
رؤية جديدة لسلوك إيران الإقليمي: بين الردع وبناء النفوذ
في هذا السياق، يأتي كتاب «الاستراتيجية الكبرى لإيران.. تاريخ سياسي» للمفكر والأكاديمي الأمريكي-الإيراني ولي نصر، ليقدّم قراءة موسّعة لمسار السياسة الخارجية الإيرانية، تعتمد على تحليل تحوّلات الدولة منذ نشأتها الحديثة، وصولاً إلى دورها في المعادلات الإقليمية الحالية.
يسعى الكتاب إلى تفكيك البنية العقلية التي حكمت سلوك طهران خلال العقود الأربعة الماضية، مستعرضاً ما يسميه «استراتيجية المقاومة»، ولكن من زاوية براغماتية بعيدة عن الشعارات، تستند إلى تأمين المصالح وبناء شبكات النفوذ، لا إلى تصدير الثورة أو الانطلاق من اعتبارات دينية خالصة. ومن خلال هذا التناول، يدعو المؤلف إلى إعادة النظر في التصورات السائدة حول إيران، معتبراً أنها تتحرك ضمن منطق الدولة، لا بمنطق الثورة المستدامة.
ينطلق الكتاب من المحطة المفصلية المتمثّلة في الحرب العراقية الإيرانية، والتي شكّلت لحظة تأسيسية لوعي النظام الإيراني حيال التهديدات الإقليمية. تلك الحرب الطويلة دفعت طهران إلى تعزيز أدوات الردع، من خلال بناء قوة عسكرية نظامية، وعبر تشكيل شبكات إقليمية متداخلة، أصبحت لاحقاً ركيزة أساسية في مقاربتها للأمن الوطني. ويُبرز المؤلف كيف تحوّلت هذه التجربة من حالة دفاعية إلى نهج استراتيجي شامل، يستثمر في الفراغات السياسية في دول المنطقة.
يتناول المؤلف في تحليله الوسائل التي اعتمدتها إيران لمدّ نفوذها، من خلال دعم أطراف محلية في عدد من الدول، وتوظيف الانقسامات السياسية والطائفية لتعزيز مواقعها. ويشير إلى أن طهران استخدمت هذه الشبكات بوصفها أذرعاً غير مباشرة لإدارة الصراع وتخفيف الضغط على الداخل، دون الانجرار إلى مواجهات عسكرية مفتوحة. وفي موازاة ذلك، لجأت إلى التفاوض التكتيكي في ملفات حسّاسة، مثل البرنامج النووي، مستندة إلى مبدأ «رفع الكلفة على الخصم».
لا يفصل ولي نصر بين السياسة الداخلية والخارجية في الحالة الإيرانية، بل يرى أن القيادة السياسية كثيراً ما استثمرت في توترات الخارج لتعزيز تماسك الداخل، وتوجيه الرأي العام، وتحقيق توازن بين مراكز القوى المختلفة، وعلى رأسها الحرس الثوري. كما يناقش تأثير العقوبات والضغوط الدولية في صياغة سردية «الاستهداف الخارجي»، التي مكّنت النظام من تعبئة الشارع وتعليق المسؤولية عن الإخفاقات الاقتصادية على «الحصار المفروض».
يخصص الكتاب فصولاً لتحليل ما يصفه ب«سوء فهم الغرب لإيران»، مشيراً إلى أن النظرة التقليدية تختزل إيران في بعدها الثوري، وتتجاهل ما طرأ على النظام من تحولات بنيوية جعلته أكثر تمركزاً حول الأمن القومي والمصالح الاستراتيجية. ويدعو المؤلف إلى التعامل مع إيران كفاعل سياسي عقلاني يسعى إلى تثبيت مواقعه ضمن نظام إقليمي متغير، وليس فقط كقوة أيديولوجية جامدة.
يوفّر هذا الكتاب إطاراً تحليلياً مفيداً لفهم السلوك الإيراني في علاقاته الإقليمية والدولية، وهو لا يهدف إلى تبرير السياسات، بل إلى تفكيكها من منظور علم السياسة والعلاقات الدولية.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


البيان
منذ ساعة واحدة
- البيان
مقتل 38 فلسطينياً في قصف إسرائيلي متواصل على غزة
قُتل 38 فلسطينيا وأصيب آخرون، منذ فجر يوم الأحد ، في غارات إسرائيلية متواصلة على قطاع غزة، وأفاد مصدر طبي في مستشفى الشفاء بأن من بين القتلى 20 شخصا لقوا حتفهم في غارتين إسرائيليتين على منزلين غربي مدينة غزة فجر اليوم. ووفق المركز الفلسطيني للاعلام: "استشهد مواطن وأصيب آخرون بنيران جيش الاحتلال في منطقة الشاكوش شمال غربي رفح" ، مشيرة إلى "استشهاد مواطن وإصابة آخرين في قصف إسرائيلي استهدف خيمة تؤوي نازحين بجوار مسجد الألباني غربي مدينة خان يونس". وأشار إلى "استشهاد ثلاثة مواطنين منهم سيدة وإصابة عدد آخر فجر اليوم جرّاء قصف إسرائيلي استهدف منزلا في حي التفاح شمال شرقي مدينة غزة" ، لافتا إلى "ارتقاء ثلاثة شهداء في قصف من مسيرة إسرائيلية في مواصي مدينة خان يونس". وأفادت مصادر محلية بـ "استشهاد مواطن وأطفاله الأربعة (12 عامًا) و(10 أعوام) ، و(7 أعوام)، و(6 أعوام) جراء قصف من مسيرة إسرائيلية استهدف خيمتهم في مخيم حياة غربي مدينة خان يونس". جاءت الضربات في وقت يستعد فيه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسفر إلى واشنطن لإجراء محادثات في البيت الأبيض تهدف إلى دفع جهود وقف إطلاق النار إلى الأمام، وفقا لوكالة أسوشيتد برس (أ ب). وفي سياق منفصل، قال مسؤول إسرائيلي إن المجلس الوزاري الأمني المصغر وافق، مساء السبت، على إرسال مساعدات إلى شمال قطاع غزة، حيث يعاني المدنيون من نقص حاد في الغذاء. وامتنع المسؤول عن تقديم مزيد من التفاصيل، وتحدث لأسوشيتد برس بشرط عدم الكشف عن هويته لأنه غير مخول بالتحدث إلى وسائل الإعلام حول القرار. من جانبه، طرح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خطة لهدنة أولية لمدة 60 يوما تتضمن الإفراج الجزئي عن رهائن تحتجزهم حركة حماس، مقابل زيادة المساعدات الإنسانية المسموح بدخولها إلى غزة. وتنص الهدنة المقترحة على إجراء محادثات تهدف إلى إنهاء الحرب المستمرة منذ 21 شهرا بشكل كامل.


سكاي نيوز عربية
منذ ساعة واحدة
- سكاي نيوز عربية
فيديو.. الجيش الإسرائيلي يعلن تدمير مواقع عسكرية في سوريا
وقال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي ، أفيخاي أدرعي: "تواصل قوات اللواء 810، تحت قيادة الفرقة 210، نشاطها الموجه بالدقة داخل الأراضي السورية". وأضاف أدرعي في منشور على منصة "إكس" أرفقه بفيديو يوثق العملية: "خلال إحدى النشاطات، قامت قوات كتيبة الاحتياط التابعة للواء 810 بالتعاون مع مقاتلي الوحدة الهندسية الخاصة "يهلوم"، بتدمير عدة مواقع تابعة للنظام المخلوع في سوريا". وتابع: "لقد شكلت هذه المواقع تهديدا مباشرا على مواقع الجيش في منطقة جبل الشيخ ، كونها تشكل خط مواقع أمامي للعدو في قمة جبل الشيخ".


سكاي نيوز عربية
منذ 2 ساعات
- سكاي نيوز عربية
فيديو.. الحرائق تطارد رجال الإطفاء في اللاذقية والأردن يساعد
ويظهر المقطع رجال الإطفاء وهم يحاولون الابتعاد عن ألسنة النيران بعد أن امتدت بسرعة في إحدى مناطق اللاذقية التي امتدت إليها النيران. ورغم الخطر والتحديات الكبيرة لا تزال فرق الإطفاء تواصل جهودها المتواصلة منذ أربعة أيام على التوالي للسيطرة على الحرائق. وقال مدير الدفاع المدني في محافظة اللاذقية عبد الكافي كيال، إن الحرائق التي تشهدها سوريا هي من أعنف وأخطر الحرائق منذ سنوات. وأوضح كيال أن التضاريس الجغرافية وسرعة الرياح الكبيرة: "صعبت من مهمة رجال الإطفاء وكافة الفرق العاملة لإخماد تلك الحرائق التي بدأت بالانتشار والاتساع. وأكد مدير الدفاع المدني إصابة أحد العناصر واحتراق ألية خلال عمليات إخماد الحرائق وتدخلها لقطع خطوط النيران. وكشف كيال أن عمليات تقدم الآليات والأفراد في بعض المناطق خطرة بسبب وجود مخلفات الحرب التي يؤدي انفجارها إلى توسع النيران. ويشارك في عمليات الإخماد 62 فرقة إطفاء تابعة للدفاع المدني، إلى جانب طائرتين مروحيتين و11 لية أرسلتها تركيا. كما بدأت فرق الدفاع المدني الأردنية اليوم الأحد في المشاركة في عملية إخماد الحرائق. وأفاد الدفاع المدني السوري، في منشور على صفحته بموقع "فيسبوك" بـ "انطلاق فرق الدفاع المدني الأردني إلى مناطق الساحل السوري لمساندة فرق الإطفاء في الدفاع المدني السوري في عمليات إخماد الحرائق الحراجية في ريف اللاذقية". وفق المنشور ، "كانت المملكة الأردنية أبدت استعدادها للمشاركة ومساندة فرق الدفاع المدني السوري في عمليات السيطرة وإخماد الحرائق الحراجية في ريف اللاذقية".