
الشهداء 100 ألف.. كيف كذبت الدراسات الدولية رواية إسرائيل ووثقت زيادة أعداد ضحايا غزة بشكل يفوق الأرقام الرسمية
قالت صحيفة هآرتس العبرية، الجمعة 27 يونيو/حزيران 2025، إن حصيلة الضحايا الذين قتلوا بهجمات إسرائيلية أو توفوا نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اقتربت من عتبة 100 ألف فلسطيني بنسبة تقارب 4% من عدد سكان قطاع غزة، ما يجعل هذه الحرب "الأكثر دموية في القرن 21".
وفي تقرير لها تساءلت الصحيفة عما إذا كانت إسرائيل قتلت 100 ألف فلسطيني في غزة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية، محاولة الإجابة بتسليط الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي هذا الأسبوع.
يأتي ذلك بينما سعى الاحتلال مراراً وتكراراً إلى التشكيك في أعداد الضحايا في غزة، جنباً إلى جنب مع محاولات أمريكية لإخفاء العدد الحقيقي للضحايا في القطاع الفلسطيني المحاصر.
⭕️ صحة #غزة:
▪️ وصول "81 شهيداً و422 مصاباً" إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة جرّاء استمرار الهجمات الإسرائيلية بالقصف وإطلاق النيران.
▪️ ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى "56 ألفاً و412 شهيداً، و133 ألفاً و54 مصاباً".
▪️ ارتفاع حصيلة الضحايا… pic.twitter.com/UplRHVX994
— عربي بوست (@arabic_post) June 28, 2025
وتواجه إسرائيل محاكمات دولية أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة، وصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت.
ووفقاً لإحصاءات رسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الشهداء في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي حتى الآن 55998 شهيداً، من بينهم 18 ألف طفل و12400 امرأة و3853 مسناً.
الحرب الأكثر دموية في القرن 21
ونقلت صحيفة هآرتس تأكيد باحثين دوليين أن عدد الضحايا بغزة جراء الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، "أقل من الحجم الحقيقي للأزمة".
وقالوا بهذا الصدد: "الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء جعل الحرب في القطاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين".
وفي الوقت الذي يرفض فيه متحدثون رسميون وصحفيون ومؤثرون في إسرائيل بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدعين أنها "مبالغ فيها"، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة "بكل ما تجسده من فظائع، ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جداً مقارنة بالواقع".
وعن أبرز الدراسات الدولية التي تناولت هذه القضية، سلطت الصحيفة الضوء على دراسة نشرها البروفيسور مايكل سباغات، الخبير العالمي في الوفيات خلال النزاعات العنيفة، وفريق من الباحثين هذا الأسبوع، إذ اعتبرتها "الأكثر شمولاً حتى الآن بشأن موضوع الوفيات في غزة".
وأوضحت الصحيفة أن سباغات وبمساعدة "عالم السياسة الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي"، أجرى الفريق مسحاً لـ 2000 أسرة في غزة، تضم نحو 10 آلاف شخص، وخلصوا إلى أنه حتى يناير/كانون الثاني 2025، قتل حوالي 75 ألفاً و200 شخص في غزة نتيجة أعمال عنف خلال الحرب، غالبيتهم العظمى بسبب الذخائر الإسرائيلية.
واستدركت: "في ذلك الوقت، قدرت وزارة الصحة في قطاع غزة عدد القتلى منذ بداية الحرب بـ 45 ألفاً و660 قتيلاً، وبعبارة أخرى، قللت بيانات وزارة الصحة من العدد الحقيقي للقتلى بنحو 40%".
وذكرت الصحيفة العبرية أن دراسة "سباغات وزملائه تحاول الإجابة عن سؤال الوفيات الزائدة في القطاع، وبمعنى آخر، كم عدد الأشخاص الذين ماتوا نتيجة الآثار غير المباشرة للحرب: الجوع، والبرد، والأمراض التي استحال علاجها بسبب تدمير النظام الصحي، وعوامل أخرى؟".
وقالت بهذا الصدد: "حتى دون احتساب موجات الوفيات الزائدة المتوقعة في المستقبل، أدى الجمع بين ضحايا العنف والوفيات الناجمة عن الأمراض والجوع إلى وفاة 83 ألفاً و740 شخصاً قبل يناير/كانون الثاني (2025)، مع الأخذ في الحسبان المسح والوفيات الزائدة".
وأضافت: "منذ ذلك الحين، ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص، وهذا لا يشمل من هم في فئة الوفيات الزائدة، والخلاصة هي أنه حتى لو لم تتجاوز الحرب بعد خط 100 ألف قتيل، فهي قريبة جداً من ذلك".
ونقلت الصحيفة عن البروفيسور سباغات، قوله: "حتى لو كان العدد الإجمالي لضحايا الحرب في سوريا وأوكرانيا والسودان أعلى في كل حالة، فإن غزة على ما يبدو تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين، وكذلك من حيث معدل الوفيات بالنسبة إلى حجم السكان".
وأشارت الصحيفة إلى أنه "وفقاً لبيانات المسح، والتي تتوافق مع بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 56% من القتلى كانوا إما أطفالاً دون 18 عاماً، أو نساء، وهذا رقم استثنائي مقارنة بجميع النزاعات الأخرى تقريباً منذ الحرب العالمية الثانية".
وبحسب الصحيفة، فإن البيانات التي جمعتها ونشرتها منظمة سباغات، تشير إلى أن نسبة النساء والأطفال الذين قُتلوا نتيجةً للعنف في غزة تزيد على ضعف النسبة في جميع النزاعات الأخيرة تقريباً.
ومن البيانات المتطرفة الأخرى التي وُجدت في الدراسة، نسبة القتلى إلى عدد السكان، يقول سباغات: "أعتقد أننا ربما وصلنا إلى نسبة قتلى تُقارب 4% من السكان".
ويضيف: "لست متأكداً من وجود حالة أخرى في القرن الحادي والعشرين وصلت إلى هذا المستوى".
ولفتت الصحيفة إلى أنه "على عكس ثراء البيانات التي تقدمها قوائم الوزارات الرسمية والدراسات البحثية، والتي تُؤكد أرقام وزارة الصحة في غزة، فإن صمت المتحدثين الرسميين الإسرائيليين عن عدد القتلى لافت للنظر".
وقالت: "حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول (2023) هي الأولى التي لم يُقدم فيها الجيش الإسرائيلي تقديرات لعدد القتلى المدنيين من العدو".
وأضافت: "الرقم الوحيد الذي تُكرره وحدة المتحدث باسم الجيش والمتحدثون الرسميون الإسرائيليون الآخرون هو مقتل 20 ألفاً من حماس ومنظمات أخرى. هذا الرقم غير مدعوم بقائمة أسماء أو أدلة أو مصادر أخرى".
وتابعت: "وفقاً لسباغات، جرت محاولة لإحصاء عدد المسلحين الذين نشرتهم إسرائيل. وقد تمكن فريقه من الوصول إلى بضع مئات، لكن من الصعب إعداد قائمة تضم حتى ألفاً".
العدد الحقيقي لضحايا غزة قد يتجاوز 186 ألف
ولم يكن تقرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الذي يسلط الضوء على أعداد الضحايا في غزة، الأول من نوعه، حيث صدرت في وقت سابق تقارير تابعة لمؤسسات طبية وحقوقية بارزة توثق زيادة أعداد الشهداء في القطاع المحاصر بشكل يفوق الأرقام الرسمية.
ففي يناير/كانون الثاني الماضي، قالت دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية إن حصيلة وفيات غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة "أعلى بنحو 41% مقارنة بأرقام وزارة الصحة في القطاع".
واستندت الدراسة الطبية الجديدة إلى بيانات للوزارة الفلسطينية، واستطلاع عبر الإنترنت، ومنشورات نعي على مواقع التواصل الاجتماعي.
وفي يوليو/تموز 2024، قدّرت دراسة أخرى نشرتها أيضاً مجلة " لانسيت" أن يبلغ عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة 186 ألفاً من الوفيات المباشرة وغير المباشرة.
واستندت الدراسة إلى حقيقة أنه في الصراعات والحروب الأخيرة، تراوحت أعداد الوفيات غير المباشرة حوالي 3 إلى 15 ضعفاً من أعداد الوفيات المباشرة.
وباستخدام تقدير أعداد السكان في قطاع غزة لعام 2022 البالغ 2,375,259 نسمة، فإن ذلك يعني أن عدد الضحايا من الوفيات المباشرة وغير المباشرة سيبلغ 7.9٪ من إجمالي عدد السكان في القطاع.
وقال تقرير المجلة البريطانية إن الصراعات المسلحة تنطوي على مخاطر صحية غير مباشرة تتجاوز الضرر المباشر الناجم عن العنف. وحتى لو انتهى الصراع على الفور، فسوف يستمر وقوع العديد من الوفيات غير المباشرة في الأشهر والسنوات التالية لأسباب مثل الأمراض الإنجابية والأمراض المعدية وغير المعدية.
وبحسب تحقيق أجرته منظمة "أيروورز" في يوليو/تموز الماضي، والذي حدد بشكل مستقل ما يقرب من 3000 اسم لضحايا مدنيين قتلوا في أول 17 يوماً من الحرب، فإن أرقام وزارة الصحة الفلسطينية "موثوقة على نطاق واسع" على الرغم من الصعوبات التي ينطوي عليها تقييم الخسائر.
وقال تقرير منظمة "أيروورز" إن التحقيق وجد ارتباطاً وثيقاً بين أرقام الوزارة وما أفاد به المدنيون الفلسطينيون عبر الإنترنت، حيث ظهرت 75% من الأسماء المبلغ عنها علناً أيضًا في قائمة وزارة الصحة.
ومنظمة "أيروورز" هي منظمة غير ربحية مقرها لندن تابعة لقسم الإعلام والاتصالات في جامعة لندن، والتي تقوم بالتحقيق في الوفيات المدنية في الصراعات.
محاولات لإخفاء أعداد الضحايا في غزة
ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصدر وزارة الصحة بانتظام تحديثات حول عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الهجوم الإسرائيلي.
وكانت هذه الأرقام محل تشكيك من قبل إسرائيل وحلفائها، حيث قال الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، إنه "لا يثق" بها، في حين تسلط وسائل الإعلام الضوء بانتظام على سيطرة حماس على الوزارة مع التلميح إلى أنه يجب التعامل معها بحذر.
وضمن المساعي الأمريكية لإخفاء أعداد الضحايا في غزة، تضمن مشروع قانون الدفاع السنوي، الذي تم تقديمه للكونغرس في ديسمبر/كانون الأول 2024، بنداً يحظر على البنتاغون الاستشهاد بوزارة الصحة في غزة كمصدر موثوق، بحسب موقع ذا انترسبت.
وقالت النائبة إلهان عمر، عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا، في بيان لموقع ذا إنترسبت: "هذا محو مثير للقلق لمعاناة الشعب الفلسطيني، وتجاهل الخسائر البشرية الناجمة عن العنف المستمر".
فيما شكك سياسيون أمريكيون في الأرقام التي تقدمها وزارة الصحة في غزة، لأنها تقع تحت سلطة حماس.
وفي يونيو/حزيران 2024، أقرّ مجلس النواب تشريعاً يحظر صراحةً على وزارة الخارجية الأمريكية الاستشهاد ببيانات من وزارة الصحة في غزة.
ووصفت حماس في بيان سابق ادعاء نتنياهو في مقابلة تلفزيونية بأن نسبة (القتلى) من المدنيين إلى المقاتلين في غزة واحد إلى واحد، بأنه "كذب واستخفاف بالرأي العام العالمي"، مشيرةً إلى أن "تقارير وزارة الصحة اليومية، وغيرها من التقارير والتوثيقات التي أجرتها جهات أممية وحقوقية دولية تؤكد أن الغالبية العظمى من الضحايا في قطاع غزة من المدنيين".
وفي مقابلة سابقة مع موقع بانشبول الأمريكي، زعم نتنياهو، أن "نسبة الضحايا المدنيين إلى القتلى المسلحين في غزة تبلغ واحداً إلى واحد تقريباً، وهي أدنى نسبة في حروب المدن الحديثة".

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


بوست عربي
منذ 19 ساعات
- بوست عربي
الشهداء 100 ألف.. كيف كذبت الدراسات الدولية رواية إسرائيل ووثقت زيادة أعداد ضحايا غزة بشكل يفوق الأرقام الرسمية
قالت صحيفة هآرتس العبرية، الجمعة 27 يونيو/حزيران 2025، إن حصيلة الضحايا الذين قتلوا بهجمات إسرائيلية أو توفوا نتيجة الآثار غير المباشرة للإبادة الجماعية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 اقتربت من عتبة 100 ألف فلسطيني بنسبة تقارب 4% من عدد سكان قطاع غزة، ما يجعل هذه الحرب "الأكثر دموية في القرن 21". وفي تقرير لها تساءلت الصحيفة عما إذا كانت إسرائيل قتلت 100 ألف فلسطيني في غزة منذ بداية حرب الإبادة الجماعية، محاولة الإجابة بتسليط الضوء على تقرير نشره فريق بحثي دولي هذا الأسبوع. يأتي ذلك بينما سعى الاحتلال مراراً وتكراراً إلى التشكيك في أعداد الضحايا في غزة، جنباً إلى جنب مع محاولات أمريكية لإخفاء العدد الحقيقي للضحايا في القطاع الفلسطيني المحاصر. ⭕️ صحة #غزة: ▪️ وصول "81 شهيداً و422 مصاباً" إلى مستشفيات القطاع خلال 24 ساعة جرّاء استمرار الهجمات الإسرائيلية بالقصف وإطلاق النيران. ▪️ ارتفاع حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ 7 أكتوبر 2023 إلى "56 ألفاً و412 شهيداً، و133 ألفاً و54 مصاباً". ▪️ ارتفاع حصيلة الضحايا… — عربي بوست (@arabic_post) June 28, 2025 وتواجه إسرائيل محاكمات دولية أمام محكمتي العدل الدولية والجنائية الدولية بتهم ارتكاب إبادة جماعية في غزة، وصدرت مذكرات اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، ووزير دفاعه السابق، يوآف غالانت. ووفقاً لإحصاءات رسمية لوزارة الصحة الفلسطينية، تجاوز عدد الشهداء في غزة نتيجة القصف الإسرائيلي حتى الآن 55998 شهيداً، من بينهم 18 ألف طفل و12400 امرأة و3853 مسناً. الحرب الأكثر دموية في القرن 21 ونقلت صحيفة هآرتس تأكيد باحثين دوليين أن عدد الضحايا بغزة جراء الهجمات الإسرائيلية منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي أعلنته وزارة الصحة الفلسطينية، "أقل من الحجم الحقيقي للأزمة". وقالوا بهذا الصدد: "الجوع والمرض وإطلاق النار الإسرائيلي على مراكز توزيع الغذاء جعل الحرب في القطاع واحدة من أكثر الحروب دموية في القرن الحادي والعشرين". وفي الوقت الذي يرفض فيه متحدثون رسميون وصحفيون ومؤثرون في إسرائيل بيانات وزارة الصحة الفلسطينية مدعين أنها "مبالغ فيها"، يؤكد خبراء دوليون أن قائمة تلك الوزارة "بكل ما تجسده من فظائع، ليست موثوقة فحسب بل قد تكون متحفظة جداً مقارنة بالواقع". وعن أبرز الدراسات الدولية التي تناولت هذه القضية، سلطت الصحيفة الضوء على دراسة نشرها البروفيسور مايكل سباغات، الخبير العالمي في الوفيات خلال النزاعات العنيفة، وفريق من الباحثين هذا الأسبوع، إذ اعتبرتها "الأكثر شمولاً حتى الآن بشأن موضوع الوفيات في غزة". وأوضحت الصحيفة أن سباغات وبمساعدة "عالم السياسة الفلسطيني الدكتور خليل الشقاقي"، أجرى الفريق مسحاً لـ 2000 أسرة في غزة، تضم نحو 10 آلاف شخص، وخلصوا إلى أنه حتى يناير/كانون الثاني 2025، قتل حوالي 75 ألفاً و200 شخص في غزة نتيجة أعمال عنف خلال الحرب، غالبيتهم العظمى بسبب الذخائر الإسرائيلية. واستدركت: "في ذلك الوقت، قدرت وزارة الصحة في قطاع غزة عدد القتلى منذ بداية الحرب بـ 45 ألفاً و660 قتيلاً، وبعبارة أخرى، قللت بيانات وزارة الصحة من العدد الحقيقي للقتلى بنحو 40%". وذكرت الصحيفة العبرية أن دراسة "سباغات وزملائه تحاول الإجابة عن سؤال الوفيات الزائدة في القطاع، وبمعنى آخر، كم عدد الأشخاص الذين ماتوا نتيجة الآثار غير المباشرة للحرب: الجوع، والبرد، والأمراض التي استحال علاجها بسبب تدمير النظام الصحي، وعوامل أخرى؟". وقالت بهذا الصدد: "حتى دون احتساب موجات الوفيات الزائدة المتوقعة في المستقبل، أدى الجمع بين ضحايا العنف والوفيات الناجمة عن الأمراض والجوع إلى وفاة 83 ألفاً و740 شخصاً قبل يناير/كانون الثاني (2025)، مع الأخذ في الحسبان المسح والوفيات الزائدة". وأضافت: "منذ ذلك الحين، ووفقاً لوزارة الصحة في غزة، قُتل أكثر من 10 آلاف شخص، وهذا لا يشمل من هم في فئة الوفيات الزائدة، والخلاصة هي أنه حتى لو لم تتجاوز الحرب بعد خط 100 ألف قتيل، فهي قريبة جداً من ذلك". ونقلت الصحيفة عن البروفيسور سباغات، قوله: "حتى لو كان العدد الإجمالي لضحايا الحرب في سوريا وأوكرانيا والسودان أعلى في كل حالة، فإن غزة على ما يبدو تحتل المرتبة الأولى من حيث نسبة القتلى من المقاتلين إلى غير المقاتلين، وكذلك من حيث معدل الوفيات بالنسبة إلى حجم السكان". وأشارت الصحيفة إلى أنه "وفقاً لبيانات المسح، والتي تتوافق مع بيانات وزارة الصحة الفلسطينية، فإن 56% من القتلى كانوا إما أطفالاً دون 18 عاماً، أو نساء، وهذا رقم استثنائي مقارنة بجميع النزاعات الأخرى تقريباً منذ الحرب العالمية الثانية". وبحسب الصحيفة، فإن البيانات التي جمعتها ونشرتها منظمة سباغات، تشير إلى أن نسبة النساء والأطفال الذين قُتلوا نتيجةً للعنف في غزة تزيد على ضعف النسبة في جميع النزاعات الأخيرة تقريباً. ومن البيانات المتطرفة الأخرى التي وُجدت في الدراسة، نسبة القتلى إلى عدد السكان، يقول سباغات: "أعتقد أننا ربما وصلنا إلى نسبة قتلى تُقارب 4% من السكان". ويضيف: "لست متأكداً من وجود حالة أخرى في القرن الحادي والعشرين وصلت إلى هذا المستوى". ولفتت الصحيفة إلى أنه "على عكس ثراء البيانات التي تقدمها قوائم الوزارات الرسمية والدراسات البحثية، والتي تُؤكد أرقام وزارة الصحة في غزة، فإن صمت المتحدثين الرسميين الإسرائيليين عن عدد القتلى لافت للنظر". وقالت: "حرب 7 أكتوبر/تشرين الأول (2023) هي الأولى التي لم يُقدم فيها الجيش الإسرائيلي تقديرات لعدد القتلى المدنيين من العدو". وأضافت: "الرقم الوحيد الذي تُكرره وحدة المتحدث باسم الجيش والمتحدثون الرسميون الإسرائيليون الآخرون هو مقتل 20 ألفاً من حماس ومنظمات أخرى. هذا الرقم غير مدعوم بقائمة أسماء أو أدلة أو مصادر أخرى". وتابعت: "وفقاً لسباغات، جرت محاولة لإحصاء عدد المسلحين الذين نشرتهم إسرائيل. وقد تمكن فريقه من الوصول إلى بضع مئات، لكن من الصعب إعداد قائمة تضم حتى ألفاً". العدد الحقيقي لضحايا غزة قد يتجاوز 186 ألف ولم يكن تقرير صحيفة هآرتس الإسرائيلية، الذي يسلط الضوء على أعداد الضحايا في غزة، الأول من نوعه، حيث صدرت في وقت سابق تقارير تابعة لمؤسسات طبية وحقوقية بارزة توثق زيادة أعداد الشهداء في القطاع المحاصر بشكل يفوق الأرقام الرسمية. ففي يناير/كانون الثاني الماضي، قالت دراسة نشرتها مجلة "لانسيت" الطبية البريطانية إن حصيلة وفيات غزة خلال الأشهر التسعة الأولى من حرب الإبادة الإسرائيلية المستمرة "أعلى بنحو 41% مقارنة بأرقام وزارة الصحة في القطاع". واستندت الدراسة الطبية الجديدة إلى بيانات للوزارة الفلسطينية، واستطلاع عبر الإنترنت، ومنشورات نعي على مواقع التواصل الاجتماعي. وفي يوليو/تموز 2024، قدّرت دراسة أخرى نشرتها أيضاً مجلة " لانسيت" أن يبلغ عدد ضحايا الحرب الإسرائيلية على غزة 186 ألفاً من الوفيات المباشرة وغير المباشرة. واستندت الدراسة إلى حقيقة أنه في الصراعات والحروب الأخيرة، تراوحت أعداد الوفيات غير المباشرة حوالي 3 إلى 15 ضعفاً من أعداد الوفيات المباشرة. وباستخدام تقدير أعداد السكان في قطاع غزة لعام 2022 البالغ 2,375,259 نسمة، فإن ذلك يعني أن عدد الضحايا من الوفيات المباشرة وغير المباشرة سيبلغ 7.9٪ من إجمالي عدد السكان في القطاع. وقال تقرير المجلة البريطانية إن الصراعات المسلحة تنطوي على مخاطر صحية غير مباشرة تتجاوز الضرر المباشر الناجم عن العنف. وحتى لو انتهى الصراع على الفور، فسوف يستمر وقوع العديد من الوفيات غير المباشرة في الأشهر والسنوات التالية لأسباب مثل الأمراض الإنجابية والأمراض المعدية وغير المعدية. وبحسب تحقيق أجرته منظمة "أيروورز" في يوليو/تموز الماضي، والذي حدد بشكل مستقل ما يقرب من 3000 اسم لضحايا مدنيين قتلوا في أول 17 يوماً من الحرب، فإن أرقام وزارة الصحة الفلسطينية "موثوقة على نطاق واسع" على الرغم من الصعوبات التي ينطوي عليها تقييم الخسائر. وقال تقرير منظمة "أيروورز" إن التحقيق وجد ارتباطاً وثيقاً بين أرقام الوزارة وما أفاد به المدنيون الفلسطينيون عبر الإنترنت، حيث ظهرت 75% من الأسماء المبلغ عنها علناً أيضًا في قائمة وزارة الصحة. ومنظمة "أيروورز" هي منظمة غير ربحية مقرها لندن تابعة لقسم الإعلام والاتصالات في جامعة لندن، والتي تقوم بالتحقيق في الوفيات المدنية في الصراعات. محاولات لإخفاء أعداد الضحايا في غزة ومنذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، تصدر وزارة الصحة بانتظام تحديثات حول عدد الفلسطينيين الذين قتلوا في الهجوم الإسرائيلي. وكانت هذه الأرقام محل تشكيك من قبل إسرائيل وحلفائها، حيث قال الرئيس الأمريكي السابق، جو بايدن، إنه "لا يثق" بها، في حين تسلط وسائل الإعلام الضوء بانتظام على سيطرة حماس على الوزارة مع التلميح إلى أنه يجب التعامل معها بحذر. وضمن المساعي الأمريكية لإخفاء أعداد الضحايا في غزة، تضمن مشروع قانون الدفاع السنوي، الذي تم تقديمه للكونغرس في ديسمبر/كانون الأول 2024، بنداً يحظر على البنتاغون الاستشهاد بوزارة الصحة في غزة كمصدر موثوق، بحسب موقع ذا انترسبت. وقالت النائبة إلهان عمر، عضو مجلس النواب الأمريكي عن الحزب الديمقراطي عن ولاية مينيسوتا، في بيان لموقع ذا إنترسبت: "هذا محو مثير للقلق لمعاناة الشعب الفلسطيني، وتجاهل الخسائر البشرية الناجمة عن العنف المستمر". فيما شكك سياسيون أمريكيون في الأرقام التي تقدمها وزارة الصحة في غزة، لأنها تقع تحت سلطة حماس. وفي يونيو/حزيران 2024، أقرّ مجلس النواب تشريعاً يحظر صراحةً على وزارة الخارجية الأمريكية الاستشهاد ببيانات من وزارة الصحة في غزة. ووصفت حماس في بيان سابق ادعاء نتنياهو في مقابلة تلفزيونية بأن نسبة (القتلى) من المدنيين إلى المقاتلين في غزة واحد إلى واحد، بأنه "كذب واستخفاف بالرأي العام العالمي"، مشيرةً إلى أن "تقارير وزارة الصحة اليومية، وغيرها من التقارير والتوثيقات التي أجرتها جهات أممية وحقوقية دولية تؤكد أن الغالبية العظمى من الضحايا في قطاع غزة من المدنيين". وفي مقابلة سابقة مع موقع بانشبول الأمريكي، زعم نتنياهو، أن "نسبة الضحايا المدنيين إلى القتلى المسلحين في غزة تبلغ واحداً إلى واحد تقريباً، وهي أدنى نسبة في حروب المدن الحديثة".


بوست عربي
منذ 2 أيام
- بوست عربي
العدوان وحدهم.. كيف أعادت إسرائيل إحياء القومية الإيرانية دون قصد؟
تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، فبينما كان رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، يسعى إلى أن تشعل حربه مع إيران ثورة شعبية ضد نظام الجمهورية الإسلامية، فقد عززت الهجمات التي شنتها تل أبيب ضد طهران مشاعر القومية الوطنية والوحدة في البلاد حتى بين صفوف المعارضة. وكان تغيير النظام في إيران هو أحد أهداف الحرب بالنسبة لإسرائيل، إذ خاطب نتنياهو الإيرانيين قائلاً: "نحن أيضاً نمهد لكم الطريق لتحقيق حريتكم". وفاجأ هذا الشعور الجديد بالوحدة، في بلدٍ مُنقسمٍ في السابق، المراقبين والسياسيين في الداخل والخارج، وفق تقرير لصحيفة فايننشال تايمز البريطانية. #إيران استطاعت أن تنهي المعركة لصالحها، رغم كونها غير متكافئة — عربي بوست (@arabic_post) June 25, 2025 ورصدت كتابات غربية عدة كيف أعادت تل أبيب إحياء القومية الإيرانية وكيف التف الإيرانيون حول علم بلادهم بينما كانت إسرائيل تقصف المواقع النووية في البلاد وتستهدف برنامج الصواريخ الباليستية الطموح لطهران. وقال الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، في مقال نشره موقع ميدل إيست آي: "نجح النظام في حشد الأمة بدلاً من تقسيمها، ولو بدافع الغضب القومي من هجوم إسرائيل غير المبرر". الالتفاف حول العلم وقال محمد إسلامي، أستاذ مساعد للعلاقات الدولية بجامعة مينهو البرتغالية: "يبدو أن إسرائيل نسيت درساً من الغزو العراقي لإيران في عام 1980. فبدلاً من إحداث تغيير في النظام، أدى هذا الغزو إلى حشد الشعب الإيراني خلف الجمهورية الإسلامية باسم القومية، وليس بالضرورة بدافع الحب للنخبة الدينية". وأضاف إسلامي في مقال نشره موقع ميدل إيست آي جاء تحت عنوان: "لماذا تأتي هجمات إسرائيل بنتائج عكسية بينما يتجمع الإيرانيون حول العلم" ، إنه وبدلاً من تأجيج المعارضة الداخلية، أشعلت الضربات الإسرائيلية الأخيرة شرارة تجدد المشاعر القومية — التي لم تركز على دعم النظام، بل على الدفاع عن الأمة. وتابع: "أقيمت مراسم حداد عامة ونُشرت التعازي عبر الإنترنت. حتى أن بعض من كانوا منتمين سابقاً لحركة 'المرأة، الحياة، الحرية' المعارضة بدأوا يُعربون عن تضامنهم مع من يُصوّرونهم الآن 'حماة الوطن'". وفي الأحياء العمالية والمناطق الريفية، حيث كافحت حركات المعارضة من أجل اكتساب موطئ قدم، أصبحت هذه المشاعر أقوى. وأتت محاولة إسرائيل لفصل الشعب الإيراني عن دولته بنتائج عكسية، على الأقل حتى الآن. ولم يكن رد الفعل السائد داخل إيران هو الابتهاج أو الانتفاضة، بل الالتفاف حول العلم – وهي ظاهرة مألوفة لدى من يدرسون آليات الصدمة الوطنية والتهديد الخارجي، بحسب إسلامي. لحظة حاسمة للمعارضة وفي حين أن الهجمات الإسرائيلية استهدفت قيادات أمنية سحقت احتجاجات سابقة، قال نشطاء إنها تسببت أيضاً في خوف واضطراب كبيرين لدى المواطنين وغضب تجاه إسرائيل، وفق تقرير لوكالة رويترز. ونقلت وكالة رويترز عن أتينا دايمي، وهي ناشطة بارزة قضت ست سنوات في السجن قبل أن تغادر إيران، قولها: "كيف يفترض أن يخرج الناس إلى الشوارع؟ في مثل هذه الظروف المروعة، يركز الناس فقط على إنقاذ أنفسهم وعائلاتهم وحتى حيواناتهم الأليفة". وعبرت نرجس محمدي، الناشطة الإيرانية البارزة والحائزة على جائزة نوبل للسلام، عن مخاوفها في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي. ورداً على تحذير إسرائيلي بإخلاء أجزاء من طهران، كتبت قائلة: "لا تدمروا مدينتي". وقالت ناشطتان تحدثت إليهما رويترز في إيران إنهما لا تعتزمان التظاهر، وكانتا من بين مئات الآلاف الذين شاركوا في احتجاجات حاشدة قبل عامين بعد وفاة الشابة مهسا أميني في أثناء احتجازها. وقالت إحداهما، وهي طالبة جامعية في شيراز وطلبت عدم نشر اسمها حرصاً على سلامتها: "بعد انتهاء الهجمات، سنرفع أصواتنا لأن هذا النظام مسؤول عن الحرب". وقالت الثانية، والتي فقدت مقعدها الجامعي وسجنت لخمس أشهر بعد احتجاجات 2022 وطلبت أيضاً عدم نشر اسمها، إنها تؤمن بتغيير النظام في إيران لكن الوقت لم يحن بعد للنزول إلى الشوارع. وأضافت أنها وصديقاتها لا يخططن لتنظيم مسيرات أو الانضمام إليها ورفضن الدعوات الخارجية للاحتجاج. وقالت: "إسرائيل ومن يسمون قادة المعارضة في الخارج لا يفكرون إلا في مصالحهم الشخصية". من جانبه، انضم رضا كيانيان، الممثل الإيراني المخضرم وأحد معارضي النظام الإيراني منذ فترة طويلة، سريعاً إلى صفوف المعارضة التي احتشدت حول العلم، في إطار موجة الحماسة الوطنية التي اجتاحت البلاد التي يبلغ عدد سكانها 90 مليون نسمة منذ بدء الحرب التي امتدت 12 يوماً. وبينما استخدم كيانيان صفحته الشهيرة على منصة إنستغرام للتشكيك في مبادئ أيديولوجية النظام، كتب كيانيان بعد بدء الحرب: "إيران كانت موجودة، ولا تزال موجودة، وستبقى". وقال كيانيان، البالغ من العمر 74 عاماً، لصحيفة فاينانشال تايمز: "لا يمكن لشخص واحد يجلس خارج إيران أن يأمر شعباً بالانتفاضة. إيران بلدي. سأقرر ما سأفعله، ولن أنتظر أن تُملي عليّ ما سأفعله في بلدي". تعزيز النظام للقومية الإيرانية ويأتي هذا الاستيقاظ للقومية الإيرانية ــ الذي يأمل السياسيون أن يستمر حتى لو عاد الغضب تجاه الجمهورية الإسلامية إلى السطح ــ بعد عقود من الاستقطاب العميق، بحسب فايننشال تايمز. ولطالما حاول حكام إيران قمع توق أمتهم المتزايد نحو التغيير الاقتصادي والسياسي والاجتماعي، مستجيبين للاضطرابات بحملات قمع وحشية. وذكرت منظمة العفو الدولية أن أكثر من 300 شخص قُتلوا خلال احتجاجات عام 2022 التي اندلعت على سبيل المثال إثر وفاة مهسا أميني، البالغة من العمر 22 عاماً، أثناء احتجازها لعدم ارتدائها الحجاب بشكل صحيح، مما ترك ندوباً عميقة في نفسية الأمة. ورغم أن الجمهورية الإسلامية خففت منذ ذلك الحين من قواعد الحجاب، فإن العديد من الإيرانيين يشعرون بعدم الرضا الشديد عن حالة الاقتصاد، ويكافحون للتعامل مع التضخم والعقوبات الأمريكية، ويشعرون بالغضب إزاء الفساد المزعوم بين أولئك المرتبطين بالنظام. ولكن عندما شنت إسرائيل هجومها في 13 يونيو/حزيران، قرر الإيرانيون سريعاً أن هذه ليست لحظة التغيير التي كانوا يأملونها. ⛔️ المرشد الإيراني: أي اعتداء علينا سنواجهه بتكرار استهداف القواعد الأمريكية، وترامب بالغ في تضخيم حجم الهجوم الأمريكي، لكنه يعلم الحقيقة. ▪️ الذين ضخموا حجم الهجوم الأمريكي علينا هم أنفسهم من قلّلوا من حجم ضربتنا على القاعدة الأمريكية. ▪️ الشعب الإيراني العظيم أظهر أنه، عندما… — عربي بوست (@arabic_post) June 26, 2025 صدم القصف الكثيرين، والذي قالت إسرائيل إنه كان يستهدف أهدافاً للنظام، بينما قال مسؤولون إيرانيون إنه أسفر عن مقتل 627 شخصاً وتدمير 120 مبنى سكنياً في طهران، قبل أن ينتهي بوقف إطلاق نار هش، الثلاثاء 24 يونيو/حزيران. وقالت مريم، وهي ربة منزل تبلغ من العمر 39 عاماً وناقدة للنظام: "شعرنا بأننا عالقون بين قوى لا تسعى إلا لتحقيق طموحاتها الخاصة، لا لرفاهيتنا". وأضافت: "ذكّرنا نتنياهو بأننا قد نخسر حتى القليل الذي نملكه. وبهذا المعنى، خدم الجمهورية الإسلامية عن غير قصد، مما قلل من أملنا في التخلص من هذا النظام". ومن أجل تجنب إثارة ردة فعل شعبية خلال الحرب، قلل النظام أيضاً من أهمية أيديولوجيته الاستقطابية، والتي تعتبر الولايات المتحدة وإسرائيل أعداء أبديين، وتعتبر الإسلام الشيعي هو الحل لجميع المشاكل. وسعت اللافتات التي تم رفعها في طهران إلى تعزيز القومية بدلاً من نقاط الحديث النظامية، وأشاد المرشد الأعلى الإيراني، آية الله علي خامنئي، الخميس 26 يونيو/حزيران، بما أسماه "الوحدة غير العادية" للبلاد. وقال في كلمة مصورة، ركز فيها على إيران كأمة لا على النظام الديني الحاكم، ساعياً بوضوح إلى الحفاظ على وحدة الإيرانيين: "أمة قوامها 90 مليون نسمة توحدت وقاومت بصوت واحد، متكاتفين دون إثارة خلافاتهم". وأضاف: "بات جلياً أنه في الأوقات الحرجة، يُسمع صوت الأمة". وسعى المسؤولون إلى إطالة أمد هذه الحماسة الوطنية من خلال وصف الصراع بأنه "انتصار"، على الرغم من الضربات الموجعة التي تلقاها النظام والجيش والبرنامج النووي الإيراني. وقال أحد المطلعين على بواطن الأمور في النظام: "دعونا لا ننسى أنه لم تكن هناك احتجاجات مناهضة للحرب في الشوارع، وأن الحكومة حرصت على توفير إمدادات كافية من الغذاء والوقود في كل مكان". حشد الدعم للبرنامج النووي الإيراني ويبدو أن الحرب، في الوقت الحاضر على الأقل، قد عززت بعض الدعم المحلي لبرنامج الصواريخ الباليستية الإيراني، والحملة التي تشنها الحكومة على المتعاونين المزعومين مع إسرائيل، وحتى الحماس للحصول على قنبلة نووية ــ وهو الأمر الذي تقول الجمهورية الإسلامية إنها لا تسعى إلى تحقيقه. ولكن الحفاظ على هذه الوحدة لن يكون سهلاً، حيث يدعو منتقدو النظام ــ الذين لم تختفِ قائمتهم الطويلة من المظالم تجاه حكامهم ــ إلى المحاسبة بشأن دور الجمهورية الإسلامية في وضع إيران على طريق الحرب. وبحسب الكاتب إسلامي، من السابق لأوانه الجزم بأن هذه الوحدة ستدوم. فالمجتمع الإيراني لا يزال ممزقاً بعمق، ويعاني من انقسامات أجيالية وأيديولوجية واقتصادية. وقال الممثل كيانيان إن المتشددين داخل النظام، بما في ذلك على شاشة التلفزيون الحكومي، يجب أن يتحملوا المسؤولية عن مدى مساهمة سياساتهم في الصراع. وقال: "يُرددون على شاشات التلفزيون أننا جميعاً متحدون، من اليسار إلى اليمين. استغرق الأمر منهم وقتاً طويلاً ليدركوا أننا متحدون، ولم يُصرحوا بذلك إلا عندما لم يكن هناك خيار آخر في زمن الحرب". وبالنسبة للعديد من الإيرانيين، لا ينبغي للجمهورية الإسلامية أن تعتبر هذا التضامن الوطني أمراً مفروغاً منه، وأن تواصل سياساتها الأكثر إثارة للانقسام، مع استمرار تفاقم جميع القضايا التي أغضبت الإيرانيين على مر السنين. ونقلت فايننشال تايمز عن المحلل السياسي الإصلاحي، فياض زاهد، قوله: "إن ما أنقذ إيران ليس أيديولوجية وهمية، بل تاريخها القديم… وتجربة النجاة من غزوات الإسكندر والمغول والعرب".


بوست عربي
منذ 3 أيام
- بوست عربي
بعد الانتشار الواسع لخلايا التجسس الإسرائيلية في إيران.. هذه خريطة العمليات الأمنية لطهران ضد الموساد
أثار رصد إيران لعشرات الخلايا التجسسية التابعة لإسرائيل جدلاً واسعًا، في ظل الحديث عن مدى قدرة جهاز "الموساد" الإسرائيلي على اختراق إيران، وذلك بالتزامن مع حرب الـ12 يومًا التي اندلعت بين إسرائيل وإيران في الأيام الماضية. لم تنتظر إيران حتى انتهاء الحرب، بل وفي خضم تبادل القصف بين الطرفين، شرعت السلطات الإيرانية في تنفيذ إجراءات أمنية غير مسبوقة شملت إعدامات واعتقالات ومداهمات ومصادرة معدات حساسة. ورغم أن هذه الخطوات فُسرت كرد فعل مباشر على عمليات تجسس لصالح إسرائيل، فقد تحدثت أصوات إيرانية عديدة عن مدى قدرة إيران على القضاء على ظاهرة الاختراق الإسرائيلي للداخل الإيراني. وفي غضون 24 ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار، أعلنت إيران تنفيذ أحكام إعدام بحق ثلاثة أشخاص اتهموا بالتجسس لصالح الموساد. جاء هذا الإعلان بعد يومين من إعدام مدان رابع، بينما أفادت تقارير محلية باعتقال حوالي 700 شخص خلال 12 يومًا من المواجهة العسكرية، بتهم تتعلق بالتعاون مع أجهزة استخبارات أجنبية. نقدم في هذا التقرير خريطة شاملة للإجراءات الإيرانية في مواجهة الاختراقات الإسرائيلية الواسعة للمنظومة الأمنية والداخل الإيراني. مهام خلايا الموساد في إيران قبل استعراض تفاصيل الإجراءات الإيرانية، ينبغي توضيح المهام التي أُسندت إلى عناصر الموساد داخل إيران، وهي متعددة، منها: تهريب الطائرات المسيرة الانتحارية: تقوم خلايا الموساد بتهريب طائرات مسيرة صغيرة تحمل متفجرات، تُعرف بالطائرات الانتحارية. تُخزن هذه الطائرات وتُنقل عادةً على سيارات "بيك آب" مكشوفة ومغطاة، وتُكشف عند اللحظة المناسبة لتنفيذ مهامها. أهداف الطائرات المسيرة: اغتيال علماء نوويين بارزين. استهداف أنظمة الرادار والمعدات المرتبطة بالدفاع الجوي الإيراني. مهاجمة منشآت حكومية، مثل مبنى وزارة الخارجية الإيرانية. عمليات السرية والتخفي: تُخفى الطائرات المسيرة داخل سيارات أو في ورش تصنيع سرية في أطراف المدن الإيرانية، مثل أصفهان وطهران ومدينة الري. وجود قاعدة عسكرية سرية للموساد داخل إيران كشفت مصادر إسرائيلية رفيعة المستوى عن إنشاء الموساد قاعدة سرية داخل إيران لتخزين المسيرات المفخخة. تم تهريب هذه المسيرات منذ فترة طويلة واستُخدمت في استهداف المنشآت العسكرية والنووية الإيرانية. أقام الموساد مواقع قرب طهران، حيث تم تفعيل المسيرات لاستهداف منصات inverty الصواريخ والمنشآت الدفاعية، مما تسبب في اختراق كبير للأمن الإيراني. دور الموساد خلال الحرب على إيران كشفت تقارير غربية عن اختراق عميق للمنظومة الأمنية الإيرانية من قِبل الموساد الإسرائيلي خلال فترة الحرب، مما أدى إلى استنفار أمني واسع. فقد ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن الاغتيالات التي استهدفت مسؤولين وعلماء إيرانيين كانت نتيجة سنوات من التجسس على أعلى مستويات صنع القرار، حيث تمكن الموساد من تتبع تحركات المسؤولين بدقة لتنفيذ هذه الاغتيالات. وأضافت صحيفة "هآرتس" أن عملاء إسرائيليين، بالتعاون مع متعاونين محليين، أنشأوا قاعدة عسكرية سرية داخل إيران لتخن الأسلحة المهربة قبل بدء الحرب. كما أكدت مجلة "ذا أتلانتيك" أن العملية اعتمدت بشكل كبير على إيرانيين جندهم الموساد، ووصفتها بأنها أكبر اختراق منذ تفجير مفاعل نطنز. عمليات كوماندوس برية إسرائيلية داخل إيران في إعلان هو الأول من نوعه، زعم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي إيال زامير، يوم الأربعاء، أن وحدات كوماندوس برية إسرائيلية نفذت عمليات سرية داخل الأراضي الإيرانية خلال النزاع الذي استمر 12 يومًا، بالتعاون مع عناصر من جهاز الموساد. وصرح زامير في بيان مصور نشره الجيش الإسرائيلي: "حققنا سيطرة كاملة على الأجواء الإيرانية، وعلى كل موقع اخترنا العمل فيه"، موضحًا أن ذلك تم "جزئيًا بفضل التنسيق والتضليل الذي نفذته القوات الجوية والبرية الخاصة". من جانبه، نشر رئيس جهاز الموساد ديفيد برنياع مقطع فيديو وجه فيه رسالة إلى عملاء الجهاز المشاركين في العمليات السرية داخل إيران، مشيدًا بدورهم في العملية الإسرائيلية الأخيرة. وقال برنياع: "سنظل يقظين ونرصد عن كثب كل المشاريع داخل إيران، ونحن على دراية بها. سنكون هناك، كما نحن الآن". وأكد برنياع على التعاون الوثيق مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA)، معربًا عن تقديره وامتنانه لدعمها في جعل العملية ممكنة. وأشار إلى أن الموساد عمل على مدى أشهر وسنوات للوصول إلى "اللحظة المناسبة"، مدركًا "خطورة اللحظة" التي استُهدفت فيها إيران. وأضاف برنياع أن رجال ونساء الموساد، المنتشرين في إسرائيل وحول العالم، يعملون جنبًا إلى جنب مع الجيش الإسرائيلي لتحقيق أهداف العملية. وشدد على أن الموساد، بفضل المعلومات الاستخباراتية الدقيقة والتقنيات المتقدمة والقدرات العملياتية التي تفوق كل تصور، ساعد سلاح الجو في ضرب المشروع النووي الإيراني، وتحقيق التفوق الجوي في الأجواء الإيرانية، والحد من التهديد الصاروخي، وبالتالي ضمان أمن المواطنين الإسرائيليين. كما قدم برنياع جزيل الشكر والتقدير للصناعات الأمنية والجيش الإسرائيلي – سلاح الجو ودائرة الاستخبارات العسكرية – على شراكتهم ونجاحاتهم، ولشركائهم في أجهزة الاستخبارات والأمن الأمريكية على دعمهم القيّم. واختتم حديثه بالتأكيد على التزام الموساد بعودة جميع المختطفين، مع دخول وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران حيز التنفيذ، مشددًا على أن الموساد سيواصل مراقبة وإحباط التهديدات الموجهة ضد إسرائيل. سلسلة العمليات الأمنية الإيرانية ضد الموساد أولاً: حملات اعتقال واسعة النطاق: قامت السلطات الإيرانية على مدار الأيام الماضية بمجموعة من الإجراءات التي استهدفت من قالت إنهم يعملون لصالح الموساد الإسرائيلي، وكانت هذه الإجراءات كالتالي: في 22 يونيو، أعلنت وزارة الاستخبارات الإيرانية عن واحدة من أكبر حملات الاعتقال في تاريخ البلاد، حيث استهدفت شبكة تجسس إسرائيلية في مدينة قم. تم اعتقال 22 شخصًا بتهمة التعاون مع الموساد في جمع معلومات حساسة عن مواقع دفاعية وشخصيات بارزة، والتي يُعتقد أنها ساعدت في اغتيالات لعلماء وقادة في الحرس الثوري. وفقًا لتقارير رسمية، وجهت التهم للأشخاص المعتقلين بجمع معلومات استخباراتية دقيقة عن مواقع دفاعية تابعة للحرس الثوري، بالإضافة إلى متابعة تحركات قادة عسكريين وعلماء نوويين. وقد ساهم هؤلاء المتعاونون في تسهيل اغتيالات عبر تهريب طائرات مسيرة مفخخة وأسلحة صغيرة إلى داخل إيران، واستهداف منشآت حيوية مثل منشأة نطنز النووية وقواعد عسكرية أخرى. خلال 12 يومًا من الحرب المفتوحة، ارتفع عدد المعتقلين بتهمة التجسس لصالح إسرائيل إلى أكثر من 700 شخص في مناطق مختلفة من البلاد، مع تنفيذ حكم الإعدام بحق 3 منهم. ومن بين المعتقلين، حاول 8 أشخاص الفرار عبر الحدود الغربية، وهو ما اعتبرته السلطات دليلاً على انهيار ثقة العملاء في مشغليهم. في بيان رسمي، ذكرت أجهزة الأمن الإيرانية أن من بين المعتقلين 8 أشخاص حاولوا الفرار عبر الحدود الغربية، في إشارة إلى تصاعد قلق العملاء وانهيار ثقتهم بمشغليهم في جهاز الموساد. هذا التوجه يعكس حالة الارتباك التي يمر بها هؤلاء المتعاونون في ظل حملة الملاحقة الشديدة والمراقبة الأمنية المشددة. أعلنت استخبارات الحرس الثوري الإيراني والشرطة عن تفكيك خلايا تجسس نشطة في عدة محافظات إيرانية، شملت ياسوج، تشهارمحال وبختياري، فارس، مازندران، كردستان، ولورستان. وقد تم اعتقال عشرات الأشخاص على خلفية هذه العملية، من بينهم "جاسوس أوروبي مشتبه به". توزعت الاعتقالات على عدة محافظات إيرانية، شملت المدن الكبرى مثل طهران، أصفهان، قم، وأماكن أخرى على الحدود الغربية مع العراق، حيث يتم تهريب المعلومات والأسلحة. كما تضمنت الاعتقالات أفرادًا من خلفيات مختلفة، من موظفين حكوميين إلى مدنيين، وهو ما يشير إلى اتساع دائرة الاختراقات والتحديات الأمنية التي تواجهها إيران في الداخل. ثانيًا: ضبط طائرات مسيرة وأجهزة متطورة: قبل هذه الحملة، كشفت أجهزة الأمن عن ضبط ورش سرية في أطراف طهران وأصفهان ومدينة قم مخصصة لصناعة الطائرات المسيرة المفخخة والعبوات الناسفة، حيث تم اعتقال عدد من المتورطين وضبط مئات الطائرات والمعدات المتعلقة بها. أفادت وكالة "نور نيوز" ووكالات أخرى بأن السلطات الإيرانية ضبطت أكثر من 10 آلاف طائرة مسيرة صغيرة مخصصة للتجسس والتخريب، خاصة في العاصمة طهران، منذ بدء "العدوان الإسرائيلي" في 13 يونيو. أشارت المصادر إلى أن هذه المسيرات كانت تُستخدم لتوجيه هجمات انتحارية وتصوير مواقع عسكرية حساسة. كما تم ضبط معدات متطورة تشمل أنظمة إطلاق وأجهزة تشويش واتصالات مشفرة. إجراءات إيرانية لمواجهة ظاهرة التجسس أولاً: تنفيذ حكم الإعدام وتأثيره الأمني: في تطور خطير، نفذت السلطات الإيرانية حكم الإعدام بحق 3 من العملاء المدانين، في خطوة توعدت بها الجهات الأمنية بمعاقبة كل من يثبت تورطه في التعاون مع الاستخبارات الإسرائيلية، سواء في جمع معلومات أو في عمليات تخريب داخلية. كذلك، في 16 و22 يونيو، أُعدم شخصان إيرانيان مدانان بالتجسس لصالح الموساد: إسماعيل فكري، الذي تعرض للمراقبة الأمنية في أصفهان، ومجيد مسيبي، الذي تلقى تدريبًا عسكريًا خارج البلاد وكشف أسرارًا استراتيجية مهمة. ثانيًا: الدمج الأمني والقضائي: قامت إيران، في ظل اندلاع الحرب مع إسرائيل، بترتيب تنسيق مكثف بين وزارة الاستخبارات، الحرس الثوري، والشرطة الأمنية. اعتُمدت سياسة "المجتمع اليقظ" من خلال حث المواطنين على الإبلاغ عن أي نشاط مشبوه. كما أعادت قوات التعبئة (الباسيج) تفعيل دورها في مراقبة المدن، ووضعت حواجز أمنية، خاصة على سيارات البيك آب التي استخدمها العملاء في عمليات إطلاق المسيرات. كانت الأجهزة الأمنية الإيرانية – وزارة الاستخبارات، جهاز استخبارات الحرس الثوري، والشرطة الأمنية الخاصة – تعمل غالبًا بمسارات متوازية. أما الآن، فقد تطور التنسيق بينها ليصبح ميدانيًا واستراتيجيًا، يشمل تبادل المعلومات وتوزيع المهام ووضع خطط عمليات مشتركة، وفق التالي: وزارة الاستخبارات: تركز على تتبع الشبكات الأجنبية والاختراقات الخارجية. استخبارات الحرس الثوري: تقود العمليات الاستباقية داخليًا وتنسق مع الباسيج. الشرطة الأمنية: تتولى الجانب التنفيذي المباشر من مداهمات واعتقالات وإدارة حواجز. ثالثًا: إطلاق سياسة "المجتمع اليقظ": تُمثل هذه السياسة مقاربة جديدة تدمج المواطنين في المنظومة الأمنية كمراقبين لا مراقَبين. تدعو الدولة الشعب للإبلاغ عن أي تحركات أو سلوكيات مشبوهة، بهدف احتواء التهديدات من جذورها. تم إطلاق خطوط ساخنة وتطبيقات إلكترونية لتمكين المواطنين من إرسال تقارير ومقاطع فيديو. تهدف هذه الخطوة إلى توسيع دائرة الرصد بما يتجاوز الإمكانيات البشرية للأجهزة الأمنية. تثير هذه السياسة جدلاً، خاصة في الأوساط المعارضة، خشية استخدامها لقمع الحريات أو إثارة الفتن الاجتماعية. رابعًا: العودة القوية لقوات الباسيج: شهدت قوات التعبئة الشعبية "الباسيج" عودة مكثفة إلى الشوارع، خاصة في المدن الكبرى والمناطق الحدودية. تلعب الباسيج اليوم دورًا مزدوجًا: دور عسكري: تأمين الحواجز والتفتيش. دور مخابراتي: رصد التحركات المشبوهة وتزويد الأجهزة المركزية بالتقارير الميدانية. تم تكليف الباسيج بمراقبة نوع محدد من المركبات، وهي سيارات "البيك آب"، التي رُصد استخدامها في عمليات إطلاق مسيرات أو تهريب معدات خفيفة. كما توسعت تحركات الباسيج لتشمل نشر وحدات راجلة عند المراكز الحيوية، في مشهد يعيد إلى الأذهان دورها في الثمانينات. خامسًا: المراقبة المشددة لسيارات البيك آب: لاحظت الأجهزة الأمنية الإيرانية استخدام مركبات "البيك آب" في عدد من العمليات التخريبية الأخيرة، لسهولة تحركها ونقل المعدات الثقيلة: تم اكتشاف مسيرات صغيرة ومعدات مراقبة داخل شاحنات بيك آب في مدن مثل يزد وقم وكرمان. أدى هذا النمط المتكرر إلى إدراج هذه المركبات ضمن "قائمة الخطر" وفرض إجراءات خاصة عليها (التحقق من هوية السائق، مطابقة رقم الهيكل، التفتيش الدقيق). عمليات الموساد السابقة في إيران قبل الحرب تفجيرات نطنز (2020-2021): تعرضت منشأة نطنز لتفجيرات متتالية، وكان آخرها في أبريل/نيسان 2021. أقرت وكالة الطاقة الذرية ومصادر أمنية بأن هذه التفجيرات كانت "عمليات تخريب إسرائيلية". اغتيال محسن فخريزاده (نوفمبر/تشرين الثاني 2020): تم اغتيال العالم النووي البارز في طهران باستخدام بندقية مثبتة على شاحنة بيك آب، وقد خطط الموساد لهذه العملية بشكل مباشر. هجوم الطائرات المسيرة (2023): في يناير/كانون الثاني 2023، استهدفت طائرات مسيرة مصنع ذخيرة عسكريًا في أصفهان، وتم اتهام الموساد بالوقوف وراء هذا الهجوم. اغتيال إسماعيل هنية (يوليو/تموز 2024): اغتيل رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية (حماس) في طهران بعد حضوره حفل تنصيب الرئيس الإيراني الحالي مسعود بزشكيان. دور متعاظم للموساد داخل إيران: الحديث حول دور الموساد في إيران هو حديث قديم متجدد، فقد سبق أن تحدث الرئيس الإيراني الأسبق محمود أحمدي نجاد في حوار له مع قناة "CNN Türk" التركية عن الدور المتعاظم للموساد داخل إيران. كشف أحمدي نجاد أن إيران أنشأت وحدة خاصة داخل وزارة الاستخبارات مهمتها مكافحة اختراق الموساد الإسرائيلي، ليتبين لاحقًا – بحسب قوله – أن رئيس تلك الوحدة كان نفسه عميلًا للموساد. جاء هذا التصريح ضمن مقابلة متلفزة أجراها نجاد مع قناة "CNN Türk"، وقد أشار فيه إلى أن هذا العميل كان يدير العمليات الأمنية ضد إسرائيل بينما يتجسس لحسابها في آنٍ واحد. بحسب نجاد، استطاع العميل المزدوج التسهيل للموساد تنفيذ واحدة من أخطر العمليات داخل إيران، حيث تم سرقة كميات ضخمة من الوثائق النووية والفضائية من منشآت حساسة مثل "تورقوزآباد" ومنظمة الفضاء الإيرانية. وذكر أن هذه الوثائق لم تكن مجرد مستندات بسيطة، بل "خرجت من البلاد عبر شاحنات"، في إشارة إلى حجم الاختراق وخطورته، مشيرًا إلى أن النظام علم بالحادثة فقط بعد أن كشفت إسرائيل عن محتوى الوثائق في وسائل إعلامها. اتهم أحمدي نجاد الأجهزة الأمنية الإيرانية بالتواطؤ في التستر على الحادثة، وقال إنه تم إخفاء الواقعة عن الرأي العام الإيراني، ولم تتخذ السلطات أي خطوات شفافة لمحاسبة المسؤولين الحقيقيين. بل إن الرد الرسمي اقتصر على تلفيق اعترافات تحت الضغط، وفق قوله، وتقديم روايات وهمية بهدف طمس الحقيقة. كما أطلق نجاد تعبير "عصابة أمنية فاسدة" على بعض الأطراف داخل النظام الإيراني، متهمًا إياها بلعب دور في التغطية على الاغتيالات التي طالت العلماء النوويين، وكذلك التفجيرات التي استهدفت منشآت نووية مثل نطنز. وأكد أن هذه الجهات مارست نفوذًا واسعًا داخل الدولة وأعاقت الوصول إلى الحقائق. في تحذير مباشر، أكد نجاد أن الموساد الإسرائيلي يمتلك شبكة واسعة من العملاء داخل إيران، وأن هذه الشبكة "تعمل في الشوارع، وتستطيع أن تغتال من تشاء، بل وتهدد أمن المرشد الأعلى نفسه"، في إشارة إلى آية الله علي خامنئي. واعتبر أن التهاون في معالجة هذه الاختراقات يعرض الدولة لمخاطر أمنية كارثية.