
ماذا يعني قرار المحكمة العليا تقييد قدرة القضاة على إيقاف أوامر ترامب التنفيذية؟
في انتصار كبير لإدارة الرئيس دونالد ترامب، وافقت
المحكمة العليا الأميركية
، يوم الجمعة، على طلب الإدارة الأميركية لتضييق نطاق الأوامر القضائية على مستوى البلاد التي يفرضها قضاة، بحيث لا تنطبق إلّا على الولايات والجماعات والأفراد الذين رفعوا دعاوى قضائية، أي أن المحكمة العليا قيّدت قدرة القضاة الفيدراليين على إيقاف الأوامر التنفيذية للرئيس مؤقتاً.
ويسمح القرار لإدارة ترامب باتخاذ خطوات لتنفيذ اقتراحها لإنهاء "حقّ المواطنة بالولاية"، لكن لم يصدر القضاة أي حكم بشأن دستورية تحركه لإنهاء هذا الحق. وجاء القرار بأغلبية 6 قضاة مقابل 3 على الحدود الحزبية (عين الجمهوريون 6 قضاة في المحكمة العليا، بينما عيّن الديمقراطيون 3 قضاة)، وصاغته القاضية إيمي كوني باريت التي عينها الرئيس في فترته الرئاسية الأولى. وقالت باريت: "البعض يقول إنّ الأمر القضائي الشامل يمنح السلطة القضائية أداة قوية لكبح جموح السلطة التنفيذية، لكن المحاكم الفيدرالية ليس من حقها فرض رقابة عامة على السلطة التنفيذية، بل تفصل في القضايا والخلافات بما يتوافق مع السلطة التي منحها لها الكونغرس، وعندما تستنتج محكمة أن السلطة التنفيذية قد تصرفت على نحوٍ غير قانوني، فليس من حقّها أيضاً تجاوز سلطتها".
ولم يسمح حكم المحكمة بدخول سياسة ترامب حيّز التنفيذ على الفور، ولم يتطرق إلى قانونية السياسة، ونص الحكم على أن الأمر التنفيذي لترامب لا يدخل حيّز التنفيذ إلّا بعد 30 يوماً من صدور حكم يوم الجمعة، لكن لم يصدر أي حكم دستوري بشأن حق المواطنة بالولاية في الولايات المتحدة.
وفي السابق كان يجري تعليق العمل بالأوامر التنفيذية حال نظر القضية أمام القضاء بانتظار صدور حكم قضائي، فيما يطلق عليه "الأمر القضائي الوطني" الذي ينطبق على جميع أنحاء البلاد، لكن القرار يعني أنّ الرئيس سيتمكّن من تطبيق سياساته على الجميع، باستثناء هؤلاء الذين يرفعون دعاوي قضائية، دون أي انتظار لحكم القضاء. وفي الوقت ذاته، يعني القرار أيضا أنه يمكن لأي شخص رفع دعوى قضائية في طريق الحصول على الجنسية لمولوده، لكن كل دعوى قضائية لا تنطبق على أيّ حالة أخرى، ما يعني مزيداً من التكاليف المادية على المقيمين داخل البلاد.
وقد يحدث هذا القرار تغييراً جذرياً في كيفية منح الجنسية في الولايات المتحدة ولو مؤقتاً، إذ إنّه يعني أن ممارسة منح الجنسية للأطفال المولودين في الولايات من مهاجرين غير شرعيين وبعض المقيمين المؤقتين والزوار ستنتهي في 28 ولاية لم تطعن على الأمر التنفيذي للرئيس ترامب بخصوص حقّ الولادة.
كما يوقف حكم المحكمة قدرة القضاة الفيدراليين بمفردهم على تجميد سياسات وقرارات الرئيس الأميركي التي يعارضها ليبراليون في جميع أنحاء البلاد، بينما يقدم مساراً مختلفاً للطعن على الأوامر التنفيذية لترامب على مستوى البلاد من خلال دعاوى قضائية جماعية. وبينما ترك الحكم للمحاكم الفيدرالية الأدنى الحق في تقييم ادّعاءات الولايات، بما يعني أنه سيجري رفض الأمر التنفيذي للرئيس حال طعن الولايات عليه وصدور قرار قضائي، ولكن لن ينطبق القرار على كامل الولايات، وإنما كل ولاية على حدة.
لجوء واغتراب
التحديثات الحية
ترامب ينتقد "عراقيل" المحكمة العليا في ترحيل المهاجرين
ومن جانبها، أشارت صحيفة نيويورك تايمز الأميركية إلى أن رأي المحكمة سيؤدي إلى تراجع حاد في قدرة المحاكم الفيدرالية على مراجعة سياسات البيت الأبيض، بما في ذلك أوامر وقف فصل الموظفين المدنيين ووقف تمويل المساعدات الخارجية. وفي اليوم الأول لوصوله إلى البيت الأبيض 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وقع الرئيس الأميركي أمراً تنفيذياً يستهدف إلغاء مبدأ الجنسية بالولادة لبعض الزوار والمقيمين المؤقتين والمهاجرين غير الشرعيين، رغم أن هذا المبدأ مكرس دستوريا منذ 150 عاماً. وطعنت 22 ولاية ديمقراطية ومنظمات ونساء على الأمر التنفيذي، وأوقفه قضاة فيدراليون في ولايات واشنطن وميرلاند وماساتشوستس مؤقتاً.
وعارضت عضو المحكمة العليا القاضية سونيا سوتومايور قرار الأغلبية، ووصفته بأنه "مهزلة لسيادة القانون"، و"دعوة مفتوحة لتجاوز الدستور"، مضيفة أن القرار الصادر "لم يتناول جوهر ما يريده ترامب بإنهاء منح الجنسية تلقائياً للأطفال المولودين على الأراضي الأميركية".
ويمنح التعديل الرابع عشر للدستور الجنسية تلقائياً لأي شخص ولد في الولايات المتحدة، وينص على أن "جميع الأشخاص المولدين أو المتجنّسين في الولايات المتحدة والخاضعين لولايتها القضائية هم مواطنون للولايات المتحدة وللولاية التي يقيمون بها"، وأيدت المحكمة العليا عام 1989 ضمان الحصول على الجنسية بالولادة عندما قضت أن طفلاً ولد في سان فرانسيسكو مواطن حتى لو كان "والداه المهاجران رعايا إمبراطور الصين".
ومن جانبه، وصف ترامب في تغريدة له على مواقع التواصل الاجتماعي القرار بأنه "فوز هائل في المحكمة العليا للولايات المتحدة"، كما عقد مؤتمراً صحافياً اعتبر فيه أن التعديل الرابع عشر للدستور كان غرضه منح الجنسية لأبناء من كان يطلق عليهم العبيد في الولايات المتحدة الذين كانوا محرومين من حقهم في المواطنة، وأنه لا يجب أن ينطبق على الجميع.
وانتقد أنتوني براون، المدعي العام لولاية ماريلاند (وهي ولاية ديمقراطية)، قرار المحكمة، متعهداً باستكمال "المعركة" ضدّ الأمر التنفيذي للرئيس ترامب، وقال في بيان له: "قرار المحكمة يعني أن العائلات في جميع أنحاء البلاد ستظلّ تعيش في حالة من عدم اليقين حول ما إذا كان سيجري الاعتراف بأطفالهم المولودين على الأراضي الأميركية، كمواطنين أميركيين أم لا"، وشرح أن القرار يترك رغم ذلك الباب مفتوحاً أمام إمكانية إصدار أمر قضائي جديد واسع النطاق، وقال: "هذا الأمر التنفيذي للرئيس غير أميركي، ولن يدخل حيز التنفيذ فوراً. هذه المعركة لم تنته بعد، وسنواصل الطعن على هذا الأمر غير القانوني، لأنّ العدالة تقتضي ذلك".
وفور صدور قرار المحكمة العليا، أعلنت منظمة كاسا دي ماريلاند (منظمة حقوقية حصلت على أوامر قضائية فيدرالية ضد الأمر التنفيذي للرئيس ترامب) عن رفع دعاوى قضائية جماعية للدفاع عن الأمهات الحوامل والأطفال المولودين لأسر لا تتمتع بوضع قانوني دائم.
وفي آخر أيامها قبل الإجازة الصيفية، أصدرت المحكمة العليا أحكاماً أخرى، إذ رفضت طعناً على قانون لولاية تكساس يسعى للحد من وصول القاصرين إلى المواد الإباحية على الإنترنت، كما أمرت المدارس العامة في ماريلاند بالسماح للآباء الذين لديهم اعتراضات دينية بسحب أطفالهم من الفصول التي تناقش موضوعات عن المثلية، بينما أيّدت المحكمة فريق عمل يوصي بخدمات الرعاية الفائقة التي يجب على شركات التأمين الصحي تغطيتها بموجب قانون الرعاية الميسّرة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربي الجديد
منذ 3 دقائق
- العربي الجديد
عارٌ يجب أن يتوقف
في محاولة لتسويغ إطالة حرب الإبادة على غزّة، ربط الرئيس الأميركي دونالد ترامب غير مرّة هذه الحرب بالصراع الإسرائيلي الأميركي مع إيران، وقبل أيام ومع إعلان وقف إطلاق النار بين تل أبيب وطهران، أبدى ترامب تفاؤله بتقدّم كبير في المفاوضات بشأن غزّة، بعد التراجع العام للقدرات الإيرانية. والحال أن الربط بين إيران وغزّة متعسّف، ولا شواهد عليه، فمن ناحية سياسية، كانت طهران في منأى عن المفاوضات، وكانت حركة حماس وما زالت تُصغي للوسيطين، المصري والقطري، بأكثر من أي طرف آخر. ومن ناحية "عسكرية"، تلجأ منظمات المقاومة إلى التصنيع الذاتي لأسلحتها الخفيفة في مواجهة الاجتياح الإسرائيلي. والى جانب كثرة من زعماء العالم، ربط ساسة إسرائيليون غير قليلين استمرار الحرب على غزّة بحسابات بنيامين نتنياهو السياسية ومصلحته الشخصية، ولم يربطوا الأمر بجهة خارجية، إيران أو غيرها. مما يستحق التشديد عليه أن الإدارة الحالية في واشنطن تتحمّل مسؤولية كبيرة في استمرار حرب الإبادة، فقد سمحت لنتنياهو أن يتنصل من اتفاق 19 يناير (2025) وينقلب عليه، وسمحت له خلال ذلك بالفتك اليومي بالأطفال والنساء، من دون أن تبدر عن واشنطن كلمة واحدة تدين هذا الاستهداف المنهجي للضحايا الأبرياء، ولم تف هذه الإدارة بتعهدات الرئيس ترامب بوقف حرب غزّة خلال حملته الانتخابية، إذ كان المجال وما زال مُتاحاً لصياغة اتفاقية مع الوسيطين المصري والقطري وفرضها على طرفي الصراع، ثم جاء التطوّر الأسوأ، حين أخذ ترامب يتحدّث غير مرّة عن أبناء غزّة الذين "يتضوّرون جوعاً"، ما مهّد لتقديم صيغة مساعدات أميركية بديلة عن مساعدات الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية. وإذا بهذه الصيغة تتكشف عن أهداف شرّيرة، إذ يجري قنص الساعين إلى استقبال المساعدات وقتلهم بالعشرات كل يوم، وأقل ما يقال في هذا الأمر إنه مشين ويلحق العار بمن ينفذون هذا البرنامج. ورغم احتجاجات الأمم المتحدة على صيغة المصيدة هذه، فإن المسؤولين في البيت الأبيض والخارجية الأميركية لم يحرّكوا ساكناً، وواصلوا دعم هذا البرنامج الخبيث الذي يفاقم من مأساة أبناء القطاع. سوف يسجل التاريخ قريباً أن حرب الإبادة جرت في عهد كل من بايدن وترامب، وهو ما يلطّخ صورة أميركا الربط الذي يتعيّن الإشارة إليه أن إدارة الرئيس ترامب غضّت النظر عن المقتلة اليومية التي يقودها نتنياهو ووزراؤه، ما سمح لهذه الحرب الشنيعة بأن تستمرّ، وذلك في تكرار من الإدارة الحالية للخطيئة التي ارتكبتها إدارة جو بايدن السابقة، في تعميم القتل اليومي على المدنيين المنكوبين، والتذرّع بإيران لا ينطلي على أي طفل، فهناك مجرم حرب كبير يُصرّ على مواصلة جريمته، وتقوم واشنطن بالتستّر عليه وإعفائه من المسؤولية، ما يحفّزه على ارتكاب مزيد من القتل جهاراً نهاراً، وعلى رؤوس الأشهاد، وعلى شاشات التلفزيون. ويسترعي الانتباه أنه بينما توقفت الحرب الإسرائيلية على لبنان وعلى إيران، لا تتوقّف الحرب على غزّة، ولا يحتاج المرء ذكاء خارقاً ليدرك سبب هذا الاستثناء، إذ إن معركة نتنياهو على غزّة ذات طبيعة استئصالية بحق أبناء الأرض، والحرب على حركة حماس ليست إلا جزءاً ضئيلاً من هذه الحرب المتوحشة، فتدمير الحياة والأحياء هو الهدف العزيز على قلوب المتطرّفين في تل أبيب، ومن الشائن أن يقف أي طرف دولي مع هذه المجازر أو يغضّ النظر عنها، أو يتلكأ في العمل على إيقافها. وسوف يسجل التاريخ قريباً أن حرب الإبادة هذه جرت في عهد كل من بايدن وترامب، وهو ما يلطّخ صورة أميركا. غضّت إدارة ترامب النظر عن المقتلة اليومية التي يقودها نتنياهو في غزّة علاوة على ذلك، بينما وصلت الإدارة الحالية إلى البيت الأبيض محمولة على تعهدات ترامب بوقف الحروب وإحلال السلام في الشرق الأوسط وأوكرانيا، لافتٌ أن ترامب يواظب على الاتصال بطرفٍ واحدٍ من أطراف الصراع في الشرق الأوسط، وهو نتنياهو، ويمتنع الرئيس وأركان إدارته عن إجراء أي اتصالاتٍ مع الجانب الفلسطيني، فكيف سيحقّق ترامب وعوده السلمية، وهو يكتفي بالتواصل مع جانب واحد، مع التجاهل المتعمّد للطرف الثاني، الفلسطيني؟ وبما يتعلق بهذه المسألة، يعدّ سلوك الإدارة الحالية أسوأ من سياسة بايدن التي كانت تقوم على الحوار مع الطرفين، الإسرائيلي والفلسطيني. وإذا ما استمرّت إدارة ترامب في السير على هذا النهج غير المتوازن، فلنا أن ننتظر مزيداً من الكوارث ومن حروب نتنياهو، لا من فرص السلام الجدّية. سبق أن أبدى كاتب هذه السطور، إلى جانب معلقين آخرين، تفاؤلاً حذراً بتوجّهات ترامب الشرق أوسطية، غير أن أداء هذه الإدارة يتعارض مع الوعود السلمية التي أشاعها ترامب، وألحّ عليها في حملته الانتخابية ولدى عودته إلى البيت الأبيض. وللتذكير، تجدّدت الوعود، وانتعشت بعد الزيارة التي أدّاها ترامب للرياض والدوحة وأبوظبي في الشهر الماضي (مايو/ أيار)، والتي اتسمت بأجواء احتفالية بالضيف الكبير، غير أن الرئيس ما إن عاد إلى واشنطن حتى تجدّدت سياسته الشرق أوسطية من دون تغيير، وهي سياسة تنزع إلى السلبية، وفي أحسن الأحوال تتصف بالضبابية والإشارات المتناقضة، والامتناع عن اتخاذ إجراءاتٍ لوقف مسلسل الحروب وإطلاق المسيرة السلمية، بل وافق الرئيس على المشاركة الجزئية في حرب نتنياهو على إيران، في وقتٍ كانت المفاوضات مع طهران واعدة وتسير سيراً حسناً، فيما تتراجع في هذه الأثناء الآمال باستئناف التفاوض لوقف الحرب على أوكرانيا، فيما الثقة في أدنى مستوياتها بين واشنطن من جهة وموسكو وبكين من جهة ثانية، غير أن أمراً يستحقّ التشديد عليه، إلى ذلك كله، أن عشرات الأطفال والنساء يقتلون يومياً في غزّة على أيدي القوات الإسرائيلية، وعلى أيدي قنّاصة مرتزقة يعملون في برنامج المساعدات الأميركي، وآن لهذا العار أن يتوقف، فهو لا يليق بسلوك دولة صغيرة مارقة، فكيف بالدولة العظمى؟


BBC عربية
منذ 3 ساعات
- BBC عربية
ترامب يهاجم محاكمة نتنياهو: هل يحصل رئيس الحكومة على عفو عام؟
في خضم تداعيات الضربة العسكرية المشتركة بين إسرائيل والولايات المتحدة على إيران، فجّر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب موجة من الجدل السياسي والقانوني داخل إسرائيل، بعدما دعا علناً إلى إلغاء محاكمة رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو أو منحه عفواً فورياً، واصفاً إياه بأنه "بطل حربي" يستحق التكريم لا المحاكمة. وفي سياق متصل، تقدم رئيس الحكومة الإسرائيلي بطلب رسمي للمحكمة المركزية في القدس لتأجيل جلسات محاكمته، التي تُعقد ثلاث مرات أسبوعياً، لمدة أسبوعين، متذرعاً بانشغاله بملفات "سياسية وأمنية حساسة" على رأسها الملف الإيراني والوضع في قطاع غزة. غير أن المحكمة رفضت طلبه مرتين، معتبرة أن المبررات "غير كافية" لتأجيل الجلسات، وأصرت على مواصلة الإجراءات القضائية دون تغيير في الجدول الزمني المحدد مسبقا. العفو الرئاسي في إسرائيل: قواعد صارمة وحدود سياسية دعوة ترامب أثارت تساؤلات قانونية حول إمكانية منح رئيس حكومة على رأس عمله عفواً رئاسياً، فبحسب القانون الإسرائيلي، لا يمكن للرئيس أن يمنح العفو إلا بطلب مباشر من الشخص المعني، وبعد التشاور مع النيابة العامة ووزارة العدل، كما أن العفو لا يُمنح عادة إذا ثبتت في القضية صفة "العار الأخلاقي" التي تمنع صاحبها من تولي المناصب العامة. الرئيس الإسرائيلي يتسحاق هرتسوغ، وفي تصريحات نادرة، أبدى انفتاحاً على فكرة التوصل إلى تسوية شاملة، مشيراً إلى أن أكثر من 90 في المئة من القضايا الجنائية في إسرائيل تنتهي عبر صفقة ادعاء. وقد دعا هرتسوغ إلى "حوار مسؤول" بين السلطات القضائية والسياسية للوصول إلى حل توافقي، ولكنه شدد في الوقت ذاته على ضرورة احترام استقلال القضاء وسيادة القانون. بين الدعم والرفض: انقسام إسرائيلي حاد أحدثت تصريحات ترامب صدمة في الأوساط السياسية، وانقسمت ردود الفعل في إسرائيل بين من رأى فيها تعبيراً عن "شعور شعبي عميق" بضرورة إنهاء المحاكمة، وبين من اتهم ترامب بالتدخل الفج في شؤون دولة ذات سيادة. في أوساط الحكومة، سارع العديد من الوزراء إلى تأييد دعوة ترامب، واعتبر وزير الثقافة والرياضة ميكي زوهار أن "الوقت قد حان لإنهاء الظلم اللاحق بنتنياهو"، واصفاً المحاكمة بأنها "مطاردة شخصية بلا أساس قانوني". أما وزير الخارجية جدعون ساعر، فأشار إلى أن المحاكمة استغرقت أكثر من خمس سنوات، وأن الاستمرار فيها يخدم منطق "الاضطهاد القانوني" أكثر مما يخدم العدالة. كذلك، رأى رئيس لجنة الدستور في الكنيست، سمحا روتمان، أن المحاكمة تعكس صورة مشوهة للقضاء الإسرائيلي، واصفاً الاتهامات بأنها "مفبركة وبعيدة عن الواقع"، ولكنه في الوقت نفسه شدد على أن الرئيس الأمريكي ليس مخولاً بالتدخل في النظام القضائي لدولة أخرى، داعياً إلى حل "يليق بدولة ذات مؤسسات مستقلة". في المقابل، وجدت التصريحات معارضة شديدة من قبل أطراف المعارضة، حيث اعتبر زعيم المعارضة السابق يائير لابيد أن تدخل ترامب "غير مقبول على الإطلاق"، وأنه يشكل مساساً بسيادة القضاء الإسرائيلي. أما النائبة ناعما لازيمي، فرأت في تصريحات ترامب "دليلاً جديداً على أن نتنياهو لم يعد يثق بمؤسسات دولته"، معتبرة أن طلب الدعم من زعيم أجنبي هو بحد ذاته "إدانة سياسية وأخلاقية". اللافت أن رئيس المحكمة العليا المتقاعد، أهارون باراك، دخل على خط النقاش، معلناً دعمه لأي خطوة تفضي إلى إنهاء محاكمة نتنياهو، سواء كانت عفواً أو صفقة ادعاء، وقال إنه لا يفهم سبب تعثر هذه المبادرات. وتشير تقارير صحفية إلى أن باراك عرض الوساطة فعلياً بين الأطراف للوصول إلى تسوية، إلا أن محاميي نتنياهو رفضوا طرحه، بسبب اشتراطه خروج نتنياهو من الحياة السياسية مقابل إسقاط التهم عنه. بين السياسة والقضاء، هل نحن أمام صفقة شاملة؟ تعكس هذه التطورات معركة مزدوجة يخوضها نتنياهو: داخل المحكمة وداخل المؤسسة السياسية. فبينما يواجه اتهامات بالفساد في قضايا الهدايا والرشى، يُنظر إليه أيضاً كمهندس للهجوم على إيران، والشريك الرئيسي في خطة أمريكية واسعة لإنهاء الحرب في غزة وتوسيع دائرة اتفاقيات أبراهام. في هذا السياق، يرى محللون أن تصريحات ترامب لم تكن مجرد دعم عاطفي لصديق، بل جزءاً من محاولة استراتيجية لإزاحة العائق القضائي عن طريق نتنياهو، تمهيداً لدفع خطة سلام إقليمية تشمل إنهاء الحرب مقابل تسوية شاملة مع حماس، وإشراك دول عربية في إدارة غزة، وفتح باب التطبيع مع السعودية. كشفت صحيفة يسرائيل هيوم عن وجود خطة في المقابل لإنهاء الحرب في غزة والإفراج عن المحتجزين وتسوية تطبيع مع دول مختلفة من بينها السعودية وسوريا. ترامب وبحسب مراقبين يعلم جيدا بأن نتنياهو يتمسك بحكومته التي ستمنعه من إيقاف الحرب في غزة أو توقيع اتفاق تطبيع مع السعودية بسبب إمكانية اتخاذ مسار حل الدولتين مع الفلسطينيين، وأن هذا المانع يرتبط كثيرا بخشية نتنياهو من سقوط الحكومة وفقدان حصانته البرلمانية، لذلك يعتقد أن تقديم العفو لنتنياهو سيعطيه مساحة سياسية داخلية أكبر للذهاب في مشروع الرئيس الأمريكي للمنطقة. بيد أن نتنياهو قد يصر على براءته ويستمر في جلسات المحاكمة حتى صدور الحكم النهائي فهو لايزال يعتقد بأنه سيستطيع تفنيد التهم الموجهة ضده بينما يعتبر آخرون بأن ما قُدم ضده من تهم فساد قد يقوده للسجن بشكل شبه حتمي. خلاصة المشهد: عدالة مؤجلة أم تسوية كبرى؟ وسط ضغوط داخلية متزايدة، وأخرى خارجية من حلفاء كبار مثل ترامب، يجد نتنياهو نفسه عند مفترق طرق. فهل يواصل المواجهة القضائية حتى النهاية؟ أم يسلك طريق التسوية السياسية تحت غطاء العفو؟ في الحالتين، يبدو أن ما يجري اليوم يتجاوز مصير رجل واحد، ويمس مستقبل النظام الديمقراطي في إسرائيل ومستقبل اتفاقات تطبيع وحلول سياسية واستراتيجية معقدة.


القدس العربي
منذ 3 ساعات
- القدس العربي
ترامب يهاجم خامنئي بسبب حديثه عن 'النصر'.. ويتوعد بقصف إيران مجددا- (فيديو)
'القدس العربي': قال الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الجمعة، إنه 'أنقذ المرشد الإيراني علي خامنئي من موت قبيح ومهين'، مهاجما إياه بسبب تصريح قال فيه إن طهران انتصرت في المواجهة مع الولايات المتحدة وإسرائيل. وأوضح ترامب، في منشور على منصته 'تروث سوشال'، أنه أوقف فورا جهود تخفيف العقوبات عن إيران بسبب ما وصفه بـ'بيان مليء بالغضب والكراهية والاشمئزاز' من جانب خامنئي. وأضاف: 'خلال الأيام القليلة الماضية، كنت أعمل على إمكانية رفع العقوبات، وخيارات أخرى من شأنها أن تمنح إيران فرصة أفضل للتعافي الكامل والسريع، لكنني أوقفت كل ذلك بعد تصريحات خامنئي'. واعتبر ترامب أن المرشد الإيراني 'هُزم شر هزيمة' بفعل الغارات الجوية الأمريكية والإسرائيلية الأخيرة. وفي مؤتمر صحافي في البيت الأبيض، في وقت سابق الجمعة، أكد ترامب أنه سيوجه ضربات جديدة إلى إيران 'بلا شك' إذا واصلت تخصيب اليورانيوم إلى مستويات تتيح إنتاج سلاح نووي. وردا على سؤال بشأن فعالية الضربات الأخيرة، قال: 'بلا شك. بالتأكيد، سأقصف مجددا إذا لزم الأمر'. كما أكد ترامب أنه يدعم تفتيش المواقع النووية الإيرانية من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية أو أي جهة محترمة، مشيرا إلى رغبته في أن يرى العالم 'بأم عينه ما حدث' لتلك المواقع. وقال إنه يعتقد أن المواقع المستهدفة 'مُحيت'، نافيا تقارير تحدثت عن أن الأضرار كانت طفيفة. وفي الوقت نفسه، أشار ترامب إلى أن إيران عبّرت عن رغبتها في عقد اجتماع، لكنه أضاف أن البيت الأبيض لم يحدد حتى الآن أي لقاء مع وفد إيراني. asked what he wants to see from Iran to prove they've given up their nuclear ambitions, Trump goes on a long rant about how the media disrespected the troops and says, 'I don't believe that their going to go back into nuclear anytime soon.' — Aaron Rupar (@atrupar) June 27, 2025 وكان المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، قد صرّح الأربعاء بأن استئناف عمليات التفتيش في إيران يمثل أولوية قصوى، في ظل توقفها منذ بداية الضربات في 13 يونيو/ حزيران. لكن البرلمان الإيراني وافق الأربعاء على تعليق عمليات التفتيش، فيما أشار نائب وزير الخارجية عباس عراقجي، الجمعة، إلى أن طهران قد ترفض أي طلب من الوكالة الدولية لزيارة المواقع المستهدفة.