logo
هل كانت طرابلس جزءا من سوريا قبل عام 1920؟

هل كانت طرابلس جزءا من سوريا قبل عام 1920؟

Independent عربيةمنذ 2 أيام
تثير تسمية "طرابلس الشام" التباساً في ذهن المتلقي، حتى يخال للوهلة الأولى أن عاصمة شمال لبنان هي جزء "سلخ" عن سوريا على غرار ما حصل مع أجزاء أخرى منها كـ"لواء الإسكندرون" الذي ضم إلى تركيا، إلا أن الحقيقة التاريخية هي خلاف ذلك، إذ شكلت ولاية طرابلس كياناً إدارياً وسياسياً مستقلاً عن بقية الولايات في المشرق العربي، وعن تلك التي شكلت العمود الفقري للجمهورية السورية في أعقاب معاهدة سايكس بيكو، لا بل إن بعض أجزاء ولاية طرابلس، انتزعت منها وضمت إلى دولة العلويين ومن ثم سوريا الحالية.
تاريخياً استخدم المؤرخون لقب "طرابلس الشام" لتمييزها عن طرابلس الغرب، تلك المدينة الواقعة في ليبيا شمال أفريقيا، إلا أن ضرورات "الإثارة الإعلامية" طرحت إشكالية علاقة طرابلس بسوريا من جديد، وهي امتداد لما كان يطرح في عهد نظام البعث حول "المحافظة السورية رقم 14" والمقصود بها ضم لبنان. فقد أشاعت قنوات إسرائيلية أنباء عن "طبخة" تشارك فيها قوى كبرى، يحصل بموجبها نظام الشرع في سوريا الجديدة على طرابلس اللبنانية، لقاء تنازله عن الجولان المحتل.
وما عزز من هذه الأفكار مرة جديدة، ما قاله الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان توم باراك قبل ساعات في سياق تطرقه إلى الوضع اللبناني، وما جاء في كلامه "لديكم إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن بدأت سوريا تظهر بقوة وسرعة، وإذا لم يتحرك لبنان، فسيعود ليصبح بلاد الشام من جديد".
دولة لبنان الكبير
يشكل هذا الطرح مساساً بالقرار رقم 318 الذي أصدره الجنرال غورو في الـ31 من أغسطس (آب) 1920، بتحديد دولة لبنان الكبير. وجاء في المادة الأولى "ينشأ تحت اسم لبنان الكبير قطر يحوي مقاطعة لبنان الإدارية: لبنان الصغير أي جبل لبنان الخاضع لحكم متصرفية 1861، وأقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا، وأقسام ولاية بيروت التي تضم سنجق صيدا ما عدا الجزء الذي منح لفلسطين بموجب الاتفاقات الدولية. وسنجق بيروت، وقسم من سنجق طرابلس الذي يشمل قضاء عكار جنوبي النهر الكبير، وقضاء طرابلس (مع مديريتي دنيا ومنيا) وجزء من قضاء حوش الأكراد الواقع جنوب تخوم لبنان الكبير الشمالية".
ومن اللافت للأنظار ما أشار إليه القرار بـ"قسم من سنجق طرابلس"، وهو ما يفهمه الباحث عندما يطلع على القرار 319 بتحديد مقاطعة العلويين الذي أورده وليد المعلم في كتاب "سوريا الطريق إلى الحرية 1916- 1946"، وضمت سنجق اللاذقية، وأجزاء من سنجق طرابلس غير المشمولة في القرار 318 القاضي بإعلان دولة لبنان الكبير، وقضاء مصياف.
تشويه للتاريخ
شكل طرح "سلخ طرابلس عن لبنان وضمها إلى سوريا" صدمة للرأي العام اللبناني والطرابلسي، لا بل إنه بعث من جديد بعض "العصبيات" والنعرات بين أبناء البلدين المتجاورين، واستعادة مقولة "لكل مكنا دولته وخصوصيته"، و"نفضل البقاء في لبنان على رغم جميع مصائبه". في المقابل لم تمانع فئة من المواطنين ذلك لأنه وحسب اعتقادهم "فشلت صيغة لبنان الكبير فشلاً ذريعاً، ولم تؤمن انصهار أبنائها ضمن الدولة المحدودة المساحة".
بين هذا وذاك، تبقى الكلمة الفصل للتاريخ، وتحديد موقع طرابلس في قلب المشرق العربي، حيث يستعرض المؤرخ اللبناني قاسم محمد الصمد تاريخ مدينة طرابلس الشام في ظل الفتح العربي وما بعده "فهي منذ العهد الأموي ومن ثم العباسي، والدول الإسلامية غير العربية أي السلجوقية والأيوبية، أو المملوكية أو العثمانية، جرى إرساء تقسيم لولايات شرق البحر المتوسط، وما يعرف ببلاد الشام من حدود الأناضول إلى تبوك في شمال الجزيرة العربية، وقسمت إلى ثلاث ولايات رئيسة: ولاية دمشق، وولاية حلب، وولاية طرابلس".
الحديث عن ضم طرابلس إلى سوريا "فقاعة إعلامية تفتقر إلى الصحة والجدية (اندبندنت عربية)
ويوضح الصمد، "كانت ولاية حلب تسود الشمال السوري إلى عمق الأناضول أي أجزاء من تركيا الحالية، وكانت تعتبر أحد أهم الولايات من الناحية الاقتصادية"، و"أما ولاية دمشق فكانت تتبع سوريا الداخلية، ولا إطلالة لها على الساحل". ويجزم أن "الساحل كان حكراً على ولاية مهمة تدعى ولاية طرابلس التي كانت تكاد تحتكر سواحل شرق البحر المتوسط من لواء الإسكندرون وشمال اللاذقية إلى فلسطين"، وكان يجب انتظار عام 1660 لتأسيس ولاية صيدا إلى جانب الولايات السابقة، ثم استحدثت ولاية بيروت عام 1888 بعد إلغاء ولاية طرابلس وتحويلها إلى لواء في أعقاب انسحاب الجيش المصري المعروف بجيش محمد علي وابنه إبراهيم من بلاد الشام عام 1840، وامتدت ولاية بيروت من نابلس وصفد في فلسطين جنوباً، إلى اللاذقية والإسكندرون شمالاً.
السيطرة الطرابلسية
تمتعت طرابلس بـ"الامتداد"، والتأثير في مساحات واسعة، وكانت في مرحلة الانحسار تمتد من منطقة المعاملتين في ساحل جبل لبنان الحالي، إلى شمال اللاذقية في سوريا.
يؤكد الدكتور قاسم الصمد أن "والي طرابلس كان يلزم مهمة جباية الضرائب لوجهاء المناطق في بلاد جبيل الساحلية والجبلية، وفي بلاد البترون، وبلاد الكورة، وبلاد جبة بشري، وبلاد الزاوية، وبلاد الضنية، وبلاد عكار، وفي فترة ما بلاد حمص وحماة قبل أن تسلخ عن ولاية طرابلس، إضافة إلى اللاذقية". ينطلق الصمد من مسلمة تاريخية وهي أنه لم تكن طرابلس والضنية وعكار جزءاً من سوريا في أي حقبة من حقبات التاريخ، ولم تسلخ عن كيان قائم الوجود لأنه لم يكن هناك مملكة سورية، أو جمهورية سورية تضم تلك المناطق، ولم يحصل أن كانت طرابلس جزءاً من ولاية دمشق مطلقاً"، معتبراً أن ما أرسي في اتفاقات مثل سايكس بيكو يشي بأن أجزاء من ولاية طرابلس سلخت عنها وضمت إلى سوريا الجديدة، والعكس صحيح.
يشكك الصمد في نيات من يطرح "سلخ طرابلس عن لبنان"، لأنه ينطلق من خلفيات سياسية وليس حقائق تاريخية، لأن طرابلس والشريط الساحلي هو أساس كيان لبنان، لأن جبل لبنان كان ضمن إشعاع ولاية طرابلس.
من جهة أخرى ينوه الصمد بأنه بعد سايكس بيكو وإعلان الدويلات في سوريا، كان هناك دولة علوية، ودولة مسيحية، ودولة درزية، ودولتان سنيتان واحدة في حلب وأخرى في دمشق، لأنه "أبناء دمشق كانوا يرفضون الالتحاق بدولة حلب والعكس صحيح، لأن كل دولة تعتبر أنها صاحبة موقع ودور مركزي، فمن ناحية تعد دمشق أقدم عاصمة في التاريخ، في المقابل، فإن حلب أهم مدينة اقتصادية في شرق المتوسط".
يتحدث قاسم الصمد عن "ظلم تعرضت له طرابلس"، منذ منتصف القرن الـ19، حين بدأ إعطاء الأولوية لبيروت، إثر شق "طريق الشام" من بيروت التي كانت تحتضن الوكالات التجارية الفرنسية إلى دمشق حيث كانت القنصليات الأجنبية والأوروبية، وقد ترافق هذا الأمر مع انتقال كثير من موارنة الجبل إلى بيروت إثر الصدامات المتكررة مع الدروز، وهو ما أعطى المدينة بعداً مميزاً بسبب ثقافتهم وتعليمهم وقدراتهم الاقتصادية، وعلاقاتهم السياسية المتقدمة مع أوروبا وفرنسا والنمسا.
طرابلس في قلب لبنان الكبير
في الأول من سبتمبر (أيلول) 1920، أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير، التي خضعت للانتداب الفرنسي. وهنا ينفي الصمد ما يشاع بصورة متكررة عن "موقف طرابلسي سلبي من الدولة الجديدة"، مشيراً إلى انقسام في نسيج المدينة بين قسم رافض للكيان الجديد، ومطالب بالوحدة مع سوريا، ويتقدمه عبدالحميد كرامي، ويقابله فريق أصر على القبول بلبنان الكبير، وشارك في الحياة السياسية، وأسهم في وضع الدستور في 1926، إذ قاد الشيخ محمد الجسر مدير المعارف والعدلية هذا التوجه، ليصبح لاحقاً رئيساً لمجلس الشيوخ، ثم رئيساً لمجلس النواب، وكاد ينتخب رئيساً للجمهورية عام 1932 لولا تعليق الدستور.
ويضيف الصمد "تمثلت طرابلس في استمرار بمجلس إدارة لبنان الكبير في 1920، والمجلس التمثيلي في 1922 و1925، ومجلس النواب عام 1929 وما بعده، وصولاً إلى انتخاب شفيق كرامي وراشد المقدم نائبين عن طرابلس في 1937. وشاركت العائلات الطرابلسية الكبرى في المشهد السياسي، من آل علم الدين والجسر والمقدم وعدرة وأديب عبدالواحد، وغيرها، ممن تمسك بعدم تبني مواقف سلبية من الدولة الراعية".
ولا يستبعد أن "المدينة دفعت ثمن إضفاء الصور النمطية على طرابلس، وما أعلنته بعض الزعامات الطرابلسية تجاه الدولة اللبنانية، والمطالبة باللحاق بسوريا في وقت كان السوريون يوقعون اتفاقية مع فرنسا في 1936، وهو ما ولد إحباطاً في نفوس أنصار الوحدة"، لافتاً الانتباه إلى أن "اتفاق حبي بين الشيخين عبدالحميد كرامي ومحمد الجسر جرى على أن يأخذ كل منهما طرفاً وفق قناعاته الشخصية، وأن تأخذ اللعبة السياسية مداها واحترام طروحاتها التعددية".
كما يذكر الدكتور الصمد بأنه "عندما جاء سعيد العاص إلى جبال الضنية ظاناً أنها ستثور إلى جانب الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين، فصدم أنه لم يقف جانبه أحد من زعماء الضنية من آل رعد والفاضل، أو الوجهاء، إلا قلة قليلة، وإلا لكانت الثورة صمدت لفترة أطول"، وفي "المعركة الفاصلة في يونيو (حزيران) 1926، وجد نفسه وحيداً على تلال كفرحبو – إحدى قرى الضنية شمال لبنان، في مواجهة الجيش الفرنسي، لا بل إن القسم الأكبر من أبناء بخعون وبقية قرى الضنية كان قد نزح إلى المنية على ساحل المتوسط".
المقايضة المستحيلة
يعتقد المؤرخ قاسم الصمد أنه "لا يتوفر أي إمكان للمقايضة بين الجولان وطرابلس"، موضحاً أن "الجولان يشكل منذ القدم جزءاً من سوريا، ولكن لم تكن طرابلس أو الضنية أو عكار في يوم من الأيام جزءاً منها، لذا لا يمتلك أحد حق المقايضة بين المنطقتين، وهو كلام فيه كثير من الخفة. ويضيف "لا أحد يمتلك الحق والصفة بسلخ أراض من دولة وضمها لأخرى، وتحديداً في زمن انتشرت فيه وسائل الإعلام، وزيادة مستوى الوعي ونسبة المتعلمين، لأنه في السابق كان الوجهاء يصنعون القرارات ويبدأ تطبيقها من دون مشاورة العامة، أما اليوم فأصبح هناك رأي عام عريض في عصر الثورة المعلوماتية وتقديس مفهوم الحرية".
ويخلص الصمد إلى تمسك أبناء طرابلس بنهائية الكيان اللبناني حيث تشكل نوعاً من العصبية الوطنية، وهم غير منجذبين إلى النموذج السوري السياسي، حيث لم يقدم الحكم في دمشق أي وجه من وجوه الإغراء على المستوى السياسي والاقتصادي أو الحريات منذ عام 1949، المعروف بـ"عام الانقلابات". ويقول إنه "في حال طرحنا على أهالي طرابلس والشمال بمختلف تياراتهم الانضمام إلى سوريا، ستعلن الغالبية الساحقة رفضها التخلي عن لبنان على رغم التغير المتمثل بسقوط نظام آل الأسد، وقد أصبحوا لبنانيين حتى العظم، لا يقبلون عن لبنانهم بديلاً على رغم العقوق الذي جوبهوا به في حقبات الانتداب والاستقلال، وما بعد الاستقلال وحتى الآن، إذ لم تقدم الحكومات المتتابعة إلى المناطق ما يجب عليها من المشاريع والخدمات والمغانم".
"فقاعة إعلامية"
بدأ السجال مع تسريبات إعلامية ادعت أن "الرئيس السوري أحمد الشرع طالب بمقايضة ضم طرابلس اللبنانية، لقاء التنازل عن أجزاء من الجولان السوري المحتل"، وقد زادت حدته مع تكرار بعض الشخصيات السورية الحديث عن "ضم مناطق ساحلية لبنانية لتأمين مرفأ لسوريا الداخلية في طرابلس أو صيدا". ما هي إلا أيام حتى اتضح فساد تلك الفرضيات، فمن جهة نقل مراسل "رويترز" في بيروت تيمور أزهري عن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك أن "فكرة سيطرة سوريا على مدينة طرابلس اللبنانية مقابل قبول السيطرة الإسرائيلية على الجولان لا أساس لها من الصحة".
يصنف الباحث السياسي صهيب جوهر الكلام عن ضم طرابلس إلى سوريا بـ"الفقاعة الإعلامية التي تفتقر إلى الصحة والجدية، وهي أقرب إلى الإشاعة"، معتقداً أن "ثمة طرفاً في لبنان، يمتهن حرف الأنظار، ويحاول الهرب من النقاش الجدي حول حصرية السلاح إلى طرح إشكالات كيانية وأمنية"، و"سبق أن حصلت مناوشات لبنانية - سورية بعد سقوط نظام الأسد ومحاولة السلطة الجديدة ضبط الحدود بين البلدين أمام المال والسلاح والمخدرات"، علاوة على "محاولة متكررة لخلق خطر لإخافة الأقليات في المنطقة لتبرير الاحتفاظ بالسلاح ضد إسرائيل وضد الطرف الآخر في سوريا".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
كما يشدد جوهر من منطلق تاريخي على فساد الطرح الراهن، لأن "طرابلس عبر التاريخ كانت تتمتع بالسيادة وتشكل ولاية مستقلة"، معتبراً أن "طرابلس ينضم إليها، ولا تنضم إلى أحد بسبب أهميتها الاستراتيجية على البحر المتوسط، وتفوقها على الداخل السوري بالأهمية والموقع الجيوسياسي المشرقي، وطبيعتها وعائلاتها ومكوناتها التعددية، وتصدير قيادات ومفكرين إلى المنطقة".
يناقش جوهر "عدم واقعية" تلك المسألة من منطلقات وأوجه عدة، موضحاً "أن النظام الجديد في سوريا مثقل بالأعباء والمشكلات التي يجب عليه حلها وتجاوزها قبل التفكير بالتوسع، فضلاً عن ضرورة استكماله تكوين السلطة ودمج الفصائل التي لا تقبل الانضمام إلى الفريق الحاكم، وتحدي التعاطي مع الأكراد والعلويين، واستعادة الجنوب السوري من تحت السيطرة الإسرائيلية".
أما على مستوى التكامل بين الشعبين، و"وجود رغبة لدى فريق لبناني لتأسيس دولة موسعة تشمل لبنان وسوريا انطلاقاً من بنى وطروحات فكرية معينة"، يجيب جوهر "لا تمثل تلك المطالبات أي أكثرية، وهي لا تمتلك أرضية أو تأييداً شعبياً واسعاً لدى السنة في لبنان، لأنهم يعيشون نمط حياة ولديهم خلفية اجتماعية وثقافية مختلفة عن تلك لدى السوريين، لأن لكل من الشعبين خصائصه وطباعه المدنية المختلفة"، كما أن "اللبناني لن يترك دولته ليطالب بالانضمام إلى كيان غير مكتمل العناصر وفي طور التكوين". وأضاف "من المفهوم قيام البعض بإبداء إعجابه بالتجربة التركية أو الإماراتية بسبب التجربة السياسية والعسكرية والنمو الاقتصادي والدور في المنطقة، أما تلك السورية فمن المبكر الحديث عن نجاحها أو الحديث عن الانضمام إليها".
تترافق تلك الأحاديث المتكررة عن "أخطار تحيط بنهائية الكيان انطلاقاً من طرابلس"، مع جهد إعلامي وسياسي للحديث عن "خلايا متطرفة نائمة تستعد للعمليات عندما تسنح الفرصة". ويأسف جوهر من أن "تعاطي الدولة اللبنانية مع طرابلس يقتصر على البعد الأمني، ولا يوجد أي اهتمام بالبعد المواطني والسياق الإنمائي والاجتماعي - الاقتصادي، وهو امتداد لنهج بدأ عام 1986 أي تاريخ دخول الجيش السوري بالقوة والسيطرة على المدينة". ولكن في المقابل، لم تنحز المدينة في أي مرحلة من المراحل إلى الخطاب التقسيمي، أو لطرح "داعش" على رغم عمل الماكينة الإعلامية الممانعة وحلفائها، و"شيطنة المدينة بدءاً من مرحلة الثورة السورية"، و"التهويل من قبل الطرف الخاسر في المنطقة". ويضيف "ينسى هؤلاء أن أكثرية الأجهزة الأمنية والجيش تنحدر من مدينة طرابلس والمدن الشمالية المحيطة بها، وهو خير دليل على تمسك أهلها بالدولة ومؤسساتها".
يبشر جوهر بوجود فرص تنموية تنتظر مدينة طرابلس، واهتمام غربي وخليجي بإقامة مشاريع، والاستثمار في المرافق العامة، والمرفأ والمنطقة الاقتصادية الحرة، و"لا بد من أن تنتظم الدولة في تلك المشاريع لدمج طرابلس في رؤية الإنماء المتوازن لجميع المناطق اللبنانية"، لأنه "غير مقبول أي تبعية مطلقة للدولة المركزية السورية".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الضربة الحاسمة أم حروب الإنهاك؟
الضربة الحاسمة أم حروب الإنهاك؟

Independent عربية

timeمنذ يوم واحد

  • Independent عربية

الضربة الحاسمة أم حروب الإنهاك؟

تلجأ الجيوش المنظمة إلى حروب الإنهاك العسكري حين يكون خيار الحسم السريع للحرب متعذراً. والإنهاك يعني إطالة أمد الحرب على نار هادئة عبر العقوبات والحصار الاقتصادي وربما الحصار العسكري أيضاً، وقد اتبعت جيوش الزمن القديم هذه الطريقة لدفع العدو إلى الاستسلام خصوصاً إذا ما كان محصناً جيداً ومهيئاً لحرب طويلة، فيكون حصاره من كل المنافذ. في عام 332 قبل الميلاد، وقف الإسكندر المقدوني وخلفه جيشه الهائل على الشاطئ يتأمل مدينة صور قلعة الفينيقيين صامدة في البحر كجزيرة حصينة لا تطالها السهام. لم يملك أسطولاً ضخماً، لكنه كان يملك الوقت والصبر والمثابرة. فأمر جنوده ببناء جسر ضخم يصل البر بالجزيرة، مستعيناً بأنقاض المدن المحيطة. استمر الحصار سبعة أشهر حتى انهارت أسوار صور أخيراً، فدخلها المقدوني. كانت هذه الحرب من أشرس حروب الإنهاك في ذلك الزمن. أي إنهاك صور المحاصرة، وإنهاك جيش المقدوني أثناء بنائه الجسر. أما سقوط بابل فجرى بالحسم ولم يكن هناك حاجة للإسكندر المقدوني بأن يمارس حرب الإنهاك، فبعد معركة غوغميلا تحطم قلب جيش داريوس الفارسي، فقررت بابل ألا تقاتل. كانت الحرب الحاسمة بضرب كل مقدرات العدو عبر هزيمة جيشه. في 1453، قرر محمد الفاتح ولا يزال شاباً حسم المعركة مع بيزنطة التي قاومت الغزاة لأكثر من 1000 عام، والتي صمدت أمام الفرس والعرب والمغول، والمنهكة اقتصادياً تمزقها الخلافات الدينية تمزقها من داخلها. ولكن رغم عديد جيش الفاتح بأكثر من 100 ألف جندي، ومدافعه الضخمة اضطر إلى حصار المدينة براً وبحراً وبعد 53 يوماً من القصف انهار جزء من السور، فدخل الجنود كالطوفان. أما نهايات الإمبراطورية الثمانية أوائل القرن الـ20 فلم تأت نهايتها بضربة واحدة، بل عبر استراتيجية إنهاك محكمة توجت بالثورة العربية الكبرى في عام 1916 التي دعمها البريطانيون لضرب خطوط الإمداد العثمانية، ثم في مرحلة ثانية عبر اتفاق سايكس بيكو في العام نفسه التي قسمت السلطنة قبل إعلان سقوطها النهائي. وفوق الإنهاك المالي والاقتصادي بواسطة الديون الأوروبية قدم الأوروبيون الدعم للحركات القومية في البلقان، وأطلقوا حصاراً اقتصادياً ودعم تمرد الأرمن وتفكيك الجيش بواسطة الحركات القومية التركية التي طمحت إلى بناء تركيا حديثة شبيهة بأوروبا. وبعد انتهاء الحرب العالمية الأولى كانت السلطنة قد ماتت ببطء، وبلا ضجيج عبر الإنهاك المدروس والمؤثر. حروب القرن الـ21 في حروب القرن الـ21 جرى اتباع طريقتي الحرب على السواء، أي الإنهاك الممتد والحسم العسكري السريع والمباشر. ولكن اختيار أي من النوعين في الحروب يتطلب ظروفاً معينة ويرتبط بالأهداف الاستراتيجية للحرب. هذا مع العلم أن حروب الإنهاك ليست أسلوباً مستقلاً بذاته، وليس له عقيدة رسمية أو استراتيجية ذات هيكلية في الجيوش، بل هو وصف لحالة الصراع بين جيشين متحاربين كوسيلة لدرء الحرب المباشرة والحد من الضحايا والخسائر لدى الطرفين. منذ الثمانينيات، شاع في الفكر العسكري الغربي أن الحسم العسكري هو أسلوب متخلف مقابل أسلوب المناورة والاختراق الذكي، وكما كتب المقدم المتقاعد آموس سي فوكس من الجيش الأميركي في مجلة المراجعة العسكرية عدد عام 2024، فإن الحسم العسكري أكثر تفضيلاً للجيوش ولكنه غير ممكن دوماً لأسباب كثيرة منها التضاريس وحجم العدو وقوته، وتوقيت الحرب والموارد وأنواع الأسلحة المستخدمة في الحرب. وبحسب هذه المؤشرات وغيرها من المؤشرات السياسية والدولية والهدف العام من الحرب تختار الدول أنواع الحروب التي تخوضها وبعضها يقوم على الإنهاك عبر حرب مديدة تقوم أولاً على الحصار الاقتصادي والعسكري والحرب الإعلامية والنفسية وغيرها، وإما تقوم على الحسم المباشر، لأن التاخير في إسقاط العدو قد يؤدي إلى مزيد من الضرر. وبرأي المقدم فوكس فإن الهدف من حروب الإنهاك هو إيقاع خسائر كبيرة بالعدو من دون أن تخسر مثلها، وهذا يجري بالتفوق بالموقع والموارد والقرار. وبرأيه فإن معظم الحروب عبر التاريخ لم تُحسم بضربة واحدة، بل عبر دفع العدو إلى التآكل بشكل مستمر لقوى العدو، كما فعل نابليون في حروبه الكثيرة وكذلك وسوفييت ستالينغراد، وكما فعلت الولايات المتحدة ولا تزال في استخدام الإنهاك في معاركها حول العالم والتي لم تتوقف منذ نهاية الحرب العالمية الأولى. ويقدم المحارب القديم في الجيش الأميركي والبرفيسور في الكليات العسكرية الأميركية اليوم أمثلة على معارك الحسم التي لم يكن الإنهاك ليؤدي إلى نتيجة فيها، ومنها معركة الموصل بين عامي 2016 و2017 التي كانت حرب تدمير موقعية كلاسيكية، حيث لم يكن ممكناً الهرب من الاشتباك المباشر، وكذلك معركة الرمادي في عام 2015 التي سميت معارك التدمير التدريجي للعدو، التي لا تقع فيها مناورات بل يجري سحق العدو بطريقة منهجية. أما في الحرب الأوكرانية فقد لجأت روسيا في معارك باخموت وماريوبول بين عامي 2022 و2023 إلى التخفيف من خسائرها بالاعتماد على الميليشيات مثل "فاغنر" كأدوات إنهاك خصوصاً أن الحسم المباشر للمعارك لم يكن ممكناً بسبب الدعم الغربي الهائل لأوكرانيا بالسلاح. ويدعو البرفسور فوكس إلى تجاوز النزعة الرومانسية للحسم السريع، والاعتراف بأن الإنهاك هو وسيلة ضرورية ومشروعة في أي حرب هدفها التقليل من الخسائر الجانبية. الحروب لا تُربح دوماً بالحركة السريعة، بل غالباً ما تُربح بالثبات والتدمير المدروس والنَفس الطويل، وبرأيه فإنه من واجب الجيوش اليوم أن تستثمر في هذا الفهم الجديد للحرب، لا أن تهرب منه. الإنهاك شكل من أشكال الحرب؟ يعترض منظرون عسكريون كثر على كون الإنهاك شكل من أشكال الحرب لأنه في السياق العسكري فإن إعطاء أي حرب تعريفاً معيناً يفترض وجود بنية معرفية متماسكة ومجموعة من العمليات والتكتيكات المرتبطة بها. هذه الأفكار أي المعرفة والعمليات والتكتيكات قد تتطور مؤسسياً داخل جيش نظامي، أو تظهر عضوياً على يد منظر يعمل خارج المؤسسة. وبرأي هؤلاء فإن أي مراجعة شاملة للمصادر الغربية المفتوحة حول الاستراتيجية العسكرية والعقيدة تفشل في تحديد أي صياغة متماسكة لما يُسمى بحرب الإنهاك. أي إنه لا توجد مؤسسة عسكرية غربية تمتلك استراتيجية واضحة للإنهاك، أو مفهوماً عملياً قائماً عليه، أو إطاراً عقائدياً يعالج تكتيكاته المرتبطة. اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) أقرب ما يمكن أن تجده في عقيدة الجيش الأميركي يشير إلى التكتيكات ذات الطابع الإنهاكي هي العملية الشاملة التي تهدف إلى تفكيك أو تدمير العدو عبر الجمع بين النيران والحركة. تُستخدم هذه الهجمات لعزل العدو ومنعه من المناورة، مما يجعله عرضة للتطويق أو التدمير. ويستنتج منظرون عسكريون بأن مصطلح "الإنهاك" لا يشير إلى شكل أو نمط من أنماط الحرب، بل إلى بيئة يكون فيها التدمير البطيء هو الوسيلة المتبعة. وعند آخرين هو العكس تماماً أي إن الإنهاك في الحرب هي صفة تُستخدم لتوصيف صراعات أو معارك أو عمليات يكون فيها القتال قائماً على التدمير بدرجة عالية، ويكون أحد الطرفين يوجه خسائر فادحة للطرف الآخر. ويختم المقدم المتقاعد آموس سي فوكس بحثه حول نوعي الحرب باعتبار الإنهاك توصيف يستخدم لإضفاء معنى على الاشتباكات والمعارك والحملات والعمليات والحروب التي يكون فيها الضرر مرتفعاً لطرف بخسائر أقل للطرف الآخر. وهنا يفتقر الإنهاك إلى بنية معرفية متماسكة ومجموعة تطبيقات عملية مقبولة تسمح باعتباره شكلاً من أشكال الحرب. ويقول إنه يجب استبدال مصطلح إنهاك إلى مصطلح "الحرب بالتدمير الموجه وفي مثل هذا النوع من الحروب، وفي بعض الحالات يكون مجرد التهديد بتدمير جيش العدو، يرسل الإشارة إلى صانعي القرار المعادين للجلوس إلى طاولة المفاوضات. الحسم هو السعي إلى تحقيق نصر سريع وحاسم عبر ضربة واحدة أو حملة محدودة زمنياً، تقضي على قدرات العدو أو تجعله يرضخ سياسياً. هذا النمط يرتبط بنظرية كارل فون كلاوزفيتز في كتابه "عن الحرب"، حين قال إن الغاية من الحرب "إجبار الخصم على تنفيذ إرادتنا"، وعد أن أفضل وسيلة لتحقيق هذا هي تدمير مركز ثقله أما الإنهاك فهو أسلوب يستهدف استنزاف العدو تدريجاً، ليس من خلال تدمير قواته فوراً، بل من خلال إنهاك موارده ومعنوياته وقدرته على التحمل، حتى يصل إلى لحظة الانهيار أو التراجع. الباحث العسكري البريطاني روبرت سميث في كتابه "فائدة القوة" يصف هذا الأسلوب بأنه الأكثر شيوعاً في الحروب الحديثة التي يصعب فيها تحديد نصر نهائي.

هل كانت طرابلس جزءا من سوريا قبل عام 1920؟
هل كانت طرابلس جزءا من سوريا قبل عام 1920؟

Independent عربية

timeمنذ 2 أيام

  • Independent عربية

هل كانت طرابلس جزءا من سوريا قبل عام 1920؟

تثير تسمية "طرابلس الشام" التباساً في ذهن المتلقي، حتى يخال للوهلة الأولى أن عاصمة شمال لبنان هي جزء "سلخ" عن سوريا على غرار ما حصل مع أجزاء أخرى منها كـ"لواء الإسكندرون" الذي ضم إلى تركيا، إلا أن الحقيقة التاريخية هي خلاف ذلك، إذ شكلت ولاية طرابلس كياناً إدارياً وسياسياً مستقلاً عن بقية الولايات في المشرق العربي، وعن تلك التي شكلت العمود الفقري للجمهورية السورية في أعقاب معاهدة سايكس بيكو، لا بل إن بعض أجزاء ولاية طرابلس، انتزعت منها وضمت إلى دولة العلويين ومن ثم سوريا الحالية. تاريخياً استخدم المؤرخون لقب "طرابلس الشام" لتمييزها عن طرابلس الغرب، تلك المدينة الواقعة في ليبيا شمال أفريقيا، إلا أن ضرورات "الإثارة الإعلامية" طرحت إشكالية علاقة طرابلس بسوريا من جديد، وهي امتداد لما كان يطرح في عهد نظام البعث حول "المحافظة السورية رقم 14" والمقصود بها ضم لبنان. فقد أشاعت قنوات إسرائيلية أنباء عن "طبخة" تشارك فيها قوى كبرى، يحصل بموجبها نظام الشرع في سوريا الجديدة على طرابلس اللبنانية، لقاء تنازله عن الجولان المحتل. وما عزز من هذه الأفكار مرة جديدة، ما قاله الموفد الأميركي إلى سوريا ولبنان توم باراك قبل ساعات في سياق تطرقه إلى الوضع اللبناني، وما جاء في كلامه "لديكم إسرائيل من جهة، وإيران من جهة أخرى، والآن بدأت سوريا تظهر بقوة وسرعة، وإذا لم يتحرك لبنان، فسيعود ليصبح بلاد الشام من جديد". دولة لبنان الكبير يشكل هذا الطرح مساساً بالقرار رقم 318 الذي أصدره الجنرال غورو في الـ31 من أغسطس (آب) 1920، بتحديد دولة لبنان الكبير. وجاء في المادة الأولى "ينشأ تحت اسم لبنان الكبير قطر يحوي مقاطعة لبنان الإدارية: لبنان الصغير أي جبل لبنان الخاضع لحكم متصرفية 1861، وأقضية بعلبك والبقاع وراشيا وحاصبيا، وأقسام ولاية بيروت التي تضم سنجق صيدا ما عدا الجزء الذي منح لفلسطين بموجب الاتفاقات الدولية. وسنجق بيروت، وقسم من سنجق طرابلس الذي يشمل قضاء عكار جنوبي النهر الكبير، وقضاء طرابلس (مع مديريتي دنيا ومنيا) وجزء من قضاء حوش الأكراد الواقع جنوب تخوم لبنان الكبير الشمالية". ومن اللافت للأنظار ما أشار إليه القرار بـ"قسم من سنجق طرابلس"، وهو ما يفهمه الباحث عندما يطلع على القرار 319 بتحديد مقاطعة العلويين الذي أورده وليد المعلم في كتاب "سوريا الطريق إلى الحرية 1916- 1946"، وضمت سنجق اللاذقية، وأجزاء من سنجق طرابلس غير المشمولة في القرار 318 القاضي بإعلان دولة لبنان الكبير، وقضاء مصياف. تشويه للتاريخ شكل طرح "سلخ طرابلس عن لبنان وضمها إلى سوريا" صدمة للرأي العام اللبناني والطرابلسي، لا بل إنه بعث من جديد بعض "العصبيات" والنعرات بين أبناء البلدين المتجاورين، واستعادة مقولة "لكل مكنا دولته وخصوصيته"، و"نفضل البقاء في لبنان على رغم جميع مصائبه". في المقابل لم تمانع فئة من المواطنين ذلك لأنه وحسب اعتقادهم "فشلت صيغة لبنان الكبير فشلاً ذريعاً، ولم تؤمن انصهار أبنائها ضمن الدولة المحدودة المساحة". بين هذا وذاك، تبقى الكلمة الفصل للتاريخ، وتحديد موقع طرابلس في قلب المشرق العربي، حيث يستعرض المؤرخ اللبناني قاسم محمد الصمد تاريخ مدينة طرابلس الشام في ظل الفتح العربي وما بعده "فهي منذ العهد الأموي ومن ثم العباسي، والدول الإسلامية غير العربية أي السلجوقية والأيوبية، أو المملوكية أو العثمانية، جرى إرساء تقسيم لولايات شرق البحر المتوسط، وما يعرف ببلاد الشام من حدود الأناضول إلى تبوك في شمال الجزيرة العربية، وقسمت إلى ثلاث ولايات رئيسة: ولاية دمشق، وولاية حلب، وولاية طرابلس". الحديث عن ضم طرابلس إلى سوريا "فقاعة إعلامية تفتقر إلى الصحة والجدية (اندبندنت عربية) ويوضح الصمد، "كانت ولاية حلب تسود الشمال السوري إلى عمق الأناضول أي أجزاء من تركيا الحالية، وكانت تعتبر أحد أهم الولايات من الناحية الاقتصادية"، و"أما ولاية دمشق فكانت تتبع سوريا الداخلية، ولا إطلالة لها على الساحل". ويجزم أن "الساحل كان حكراً على ولاية مهمة تدعى ولاية طرابلس التي كانت تكاد تحتكر سواحل شرق البحر المتوسط من لواء الإسكندرون وشمال اللاذقية إلى فلسطين"، وكان يجب انتظار عام 1660 لتأسيس ولاية صيدا إلى جانب الولايات السابقة، ثم استحدثت ولاية بيروت عام 1888 بعد إلغاء ولاية طرابلس وتحويلها إلى لواء في أعقاب انسحاب الجيش المصري المعروف بجيش محمد علي وابنه إبراهيم من بلاد الشام عام 1840، وامتدت ولاية بيروت من نابلس وصفد في فلسطين جنوباً، إلى اللاذقية والإسكندرون شمالاً. السيطرة الطرابلسية تمتعت طرابلس بـ"الامتداد"، والتأثير في مساحات واسعة، وكانت في مرحلة الانحسار تمتد من منطقة المعاملتين في ساحل جبل لبنان الحالي، إلى شمال اللاذقية في سوريا. يؤكد الدكتور قاسم الصمد أن "والي طرابلس كان يلزم مهمة جباية الضرائب لوجهاء المناطق في بلاد جبيل الساحلية والجبلية، وفي بلاد البترون، وبلاد الكورة، وبلاد جبة بشري، وبلاد الزاوية، وبلاد الضنية، وبلاد عكار، وفي فترة ما بلاد حمص وحماة قبل أن تسلخ عن ولاية طرابلس، إضافة إلى اللاذقية". ينطلق الصمد من مسلمة تاريخية وهي أنه لم تكن طرابلس والضنية وعكار جزءاً من سوريا في أي حقبة من حقبات التاريخ، ولم تسلخ عن كيان قائم الوجود لأنه لم يكن هناك مملكة سورية، أو جمهورية سورية تضم تلك المناطق، ولم يحصل أن كانت طرابلس جزءاً من ولاية دمشق مطلقاً"، معتبراً أن ما أرسي في اتفاقات مثل سايكس بيكو يشي بأن أجزاء من ولاية طرابلس سلخت عنها وضمت إلى سوريا الجديدة، والعكس صحيح. يشكك الصمد في نيات من يطرح "سلخ طرابلس عن لبنان"، لأنه ينطلق من خلفيات سياسية وليس حقائق تاريخية، لأن طرابلس والشريط الساحلي هو أساس كيان لبنان، لأن جبل لبنان كان ضمن إشعاع ولاية طرابلس. من جهة أخرى ينوه الصمد بأنه بعد سايكس بيكو وإعلان الدويلات في سوريا، كان هناك دولة علوية، ودولة مسيحية، ودولة درزية، ودولتان سنيتان واحدة في حلب وأخرى في دمشق، لأنه "أبناء دمشق كانوا يرفضون الالتحاق بدولة حلب والعكس صحيح، لأن كل دولة تعتبر أنها صاحبة موقع ودور مركزي، فمن ناحية تعد دمشق أقدم عاصمة في التاريخ، في المقابل، فإن حلب أهم مدينة اقتصادية في شرق المتوسط". يتحدث قاسم الصمد عن "ظلم تعرضت له طرابلس"، منذ منتصف القرن الـ19، حين بدأ إعطاء الأولوية لبيروت، إثر شق "طريق الشام" من بيروت التي كانت تحتضن الوكالات التجارية الفرنسية إلى دمشق حيث كانت القنصليات الأجنبية والأوروبية، وقد ترافق هذا الأمر مع انتقال كثير من موارنة الجبل إلى بيروت إثر الصدامات المتكررة مع الدروز، وهو ما أعطى المدينة بعداً مميزاً بسبب ثقافتهم وتعليمهم وقدراتهم الاقتصادية، وعلاقاتهم السياسية المتقدمة مع أوروبا وفرنسا والنمسا. طرابلس في قلب لبنان الكبير في الأول من سبتمبر (أيلول) 1920، أعلن الجنرال غورو دولة لبنان الكبير، التي خضعت للانتداب الفرنسي. وهنا ينفي الصمد ما يشاع بصورة متكررة عن "موقف طرابلسي سلبي من الدولة الجديدة"، مشيراً إلى انقسام في نسيج المدينة بين قسم رافض للكيان الجديد، ومطالب بالوحدة مع سوريا، ويتقدمه عبدالحميد كرامي، ويقابله فريق أصر على القبول بلبنان الكبير، وشارك في الحياة السياسية، وأسهم في وضع الدستور في 1926، إذ قاد الشيخ محمد الجسر مدير المعارف والعدلية هذا التوجه، ليصبح لاحقاً رئيساً لمجلس الشيوخ، ثم رئيساً لمجلس النواب، وكاد ينتخب رئيساً للجمهورية عام 1932 لولا تعليق الدستور. ويضيف الصمد "تمثلت طرابلس في استمرار بمجلس إدارة لبنان الكبير في 1920، والمجلس التمثيلي في 1922 و1925، ومجلس النواب عام 1929 وما بعده، وصولاً إلى انتخاب شفيق كرامي وراشد المقدم نائبين عن طرابلس في 1937. وشاركت العائلات الطرابلسية الكبرى في المشهد السياسي، من آل علم الدين والجسر والمقدم وعدرة وأديب عبدالواحد، وغيرها، ممن تمسك بعدم تبني مواقف سلبية من الدولة الراعية". ولا يستبعد أن "المدينة دفعت ثمن إضفاء الصور النمطية على طرابلس، وما أعلنته بعض الزعامات الطرابلسية تجاه الدولة اللبنانية، والمطالبة باللحاق بسوريا في وقت كان السوريون يوقعون اتفاقية مع فرنسا في 1936، وهو ما ولد إحباطاً في نفوس أنصار الوحدة"، لافتاً الانتباه إلى أن "اتفاق حبي بين الشيخين عبدالحميد كرامي ومحمد الجسر جرى على أن يأخذ كل منهما طرفاً وفق قناعاته الشخصية، وأن تأخذ اللعبة السياسية مداها واحترام طروحاتها التعددية". كما يذكر الدكتور الصمد بأنه "عندما جاء سعيد العاص إلى جبال الضنية ظاناً أنها ستثور إلى جانب الثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين، فصدم أنه لم يقف جانبه أحد من زعماء الضنية من آل رعد والفاضل، أو الوجهاء، إلا قلة قليلة، وإلا لكانت الثورة صمدت لفترة أطول"، وفي "المعركة الفاصلة في يونيو (حزيران) 1926، وجد نفسه وحيداً على تلال كفرحبو – إحدى قرى الضنية شمال لبنان، في مواجهة الجيش الفرنسي، لا بل إن القسم الأكبر من أبناء بخعون وبقية قرى الضنية كان قد نزح إلى المنية على ساحل المتوسط". المقايضة المستحيلة يعتقد المؤرخ قاسم الصمد أنه "لا يتوفر أي إمكان للمقايضة بين الجولان وطرابلس"، موضحاً أن "الجولان يشكل منذ القدم جزءاً من سوريا، ولكن لم تكن طرابلس أو الضنية أو عكار في يوم من الأيام جزءاً منها، لذا لا يمتلك أحد حق المقايضة بين المنطقتين، وهو كلام فيه كثير من الخفة. ويضيف "لا أحد يمتلك الحق والصفة بسلخ أراض من دولة وضمها لأخرى، وتحديداً في زمن انتشرت فيه وسائل الإعلام، وزيادة مستوى الوعي ونسبة المتعلمين، لأنه في السابق كان الوجهاء يصنعون القرارات ويبدأ تطبيقها من دون مشاورة العامة، أما اليوم فأصبح هناك رأي عام عريض في عصر الثورة المعلوماتية وتقديس مفهوم الحرية". ويخلص الصمد إلى تمسك أبناء طرابلس بنهائية الكيان اللبناني حيث تشكل نوعاً من العصبية الوطنية، وهم غير منجذبين إلى النموذج السوري السياسي، حيث لم يقدم الحكم في دمشق أي وجه من وجوه الإغراء على المستوى السياسي والاقتصادي أو الحريات منذ عام 1949، المعروف بـ"عام الانقلابات". ويقول إنه "في حال طرحنا على أهالي طرابلس والشمال بمختلف تياراتهم الانضمام إلى سوريا، ستعلن الغالبية الساحقة رفضها التخلي عن لبنان على رغم التغير المتمثل بسقوط نظام آل الأسد، وقد أصبحوا لبنانيين حتى العظم، لا يقبلون عن لبنانهم بديلاً على رغم العقوق الذي جوبهوا به في حقبات الانتداب والاستقلال، وما بعد الاستقلال وحتى الآن، إذ لم تقدم الحكومات المتتابعة إلى المناطق ما يجب عليها من المشاريع والخدمات والمغانم". "فقاعة إعلامية" بدأ السجال مع تسريبات إعلامية ادعت أن "الرئيس السوري أحمد الشرع طالب بمقايضة ضم طرابلس اللبنانية، لقاء التنازل عن أجزاء من الجولان السوري المحتل"، وقد زادت حدته مع تكرار بعض الشخصيات السورية الحديث عن "ضم مناطق ساحلية لبنانية لتأمين مرفأ لسوريا الداخلية في طرابلس أو صيدا". ما هي إلا أيام حتى اتضح فساد تلك الفرضيات، فمن جهة نقل مراسل "رويترز" في بيروت تيمور أزهري عن المبعوث الأميركي إلى سوريا توم براك أن "فكرة سيطرة سوريا على مدينة طرابلس اللبنانية مقابل قبول السيطرة الإسرائيلية على الجولان لا أساس لها من الصحة". يصنف الباحث السياسي صهيب جوهر الكلام عن ضم طرابلس إلى سوريا بـ"الفقاعة الإعلامية التي تفتقر إلى الصحة والجدية، وهي أقرب إلى الإشاعة"، معتقداً أن "ثمة طرفاً في لبنان، يمتهن حرف الأنظار، ويحاول الهرب من النقاش الجدي حول حصرية السلاح إلى طرح إشكالات كيانية وأمنية"، و"سبق أن حصلت مناوشات لبنانية - سورية بعد سقوط نظام الأسد ومحاولة السلطة الجديدة ضبط الحدود بين البلدين أمام المال والسلاح والمخدرات"، علاوة على "محاولة متكررة لخلق خطر لإخافة الأقليات في المنطقة لتبرير الاحتفاظ بالسلاح ضد إسرائيل وضد الطرف الآخر في سوريا". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) كما يشدد جوهر من منطلق تاريخي على فساد الطرح الراهن، لأن "طرابلس عبر التاريخ كانت تتمتع بالسيادة وتشكل ولاية مستقلة"، معتبراً أن "طرابلس ينضم إليها، ولا تنضم إلى أحد بسبب أهميتها الاستراتيجية على البحر المتوسط، وتفوقها على الداخل السوري بالأهمية والموقع الجيوسياسي المشرقي، وطبيعتها وعائلاتها ومكوناتها التعددية، وتصدير قيادات ومفكرين إلى المنطقة". يناقش جوهر "عدم واقعية" تلك المسألة من منطلقات وأوجه عدة، موضحاً "أن النظام الجديد في سوريا مثقل بالأعباء والمشكلات التي يجب عليه حلها وتجاوزها قبل التفكير بالتوسع، فضلاً عن ضرورة استكماله تكوين السلطة ودمج الفصائل التي لا تقبل الانضمام إلى الفريق الحاكم، وتحدي التعاطي مع الأكراد والعلويين، واستعادة الجنوب السوري من تحت السيطرة الإسرائيلية". أما على مستوى التكامل بين الشعبين، و"وجود رغبة لدى فريق لبناني لتأسيس دولة موسعة تشمل لبنان وسوريا انطلاقاً من بنى وطروحات فكرية معينة"، يجيب جوهر "لا تمثل تلك المطالبات أي أكثرية، وهي لا تمتلك أرضية أو تأييداً شعبياً واسعاً لدى السنة في لبنان، لأنهم يعيشون نمط حياة ولديهم خلفية اجتماعية وثقافية مختلفة عن تلك لدى السوريين، لأن لكل من الشعبين خصائصه وطباعه المدنية المختلفة"، كما أن "اللبناني لن يترك دولته ليطالب بالانضمام إلى كيان غير مكتمل العناصر وفي طور التكوين". وأضاف "من المفهوم قيام البعض بإبداء إعجابه بالتجربة التركية أو الإماراتية بسبب التجربة السياسية والعسكرية والنمو الاقتصادي والدور في المنطقة، أما تلك السورية فمن المبكر الحديث عن نجاحها أو الحديث عن الانضمام إليها". تترافق تلك الأحاديث المتكررة عن "أخطار تحيط بنهائية الكيان انطلاقاً من طرابلس"، مع جهد إعلامي وسياسي للحديث عن "خلايا متطرفة نائمة تستعد للعمليات عندما تسنح الفرصة". ويأسف جوهر من أن "تعاطي الدولة اللبنانية مع طرابلس يقتصر على البعد الأمني، ولا يوجد أي اهتمام بالبعد المواطني والسياق الإنمائي والاجتماعي - الاقتصادي، وهو امتداد لنهج بدأ عام 1986 أي تاريخ دخول الجيش السوري بالقوة والسيطرة على المدينة". ولكن في المقابل، لم تنحز المدينة في أي مرحلة من المراحل إلى الخطاب التقسيمي، أو لطرح "داعش" على رغم عمل الماكينة الإعلامية الممانعة وحلفائها، و"شيطنة المدينة بدءاً من مرحلة الثورة السورية"، و"التهويل من قبل الطرف الخاسر في المنطقة". ويضيف "ينسى هؤلاء أن أكثرية الأجهزة الأمنية والجيش تنحدر من مدينة طرابلس والمدن الشمالية المحيطة بها، وهو خير دليل على تمسك أهلها بالدولة ومؤسساتها". يبشر جوهر بوجود فرص تنموية تنتظر مدينة طرابلس، واهتمام غربي وخليجي بإقامة مشاريع، والاستثمار في المرافق العامة، والمرفأ والمنطقة الاقتصادية الحرة، و"لا بد من أن تنتظم الدولة في تلك المشاريع لدمج طرابلس في رؤية الإنماء المتوازن لجميع المناطق اللبنانية"، لأنه "غير مقبول أي تبعية مطلقة للدولة المركزية السورية".

تنويعات على موسيقى الشرق الأوسط القديم
تنويعات على موسيقى الشرق الأوسط القديم

Independent عربية

time٠٤-٠٧-٢٠٢٥

  • Independent عربية

تنويعات على موسيقى الشرق الأوسط القديم

تعددت الأصوات الداعية إلى شرق أوسط جديد. وهي ترتفع عادة خلال الحروب وبعد توقفها، ثم تذهب مع الريح. كثيرها يركز على تحولات استراتيجية وجيوسياسية، وقليلها يلفت الأنظار إلى التنمية والتكنولوجيا والتقدم كضمان حقيقي للمستقبل. لكن الواقع أن الدعوات الماضية والمتجددة بعد حرب إسرائيل في غزة ولبنان ثم على إيران، هي تنويع على موسيقى الشرق الأوسط القديم. فما تغير على مدى 100 عام من الصراعات والحروب هو الأنظمة داخل البلدان، لا حدود البلدان الصامدة منذ اتفاق سايكس بيكو خلال الحرب العالمية الأولى، على رغم الدعوات إلى كسر تلك الحدود. المتغير الجدي الوحيد الذي حدث كان الوحدة الاندماجية بين مصر وسوريا في إطار الجمهورية العربية المتحدة التي بدأت عام 1958، وجرى إسقاطها عام 1961 بانقلاب عسكري في "الإقليم الشمالي". ولم يكن باتريك سيل مؤلف "الصراع على سوريا" يبالغ عندما كتب أن الجمهورية العربية المتحدة صارت "مقبرة فكرة الوحدة". وحدة لإنهاء أية وحدة. ذلك أن شمعون بيريس افتتح موسم الدعوات بعد اتفاق أوسلو وحتى قبله إلى "الشرق الأوسط الجديد" الذي يعكس التكامل الاقتصادي بين العرب وإسرائيل، والشراكة بين "الرأسمال والعقل". وبعد الغزو الأميركي للعراق وأفغانستان وحرب 2006 بين "حزب الله" وإسرائيل، رأت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس "ولادة الشرق الأوسط الجديد"، قبل أن تكتشف أن ما تراه هو سراب. المرشد الإيراني علي خامنئي تحدث عن "الشرق الأوسط الإسلامي" رداً على مشروع الشرق الأوسط الأميركي، ثم اصطدم بخسارة النفوذ و"الجسر" في سوريا، وتوسع إسرائيل في لبنان وسوريا بعد حرب غزة ولبنان والضربة الإسرائيلية الأميركية القوية لإيران. وبحسب دانا سترول في مقال نشرته "فورين أفيرز" تحت عنوان "الطريق الضيق إلى شرق أوسط جديد"، فإن هناك الآن فرصة حقيقية لوضع الشرق الأوسط على طريق مختلف، وإذا ضاعت الفرصة فلن تعود لأجيال"، لكن ما ركز المقال عليه هو "عملية سياسية" مع إيران، ليست سوى ورقة في ملف معقد ومكتظ بالأوراق في المنطقة، ولا سيما بعد حرب إسرائيل وأميركا على إيران. سوزان مالوني دعت إلى "مطابقات صعبة وأكثر تعقيداً من مهاجمة إيران وأذرعها"، بينها "صفقة عصر حقيقية وأفق سياسي" وإعادة بناء الضفة الغربية وغزة ولبنان، مع "تنازلات في برنامج إيران النووي وتخفيف ارتكاباتها الإقليمية". وهناك من دعا، مثل ماريا فانتامي وولي نصر إلى "ترتيب إقليمي، معاهدة دفاعية بين أميركا والسعودية، وتركيز على قضية فلسطين". اقرأ المزيد يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field) لكن من الوهم الحديث عن شرق أوسط جديد من دون العمل على رؤية شاملة لإيجاد حلول للأزمات التاريخية والصراعات الجديدة. وفي البدء لا بد من تفاهم دولي فعلي بين أميركا وروسيا والصين. فلا أميركا وحدها تستطيع حتى تسوية الصراع العربي-الإسرائيلي. ولا روسيا وحدها قادرة على ما هو أكثر من الحفاظ على قاعدتين عسكريتين في حميميم وطرطوس للقول إن لها دوراً في المنطقة. ولا الصين وحدها تقدم سوى مزيد من التعاون الاقتصادي والتجاري عبر مشروع "الحزام والطريق". ومع التفاهم الدولي، فإن الحاجة إلى حد أدنى من الواقعية الإقليمية بالنسبة إلى الطموحات والمشاريع الكبيرة. والسجل حافل إذا كانت اللعبة جدية في تطبيق الرؤية الشاملة، تسوية واقعية للقضية الكردية، وإقامة دولة فلسطينية في إطار "حل الدولتين"، وإنهاء الهيمنة الإيرانية على اليمن والعراق ولبنان، وإخراج الاحتلال الإسرائيلي من لبنان وسوريا، وانسحاب القوات التركية من سوريا والعراق وليبيا وإعادة إعمار الشرق الأوسط بكلفة تقدرها الأمم المتحدة ما بين 350-650 مليار دولار. فضلاً عن مهمة بالغة الأهمية والحساسية هي إنهاء الصراع على سوريا، ومساعدة دمشق في إقامة نظام يعكس التنوع في المجتمع السوري. فالاستقرار في سوريا هو حجر الأساس في استقرار المنطقة، وازدهار لبنان وسوريا هو المناخ الضروري لازدهار دول عربية عدة، بعد الخطوات السريعة والمهمة لدول الخليج بقيادة السعودية على طريق الازدهار والتقدم والدخول الجدي في عصر التكنولوجيا. ومن دون كل ذلك، فإن الشرق الأوسط الجديد يبقى شعاراً تطرحه قوى مختلفة لأهداف متناقضة. أما الشرق الأوسط القديم، فإنه يستمر في المعاناة وازدياد الأزمات ونقص التسويات، وسط محاولات التغول الإقليمي على المسرح العربي. وما من شرق أوسط جديد من دون حضور عربي قوي ودور عربي كبير في إدارة "منتدى أمني للشرق الأوسط"، تدعو إليه داليا داسا وسنام وكيل. ومن الخطر أن يستمر الوضع الذي وصف جانباً منه الرئيس باراك أوباما بالقول، تعاملت مع رئيس وزراء إسرائيلي "ملاكم" ورئيس فلسطيني "بلا أسنان".

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store