logo
الحرب الإسرائيلية-الإيرانية: دروس في الاستراتيجية والتحالفات

الحرب الإسرائيلية-الإيرانية: دروس في الاستراتيجية والتحالفات

اليمن الآنمنذ 4 ساعات
شهدت الحرب الإسرائيلية-الإيرانية تطوراً غير مسبوق في نمط الصراع الإقليمي، وقدمت للعالم نموذجاً معاصراً للحروب المركبة التي تدمج بين الأبعاد العسكرية والتقنية والمجتمعية والإعلامية. رغم أن هذه المواجهة القصيرة (١٢ يوماً) لم تأخذ طابع حرب شاملة تقليدية، فإنها مثلت تحولاً مهماً في فهم كيفية إدارة الحروب، ومن يملك أدواتها الأكثر تأثيراً. أبرز ما أفرزته هذه الحرب هو أن القوة وحدها لم تعد كافية، بل إن من ينتصر هو من يُتقن التنسيق بين الطيف الواسع من أدوات الردع والرد، ويملك المرونة في الحركة، والقدرة على التكيّف مع المتغيرات.
التحالفات وصناعة القوة
أحد أبرز الدروس المستخلصة تمثّل في أهمية التحالفات العسكرية والدفاع المشترك. لم يعد من الممكن لأي دولة أن تعتمد على قدراتها الذاتية فقط في حماية أمنها القومي. إسرائيل، على سبيل المثال، استفادت من شبكة تحالفاتها الدولية، لا سيما علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وما يتبع ذلك من دعم استخباراتي وتكنولوجي ودبلوماسي. هذا الدعم لا يظهر فقط في المواقف السياسية، بل في نقل التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتوفير أنظمة رصد مبكر وإنذار.
بالمقابل، سعت إيران إلى تعزيز شراكاتها مع قوى مثل الصين وروسيا، ولكن هذه العلاقة اتّضح أنها تفتقر إلى أية التزامات دفاعية حقيقية. على الرغم من العلاقات القوية التي تربط إيران بكل من الصين وروسيا، فإن غياب أي دعم عسكري مباشر أو حتى موقف سياسي فاعل خلال الأزمة، ترك طهران في موقع المواجهة المنفردة، وقد تُركت لتكون فريسة سهلة في فم خصمٍ يمتلك دعماً غربياً واسعاً ومنظومات قتالية متطورة. هذا التخلّي يعكس حقيقة مهمة: التحالفات القائمة على المصالح الاقتصادية أو التنسيق السياسي غير كافية لضمان الحماية في أوقات الأزمات، بل إن ما تحتاجه الدول هو انخراط فعلي في تحالفات دفاع مشترك موثوقة، تضمن الاستجابة الفورية والتدخل الحقيقي وقت الخطر.
السيطرة الجوية والردع الفعال
رغم تزايد أهمية التكنولوجيا والأساليب غير التقليدية، فإن السيطرة على المجال الجوي لا تزال العامل الحاسم في المعركة. إسرائيل تمكنت من تنفيذ ضربات جوية دقيقة وعميقة باستخدام طائرات F-35 الشبحية، التي صعبت على الدفاعات التقليدية رصدها أو التصدي لها. هذه الضربات طالت المواقع الاستراتيجية في جميع الأراضي الإيرانية، مما يؤكد أن امتلاك سلاح جو متطور يعطي الدولة قدرة كبيرة على الردع والهجوم في آن واحد. على الجانب الآخر، حاولت إيران تطوير أنظمتها الدفاعية عبر تطوير منظومات دفاع محلية الصنع كـ "باور ٣٧٣" و "خرداد ٣"، و"خرداد ١٥"، و"مرصاد"، وشرائها منظومة S-300 الروسية، ومساعيها للحصول على S-400، التي لم تنجح في الحصول عليها بسبب القيود الغربية المفروضة عليها، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لا تكتفي بنقل التكنولوجيا المتقدمة لإسرائيل، بل وفي ذات الوقت فإنها تعمل على حرمان الآخرين من الحصول عليها.
الصواريخ وتغيير معادلات الردع
الحرب أظهرت كذلك تطوراً هائلاً في استخدام الصواريخ، خصوصاً الصواريخ الباليستية والفرط صوتية. إيران أثبتت امتلاكها لترسانة صاروخية كبيرة قادرة على ضرب أهداف بعيدة بدقة متوسطة، وهو ما شكل تحدياً للمنظومات الدفاعية الإسرائيلية مثل "القبة الحديدية" و"أرو". كما ظهرت بوادر استخدام صواريخ فرط صوتية، يصعب اعتراضها بسبب سرعتها الفائقة وقدرتها على المناورة كـ "خيبر شكن". هذا الواقع غيّر قواعد الردع في المنطقة، وأعاد تعريف مفهوم الضربة الوقائية والضربة الثانية، وفرض ضرورة تطوير دفاعات هجومية واستباقية، بدلاً من الاعتماد الحصري على الدفاعات الصاروخية.
المسيرات وسلاح الكلفة المنخفضة
من أبرز سمات هذه الحرب أيضاً الحضور الكثيف للطائرات المسيّرة، التي باتت السلاح المفضل للعديد من الأطراف في الصراعات الحديثة. إيران اعتمدت على مسيّرات منخفضة الكلفة تُطلق بأعداد كبيرة لإرباك الدفاعات الجوية، بينما استخدمت إسرائيل مسيّرات عالية التقنية ذات توجيه دقيق، مزودة بذكاء اصطناعي وقدرات استطلاع هجومية. هذه الطائرات غيرت معادلة الكلفة في المعركة، فهي توفر إمكانات تدميرية واستطلاعية كبيرة بكلفة أقل من الطائرات التقليدية، كما أنها تقلل الخسائر البشرية المباشرة، وتعطي مرونة في اتخاذ القرار.
الحرب السيبرانية
المواجهة أيضاً كانت مناسبة لاستعراض القدرات السيبرانية، حيث شهدت الحرب تبادلاً كثيفاً للهجمات الإلكترونية التي استهدفت البنى التحتية الحيوية للطرفين. الهجمات طالت شبكات الكهرباء والمياه والمطارات والمنظومات العسكرية، وتم تسريب بيانات حساسة لإرباك الطرف الآخر، أو التأثير على الرأي العام. الحرب السيبرانية أثبتت أنها ليست مجرد حرب معلومات، بل قد تشل دولة بالكامل دون إطلاق رصاصة واحدة، ما يستدعي بناء منظومات دفاع رقمية على درجة عالية من التأمين والتحديث المستمر.
الجبهة الداخلية
على مستوى الأمن الداخلي، لعبت الحرب النفسية دوراً كبيراً في تحريك الجماهير وبناء الانطباعات والانتصارات المعنوية. تسريب معلومات استخباراتية، أو إطلاق إشاعات منظمة، كان جزءاً من الحرب على الجبهة الداخلية، ولكن الأهم من ذلك كان قدرة القيادة السياسية والعسكرية في كل طرف على كسب رضا شعبي ولو نسبي، أو على الأقل ضمان عدم انهيار المعنويات. الحرب في هذا السياق لا تُخاض فقط ضد العدو، بل ضد الشك، والخوف، والانقسام الداخلي. ولذلك فإن من يملك إعلاماً فعالًا، وأجهزة أمن قوية، وخطاباً وطنياً موحدًا، يكون أكثر قدرة على الصمود.
الاستخبارات وحروب الظل
تبقى الاستخبارات عاملاً حاسمًا في هذه الحرب، بل لعلها الأكثر تأثيراً في نتائجها على المدى الطويل. إسرائيل تمكنت خلال المواجهات القصيرة من تنفيذ عمليات اغتيال معقدة استهدفت 14 عالماً نووياً إيرانياً، إلى جانب قادة الجيش والحرس الثوري وأجهزة المخابرات، دون أن تتمكن إيران من كشف المخططين أو إفشال العمليات مسبقاً. هذا التفوق الاستخباراتي يعكس عمق الاختراق الإسرائيلي داخل البنية الأمنية الإيرانية، ويشير إلى فجوة في قدرة طهران على حماية أسرارها ومنع تسرب المعلومات الحيوية. الأهم من ذلك، أن هذه الوقائع تحيلنا إلى استنتاج استراتيجي بالغ الأهمية: الدول التي لا تملك أجهزة استخبارات قادرة على مجابهة أجهزة استخبارات الدول المعادية، سيتم تفخيخها من الداخل، والتلاعب بمجتمعاتها، وتوجيهها نحو صراعات أهلية أو حتى إسقاط أنظمتها السياسية، فالحرب لم تعد تُخاض فقط في الجبهات، بل من داخل غرف القرارات والمجتمعات الهشة.
في ضوء ما كشفته هذه الحرب من تحولات استراتيجية وتكنولوجية، فإن الدول العربية أمام لحظة مراجعة حقيقية لمقارباتها الدفاعية والأمنية، لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار:
ضرورة الخروج من حالة الاعتماد على الحياد أو الحماية الدولية غير المضمونة، والبدء ببناء منظومات دفاع مشترك عربية أو إقليمية فاعلة، لا تعتمد فقط على الشعارات، بل على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتكامل القدرات الجوية والصاروخية، والتدريب المشترك، وتطوير الصناعات الدفاعية الذاتية.
الانخراط في تحالفات دولية موثوقة تضمن الدعم وقت الأزمات، وليس فقط أثناء فترات التهدئة.
الاستثمار المكثف في تكنولوجيا الحرب السيبرانية، والطائرات المسيّرة، والدفاع الجوي الحديث، وعدم الاكتفاء بشراء الأسلحة، بل فهم آليات استخدامها والتكامل بينها.
تطوير الدول العربية مؤسساتها الاستخباراتية بشكل جذري، بحيث تكون قادرة على استباق محاولات الاختراق والتجنيد والتفكيك الداخلي، لأن ما ثبت خلال هذه الحرب أن من لا يحمي نفسه من الداخل، سيسقط من الداخل.
إعادة الاعتبار للجبهة الداخلية كجزء أساسي من معادلة الأمن القومي، من خلال الإعلام المسؤول، والعدالة الاجتماعية، وتقوية الروابط الوطنية، لأن الجماهير المعبّأة والواعية تشكل درعاً لا يقل أهمية عن أي سلاح.
ترسيخ ثقافة الأمن الاستراتيجي، التي تدرك أن المعارك القادمة لن تُخاض فقط على الأرض، بل في السماء، والفضاء الرقمي، والإعلام، وبين طيات المؤسسات.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الحرب الإسرائيلية-الإيرانية: دروس في الاستراتيجية والتحالفات
الحرب الإسرائيلية-الإيرانية: دروس في الاستراتيجية والتحالفات

اليمن الآن

timeمنذ 4 ساعات

  • اليمن الآن

الحرب الإسرائيلية-الإيرانية: دروس في الاستراتيجية والتحالفات

شهدت الحرب الإسرائيلية-الإيرانية تطوراً غير مسبوق في نمط الصراع الإقليمي، وقدمت للعالم نموذجاً معاصراً للحروب المركبة التي تدمج بين الأبعاد العسكرية والتقنية والمجتمعية والإعلامية. رغم أن هذه المواجهة القصيرة (١٢ يوماً) لم تأخذ طابع حرب شاملة تقليدية، فإنها مثلت تحولاً مهماً في فهم كيفية إدارة الحروب، ومن يملك أدواتها الأكثر تأثيراً. أبرز ما أفرزته هذه الحرب هو أن القوة وحدها لم تعد كافية، بل إن من ينتصر هو من يُتقن التنسيق بين الطيف الواسع من أدوات الردع والرد، ويملك المرونة في الحركة، والقدرة على التكيّف مع المتغيرات. التحالفات وصناعة القوة أحد أبرز الدروس المستخلصة تمثّل في أهمية التحالفات العسكرية والدفاع المشترك. لم يعد من الممكن لأي دولة أن تعتمد على قدراتها الذاتية فقط في حماية أمنها القومي. إسرائيل، على سبيل المثال، استفادت من شبكة تحالفاتها الدولية، لا سيما علاقتها الاستراتيجية مع الولايات المتحدة، وما يتبع ذلك من دعم استخباراتي وتكنولوجي ودبلوماسي. هذا الدعم لا يظهر فقط في المواقف السياسية، بل في نقل التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وتبادل المعلومات الاستخباراتية وتوفير أنظمة رصد مبكر وإنذار. بالمقابل، سعت إيران إلى تعزيز شراكاتها مع قوى مثل الصين وروسيا، ولكن هذه العلاقة اتّضح أنها تفتقر إلى أية التزامات دفاعية حقيقية. على الرغم من العلاقات القوية التي تربط إيران بكل من الصين وروسيا، فإن غياب أي دعم عسكري مباشر أو حتى موقف سياسي فاعل خلال الأزمة، ترك طهران في موقع المواجهة المنفردة، وقد تُركت لتكون فريسة سهلة في فم خصمٍ يمتلك دعماً غربياً واسعاً ومنظومات قتالية متطورة. هذا التخلّي يعكس حقيقة مهمة: التحالفات القائمة على المصالح الاقتصادية أو التنسيق السياسي غير كافية لضمان الحماية في أوقات الأزمات، بل إن ما تحتاجه الدول هو انخراط فعلي في تحالفات دفاع مشترك موثوقة، تضمن الاستجابة الفورية والتدخل الحقيقي وقت الخطر. السيطرة الجوية والردع الفعال رغم تزايد أهمية التكنولوجيا والأساليب غير التقليدية، فإن السيطرة على المجال الجوي لا تزال العامل الحاسم في المعركة. إسرائيل تمكنت من تنفيذ ضربات جوية دقيقة وعميقة باستخدام طائرات F-35 الشبحية، التي صعبت على الدفاعات التقليدية رصدها أو التصدي لها. هذه الضربات طالت المواقع الاستراتيجية في جميع الأراضي الإيرانية، مما يؤكد أن امتلاك سلاح جو متطور يعطي الدولة قدرة كبيرة على الردع والهجوم في آن واحد. على الجانب الآخر، حاولت إيران تطوير أنظمتها الدفاعية عبر تطوير منظومات دفاع محلية الصنع كـ "باور ٣٧٣" و "خرداد ٣"، و"خرداد ١٥"، و"مرصاد"، وشرائها منظومة S-300 الروسية، ومساعيها للحصول على S-400، التي لم تنجح في الحصول عليها بسبب القيود الغربية المفروضة عليها، وهو ما يعني أن الولايات المتحدة لا تكتفي بنقل التكنولوجيا المتقدمة لإسرائيل، بل وفي ذات الوقت فإنها تعمل على حرمان الآخرين من الحصول عليها. الصواريخ وتغيير معادلات الردع الحرب أظهرت كذلك تطوراً هائلاً في استخدام الصواريخ، خصوصاً الصواريخ الباليستية والفرط صوتية. إيران أثبتت امتلاكها لترسانة صاروخية كبيرة قادرة على ضرب أهداف بعيدة بدقة متوسطة، وهو ما شكل تحدياً للمنظومات الدفاعية الإسرائيلية مثل "القبة الحديدية" و"أرو". كما ظهرت بوادر استخدام صواريخ فرط صوتية، يصعب اعتراضها بسبب سرعتها الفائقة وقدرتها على المناورة كـ "خيبر شكن". هذا الواقع غيّر قواعد الردع في المنطقة، وأعاد تعريف مفهوم الضربة الوقائية والضربة الثانية، وفرض ضرورة تطوير دفاعات هجومية واستباقية، بدلاً من الاعتماد الحصري على الدفاعات الصاروخية. المسيرات وسلاح الكلفة المنخفضة من أبرز سمات هذه الحرب أيضاً الحضور الكثيف للطائرات المسيّرة، التي باتت السلاح المفضل للعديد من الأطراف في الصراعات الحديثة. إيران اعتمدت على مسيّرات منخفضة الكلفة تُطلق بأعداد كبيرة لإرباك الدفاعات الجوية، بينما استخدمت إسرائيل مسيّرات عالية التقنية ذات توجيه دقيق، مزودة بذكاء اصطناعي وقدرات استطلاع هجومية. هذه الطائرات غيرت معادلة الكلفة في المعركة، فهي توفر إمكانات تدميرية واستطلاعية كبيرة بكلفة أقل من الطائرات التقليدية، كما أنها تقلل الخسائر البشرية المباشرة، وتعطي مرونة في اتخاذ القرار. الحرب السيبرانية المواجهة أيضاً كانت مناسبة لاستعراض القدرات السيبرانية، حيث شهدت الحرب تبادلاً كثيفاً للهجمات الإلكترونية التي استهدفت البنى التحتية الحيوية للطرفين. الهجمات طالت شبكات الكهرباء والمياه والمطارات والمنظومات العسكرية، وتم تسريب بيانات حساسة لإرباك الطرف الآخر، أو التأثير على الرأي العام. الحرب السيبرانية أثبتت أنها ليست مجرد حرب معلومات، بل قد تشل دولة بالكامل دون إطلاق رصاصة واحدة، ما يستدعي بناء منظومات دفاع رقمية على درجة عالية من التأمين والتحديث المستمر. الجبهة الداخلية على مستوى الأمن الداخلي، لعبت الحرب النفسية دوراً كبيراً في تحريك الجماهير وبناء الانطباعات والانتصارات المعنوية. تسريب معلومات استخباراتية، أو إطلاق إشاعات منظمة، كان جزءاً من الحرب على الجبهة الداخلية، ولكن الأهم من ذلك كان قدرة القيادة السياسية والعسكرية في كل طرف على كسب رضا شعبي ولو نسبي، أو على الأقل ضمان عدم انهيار المعنويات. الحرب في هذا السياق لا تُخاض فقط ضد العدو، بل ضد الشك، والخوف، والانقسام الداخلي. ولذلك فإن من يملك إعلاماً فعالًا، وأجهزة أمن قوية، وخطاباً وطنياً موحدًا، يكون أكثر قدرة على الصمود. الاستخبارات وحروب الظل تبقى الاستخبارات عاملاً حاسمًا في هذه الحرب، بل لعلها الأكثر تأثيراً في نتائجها على المدى الطويل. إسرائيل تمكنت خلال المواجهات القصيرة من تنفيذ عمليات اغتيال معقدة استهدفت 14 عالماً نووياً إيرانياً، إلى جانب قادة الجيش والحرس الثوري وأجهزة المخابرات، دون أن تتمكن إيران من كشف المخططين أو إفشال العمليات مسبقاً. هذا التفوق الاستخباراتي يعكس عمق الاختراق الإسرائيلي داخل البنية الأمنية الإيرانية، ويشير إلى فجوة في قدرة طهران على حماية أسرارها ومنع تسرب المعلومات الحيوية. الأهم من ذلك، أن هذه الوقائع تحيلنا إلى استنتاج استراتيجي بالغ الأهمية: الدول التي لا تملك أجهزة استخبارات قادرة على مجابهة أجهزة استخبارات الدول المعادية، سيتم تفخيخها من الداخل، والتلاعب بمجتمعاتها، وتوجيهها نحو صراعات أهلية أو حتى إسقاط أنظمتها السياسية، فالحرب لم تعد تُخاض فقط في الجبهات، بل من داخل غرف القرارات والمجتمعات الهشة. في ضوء ما كشفته هذه الحرب من تحولات استراتيجية وتكنولوجية، فإن الدول العربية أمام لحظة مراجعة حقيقية لمقارباتها الدفاعية والأمنية، لا بد أن تأخذ بعين الاعتبار: ضرورة الخروج من حالة الاعتماد على الحياد أو الحماية الدولية غير المضمونة، والبدء ببناء منظومات دفاع مشترك عربية أو إقليمية فاعلة، لا تعتمد فقط على الشعارات، بل على تبادل المعلومات الاستخباراتية، وتكامل القدرات الجوية والصاروخية، والتدريب المشترك، وتطوير الصناعات الدفاعية الذاتية. الانخراط في تحالفات دولية موثوقة تضمن الدعم وقت الأزمات، وليس فقط أثناء فترات التهدئة. الاستثمار المكثف في تكنولوجيا الحرب السيبرانية، والطائرات المسيّرة، والدفاع الجوي الحديث، وعدم الاكتفاء بشراء الأسلحة، بل فهم آليات استخدامها والتكامل بينها. تطوير الدول العربية مؤسساتها الاستخباراتية بشكل جذري، بحيث تكون قادرة على استباق محاولات الاختراق والتجنيد والتفكيك الداخلي، لأن ما ثبت خلال هذه الحرب أن من لا يحمي نفسه من الداخل، سيسقط من الداخل. إعادة الاعتبار للجبهة الداخلية كجزء أساسي من معادلة الأمن القومي، من خلال الإعلام المسؤول، والعدالة الاجتماعية، وتقوية الروابط الوطنية، لأن الجماهير المعبّأة والواعية تشكل درعاً لا يقل أهمية عن أي سلاح. ترسيخ ثقافة الأمن الاستراتيجي، التي تدرك أن المعارك القادمة لن تُخاض فقط على الأرض، بل في السماء، والفضاء الرقمي، والإعلام، وبين طيات المؤسسات.

خطة إقليمية كبرى: نتنياهو وترامب يسعيان لفتح مسار تطبيع جديد مع دولة عربية
خطة إقليمية كبرى: نتنياهو وترامب يسعيان لفتح مسار تطبيع جديد مع دولة عربية

اليمن الآن

timeمنذ 6 ساعات

  • اليمن الآن

خطة إقليمية كبرى: نتنياهو وترامب يسعيان لفتح مسار تطبيع جديد مع دولة عربية

قالت 'القناة 14' العبرية إن خريطة الطريق التي وضعها رئيس وزراء إسرائيل نتنياهو والرئيس الأمريكي ترامب للتطبيع في الشرق الأوسط خلال الأشهر القريبة القادمة، تبدأ من سوريا وتركيا. وأضافت القناة العبرية أنه وفي الأسابيع الأخيرة أُحرز تقدم ملحوظ في المحادثات مع النظام الجديد في دمشق. ويفهم في تل أبيب وواشنطن أن الرئيس السوري أحمد الشرع أقل اهتماما بإنهاء الحرب في غزة وأكثر اهتماما برفع العقوبات الأمريكية عن بلاده. وصرح مصدر سياسي: 'الشرع لم يتحول إلى صهيوني لكن المصالح هي التي تملي عليه مسار خطواته'. وتوضح القناة أنه وفي هذه الأثناء يسعى الأمريكيون إلى ربط التطبيع مع سوريا أيضا بتحسين العلاقات بين إسرائيل وتركيا. وعلى هذه الخلفية، يمكن ربما فهم تصريح توم باراك سفير الولايات المتحدة في أنقرة والذي يعمل أيضا كمبعوث خاص لسوريا، عندما قال إن 'الخلاف بين واشنطن وأنقرة بخصوص تزويد تركيا بطائرات F-35 قد يحل قريبا'، وفق المصدر ذاته. أما فيما يتعلق بلبنان، فالوضع أكثر تعقيدا ويتوقف بدرجة كبيرة على نضوج المسار المتعلق بنزع سلاح حزب الله وهو ما لم يتحقق بعد، لكن الحكومة في بيروت وخصوصا الإدارة الأمريكية، لم تتنازل بعد عن هذا الهدف. وتشير 'القناة 14' العبرية إلى أنه وفي المرحلة التالية من المفترض أن تنضم السعودية لكنها لن تفعل ذلك إلا بعد انتهاء الحرب في غزة بسبب الرأي العام داخل المملكة. وبحسب مصادر في تل أبيب، فإن انتهاء الحرب من المتوقع أن يحدث خلال الأشهر القريبة سواء عبر حسم عسكري أو من خلال صفقة استسلام من جانب حماس. وفي حال انضمت السعودية، فالمتوقع هو التحاق إندونيسيا أكبر دولة مسلمة في العالم بالمملكة، والتي انتخبت فيها مؤخرا حكومة مؤيدة للغرب برئاسة برابوو سوبيانتو. ومن المحتمل أن تنجح السعودية لاحقا بجلب أقرب حلفائها باكستان ثاني أكبر دولة مسلمة. أما بالنسبة لباكستان فالأمور أكثر تعقيدا، سواء بسبب التيارات الإسلامية القوية داخلها أو بسبب العلاقات الوثيقة بين إسرائيل والهند، وحالة الحرب أو التوتر الشديد بين إسلام آباد ونيودلهي. وفي ختام المقال تقول القناة: 'على أي حال، وفقا للخطط الموضوعة في القدس وواشنطن فإن كل ذلك من المفترض أن يحدث خلال النصف سنة إلى السنة القادمة هدف طموح ومتفائل للغاية، لكن في ظل التغيرات السريعة والدراماتيكية في المنطقة خاصة بعد سقوط إيران، كل شيء وارد'. احمد الشرع التطبيع سوريا نتنياهو شارك على فيسبوك شارك على تويتر تصفّح المقالات السابق تحذير طبي: سماع ضربات القلب بشكل واضح قد يكون إنذارًا مبكرًا لأمراض قلبية

'العليا البريطانية': دعوى وقف بيع الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي خارج اختصاصنا
'العليا البريطانية': دعوى وقف بيع الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي خارج اختصاصنا

وكالة الصحافة اليمنية

timeمنذ يوم واحد

  • وكالة الصحافة اليمنية

'العليا البريطانية': دعوى وقف بيع الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي خارج اختصاصنا

لندن/وكالة الصحافة اليمنية// قضت المحكمة العليا في بريطانيا بأن الدعوى المرفوعة ضد الحكومة لاستمرارها في بيع الأسلحة لإسرائيل ليست من اختصاص المحاكم. جاء ذلك في قرارها بشأن دعوى رفعتها مؤسسة الحق الفلسطينية لحقوق الإنسان، وشبكة العمل القانوني العالمي (GLAN) ومقرها بريطانيا. وفي القرار الكتابي الذي أصدرته المحكمة، اليوم الاثنين، قال القاضيان ستيفن مالز وكارين ستاين إن القضية لا تقتصر على المناقشة العامة بشأن لائحة الإعفاء، بل تتعلق بـ'قضية أضيق نطاقا وأكثر تركيزا'. وادعى القاضيان أن هذه القضية حساسة جدا وذات طابع سياسي بموجب الدستور، وليست من اختصاص المحاكم، بل هي من اختصاص السلطة التنفيذية، المسؤولة ديمقراطيا أمام البرلمان والناخبين. وفي عام 2024، قدمت مؤسسة الحق وشبكة العمل القانوني العالمي طلبا إلى المحكمة العليا ضد الحكومة البريطانية بعد أن تم تجاهل طلباتهما بتعليق مبيعات الأسلحة لإسرائيل مرارا. وطلبت المنظمتان من حكومة بريطانيا تعليق جميع تراخيص بيع الأسلحة لإسرائيل، بما في ذلك قطع غيار طائرات F-35 المقاتلة. وعُقدت جلسات القضية في 18 نوفمبر2024 و13 مايو 2025.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store