
إيران - إسرائيل: بانتظار الجولة الثانية أو الصفقة الكبرى
حسناً انتهت حرب الأيام الـ12 بين إسرائيل وإيران، بإعلان الطرفين أنهما انتصرا وفرضا إرادتيهما، لا بل إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب انضم إلى الجوقة بإعلان انتصار الولايات المتحدة وحدها؛ فهي أنقذت إسرائيل من مأزق عسكري واقتصادي كبير، وخلّصت إيران من كارثة عسكرية ومن احتمال انهيار النظام.
إذاً الجميع يعتبرون أنهم خرجوا رابحين من هذه الجولة. والحال أنه يحتمل أنها كانت الجولة الأخيرة في حرب "طوفان الأقصى" التي أشعلتها حركة "حماس" ومن خلفها إيران في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، فولّدت سلسلة حروب، إلى حرب قطاع غزة، شملت ساحات المنطقة التي ضمتها إيران تحت جناح نفوذها الإقليمي، فحولتها إلى منصات للتمدد في منطقة الشرق الأوسط، واللعب على ورقة تحدي إسرائيل المعتبرة جزءاً لا يتجزأ من الغرب العميق.
من الممكن جداً، بعدما ذاقت إسرائيل طعم أطول حرب تخوضها منذ تأسيسها عام 1948، وللمرة الأولى منذ التأسيس، أن تكون شعرت أنها تخوض فعلاً معركة وجود حاسمة؛ فقد يبدأ المجتمع الإسرائيلي في التفكير ملياً بمخارج للمأزق التاريخي الذي يؤسس له التطرف في ما يتعلق بحقوق الفلسطينيين. صحيح أن اليمين المتطرف يهيمن اليوم على الساحة السياسية الإسرائيلية، لكن إسرائيل وإن تكن تحظى بحماية الغرب عموماً، وبرافد أميركي لا مثيل له في العالم، فإنها تنزف في منطقة تتميز عن العديد من المناطق في العالم بكونها مسارح لنزاعات لا نهاية لها أقله في العقود الثمانية الماضية. ومن هنا أهمية أن تحصل مراجعة في إسرائيل لمرحلة ما بعد اتفاقات مدريد ولغاية اليوم.
الدروس كثيرة وثمينة إذا ما حصلت مراجعة موضوعية تأخذ في الاعتبار حقيقة واضحة، ألا وهي أن الشعب الفلسطيني لا يمكن شطبه والتصرف وكأنه غير موجود.
في المقلب الآخر، إيران التي يجب أن تعرف قيادتها الحالية أنها حصّلت نفوذاً واسعاً في الإقليم من خلال سياستها التوسعية، لكن مذهبية النظام المتقوقعة في إيديولوجيا تستغل أحداثاً حصلت في القرن الأول الهجري، أدت إلى حصر نفوذها الفعلي ضمن دائرة ضيقة في العالم العربي، دون أن يفلح اللعب على وتر القضية الفلسطينية في ترسيخ اختراقها الأمني والعسكري والمخابراتي في المنطقة. فالتدخلات في المنطقة تحت عنوان تصدير الثورة، انتهت اليوم بتدمير كيانات عدة، وبالوصول إلى ساعة الحقيقة في ما يتعلق بالمجابهة مع إسرائيل. وهنا سقطت مئات الشعارات التي غذاها النظام، فضلاً عن الأوهام بامتلاك قوة كافية لا لقلب المعادلات في المنطقة، بل لقلبها في العالم.
اكتشف النظام في هذه الحرب السريعة أنه كاد أن يسقط عسكرياً لو تدخل الرئيس دونالد ترامب فعلاً مستخدماً موارد الولايات المتحدة العسكرية التي لا تضاهيها موارد القوى الكبرى والرئيسية في العالم مجتمعة. والحقيقة أن قول المرشد الإيراني علي خامنئي أن "الكيان الصهيوني سُحق" لا يتطابق مع الواقع، لا سيما أن الدولة الإيرانية فقدت السيادة على أجواء قسم رئيسي من البلاد، وفي المقدمة على أجواء العاصمة طهران التي تحولت إلى ما يشبه بيروت أخرى، لكن بروباغاندا المرشد ليست مستغربة، فقد قام النظام على البروباغاندا الزارعة للأوهام.
ما من شك في أن إسرائيل تلقت ضربات صادمة ومروعة للمرة الأولى في تاريخها، جراء نجاح إيران في إمطارها بمئات الصواريخ البالستية، وبلوغ عشرات منها أهدافها، ومشاهد الدمار في تل أبيب وحيفا، لكن بالمعنى العسكري العملياتي خسرت إيران الحرب، لحظة خسرت السيادة على أجواء المحافظات الغربية وصولاً إلى طهران، وخسرت جزءاً من سيادتها عندما اخترقها "الموساد" الإسرائيلي بمئات العملاء على الأرض، الذين أقاموا قواعد، ومصانع تجميع للمسيرات الانقضاضية وغيرها.
أن يقول خامنئي يوم أمس إن النظام الإيراني انتصر على أميركا أمر مفجع ليس لأميركا، ولا لخصوم إيران، بل للنظام نفسه الذي بات يشبه بخطابه ملامح العمر المتقدم التي يحملها المرشد.
قبل يومين قال الرئيس ترامب إنه لا يستبعد أن يعود الطرفان إلى القتال في وقت قصير. فهو يؤشر إلى أن الاتفاق على وقف إطلاق النار لا يزال هشاً، في انتظار أن يجلس المبعوث الأميركي إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف مع وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي الأسبوع المقبل وذلك على حد ما صرح ترامب، ربما للبحث في صفقة كبرى تنقل إيران من واقع إلى واقع.
وفي الأثناء سيدخل الطرفان في سباق محموم للتسلح، إيران لحيازة أسلحة جديدة من الصين، وإسرائيل لتدعيم ترسانتها من المصدر الأميركي.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


النهار
منذ 36 دقائق
- النهار
ما حقيقة عقد صفقة نووية مدنية بين واشنطن وإيران بقيمة 30 مليار دولار؟
نفى الرئيس الأميركي دونالد ترامب أمس الجمعة تقارير إعلامية ذكرت أن إدارته بحثت إمكانية مساعدة إيران في الحصول على ما يصل إلى 30 مليار دولار لبناء برنامج نووي مدني لتوليد الطاقة. كانت شبكة (سي.إن.إن) وشبكة (إن.بي.سي نيوز) قد ذكرتا يومي الخميس والجمعة على التوالي أن إدارة ترامب ناقشت في الأيام القليلة الماضية إمكانية تقديم حوافز اقتصادية لإيران مقابل وقف حكومتها تخصيب اليورانيوم. ونقلت (سي.إن.إن) عن مسؤولين قولهم إنه تم طرح عدة مقترحات لكنها كانت أولية. وكتب ترامب في منشور على منصة تروث سوشيال مساء الجمعة "من هو الكاذب في إعلام الأخبار الزائفة الذي يقول إن 'الرئيس ترامب يريد أن يعطي إيران 30 مليار دولار لبناء منشآت نووية غير عسكرية'. لم أسمع يوماً عن هذه الفكرة السخيفة" واصفاً التقارير بأنها "خدعة". وأجرت الولايات المتحدة وإيران منذ أبريل/نيسان محادثات غير مباشرة بهدف إيجاد حل ديبلوماسي جديد بشأن البرنامج النووي الإيراني. وتقول طهران إن برنامجها سلمي، بينما تقول واشنطن إنها تريد ضمان عدم قدرة إيران على صنع سلاح نووي.


صدى البلد
منذ 40 دقائق
- صدى البلد
عضو بالكونجرس يدعو ترامب إلى التفاوض مع إيران
نقلت شبكة «سي إن إن» عن عضو في الكونجرس، قوله إن الكثير من المشرعين الأمريكيين يريدون من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، استئناف المفاوضات مع إيران. أضاف أن الحل العسكري لا يكفي لإنهاء برنامج إيران النووي. وقال راجا كريشنامورثي، عضو ديمقراطي في الكونجرس لشبكة CNN، بعد إحاطة في مجلس النواب بشأن إيران، إن العديد من المشرعين الأميركيين يريدون من إدارة ترامب استئناف المفاوضات مع طهران، معتبرين أن الحل العسكري لا يكفي. وقال راجا كريشنامورثي، عضو مجلس النواب عن ولاية إلينوي: "على الرغم من تدمير بعض المنشآت بالتأكيد، وخاصة تلك الموجودة فوق الأرض، إلا أن هناك مئات الكيلوجرامات من اليورانيوم المخصب التي لم يتم تحديد أماكنها، ولا نعرف أيضًا ما حدث مع المكونات المختلفة والمواقع السرية التي لم يتم تحديد أماكنها أيضًا". وأضاف "أعتقد أن الكثير منا توصلوا إلى استنتاج مفاده أنه يتعين علينا التفاوض على طاولة المفاوضات لإنهاء برنامجهم النووي لأن الحل العسكري لا يكفي كما اكتشفنا هذا الأسبوع". وقال كريشنامورثي أيضا إن الإدارة لم تقدم تفاصيل بشأن ما حدث لما يُعتقد أنه اليورانيوم المخصب المفقود في إيران، على الرغم من أسئلة المشرعين. وفي وقت سابق، قال ترامب، إن الأخبار حول عدم تدمير البرنامج النووي الإيراني كاذبة وحرفت الحقائق تماما.


صدى البلد
منذ ساعة واحدة
- صدى البلد
من خامنئي إلى غزة .. ترامب يخلط أوراق الشرق الأوسط برسائل نارية ومساعدات مشروطة
يسعى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للربط بين ملفي غزة وإيران، مستخدمًا التصعيد في القطاع كورقة ضغط لتحريك مسار التفاوض مع طهران، في خطوة تعكس استراتيجيته المألوفة بخلط الأوراق لتحقيق مكاسب تفاوضية، وسط تشكيك دولي في نواياه وتخوف من تداعيات خطوته على الاستقرار الإقليمي. هاجم الرئيس الأمريكي، في تصريحات مثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي، المرشد الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، ما ألقى بظلال كثيفة من الشك على أي تقدم دبلوماسي محتمل بين واشنطن وطهران. وكشف ترامب أنه كان يدرس خلال الأيام الماضية إمكانية رفع العقوبات المفروضة على إيران، بهدف إتاحة فرصة حقيقية لتعافي الاقتصاد الإيراني بشكل سريع وشامل، إلا أن تصريحات خامنئي، التي أعلن فيها "الانتصار على إسرائيل" ورفضه التفاوض أو الاستسلام أمام الولايات المتحدة، دفعته إلى التراجع الفوري عن تلك الخطط. اغتيال خامنئي واحتمال رفع العقوبات وقال ترامب في منشوره: "خلال الأيام القليلة الماضية، كنت أعمل على احتمال رفع العقوبات وأمور أخرى، كانت ستمنح إيران فرصة أفضل بكثير للتعافي الكامل والسريع... العقوبات تنهش جسدهم! لكن بدلًا من ذلك، جاءني بيان مملوء بالغضب والكراهية والاشمئزاز، فتوقفت فورًا عن كل ما يتعلق بتخفيف العقوبات وما سواها". وفي تصريح صادم، زعم ترامب أنه تدخل شخصيًا لمنع كل من إسرائيل والجيش الأمريكي من اغتيال خامنئي، مشيرًا إلى أنه كان على علم تام بمكان وجوده. وأضاف: "كنت أعلم تمامًا أين كان مختبئًا، ولم أسمح لإسرائيل أو القوات المسلحة الأمريكية، الأقوى والأعظم في العالم، بإنهاء حياته، لقد أنقذته من موت بشع ومُهين". وعلى جانب أخر، أعرب الرئيس الأمريكي، عن أمله في التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة "خلال الأسبوع المقبل"، مشيرًا إلى اتصالات أجراها مؤخرًا مع عدد من الأطراف المعنية بالتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار وتحرير الرهائن، دون الكشف عن تفاصيل إضافية. وتأتي هذه التصريحات في وقت أفادت فيه تقارير بأن وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي، رون ديرمر، أحد أبرز مساعدي رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، من المقرر أن يزور واشنطن الأسبوع المقبل لإجراء محادثات بشأن غزة وإيران. الحرب مستمرة مع حماس ويُعتقد أن ترامب يدفع نحو إنهاء الحرب المستمرة مع حركة حماس، في أعقاب المواجهة الأخيرة مع إيران، ويسعى كذلك لتوسيع اتفاقات أبراهام. وعلى صعيد آخر، سلط ترامب الضوء على قرار بلاده تقديم تبرع بقيمة 30 مليون دولار لـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، وهي منظمة مثيرة للجدل تنشط في توزيع المساعدات الغذائية من مناطق عسكرية داخل القطاع، منذ نحو شهر. وقال: "الوضع في غزة مأساوي للغاية... ونحن نوفر الكثير من الأموال والغذاء لتلك المنطقة لأن علينا أن نفعل ذلك". وأضاف: "نظريًا، لسنا طرفًا مباشرًا في الصراع، لكننا متورطون لأن الناس يموتون. أنظر إلى تلك الحشود التي لا تملك طعامًا ولا أي شيء". وتابع ترامب مشيرًا إلى أن بعض المساعدات يتم الاستيلاء عليها من قبل "جهات سيئة"، لكنه عبّر عن رضاه النسبي عن نظام التوزيع الجديد التابع للمؤسسة، واصفًا إياه بأنه "جيد إلى حد ما". مؤسسة غزة الإنسانية رغم ذلك، فإن "مؤسسة غزة الإنسانية" تواجه انتقادات حادة بسبب حوادث مميتة متكررة، وقعت عندما أطلق الجيش الإسرائيلي النار على فلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى مواقع توزيع المساعدات. وأشار ترامب إلى أن على دول أخرى أن تشارك في معالجة الأزمة الإنسانية في غزة، مع العلم أن معظم الدول أحجمت عن التعاون مع المؤسسة بسبب آلياتها المثيرة للجدل، والتي تجبر المدنيين على السير لمسافات طويلة وعبور خطوط عسكرية للحصول على الطعام. الإغاثة في غزة في المقابل، تواجه آليات التوزيع المدعومة من الأمم المتحدة اتهامات بتعرضها للنهب، فيما تؤكد منظمات الإغاثة أن الحل يكمن في زيادة كميات المساعدات التي تدخل غزة، ما يقلل من حدة الطلب. بينما تتهم إسرائيل حركة حماس بسرقة المساعدات لاستخدامها في تمويل عملياتها أو توزيعها على مقاتليها، وهي اتهامات تنفيها الحركة. ويُذكر أن معدل دخول الشاحنات إلى غزة خلال الشهر الماضي لم يتجاوز 56 شاحنة يوميًا، وهو رقم يقل كثيرًا عن المئات المطلوبة يوميًا بحسب تقديرات منظمات الإغاثة لتلبية الاحتياجات الإنسانية الكارثية. واندلعت الحرب في غزة بعد الهجوم الدموي الذي شنته حماس على جنوب إسرائيل في 7 أكتوبر 2023، وأسفر عن مقتل نحو 1,200 شخص وأسر 251 آخرين. ولا تزال الجماعات المسلحة في غزة تحتجز 50 رهينة، من بينهم 49 من المختطفين في ذلك الهجوم، وتضم القائمة جثث ما لا يقل عن 28 شخصًا تأكدت وفاتهم، بالإضافة إلى 20 يُعتقد أنهم أحياء، وقلق شديد حيال مصير اثنين آخرين. كما تحتفظ حماس بجثمان جندي إسرائيلي قُتل في غزة عام 2014. وفيما أعلنت وزارة الصحة في غزة، التي تديرها حماس، أن عدد القتلى في القطاع تجاوز 56 ألفًا بين قتيل ومفقود يُفترض وفاته، تقول إسرائيل إنها قتلت نحو 20 ألف مقاتل منذ بداية الحرب، إلى جانب 1,600 عنصر مسلح تم تصفيتهم داخل إسرائيل خلال هجوم 7 أكتوبر. وتؤكد إسرائيل أنها تبذل جهودًا لتقليل الخسائر المدنية، في ظل اتهامها لحماس باستخدام المدنيين كدروع بشرية، والاحتماء بالمنازل والمدارس والمستشفيات والمساجد أثناء القتال.