logo
ماذا يحمل بزشكيان في جعبته إلى قمة إيكو بأذربيجان؟

ماذا يحمل بزشكيان في جعبته إلى قمة إيكو بأذربيجان؟

الجزيرةمنذ 12 ساعات
طهران- في أول زيارة خارجية له منذ الحرب الإسرائيلية، التي استمرت 12 يوما على بلاده، قام الرئيس الإيراني مسعود بزشكيان ، اليوم الجمعة، بزيارة رسمية إلى مدينة خانكندي الأذربيجانية للمشاركة في القمة الـ17 لمنظمة التعاون الاقتصادي (إيكو).
وتأتي زيارة بزشكيان بعد مرور أسبوع على محادثته الهاتفية مع نظيره إلهام علييف ، ومطالبته بالتحقيق في ما قال إنها هجمات من مسيّرات إسرائيلية على إيران عبر أجواء أذربيجان، مؤكدا ضرورة إجراء تحقيق دقيق وموثوق في هذه المزاعم، التي إن صحت، فإنها "تمثل انتهاكا خطيرا للسيادة الإيرانية من خلال استغلال المجال الجوي لدولة مجاورة".
ورغم أن وكالة "ترند" الأذربيجانية قد نشرت خبرا عن عزم بزشكيان المشاركة في هذه القمة قبل أيام، فإن السلطات الإيرانية لم تؤيد الخبر حينها، كما أن الصحافة الفارسية -بما فيها وكالة إرنا الرسمية- نشرته نقلا عن الصحافة الأذربيجانية، قبل أن تنشر خبرا بحلول ظهر اليوم عن "وصول بزشكيان إلى خانكندي".
فرصة
ونقلت "إرنا" عن بزشكيان قوله إن القمة تمثل "فرصة لتبادل وجهات النظر حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، فضلا عن خلق مجالات للتعاون المشترك في إطار المصالح الإقليمية"، مضيفا -في تصريحات قبيل مغادرته طهران- أن "جشع الأعداء في خلق حالة من انعدام الأمن سيتضاءل مع تزايد التنسيق والتعاون بين دول المنطقة".
وبعد لقاءات سريعة عقدها مع عدد من نظرائه على هامش القمة، ركز خطاب بزشكيان في قمة "إيكو" على إدانة العدوان الإسرائيلي، ورؤية طهران الاقتصادية لهذا التكتل الاقتصادي، موضحا أن العدوان بدأ "بمخالفة صريحة للمادة 2 من ميثاق الأمم المتحدة وتم بتنفيذ مشترك مع القوات الأميركية".
وفي حين أشار إلى أن القوات المسلحة الإيرانية التزمت بالدفاع المشروع وفق المادة 51 من الميثاق الأممي، أكد أن دفاع بلاده المشروع "قدّم درسا للمعتدين وحمى المنطقة من توسع النزاع"، في حين تجنب التصريح المباشر بشأن المزاعم بفتح الأجواء الأذربيجانية للطائرات الإسرائيلية، لكنه أكد أن "زيادة التنسيق الإقليمي تقلل طمع الأعداء في زرع الفوضى"، ساعيا لتحويل الأزمة إلى فرصة من خلال دعوته دول "إيكو" لتعزيز "المناعة الجماعية" ضد الصدمات المستقبلية.
من ناحيته، قرأ عطا تقوي أصل -أستاذ الجغرافيا السياسية- عدم الإعلان المسبق عن مشاركة بزشكيان في سياق عدم اتخاذ القرار النهائي حتى قبيل الزيارة بسبب أولويات البلاد، وذلك رغم حرص طهران على المشاركة بمستويات رفيعة في قمم هذا التكتل كونها من الأعضاء الأساسيين فيه.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح تقوي أصل أن طهران سجلت اعتراضا دبلوماسيا حيال سلوك باكو من خلال عدم المناورة الإعلامية على زيارة بزشكيان إلى أذربيجان ، مشيرا إلى أن نبرة خطاب الرئيس الإيراني تحمل عتبا حول تعاون باكو مع تل أبيب خلال السنوات الماضية إلى جانب الغموض الذي لايزال يلف المزاعم بشأن التعاون بينهما إبان العدوان الأخير.
وبرأي تقوي أصل، فإن الزيارة تحمل دلالات مهمة جدا، موضحا أنه رغم استمرار التحقيقات الإيرانية بشأن ضلوع بعض الدول الجارة في العدوان الإسرائيلي، فإن قرار طهران إجراء هذه الزيارة المخطط لها مسبقا يدل على انتهاجها الدبلوماسية لحلحلة الخلافات وتحييد مخاطرها في سياق المصالح الوطنية، بدلا من تبني طرق أخرى قد تزيد الطين بلة في علاقات الدول، وهذا ما نلمسه في ملف المفاوضات مع واشنطن.
ووفق المتحدث نفسه، فإن بزشكيان حرص على تحويل حديثه -الذي بدأه بلفت الانتباه إلى خطر العدوان الأجنبي- إلى الآليات الإقليمية لمواجهة التحديات بما فيها الأمنية والاقتصادية، حيث قدّم مشاريع ملموسة تعكس رؤية إيران لمنظمة إيكو، وذلك من خلال الاعتراف بعدم تحقيقها أهدافها في العام الأخير من رؤيتها لعام 2025، ومطالبته بضرورة مراعاة بعض الجوانب في صياغة رؤية 2035.
وتابع الأكاديمي تقوي أصل أن الرئيس الإيراني يحمل في جعبته أجندة واضحة لتحويل منظمة "إيكو" إلى كتلة اقتصادية رقمية منافسة، باستغلال الفراغ الجيوسياسي في آسيا الوسطى بعد التطورات التي شهدتها خلال السنوات الأخيرة، وأنه قد يناقش مع نظرائه أسباب إخفاقات المنظمة وتبني إستراتيجيات النهوض.
ومن خلال دعوة طهران أعضاء "إيكو" لتسهيل التأشيرات السياحية انطلاقا من تنوع المقاصد في الدول الأعضاء، يعتقد تقوي أصل أن بزشكيان والوفد المرافق له سيعملون على تفعيل دور هذا التكتل كمنظومة مضادة للغرب من جهة، وربط الازدهار الإقليمي بإحباط مخططات التفتيت الخارجي، من جهة أخرى.
ملفات مشتركة
من ناحيته، يعتقد محسن باك آئين السفير الإيراني الأسبق في باكو أن بزشكيان يحمل في جعبته 3 أجندات واضحة بشأن التجارة والنقل والطاقة إلى القمة، فضلا عن ملفات ذات اهتمام مشترك، منها التعاون الثنائي مع كل من باكو وسائر الدول الأعضاء المشاركة، بما فيها الأمن والسياحة والزراعة ومكافحة الإرهاب وتهريب المخدرات.
وفي حديثه للجزيرة نت، يوضح باك آئين أن تطورات الحرب الإسرائيلية الأميركية على إيران تحل في صلب مباحثات بزشكيان ووزير خارجيته عباس عراقجي مع نظرائهما في مدينة خانكندي الأذربيجانية، رغم الطابع الاقتصادي الذي يفترض أن يطغى على جدول أعمال القمة الاقتصادية.
وختم أن الرئيس الإيراني سيناقش مع نظرائه على هامش القمة العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة ومخاطر السياسات الرامية إلى إعادة ترسيم المشهد السياسي في الشرق الأوسط، إلى جانب متابعته مع سلطات باكو الاتفاقات الموقعة خلال زيارته السابقة إلى أذربيجان قبل أشهر.
وفي حين أن الزيارة إلى خانكندي تأتي كمحاولة إستراتيجية لاستعادة طهران المبادرات الإقليمية بعد الضربات الإسرائيلية الأخيرة، يرى مراقبون إيرانيون أن خطاب بزشكيان في قمة "إيكو" استخدم فشل المنظمة ذريعة لتسويق رؤية بلاده القائمة على "الممانعة الاقتصادية" في وجه الضغوط الغربية التي قد تتخذ منحى تصاعديا ضد طهران عقب حرب الـ12 يوما.
بينما تعتقد شريحة من الأوساط السياسية في إيران أنه في ضوء التوترات المتواصلة بين طهران والعواصم الغربية بشأن الملف النووي، يبقى نجاح الرهان على الممانعة الاقتصادية مرهونا بقدرة طهران على تجاوز عقبة التعاون مع أنظمة تعتبرها تابعة للغرب وأخرى تتهمها بالتعاون مع أطراف معادية لها.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع
ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع

الجزيرة

timeمنذ 20 دقائق

  • الجزيرة

ترامب: قد يكون هناك اتفاق بشأن غزة هذا الأسبوع

قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب -أمس الجمعة- إنه من الجيد أن حركة حماس قالت إنها ردت "بروح إيجابية" على مقترح وقف إطلاق النار في غزة. وكان ترامب يتحدث للصحفيين على متن طائرة الرئاسة بعد مغادرة قاعدة أندروز المشتركة في ميريلاند في طريقه إلى بيدمينستر في نيوجيرسي. وأشار إلى أنه قد يتم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار في غزة هذا الأسبوع، لكنه لم يطلع على الوضع الحالي للمفاوضات ولم يتلق إفادة بشأنه بعد. وأضاف ترامب "يتعين علينا فعل شيء ما بخصوص غزة ونحن نرسل الكثير من المال والكثير من المساعدات" دون أن يوضح المقصود بكلامه هذا. وكانت حماس قالت -في وقت سابق من مساء أمس- إنها سلمت ردها "للإخوة الوسطاء الذي اتسم بالإيجابية، وجاهزون بجدية للدخول فورا في مفاوضات آلية التنفيذ". وأوضحت أنها أكملت مشاوراتها الداخلية ومع الفصائل والقوى الفلسطينية "لوقف العدوان على شعبنا، وسلمنا الرد بناء على ذلك". وذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أمس أن المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) من المقرر أن يناقش اليوم ملف الأسرى والوضع في غزة، مشيرة إلى أن اجتماعه مساء الخميس شهد توترا وصل حد الصراخ بين رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو -المطلوب للمحكمة الجنائية الدولية – ورئيس الأركان إيال زامير. ونقلت صحيفة يديعوت أحرونوت عن مصدر إسرائيلي أمس أن التوجه بشأن اتفاق محتمل في غزة هو أن يعلن نتنياهو والرئيس الأميركي معا عن الصفقة خلال لقائهما في واشنطن الاثنين المقبل. وفي وقت لاحق أمس، نقلت القناة 12 الإسرائيلية -عن أحد المصادر- أن إسرائيل تلقت رد حركة حماس من الوسطاء وتدرس تفاصيله. وقالت القناة الإسرائيلية -نقلا عن هذا المصدر- إنه في ضوء رد حماس يتوقع أن يغادر وفد إسرائيلي إلى الدوحة لإجراء مفاوضات حول شروط الاتفاق، حيث من المتوقع أن تبدأ محادثات غير مباشرة بين الطرفين. وأضاف المصدر ذاته -بحسب القناة الإسرائيلية- أن المفاوضات قد لا تستغرق أكثر من يوم ونصف اليوم.

كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال
كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال

الجزيرة

timeمنذ 6 ساعات

  • الجزيرة

كمائن غزة وتكتيكات المقاومة التي تستنزف الاحتلال

بينما كان نتنياهو يروّج لما وصفه بـ"الانتصار الساحق على إيران"، عقب مواجهة استمرت 12 يومًا تبادل خلالها الطرفان القصف بالصواريخ والمسيرات، كانت أنباء سيئة في طريقها إلى كيان الاحتلال قادمة من قطاع غزة. ففي يوم الثلاثاء، الموافق لـ 24 يونيو/ حزيران 2025، سقط سبعة جنود دفعة واحدة في كمين أعدته كتائب القسام في قطاع غزة، وأسفر عن احتراق جنود الاحتلال داخل ناقلة عسكرية، بعد فشل محاولات إنقاذهم بالجرافات والمروحيات. أيقظ هذا الكمين بثمنه الباهظ "الإسرائيليين" على صباح دامٍ، حيث انتشرت خطابات التعازي والدعوات لوقف الاستنزاف الجاري في غزة، وتزايدت المطالبات بإنهاء الحرب هناك، وإبرام صفقة تبادل تعيد الأسرى المحتجزين في القطاع، وطالب "إسرائيليون" بإنهاء العدوان المستمر منذ 629 يومًا، والذي شهد عشرات الكمائن الدامية، التي كشفت عن عقلية عسكرية متقدمة للمقاومة وخبرات متراكمة لديها، وحوّلت جنود الاحتلال إلى أهداف سهلة. منذ بدء عملية طوفان الأقصى، في 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، واظبت كتائب عز الدين القسام في غزة على توثيق عملياتها ضد جيش الاحتلال وآلياته في مختلف محاور القتال، وتُظهر المقاطع المصورة تفاصيل دقيقة عن الكمائن التي نفذتها ضد قوات الاحتلال، ومن بينها الكمين المنفذ يوم الثلاثاء 24/ 6/2025 في جنوب غرب مدينة خانيونس، والذي بثت تفاصيله قناة الجزيرة، حيث تجسّد هذا الكمين في احتراق ناقلة جند مدرعة تابعة لقوات الهندسة. في التفاصيل، اقترب مقاوم وألصق بالناقلة عبوة ناسفة من طراز شواظ، تبع ذلك تفجيرها داخل قمرة القيادة، ما أدى إلى اشتعال النيران فيها، وهرعت قوات الإطفاء العسكرية التابعة لجيش الاحتلال إلى موقع الحادث، وبذلت جهودًا مضنية لإخماد النيران، واستُقدمت جرافة من طراز "دي 9" لسكب الرمال عليها، ولكن جميع المحاولات باءت بالفشل. وعلى الفور، قرر جيش الاحتلال سحب الناقلة المدرعة من طراز "بوما"، المخصصة لمهام هندسية، إلى داخل مستوطنات الغلاف، بهدف مواصلة جهود إخماد الحريق، بينما كان الجنود السبعة لا يزالون بداخلها. ورغم إرسال قوات الإنقاذ والمروحيات إلى موقع الحادث، لم ينجُ أحد منهم، ولقوا حتفهم جميعًا نتيجة التفجير والحريق، وقد استغرقت عملية التعرف على هويات القتلى ساعات طويلة، علمًا بأنهم كانوا ضمن فريق القتال المشترك من الكتيبة 605 واللواء 188 التابع للفرقة 36. وبالتزامن مع هذا الكمين، تعرضت قوة متوغلة لوابل من القذائف المضادة للدبابات، وعند وصول قوة النجدة لإخلاء المصابين، استُهدِفت هي الأخرى، ما أدى إلى احتراق الآليات. وذكرت كتائب القسام أن مقاتليها نفذوا كميناً مركباً، استهدف قوة تحصنت داخل أحد المنازل بقذيفتي "ياسين 105" و"آر بي جي"، وأوقعوا أفرادها بين قتيل وجريح، ثم استهدفوا المبنى بالأسلحة الرشاشة في منطقة "الترخيص القديم" جنوب خانيونس، كما استهدفوا دبابة "ميركافا" بعبوة "شواظ" وقذيفة "ياسين 105". وبعد مرور ساعات على الهجوم، زعم جيش الاحتلال أن الكارثة ناجمة عن صاروخ "آر بي جي" مضاد للدبابات أُطلق من مسافة قريبة على الناقلة، وليس عن عبوة ناسفة أُلصِقت بها، وذلك لأن الناقلة لا تحتوي على حماية نشطة وأنظمة واقية، على عكس ناقلات "نمر" الأكثر تحصيناً، واعتبر جيش الاحتلال هذا الكمين "الأكثر دموية" على جنوده في القطاع منذ ما يزيد على عام، وتحديداً منذ 15 يونيو/ حزيران 2024، عندما قتل المقاومون ثمانية جنود في رفح، إثر إصابة ناقلة جند هندسية مدرعة من طراز "نمر" بصاروخ مضاد للدبابات. عقب انتشار خبر الكمين، وسقوط عدد كبير من جنود جيش الاحتلال، توالت ردود الفعل الإسرائيلية: وزير الحرب، كاتس، أعرب عن حزنه لسقوطهم خلال مهمتهم للدفاع عن الدولة واستعادة الرهائن من غزة، وقال: "نحن نمر بأوقات عصيبة للغاية". إسحاق هرتسوغ، اعترف بصعوبة الوضع القتالي في غزة، وأن العبء لا يُطاق. رئيس اللجنة المالية في الكنيست، موشيه غافني، من حزب "يهودوت هاتوراة" للمتدينين، أدان بشدة استمرار القتال في غزة، قائلاً: "لا أفهم أهداف الحرب، ولا أفهم حتى هذه اللحظة: ما الذي نقاتل من أجله؟ ولأي غرض؟ ماذا سنفعل هناك والجنود يُقتلون باستمرار؟ لقد توقعت أن تبادر القيادة لإنهاء القتال، وإعادة المخطوفين، والعودة إلى الوضع الطبيعي. المتحدث باسم جيش الاحتلال، إيفي ديفرين، اعترف قائلاً: استيقظنا على صباح صعب ومؤلم للشعب "الإسرائيلي" بأكمله، نحن أمام حدث معقد، وسيتم التحقيق فيه، وعرض نتائج التحقيق أولاً على العائلات، ثم على الجمهور، مؤكداً أن كل محاولات إنقاذ الجنود باءت بالفشل، وأنه سيتم التحقيق في هذا التقصير، وأضاف قائلاً: "لقد حاولنا إنقاذهم، ولكن دون جدوى، فحماس تستخدم أسلوب حرب العصابات في التعامل مع المتفجرات". عبّر أهالي الجنود القتلى عن غضبهم الشديد تجاه الجيش والحكومة، مؤكدين أن أبناءهم أبلغوهم في رسائل سابقة عن معاناتهم من ضغوط الحرب التي طالت مدتها، وتلاشي أهدافها، وعدم قرب نهايتها. وقال هؤلاء: "إننا نشعر بغضب عارم، كيف يسمح الجيش لجنوده بقيادة مركبة مستعملة ومتهالكة؟ هذا أمر يثير الغضب، لم نعد نتحمل المزيد من هذه الحروب، كم عدد القتلى بعد؟ وكم عدد العائلات التي ستفقد أحباءها؟ نحن في حالة بكاء وصدمة". دعا مجلس إدارة كيبوتس "نير عوز"، الذي يقطن فيه بعض الجنود القتلى، إلى وقف الحرب، وإعادة المختطفين من أسر حماس، وقال: "في هذا الصباح العصيب، نناشد الحكومة بصوت عالٍ: كفى حروبًا دموية، كفى تعذيبًا للمختطفين، كفى إرهاقًا وموتًا للجنود، كفى شعارات فارغة. أي نصر آخر تسعون لتحقيقه؟ أي نصر سيكون هنا بينما لا يزال خمسون مختطفًا يرزحون في الأسر، بينما تستمر العائلات في فقدان أبنائها، ويستمر قتل الجنود؟ نتساءل: كيف لأسبوع بدأ بإنجاز مدوٍّ في إيران، أن يستمر بخسارة فادحة لـ 7 جنود في غزة؟". بعد هذه الخسارة، زعم تسيفي يحزكيلي، مراسل الشؤون العربية في قناة i24، والذي اعتاد على دعم استمرار الحرب في غزة، أن "أي اتفاق يقترحه ترامب سيكون جيدًا، فماذا يمكننا أن نفعل غير ذلك؟ هل يجب أن نسمح بمقتل أبنائنا في غزة؟ يجب أن ننهي هذا الأمر". الصحفي إيال بيركوفيتش تساءل: "كيف يعقد نتنياهو مؤتمرًا صحفيًّا قبل ساعات، ويعلن خلاله الانتصار على الأعداء، وهو يعلم أن سبعة جنود قد قتلوا في غزة؟". لسنوات عديدة، اعتقدت هيئة الأركان العامة لجيش الاحتلال أنه لن تكون هناك حاجة لوحدات مدرعة وهندسية في ساحة المعركة المستقبلية، ورغم أن إنتاج دبابة "ميركافا" أو ناقلة الجنود المدرعة "نمر" كان مكلفًا جدًا، فإن كمين خانيونس الأخير كشف عكس ذلك تمامًا. فقد أوضح الكمين أن الجنود الذين يقومون بالجزء الأكبر من العمليات في غزة هم مهندسو القتال والمدرعات، أي رأس الحربة. أما الجنرالات، الذين لم تكن لديهم فكرة عن كيفية الاستعداد لمواجهة غزة، فقد بدوا "مكفوفين"، وما زالوا يعانون من ضعف في فهم حقيقة القتال فيها، لأن الجنود يناورون في مركبة مدرعة هندسية، تم إنتاجها في مكان ما في الخمسينيات أو الستينيات من القرن الماضي، شاركت في حربي 1956 و1967، لكنها لم تعد قادرة على مواجهة تحديات الحرب المعاصرة. وأكدت أوساط عسكرية أن الناقلة "بوما"، التي وقعت في الكمين، هي دبابة قديمة، وحمايتها أقل تطورًا، ويبلغ عمرها خمسين عامًا، إلا أنها تعتبر موثوقة، مع أنها لا تحتوي على نظام حماية نشطة مثل نظيراتها الحديثة، وقد عانت من بعض المشكلات طوال الحرب في غزة، ولكنها خضعت لتحسينات، وتستخدم في مجموعة متنوعة من المهام الهندسية، بما فيها اختراق العوائق، واستخراج المركبات المدرعة الأخرى، وحمل البضائع. وأشارت الأوساط العسكرية هذه إلى أنه خلال القتال الطويل في غزة، تعرضت ناقلات الجند المدرعة للإصابة والاحتراق عدة مرات، وعلى الرغم من إدخال بعض التحسينات على حمايتها، فإنها لم تصل إلى مستوى الناقلة "نمر"، الأحدث والأكثر تطوراً، والتي تتضمن منظومة حماية نشطة من نوع "سترة الرياح". نتيجة لتزايد استهداف المقاومة لهذه الناقلات، حاول الجيش إحلال ناقلات "نمر" محل أسطول ناقلات "بوما"، على الأقل في جميع كتائب الهندسة القتالية النظامية، ولكن، نظرًا لمحدودية معدلات الإنتاج، لا يزال الجنود يستخدمون الناقلة القديمة، وينطبق الأمر نفسه على كتائب الهندسة الاحتياطية المنتشرة على الخطوط الأمامية الأكثر خطورة في غزة. وقد أثار "الإسرائيليون" تساؤلات حول جدوى استخدام مركبة قتالية مدرعة قديمة في منطقة تُعرف بأنها "جوهر القتال"، مع كتائب حركة حماس التي أعادت بناء قوتها في المنطقة. وكشف ذلك مرة أخرى عن وجود ثغرات في قدرة الجيش على توفير وسائل مدرعة متطورة لجميع قواته المقاتلة، خاصة وأن ناقلة "نمر" المتطورة، التي تمثل المعيار التشغيلي الجديد لفرقة الهندسة، لا تزال غير متوفرة لجميع الألوية والوحدات العسكرية. بعد مرور أكثر من 629 يومًا على اندلاع الحرب، لا تزال المقاومة تعتمد على تكتيكات تشمل قنص الجنود، وتدمير آلياتهم بواسطة مجموعات صغيرة، بالإضافة إلى نصب الكمائن على مستوى مجموعات أكبر، وتؤكد المقاومة قدرتها على إعادة الانتشار والتمركز في المناطق التي ينسحب منها الاحتلال. وتُعد الكمائن في غزة عنصرًا أساسيًّا في إستراتيجية المقاومة، حيث غالبًا ما تُنصب في مواقع مرتفعة نسبيًّا أو متخفية، ما يتيح إمكانية الرصد الدقيق، كما يتم توجيه حركة العدو من خلال العوائق والمناورات المدروسة. إنّ هذه الانتصارات والنجاحات المُبهرة، التي حققتها كتائب عز الدين القسام وفصائل المقاومة، خلال هذه الملحمة والمفخرة ضد قوات الاحتلال، التي تلقت ضربات قاسية ودروسًا لن تنساها، قد كسرت هيبتها وحطمت صورتها وأذلتها، في حين بدت المقاومة هي صاحبة اليد العليا، والمتفوقة على كيان الاحتلال الذي يمتلك منظومة القبة الحديدية، والسلاح والتكنولوجيا والاقتصاد ووسائل التدمير، والدعم الأميركي والغربي، والتواطؤ العربي المخزي. تُثبت هذه العملية النوعية مجددًا أنه لا خيار أمام الشعب الفلسطيني في مواجهة كيان الاحتلال إلا المقاومة والصمود.

"الضبابية الموجهة".. كيف يدير نتنياهو لعبة صفقة التبادل للبقاء سياسيا؟
"الضبابية الموجهة".. كيف يدير نتنياهو لعبة صفقة التبادل للبقاء سياسيا؟

الجزيرة

timeمنذ 7 ساعات

  • الجزيرة

"الضبابية الموجهة".. كيف يدير نتنياهو لعبة صفقة التبادل للبقاء سياسيا؟

بقدر ما تبدو بنود الاتفاق المقترح بشأن إنهاء الحرب في غزة حافلة بالآمال الإنسانية والسياسية، فإن القراءة الدقيقة لنصوصها تكشف عن إستراتيجية إسرائيلية واعية إلى حد التصميم، تقوم على توظيف الغموض كسلاح تفاوضي متعدد الوظائف. فالاتفاق يغرق عمدا في ما يمكن تسميتها بـ"الضبابية المدروسة"، وهي صياغات غير حاسمة تتيح لرئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو التحرك بحرية على مسارين متوازيين: تمرير الصفقة داخليا دون تفجير الائتلاف، واستثمار الغموض لاحقا لفرض شروط سياسية على ما تبقى من مشهد ما بعد الحرب. وفي ما تبدو تعهدات أميركية بوقف دائم لإطلاق النار، وضمانات بمرور آمن للمساعدات الإنسانية، يختبئ خلفها مشهد قانوني وسياسي أكثر تعقيدا، إذ تبرز "العبارات الملتبسة" كأدوات تفاوضية مقصودة، حسب الباحث السياسي سعيد زياد. فغياب الوضوح في مسائل محورية كالمعابر، أو صيغة الانسحاب الإسرائيلي، لا يعود -وفق مشاركة زياد ببرنامج مسار الأحداث- إلى سوء الصياغة، بل إلى رغبة تل أبيب في الإبقاء على قدر كافٍ من الالتباس، يتيح لها المناورة السياسية والميدانية في كل مرحلة من مراحل تنفيذ الاتفاق. هذه المقاربة تجد تبريرها في الواقع الإسرائيلي الداخلي، إذ لا يستطيع نتنياهو تقديم اتفاق شامل وواضح دون المجازفة بتفكك حكومته، خاصة أن بعض بنود الاتفاق قد تُفهَم كتنازل عن أهداف معلنة للحرب، مثل نزع سلاح المقاومة أو القضاء على سلطتها في غزة. ولذلك، فإن الضبابية لم تعد ثغرة في الاتفاق، بل أصبحت جزءا من بنيته، حسب الخبير في الشأن الإسرائيلي الدكتور مهند مصطفى، الذي يرى أن الاتفاق ليس هدفا نهائيا بقدر ما هو وسيلة إدارة لمرحلة "ما قبل إنهاء الحرب"، تُبقي نتنياهو في موقع السيطرة، وتمنحه مرونة تفاوضية واسعة، وتمنع حماس من انتزاع أي مكاسب سياسية واضحة. مرحلي أم دائم؟ ومن هذا المنظور، تبدو المؤسسة العسكرية الإسرائيلية أقل حساسية تجاه فكرة الوضوح أو الشمول، إذ تدفع باتجاه اتفاق كبير قد يفضي إلى إنهاء الحرب، في وقت تُدرك فيه محدودية قدرتها على الحسم الميداني، وتخشى من كلفة الاستنزاف، حسب تقدير الخبير العسكري اللواء فايز الدويري. لكنها في المقابل لا تمانع اتفاقا مرحليا، بشرط أن يحفظ ماء وجهها، ويتيح انسحابا تدريجيا تحت مسمى "إعادة انتشار"، وهو توصيف فضفاض آخر يضاف إلى ترسانة الغموض التي يتكئ عليها نتنياهو، وبدلا من التزام واضح بوقف إطلاق النار، يُمنح الجيش الإسرائيلي هامشا للاستمرار في "العمليات الدفاعية"، مما يتيح له مواصلة القصف تحت غطاء قانوني وسياسي. ويمنح هذا النمط من إدارة الصراع نتنياهو فرصة للهروب من استحقاقات الحسم، سواء العسكري أو السياسي، فالذهاب إلى اتفاق جزئي لا يعني وقفا فعليا للحرب، بقدر ما هو إعادة تموضع في سياق تفاوضي طويل، يضمن له البقاء السياسي ويوفر له آلية للضغط على المقاومة من دون مخاطرة عسكرية كبيرة. في المقابل، ترى حركة المقاومة الإسلامية (حماس) أن لديها فرصة "ثانية" حقيقية -بحسب توصيف زياد- لانتزاع وقف للعدوان، بعد فشل اتفاق يناير/كانون الأول الماضي، لكنها تدرك أن القبول باتفاق فضفاض دون ضمانات حقيقية سيعيد الأمور إلى نقطة الصفر. ولذلك، أكدت الحركة -في بيانها الأخير- أنها مستعدة للدخول في مفاوضات "لتنفيذ الإطار"، وليس لإعادة التفاوض على جوهره، مع تقديم ملاحظات محددة تتعلق ببنود ضبابية. كما يتعزز هذا القلق من الصيغة الأميركية للضمانات، فهي وإن أكدت السعي إلى هدنة دائمة، فإنها ربطت ذلك بنتائج مفاوضات الـ60 يوما، دون التزام صريح بعدم استئناف الحرب في حال فشلها، مما يضع المقاومة في مأزق دائم، بين هدنة مشروطة وضغط إنساني هائل. الصراع الموجه وبالتوازي مع ذلك، يستثمر نتنياهو الصراع الداخلي الإسرائيلي كأداة تفاوضية أيضا، فيرى مصطفى أن التجاذب بين القيادة السياسية والمؤسسة العسكرية يخدم رئيس الحكومة، إذ يصوّر الموافقة على الاتفاق بأنها توازن ضروري داخل الائتلاف، ويمنحه غطاء سياسيا أمام قاعدته اليمينية، التي كانت سترفض اتفاقا شاملا دفعة واحدة. وفي المقابل، توظف إسرائيل انقسام الداخل الفلسطيني، وضعف الظهير السياسي العربي، لتُبقي على مساحة أكبر من التحكم بالمشهد، وتدرك تل أبيب أن وجود وسطاء مثل قطر ومصر لا يوازي تأثير الغطاء الأميركي الحاسم، لا سيما في ظل موقف واشنطن المنحاز، الذي يجمع بين الدعم العسكري والدبلوماسي والسياسي غير المشروط. اللافت في السياق هو أن الغموض ذاته صار وسيلة لإعادة تعريف طبيعة المرحلة المقبلة، فبدلا من الحديث عن "انتصار" أو "هزيمة"، بات التركيز الإسرائيلي على "إدارة الأزمة" و"تفكيك حماس تدريجيا"، من خلال خنق غزة من دون الإعلان عن احتلالها. والهدف النهائي -كما يبدو- هو فرض وقائع ميدانية تبقي على قطاع غزة في حالة انهيار دائم، تمنع الإعمار وتُبقي السيطرة الإسرائيلية عبر وسائل غير مباشرة، مثل المناطق العازلة، وفرض الشروط الأمنية، والتحكم بالمساعدات. وفي ظل هذا التوازن القلق، تبدو لعبة الضبابية الإسرائيلية أشبه بسباق مع الزمن، فنتنياهو يحاول عبرها قضم المكاسب دون التفريط في أوراق القوة، ويطمح إلى فرض "نهاية بلا نهاية" للحرب، تُبقيه رئيسا لحكومة صقور، وتصنع من اتفاق الهدنة حلا مؤقتا طويل الأمد، لا ينهي الحرب فعليا، بل يديرها على وقع النصوص الغامضة والمواقف المؤجلة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store