
خطاب تبون.. شعارات للاستهلاك ومؤشرات تغيب عن الواقع
اللافت في هذا الظهور الإعلامي، أنه تضمّن إقرارًا غير مسبوق من تبون بأن عمر الدولة الجزائرية يبدأ فعليًا سنة 1962، أي منذ تاريخ الاستقلال، وهو ما يمثل تحولا ضمنيا عن الخطاب التقليدي للسلطة الجزائرية، الذي لطالما سوّق لامتداد تاريخي لآلاف السنين، بل استُخدم هذا الزعم في مناسبات رسمية للترويج لسردية سياسية تفوق الجوار، خاصة المغرب، تصريح وإن جاء عرضيًا، إلا أنه يخلخل إحدى ركائز الرواية الرسمية التي تُروّجها الدوائر الإعلامية والدبلوماسية الجزائرية.
وعلى مستوى السياسة الخارجية، كرّر الرئيس الجزائري الحديث عن التزام بلاده بمبدأ 'عدم الانحياز' ورفضها التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا سيما في منطقة الساحل، لكن المفارقة تبرز حين تُوضع هذه التصريحات في سياق ما صرّح به علنًا وزير الدولة المالي، عبد اللاي مايغا، بداية يناير الماضي، حين اتهم الجزائر باحتضان عناصر تزعزع استقرار بلاده، موجهًا انتقادات مباشرة لوزير الخارجية أحمد عطاف وسفير الجزائر لدى الأمم المتحدة،إذ لا يمكن تجاهل هذه التصريحات الصادرة من دولة جارة حين يُطرح سؤال الحياد الذي ترفعه الجزائر كشعار ثابت في خطابها الخارجي.
وفي الملف الإقليمي الأبرز، لم تُخفِ الجزائر مرة أخرى تمسّكها بموقع 'الوسيط' في قضية الصحراء، وهو ما يبدو مناقضًا للواقع السياسي والدبلوماسي، إذ تُعد الجزائر طرفًا رئيسيًا، بحكم احتضانها وتمويلها ودعمها السياسي والعسكري المباشر لجبهة البوليساريو، في وقت تعترف فيه القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو موقف لم يتغير لا بتعاقب الإدارات في واشنطن ولا بضغط الدبلوماسية الجزائرية.
واقتصاديًا، قدّم تبون أرقامًا ضخمة بشأن أداء بلاده، خاصة حين تحدث عن بلوغ العائدات الفلاحية ما يقارب 38 مليار دولار خلال سنة 2025، وهو رقم يعادل تقريبًا مداخيل الجزائر من المحروقات، ورغم أن المعطى يوحي بتحول اقتصادي نحو تنويع مصادر الدخل، إلا أن غياب المعطيات الميدانية التي توازي هذا الرقم، يدفع كثيرين إلى اعتباره أقرب إلى الطموح السياسي منه إلى الواقع المحسوس، خاصة أن الجزائر لا تزال تواجه اختلالات في التوزيع المائي، ونقصًا في سلاسل الإنتاج الزراعي الحديثة، ومشاكل في التصدير، بما يجعل الرقم المعلن يصطدم مع منطق السوق وتجارب بلدان تمتلك بنى تحتية فلاحية وصناعية أكثر تطورًا.
وفي حديثه عن الإعلام، حرص الرئيس الجزائري على التشديد على أهمية وجود 'صحافة حقيقية' لضمان 'ديمقراطية حقة'، مع الترويج لفكرة تأسيس نقابات مستقلة وإرساء ميثاق أخلاقي للمهنة، إلا أن هذه التصريحات تصطدم بدورها مع واقع الحريات الصحافية في البلاد، الذي لا يزال يضع الجزائر في مراتب متأخرة عالميًا، حسب تقارير المنظمات الحقوقية، سواء من حيث الاعتقالات التعسفية أو غياب الضمانات القانونية، وهو ما يتجلى في استمرار احتجاز الصحافي الفرنسي كريستوف غليز والكاتب بوعلام صنصال، في ظروف يلفها الغموض.
في المحصلة، يمكن القول إن خرجة تبون الإعلامية الأخيرة تُعيد إنتاج خطاب مزدوج يختلف في مضامينه بين ما يُقال للداخل وما يُسوّق للخارج، فهي تصريحات لا تنفصل عن السياق العام الذي تحاول من خلاله السلطة الجزائرية الحفاظ على التماسك الداخلي، وتلميع الصورة الخارجية، وسط تزايد الضغوط الإقليمية والدولية، دون أن تُواكب هذه التصريحات تحولات واقعية أو مؤشرات دقيقة يمكن البناء عليها.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ ساعة واحدة
- المغرب اليوم
لبنان يمهّد لحل أزمة المودعين بإقرار قانون إصلاح المصارف
يتطلع المودعون في المصارف اللبنانية إلى تحقيق أول تقدم تشريعي نوعي يحاكي معاناتهم المشرفة على ختام عامها السادس، عبر ترقب إقرار مشروع قانون «إصلاح المصارف وإعادة تنظيمها» من قبل الهيئة العامة للمجلس النيابي يوم الخميس، مما يزيل العقبة الأخيرة أمام الحكومة والبنك المركزي لبلورة مشروع القانون الأساسي المتضمن مندرجات إعادة الانتظام المالي، بما يشمل توزيع أعباء الفجوة المالية وتحديد آليات سداد المدخرات المشروعة. ويشكل التشريع المتوقع ضمن حزمة الإصلاحات المالية ، والذي يتلاقى مع مطالب «الخارج» والمؤسسات المالية الدولية، مدخلاً لاستجابة الحكومة إلى ضرورة الإسراع في إحالة مشروع القانون المتعلّق بالفجوة المالية والانتظام المالي، والذي ينتظر بدوره تصورات مكتملة من البنك المركزي معزّزة بتمكين هيئات السلطة النقدية، ولا سيما حاكمية البنك المركزي ولجنة الرقابة على المصارف، من التدقيق في أوضاع كل مصرف على حدة، وإعداد لوائح مكتملة بتوزيعات المودعين وفقا لقوائم بيانات تحدد المبالغ والأعمار والتوصيفات الوظيفية بين القطاعين العام والخاص، وسواها من معطيات ترمي إلى تصنيفات منهجية لكيفية رد الأموال أو إتاحة التصرف بها، مع شبه ضمانات مسبقة لسداد مائة ألف دولار لكل حساب في البنك الواحد. ورغم التوافق السياسي والنيابي على تحديد هذه المسارات الآيلة حكماً إلى تحديد مصير الودائع العالقة، لا تزال القناعة ثابتة في أوساط القطاع المالي بأن «القصّة» طويلة نسبيا لجهة الإفصاح عن أجوبة صريحة ومكتملة في كيفية إعادة الحقوق لأصحابها، والأرجح أن تمتد لسنوات لا تقل عن العقد الكامل، نظير ضآلة السيولة المتاحة لدى ثلاثي الدولة والمركزي والجهاز المصرفي، مقابل قيود دفترية للمدخرات تتعدى 83 مليار دولار، وربطا بالتوصيف النهائي لتوظيفات البنوك لدى البنك المركزي التي تناهز 80 مليار دولار، وبالمثل مدى التزام الحكومة برد ديونها إلى مصرف لبنان وإعادة رسملته وتغطية الخسائر المحققة في ميزانيته، وفقا لمنطوق المادة 113 من قانون النقد والتسليف. وتشير مصادر معنية في البنك المركزي إلى أن المنهجية التي يجري العمل على إعدادها ستركز أساساً على السبل القانونية والعادلة التي تستهدف تحجيم «الفجوة» إلى ما دون 50 مليار دولار، ولا سيما بعد إجراء عمليات التدقيق المنشودة في ميزانيات البنوك، وفصل الأموال المشكوك بمصادرها ضمن خانة خاصة إلى حين إثبات مشروعيتها، وعزل الحسابات «النائمة» لسنوات طويلة، فضلا عن تسريع عمليات المقاضاة والمساءلة التي تخص فجوات تمويل الكهرباء بمبالغ تعدّت 20 مليار دولار، وبالأسبقية عمليات الدعم التمويلي للاستهلاك في السنوات السابقة، والتي استنزفت أكثر من 11 مليار دولار. وفي الوقت عينه، يتوجب على الحكومة، وفق مسؤول مالي معني، مواصلة العمل على الإصلاحات المالية الهيكلية والتصدي للتهرب الضريبي المباشر وغير المباشر وتحقيق فوائض أولية وازنة بدءا من موازنة العام المقبل، بحيث تستطيع وزارة المال تخصيص موارد قابلة للتنامي يجري توجيهها لمعالجة ميزانية البنك المركزي، وتمكينه بالتالي من معالجة كتلة التوظيفات المصرفية لديه، والتي يصنفها ديونا تجارية واجبة الإيفاء، وخصوصا كونها تعود بالأصل إلى ودائع مقيمين وغير مقيمين. ووفق هذه المعطيات، سيتاح للبنوك بمعاونة البنك المركزي الذي يحوز حاليا نحو 11 مليار دولار من احتياطيات العملات الصعبة، الدخول في مرحلة طمأنة المودعين بدءا من الحد المضمون البالغ مائة ألف دولار لكل حساب، ومن دون أي اعتبار لحجم الوديعة في كل بنك. بحيث يمكن للمودع استخدام جزء من الرصيد المتاح في سداد مستحقات ورسوم وضرائب، إلى جانب تحصيل الدولار النقدي عبر حصص التوزيعات النقدية الدورية التي ارتفعت الشهر الماضي إلى 800 و400 دولار شهريا، وفق تطابق وضعية العميل مع شروط التعاميم المصدرة من البنك المركزي. ويشدّد رئيس لجنة المال إبراهيم كنعان، على توخي حماية المودعين في مجمل النقاشات التي أفضت إلى إنجاز الصيغة المعدلة لمشروع القانون المحال إلى الهيئة العامة، والتطلّع أن يكون ذلك مضموناً ومعالجاً في قانون استرداد الودائع. منوها بأن «نية المشترع، إن من قبل الحكومة أو لجنة المال، لا تريد التضحية لا بأموال المودعين ولا بالمحاسبة وتحديد المسؤوليات، خصوصاً أن الجميع يعلمون كيف هدر المال وكيفية توزيعه على الحكومات ومصرف لبنان والمصارف». والتزمت الحكومة، بلسان وزير المال ياسين جابر، خلال مناقشات المشروع، بإعداد مشروع قانون الفجوة خلال 6 أشهر كحد أقصى، كما أشار تحديدا إلى أنها بصدد وضع خطة لمعالجة قضية المودعين الذين تقل ودائعهم عن 100 ألف دولار، والذين يمثلون نحو 84 في المائة من المودعين. علما أن القيمة الإجمالية لهذه الشريحة من مستحقات المودعين تصل إلى نحو 20 مليار دولار. وبدوره، يرى رئيس لجنة المال والموازنة إبراهيم كنعان أن «الدولة مسؤولة عن ناسها وأن المصارف مسؤولة عن الودائع وأن مصرف لبنان مسؤول عن الودائع التي وظّفت ووضعت بحساباته»، ولفت إلى أن «مشروع قانون إصلاح المصارف نص بالتعديلات على استقلالية الهيئة المصرفية العليا، حيث توافق النواب مع وزارة المال وحاكم المركزي على أن تتألّف الهيئة من غرفتين، واحدة للأمور العقابية العادية الموجودة في قانون النقد والتسليف، والغرفة الثانية استثنائية لمعالجة الأزمة النظامية الشاملة التي وقعنا بها منذ عام 2019».


برلمان
منذ 3 ساعات
- برلمان
المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة: المغرب أول بلد مساهم في صندوق الصمود
الخط : A- A+ إستمع للمقال أعلنت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، أن المملكة المغربية أصبحت، أمس الاثنين، أول بلد مساهم في 'صندوق الصمود' الجديد التابع لهذه الوكالة الأممية. وكتبت في رسالة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي: 'نحن فخورون بالإعلان عن تقديم المغرب مساهمة طوعية استثنائية لصندوق الصمود التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الذي أطلق مؤخرا، ليصبح بذلك أول بلد عضو يقدم على هذه الخطوة'. وتهدف هذه المبادرة إلى تعبئة 100 مليون دولار من التمويلات المرنة لدعم العمليات الإنسانية الأساسية للمنظمة الدولية للهجرة، وذات الصلة بالاستجابة الطارئة لفائدة المهاجرين والسكان النازحين. وأبرزت المسؤولة الأممية، أن دعم المغرب يضمن أن تظل المنظمة الدولية للهجرة مرنة ومسؤولة وجاهزة للتدخل متى وأينما دعت الحاجة. ووفق بوب، فإن هذه المساهمة المغربية تجسد بشكل كامل أهداف الحملة الخاصة بالقدرة على الصمود، والتي تتمثل في تعبئة موارد مالية مرنة تمكن المنظمة الدولية للهجرة من الاستجابة السريعة للأزمات، وتعزيز عملياتها الميدانية، واستدامة قدراتها الأساسية، بدءا من التدخلات الطارئة ووصولا إلى الحماية ومكافحة الاتجار بالبشر. وقالت المديرة العامة للمنظمة: 'إن كل ذلك يتوخى تحقيق أقصى تأثير إيجابي، حيثما تكون الأهمية بالغة: أرض الميدان'.


بالواضح
منذ 3 ساعات
- بالواضح
المنظمة الدولية للهجرة تعلن عن أول مساهمة مالية للمغرب في صندوق الصمود
أعلنت المديرة العامة للمنظمة الدولية للهجرة، إيمي بوب، أن المملكة المغربية أصبحت، أمس الاثنين، أول بلد مساهم في 'صندوق الصمود' الجديد التابع لهذه الوكالة الأممية. وكتبت في رسالة منشورة على وسائل التواصل الاجتماعي: 'نحن فخورون بالإعلان عن تقديم المغرب مساهمة طوعية استثنائية لصندوق الصمود التابع للمنظمة الدولية للهجرة، الذي أطلق مؤخرا، ليصبح بذلك أول بلد عضو يقدم على هذه الخطوة'. وتهدف هذه المبادرة إلى تعبئة 100 مليون دولار من التمويلات المرنة لدعم العمليات الإنسانية الأساسية للمنظمة الدولية للهجرة، وتلك ذات الصلة بالاستجابة الطارئة لفائدة المهاجرين والسكان النازحين. وأبرزت المسؤولة الأممية أن دعم المغرب يضمن أن تظل المنظمة الدولية للهجرة مرنة ومسؤولة وجاهزة للتدخل متى وأينما دعت الحاجة. ووفقا للسيدة بوب، فإن هذه المساهمة المغربية تجسد بشكل كامل أهداف الحملة الخاصة بالقدرة على الصمود، والتي تتمثل في تعبئة موارد مالية مرنة تمكن المنظمة الدولية للهجرة من الاستجابة السريعة للأزمات، وتعزيز عملياتها الميدانية، واستدامة قدراتها الأساسية، بدء من التدخلات الطارئة ووصولا إلى الحماية ومكافحة الاتجار بالبشر. وقالت المديرة العامة للمنظمة: 'إن كل ذلك يتوخى تحقيق أقصى تأثير إيجابي، حيثما تكون الأهمية بالغة: أرض الميدان'. وسيمكن هذا الصندوق، بشكل أساسي، من تمويل عمليات الحماية ومكافحة الاتجار بالبشر وتوفير الدعم الإنساني المباشر في مناطق الأزمات. وأكدت السيدة بوب أن المغرب، من خلال هذه المساهمة الأولى، 'يجدد التأكيد على ريادته في ما يتعلق بالحكامة العالمية في مجال الهجرة وتضامنه مع المجتمعات الهشة المعرضة للنزوح'. ويعد المغرب بلدا عضوا في المنظمة الدولية للهجرة منذ العام 1998، ويضطلع بدور فاعل في هيئات هذه المنظمة التي تتخذ من جنيف مقرا لها، لا سيما من خلال تنفيذ الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة ومنظمة ونظامية، الذي تم اعتماده في دجنبر 2018 بمراكش.