logo
خطاب تبون.. شعارات للاستهلاك ومؤشرات تغيب عن الواقع

خطاب تبون.. شعارات للاستهلاك ومؤشرات تغيب عن الواقع

بلبريسمنذ 5 أيام
في خضمّ أوضاع إقليمية متقلبة وتحديات داخلية متزايدة، خرج الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون، مساء الجمعة، في لقاء إعلامي جديد مع ممثلي الصحافة المحلية، في موعد بات أشبه بطقس سياسي دوري خلال ولايته الثانية، دون أن يخرج عن نمطية التصريحات المألوفة، التي لا تزال تُثير الكثير من علامات الاستفهام، خصوصًا حين يتعلق الأمر بالفجوة الواضحة بين المقولات الرسمية والوقائع الميدانية.
اللافت في هذا الظهور الإعلامي، أنه تضمّن إقرارًا غير مسبوق من تبون بأن عمر الدولة الجزائرية يبدأ فعليًا سنة 1962، أي منذ تاريخ الاستقلال، وهو ما يمثل تحولا ضمنيا عن الخطاب التقليدي للسلطة الجزائرية، الذي لطالما سوّق لامتداد تاريخي لآلاف السنين، بل استُخدم هذا الزعم في مناسبات رسمية للترويج لسردية سياسية تفوق الجوار، خاصة المغرب، تصريح وإن جاء عرضيًا، إلا أنه يخلخل إحدى ركائز الرواية الرسمية التي تُروّجها الدوائر الإعلامية والدبلوماسية الجزائرية.
وعلى مستوى السياسة الخارجية، كرّر الرئيس الجزائري الحديث عن التزام بلاده بمبدأ 'عدم الانحياز' ورفضها التدخل في الشؤون الداخلية للدول، لا سيما في منطقة الساحل، لكن المفارقة تبرز حين تُوضع هذه التصريحات في سياق ما صرّح به علنًا وزير الدولة المالي، عبد اللاي مايغا، بداية يناير الماضي، حين اتهم الجزائر باحتضان عناصر تزعزع استقرار بلاده، موجهًا انتقادات مباشرة لوزير الخارجية أحمد عطاف وسفير الجزائر لدى الأمم المتحدة،إذ لا يمكن تجاهل هذه التصريحات الصادرة من دولة جارة حين يُطرح سؤال الحياد الذي ترفعه الجزائر كشعار ثابت في خطابها الخارجي.
وفي الملف الإقليمي الأبرز، لم تُخفِ الجزائر مرة أخرى تمسّكها بموقع 'الوسيط' في قضية الصحراء، وهو ما يبدو مناقضًا للواقع السياسي والدبلوماسي، إذ تُعد الجزائر طرفًا رئيسيًا، بحكم احتضانها وتمويلها ودعمها السياسي والعسكري المباشر لجبهة البوليساريو، في وقت تعترف فيه القوى الكبرى، وعلى رأسها الولايات المتحدة، بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وهو موقف لم يتغير لا بتعاقب الإدارات في واشنطن ولا بضغط الدبلوماسية الجزائرية.
واقتصاديًا، قدّم تبون أرقامًا ضخمة بشأن أداء بلاده، خاصة حين تحدث عن بلوغ العائدات الفلاحية ما يقارب 38 مليار دولار خلال سنة 2025، وهو رقم يعادل تقريبًا مداخيل الجزائر من المحروقات، ورغم أن المعطى يوحي بتحول اقتصادي نحو تنويع مصادر الدخل، إلا أن غياب المعطيات الميدانية التي توازي هذا الرقم، يدفع كثيرين إلى اعتباره أقرب إلى الطموح السياسي منه إلى الواقع المحسوس، خاصة أن الجزائر لا تزال تواجه اختلالات في التوزيع المائي، ونقصًا في سلاسل الإنتاج الزراعي الحديثة، ومشاكل في التصدير، بما يجعل الرقم المعلن يصطدم مع منطق السوق وتجارب بلدان تمتلك بنى تحتية فلاحية وصناعية أكثر تطورًا.
وفي حديثه عن الإعلام، حرص الرئيس الجزائري على التشديد على أهمية وجود 'صحافة حقيقية' لضمان 'ديمقراطية حقة'، مع الترويج لفكرة تأسيس نقابات مستقلة وإرساء ميثاق أخلاقي للمهنة، إلا أن هذه التصريحات تصطدم بدورها مع واقع الحريات الصحافية في البلاد، الذي لا يزال يضع الجزائر في مراتب متأخرة عالميًا، حسب تقارير المنظمات الحقوقية، سواء من حيث الاعتقالات التعسفية أو غياب الضمانات القانونية، وهو ما يتجلى في استمرار احتجاز الصحافي الفرنسي كريستوف غليز والكاتب بوعلام صنصال، في ظروف يلفها الغموض.
في المحصلة، يمكن القول إن خرجة تبون الإعلامية الأخيرة تُعيد إنتاج خطاب مزدوج يختلف في مضامينه بين ما يُقال للداخل وما يُسوّق للخارج، فهي تصريحات لا تنفصل عن السياق العام الذي تحاول من خلاله السلطة الجزائرية الحفاظ على التماسك الداخلي، وتلميع الصورة الخارجية، وسط تزايد الضغوط الإقليمية والدولية، دون أن تُواكب هذه التصريحات تحولات واقعية أو مؤشرات دقيقة يمكن البناء عليها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أمريكا: نرفض بشدة خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين
أمريكا: نرفض بشدة خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين

هبة بريس

timeمنذ 17 دقائق

  • هبة بريس

أمريكا: نرفض بشدة خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطين

هبة بريس – وكالات أكد وزير الخارجية في الولايات المتحدة الأمريكية، ماركو روبيو، اليوم الجمعة، أن واشنطن ترفض بشدة خطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية في الجمعية العامة للأمم المتحدة. وقال روبيو في منشور عبر منصة 'إكس': 'الولايات المتحدة تعارض بشدة خطة ماكرون للاعتراف بدولة فلسطينية في الأمم المتحدة'. وأضاف: 'هذا القرار المتهور لا يخدم سوى دعاية حماس ويُعيق السلام. إنه صفعة على وجه ضحايا السابع من أكتوبر'.

فرنسا تعترف بدولة فلسطين: تحول رمزي أم محاولة لإعادة التوازن في نظام دولي مختل؟
فرنسا تعترف بدولة فلسطين: تحول رمزي أم محاولة لإعادة التوازن في نظام دولي مختل؟

المغرب الآن

timeمنذ ساعة واحدة

  • المغرب الآن

فرنسا تعترف بدولة فلسطين: تحول رمزي أم محاولة لإعادة التوازن في نظام دولي مختل؟

في خطوة وُصفت بالتاريخية من قبل البعض والمثيرة للجدل من قبل آخرين، أعلن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون أن بلاده ستعترف رسميًا بدولة فلسطين خلال الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر المقبل. وفاءً منها لالتزامها التاريخيّ من أجل سلام عادل ودائم في الشرق الأدنى، قررت أن فرنسا ستعترف بدولة فلسطين. سأعلن ذلك رسمياً أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في أيلول/سبتمبر المقبل. من الملحّ الآن أن تتوقف الحرب في غزة وأن يتم إسعاف المدنيين. السلام ممكن.… — Emmanuel Macron (@EmmanuelMacron) July 24, 2025 هذا الإعلان، الذي يأتي في لحظة إقليمية ودولية شديدة التعقيد، يطرح تساؤلات متعددة: هل نحن أمام إعادة تموضع حقيقي لفرنسا في الشرق الأوسط؟ أم مجرد تحرك رمزي في مواجهة مأزق غربي متزايد في إدارة الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي؟ الاعتراف الرمزي… ومأزق الشرعية المفقودة من منظور القانون الدولي، فإن الاعتراف بدولة فلسطين ليس جديدًا: أكثر من 140 دولة فعلت ذلك، بحسب إحصائيات الأمم المتحدة، غير أن الاعتراف الفرنسي يحمل وزنًا خاصًا، باعتبارها أول قوة نووية وغربية كبرى تخطو هذه الخطوة. وهو ما يمنح القضية الفلسطينية دفعة دبلوماسية طال انتظارها. لكن المفارقة تكمن في أن هذا الاعتراف يأتي في ظل شلل فعلي للمجتمع الدولي، وفقدان أدوات الضغط الفاعلة على إسرائيل. ما جدوى الاعتراف، إذا كان الواقع على الأرض يسير في الاتجاه المعاكس، مع تصاعد الاستيطان، وتكريس الاحتلال، وتدهور غير مسبوق للوضع الإنساني في غزة والضفة الغربية؟ السياق الأوروبي المتغير: من البيانات إلى المبادرة؟ الإعلان الفرنسي ترافق مع تصريحات لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر الذي وصف الوضع في غزة بـ'الكارثي وغير القابل للدفاع عنه'، معلنًا عن مشاورات طارئة مع برلين وباريس لبحث سبل وقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات. كما لمح إلى أن وقف النار سيكون بوابة محتملة للاعتراف بدولة فلسطين. هذا التناغم الأوروبي الظاهري قد يؤشر إلى بداية تحوّل في السياسة الغربية التي طالما كانت رهينة 'الفيتو الأمريكي' والتوازنات الداخلية لإسرائيل. ومع ذلك، لا تزال هناك فجوة كبيرة بين الخطاب والممارسة، خصوصًا في ظل ضعف الإرادة السياسية الأوروبية في فرض عقوبات أو شروط جدية على الاحتلال الإسرائيلي. ردود الأفعال: انقسام حاد بين القانوني والإيديولوجي في المقابل، جاء الرد الإسرائيلي عنيفًا ومشحونًا بالتحدي. نائب رئيس الوزراء ياريف ليفين وصف القرار الفرنسي بأنه 'دعم مباشر للإرهاب'، بينما دعا وزير المالية اليميني المتطرف بتسلئيل سموتريتش إلى 'الرد الفوري عبر ضم الضفة الغربية'. هكذا يتم مرة أخرى توظيف ملف الإرهاب كأداة لشرعنة خطوات أحادية توسعية، في تجاهل صارخ للقانون الدولي. هذا الخطاب الإسرائيلي يكشف تناقضًا جوهريًا: من جهة، تطالب تل أبيب بالاعتراف الدولي وتصدّر نفسها كديمقراطية تحترم القوانين، ومن جهة أخرى ترفض أي اعتراف بفلسطين وتواصل فرض وقائع استعمارية على الأرض. ماكرون بين الضغط الداخلي والرهان الإقليمي القرار الفرنسي لا يمكن فصله عن ضغوط داخلية وخارجية متقاطعة. داخليًا، يتعرض ماكرون لانتقادات حادة من اليسار والجاليات المسلمة بسبب موقفه 'المتردد' من العدوان على غزة. وخارجيًا، تزايدت الانتقادات لموقف فرنسا في أفريقيا والشرق الأوسط، حيث ينظر إليها كشريك غير موثوق. كما أن السعودية، بحسب تصريحات حسين الشيخ، لعبت دورًا في دفع فرنسا لاتخاذ هذا القرار، ما يشير إلى تقاطع مصالح عربية-غربية جديدة حول مسألة الاعتراف، ربما كبديل لحل الدولتين الذي يترنح تحت ركام غزة والضفة. مأساة غزة: خلفية إنسانية أم محفّز سياسي؟ لا يمكن عزل قرار فرنسا عن المأساة المتفاقمة في غزة. أكثر من 59 ألف شهيد، معظمهم نساء وأطفال، وفق أرقام وزارة الصحة في القطاع، في مقابل 1219 قتيلًا إسرائيليًا في هجوم السابع من أكتوبر. دمار بلغ 70% من البنى التحتية، وأزمة مجاعة دفعت الأوروبيين إلى إعادة النظر في دعمهم 'اللامشروط' لإسرائيل. لكن، هل تمثل هذه المآسي حافزًا جادًا لتغيير السياسات، أم مجرد ورقة تستخدمها القوى الغربية لترميم صورتها الأخلاقية في المنطقة؟ خاتمة: الاعتراف ليس نهاية الطريق… بل بدايته بين الاعتراف الفرنسي والرد الإسرائيلي، يبدو أن المعركة انتقلت من ساحة الحرب إلى ساحة الرموز الدبلوماسية. ومع أن الاعتراف بدولة فلسطين لا يغيّر الواقع القانوني فورًا، إلا أنه يفرض معادلة جديدة في ميزان الشرعية. ويبقى السؤال الكبير: هل ستكون فرنسا قادرة على ترجمة موقفها السياسي إلى التزام قانوني عملي؟ أم ستبقى حبيسة التوازنات الأوروبية والأمريكية؟ وفي الحالتين، فقد تم كسر حاجز نفسي ودبلوماسي، والأيام القادمة ستكشف إن كنا أمام تحول جذري، أم أمام وهم جديد من 'السلام الرمزي'.

القضاء الكندي يقضي بالسجن النافذ في حق هشام جيراندو ويلزمه بخدمة الشأن العام عوض مهنته الأصلية 'كنادل مقهى'
القضاء الكندي يقضي بالسجن النافذ في حق هشام جيراندو ويلزمه بخدمة الشأن العام عوض مهنته الأصلية 'كنادل مقهى'

برلمان

timeمنذ 8 ساعات

  • برلمان

القضاء الكندي يقضي بالسجن النافذ في حق هشام جيراندو ويلزمه بخدمة الشأن العام عوض مهنته الأصلية 'كنادل مقهى'

الخط : A- A+ إستمع للمقال أدانت المحكمة العليا بكيبيك، اليوم الخميس 24 يوليوز 2025، اليوتيوبر المغربي المقيم بكندا هشام جيراندو، بالسجن النافذ لمدة شهر مع إنجاز 150 ساعة من الخدمة المجتمعية، ودفع غرامة مالية قدرها 10,000 دولار كندي، وذلك في إطار دعوى رفعها القاضي المغربي عبد الرحيم حنين أمام المحاكم الكندية، بعد تعرضه للتشهير من قبل المعني بالأمر. وكان هشام جيراندو، قد تورط في نشر فيديوهات عبر يوتيوب تتضمن اتهامات باطلة وتشويهاً لسمعة القاضي المغربي عبد الرحيم حنين، قبل أن تدينه المحكمة بهذا الحكم الذي يشكل انتصاراً للحق القانوني ورداً لاعتبار القاضي حنين. يذكر أن هشام جيراندو بدأ حياته بكندا كمهاجر، وحاول إدارة عدة مشاريع تجارية لكنها فشلت، ثم تحوّل لمجال 'الابتزاز الإلكتروني' عبر قناة يوتيوب، حيث اتُّهم في السنوات الأخيرة بالتحريض والتشهير، خاصة في قضايا أبرزها تهجمه على قضاة ومسؤولين، وهو ما جعله موضوع أحكام قضائية غيابية بتهم التشهير والتحريض داخل المغرب وخارجه، كان آخرها إدانته من قبل القضاء الكندي في قضية تشهير مماثلة كان ضحيتها المحامي المغربي عادل سعيد المطيري.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store