
الانفراجة الإنسانية في غزة.. فرصة للسلام أم هدنة تكتيكية؟
الضغط الدولي المتصاعد بعد صور المجاعة في غزة دفع إسرائيل إلى إعلان "تعليق مؤقت" للعمليات العسكرية في ثلاث مناطق داخل القطاع، وهو ما سمح بمرور قوافل المساعدات من معبر رفح، وتنفيذ عمليات إنزال جوي بقيادة الإمارات والأردن، ضمن جهود استثنائية لإيصال الإغاثة إلى المدنيين. غير أن المراقبين ربطوا هذه الخطوة بالضغوط السياسية الغربية أكثر مما ربطوها بتحول استراتيجي في سلوك الحكومة الإسرائيلية.
وزير الخارجية البريطاني ديفيد لام اعتبر الخطوة الإسرائيلية غير كافية، داعيًا إلى تأمين المساعدات بكميات كافية وبأمان. أما المستشار الألماني فريدريتش ميرتس، فذهب أبعد من ذلك، وناشد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة التحرك العاجل لإنقاذ المدنيين المتضورين جوعا.
ورغم بدء وصول المساعدات، يبقى المشهد مفتوحا على احتمالات عدة، أبرزها: هل هذه بداية لتفاهم سياسي؟ أم "استراحة محارب" قبل موجة قصف جديدة؟
المساعدات خطوة إنسانية.. لكنها غير كافية
من القاهرة، يقرأ الدكتور عمرو الشوبكي، المستشار في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، هذه "الانفراجة" بعين الشك، معتبرا أنها استراحة قصيرة قد تعقبها جولة أشد من العنف. وأوضح في حديثه لـ"غرفة الأخبار" على سكاي نيوز عربية أن إسرائيل تتعامل مع المشهد الإنساني كجزء من تكتيك سياسي، وليس كموقف أخلاقي دائم.
"إدخال المساعدات لم يعد مجرد قضية إنسانية. إنه اليوم في قلب المساومات السياسية... والضغوط الغربية لم تكن لتحدث لولا مشاهد موت الأطفال من الجوع"، بحسب تعبيره.
ورغم إقراره بأهمية هذه الخطوة من ناحية إنسانية، يرفض الشوبكي ربطها آليًا بإمكانية نجاح المفاوضات أو التوصل إلى هدنة، مشيرًا إلى أن التجربة الإسرائيلية في القطاع تثبت تكرار نمط "التهدئة المؤقتة يتبعها تصعيد".
الشوبكي شدد على أن قضية التجويع كانت نقطة تحول في المواقف الغربية، حيث تحركت ضمائر المجتمعات الغربية والحكومات بعدما أصبح "الجوع" عنوانًا لأزمة أخلاقية وإنسانية، بل وسياسية، تهدد تحالفات تقليدية مع إسرائيل.
ومن غزة وصف عزام شعث، الباحث في العلاقات الدولية وحقوق الإنسان، سياسة إسرائيل في القطاع بـ"الممنهجة" قائلاً:
"إسرائيل مارست سياسة تجويع ممنهجة... إنها مسؤولة قانونيًا وأخلاقيًا بحكم القانون الدولي عن الكارثة الحالية في غزة."
ودعا شعث إلى فتح المعابر بشكل دائم ومستدام، وعدم الاكتفاء بأعداد محدودة من الشاحنات والمساعدات، مشددًا على ضرورة ضمان الاستمرارية وليس المساعدات الموسمية أو الرمزية، مشيرًا إلى أن "500 شاحنة يوميًا لم تعد كافية في ظل التدمير الواسع ونقص الغذاء والمياه".
كما أشار إلى التدهور البيئي والصحي الخطير، مشددًا على أن "عام 2025" كان محددًا سابقًا في تقارير أممية كعام يصبح فيه قطاع غزة غير قابل للحياة. وها هو العام قد أتى، وسط ظروف إنسانية يقول إنها "تفوق الخيال".
ما بعد المساعدات.. أين غزة من الإعمار والاستقرار؟
يتفق الضيفان، الشوبكي وشعث، على أن المساعدات، رغم رمزيتها، لا يجب أن تُفصل عن السياق الأشمل: الاحتلال، والحصار، والانقسام الفلسطيني، وانهيار العملية التفاوضية.
يرى الشوبكي أن الأزمة تحولت إلى فرصة لإعادة طرح جوهر الصراع: الاحتلال، الدولة الفلسطينية، الوحدة الوطنية، وإنهاء الحصار. أما شعث، فيربط "اليوم التالي للحرب" بإعادة إعمار شاملة، تتطلب ضمانات دولية لرفع الحصار وتسهيل مهام الإدارة التنفيذية التي ستدير القطاع.
وبحسب شعث، لا يكفي وصول الطعام والأدوية، بل يجب إعادة الحياة إلى السكان، بدءًا من البنية التحتية للمياه، مرورًا بالبيئة، والتعليم، والصحة النفسية، وحتى ضمان السكن الكريم.
رهانات دولية محدودة.. وصمت أمريكي مقلق
في تقييمه للتحركات الدولية، يرى الشوبكي أن إعلان فرنسا المرتقب للاعتراف بالدولة الفلسطينية في سبتمبر لا يحمل وزنًا كافيًا دون دعم أمريكي حاسم. ويضيف:
"لا فرنسا، ولا روسيا، ولا أوروبا مجتمعة، ولا حتى الصين... قادرة على تغيير الموقف الإسرائيلي من تلقاء نفسها. الضغط الحقيقي بيد واشنطن."
ويشير إلى أن بيان 25 دولة بالتعاون مع بريطانيا، رغم أهميته الرمزية في إدانة إسرائيل والمطالبة برفع الحصار، يبقى ناقصًا ما لم يتوج بضغط أمريكي مباشر.
الانفراجة الإنسانية الحالية في غزة قد تكون بالفعل فرصة سياسية نادرة لوقف النار والعودة إلى طاولة المفاوضات، لكن المشهد لا يخلو من التناقضات. إسرائيل، وعلى لسان نتنياهو، تؤكد مواصلة الحرب "حتى تحقيق أهدافها كاملة"، بينما الدول الغربية تطالب بوقف القتال وإنهاء المعاناة.
وسط ذلك، يبقى الشارع الفلسطيني غارقًا في مآسي المجاعة والدمار. ومع كل شاحنة مساعدات تعبر، يبقى السؤال معلقًا في هواء غزة المحاصر: هل هذه بداية النهاية، أم مجرد استراحة قبل جولة أكثر دموية؟
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الإمارات اليوم
منذ 29 دقائق
- الإمارات اليوم
سكان غزة: شكراً محمد بن زايد شكراً للإمارات
استأنفت دولة الإمارات منذ يوم أمس عمليات "طيور الخير" للإسقاط الجوي، إلى جانب تسيير قوافل المساعدات الإنسانية عبر معبر رفح، وذلك في إطار التزامها المستمر بمساندة الشعب الفلسطيني والتخفيف من حدة الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة. وعبر أهالي غزة عن فرحتهم بالمساعدات الإماراتية وقدموا الشكر إلى صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، وإلى دولة الإمارات، مؤكدين أن الإمارات تقف دوماً إلى جانبهم. وأعلنت عملية "الفارس الشهم 3" عن استئناف تنفيذ عمليات «طيور الخير» للإسقاط الجوي رقم 54 للمساعدات الإنسانية والإغاثية فوق قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية، استمراراً للجهود الإماراتية المتواصلة لدعم السكان المدنيين في المناطق المعزولة في القطاع التي يتعذر الوصول إليها براً. ويبلغ إجمالي ما تم إسقاطه فوق القطاع منذ انطلاق مبادرة «طيور الخير» نحو 3725 طناً من المواد الغذائية والإغاثية، باستخدام 193 طائرة، شملت مواد غذائية أساسية وإمدادات حيوية تُلبي الاحتياجات الملحة للأسر المتضررة جراء الأوضاع الإنسانية الصعبة والكارثية في القطاع. وتعكس هذه المبادرة التزام دولة الإمارات بدعم الأشقاء الفلسطينيين، وتقديم المساعدة الفورية للنازحين والمتضررين، ضمن نهج إنساني راسخ في السياسة الإماراتية، حيث كانت دولة الإمارات من الدول الرائدة في تقديم الدعم الإغاثي إذ مثّلت المساعدات الإماراتية أكثر من 44% من إجمالي المساعدات الدولية التي وصلت إلى القطاع. وتؤكد دولة الإمارات أن دعم الشعب الفلسطيني سيظل أولوية إنسانية، وستواصل التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان وصول المساعدات عبر كافة الطرق برا وبحرا وجوا إلى المناطق الأكثر احتياجاً.


سكاي نيوز عربية
منذ 29 دقائق
- سكاي نيوز عربية
السيسي يوجه "نداء خاصا" إلى ترامب بشأن حرب غزة
وحث السيسي ، في كلمة بثها التلفزيون، ترامب على بذل كل الجهود لإنهاء الحرب في غزة والسماح بدخول المساعدات إلى القطاع. وقال موجها الحديث لترامب "أوجه نداء خاص لك، من فضلك ابذل كل الجهد لإيقاف الحرب وإدخال المساعدات. وأتصور أن الوقت قد حان لإنهاء هذه الحرب". وتابع السيسي "تقديري أنه(ترامب) قادر على إيقاف الحرب وإدخال المساعدات وإنهاء المعاناة بقطاع غزة". وأوضح السيسي أن مصر لا يمكن أن تقوم بدور سلبي تجاه الأشقاء الفلسطينيين. وقال الرئيس المصري، إن "الدور المصري شريف ومخلص وأمين ولن يتغير وحريصون على إيجاد حلول لإنهاء الحرب". وأضاف أن " معبر رفح هو معبر أفراد وتشغيله لا يرتبط بالجانب المصري فقط بل من الجانب ال خر داخل قطاع غزة"، مشيرا إلى أن "قطاع غزة يحتاج من 600 إلى 700 شاحنة مساعدات في الأيام العادية". وشدد السيسي على ضرورة إدخال أكبر حجم من المساعدات لأهالي غزة للتخفيف من حدة الأزمة بالقطاع ، قائلا :"لدينا حجم ضخم من شاحنات المساعدات المصرية مستعدة لدخول قطاع غزة". وأضاف :"ليس هناك ما يعوق دخول المساعدات إلى قطاع غزة" ، مؤكدا ضرورة أن يكون معبر رفح من الجانب الفلسطيني مفتوحا. وأشار السيسي إلى موقف مصر الواضح برفض تهجير الفلسطينيين من أرضهم، مؤكدا أن تهجير الفلسطينيين سيؤدي إلى تفريغ فكرة حل الدولتين.


صحيفة الخليج
منذ 29 دقائق
- صحيفة الخليج
«بتسيلم»: إسرائيل ترتكب «إبادة جماعية» في غزة
(أ ف ب) نددت منظمتا «بتسيلم» و«أطباء لحقوق الإنسان» الإسرائيليتان في تقرير، الاثنين، بتطور «نظام إبادة جماعية في إسرائيل يعمل على تدمير وإبادة المجتمع الفلسطيني في قطاع غزة»، في بيان مشترك صدر الاثنين. وقالت يولي نوفاك المديرة العامة لمنظمة «بتسيلم» في البيان: «لا شيء يهيئك لإدراك حقيقة أنك جزء من مجتمع ينفذ إبادة جماعية، إنها لحظة صعبة جداً بالنسبة لنا».