
انتهاكات بحق المدنيين كشف عنها إجلاء البدو المحتجزين لدى فصائل السويداء
وذكرت وسائل إعلام رسمية وشهود أن مئات المدنيين من أفراد العشائر البدوية تم إجلاؤهم من مدينة السويداء ذات الأغلبية الدرزية في سوريا، في إطار وقف إطلاق نار تدعمه الولايات المتحدة، ويهدف إلى إنهاء اشتباكات بين البدو والدروز أودت بحياة المئات.
وأشار الزعبي إلى استقبال سابق لـ3250 عائلة موزعة على مراكز مزوّدة بمواد غذائية وطبية وعيادات متنقلة، وأن بعض العائلات انتقلت إلى مناطق أقاربها، فيما توجهت أخرى إلى دمشق بعد تلقي الدعم. وقال إن نحو 800 عائلة تمت استضافتها من قبل أهالٍ في درعا، فيما باشرت فرق الهلال الأحمر والدفاع المدني العمل إلى جانب فرق تطوعية نسائية لإحصاء العائلات.
عائلة سورية تُرافقها قوات الأمن خارج مدينة السويداء ضمن إجلاء السلطات السورية للمدنيين في 21 يوليو (أ.ف.ب)
عملية إجلاء عائلات عشائر كانوا محاصرين داخل مدينة السويداء كشفتْ عن انتهاكات مروعة ارتكبت بحق المدنيين، وأظهرت تقارير مصورة للخارجين من الاحتجاز تعرض الأطفال والنساء والشيوخ لاعتداءات جسيمة، في الوقت التي لا تزال صور جثث القتلى في الشوارع والوضع الإنساني الكارثي تتوارد من داخل مدينة السويداء.
وحمّل القيادي في «حركة رجال الكرامة» الدرزية ما سماه «الطرف الآخر»، في إشارة للشيخ حكمت الهجري المسؤولية عما حصل في السويداء. وطالب ليث البلعوس، الحليف للحكومة السورية، بتنفيذ القانون و«محاسبة كل يد امتدت على الأبرياء أياً كانت الجهة التي تنتمي إليه»، في تصريح نقلته وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، اتهم فيه «الطرف الآخر» بـ«التعنت والانفراد بقرار الطائفة الدرزية واختيار السلاح لتنفيذ أجندات خارجية ما فجَّر الأوضاع في السويداء».
وأشار البلعوس إلى الحرص والصدق الذي لمسه لدى أطراف دولية على «منع الانزلاق للفوضى بالسويداء»، معبراً عن الأمل بأن تتخذ «الأطراف الدولية خطوات بمجلس الأمن عبر قرارات تردع الساعين إلى تقسيم سوريا». وانتقد الزعيم الدرزي الحليف للحكومة السورية «صمت المجتمع الدولي عن اتخاذ إجراءات فاعلة» باعتباره يشجع الفوضى والانقسام في سوريا.
وما زال الهدوء الحذر المشوب بالتوتر يسود محافظة السويداء وفق مصادر أهلية، مع استمرار استنفار الفصائل المسلحة المحلية في الريف الشمالي الغربي، بعد إجلاء أبناء العشائر البدوية المحاصرين.
وبثت القناة «الإخبارية السورية» الرسمية تقريراً عن إجلاء أول دفعة من عائلات عشائر البدو المحتجزة في السويداء نحو درعا، وكانت محافظة درعا أعلنت في وقت سابق إجلاء 300 شخص من أبناء البدو في السويداء. وحسب مصادر في العشائر، فإن أبناء حي المقوس ومن قرى أخرى أخرجتهم فصائل الهجري من منازلهم عنوةً خلال الأيام الماضية، واقتيدوا إلى مبنى حكومي واحتجزوا هناك، وقد تعرضوا خلال الاحتجاز لانتهاكات.
أفراد من البدو يستقلون شاحنةً تتوقف عند نقطة تفتيش أمنية في بلدة الطارة بمحافظة السويداء جنوب سوريا، في طريقهم إلى درعا (أ.ف.ب)
ويتركز البدو في محافظة السويداء في حي المقوس والعديد من قرى الريف الغربي، وتعمل الحكومة السورية على إجلاء نحو 1500 شخص من عشائر البدو يرغبون بمغادرة المحافظة بسبب الأوضاع الأمنية، حسب قائد الأمن الداخلي في محافظة السويداء، أحمد الدالاتي، المشرف على عملية إجلاء المدنيين، فجر الاثنين، موضحاً أن إجلاء أبناء العشائر البدوية المحاصرين في السويداء جاء بعد جهود حثيثة بذلتها وزارة الداخلية و«التوصّل إلى اتفاق يقضي بإخراج جميع المدنيين الراغبين في مغادرة محافظة السويداء بسبب الظروف الراهنة، وإلى حين تأمينهم وضمان عودتهم الآمنة إلى ديارهم».
عناصر من القوات الحكومية السورية في نقطة حراسة قرب السويداء (أ.ف.ب)
كما أكد الدالاتي أنه تم تبليغ أبناء العشائر العربية الذين فزعوا لنجدة المحاصرين في السويداء بأن القيادة السورية اتخذت قرارها بوقف العمليات القتالية، وأن مسؤولية الدولة ومؤسساتها معالجة التداعيات، وضُرب طوق أمني حول محافظة السويداء، وأغلقت الطرق التي تؤدي إلى المحافظة لمنع استقدام أي مجموعات أو تعزيزات جديدة، وتم إخراج العوائل التي كانت محاصرة، وجرى الاتفاق على آلية واضحة وسلسة ومرنة.
قافلة تابعة للهلال الأحمر السوري تحمل مساعدات إنسانية تعبر مدينة بصرى الشام متجهةً إلى مدينة السويداء (أ.ف.ب)
وانتشرت قوات الأمن الداخلي السوري على الحدود الإدارية بين محافظتي درعا والسويداء وعلى الطرق الرئيسية لتأمين عبور القافلة التي تقل الخارجين من السويداء باتجاه بلدة بصر الحرير في ريف درعا الشرقي، حيث تم تجهيز مراكز إيواء لاستقبال العائلات وتوفير الحماية لها.
وأظهرت مقاطع فيديو للمدنيين الذين تم إجلاؤهم، الاثنين، نساءً وأطفالاً وشيوخاً، قالوا إنهم تعرضوا لأعمال عنف شديد، وقد ظهرت آثار كدمات على وجوههم، بالإضافة إلى مصابين خلال الاشتباكات.
وحسب شهادات الخارجين من السويداء، فإنه تم إخراجهم من بيوتهم عنوةً واحتجازهم في مبانٍ عامة قبل أن يتم الإفراج عنهم وتسليمهم للحكومة السورية، وأكدوا وقوع جرائم قتل جماعي شملت مسنين وأطفالاً.
أفراد من البدو فوق شاحنة عند نقطة تفتيش أمنية في بلدة الطارة بمحافظة السويداء، جنوب سوريا، في طريقهم إلى درعا الاثنين (أ.ف.ب)
وخلال أسبوع من الاشتباكات في السويداء، نزح أكثر من 128 ألف شخص وفق ما أفادت به المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة لوكالة الصحافة الفرنسية، وأن أكثر من 43 ألف شخص نزحوا في يوم واحد.
كما وثّقت «الشبكة السورية لحقوق الإنسان» مقتل ما لا يقل عن 558 شخصاً وإصابة أكثر من 783 آخرين، بجروح متفاوتة الخطورة، بين 13 و21 من يوليو (تموز) الحالي. وتشمل حصيلة الضحايا 17 سيدة و11 طفلاً، إضافة إلى 6 من الطواقم الطبية بينهم 3 سيدات و2 من الطواقم الإعلامية، إضافة لمقاتلين من مجموعات عشائرية مسلحة من البدو، وأخرى محلية خارجة عن سيطرة الدولة من أبناء المحافظة، إلى جانب عناصر من قوى الأمن الداخلي ووزارة الدفاع التابعة للحكومة الانتقالية السورية، وفق تقرير الشبكة.
كانت وزارة الصحة السورية قد استقبلت 1698 حالة إصابة نتيجة أحداث السويداء، تراوحت شدتها بين الخفيفة والمتوسطة، منها 425 حالة حرجة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الشيخ البلعوس أجرى مباحثات مع مجلس الشيوخ الأميركي حول السويداء
قال الشيخ ليث البلعوس، أحد الزعامات الروحية في محافظة السويداء جنوب سوريا، الذي يقود عدة فصائل مسلحة تنضوي ضمن ما يُعرف بـ«مضافة الكرامة»، إن سبب الأحداث الدامية التي شهدتها المحافظة ذات الأغلبية الدرزية هو استحواذ طرف على قرار الطائفة وإقصاء الآخرين، وذلك خلال مباحثات مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، أرادت معرفة حقيقة ما يجري في المحافظة التي شهدت أحداثاً دامية قُتِل خلالها المئات، وركَّزت أيضاً على «مَن يتحمل المسؤولية». وفي تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، ذكر البلعوس أن المباحثات جرت مع لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي – مكتب رئيس اللجنة السيناتور جيمس ريتش، وعضو المجلس السيناتور جين شاهين، عبر تطبيق «زوم»، ويسر اللقاء الدكتور بكر غبيس العضو في منظمة «مواطنين لأجل أميركا آمنة». وفي وقت سابق من هذا الشهر، اندلعت اشتباكات ضارية وأعمال عنف دامية في السويداء بين أبناء الطائفة الدرزية وقبائل بدوية سنية محلية، على خلفية عمليات خطف متبادلة، وقد تدخلت الحكومة السورية لبسط نفوذها وفض النزاع، وحاولت نشر قوات أمنية في أرياف المحافظة ومدينة السويداء، لكن تم رفض ذلك من قبل الرئيس الروحي للطائفة الدرزية، الشيخ حكمت الهجري، وفصائل محلية مسلحة ومواجهتها، لتدور اشتباكات عنيفة بين الجانبين، ترافقت مع تدخُّل إسرائيل باستهداف القوات الحكومية في المحافظة وعدة مناطق في درعا ومبنى هيئة الأركان ومحيط القصر الرئاسي في دمشق، مدّعيةً أنها كانت تعمل لحماية الدروز. تشكيل حركة «قوات شيخ الكرامة» مايو 2020 بعد قتل أمن نظام الأسد قائد «مشايخ الكرامة» الشيخ وحيد البلعوس عام 2015 وأوضح القيادي الدرزي أن المباحثات دارت حول ملف محافظة السويداء، وتحديداً من حيث الوضع الإنساني والأمني وتداعيات النزاع الدائر بين أطياف المجتمع: «أكدنا في حديثنا أن الدماء التي تُراق في الجبل مرفوضة بكل الأشكال، وناقشنا ضرورة حماية المدنيين ووضع حد للفوضى والانفلات، وطلبنا أن يتم العمل على تشكيل لجنة حقوقية مستقلة لتوثيق الانتهاكات وحماية الحق في الحياة والكرامة لكل إنسان في السويداء». وأضاف: «أرادوا أن يسمعوا من أبناء المنطقة بشكل مباشر عن حقيقة ما يجري بعيداً عن الروايات المفبركة والتقارير المشوَّشة، وكان تركيزهم على مَن يتحمل المسؤولية، وما هي مطالب الناس، وكيف يمكن دعم استقرار الوضع إنسانياً وسياسياً». وتابع: «أوضحنا لهم أن الوضع ليس كما يُصوَّر إعلامياً، بل هناك طرف استحوذ على قرار الطائفة، وأقصى الآخرين، وهو ما أدى إلى الفوضى والدماء، وقلنا لهم بصراحة: لسنا عملاء لأحد، بل نحن أبناء كرامة، وحرصنا على السويداء مِن حرصنا على سوريا». صور للتعدي على حرمة مدفن الشيخ وحيد البلعوس والد ليث البلعوس الذي اغتيل عام 2015 البلعوس أكد أنه «لم يترك السويداء في الأيام الحرجة، وكان دائماً حاضراً سواء بشكل مباشر أو من خلال تواصله اليومي مع الأهالي ومع الفعاليات ومع الوطنيين الذين يعملون بصمت لحماية الناس، مضيفاً: «وإن غبت فكانت الغاية هي التنسيق والحماية وليس الهروب، كثيرون يعرفون مواقفي ويعرفون أني لم أساوم على دم ولا على كرامة». وسألت «الشرق الأوسط» البلعوس، إن كان هناك خطر على حياته خلال أحداث السويداء.. ومن أين كان يأتي؟ فأجاب: «نعم، في لحظة معينة بات هناك تهديد واضح بعد أن تبيَّن لبعض المتنفذين أن صوت العقل بات يهدد مصالحهم، وقد وصلتني تهديدات مباشرة وغير مباشرة من جماعات مرتبطة بعصابات ومسلحين نعلم تبعيتها، ومن أين تأخذ قرارها. وقد قاموا بسرقة منازلنا وإحراقها والتعدي على الممتلكات والتعدي على حرمة مدفن والدي الشهيد الشيخ أبو فهد وحيد البلعوس، إضافةً لحرق مضافته». وختم البلعوس تصريحه بالقول: «أنا موجود. لن نتخلى عن أرضنا وكرامتنا، ونسعى لإيضاح الحقيقة المرَّة لأهلنا ولشعبنا، والناس سمعت الحقيقة وعرفت مَن أراد بها الفتنة ومَن سعى ليبقي لهم الأمل»، مشدداً على أن «السويداء بيتي ومكاني وواجبي، ولن أتخلى عنها يوماً». الشيخ ليث البلعوس @laith095124 يكشف عن وجود تجار كبتاغون و ضباط سابقين من نظام الأسد ضمن الميليشيات المقاتلة داخل السويداءSheikh Laith Al-Balaous @laith095124 reveals the presence of Captagon dealers and former officers from the Assad regime among the militias fighting inside... — Dr. Bakr Ghbeis (@BGhbeis) July 26, 2025 في منشورين له حول المباحثات، أوضح الدكتور غبيس، في حسابه على منصة «إكس»، أن النقاش خلال اللقاء تمحور حول اختطاف قرار الحرب والسلم للطائفة الدرزية من قبل مجموعة صغيرة. وأوضح أن البلعوس كشف للجنة عن وجود العديد من ضباط نظام بشار الأسد السابق وتجار «الكبتاغون» بين الميليشيات التي تحارب القوات الحكومية وترتكب الانتهاكات. وانسحبت بعد ذلك القوات الحكومية من مدينة السويداء، وتمركزت في المدن والبلدات والقرى المحيطة بها. وأسفرت تلك الأحداث عن مقتل مئات المدنيين وقوات الأمن السورية ومقاتلي الفصائل المحلية الدرزية، وإجلاء الآلاف من أبناء القبائل البدوية السنية إلى درعا. مقاتل درزي عند نقطة تفتيش في أحد شوارع السويداء الجمعة (أ.ب) وتُعَد «دار طائفة المسلمين الموحَّدين الدروز في سوريا» المرجعية الدينية العليا للطائفة الدرزية، وهي تضمّ شيوخ عقل الطائفة الثلاثة، وهم: الشيخ يوسف جربوع، والشيخ حمود الحناوي، والشيخ حكمت الهجري. بينما يُعدّ الهجري الرئيس الروحي للطائفة. ومنذ التغيير السوري في الثامن من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ظهر تباين في المواقف بين شيوخ العقل الثلاثة تجاه السلطات السورية الجديدة؛ ففي حين يرفض الهجري دخول قوات الجيش والأمن الحكومية إلى المحافظة، ويوجه انتقادات لاذعة للحكومة، ويطالب بتدخُّل دولي، بحجة حماية السويداء، كانت مواقف جربوع والحناوي بضرورة التفاهم مع الحكومة، والحفاظ على قنوات التواصل معها، وبسط الدولة سيطرتها على السويداء. قافلة مساعدات من «الهلال الأحمر» تصل إلى السويداء عبر بصرى الشام (سانا) وتتوافق مواقف البلعوس الذي يقود عدة فصائل مسلحة تنضوي ضمن ما يُعرَف بـ«مضافة الكرامة» مع مواقف قائد فصيل «أحرار جبل العرب»، سليمان عبد الباقي، ومواقف جربوع والحناوي. ويقود ليث البلعوس الفصائل المنضوية في «مضافة الكرامة»، ومن بين تلك الفصائل «حركة رجال الكرامة» التي يتزعمها يحيى الحجار، لكن موقف الحجار إزاء الاحداث في السويداء مختلف عن موقف البلعوس، وهو أقرب إلى موقف الهجري. في المقابل، تتخذ فصائل محلية أخرى في السويداء، منها: «لواء الجبل»، و«المجلس العسكري في السويداء»، مواقف معارضة للحكومة ومتقاربة من موقف الهجري. يٌذكر أنه قبل وقوع الأحداث الدامية في السويداء، تم التوصل، عدة مرات، إلى اتفاقات بين المرجعيات الدينية والسياسية والاجتماعية في المحافظة تنصّ على عودة مؤسسات الدولة إلى المحافظة، لكنّ الهجري وعدداً من الفصائل المحلية كانوا يرفضونها.


عكاظ
منذ ساعة واحدة
- عكاظ
كمبوديا تغلق 488 مدرسة وسط تصاعد القتال مع تايلاند
أعلنت السلطات الكمبودية، اليوم السبت، إغلاق 488 مدرسة مؤقتاً في خمس مقاطعات حدودية (أودار مينتشاي، برياه فيهيار، باتامبانج، بانتياي مينتشاي، وسيام ريب) بسبب تصاعد الاشتباكات المسلحة مع تايلاند على طول الحدود المشتركة بين البلدين، وذلك في أعقاب يومين من الاشتباكات العنيفة التي أسفرت عن مقتل ما لا يقل عن 32 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وإصابة أكثر من 130 آخرين، إلى جانب نزوح عشرات الآلاف من السكان من الجانبين. ووفقاً لوزارة التعليم والشباب الكمبودية، تم إجلاء الطلاب والمعلمين من المناطق المتضررة لضمان سلامتهم، حيث شهدت المقاطعات الحدودية قصفاً مدفعياً وهجمات بصواريخ BM-21 ، إلى جانب غارات جوية تايلاندية بطائرات إف-16 استهدفت مواقع عسكرية كمبودية، وقد أثارت هذه الأحداث قلقاً دولياً واسعاً، حيث دعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة والصين ودول رابطة آسيان إلى وقف فوري للأعمال العدائية وحماية المدنيين. ويعود الصراع بين كمبوديا وتايلاند إلى نزاع حدودي يمتد لأكثر من قرن حول مناطق متداخلة على طول الحدود الممتدة لـ 508 أميال (817 كيلومتراً)، خاصة حول معابد تاريخية مثل برياه فيهيار وتا موين ثوم، وتصاعدت التوترات في عام 2008 عندما سجلت كمبوديا معبد برياه فيهيار كموقع تراث عالمي لليونسكو، مما أثار احتجاجات تايلاندية حادة. وفي عام 2011، أدت الاشتباكات إلى مقتل حوالى 20 شخصاً وتشريد الآلاف، وأكدت محكمة العدل الدولية في 2013 حكماً لصالح كمبوديا بشأن معبد برياه فيهيار، لكن تايلاند رفضت اختصاص المحكمة في نزاعات أخرى، وتفاقمت الأزمة الحالية في مايو 2025 بعد مقتل جندي كمبودي في اشتباك حدودي، تلته إصابة جنديين تايلانديين بانفجار ألغام أرضية، مما دفع تايلاند إلى اتهام كمبوديا بزرع الألغام، وهو ما نفته الأخيرة. وتصاعدت الاشتباكات يوم الخميس الماضي، مع تبادل إطلاق نار وصواريخ، ونشر تايلاند لطائرات مقاتلة، مما أدى إلى تدمير أهداف عسكرية كمبودية، وأفادت تقارير بأن معبد برياه فيهيار، وهو موقع تراث عالمي، تعرض لأضرار جسيمة، مما دفع كمبوديا إلى اتهام تايلاند بانتهاك القانون الدولي. وأدت الأزمة إلى نزوح جماعي، حيث أجلت تايلاند حوالى 138,000 شخص من أربع مقاطعات، بينما أجلت كمبوديا أكثر من 4,000 عائلة من مقاطعة أودار مينتشاي وحدها، وطالب رئيس الوزراء الكمبودي هون مانيت مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة بعقد اجتماع عاجل، واصفاً تصرفات تايلاند بـ«العدوان العسكري غير المبرر»، بينما أكد رئيس الوزراء التايلاندي بالوكالة فومثام ويتشاياتشاي أن بلاده تدافع عن سيادتها وستواصل الرد على «الاستفزازات». ودعت منظمة يونيسف جميع الأطراف إلى «ممارسة أقصى درجات ضبط النفس»، مشيرة إلى تأثير الصراع على الأطفال، بما في ذلك إغلاق المدارس ومقتل مدنيين، من بينهم أطفال، كما أصدرت دول مثل الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا تحذيرات سفر لمواطنيها، داعية إلى تجنب المناطق الحدودية. أخبار ذات صلة


العربية
منذ ساعة واحدة
- العربية
أهمية بناء الثقة بين الطوائف والأعراق في سوريا!
المواجهات المسلحة في السويداء، ما هي إلا تمظهر لأزمة ثقافية – اجتماعية في صُلبها، منشأ ذلك هو غياب الثقة بين الطوائف والأعراق المتعددة في البلاد، وعدم وجود هوية وطنية صلبة، واضحة المعالم، يشعر الجميع أنه ينتمي إليها، وأنه جزء أصيلُ منها، وليس مجرد مكونٍ يستخدمُ لإضفاء جمالٍ على الصورة الأوسع في المناسبات العمومية! من يتفحص سوريا، سيجد أنها فسيفساء متنوعة عرقياً: عرب، كرد، تركمان، آشوريون، أرمن، شركس. ليس هذا وحسب، بل هنالك أديان وطوائف متعددة: المسلمون (سنة، شيعة، علويون، دروز، إسماعيلية)، والمسيحيون، هم أيضاً متعددون بدورهم وينتمون إلى عدة كنائس أبرزها: الأرثوذكسية الشرقية، الكاثوليكية، الأرمنية، الأشورية.. فضلاً عن وجود أعدادٍ وإن أقل من الأيزيديين، فيما اليهود السوريون الذين كان لهم وجود في دمشق والقامشلي وحلب، فقد غادر معظمهم البلاد. يضافُ إلى ما سبق، وجود تيار واسع جداً عابر للطوائف والعرقيات، يؤمن بـ"العلمانية" وبأن الهوية المدنية هي الأساس الذي من خلالها يقدم نفسه ويبني علاقاته مع الآخر. وعليه، فإن المجتمع السوري لا يمكن النظر له أو إدارته من منطلق الأغلبية والأقلية، أو عبر مفهوم الأكثرية العددية أو الدينية، وإنما من خلال دولة مدنية أساسها العدالة والمساواة وإشراك مختلف السوريين في مؤسسات الدولة، دون تمييز طائفي أو إثني! البعض ينظر إلى الطوائف والأعراق في سوريا بوصفها "أقليات"، وهذا المنطق يخفي نزعة نحو السيطرة والغلبة، لا المشاركة الحقيقية. لأن الدولة المدنية الحديثة لا تفرز المواطنين إلى أكثريات وأقليات، بل المدماك الأساس هو "المواطنة الشاملة"، التي تجعل الفرص متساوية دون تفضيل لجهة على أخرى، أو قصرِ بعض المناصب العليا على طوائف أو أعراق محددة، لأن ذلك يعني أن هنالك محاباة، ستؤدي حتماً إلى شعور بقية المواطنين بالغبنِ وعدم المساواة، وقد تنفجر مستقبلاً في مواجهات أهلية. إن ما تحتاج إليه سوريا اليوم هو أن تكون هنالك تغيرات مفاهمية عميقة في العقل السياسي والديني والمجتمعي، تقود إلى بناء الثقة بين السوريين، وتجعل "المواطنة" هي حجر الزاوية، وبالتالي ينخرط الجميع تلقائياً في بناء الدولة الوطنية الحديثة، ويدخلون في حوارات عملية جادة، تعالج المشكلات المتراكمة تاريخياً وتلك المستجدة، لأنه دون هذه "الثقة" ستبقى الريبة هي الأساس، وسيقود الشك إلى أن يحتمي المواطنون بـ"الطائفة" لا "الدولة"، وهذه معضلة كبرى، ستجعل الانتماء الإثني والديني هو الحاضنة التي من خلالها تدار المصالح وتبنى السياسات وتشتعل المواجهات المسلحة، أي ستستمر دوامة العنف التي قد تقود إلى خطر وجودي على الدولة السورية، وهو الأمر الذي ليس من صالح السوريين ولا الدول العربية جمعاء! هل هنالك إمكانية لمنع الفرز الأقلوي الضيق، أو وضع حد للمواجهات الدامية الجارية في السويداء الآن؟ بالتأكيد، ليس هنالك من أمرٍ عصيٍ، إنما ليست هنالك أيضاً حلول سحرية، وبالتالي فإن المسؤولية تقع على الحكومة وأجهزتها أولاً، لأنها هي من تدير البلاد، ويشاركها في هذه المسؤولية الزعامات التي تمتلك تشكيلات مسلحة على الأرض، وتمارس العنف والانتهاكات بحق السوريين! هؤلاء جميعاً عليهم تقديم المصلحة السورية أولاً، والابتعاد عن التفكير الضيق الذي ينظر إلى الدولة من زاويته الخاصة. ودون التحرر من هذه القيود الهوياتية المرتابة من بعضها البعض، ستستمر المشكلات في الظهور بين حين وآخر! ولذا، الحل يجب أن يكون بعيد المدى، حقيقياً، وليس مجرد معالجات موضوعية أو مصالحات عابرة لا يمكنها أن تصمد كثيراً.