
الوزير الأول الجزائري يزور إسبانيا لطي صفحة الخلاف
تتجه الجزائر نحو طي صفحة الأزمة في علاقاتها مع إسبانيا، بعد منعرج توتر حاد أوشك أن يؤدي إلى قطع نهائي للعلاقات. وفي هذا السياق، يحلّ الوزير الأول الجزائري نذير العرباوي، اليوم الأحد، بمدينة إشبيلية الإسبانية للمشاركة في المؤتمر الدولي الرابع لتمويل التنمية.
وتُعد زيارة العرباوي لإسبانيا مؤشراً قوياً لعودة الدفء إلى العلاقات الثنائية بين البلدين، فهي أول زيارة لمسؤول جزائري رفيع المستوى إلى إسبانيا منذ اندلاع الأزمة في مارس/آذار 2022، فضلاً عن كون الوزير الأول يمثل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، ما يضفي على الزيارة أبعاداً سياسية، إلى جانب مشاركته في التظاهرة الاقتصادية.
وبحسب بيان صادر عن الوزارة الأولى، فإن مشاركة نذير العرباوي في فعاليات المؤتمر ستستمر حتى 3 يوليو/تموز، حيث سيعكف المشاركون على دراسة مختلف المسائل ذات الصلة بتمويل التنمية، لا سيما من خلال تقييم تنفيذ برنامج عمل أديس أبابا الداعم لخطة التنمية المستدامة لعام 2030، وذلك بهدف صياغة اقتراحات وحلول جماعية لدعم جهود التنمية وسد الفجوة التمويلية.
وشهدت العلاقات الثنائية بين الجزائر ومدريد نوعاً من الانفراج خلال الأشهر القليلة الماضية، وتجلّى ذلك في اللقاء الرفيع المستوى الذي جمع وزيري خارجية البلدين على هامش الاجتماع الوزاري لمجموعة الـ20 بمدينة جوهانسبرغ الجنوب أفريقية في 20 فبراير/شباط الماضي، والذي كان أول لقاء رسمي يكسر حالة التوتر التي استمرت نحو ثلاث سنوات، منذ إعلان رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز دعم بلاده مخطط الحكم الذاتي المغربي في الصحراء الغربية، وهو الموقف الذي وصفته الجزائر بـ"الانقلاب المفاجئ".
ورداً على الموقف الإسباني حينها، سحبت الجزائر سفيرها من مدريد وعلّقت اتفاقية الصداقة وحسن الجوار الموقعة بين البلدين سنة 2002، كما فرضت سلسلة من العقوبات الاقتصادية، شملت تجميد عمليات
التصدير
والاستيراد مع إسبانيا، ووقف أي توطين بنكي للمعاملات التجارية معها.
طاقة
التحديثات الحية
الجزائر تطرح مناقصة استكشاف النفط بعد غياب 11 عاماً
الانطلاقة من عودة العلاقات الاقتصادية
دخلت العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الجزائر وإسبانيا مرحلة جديدة من الانتعاش بعد فترة توتر دامت نحو 28 شهراً، حيث سجلت المبادلات التجارية بين البلدين خلال عام 2024 ما يفوق 6.9 مليارات دولار، ما يعكس نمواً ملحوظاً في عدة قطاعات. وجرى خلال هذه الفترة تنظيم ست بعثات اقتصادية وتجارية إسبانية إلى الجزائر، إضافة إلى عقد سلسلة من الملتقيات الثنائية في كل من الجزائر وإسبانيا لتعزيز التعاون الاقتصادي.
وبصرف النظر عن العلاقات السياسية والتوجهات بخصوص القضايا الإقليمية، فإن الجوانب الاقتصادية تمثل إحدى أهم ركائز الصداقة والشراكة بين البلدين. وفي هذا الإطار، بلغت قيمة
المبادلات التجارية
بين الجانبين في 2024 نحو 6.9 مليارات دولار، منها صادرات جزائرية إلى إسبانيا بقيمة 6.02 مليارات دولار، في حين بلغت الواردات الجزائرية من السوق الإسبانية حوالي 829 مليون دولار.
وفي مارس/آذار 2025، سجلت المبادلات التجارية الثنائية تطوراً لافتاً، إذ بلغت صادرات إسبانيا إلى الجزائر 160 مليون يورو، مقابل واردات من الجزائر قدرت بـ871 مليون يورو. وأظهرت الإحصائيات ارتفاعاً حاداً في حجم المبادلات مقارنة بالشهر نفسه من العام السابق، فقد نمت صادرات إسبانيا بنسبة 96.1%، من 81.6 مليون يورو في مارس/آذار 2024 إلى 160 مليون يورو في مارس/آذار 2025.
كما ارتفعت واردات إسبانيا من الجزائر بنسبة 58.5%، من 549 مليون يورو إلى 871 مليون يورو خلال الفترة نفسها. أما فيما يخص بنية التبادل التجاري في مارس/آذار 2025، فقد تمثلت أبرز صادرات إسبانيا إلى الجزائر في لحوم الأغنام والماعز بقيمة 19.2 مليون يورو، تلتها لحوم الأبقار بـ17.1 مليون يورو، ثم قطع غيار السيارات بـ11.6 مليون يورو.
القطيعة استثنت إمدادات الغاز
على الرغم من "القطيعة" التجارية السابقة، بقي
الغاز الجزائري
يتصدر واردات إسبانيا من هذه المادة الحيوية. فقد استثنت الجزائر إمدادات الغاز الطبيعي المنقولة عبر الأنبوب البحري الرابط بينها وبين إسبانيا من تداعيات الأزمة. وأكد مسؤولو قطاع الطاقة ومجمع سوناطراك في عدة مناسبات التزام الجزائر باتفاقيات العقود طويلة الأجل مع زبائنها، وعدم نيتها قطع إمدادات الغاز تحت أي ظرف. وبناءً على ذلك، شكّل الغاز الطبيعي أبرز واردات إسبانيا من الجزائر بقيمة 528 مليون يورو، يليه النفط الخام بـ276 مليون يورو، ثم المنتجات البترولية المكررة بـ34.2 مليون يورو.
سياحة وسفر
التحديثات الحية
الجزائر تخطط لإنتاج وقود الطائرات محلياً
وقد شهدت واردات إسبانيا من الغاز الجزائري في مارس/آذار 2025 ارتفاعاً ملحوظاً بنسبة قاربت 39%، بعد فترة تراجع في فبراير/شباط السابق، لتستعيد الجزائر مكانتها في صدارة مورّدي الغاز إلى السوق الإسبانية خلال هذا الشهر، حيث بلغت حصتها 33.4% من إجمالي الواردات، أي ما يعادل 12.21 تيراواط/ساعة.
كما سجلت صادرات الجزائر من
الغاز الطبيعي
نحو إسبانيا في مارس/آذار 2025 ارتفاعاً إلى 9.51 تيراواط/ساعة، مقارنة بـ8.71 تيراواط/ساعة في مارس/آذار 2024. كذلك، عادت شحنات الغاز الطبيعي المسال الجزائري إلى إسبانيا بعد توقف دام ثلاثة أشهر، حيث بلغت الكميات الموردة 2.70 تيراواط/ساعة في مارس/آذار 2025، مقارنة بـ3.52 تيراواط/ساعة في الشهر نفسه من العام الماضي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 41 دقائق
- العربي الجديد
مساعدات أوروبا للفلسطينيين
نفّذت المفوضيةُ الأوروبيةُ أخيراً حزمةَ مساعداتٍ جديدةٍ بقيمة 202 مليون يورو، موجهةً إلى السلطة الفلسطينية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) ضمن إطار دعم طويل الأمد، تحت عنوان "التعافي والصمود". ورغم أن هذا الإعلان قد يبدو جرعةَ دعمٍ أوروبيةٍ في لحظة انهيار اقتصادي وسياسي فلسطيني، إلا أن المطلوب مالياً أكثر بكثير، ويثير الموضوع تساؤلاً عن غياب دعم كل من أيّد إقامةَ الدولة الفلسطينية، بمن فيهم الدول العربية والإسلامية. خُصّصت المنحة الأوروبية (152 مليون يورو) لسداد رواتب موظّفي السلطة، ولا سيّما في قطاعات التعليم والصحّة، غير أن هذا الدعم المالي ليس من دون شروط سياسية واضحة أوروبية وعربية، فالاتحاد الأوروبي، ودول في الخليج، طالبت صراحةً بأجندات إصلاح وحوكمة تتضمّن تعيين نائبٍ للرئيس الفلسطيني (عُيّن حسين الشيخ)، وإجراء انتخابات، وفرض تقاعد إلزامي على آلاف الموظفين، بمن فيهم عناصر أمنية ودبلوماسية. لم يكن الدعم المالي للسلطة الفلسطينية من دون شروط سياسية واضحة، أوروبية وعربية ورحّبت وزيرة الخارجية الفلسطينية التي أقسمت اليمين أخيراً، فارسين أغابيكان، بالدعم الأوروبي، وقالت إن هذه المساعدات لا تسدّ الفجوة الناتجة من سياسة الاحتلال الإسرائيلي في حجب أموال المقاصة، التي تُشكّل العمود الفقري لميزانية السلطة. ومن خلال بروتوكول باريس، تسيطر إسرائيل على غالبية إيرادات الفلسطينيين، لكنّها باشرت أخيراً باستخدام سلاح الحجب المالي أداةَ عقاب جماعي، ولا سيّما مع تولّي المتطرّف بتسلئيل سموتريتش حقيبة المالية. وقلّل الخبير الاقتصادي مؤيّد عفانة من وقع المساعدات الأوروبية، معتبراً أنها بالكاد تضمن استمرار دفع 35% من رواتب موظفي القطاع العام. والمفارقة أن هذا المبلغ، الذي يُعلن عنه جزءاً من حزمة كبرى بقيمة 1.8 مليار دولار على ثلاث سنوات، نقطة في بحر اقتصاد فلسطيني منهك بالديون والتضخّم وانسداد الأفق السياسي. ومن المؤسف أن تقاعس الدول الصديقة (العربية والإسلامية) عن الوفاء بتعهّداتها المالية يزيد الطين بِلَّة. وحتى المؤتمر الفرنسي السعودي (المشترك)، الذي كان من المفترض أن يشهد إعلان "منحة سخية"، تأجّل على خلفية التصعيد العسكري بين إسرائيل وإيران. في موازاة الأزمة المالية للحكومة الفلسطينية في رام الله، تواصل إسرائيل حربها الممنهجة ضدّ الفلسطينيين، ليس فقط عبر تجويع الشعب الفلسطيني في غزّة وحرمانه الغذاء والماء وحاجات الحياة الأساسية، بل أيضاً بتغوّل المستوطنين في الضفة الغربية في هجمات عنيفة، موثّقة من الأمم المتحدة التي أشارت إلى نحو 80 اعتداءً في ثلاثة أسابيع، شملت القتل والحرق وتدمير الممتلكات. وفي حادثة بارزة، أطلق مستوطنون النار على فلسطينيين في قرية كفر مالك، ما أدى إلى مقتل ثلاثة منهم. ورغم اعتقال خمسة مستوطنين، أُفرج عنهم سريعاً من دون توجيه تهم، في مشهد يُرسّخ منطق الإفلات من العقاب. ورغم مناشدات حسين الشيخ للمجتمع الدولي بالتدخّل، تظلّ الردود محدودةً، ففي غياب إرادة سياسية دولية حقيقية لمحاسبة إسرائيل، أو حتى كبح جماح مستوطنيها، تبدو هذه المناشدات أقرب إلى صدى يضيع في الفراغ. حين تتحول المساعدات أدواتٍ لتطويع القرار الفلسطيني، فإنّنا أمام حالة من الإذلال المالي المُقنَّع وقد صرّح رجل الأعمال الفلسطيني سمير حليلة لموقع المونيتور الأميركي بأنه، بالإضافة إلى التحدّيات الهيكلية الداخلية، تتفاقم المشكلات الاقتصادية للسلطة الفلسطينية بسبب الضغوط السياسية الخارجية. قد يفاقم قرار المحكمة العليا الأميركية الصادر في 20 يونيو/ حزيران الحالي، ويسمح برفع دعاوى قضائية ضدّ منظمة التحرير والسلطة الفلسطينيتين، من شلل الحكومة الفلسطينية مالياً، إضافة إلى رفض سموتريتش (10 يونيو/ حزيران الحالي) تجديد إعفاء يسمح بترتيبات مصرفية خاصّة، تُسهّل التعاون بين المؤسّسات المالية الإسرائيلية والفلسطينية. في الوقت نفسه، تواجه البنوك الفلسطينية فائضاً في الشيكل الإسرائيلي الورقي، ويُعزى ذلك جزئياً إلى تحوّل إسرائيل إلى المدفوعات الرقمية بدلاً من النقد. علاوة على ذلك، يواصل الشعب الفلسطيني استخدام النقد، ما يخلق اختلالات في السيولة، وتتفاقم المشكلة بسبب تفاوت أسعار السلع، مثل البنزين والسجائر. قال حليلة: "علبة سجائر مارلبورو أرخص بعشرة شواقل في الضفة الغربية منها في إسرائيل، والبنزين أرخص أيضاً، ما يتسبّب في تدفّق كبير للمشترين من إسرائيل لكلا المنتجَين، وهم يدفعون نقداً فقط مقابل هذه السلع الرخيصة"، فيما ترفض البنوك الإسرائيلية التعامل الورقي مع البنوك الفلسطينية. لا يمكنها المساعدات الأوروبية (رغم ضرورتها) أن تُخفي واقع الاحتلال المالي والسياسي الذي يخنق الفلسطينيين يومياً. فحين تتحول المساعدات أدواتٍ لتطويع القرار الفلسطيني، فإنّنا أمام حالة من الإذلال المالي المُقنَّع. وحين يقابل ذلك صمت عربي وتواطؤ دولي، تكون النتيجة سلطةً على وشك الانهيار، وشعباً يتخبّط بين مطرقة الحرب والتجويع في غزّة، والعجز المالي وسندان الاستيطان والعنف. لقد بات من الضروري إعادة النظر جذرياً في معادلة الدعم الدولي للفلسطينيين، تبدأ بإجبار الاحتلال على تحرير الأموال الفلسطينية، ووضع خطّة استراتجية متكاملة تشمل وضعاً إدارياً ومالياً يؤسّس لإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة.


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
معضلات مالية و"تمرد" بمواجهة إصلاح الرعاية الاجتماعية في بريطانيا
بكثير من المساومات والتنازلات المالية، نجح رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر في نزع فتيل تمرد عدد كبير من نوابه في البرلمان ضد مشروع قانون إصلاح مخصصات الرعاية الاجتماعية قبل أيام قليلة من التصويت عليه. ورغم أن تمرير المشروع أصبح في حكم المؤكد لدى التصويت عليه يوم غد الثلاثاء، فإن ما وُصف بـ"التراجع الثالث" لستارمر خلال أقل من عام يكشف عن صراعات داخل الحزب الحاكم، ظاهرها السياسة وباطنها الاقتصاد ومعضلاته، وكلها تضع زعامته الحزبَ على المحك. تعود بدايات مشروع إصلاح مخصصات الرعاية الاجتماعية لذوي الإعاقة، أو العاجزين عن العمل جزئياً لأسباب صحية من الأسر والأفراد، وإعانة البطالة أو البحث عن عمل، إلى مارس/ آذار الماضي، فيما عُرف وقتها بـ"الورقة الخضراء". يهدف المشروع في جوهره إلى خفض الإعانة التي تدفعها الدولة لمن لا يعملون لأسباب صحية مختلفة، والتركيز على دعم ذوي الظروف الصحية بالغة الصعوبة، والهدف هو تعزيز فكرة الكسب والتأهيل للعمل بدلاً من الإعانة على حد تعبير وزيرة العمل والمعاشات ليز كاندل. وقد دافعت وزيرة الخزانة راتشيل ريفز عن هذا الخيار بالقول إن الطريقة الأفضل لحماية دولة الرفاه في الوقت الراهن هي ضمان عدم توسعها وبقائها ضمن الحدود المتاحة. كان يمكن لمشروع كهذا أن يمر بسلاسة لو سوقت الحكومة التغييرات باعتبارها إصلاحاً لنظام الرعاية الذي يتفق كثيرون على أنه يتسم بالفوضى والتعقيد في آن واحد. لكن "الورقة الخضراء" واجهت تحديات كثيرة منذ طرحها، تمثل أولها في توجه قيادة حزب العمال إلى تبني سياسات "غير عمالية" تأخذ الأموال من أيدي الناخبين المحتاجين، أي قواعد الحزب التقليدية، بدلاً من توسيع مظلة الرعاية للفقراء والطبقة الوسطى كما وعدت ناخبيها. أما التحدي الثاني، فتعلق بعدم إجراء مشاورات كافية بين حكومة الحزب وقيادة الكتلة النيابية من جانب، ومن جانب آخر نواب الصفوف الخلفية الذين جأرت دوائرهم بالشكوى والاتصالات، فتحسبوا لفقدان مقاعدهم وأعلنوا رفضهم مشروع القانون، وهو ما كان يؤشر إلى إمكانية خسارة الحكومة الاقتراع لو انضمت المعارضة إلى 126 عمالياً هددوا بالتصويت ضد حكومتهم. اقتصاد دولي التحديثات الحية بريطانيا تسابق الزمن لتجنب كارثة جمركية.. صفقة الصلب مع واشنطن مهددة وقد سعى المشروع الأصلي، قبل تعديله تحت ضغوط النواب المتمردين، لتوفير خمسة مليارات جنيه إسترليني سنوياً (6.9 مليارات دولار) للخزانة حتى العام 2029- 2030، وهو مبلغ ليس بالهين نظراً للأزمة التي تواجهها وزيرة الخزانة من تحديات لخفض اللجوء إلى مزيد من الديون، والحد من تكلفة المديونية التي تبلغ حالياً 2.8 تريليون جنيه إسترليني، أي ما يعادل 100% من قيمة إجمالي الناتج المحلي. ويشير تقرير لمعهد الدراسات المالية (IFS) إلى الفاتورة الباهظة التي تتحملها الموازنة لدعم ذوي الإعاقة غير القادرين على العمل لظروف صحية دائمة (بين عمر 16 و64 عاماً) أو يحتاجون لدعم إضافي، بسبب عجز غير كلي أو دائم، يعزز التحاقهم بسوق العمل، إذ ارتفعت قيمتها من 37 مليار جنيه إسترليني في عام 2020 إلى 57 ملياراً في العام الحالي، لتمثل ما يزيد عن 40% من إجمالي مخصصات الرعاية الاجتماعية في إنكلترا وويلز والتي تبلغ في مجملها 141 مليار جنيه. لكن ضغوط النواب ومعارضتهم المشروع دفعت ستارمر إلى التراجع جزئياً عن أهم بنوده، وهو ما سيكلف حكومته حوالي ثلاثة مليارات جنيه إسترليني من الخفض الذي كان مزمعاً ليصبح إجمالي التوفير ملياري جنيه فقط بدلاً من خمسة مليارات. يتمثل أهم التعديلات في استمرار المخصصات من دون تغيير للذين يحصلون على إعانة الإعاقة والضمان الاجتماعي لظروف صحية (يونيفرسال كريديت) وهو ما يعادل حوالي تسعة آلاف جنيه إسترليني سنوياً للفرد. أما المستحقون الجدد اعتباراً من العام المقبل، فستنخفض قيمة ما يحصلون عليه من إعانة إلى حدود ثلاثة آلاف جنيه، وهو أمر ما زال يلاقي رفضاً ومخاوف من نواب الجناح اليساري في الحزب الذين تعهدوا بالتصويت ضد المشروع حتى بعد تعديله. بدورها، أعربت الجمعيات المدافعة عن ذوي الإعاقة عن تحفظات على المشروع رغم تعديله. وقال جيمس واتسون-أونيل، الرئيس التنفيذي لمنظمة Sense الخيرية للدفاع عن حقوق ذوي الإعاقة، في تصريحات لـ"العربي الجديد"، إن "التنازلات التي أعلنتها الحكومة بشأن مشروع قانون الرعاية الاجتماعية القادم مهمة وإيجابية، إلا أنها لا ترقى إلى مستوى العدالة للأشخاص ذوي الإعاقة. هذا القرار دليل على قوة من يرفعون أصواتهم ضد هذه التخفيضات غير العادلة، ونحن ممتنون للغاية لجميع داعمينا الذين خصصوا وقتاً للتواصل مع نوابهم بشأن هذه القضية". اقتصاد دولي التحديثات الحية بريطانيا: خطة لتأهيل العمالة المحلية وتقليل الاعتماد على المهاجرين لكن أونيل حذر من التمييز بين مستحقي الإعانة من ذوي الإعاقة اعتباراً من العام المقبل، وقال: "تؤسس تعديلات الحكومة نظاماً مزدوجاً غير عادل، حيث يحصل شخصان من ذوي الإعاقة، لهما نفس الاحتياجات، على مزايا مختلفة حسب توقيت بدء حاجتهما إليها. هذا ليس صحيحاً. لقد سمعنا أيضاً مخاوف آباء لديهم أبناء من ذوي الإعاقة أو ذوي احتياجات معقدة، ويشعرون بالقلق بشأن تأثير هذه التعديلات على مستقبل أطفالهم". مأزق ستارمر السياسي والمالي من الصعب تفسير التراجع الأخير الذي أقدم عليه كير ستارمر بمعزل عن الظرف الاقتصادي والسياسي الذي تمر به قيادته وحزب العمال بعد أقل من عام من وصولهم إلى السلطة. فتعهدات الحزب بعدم اللجوء إلى رفع الضرائب والتركيز بدلاً من ذلك على إصلاح الموازنة وتحفيز النمو لخلق مزيد من فرص العمل لا تحقق نجاحاً كثيراً. وحتى حين أقدم على بعضها، مثل إلغاء إعانة التدفئة للمتقاعدين، قوبل الإجراء برفض جماهيري أجبره على التراجع عنه وحمّل الموازنة 1.25 مليار جنيه كانت في عداد التوفير. أما تراجعه الأخير، وهو الأكبر حتى الآن، فجاء بعدما اعتبر ما يتردد عن تمرد نوابه مجرد "ضوضاء" ستخفت تحت سطوة الأغلبية، لكنه فوجئ بعد عودته من قمة الناتو في لاهاي بأن "المتمردين" أكثر تنظيماً مما اعتقد، فاضطر للمساومة. ويدور الحديث في أروقة ويستمنستر حالياً عن إمكانية تراجع الحكومة عن السقف الذي وضعته لإعانة الأطفال بقصرها على طفلين للأسرة فقط، وهو ما قد يكلف الموازنة 3.5 مليارات جنيه إضافية. وتحذر مؤسسات اقتصادية محافظة من أن اضطرار ستارمر للتراجع إرضاءً للنواب وقواعدهم الشعبية قد يعقد المسار السياسي لزعامته ويضعف الثقة بالاقتصاد البريطاني، وفي حالة كتلك، لن يكون أمام وزيرة الخزانة سوى زيادة الضرائب، وهو أمر بات أكثر ترجيحاً لأنه سيعوض تكاليف كل التغييرات السابقة لكنه سيكون أكبر التراجعات! رغم ذلك، يظل التحدي الأكبر لستارمر سياسياً بالأساس، فالمواجهات بين قيادة الحزب وقاعدته الشعبية ليست مألوفة لحكومة لم تكمل عامها الأول وتتمتع بأغلبية ساحقة في البرلمان. المدافعون عن ستارمر من حكومته، وفي مقدمتهم وزير الرعاية ستيفن كينوك، يقولون إنه "يقبل بإعادة التفكير لتصحيح المسار وإنه يضع مصلحة بريطانيا قبل مصلحة الحزب". اقتصاد دولي التحديثات الحية ارتفاع مفاجئ في أسعار المنازل بالمملكة المتحدة في مايو أما زعيمة حزب المحافظين كيمي بادينوك، فلم تضيع الفرصة للنيل من موقف ستارمر، ووصفت تراجعه الأخير بأنه "دليل على أن قيادة العمال ليست فاعلة، إذ كيف لا يمكنهم الاتفاق على أمور بسيطة مثل خفض النفقات؟ لقد خلقوا فئتين من مستحقي إعانة الإعاقة فجمعوا بين أسوأ خيارين". قد تتباين الأهداف السياسية للمحافظين والعمال، لكن "خفض النفقات" هي الكلمة محل الإجماع عند الاقتصاديين من الجانبين في الوقت الراهن للإبقاء على مساحة المناورة الضيقة أمام وزيرة الخزانة للاقتراض بأسعار فائدة أقل تكلفة، وتجنب تكرار لعنة سوق السندات التي لحقت باقتصاد بريطانيا في عام 2022 بسبب سياسات رئيسة الحكومة ليز تراس، عندما تحدت نوابها وأقدمت على إعفاءات ضريبية واستدانة غير مسبوقة، فأطاحها حزبها بعد 49 يوماً في السلطة.


العربي الجديد
منذ ساعة واحدة
- العربي الجديد
التوجه لخفض الإنفاق العسكري الروسي... اعتراف بثقل حرب أوكرانيا واحتمال إنهائها
بعد عدة سنوات من الزيادة المطردة في الميزانية العسكرية الروسية في الأعوام الأخيرة، ووصولها إلى ما يفوق 150 مليار دولار ضمن ميزانية العام الحالي، بما يعادل أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي، أشهرت موسكو لأول مرة عزمها على خفض الإنفاق العسكري الروسي ما يفرض تساؤلات عن أسباب هذا الأمر، وما إذا كان يعكس توجه الكرملين نحو إنهاء حرب أوكرانيا أو الانسحاب من سباق التسلح مع الغرب وإعلاء تطوير الشق المدني من الاقتصاد، ولا سيما بعدما فرضت الحرب تداعياتها الاقتصادية على الروس، وأسهمت في ارتفاع نسب التضخم إلى جانب ما استتبعته من عقوبات اقتصادية غربية على روسيا. تمهيد لخفض الإنفاق العسكري الروسي وأقرّ الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، الجمعة الماضي، بأن روسيا تنفق 13.5 تريليون روبل (نحو 172 مليار دولار وفقاً لسعر الصرف الحالي) على النفقات العسكرية، وهذا "كثير". وقال بوتين، في مؤتمر صحافي في ختام قمة الاتحاد الاقتصادي الأوراسي التي انعقدت في العاصمة البيلاروسية مينسك: "تبلغ حصة النفقات الدفاعية 6.3% من الناتج المحلي الإجمالي الروسي بواقع 13.5 تريليون روبل، بينما يبلغ مجموع الناتج المحلي الإجمالي 223.3 تريليون روبل (حوالى 2.8 تريليون دولار). هل 13.5 من أصل 223 كثير أم قليل؟ ليس بقليل بالمرة. دفعنا ثمن ذلك في شكل التضخم". قسطنطين بلوخين: خفض الميزانية العسكرية الروسية لن يعني خفضاً لميزانية العملية بأوكرانيا وذكر بوتين أن حصة الولايات المتحدة في أثناء الحرب الكورية بلغت 14% من الناتج المحلي الإجمالي، و10% في أثناء الحرب في فيتنام، مؤكداً أن السلطات الروسية تبذل جهوداً من أجل مكافحة التضخم الذي ناهز 10% على أساس سنوي في مايو/أيار الماضي، وتحقيق "هبوط ناعم" للاقتصاد. ومع ذلك، شدد على عزم موسكو على خفض الإنفاق العسكري الروسي مضيفاً: "نعتزم خفض النفقات الدفاعية، وفي المقابل، تفكر أوروبا في كيفية زيادة نفقاتها"، في إشارة إلى اتخاذ حلف شمال الأطلسي (ناتو) خلال قمته الأخيرة في مدينة لاهاي الهولندية قراراً برفع النفقات العسكرية إلى 5% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2035، إذ سيخصص 3.5% من الناتج المحلي الإجمالي سنوياً لمتطلبات الدفاع الأساسية، فيما سيُنفَق ما يصل إلى 1.5% من الناتج المحلي الإجمالي على النفقات المتعلقة بالأمن مثل حماية البنية التحتية الحيوية وتعزيز القاعدة الصناعية الدفاعية للحلف. كذلك، قال القادة إن هذه الاستثمارات ضرورية لمواجهة "التهديدات الأمنية الهائلة"، مركزين خصوصاً على "التهديد طويل الأمد الذي تشكله روسيا على الأمن الأوروبي الأطلسي والتهديد المستمر للإرهاب". توقعات بقرب انتهاء حرب أوكرانيا واعتبر الخبير في مركز بحوث قضايا الأمن التابع لأكاديمية العلوم الروسية، قسطنطين بلوخين، أن إعلان بوتين عزمه على خفض الإنفاق العسكري الروسي يعكس التوقعات بقرب انتهاء حرب أوكرانيا، في ضوء تراجع واشنطن عن دعم كييف، وانشغال أميركا بملفات أخرى على رأسها دعم إسرائيل في مواجهة إيران، وردع الصين. وقال بلوخين، لـ"العربي الجديد": "جزئياً، يمكن تفسير خطط خفض الإنفاق العسكري الروسي على أنها تمهيد لإنهاء حرب أوكرانيا في ضوء نأي الولايات المتحدة بنفسها عن دعم كييف، بعد أن أصبحت لها أولويات جديدة مثل دعم إسرائيل في مواجهتها إيران وردع الصين. وبات واضحاً أن أوكرانيا تُحرَم نحو نصف المساعدات الغربية، ما يعني أن روسيا بات بإمكانها هي الأخرى أن تعيد النظر في ميزانية العملية العسكرية في أوكرانيا". اقتصاد دولي التحديثات الحية روسيا تدمن اقتصاد الحرب... الصناعة العسكرية محرك النمو ومع ذلك، أقر بلوخين بأن خفض قيمة الميزانية العسكرية لا يعني بالضرورة خفضاً لنفقات العمليات، مضيفاً: "تقترب الميزانية العسكرية الأميركية من تريليون دولار، وهو ما يعادل مجموع الميزانيات العسكرية للدول الأخرى، لكن الشق الأكبر من هذه الأموال لا يستثمر في التكنولوجيا من الجيل الجديد، بل في تشغيل القواعد العسكرية الأميركية حول العالم والتدخل العسكري في العراق وأفغانستان سابقاً، ودعم أوكرانيا حالياً. لذلك، إن خفض الميزانية العسكرية الروسية لن يعني هو الآخر بالضرورة خفضاً لميزانية العملية العسكرية في أوكرانيا، بل قد تحصل التضحية ببنود أخرى في إطار الميزانية الجديدة". روسيا لا تنوي خوض حروب جديدة من جهته، رأى فاديم ماسليكوف، الخبير في "مكتب التحليل العسكري - السياسي" والأستاذ المساعد في قسم التحليل السياسي في جامعة بليخانوف الاقتصادية الروسية، هو الآخر أن الخفض المرتقب للميزانية العسكرية يعكس توجه روسيا نحو إنهاء حرب أوكرانيا بلا نية خوض حروب جديدة في الأفق المنظور. وقال ماسليكوف، لـ"العربي الجديد": "صحيح أن روسيا تنفق أكثر من 6% من الناتج المحلي الإجمالي على الدفاع، لكننا دولة في حالة حرب، وهذه ميزانية حربية مثلما كانت الولايات المتحدة تنفق على الحرب في كوريا 14% من ناتجها المحلي الإجمالي، كما ذكر بوتين. أما دوافع خفض الميزانية العسكرية، فتنطلق من التوقعات بأن روسيا ستنهي العملية العسكرية في أوكرانيا، ولا تعتزم محاربة أوروبا كما يروج البعض، بينما تزيد دول القارة العجوز ميزانيتها العسكرية تحسباً لحرب مع روسيا. وفي حال تحقُّق هذا السيناريو المتشائم، فإن روسيا مستعدة لها من جهة توفر الأسلحة الاستراتيجية التي ستستخدم فيها، ولذلك لا تحتاج إلى تخصيص موارد مالية إضافية". فاديم ماسليكوف: العقوبات حفزت روسيا على البحث عن منافذ جديدة لصادراتها النفطية وغير النفطية واعتبر أن الإنفاق العسكري تحول إلى قاطرة القطاع العام للاقتصاد الروسي. وقال: "شكل الإنفاق العسكري في السنوات الأخيرة قاطرة للاقتصاد الروسي، ولا سيما قطاعه العام الذي خضع لعملية إعادة الهيكلة المنهجية مع زيادة حصة الدولة فيه. لم يساعد ذلك روسيا في الصمود في وجه العقوبات غير المسبوقة فحسب، بل في تحقيق نمو أيضاً. يضاف إلى ذلك أن هذه العقوبات حفزت روسيا على البحث عن منافذ جديدة لصادراتها النفطية وغير النفطية، ما اضطر أوروبا إلى البحث عن مصادر بديلة للواردات، ولا سيما في مجال الطاقة، وكأن السحر انقلب على الساحر". وسجلت الميزانية الروسية في السنوات الأخيرة زيادة مطردة لحصة النفقات العسكرية. وعند مناقشة ميزانية عام 2024، ذكر وزير المالية الروسي أنطون سيلوانوف، أن 29% من نفقات الدولة ستخصص لـ"تعزيز القدرات الدفاعية للبلاد"، واصفاً هذا الوضع بأنه "غير مسبوق". وفي 2025، تبلغ حصة النفقات الدفاعية 32.5% من إجمالي الميزانية التي من المنتظر أن تسجل عجزاً بنسبة 1.7% من الناتج المحلي الإجمالي هذا العام. اقتصاد دولي التحديثات الحية روسيا بصدد إطلاق برنامج خصخصة لسد عجز الموازنة