
في النَّفْس شيء من «نوبل»
ولو أنك جربت البحث فيما إذا كانت هذه القصة القديمة صحيحة أم إنها نوع من الخيال، فلن تصل إلى نتيجة حاسمة، ولكن المهم بالطبع هو معناها الباقي بيننا، ولا يهم بعد ذلك ما إذا كان رجل عربي مشتغل باللغة، قد أنفق حياته في البحث عن أصل لفظة في اللغة، أم إنه رجل من صنع الخيال العربي في العموم.
لا يهم موضوع وجودها في الحقيقة من عدمه؛ لأن المعنى أن رجلاً لغوياً قد عاش حياته يبحث في «حتى» وفي استخداماتها في اللغة حتى مات. ولكنه غادر دنيانا دون أن يحقق مقصده، فقيل فيه -ولا يزال يقال- إنه مات وفي نفسه شيء من حتى!
تجد شيئاً قريباً من هذا المعنى في مسعى الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى الحصول على «جائزة نوبل للسلام». ولا مشكلة في حصوله عليها طبعاً، ولكن المشكلة أن الحصول على «نوبل للسلام» له مقتضيات، وهذه المقتضيات لا تجدها متوفرة في الرئيس الأميركي؛ بل ربما تجد عكسها هو المتوفر فيه، من حيث قدرته على صناعة السلام بوصفه مبدأً بين الأمم.
فهو كان قد تعهد قبل دخوله البيت الأبيض إطفاء نار الحرب الروسية- الأوكرانية، ومعها الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وعلى الفلسطينيين عموماً، ولكنه أتم 6 أشهر في مكتبه، بينما الحرب هناك بين الروس والأوكرانيين مرشحة للاشتعال أكثر، وكذلك الحرب هنا على القطاع مرشحة لمزيد من الاشتعال.
وعندما يقول الرئيس الأميركي إنه سوف يُزوّد أوكرانيا بأسلحة جديدة وكثيرة، فهذا ما ينفخ في نار الحرب التي دخلت عامها الرابع ولا يُطفئها، وعندما يتعنت رئيس حكومة التطرف في تل أبيب بنيامين نتنياهو في عقد اتفاق مع حركة «حماس»، فهذا من شأنه أن يزيد من القتلى والضحايا في القطاع.
وعندما يمنح ترمب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين 50 يوماً لوقف الحرب، وإلا فإن بلاده ستتعرض لعقوبات، فليس من المتوقع أن يُسلِّم بوتين ويأتي خاضعاً، أو موقِّعاً على قرار يوقف هذه الحرب.
نتكلم عن حربين فقط من الحروب التي أرهقت العالم، ولا نتكلم عن حروب أخرى منسيَّة، كالحرب في السودان التي طالت بدورها وتجاوزت سنتين من عمرها، ومع ذلك، فإن إدارة ترمب أقدمت على ما يمكن أن يؤدي إلى إطالة أمدها أكثر!
لقد قرأنا كيف أنها فرضت عقوبات على الجيش السوداني؛ لأنه -في تقديرها- استخدم أسلحة كيماوية، وحين تبادر الإدارة الأميركية إلى فرض عقوبات كهذه، فلا بد من أنها تُضعف من موقف الجيش السوداني أمام «قوات الدعم السريع» التي تقاتل الجيش!
وحتى إذا كان الجيش قد استخدم ما تقول الإدارة إنه استخدمه، فليس هذا وقت محاسبته على ذلك، وإلا فإن العقوبات تصبح لها أهداف أخرى؛ ليس من بينها صناعة السلام في السودان، ولا إنقاذه من عواقب التقاتل بين الفريقين.
والمفارقة أن الرئيس الأميركي لما شعر بعد 6 أشهر بأنه عاجز عن صناعة السلام بين الروس والأوكرانيين، راح يتحدث عن أن بوتين خدع بايدن، وأن هذه حرب بايدن وليست حرباً تخصه هو في موقعه. وهذا حق يراد به باطل. أما الحق فهو أن الحرب اشتعلت أيام بايدن، وأنه كان يستطيع منع إضرامها، أو وقفها بعد أن اشتعلت، وأما الباطل فهو توقيت فرض العقوبات على الجيش؛ لأن هذا ليس وقت البحث عمَّن أشعل الحرب أو سمح بإشعالها، وإنما هو وقت البحث عمَّن يستطيع إخماد نارها.
وليس إخمادها في قُدرة مسؤول في العالم، بقدر ما هو في قُدرة الرئيس الأميركي، ولكن المشكلة أنه يتعامل مع الحرب في غزة، وبين روسيا وأوكرانيا، بعقلية رجل الأعمال الذي يقيس كل خطوة بمكسبها في جيب بلاده، أو جيب إسرائيل، ولا يقيسها بشيء آخر. إنه يفعل ذلك متسقاً مع الفلسفة البراغماتية التي هي فلسفة أميركية في أصلها، والتي أسست لمبدأ النظر إلى كل شيء على أساس العائد الذي سيرجع من ورائه وفقط!
وإذا كان هذا هو مسلك ترمب، وإذا كانت هذه هي سياساته، وإذا كانت هذه هي عقليته، فلا بأس، ولكن ليس من حقه أن يزاحم أو ينافس على «نوبل للسلام»، وإلا، فإنه يضع نفسه في مكان صاحب «حتى» في اللغة، فلا يكتفي بما حققه على المستوى السياسي، والمادي، وإنما يظل يتطلع إلى «نوبل» وفي نفسه شيء منها، ثم لا يكون له إلا ما كان لصاحب «حتى» في زمانه!

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الشرق الأوسط
منذ 40 دقائق
- الشرق الأوسط
موالون لنظام القذافي يناشدون «المنظمات الدولية» التحرك للإفراج عن ابنه هانيبال
طالب ليبيون موالون لنظام الرئيس الراحل، معمر القذافي، «المنظمات الدولية» بـ«التحرك العاجل» لإطلاق سراح نجله هانيبال، المعتقل في لبنان منذ قرابة 10 سنوات، محملين الأمم المتحدة وجامعة الدول العربية مسؤولية استمرار توقيفه. واعتقلت السلطات اللبنانية نجل القذافي بداعي «إخفاء معلومات، تتعلق باختفاء مؤسس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، الإمام موسى الصدر، في أثناء زيارته إلى ليبيا في أغسطس (آب) 1978، بدعوة من القذافي الأب». صورة أرشيفية لهانيبال القذافي (أ.ب) ودعت «الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية»، (الثلاثاء)، السلطات المحلية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، والهيئات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني الحقوقية بالتحرّك للمطالبة بإخلاء سبيل هانيبال من الاعتقال وإعادته إلى وطنه. وتعود من وقت لآخر قضية هانيبال إلى واجهة الأحداث، على الرغم من عدم ظهور أي بوادر - منذ تعرضه للخطف في سوريا على يد مجموعة مسلّحة نقلته إلى لبنان في ديسمبر (كانون الأول) 2015 - تشير إلى تحديد موقفه، سواء بالإدانة أو الإفراج عنه. وتقول مصادر بوزارة العدل بغرب ليبيا إن القضاء اللبناني يرفض التعاون مع نظيره الليبي، بشأن أزمة هانيبال، ما لم تسلّم السلطات الليبية المعلومات الكافية في قضية «إخفاء الصدر ورفيقيه: الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين». صورة لهانيبال القذافي من محبسه (أرشيفية - قناة «الجديد» اللبنانية) وكانت السلطتان الليبية واللبنانية قد تواصلتا في يناير (كانون الثاني) 2024 بشأن هانيبال، حيث زار وفد مكون من ثلاثة موظفين كبار من وزارة العدل بحكومة «الوحدة» العاصمة بيروت لمتابعة ملف نجل القذافي، واتفقوا على التعاون في قضتيه. وكان مقرراً أن يعود الوفد الليبي إلى بيروت في فبراير (شباط) من العام ذاته، لاستكمال التباحث حول هذه القضية، لكنه لم يحدد، بحسب مصادر بالوزارة، موعداً جديداً، وهو ما أبقى ملف القضية دون تقدم حتى الآن. غير أن «الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية» حمّلت «الحكومة والقضاء اللبنانيين وجامعة الدول العربية والأمم المتّحدة مسؤولية ما يجري لنجل القذافي»، كما تُحمّل الجهات المسؤولة عن اعتقاله مسؤولية «تدهور حالته الصحية داخل السجن اللبناني». وقالت بهذا الخصوص، إن «ما يتعرض له هانيبال من إجراءات تعسفية يشكل جرائم ضد الإنسانية بمقتضى أحكام نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، ومخالفة صريحة لكل الأعراف والشرائع والقوانين». وفي ظل الإبقاء على هانيبال معتقلاً دون محاكمة، وظهور تقارير تشير إلى اعتلال صحته، تزداد التساؤلات في ليبيا عن مصيره. الرئيس الراحل القذافي مع ثلاثة من أبنائه (أرشيفية - الشرق الأوسط) وكان الدكتور عقيلة دلهوم، رئيس اللجنة الحقوقية والإعلامية لهانيبال، قد قال لـ«الشرق الأوسط» في تصريح سابق إن قضية اختفاء الإمام موسى الصدر «تثير تساؤلات قانونية وأخلاقية بشأن استمرار احتجاز هانيبال في لبنان». مبرزا أن السلطات اللبنانية «تصرّ على فرضية اختفاء الإمام الصدر في ليبيا، رغم غياب الأدلة وفشل التحقيقات»، كما «تجاهلت اعترافات إيطالية سابقة تؤكد دخوله أراضيها بعد مغادرته ليبيا، مما يكشف خللاً في مسار التحقيق». وهنا تطالب «الجمعية الليبية لأعضاء الهيئات القضائية» وزارة الخارجية الليبية بـ«التواصل مع نظيرتها اللبنانية، ومُطالبتها بتقديم الأسباب الحقيقة لعدم الإفراج عن هانيبال»، وتقول إن قضية الصدر التي يعتقل بسببها في لبنان «ظهرت بعد ميلاده بسنتين، ولا علاقة له بهذا الأمر الّذي يعصف بمبدأ شخصية العقوبة». ورأت أنه «في حال عدم تعاون الحكومة اللبنانية مع مطالب السلطات الليبية، فإنها تطالب باتّخاذ الإجراءات القانونية والقضائية ضدّ الحكومة اللبنانية أمام مجلس الأمن والجامعة العربية، والمحاكم المحلية والدولية، وفتح تحقيقٍ عاجل في هذه القضية للإفراج عنه فوراً». ودعت الجمعية النائب العام الليبي إلى «تفعيل (اتّفاقية الرياض للتعاون القضائي)، وذلك بمطالبة الحكومة اللبنانية بتبادل المعلومات حول الواقعة، وتسليم هانيبال إلى دولته حتّى ولو لم تنته محاكمته، وتفعيل الإنابة القضائية والتحقيقات المشتركة وتبادل المعلومات». وكان القاضي اللبناني، حسن الشامي، مقرر لجنة المتابعة الرسمية لقضية اختفاء الصدر، قد تحدث عن «اعتراف» سابق منسوب لهانيبال، وقال إنه «أدلى بمعلومات عن عملية إخفاء الصدر»، من بينها تحديد إقامته في مكان سري بمدينة جنزور، ما بين عامي 1978 و1982. ونفى محامي هانيبال في حينه ما وصفه بـ«الادعاءات»، وقال إن الأخير «أُجبِر على توقيع الوثيقة تحت الإكراه، ودون حضور محام». ومنذ انتشار صور لهانيبال في أبريل (نيسان) 2024، منسوبة إلى تلفزيون لبناني، تؤكد «وجوده في مكان ضيق تحت الأرض، ويشتكي أوضاعاً غير جيدة»، لم تتوفر معلومات عنه.


الشرق السعودية
منذ 44 دقائق
- الشرق السعودية
رئيس البرازيل: ترمب انتخب رئيساً لأميركا وليس إمبراطوراً للعالم.. ولن أتلقى أوامر منه
قال الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا الخميس (بالتوقيت المحلي)، إنه لن يتلقى أوامر بشأن الرسوم الجمركية من أجنبي، في إشارة إلى الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ووصف في وقت لاحق تهديد الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية بأنه "ابتزاز غير مقبول". وأضاف لولا في مقابلة مع شبكة CNN الخميس، أن ترمب انتخب كـ"زعيم للولايات المتحدة وليس إمبراطوراً للعالم". وتشي التصريحات التي تم الإدلاء بها في حديثين منفصلين باستمرار الخلاف بين الزعيمين الذي تصاعد عندما أعلنت الولايات المتحدة فرض رسوم جمركية 50 بالمئة على البرازيل الأسبوع الماضي. وعزا ترمب هذه الرسوم الجمركية، التي من المقرر أن تبدأ في أغسطس، إلى معاملة البرازيل للرئيس السابق جايير بولسونارو وإلى الممارسات التجارية ضد الشركات الأميركية التي قال إنها "غير عادلة". وجاء إعلان الرسوم الجمركية بعد أيام من وصف لولا لترمب بأنه "إمبراطور" لا يريده العالم. ورفض لولا وأعضاء حكومته الأسباب وراء فرض الرسوم الجمركية وأصروا على سيادة البرازيل، بينما دعوا إلى إجراء مفاوضات تجارية مع الولايات المتحدة. وقال لولا في خطاب منفصل "لن يعطي أي أجنبي أوامر للرئيس". وأعرب عن خيبة أمله من نهج الرئيس ترمب، قائلاً إنه في البداية لم يصدق أن منشور ترمب على "تروث سوشيال"، كان حقيقياً. وقال لولا في حديثه مع كريستيان أمانبور: "لقد كان الأمر غير سار على الإطلاق. اعتقدت في البداية أنه خبر زائف". ضرائب على الشركات الأميركية وأضاف لولا أن البرازيل ستمضي قدماً في تنظيم وفرض ضرائب على شركات التكنولوجيا الأميركية، وقال أمام تجمع من النشطاء الطلابيين اليساريين إن شركات التكنولوجيا قنوات للعنف والأخبار الكاذبة التي تتخفى تحت ستار حرية التعبير. وفي وقت لاحق الخميس، قال في خطاب تلفزيوني وإذاعي مسائي إلى الأمة إن البرازيل تتفاوض مع الولايات المتحدة بشأن الرسوم الجمركية، وإن بلاده أرسلت مقترحا في مايو. وأضاف "كنا نتوقع رداً، وما تلقيناه كان ابتزازاً غير مقبول في شكل تهديدات للمؤسسات البرازيلية ومعلومات كاذبة بشأن التجارة بين البرازيل والولايات المتحدة". رسالة ترمب وأعلن ترمب في 9 يوليو، فرض تعريفات جديدة على المنتجات البرازيلية المصنوعة من الصلب والألمنيوم، في خطوة أثارت قلق القطاع الصناعي البرازيلي، والذي يعتمد على التصدير إلى السوق الأميركية. ووجه ترمب عبر رسالة إلى نظيره البرازيلي، انتقادات حادة ضد محاكمة الرئيس البرازيلي السابق جايير بولسونارو، واصفاً إياها بأنها "مطاردة سياسية يجب أن تتوقف فوراً"، معلناً في الوقت نفسه، فرض رسوم جمركية بنسبة 50% على جميع الواردات البرازيلية إلى الولايات المتحدة اعتباراً من 1 أغسطس المقبل. وذكر أن نسبة الـ50% لا تعكس حجم الإجراءات المطلوبة لتصحيح "الظلم الكبير القائم"، مشيراً إلى أن الشركات البرازيلية التي تختار التصنيع داخل الولايات المتحدة ستُعفى من هذه الرسوم، وأن بلاده ستسهل عملية الموافقة على استثماراتها في غضون أسابيع قليلة. كما حذر ترمب من أن أي محاولة من البرازيل لفرض "رسوم انتقامية" ستُقابل بإضافة تلك النسب إلى الـ50% المفروضة. وأشاد ترمب ببولسونار الذي يُحاكم بتهمة التخطيط لانقلاب لمنع لولا من تولي الحكم في يناير 2023، قائلاً إنه "قائد يحظى باحترام كبير في العالم"، معتبراً أن الطريقة التي يُعامل بها من قبل القضاء البرازيلي تمثل "فضيحة دولية". وأضاف: "هذه المحاكمة لا يجب أن تحدث، إنها مطاردة سياسية ويجب أن تنتهي فوراً"، مشيراً إلى أن قرار فرض الرسوم يأتي أيضاً رداً على ما وصفه بـ"الهجمات الخبيثة التي تشنها البرازيل على الانتخابات الحرة وحرية التعبير".


الشرق الأوسط
منذ ساعة واحدة
- الشرق الأوسط
الرئاسة السورية: استمرار تدخلات إسرائيل السافرة يزيد تعقيد المشهد الإقليمي
قالت الرئاسة السورية، الخميس، إن استمرار التدخلات الإسرائيلية السافرة سيؤدي إلى مزيد من الفوضى والدمار ويزيد من تعقيد المشهد الإقليمي. وأكدت الرئاسة السورية أنها ستواصل اتخاذ كل ما يلزم لحماية المواطنين دون تهاون مع أي تهديد للسلم الأهلي أو السيادة الوطنية، وتابعت أن الدولة السورية تؤكد التزامها الكامل بمحاسبة كل من تورط في ارتكاب الجرائم وتجاوز القانون أيا كانت الجهة التي ينتمي إليها. ودعت إلى التهدئة وضبط النفس وشددت على ضرورة فسح المجال أمام مؤسسات الدولة لبسط سيادتها وتطبيق القانون. وذكرت أن قرار سحب القوات العسكرية لمواقعها من السويداء جاء لإتاحة الفرصة أمام التهدئة حرصا على تجنب المزيد من التصعيد واستجابة للوساطة الأميركية العربية. الرئيس السوري أحمد الشرع (أرشيفية) واتهم الرئيس السوري أحمد الشرع، في كلمة ألقاها فجر اليوم الخميس، إسرائيل بـ«خلق الفتن داخل سوريا»، مضيفاً أنها «تسببت في تصعيد الوضع (في محافظة السويداء) بتصرفاتها». وقال الشرع «أصبحنا أمام خيارين إما مواجهة إسرائيل أو إصلاح جبهتنا الداخلية»، مضيفاً: «سنواجه محاولات خلق الفوضى بالوحدة.. سوريا لن تكون مكاناً لخلق الفوضى.. ولن نسمح بجر سوريا إلى حرب جديدة». وشدد الرئيس السوري على رفض «أي محاولة لتقسيم سوريا»، مؤكداً أن «الدروز جزء من نسيج الوطن، وحمايتهم أولوية» ومشيراً إلى «تكليف الفصائل المحلية وشيوخ العقل بمسؤولية حفظ الأمن بالسويداء». وأضاف الشرع في كلمته «لقد خرج شعبنا في ثورة من أجل نيل حريته، فانتصر فيها وقدم تضحيات جسيمة، ولا يزال هذا الشعب على أهبة الاستعداد للقتال من أجل كرامته في حال مسها أي تهديد». وتابع أن «الكيان الإسرائيلي الذي عوّدنا دائماً على استهداف استقرارنا وخلق الفتن بيننا منذ إسقاط النظام البائد، يسعى الآن مجدداً إلى تحويل أرضنا الطاهرة إلى ساحة فوضى غير منتهية، يسعى من خلالها إلى تفكيك وحدة شعبنا وإضعاف قدراتنا على المضي قدماً في مسيرة إعادة البناء والنهوض». واعتبر الرئيس السوري أن «هذا الكيان لا يكفّ عن استخدام كلّ الأساليب في زرع النزاعات والصراعات، غافلاً عن حقيقة أن السوريين، بتاريخهم الطويل، رفضوا كلّ انفصال وتقسيم». ورأى أن «امتلاك القوة العظيمة لا يعني بالضرورة تحقيق النصر، كما أن الانتصار في ساحة معينة لا يضمن النجاح في ساحة أخرى، قد تكون قادراً على بدء الحرب ولكن ليس من السهل أن تتحكم في نتائجها، فنحن أبناء هذه الأرض، والأقدر على تجاوز كلّ محاولات الكيان الإسرائيلي الرامية إلى تمزيقنا، وأصلب من أن تزعزع عزيمتنا بفتنٍ مفتعلة». وتابع «نحن، أبناءَ سوريا، نعرف جيداً من يحاول جرّنا إلى الحرب، ومن يسعى إلى تقسيمنا، ولن نعطيهم الفرصة بأن يورّطوا شعبنا في حرب يرغبون في إشعالها على أرضنا، حرب لا هدف لها سوى تفتيت وطننا وتشتيت جهودنا نحو الفوضى والدمار، فسوريا ليست ساحة تجارب للمؤامرات الخارجية، ولا مكان لتنفيذ أطماع الآخرين على حساب أطفالنا ونسائنا». وشدد الشرع على أن «الدولة السورية هي دولة الجميع، وهي كرامة الوطن وعزته، وهي حلم كلّ سوري في أن يرى وطنه يعيد بناء نفسه من جديد، من خلال هذه الدولة، نتّحد جميعاً دون تفرقة، من أجل أن نعيد لسوريا هيبتها، ونضعها في مقدمة الأمم التي تعيش في أمن واستقرار». ورأى أن «بناء سوريا جديدة يتطلب منا جميعاً الالتفاف حول دولتنا، والالتزام بمبادئها، وأن نضع مصلحة الوطن فوق كلّ اعتبارٍ فردي أو مصلحةٍ محدودة، إنّ ما نحتاجه اليوم هو أن نكون جميعاً شركاء في هذا البناء، وأن نعمل يداً بيد لنتجاوز جميع التحديات التي تواجهنا»، مضيفاًأن «الوحدة هي سلاحنا، والعمل الجاد هو طريقنا، وإرادتنا الصلبة هي الأساس الذي سنبني عليه هذا المستقبل الزاهر». وتابع الرئيس السوري «كما أخصّ في كلمتي هذه أهلنا من الدروز الذين هم جزء أصيل من نسيج هذا الوطن، إنّ سوريا لن تكون أبداً مكاناً للتقسيم أو التفتيت أو زرع الفتن بين أبنائها، نؤكد لكم أن حماية حقوقكم وحريتكم هي من أولوياتنا، وأننا نرفض أي مسعىً يهدف لجرّكم إلى طرف خارجي أو لإحداث انقسامٍ داخل صفوفنا، إننا جميعاً شركاء في هذه الأرض، ولن نسمح لأي فئة كانت أن تشوّه هذه الصورة الجميلة التي تعبّر عن سوريا وتنوعها». وختم قائلاً «لقد تدخلت الدولة السورية بكلّ مؤسساتها وقياداتها، وبكلّ إرادة وعزم، من أجل وقف ما جرى في السويداء من قتالٍ داخلي بين مجموعات مسلحة من السويداء، ومن حولهم من مناطق، إثر خلافات قديمة، وبدلاً من مساعدة الدولة في تهدئة الأوضاع ظهرت مجموعات خارجة عن القانون اعتادت الفوضى والعبث وإثارة الفتن، وقادة هذه العصابات هم أنفسهم من رفضوا الحوار لشهور عديدة، واضعين مصالحهم الشخصية الضيقة فوق مصلحة الوطن». واندلعت اشتباكات، الأحد، في محافظة السويداء بين مسلحين دروز وآخرين من البدو، أوقعت عدداً من القتلى. ومع احتدام المواجهات، أعلنت القوات الحكومية الاثنين تدخّلها في المحافظة لفضّ الاشتباكات. ودخلت إسرائيل على خطّ المواجهة فشنت سلسلة غارات قرب دمشق وفي جنوب سوريا، قائلةً إنها تعمل على «حماية الدروز». ومساء الأربعاء، أعلنت السلطات السورية التوصل لاتفاق مع فصائل درزية في السويداء لوقف إطلاق النار.