logo
اتفاق سلام ينهي صراع 30 عاما بين رواندا والكونغو الديمقراطية

اتفاق سلام ينهي صراع 30 عاما بين رواندا والكونغو الديمقراطية

الجزيرةمنذ 15 ساعات

وقعت رواندا وجمهورية الكونغو الديمقراطية اتفاق سلام بوساطة أميركية وقطرية، اليوم الجمعة، مما عزز الآمال في إنهاء القتال الذي استمر نحو 30 عاما وأسفر عن مقتل الآلاف وتشريد مئات آلاف آخرين منذ بداية العام.
ويمثل الاتفاق انفراجة في المحادثات التي أجرتها إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي تهدف أيضا إلى جذب استثمارات غربية بمليارات الدولارات إلى منطقة غنية بالتنتالوم والذهب والكوبالت والنحاس والليثيوم ومعادن أخرى.
وفي احتفال حضره وزير الخارجية الأمريكي ماركو روبيو بمقر وزارة الخارجية الأميركية، وقع وزيرا خارجية البلدين على الاتفاق الذي يتعهدان فيه بتنفيذ اتفاق عام 2024 الذي يقضي بانسحاب القوات الرواندية من شرق الكونغو في غضون 90 يوما، وفقا لنسخة وقعها بالأحرف الأولى فريقان فنيان الأسبوع الماضي.
وجاء في الاتفاق أن البلدين ستطلقان أيضا إطارا للتكامل الاقتصادي الإقليمي في غضون 90 يوما.
وقال روبيو إنه لم يكن سهلا التوصل إلى اتفاق، ولا يزال هناك عمل يتعين القيام به.
وأضاف أنهم سعداء باستضافة اجتماع السلام بين الكونغو الديمقراطية ورواندا وأن واشنطن تؤمن بإمكانية تحقيق السلام بين الدول المتنازعة وذلك يفيد بلادنا أيضا تجاريا وأمنيا.
وأشاد الوزير الأميركي بالتعاون مع دولة قطر وتحقيق إنجازات كبيرة.
من جهته، قال وزير خارجية رواندا أوليفييه ندوهونجيرهي إن الرئيس ترامب ودولة قطر قاما بدور مهم في تيسير هذا الاتفاق التاريخي مع الكونغو الديمقراطية.
وأشار ندوهونجيرهي إلى أن نقطة انطلاق الاتفاق كانت من الدوحة مؤكدا تقديم الدعم للوساطة القطرية لإنجاح هذه المبادرة، وقال "جاهزون للتعاون مع الكونغو الديمقراطية لتفعيل بنود الاتفاق".
وتعهد الوزير الرواندي بتسهيل عودة اللاجئين إلى البلاد بشكل آمن وكريم لتحقيق السلام الدائم.
إعلان
من جانبه، قالت وزيرة خارجية الكونغو الديمقراطية تيريز كايكوامبا فاغنر "نبدأ فصلا جديدا يدعو إلى الشجاعة في تطبيق الاتفاق وتحقيق السلام"، مشيدة بدور قطر التي نظمت أول اجتماع في طريق الاتفاق ويسرت المباحثات ووصلت بها للنجاح. وقالت إن قطر ظلت شريكا ثابتا وصاحب مبادئ في جهود السلام.
وأعلنت الدولتان الإفريقيتان المتحاربتان في بيان مشترك الأربعاء أنهما وقعتا بالأحرف الأولى على اتفاق ينهي النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، وسيتم توقيعه رسميا في العاصمة الأميركية الأسبوع المقبل.
وأعلنت الدولتان الأفريقيتان المتحاربتان في بيان مشترك الأربعاء أنهما وقعتا بالأحرف الأولى على اتفاق ينهي النزاع في شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية، وسيتم توقيعه رسميا في العاصمة الأميركية الأسبوع المقبل.
وتعاني منطقة شرق جمهورية الكونغو الديموقراطية الغنية بالموارد والواقعة على الحدود مع رواندا، من أعمال عنف منذ 3 عقود، وقد تجددت منذ أن شنت جماعة "أم23" المسلحة المناهضة للحكومة هجوما جديدا في نهاية عام 2021.
وكانت رواندا قد أرسلت ما لا يقل عن 7 آلاف جندي عبر الحدود، وفقا لمحللين ودبلوماسيين، لدعم حركة "أم 23″، الذين استولوا على أكبر مدينتين شرقي الكونغو ومناطق التعدين المربحة في تقدم خاطف في وقت سابق من هذا العام.
وتقول الكونغو إن رواندا تدعم الحركة بإرسال قوات وأسلحة.
ولطالما نفت رواندا مساعدة الحركة، قائلة إن قواتها تتصرف دفاعا عن النفس ضد جيش الكونغو الديمقراطية وميليشيات الهوتو العرقية المرتبطة بالإبادة الجماعية في رواندا عام 1994.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يسوعبه عقل وجنودنا مستنزفون
إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يسوعبه عقل وجنودنا مستنزفون

الجزيرة

timeمنذ 18 دقائق

  • الجزيرة

إعلام إسرائيلي: ما ندفعه من أثمان بغزة لا يسوعبه عقل وجنودنا مستنزفون

تناولت وسائل إعلام إسرائيلية تصاعد الدعوات السياسية والأمنية لوقف الحرب في قطاع غزة ، وسط تحذيرات من الكلفة البشرية والعسكرية المتزايدة التي تتحملها إسرائيل، وتلميحات إلى وجود فرصة سياسية نادرة بعد انتهاء التصعيد مع إيران. وترافقت هذه الدعوات مع انتقادات واسعة لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من داخل أوساط الحكومة والمعارضة، وسط إحباط في صفوف الجنود ومخاوف من فقدان السيطرة على مجريات الحرب. وفي هذا السياق، أشار مراسل الشؤون العسكرية في القناة 12 نير دفوري إلى تزايد الحديث في المستويين السياسي والأمني عن ضرورة استغلال اللحظة الراهنة لتحقيق تسوية، لافتا إلى ما وصفه بـ"الفرصة النادرة" التي أعقبت انتهاء المعركة مع إيران. ونقل دفوري عن مسؤول كبير في الأجهزة الأمنية قوله "لقد قدمنا هدية للمستوى السياسي، وعليهم الآن استغلالها لتسوية سياسية، وبشكل أساسي جدا.. إنهاء مسألة غزة". وفي السياق ذاته، أفاد مراسل الشؤون السياسية في قناة كان 11 سليمان مسودة بأن مسؤولا كبيرا على صلة وثيقة بالحكومة الإسرائيلية والإدارة الأميركية أكد أن تصريحات الرئيس الأميركي دونالد ترامب"لم تُنشر عبثا". وبحسب المصدر، فإن تلك التصريحات تأتي ضمن "عملية كبرى" تهدف إلى إنهاء الحرب في غزة، وإطلاق سراح جميع المخطوفين، وطيّ ملف محاكمة نتنياهو، وتهيئة الأرضية لخطوات إقليمية أوسع. وأوضح المسؤول ذاته، بحسب مسودة، أن الهدف المرحلي يشمل توسيع اتفاقيات السلام، إلا أن الدول العربية المعنية تشترط إنهاء الحرب على غزة كخطوة أولى قبل أي انخراط سياسي أوسع. أثمان باهظة من جانبه، قال رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي سابقا غيورا آيلاند في حديثه للقناة 12 إن الحرب في غزة "استنفدت نفسها"، مضيفا أن "الأثمان التي ندفعها لا يستوعبها العقل". وأشار إلى أن عملية "عربات جدعون" انطلقت بهدف تحرير 20 مخطوفا على قيد الحياة، لكن عدد القتلى من الجنود منذ بدء العملية تجاوز هذا الرقم، مما يعكس إخفاقا واضحا في تحقيق أهداف العملية. وإلى جانب الكلفة البشرية، تحدث آيلاند عن استنزاف في صفوف القوات، لا سيما الاحتياط، فضلا عن الأعباء الاقتصادية والتداعيات الدولية، في ظل اتهامات متواصلة لإسرائيل بارتكاب جرائم إبادة جماعية في غزة. أما مقدم البرامج السياسية في قناة 14 يوتام زمري، فقد وجه رسائل مباشرة إلى نتنياهو، قائلا إن استمرار وجود حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بعد هذه الحرب يمثل "تهديدا وجوديا" لإسرائيل، مضيفا: "إما أن نحقق نصرا حاسما أو فلتذهبوا إلى بيوتكم". وفي السياق، انتقد محلل سياسي في إستوديوهات القناة 12 ما وصفه بالاستنزاف الذهني والنفسي الذي أصاب الجنود، قائلا إن 19 جنديا قتلوا خلال أقل من شهر، بينما الجنود الميدانيون "مرهقون، مشتتون، ولا يعلمون ما الذي يفعلونه". فشل متكرر وأمام هذه الصورة القاتمة، دعا وزير الثقافة والرياضة الإسرائيلي ميكي زوهر إلى حسم مسألة غزة "سواء عبر قتال غير مسبوق أو عبر تحقيق عزيمة سياسية حاسمة"، وهو ما قوبل برفض صريح من أحد المحللين في القناة 12 الذي اتهم الحكومة بالفشل المتكرر في تحقيق أي حسم منذ عامين. من جهته، برر الصحفي وعضو الكنيست السابق عن حركة شاس إيغال غويتا إخفاقات الحكومة بوجود "آلاف الأسباب"، في وقت رد فيه باراك سري، مستشار وزير الدفاع السابق، بغضب قائلا: "الجنود يقتلون وأنت تتحدث عن فشل في ملف المساعدات؟". في سياق متصل، وجّه الصحفي ومقدم البرامج في القناة 13 أمنون يافي نداء إلى رئيس الأركان، متسائلا: "ما الذي نفعله في غزة؟ على ماذا نقتل ونُقتل؟ ماذا تقول لآباء الجنود الذين دُمّرت حياتهم؟"، ودعاه إلى التوجه مباشرة للحكومة ومطالبتها بوقف هذه المعركة. في حين أفادت مراسلة الشؤون الاجتماعية في القناة 12 يولان كوهين بأن عائلات جميع المخطوفين الإسرائيليين تعتزم الاجتماع بالرئيس الأميركي دونالد ترامب الأسبوع المقبل، في مسعى للضغط على الوسطاء الدوليين، وعلى الحكومة الإسرائيلية، من أجل تمرير صفقة تبادل شاملة. وأوضحت أن الأهالي يعتقدون أن ترامب وحده قادر على فرض إرادة سياسية على الحكومة الإسرائيلية لتجاوز معارضة وزراء متشددين مثل إيتمار بن غفير و بتسلئيل سموتريتش ، ممن يرفضون أي اتفاق لا يتضمن "سحق حماس بالكامل".

احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة
احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

احتجاجات في إسرائيل للمطالبة بصفقة تبادل ووقف حرب غزة

شهدت إسرائيل اليوم السبت احتجاجات أمام مقر إقامة عدد من المسؤولين للمطالبة بإبرام صفقة تبادل واتفاق لوقف إطلاق النار يتيح إعادة المحتجزين من غزة، في حين أكدت عائلات الأسرى الإسرائيليين أن وزير الخارجية الأميركي ماركو روبيو أكد لممثليهم أن الانتصار الوحيد لا يتحقق إلا بإعادة أبنائهم. وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بتسجيل تجمعات للمحتجين أمام منازل مسؤولين من بينهم الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ ووزير التعليم يوآف كيش للمطالبة بصفقة تبادل أسرى. ودعت عائلات الأسرى إلى مظاهرات واسعة في القدس وتل أبيب، وقالت إن وزير الخارجية الأميركي اجتمع أمس بممثلين عن العائلات وأكد التزامه بإعادة المحتجزين، ونقلت عنه قوله إن "الانتصار الوحيد بغزة سيتحقق عند إعادة المخطوفين فقط". وأوضحت العائلات أنها أكدت لروبيو أن ثمة فرصة متاحة لإعادة جميع المحتجزين "ضمن صفقة شاملة واحدة، دون مراحل أو دفعات أو اتفاقات جزئية". وفي إشارة إلى مماطلة الحكومة الإسرائيلية بإبرام الاتفاق، قالت العائلات "انتظرنا بما فيه الكفاية، وحان الوقت لاتخاذ قرارات شجاعة وإعادة الجميع دفعة واحدة". وقالت والدة الجندي الإسرائيلي ماتان، الأسير في غزة، إنه حان الوقت لعودة كل المختطفين وجميع الجنود إلى بيوتهم. وتُقدر إسرائيل وجود 50 محتجزا في غزة، منهم 20 أحياء، بينما يقبع في سجونها أكثر من 10 آلاف و400 فلسطيني يعانون من التعذيب والتجويع والإهمال الطبي، مما أودى بحياة العديد منهم، حسب تقارير حقوقية وإعلامية فلسطينية وإسرائيلية. وتؤكد المعارضة الإسرائيلية وعائلات الأسرى أن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية- يواصل الإبادة بغزة استجابة للجناح اليميني الأكثر تطرفا في حكومته، لتحقيق مصالحه السياسية الشخصية، والاستمرار في السلطة. وأظهر استطلاع لصحيفة معاريف أن 59% من الإسرائيليين يؤيدون إنهاء حرب غزة والتوصل إلى اتفاق يعيد الأسرى مقابل وقف القتال والانسحاب، مقابل 34% يؤيدون استمرار القتال مفترضين أن الضغط العسكري سيؤدي لعودة الأسرى. وعبر 48% من الإسرائيليين عن اعتقادهم أن استمرار الحرب في غزة خلفه أسباب سياسية، فيما يرى 37% أن استمرار الحرب يأتي لاعتبارات أمنية. وتشن إسرائيل حرب إبادة في غزة بدعم أميركي، خلفت منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 نحو 189 ألف فلسطيني بين شهيد وجريح -معظمهم أطفال ونساء- وما يزيد على 11 ألف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ودمار واسع وكارثة إنسانية غير مسبوقة.

ما الذي دفع إسرائيل لوقف الحرب دون حسم؟
ما الذي دفع إسرائيل لوقف الحرب دون حسم؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

ما الذي دفع إسرائيل لوقف الحرب دون حسم؟

أعلن بنيامين نتنياهو مع بداية العدوان الإسرائيلي على إيران، وهو ممتلئ بالانتشاء في الساعات الأولى من المعركة، أن إسرائيل عازمة على تحقيق جملة من الأهداف الكبرى في إيران، وهي: القضاء على المشروع النووي الإيراني، وتقويض منظومة الصواريخ الباليستية، وإعادة رسم الشرق الأوسط، ارتباطًا بتغيير النظام الإيراني كأحد تداعيات الحرب. توقّف القتال بعد 12 يومًا، بضغط من الرئيس ترامب على نتنياهو للقبول بوقف إطلاق النار، ومن ثم قبول إيران بوساطة قطرية، بعد أن شنّت القاذفات الإستراتيجية الأميركية، هجومًا بقنابل خارقة للتحصينات على منشآت: فوردو، ونطنز، وأصفهان، وبعد أن ردّت إيران على تلك الضربة بهجوم صاروخي محدود ورمزي على قاعدتي عين الأسد في العراق والعديد في قطر، اللتَين تتواجد فيهما قوات أميركية. هذه النهاية السريعة فتحت باب التساؤلات بشأن ما أنجزته إسرائيل، في حربها المباغتة ضد إيران؛ فالمشروع النووي الإيراني، بعد قصفه بالقاذفات بي2 الأميركية، من المبكّر الحسم بمستوى الضرر الذي أصابه. وقد كان لافتًا ما سرّبته محطة CNN الأميركية عن تقرير سري لجهاز الاستخبارات العسكرية الأميركية؛ بأن الضربة للمشروع النووي قد يكون تأثيرها محدودًا، وأن إيران يمكن أن ترمّم ما تم تدميره خلال أشهر، ما أغضب الرئيس ترامب الذي شنّ حملة شعواء ضد الـ CNN، وبعض وسائل الإعلام الأميركية التي تبنّت الرواية المشكّكة. إضافة إلى ذلك، قول المتحدث باسم جيش الاحتلال الإسرائيلي؛ إنه من المبكّر جدًا استخلاص ما حصل للمشروع النووي. ما يجعل تقييم أحد أهم أهداف بنيامين نتنياهو من الحرب محل شك انتظارًا لتقييمات الأجهزة المعنية. أما الصواريخ الإيرانية الباليستية، فقد كان المشهد مثيرًا لدقّتها وقدرتها الكبيرة على التدمير حتى الساعات الأخيرة من المعركة، ويبدو أن طهران لم تستخدم كافة الأنواع التي لديها، في وقت بدأت فيه المنظومة الدفاعية لدى الاحتلال الإسرائيلي تتراجع كفاءتها، لا سيّما مقابل صواريخ إيران الفرط صوتية، إضافة إلى تراجع مخزونها من المقذوفات المضادة للصواريخ من نوع حيتس/آرو، حيث تبلغ كلفة المقذوف الواحد من 2-3 ملايين دولار حسب نوعه. الفشل الأبرز لدى الاحتلال الإسرائيلي، هو عدم قدرته على خلخلة النظام الإيراني ناهيك عن إسقاطه، فقد جاءت اغتيالات القادة الإيرانيين والضربة المباغتة، بآثار عكسية، حيث تضامن الشعب الإيراني مع النظام في مواجهة العدوان، رغم شراسة القصف الإسرائيلي، واستخدامه جيشًا من العملاء المسلّحين بأحدث التقنيات والمسيّرات التجسّسية والهجومية، التي تم استخدامها داخل طهران والمدن الإيرانية. ما لم تحسبه إسرائيل من الصعوبة بمكان أن توقف إسرائيل حربها التي بدأتها دون تحقيق أهدافها أو أقلّه ضمان تدمير المشروع النووي الإيراني، الذي يعدّ تهديدًا إستراتيجيًا وجوديًا في العقل الإسرائيلي. إذا كان الشك ما زال يلف مصير المنشآت النووية، لجهة مستوى الأضرار التي لحقت بها، وعدم اليقين بشأن مخزون إيران من اليورانيوم المخصّب، فهذا يعني أن هناك أسبابًا ومتغيّرات نشأت أثناء المعركة دفعت إسرائيل إلى قبول وقف الحرب، ومنها: أولًا: سرعة استيعاب النظام الإيراني للضربة الأولى وتماسكه، وأخذه زمام المبادرة بضرب تل ابيب وكافة المدن الإسرائيلية بموجات صاروخية مدمّرة، في الـ24 ساعة الأولى، واستهدافه بالصواريخ الدقيقة منشآت عسكرية وأمنية وصناعية حسّاسة، وإبداء إيران قدرة على التكيّف والاستعداد لحرب استنزاف طويلة، لا يحْتملها الاحتلال. ثانيًا: حجم الأضرار في إسرائيل، وخلال أيّام، كان كبيرًا وغير متوقّع، في المنشآت العسكرية والصناعية والحيوية، إضافة إلى شلل الحياة الاقتصادية والتعليم وحرية الملاحة الجوية، حيث تحوّلت إسرائيل برمّتها إلى طوارئ على مدار الساعة ليلًا ونهارًا. استمرار دفع هذا الثمن تصاعديًا، يمكن أن يؤدي لاحقًا إلى تآكل التأييد الشعبي الإسرائيلي للحرب، ما سيضع حكومة نتنياهو أمام مأزق كبير داخليًا، فقد بلغ حجم الأضرار الأولية في إسرائيل، نتيجة القصف الصاروخي، نحو 5.3 مليارات دولار، حسب صحيفة كالكاليست الاقتصادية الإسرائيلية، فيما نقل موقع بلومبيرغ الأميركي عن بيانات لوزارة المالية الإسرائيلية، أن الخسائر الأولية تقدّر بـ 3 مليارات دولار. ثالثًا: رغبة الرئيس ترامب بوقف الحرب بعد أن قام بضرب المنشآت النووية الأبرز في إيران، وأنقذ نتنياهو من ورطته؛ لأن إسرائيل لا تملك الإمكانات العسكرية لاستهداف منشأة فوردو الواقعة تحت الجبال الصخرية بعمق يتراوح بين 80 – 90 مترًا. ترامب لا يريد استمرار الحرب؛ خشية اتّساعها، فإيران دولة كبيرة 1.7 مليون كيلومتر مربع، وتعداد سكانها 90 مليونًا، وتملك جيشًا كبيرًا ومقدّرات صاروخية نوعية، وقد أبدت قدرة على الصمود والتكيّف السريع رغم قساوة الهجوم الإسرائيلي. استمرار الحرب واتساعها في الإقليم، كان يمكن أن يؤدي إلى أزمة طاقة عالمية بإغلاق مضيق هرمز (25% من مصادر الطاقة تمرّ عبر المضيق)، وأزمة تجارة دولية بإغلاق مضيق باب المندب. كما أن ترامب لا يريد أن يَعْلَق بحرب استنزاف طويلة مع إسرائيل في الشرق الأوسط، في وقت عينه على مواجهة الصين، وعلى جعل أميركا "عظيمة" عبر الصفقات الاقتصادية والتجارية بعيدًا عن الحروب المكلفة. إيران وسد الثغرات إيران لم ترغب في الحرب ولم تخطّط لها، وإن كانت تستعد لها بعد معركة طوفان الأقصى، في ظل التهديدات الإسرائيلية المستمرة، واعتداءات تل أبيب السابقة، والتي كان آخرها الهجوم الجوّي على إيران في أكتوبر/ تشرين الأول 2024. من بداية العدوان الإسرائيلي الأخير في 13 يونيو/ حزيران، بقيت إيران تربط استئناف المفاوضات والعملية السياسية مع واشنطن بوقف العدوان الإسرائيلي عليها، مع إبدائها استعدادًا لأن تذهب في الحرب بعيدًا إن فرضت عليها، مرتكزة إلى قوّة ضرباتها الصاروخية، وامتلاكها أوراق قوّة لم تستخدمها بعد كإغلاق مضيق هرمز، وإشراك حلفائها في المعركة كحزب الله اللبناني الأقرب إلى حدود فلسطين الشمالية، إضافة إلى الحشد الشعبي في العراق، وأنصار الله في اليمن. رغبة إيران بعدم دخول الحرب التي فرضت عليها، لم يكن العامل الوحيد الدافع لوقف المعركة في ذروتها، وإنما كانت هناك عوامل أخرى ضاغطة بقوّة على طهران لتخرج من الحرب بأقل الخسائر، ومنها: أولًا: أخْذها على حين غرّة، حيث وقعت في فخ وخديعة الرئيس ترامب الذي صرّح بأن خيار الحرب مرتبط بنتائج الجولة السادسة من المفاوضات، بين طهران وواشنطن في عُمان، يوم الأحد الموافق 15 يونيو/ حزيران، حيث وقع الهجوم الإسرائيلي المباغت يوم الجمعة الموافق 13 يونيو/ حزيران، ما أحدث صدمة في إيران، وأوقع أضرارًا كبيرة في منشآتها العسكرية، والنووية، ومنظومات الدفاع الجوّي، ناهيك عن اغتيال عدد من القادة العسكريين والعلماء النوويين الكبار. ثانيًا: مواجهتها جيشًا من العملاء في كافة المدن الإيرانية، مزوّدين بإمكانات لوجيستية وتقنية عالية من قبل إسرائيل، وقد ساهموا بتزويد الاحتلال بالمعلومات كما شاركوا ميدانيًا في المعركة عبر عمليات اغتيال واستهداف مقارَّ ومنشآت للدولة، ما مثّل تحديًا كبيرًا وخطيرًا على مجريات المعارك.هذا بدوره جعل من وقف الحرب، متطلبًا مهمًا لمطاردة هؤلاء العملاء والقضاء عليهم، بعد انكشاف جزء منهم، وانكشاف آلية عمل الكيان الإسرائيلي معهم، مستحضرين في ذلك ما حصل مع حزب الله اللبناني الذي عانى بنيويًا من الاختراق الأمني، وأثّر على أدائه وقدراته القتالية في معركة إسناد غزة. ثالثًا: الضربة الإسرائيلية المباغتة لإيران، وعملياتها الجوية اللاحقة، كانت تستهدف بتركيز عالٍ منظومات الدفاع الجوي، مع الإشارة إلى أن إسرائيل عملت على إضعاف تلك المنظومات سابقًا عندما هاجمت إيران في شهر أكتوبر/ تشرين الأول 2024، واستهدفت بطاريات "إس 300" الروسية، ورادارات الكشف المبكّر المرتبطة بهذه البطاريات. تشير بعض المصادر إلى أن روسيا لم تعوّض إيران بما تم استهدافه سابقًا، ما أضعف منظوماتها الدفاعيّة، وأدّى لانكشاف سماء طهران وأغلب المدن الإيرانية والأماكن الحسّاسة أمام الطيران الإسرائيلي. أثناء الحرب زار وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي موسكو، في 23 يونيو/ حزيران، والتقى الرئيس بوتين وسلّمه رسالة من المرشد علي خامنئي، وتحدثت بعض المصادر، عن طلب إيران من روسيا تزويدها بأسلحة بشكل عاجل. ويبدو أن الأمور لم تسرْ بالشكل الذي أرادته إيران، بسبب حسابات روسيا المتعلقة بعدم إغضاب إسرائيل التي تربطها بها علاقات جيدة، بالإضافة إلى عدم إغضاب الرئيس الأميركي ترامب، الذي يسعى لوقف الحرب في أوكرانيا ويمارس ضغطًا على الرئيس الأوكراني زيلينسكي، لناحية تخلّي أوكرانيا عن شبه جزيرة القرم، والأقاليم الشرقية الأربعة لصالح موسكو. هذا يعني أن استمرار الحرب، بدون دفاع جوي، سيؤدي إلى خسائر فادحة في مقدّرات إيران ومنشآتها المدنية والعسكرية، لا سيّما بعد دخول واشنطن المعركة وقصفها المنشآت النووية، ما يشي بأن إيران باتت على خط المواجهة المباشرة مع الولايات المتحدة الأميركية التي تملك ترسانة جويّة وصاروخية هائلة، كانت ستحدث تحولًا في المشهد لصالح إسرائيل، إذا ألقت بثقلها في الحرب. المعركة انتهت، ولكن إيران كما إسرائيل والولايات المتحدة الأميركية، كل له حساباته؛ فالمعركة أثبتت أن إسرائيل غير قادرة على الحسم السريع، وأن واشنطن لا تريد حرب استنزاف طويلة، وإيران تخشى من تداعيات الحرب في ظل انكشاف سمائها للطائرات الإسرائيلية. هذا يعني أن كل طرف لديه نقاط قوّة ونقاط ضعف تكشّفت في المعركة السريعة التي لم تتجاوز الأسبوعين، وبالتالي أصبح توقّف المعركة ضرورة للجميع لمعالجة نقاط الخلل، وتعزيز نقاط القوّة؛ استعدادًا لأي معركة أخرى قد تنشب بين إسرائيل وإيران، بشكل مباشر أو غير مباشر، لا سيّما إذا فشلت المفاوضات الإيرانية الأميركية المرتقبة، وتبيّن لاحقًا أن المشروع النووي الإيراني لم يتعرّض لأضرار كبيرة وعميقة. يصعب تحديد مستوى الخسائر لدى كل طرف؛ بسبب التكتّم، ولكن يمكن القول؛ إن إيران صمدت أمام العدوان الإسرائيلي، وأثبتت أن لديها منظومة صاروخية هجومية دقيقة ومدمّرة، وأن لديها أوراق قوّة لم تستخدمها بعد، وقد أبقتها لأي معركة قادمة في ظل علاقاتها المتوتّرة مع إسرائيل، والتي ازدادت توترًا بعد العدوان الأخير الذي هدف إلى إضعافها، وتحطيم طموحها القومي المنافس لإسرائيل الساعية بدورها للهيمنة على المنطقة وتسيّدها بلا منازع، ما يشكّل تحديًا لإيران ولأمنها القومي ولتاريخها الضارب في المنطقة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store