logo
أنتَ حصيلة عاداتك!

أنتَ حصيلة عاداتك!

الجزيرةمنذ 2 أيام
يقول الشيخ علي الطنطاوي: "إن سلوك الإنسان مجموعة عادات، وإن كل عمل جديد هو بداية عادة جديدة، إما أن يستمر فيها وإما أن يرجع عنها".
تُعرف العادة بأنها شيء تفعله باستمرار حتى يصبح فعله سهلًا؛ أي أنها سلوكيات تقوم بها بطريقة تلقائية ومن دون أيّ جهد، وهي محفورة في لاوعي الإنسان، يُمارسها تكرارًا -عن وعي أو عن غير وعي- مرات عديدة جدًّا إلى درجة أنها تصبح تلقائية.
كتب الرياضي والفيلسوف ألفريد نورث وايتهيد: "الحضارة تتقدّم عن طريق التوسع في العمليات التي نستطيع تأديتها من دون التفكير فيها". ويخبرنا علم النفس بأن 90% من سلوكياتنا نكتسبها بالتعود! أي أن العديد من أنشطتنا اليومية هي ببساطة مجرد روتين؛ فمنذ استيقاظك في الصباح إلى الوقت الذي تذهب فيه للنوم مساءً، هناك مئات الأشياء التي تفعلها بالطريقة نفسها كل يوم. وهذا يشمل طريقة ارتدائك ملابسك، وتناولك الإفطار، وغسل أسنانك، وتفقدك بريدك الإلكتروني.
العادات هي في الواقع بمثابة الخيارات الافتراضية في دماغنا، إنها الاستجابة التي يُفعّلها دماغنا، ونقوم بها من غير مراجعة أو تحليل واعٍ.
والخبر الجيد هو أن العادات تساعد في تحرير ذهنك في أثناء عمل جسمك بشكل تلقائي، وهذا يسمح لك بتخطيط يومك في أثناء اغتسالك، أما الخبر السيئ، فهو أنك قد تتعلّق بالعادات التي لا تخدم مصلحتك، كأنماط السلوك الانهزامية التي تعيق نموك.
كم من الوقت تحتاج لتغيير عادة ما؟
يقول جيمس كلير، مؤلف كتاب "العادات الذرية": "التخلص من عادة سيئة يشبه اجتثاث شجرة بلوط قوية من داخلنا، فيما بناء عادة حسنة يشبه غرس زهرة رقيقة، ورعايتها يومًا تلو آخر".
إن أكثر الإجابات الشائعة لهذا السؤال هي: "حوالي 21 يومًا"… وما ستكتشفه أنه بعد 21 إلى 30 تجربة مع العادة الجديدة، سيصبح عدم فعلها أصعب من فعلها؛ فإذا كنت تفعل شيئًا مرارًا وتكرارًا لمدة 30 عامًا، فربما لا تستطيع التخلي عنه في بضعة أسابيع قليلة.
"العادة هي العادة، ولن يستطيع أي إنسان الإلقاء بها من النافذة، بل عليه دفعها تدريجيًّا بمعدل درجة واحدة في كل مرة"، [مارك توين].
لن تتغير حياتك أبدًا حتى تُغيّر شيئًا ما تفعله بشكل يومي، وذلك يعني تبنّي عادات رائعة. نستطيع أن نروّض أنفسنا على أي سلوك من داخلنا إذا ما أدينا هذا السلوك بالتكرار الكافي والقوة العاطفية اللازمة.
إنّ العادات هي الهندسة غير المرئية للحياة اليومية، إنّنا نُكرر حوالي 45% من سلوكياتنا يوميًّا، لذا فإن عاداتنا تشكل وجودنا ومستقبلنا، وإذا غيرنا عاداتنا فنحن نغير حياتنا.
في سلسلة من ست دراسات تناولا فيها البالغين والأطفال، برهن براين غالّا وأنجيلا دكوروث، الباحثان في علم النفس، على أنّ العادات الإيجابية هي المفتاح لما نطلق عليه غالبًا -وبشكل خاطئ- عبارة "السيطرة على النفس".
لنستطيع تشكيل عاداتنا بنجاح، يجب علينا معرفة ذواتنا. وتكوين العادات يختلف من شخص لآخر؛ فالعادات في سلوكنا تشبه الخيارات الافتراضية في الحاسوب
فوائد بناء العادات الجيدة
تحسين صنع القرار: وجدت الدراسة التي نشرت في مجلة "Plos One" أن الأشخاص الذين لديهم عادات جيدة يتخذون قرارات أفضل من أولئك الذين ليست لديهم مثل هذه العادات.
انخفاض مستويات التوتر: تساعدك العادات الجيدة على تقليل مقدار التوتر الذي تعاني منه في حياتك اليومية.. عندما يكون لديك روتين إيجابي، فإن كل شيء في حياتك اليومية يبدو قابلًا للإدارة.
زيادة الدافع: يمنحك امتلاك عادات جيدة إحساسًا بالسيطرة على حياتك.
تحسين احترام الذات: حين تكتسب عادات جيدة، تبدأ في رؤية نفسك من منظور أكثر إيجابية، وتنمو ثقتك في نفسك.
السماح بالمرونة في أنماط سلوكك يجعلك قادرًا على المحافظة على عاداتك حتى وسط الظروف المتغيرة
كيف تتشكل العادات؟
لنستطيع تشكيل عاداتنا بنجاح، يجب علينا معرفة ذواتنا. وتكوين العادات يختلف من شخص لآخر؛ فالعادات في سلوكنا تشبه الخيارات الافتراضية في الحاسوب، يمكنها أن تجعل الذهاب إلى السلوك الجيّد تلقائيًّا.
يمكنك عبر هذه الخطوات البسيطة تكوين عادات صحية:
إنشاء روتين يومي: هي الخطوة الأولى، وربما الأكثر أهمية.. الروتين اليومي الثابت لا يضطرك إلى التفكير في عاداتك في كل مرة تستيقظ فيها أو تذهب إلى النوم.
اعتماد أسلوب المراقبة والمتابعة لسلوكك: يساعدك في اكتساب العادات التي تريدها.
الاستمرار والمحافظة على "ألا تقطع السلسلة": كل انقطاع طويل عن سلوك معيّن، تسعى لتحويله إلى عادة، يمكنه منع نشوء هذه العادة أو زعزعة العادات الموجودة (مثل التخلف عن الذهاب إلى النادي مرات عدة، مقارنة بالتخلف مرة واحدة).
يساعد ربط العادات الجديدة بالعادات الموجودة في تنمية العادات الجديدة: اربط الأمور التي ترغب في أن تبدأ القيام بها بانتظام (مثل تناول الفاكهة، أو حركات رياضية معينة) بأمر تفعله عادةً (مثل شرب القهوة في الصباح، أو الخروج إلى العمل).
السماح بالمرونة: في أنماط سلوكك يجعلك قادرًا على المحافظة على عاداتك حتى وسط الظروف المتغيرة.
مكافأة نفسك: قم بتحفيز نفسك، وعند تحقيق تقدم في بناء عادة جديدة، امنحها مكافأة صغيرة لتزيد من رغبتك في الاستمرار.
الصبر والمثابرة: تكوين عادات جيدة يحتاج وقتًا.. تغيير سلوكك يتطلب وقتًا وجهدًا.
صمم كل من ريتشارد باندلر وجون جريندر عملية إعادة تشكيل، لتحويل أي عادة غير مرغوب فيها إلى عادة مرغوب فيها، وذلك من خلال:
تحديد النمط أو السلوك الذي ترغب في تغييره.
إقامة تواصل مع ذلك الجزء من مخك الذي يولد هذا السلوك.
التفريق بين القصد والسلوك.
إيجاد سلوك بديل.
النجاح مسألة فهم وممارسة بتفانٍ
لعادات محددة وبسيطة تؤدي إلى النجاح دائمًا
روبرت جيه رينجر
عاداتك تحدد نتائجك، والعادات التي تكتسبها الآن تحدد في النهاية كيف يبدو مستقبلك.
إن التغييرات التي تبدو بسيطة وغير مهمة في البداية، ستتراكم وتتحول إلى نتائج مذهلة لو أنك واصلت الالتزام بها لسنوات. كلنا نواجه عقبات، لكن جودة حياتنا على المدى البعيد تعتمد في الأساس على جودة عاداتنا.
إن هذه المعارك الصغيرة هي التي ستحدد ما ستكون عليه حياتك في المستقبل.. إن الزمن يعظّم الهامش بين النجاح والفشل، وهو سيعظّم أي شيء تفعله.
لا تصبح فوائد العادات الحسنة وتكاليف العادات السيئة جلية إلا حين نتأملها بعد مرور عدة أعوام لاحقة! وبعبارة أُخرى، إنك تدفع تكلفة عاداتك الحسنة في الحاضر، بينما تدفع تكلفة عاداتك السيئة في المستقبل.
"النجاح مسألة فهم وممارسة بتفانٍ لعادات محددة وبسيطة تؤدي إلى النجاح دائمًا"، [روبرت جيه رينجر].
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عودة "التكية الإسلامية".. مشروع اجتماعي يثير الجدل في مصر
عودة "التكية الإسلامية".. مشروع اجتماعي يثير الجدل في مصر

الجزيرة

timeمنذ 4 ساعات

  • الجزيرة

عودة "التكية الإسلامية".. مشروع اجتماعي يثير الجدل في مصر

القاهرة- في خطوة تهدف إلى التخفيف من معاناة الفئات الأكثر احتياجا، أعلنت وزيرة التضامن الاجتماعي المصرية، الدكتورة مايا مرسي، عن دراسة لإحياء مشروع "التكية الإسلامية" برؤية عصرية، باعتبارها أحد الحلول المستدامة لدعم الفقراء والمحتاجين في المجتمع. ويهدف المشروع إلى تقديم وجبات غذائية مجانية يوميا للفئات التي تعاني فقرا مدقعا أو تفتقر لمصدر دخل ثابت، وذلك بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني والجمعيات الأهلية، وتحت رقابة تضمن الكفاءة والشفافية الكاملة في تقديم الخدمات. وأوضح الدكتور محمد العقبي، مساعد الوزيرة للاتصال الإستراتيجي والمتحدث الرسمي باسم الوزارة، أن تصريحات الوزيرة جاءت بعد نجاح مبادرة "أهل الخير للإطعام" خلال شهر رمضان الماضي، والتي أثمرت عن توزيع أكثر من 52 مليون وجبة، بالتعاون مع عدد من الجهات المجتمعية. وأشار إلى التشابه في الهدف بين المبادرة وفكرة "التكية" التاريخية، قائلا إن "هناك تشابها كبيرا بين فكرة الإطعام وتقديم الوجبات الساخنة والوجبات الطيبة المعدة باهتمام سواء لغير القادرين أو الأسر الفقيرة أو غيرها، هو نفس الدور تقريبا الذي كانت تقوم به التكية، لذا حدث الربط بين المفهوم التاريخي للتكية، وما طرحته الوزيرة". وأكد أن تنفيذ المشروع الضخم يتطلب تنسيقا وشراكة مع جميع أجهزة الدولة والوزارات لضمان نجاحه، مضيفا: "ننسق مع وزارات التنمية المحلية والصحة والأوقاف، لأننا سنحتاج إلى استخدام عديد من الأماكن التابعة للأوقاف، في النهاية، نحن لا نعد مشروعا للوزارة لكن خدمة للمواطن المصري، والمرجو من كل هذا الجهد هو رضا المواطن". إعلان الوزيرة أعاد إلى الواجهة تساؤلات حول مفهوم "التكية" وأصولها التاريخية، كما فتح الباب أمام نقاشات واسعة بشأن جدوى المشروع وآلية تطبيقه، ومدى ملاءمته لمتطلبات التنمية الحديثة. مقاربات جديدة لمعالجة الفقر من جانبه، اعتبر الدكتور وليد هندي، استشاري الصحة النفسية، أن تفاقم معدلات الفقر في المجتمعات يتطلب حلولا مستدامة لا مؤقتة، معتبرا أن طرح فكرة التكية يأتي ضمن هذه المحاولات. لكنه في الوقت نفسه أبدى تحفظه الشديد على المشروع، مشيرا إلى أنه يحمل "فشلا ضمنيا" في مضمونه، لا سيما من خلال تسميته. وفي حديث للجزيرة نت، شدد هندي على ضرورة تجنب الصبغة الدينية في مثل هذه المشاريع الاجتماعية، لافتا إلى أن المسيحية أيضا لها مبادرات ومؤسسات خيرية نشطة تخدم الفئات الفقيرة منذ عقود. موروث ثقافي ورأى هندي أن اسم "التكية" نفسه يرتبط في الوعي الشعبي المصري بجلسات الذكر الصوفية والانقطاع عن العمل، وهو ما لا يتماشى مع المفاهيم المعاصرة التي تشجع على العمل والإنتاج، مضيفا: "هذا الموروث الثقافي غير محفز، ولا يتماشى مع التنمية التي ننشدها". وأشار إلى أن دعم الفقراء لا ينبغي أن يقتصر على تقديم الطعام، بل يجب أن يترافق مع خطط لتعليمهم وتأهيلهم وتوفير فرص عمل لهم، وهو ما يتوافق مع توجه الدولة نحو التنمية المستدامة. وأضاف: "المطلوب رفع قيمة الدعم التمويني، وزيادة مخصصات برنامج تكافل وكرامة، إلى جانب مشاريع تنموية حقيقية تعزز من كرامة الإنسان". واختتم تصريحاته مؤكدا دعمه أي مبادرة تستهدف الفئات المهمشة، لكنه دعا إلى اعتماد أساليب حديثة، مثل التقديم الإلكتروني للطلبات بدلا من الوقوف في طوابير انتظار المساعدة، بما يحفظ كرامة المحتاج. من جانبه، دعا الدكتور عبد الرحيم ريحان، خبير الآثار وعضو لجنة التاريخ والآثار بالمجلس الأعلى للثقافة، إلى إعادة توظيف التكايا بوصفها كيانات اجتماعية وخدمية، مشيرا إلى أنها كانت ملاذا للفقراء وعابري السبيل، قبل أن تتحول في مراحل لاحقة إلى مراكز للذِكر الصوفي فقط. وبيّن ريحان -في حديث للجزيرة نت- أن التكية تعد من المنشآت الدينية المهمة التي تعود إلى العصر العثماني، إذ نشأت في الأناضول وامتدت إلى ولايات الدولة العثمانية، وكذلك في سلطنة مغول الهند وما قبل الدولة الصفوية في إيران. وأضاف أن التكايا كانت في البداية مخصصة لإقامة المتصوفة المنقطعين للعبادة، لكنها أدت لاحقا وظائف أخرى، مثل تطبيب المرضى، وهو الدور الذي كانت تضطلع به البيمارستانات في العصرين الأيوبي والمملوكي بمصر قبل أن يضمحل دورها مع دخول العثمانيين. وأشار إلى أن كلمة "تكية" أصلها فارسي وتعني "مكان الاستراحة" أو "الدعامة"، وقد تطور دورها لاحقا لتكون مأوى للفقراء والمسافرين، بل وحتى المحتضرين، وكانت تمول غالبا من أوقاف خاصة أو تبرعات من كبار الدولة. دعم الفقراء وأوضح ريحان أن التكايا في العصر العثماني تحولت إلى مأوى للعاطلين عن العمل، خاصة من المهاجرين العثمانيين إلى الولايات الغنية مثل مصر والشام، وكان يطلق على سكانها اسم الدراويش، حيث كانوا يعيشون على المخصصات الشهرية التي تصرف لهم من التكية. وأشار إلى أن الإنفاق على التكايا كان يتم من خلال أوقاف خصصها سلاطين آل عثمان وأمراء المماليك وكبار المصريين، لتوفير سكن ومعيشة لروادها، مما جعل منها منظومة متكاملة للرعاية الاجتماعية. وفي ضوء ذلك، يرى ريحان أن إعادة إحياء التكايا برؤية معاصرة لا يتعارض مع التوجه التنموي، شرط أن يعاد تأطيرها لتواكب معايير الشفافية والعدالة الاجتماعية، وتفتح أمام الجميع دون تمييز ديني أو طبقي، بحيث تصبح جزءا من شبكة حماية مجتمعية أوسع.

فحم ورمال وعظام مطحونة.. رحلة الإنسان في البحث عن معجون الأسنان
فحم ورمال وعظام مطحونة.. رحلة الإنسان في البحث عن معجون الأسنان

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

فحم ورمال وعظام مطحونة.. رحلة الإنسان في البحث عن معجون الأسنان

قبل أن يصبح معجون الأسنان منتجا يوميا يملأ رفوف المتاجر حول العالم، كان يصنع من مكونات بدائية مثل العظام المطحونة وأصداف المحار وحوافر الثيران. واليوم، تطور هذا المنتج ليصبح أحد أهم أدوات العناية الشخصية، بعشرات الأنواع التي تتجاوز تنظيف الأسنان لتشمل الحماية من التسوس، وتقوية المينا، وتبييض الأسنان، وحتى مكافحة أمراض اللثة. فما حكاية معجون الأسنان؟ تاريخ طويل وسوق بـ19 مليار دولار على غير المتوقع، حرص القدماء على العناية بصحة ونظافة أسنانهم، واستخدموا منتجات بدائية متاحة حولهم. ومع التطور، ازداد الاهتمام بصحة الأسنان والعناية بها، حتى إن بيانات شركة أبحاث السوق العالمية "فورتشن بيزنس إنسايتس"، كشفت نموا ملحوظا للسوق العالمي لمعجون الأسنان، بلغت قيمته نحو 19.4 مليار دولار عام 2024، مع توقعات بتجاوز 29 مليار دولار بحلول 2032، خاصة في ظل أرقام صادمة تشير إلى أن 3.5 مليارات شخص حول العالم يعانون من أمراض فموية، بحسب بيانات منظمة الصحة العالمية. وفي روتين النظافة اليومية، يلعب معجون الأسنان دورا كبيرا في حمايتها والحفاظ على نظافتها وصحتها. "المعجون" في الحضارات القديمة استخدمت الحضارات القديمة، بما فيها المصريون والإغريق والرومان، معجون الأسنان لتنظيف الأسنان وتنقية النفس. وسعوا إلى ابتكار طرق بدائية لكنها كانت فعالة. وفي مصر القديمة، حوالي عام 3000 قبل الميلاد، طور المصريون أول وصفة معروفة لمعجون الأسنان، وكانت تتكون من حوافر الثيران المطحونة، ونبات المر الصمغي، وقشور البيض، وحجر الخفاف والماء. وبحسب المؤسسة المختصة في طب الأسنان "دلتا دنتال أركنساس"، أظهرت هذه المكونات فهما مبكرا لفكرة التلميع والتعقيم، إذ لا يزال الخفاف يستخدم حتى اليوم من قبل مختصي صحة الأسنان لتلميعها خلال جلسات التنظيف الاحترافية. ولم يكتف المصريون القدماء بالخلطة السابقة في العناية بأسنانهم، لكنهم استخدموا مع الصينيين ملح الصخور مع مكونات أخرى في صناعة معاجين الأسنان، وفقا للمركز المختص بطب الأسنان "ماي ويلنيس دينتال". واستخدم المصريون ملح الصخور ممزوجا مع النعناع وزهور السوسن المجففة وأصداف المحار، في تنظيف الأسنان وتبييضها. وبالمثل، مزج الصينيون ملح الصخور مع أنواع مختلفة من النعناع العشبي والجينسنغ ومواد طبيعية أخرى لصنع معجون أسنان خاص بهم، يجمع بين الكشط الخفيف والخصائص العطرية التي تساعد على إنعاش النفس. وفي الصين القديمة، أيضا، استخدم الصينيون عظام السمك المطحونة كمادة لتنظيف الأسنان. وفي الحضارات اليونانية والرومانية القديمة، صنع معجون الأسنان من العظام المطحونة وأصداف المحار لكشط الأسنان. أما العرب، فقد استخدموا الرمل الناعم كمادة لتنظيف الأسنان بسبب وفرته. وفي الوقت نفسه، جرب الأوروبيون استخدام ملح الطعام للغرض نفسه، مستفيدين من قدرته على الكشط والتعقيم. رحلة تطور "المعجون" ظل معجون الأسنان على حاله تقريبا حتى القرن الـ19، عندما استخدم مزيج من الفحم، والرماد، وحتى غبار الطوب الطيني لتنظيف الأسنان، وفقا لتقرير منشور على موقع مركز الأسنان "بوسطن سمايل". ومثل معاجين الأسنان القديمة، كانت هذه المكونات تطحن معا لتكوين مادة تشبه المعجون اللزج عند إضافة الماء إليها. ومع منتصف القرن الـ19، بدأ التحول الفعلي نحو شكل معجون الأسنان الموجود حاليا. وبحسب "دلتا دنتال أركنساس"، شهد عام 1824، إضافة الصابون إلى تركيبة معجون الأسنان، وفي خمسينيات القرن أضيف الطباشير كمادة تلميع، وكان قوامه يشبه المعجون المستخدم اليوم، واستخدم في بعض العيادات المتخصصة. لكن التطور الكبير جاء عام 1873، عندما بدأت شركة "كولجيت" في إنتاج معجون الأسنان بكميات كبيرة وتغليفه في عبوات زجاجية وطرحه في الأسواق. وطور الدكتور الأميركي واشنطن وينتوورث شيفيلد، أول معجون أسنان ناعم بنكهة النعناع وأنتجه عام 1892 في أنبوب قابل للطي مستوحيا الفكرة من أنابيب الطلاء الفنية. واستمر تطوير أنواع مختلفة من معاجين الأسنان، وبحلول أوائل القرن الـ20، أضيف الفلورايد إلى العديد من المنتجات لتقوية مينا الأسنان والوقاية من التسوس. وبحلول عام 1945، تم الاستغناء نهائيا عن الصابون كمكون رئيسي في معجون الأسنان، واستبدل بمواد أكثر فعالية مثل كبريتات لوريل الصوديوم، التي ساهمت في تحسين القوام والرغوة وجعل المنتج أكثر لطفا على الفم. ومع التطور أكثر تنوعت معاجين الأسنان، وتخصصت في علاج مشاكل محددة، حيث يوجد معجون لتبييض الأسنان، وآخر لتقليل حساسية الأسنان، ومعجون للتحكم في الجير، ونوع مختلف لاستعادة المعادن إلى مينا الأسنان، و آخر للأطفال بنكهة لطيفة ومحتوى فلورايد منخفض. ووفقا لـ"ماي ويلنيس دينتال"، هذا التطور جعل من معجون الأسنان أداة فعالة في الحفاظ على صحة الفم وتعزيز نظافة الأسنان واللثة. وأصبحت معاجين الأسنان الحديثة تجمع بين الفعالية العالية والمذاق الجيد، وساهم تحسين النكهات في جعل استخدام المعجون تجربة أكثر قبولا، في حين تساعد مكوناته المنعشة على التخلص من البكتيريا ورائحة الفم الكريهة.

طفولة مفقودة في ظل الحروب
طفولة مفقودة في ظل الحروب

الجزيرة

timeمنذ يوم واحد

  • الجزيرة

طفولة مفقودة في ظل الحروب

الطفولة هي المرحلة الأكثر أهمية في حياة الفرد، حيثُ تُبنى فيها شخصية الطفل، وتتشكل فيها الأحلام، وتُغرس فيها القيم. لكنها في الوقت الحالي ليست هكذا بالنسبة لكثير من الأطفال في مناطق الحروب والنزاعات حول العالم.. هناك جيل كامل يعيش بلا طفولة حقيقية؛ وهذا بسبب الظروف والأوضاع القاسية التي يمر بها. في زمن الحروب، تتحول براءة الأطفال وضحكتهم إلى كابوس مرعب وواقع لا يرحم! الأطفال في مناطق النزاعات لا يجدون الوقت للعب، ولا يشعرون بالأمان، بل يعيشون بين الخوف والقلق الدائم.. المدارس تغلق، والألعاب تختفي، والدموع تُغرق وجوههم الصغيرة؛ فكيف لهذه النفوس الصغيرة أن تكبر وتصبح قوية إذا سُلب منها أبسط الحقوق؟! هذا الجيل الذي وُلد في ظل الحروب يحمل أثقالاً فوق عاتقه؛ كثيرون يعانون من فقدان الأهل، والتشرد، والجوع، والإصابات الجسدية، فضلاً عن الألم النفسي الذي يصاحبهم. هؤلاء غالبًا ما يصبحون مسؤولين قبل الأوان، لأنهم يتحملون أعباء فاقت أعمارهم بكثير، وهنا تكمن المأساة.. أطفال تُسرق منهم طفولتهم، ويجبَرون على أن يكبروا بسرعة في عالم قاسٍ. لكن السؤال الكبير: ماذا ينتظر هؤلاء الأطفال بعد انتهاء الحروب؟! هل سيستمتعون بمستقبل أفضل؟ وهل ستتاح لهم فرصة ليعيشوا حياة طبيعية؟ جيل بلا طفولة هو جيل مهدد بفقدان الأمل، لكن مع الدعم الحقيقي يمكننا أن نعيد لهم أحلامهم، ونمنحهم فرصة لبداية جديدة الواقع أنّ هذا الجيل سيواجه بعد الحرب تحديات كبيرة.. لذلك، فهو بعد أن عانى من الخوف، والفقد، والمرض، وعدم الثقة، يحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي عميق، يحتاج إلى تعليم جيد ليتمكن من بناء نفسه ومجتمعه ومن مساعدة أسرته. كما على المجتمعات والدول أن تسارع في بذل جهود حقيقية لإعادة تأهيل هؤلاء الأطفال، لأنهم هم المستقبل لأوطانهم. ولنعلم أنّ إعادة بناء حياة هؤلاء الأطفال هي استثمار في السلام والاستقرار؛ فحين يحصل الطفل على فرصة ليعيش طفولته، ويتعلم، وينمو في بيئة آمنة، يكون أكثر قدرة على أن يصبح مواطنًا فعّالاً وبانيًا لمجتمعه. لذلك، فإن هذه المسؤولية الكبيرة تقع على عاتق الجميع، من الحكومات، إلى المنظمات الإنسانية والأسر، وحتى كل فرد منا.. يجب أن نعمل معًا لنمنح هؤلاء الأطفال حقهم في الحياة الكريمة، وأن نتذكر دائماً أنّ كل طفل يستحق أن يعيش وينمو في بيئة مناسبة هادئة بعيدة عن الخوف والألم؛ لأنّ الطفولة السعيدة هي بداية أي مستقبل مشرق. أخيراً، جيل بلا طفولة هو جيل مهدد بفقدان الأمل، لكن مع الدعم الحقيقي يمكننا أن نعيد لهم أحلامهم، ونمنحهم فرصة لبداية جديدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store