
هدوءٌ حذر بعد العاصفة: صنعاء تفرض معادلاتها مع واشنطن
اليمن ينتزع اتفاق الندّية ويعيد رسم موازين الردع في المنطقة، بعد 52 يوماً من العدوان والتصعيد العسكري الأميركي، شنت واشنطن خلاله أكثر من 1700 غارة، وقصفاً بحرياً، ثم ما لبثت أن فشلت تلك الحملة العدوانية أمام صمود صنعاء، لتنعطف واشنطن إلى خيار الدبلوماسية وتتجه إلى اتفاق وقف إطلاق النار بوساطة عُمانية.
الاتفاق لم يكن انتصاراً لأميركا كما حاول ترامب تصويره وتسويقه، بادّعاء أن صنعاء 'استسلمت'، بل مثّل اعترافاً بموازين ردع جديدة فرضها اليمن، من دون أن يقدّم أي تنازل في موقفه الداعم لفلسطين في البحر، وعمق فلسطين المحتلة، وآخره عمليتا الجمعة النوعيتان على مطار اللد المسمّى بن غوريون وهدف حيوي في يافا المحتلة 'تل أبيب'.
صنعاء أكدت التزامها بمضامين الاتفاق مع واشنطن، لكنها حذّرت من عواقب عودة الأخيرة إلى العدوان مجدداً، فالمعادلة ستكون أقسى.
لقد شكل اتفاق عمان لوقف إطلاق بين واشنطن وصنعاء، تحوّلاً دراماتيكياً في مسار الأزمة، وكسر وهم الغطرسة والهيمنة الأميركية في المنطقة.
فالعدوان _بنسخته الثانية_ الذي بدأته إدارة ترامب خلال ولايته الثانية ضد اليمن، سرعان ما تحولت من حملة عدوانية تستعرض فيها واشنطن قواها العسكرية، إلى مأزق استراتيجي كشف عجز القوة الأميركية أمام إرادة شعب ودولة رفضت الرضوخ.
منذ اللحظة الأولى للحملة، بدا أن إدارة ترامب تحاول توظيف اليمن كورقة ضغط في صراعها المفتوح مع إيران، وتصفية حسابات إقليمية مرتبطة بالصراع العربي الإسرائيلي.
غير أن القرار الأميركي إدراج 'أنصار الله' في قائمة الإرهاب، وفرض العقوبات الاقتصادية، وتكثيف الهجمات الجوية والبحرية، لم تحقق أياً من الأهداف المعلنة، بل أوقعت واشنطن في مستنقع مكلف.
خلال 52 يوماً فقط، شنت الولايات المتحدة أكثر من 1700 غارة، استخدمت فيها أحدث ما تملكه من ترسانة، من الطائرات، إلى القاذفات الاستراتيجية، وعلى رأسها طائرة الـB2 وحاملات الطائرات ومنظومات الاعتراض الكهرومغناطيسية، ورفعت السقوف وبالغت في التهديدات وأفرطت بالتفاؤل في تحقيق أهدافها.
إلا أن هذه القوة الجبارة اصطدمت بواقع ميداني مختلف تماماً. فصنعاء لم تتراجع، بل فاجأت خصمها بقدرات عسكرية فاعلة أسقطت سبع طائرات تجسس أميركية من نوع MQ9، وحيّدت حاملة الطائرات 'هاري ترومان' عن الخدمة مبكراً، في تطور شكّل صفعة مدوية لهَيبة البحرية الأميركية خصوصاً بعد سقوط أو إسقاط طائرتين متطورتين من نوع f18 خلال الأسبوع الأخير، وما رافق ذلك وسبقه من ضربات يمنية نوعية، وصلت إلى عمق العدو الإسرائيلي في فلسطين المحتلة، حيث أعلنت القوات اليمنية استهداف مدن ومرافق استراتيجية، أبرزها مطار 'بن غوريون'، في رسالة عسكرية ذات أبعاد استراتيجية إقليمية ودولية.
في البيت الأبيض، بدا أن ترامب، بتكوينه التجاري قبل السياسي، بدأ يقلق مع استمرار تصاعد تكلفة الحرب واستغفاله من قبل نتنياهو.
ومع تضخم الخسائر إلى مليار دولار خلال الأسابيع الثلاثة الأولى فقط، بدأت محاولات التفلت الأميركي من المأزق.
فبدلاً من التسخين العسكري والتصعيد حولت إدارة ترامب تلك السخونة إلى خطوط الهاتف، إذ كشفت اتصالات مع الوسيط العماني عن رغبة أميركية في الخروج بماء الوجه، من دون اعتراف صريح بالفشل.
هذا التراجع لم يكن نتيجة ضغوط داخلية فقط، بل جاء عقب خسارة ميدانية وفضيحة أمنية عصفت بالبنتاغون إثر تسريبات عبر تطبيق 'سيغنال'، وأدت إلى إقالات طالت كبار المستشارين، وكان أبرزهم مستشار الأمن القومي نفسه.
الاتفاق الذي تم التوصل إليه وأعلنه الأشقاء في سلطنة عُمان ورحّبت به أغلبية الدول العربية والإسلامية لم يكن مجرد وقف لإطلاق النار، بل انعكاساً لمعادلة جديدة فرضتها صنعاء، من موقع الندّية.
اليمن لم يقدّم تنازلات ولم يستجدِ ولم يترجَّ، بل انتزع وقف العدوان من دون أن يتراجع أو يغيّر موقفه من دعم فلسطين أو عملياته في البحر الأحمر. بل الأكثر من ذلك، أن الاتفاق عكس نجاح صنعاء في فصل المسار الأميركي عن الإسرائيلي، وهو ما أزعج 'تل أبيب' التي فوجئت بإعلان ترامب من دون تنسيق مسبق، في سابقة أثارت تساؤلات داخل الدوائر الصهيونية وأنتجت أزمة بين نتنياهو وترامب.
في المقابل، كانت لواشنطن أيضاً مكاسبها، إذ إن الاتفاق أتاح لها الهروب من مأزق حرب مكلفة بلا جدوى نيابة عن'إسرائيل'، وحفظت لواشنطن ما تبقى من ماء وجه قوتها العسكرية، وسمحت _دبلوماسياً لا عسكرياً_ باستئناف الملاحة الآمنة في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، وهي مصالح تعتبرها واشنطن حيوية.
لكن الأهم أن الاتفاق كشف أن اليمن لم يكن يهدد الملاحة الدولية كما تزعم واشنطن، بل إن قراره باستهداف السفن اقتصر منذ يومه الأول على السفن الإسرائيلية وتلك المرتبطة بـ'إسرائيل'، في سياق معادلة واضحة لفك الحصار عن غزة: 'الحصار مقابل الحصار'.
فالقوات اليمنية لم تستهدف السفن الأميركية إلا بعد أن قررت واشنطن التدخل عسكرياً لمصلحة تل أبيب، وتشكيل تحالف بحري استفزازي واعتدت على اليمن. ولولا هذا التدخل، لمرت السفن الأميركية بسلام، كما تمر سفن عشرات الدول الأخرى من دون أي تهديد.
التعاطي اليمني مع الاتفاق اتسم بالجدية والالتزام، لكن صنعاء أوضحت أن احترام الاتفاق مرهون بسلوك الطرف الآخر.
وفي هذا السياق، جاء التحذير الواضح من السيد القائد عبد الملك بدر الدين الحوثي في خطاب الخميس الماضي، الذي أكد فيه أن أي خرق أميركي سيُقابل بالرد وقد يكون قاسياً، قائلاً: 'إذا عاد الأميركي للعدوان على اليمن فنحن له بالمرصاد'.
وهو تصريح يعكس وضوح الرؤية لدى القيادة اليمنية، التي تدرك أن المرحلة المقبلة ستكون اختباراً للنوايا الأميركية أكثر من أي شيء آخر.
وبذلك، نجح اليمن في تحويل العدوان إلى فرصة استراتيجية، وأعاد رسم معادلات الردع، لا فقط مع واشنطن، بل مع كل من يعتدي، أو يفكر في الاعتداء أو يراهن على تفوق السلاح وحده، من دون حساب لمعادلة الإرادة والصمود اليمنيين وتطور القوة.
في الخلاصة، الاتفاق الأميركي اليمني لوقف إطلاق النار شكل بداية لمرحلة جديدة يُعاد فيها تعريف النفوذ والسيادة، وتُرسم فيها ملامح منطقة لم تعد فيها الولايات المتحدة قادرة على فرض إرادتها كما اعتادت سابقاً.
والأيام المقبلة كفيلة بكشف مدى قدرة وجدية واشنطن على الالتزام بما وقّعت عليه، وهذا مرهون بحذرها من أي محاولة جرجرة إسرائيلية جديدة إلى مأزق جديد، أما صنعاء فهي ملتزمة بالسلم، ومستعدة للرد إن اختارت واشنطن العودة إلى مربع العدوان والنكث بالاتفاق على قاعدة: وإن عدتم عدنا وعاد الله معنا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ علي ظافر

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
قوة الجيش في التوازنات الإقليمية ورقة حفتر في لقاء مبعوث ترامب
عقد مبعوث الرئيس الأميركي دونالد ترامب لأفريقيا والشرق الأوسط مسعد بولس خلال زيارته إلى بنغازي الخميس اجتماعا مهما مع القائد العام للجيش الوطني المشير خليفة حفتر تناولا خلاله الوضع العام في البلاد والعلاقات الثنائية وموقف القيادة العامة للقوات المسلحة من العملية السياسية في ليبيا. وكان اجتماع حفتر مع المبعوث الأميركي مهمّا لتوضيح موقف قيادة الجيش من جملة الملفات العالقة، لاسيما وأن الإدارة الأميركية الحالية تبدو أكثر تفهما لخصوصيات المشهد الليبي، كما أن ترامب يقدر لحفتر نجاحه في معركة اجتثاث الإرهاب وتأمين الاستقرار في أغلب مناطق ليبيا. وقال بولس عبر منصة إكس 'ناقشنا دعم الولايات المتحدة للجهود الليبية لتوحيد المؤسسات وتعزيز السيادة ورسم طريق نحو الاستقرار والازدهار من خلال الحوار السياسي.' وأشاد بولس بجهود القيادة العامة في تحقيق الأمن والاستقرار داخل ليبيا، وقال 'هذا الاستقرار يشكل ركيزة أساسية تسهم في حفظ أمن واستقرار دول المنطقة بأكملها.' وطرح حفتر خلال اللقاء دور الجيش الوطني في تأمين التوازنات الإقليمية ومكافحة الإرهاب وقطع الطريق أمام دعاة الفوضى والانفلات، وهو ما بات محل إشادة من قبل أغلب القوى الدولية التي ترى أن الجيش أفلح في تحقيق ما فشلت فيه سلطات طرابلس منذ العام 2011. وقبل ذلك، بحث رئيس الحكومة عبدالحميد الدبيبة الأربعاء مع بولس سبل تعزيز التعاون الثنائي ومتابعة آفاق الشراكة الإستراتيجية بين البلدين، وناقشا فرص التعاون المشترك في مجالات الطاقة، والمعادن، والبنية التحتية، والصحة، والاتصالات. وقدم الفريق الحكومي عرضا تفصيليا لأوجه الشراكة الإستراتيجية الاقتصادية الليبية، والمقدرة بنحو 70 مليار دولار. ورحب رئيس اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان أحمد عبدالحكيم حمزة بالدور الذي تضطلع به الولايات المتحدة في دعم الاستقرار والسلام في ليبيا، مشيرًا إلى أن هذه الجهود يجب أن توجه نحو خلق مسار سياسي توافقي حقيقي يُنهي حالة العبث، ومحذرًا من أن تتحول هذه التحركات الدولية إلى مجرد عملية 'تدوير للأزمة' بدلًا من حلها فعليًا. من جانبه، أكد رئيس الائتلاف الليبي - الأميركي فيصل الفيتوري أن السياسة الأميركية تجاه ليبيا تحكمها محددات مؤسسية صارمة لا تقبل المقايضة أو التنازلات خارج إطار الشرعية والانتخابات والتوازن الميداني. واعتبر أن بعض الساسة الليبيين يعتقدون، عن قِصر نظر، أن المال وحده كفيل بشراء المواقف الدولية، أو أن التنازلات غير المدروسة يمكن أن تُكافأ بدعم سياسي أو البقاء في السلطة، وهو تصور لا ينطبق على أسس السياسة الأميركية، مشددا على أن الحديث عن توطين الفلسطينيين في ليبيا، رغم ما يُتداول بشأن عروض مالية سخية من جهات في طرابلس، يظل خارج نطاق الواقع السياسي والإستراتيجي للولايات المتحدة. وتابع الفيتوري أن الإدارة الأميركية لن تقحم ليبيا في مشروع توطين بهذا الحجم والتعقيد في ظل الانقسامات الداخلية، والحدود المفتوحة، والتحديات العابرة للحدود، والتي تؤثر بشكل مباشر على أمن المتوسط وحلفاء الولايات المتحدة في أوروبا. وقال الفيتوري إن الدبيبة يعتقد أن تقديم مشاريع استثمارية بقيمة 70 مليار دولار قد يُغري واشنطن ويجذب اهتمام إدارة ترامب. وأثار لقاء مبعوث ترامب برئيس المؤسسة الوطنية للنفط مسعود سليمان جدلا واسعا في الأوساط الليبية حيث يرى المراقبون أن الدبيبة يسعى إلى تشبيك قطاع النفط الليبي مع دائرة القرار الأميركي مقابل تمكينه من البقاء في منصبه إلى أجل غير مسمّى، حيث يطمح إلى الانفراد بالسلطة لسنوات قادمة وهو ما يحتاج وفق المقربين منه إلى دعم مباشر من واشنطن والعواصم الأوروبية. وقال بولس عبر حسابه على منصة إكس 'أجريت حوارا مثمرا مع رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، مسعود سليمان، تناولنا خلاله سبل تعزيز التعاون بين الولايات المتحدة وليبيا في قطاع الطاقة.' وأضاف 'استعرضنا السبل التي يمكن للولايات المتحدة من خلالها دعم أهداف ليبيا في إنتاج النفط والغاز.' ◙ الإدارة الأميركية لن تقحم ليبيا في مشروع توطين بهذا الحجم والتعقيد في ظل الانقسامات الداخلية، والحدود المفتوحة، والتحديات العابرة للحدود في الأثناء، أكدت مصادر محلية أن مستشار ترامب حمل إلى المسؤولين الليبيين خطة متكاملة لتنفيذ مقترح سابق بتهجير فلسطينيين إلى ليبيا. وقال المحلل السياسي الليبي المقيم بالولايات المتحدة محمد بويصير إن بولس وصل إلى ليبيا من أجل إنهاء صفقة تهجير الفلسطينيين من غزة إلى الأراضي الليبية، موضحا أن 'الهدف الأساسي من الزيارة هو وضع اللمسات الأخيرة على قبول تهجير مليون فلسطيني من غزة عبر مصر.' وتابع قائلا 'خطوة مستشار ترامب تتضمن الاستماع إلى كافة الأطراف التي سيتم مقابلتها دون تعليق منه، حيث لن يتم التطرق إلى ملف الانتخابات، لأنه ليس من أولويات الإدارة الأميركية حاليا، خاصة وأن ترامب قناعته بالديمقراطية مشكوك فيها.' بالمقابل، حذر مجلس النواب الليبي من الزج باسم ليبيا في مخططات تهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، مجددا رفضه القاطع لأيّ محاولة لتوطينهم أو تهجيرهم قسرًا خارج أراضيهم. وأكدت لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب رفضها 'بشكل قاطع الزج باسم الدولة الليبية في أيّ مخططات مشبوهة تهدف إلى تصفية القضية الفلسطينية تحت ذرائع إنسانية أو أمنية،' مجددة رفضها أيّ شكل من أشكال التوطين أو التهجير القسري للفلسطينيين خارج أراضيهم. وكانت تقارير صحفية كشفت الأسبوع الماضي أن رئيس جهاز 'الموساد' الإسرائيلي دافيد برنياع اجتمع مؤخرا مع المبعوث الأميركي للشرق الأوسط ستيف ويتكوف في واشنطن، وطلب مساعدته في تهجير مئات الآلاف من الفلسطينيين من غزة إلى دول مثل ليبيا وإثيوبيا وإندونيسيا، وعرض عليه تقديم حوافز لهذه الدول مقابل استقبالها لهم.


اليمن الآن
منذ ساعة واحدة
- اليمن الآن
الاستثمارات السعودية دعم إستراتيجي لاستقرار سوريا
تعبّر وعود الاستثمار الكبرى التي أعلنت عنها السعودية بمناسبة مؤتمر الاستثمار في دمشق عن رؤية إستراتيجية سعودية لدعم استقرار سوريا على المدى البعيد بقطع النظر عن الوضع السياسي الذي تعيشه حاليا، وأن الاهتمام الكبير بالاستثمار في البلد الذي عاش على وقع عشر سنوات من الحرب الأهلية يتجاوز البعد الربحي المباشر وما يجلبه من عائدات لفائدة المملكة إلى مساعدة سوريا على تلافي مخلفات تلك المرحلة الصعبة في تاريخها. ويقول مراقبون للشأن السعودي إن الدعم السعودي القوي لسوريا وما قاله الوزراء ورجال الأعمال المشاركون في المؤتمر هو ترجمة لرؤية ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بشأن مساعدة سوريا على الاستقرار من خلال دعم اقتصادها بمشاريع استثمارية ذات مردود مستقبلي بدلا من المساعدات التقليدية التي يتم تبديدها عادة من الحكومات على مشاريع ظرفية أو لشراء السلم الاجتماعي، وهي طريقة ثبت فشلها وتم التراجع عنها سعوديا وخليجيا. وتريد السعودية من خلال الانفتاح على سوريا الجديدة لعب دور في تهدئة الأوضاع في المنطقة مع تجنب النزاعات التي قد تؤثر على أمنها واستقرارها الاقتصادي ومشاريعها الكبرى، وهو ما تفعله المملكة من خلال الدعم المالي والاستثماري لليمن، ودول أخرى مثل لبنان أو مصر وتونس. ويعتبر السعوديون أن التغافل عن دعم سوريا في مراحل سابقة فتح الباب أمام تدخلات إقليمية أخرى، خاصة ما تعلق بالنفوذ الإيراني في سوريا خلال حكم بشار الأسد، وهو نفوذ تمدد في أكثر من اتجاه ضمن مقاربة إيرانية لتأسيس هلال شيعي يبدأ من طهران إلى لبنان عابرا العراق وسوريا قبل أن يفشل بعد الحرب الأخيرة في لبنان ثم الإطاحة بالأسد في سوريا. ◙ الدعم الاستثماري القوي وما قاله الوزراء ورجال الأعمال المشاركون في المؤتمر هو ترجمة لرؤية ولي العهد السعودي ورغم المؤاخذات التي قد يبديها البعض بشأن توقيت الدعم السعودي والذي ينظر إليه على أنه دعم للرئيس أحمد الشرع وتثبيت لحكمه في مواجهة التحديات الكثيرة ومن بينها مشكلة الأقليات، إلا أن السعوديين يراهنون على الوقت لتأكيد صواب مقاربتهم بشأن دعم سوريا في الوقت الحالي ومساعدتها على الخروج من المحنة بدل تركها مرة أخرى للصراعات والفوضى. وتريد السعودية الاستفادة من قدرات السوريين في العمل وإنجاح المشاريع بعد الصورة الإعلامية القوية التي ارتسمت حول اللاجئين السوريين حيثما حلوا في أوروبا وحتى في الدول العربية مثلما هو الشأن في مصر ودول الخليج، وهو الأمر الذي أشار إليه وزير الاستثمار السعودي خالد الفالح، الخميس، حين قال إن الشعب السوري ساهم في بناء اقتصادات دول أخرى ونثق بقدرته على بناء بلاده لتكون قوة اقتصادية منافسة. وقال الفالح إن منتدى الاستثمار الأول بين المملكة وسوريا سيشهد توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم بقيمة تصل إلى 24 مليار ريال (نحو 6.4 مليار دولار). جاء ذلك خلال كلمة ألقاها في افتتاح أعمال المنتدى بقصر الشعب في دمشق، بحسب وكالة الأنباء السورية الرسمية 'سانا'. وأوضح أن المنتدى سيتضمن توقيع اتفاقيات متعددة، من بينها مشروع تجاري في مدينة حمص وسط سوريا، بالإضافة إلى إنشاء 3 مصانع إسمنت. وتابع 'سيتم خلال المنتدى إبرام اتفاقيات في مجال الأمن السيبراني بقيمة 4 مليارات ريال سعودي (1.66 مليار دولار).' وأشار إلى أن 'شركة بيت الإباء السعودية' ستوقع اتفاقية بقيمة مليارية لتنفيذ مشروع تجاري مميز في حمص، تعود عوائده لدعم السوريين. وأكد حرص السعودية على 'تنمية العلاقات مع سوريا، خصوصا في المجالين الاقتصادي والاستثماري،' مشيرا إلى أن المنتدى يضم أكثر من 20 جهة حكومية و100 شركة من القطاع الخاص. وعن المرحلة المقبلة قال 'مقبلون على إقامة استثمارات مهمة في سوريا تشمل جميع المجالات، وفي مقدمتها الطاقة والعقارات والصناعة والبنية التحتية والخدمات المالية، فضلا عن الصحة والزراعة والاتصالات وتقنية المعلومات والمقاولات والتعليم وغيرها.' وأكد وزير الاستثمار السعودي أن 'المملكة وسوريا وجهان لعملة سياسية واقتصادية واجتماعية واحدة، وحريصون على تنمية العلاقات.' من جانبه، قال وزير الإعلام السوري حمزة المصطفى إن سوريا ستوقع 44 اتفاقية مع السعودية تقدر قيمتها بنحو ستة مليارات دولار. وأضاف الوزير أن الاتفاقيات تغطي قطاعات مختلفة منها الطاقة والاتصالات والمالية والمصارف وصناديق الاستثمار وغيرها. وأضاف أن بعض الاتفاقيات ستوقع بين الحكومة والشركات الخاصة. وقال دبلوماسي ورجل أعمال سوري مطلع إن السعودية تبدي اهتماما بقطاعي الطاقة والضيافة في سوريا وكذلك المطارات. وأضاف رجل الأعمال السوري أن من المنتظر أيضا أن يطلق البلدان مجلس أعمال مشتركا. ◙ السعودية تريد الاستفادة من قدرات السوريين في إنجاح المشاريع بعد الصورة القوية التي ارتسمت حول اللاجئين السوريين في أوروبا وكان من المقرر عقد مؤتمر الاستثمار في يونيو، لكنه تأجل بسبب حرب إيران وإسرائيل. وسيعقد هذا الأسبوع رغم الاشتباكات الطائفية التي وقعت في مدينة السويداء بجنوب سوريا وأسقطت المئات من القتلى. ويسلط العنف الضوء على عدم الاستقرار المستمر في سوريا حتى على الرغم من استكشاف مستثمرين أجانب فرصا هناك. وعبرت شركات، العديد منها من دول الخليج وتركيا، عن اهتمامها بإعادة بناء قدرة توليد الكهرباء والطرق والموانئ وغيرها من البنى التحتية المتضررة في سوريا. ووقعت سوريا في الأشهر القليلة الماضية اتفاقية لدعم قطاع الكهرباء قيمتها سبعة مليارات دولار مع قطر، وأخرى حجمها 800 مليون دولار مع موانئ دبي العالمية. ومن المقرر أيضا أن تضع شركات طاقة أميركية خطة رئيسية لهذا القطاع في سوريا. وسددت السعودية وقطر ديون سوريا لدى البنك الدولي ما أتاح لها إمكان الحصول على قروض جديدة. وفي الأول من يونيو الماضي، قال وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان آل سعود إن بلاده ستقدم مع قطر دعما ماليا مشتركا لموظفي الدولة في سوريا. وأضاف الأمير فيصل خلال مؤتمر صحفي مع نظيره السوري أسعد الشيباني في دمشق 'المملكة ستقدم بمشاركة دولة قطر دعما ماليا مشتركا للعاملين في القطاع العام بالجمهورية العربية السورية.'


اليمن الآن
منذ 2 ساعات
- اليمن الآن
الخارجية الأميركية تُقر صفقة أسلحة جديدة لمصر
وافقت وزارة الخارجية الأمريكية على صفقة مبيعات عسكرية محتملة إلى مصر بقيمة 4.67 مليار دولار، تشمل منظومة صواريخ أرض-جو متطورة، إلى جانب خدمات لوجستية وبرامج دعم فني. وأفادت وكالة التعاون الأمني الدفاعي، التابعة للبنتاغون، أن الصفقة تهدف إلى تعزيز أمن مصر، الحليف الرئيسي للولايات المتحدة من خارج حلف الناتو، معتبرة أنها تندرج ضمن جهود دعم الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي في الشرق الأوسط. اقرأ المزيد... 5 مشروبات صباحية لتعزيز الصحة والنشاط 25 يوليو، 2025 ( 9:31 صباحًا ) محمد نجيب الطالب الذي قرر ان لايمر مرور الكرام….بل اصّر أن لايتجاهله احد فمن الصمت صنع التأثير 25 يوليو، 2025 ( 12:47 صباحًا ) وقد تم إخطار الكونغرس رسمياً بالصفقة، في خطوة أولى نحو بدء الإجراءات القانونية لإتمامها. ويُتوقع أن تسهم الصفقة في زيادة الطلبات المتراكمة لدى شركات السلاح الأمريكية حتى عام 2029، وفق تقديرات محللين.