريق المتقاعد دوغلاس لوت، السفير الأمريكي السابق لدى حلف شمال الأطلسي: "إذا كانت الصين قادرة على قطع الطاقة عن مراكز البيانات لدينا، فربما لن تحتاج إلى إغراق حاملات الطائرات الخاصة بنا". لم يواجه المخططون العسكريون الغربيون تهديدات جسيمة للإمدادات منذ الحرب العالمية الثانية. لكن غزو روسيا لأوكرانيا وخطر اندلاع صراعات أخرى مثل إيران وإسرائيل، غيّرا هذا الواقع. والآن، يتعين على خبراء الإمداد، الذين يركزون على تعبئة القوات وإدامة المعارك، تحسين خططهم والاستعداد الدائم للقتال، مع توفير أنظمة حماية دفاعية قوية وامتلاك أحدث أنواع الأسلحة الهجومية، ونقل الحرب إلى ساحة الخصم وجعلها مكلفة عليه.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store