logo
"مملكة الحرير" نسخة مصرية غير أصلية من "حريم السلطان"

"مملكة الحرير" نسخة مصرية غير أصلية من "حريم السلطان"

الجزيرةمنذ 4 أيام
الفانتازيا التاريخية واحدة من الأنواع الدرامية غير المنتشرة في المسلسلات العربية بشكل عام، وقد ارتبطت قديما بمسلسلات "ألف ليلة وليلة"، وحديثا بـ"جودر" بجزئيه.
لكن المخرج والمؤلف بيتر ميمي يطرق مؤخرا هذا النوع من خلال مسلسله "مملكة الحرير" الذي يُعرض على إحدى المنصات العربية الحديثة.
"مملكة الحرير" من إخراج وتأليف بيتر ميمي، وبطولة كريم محمود عبد العزيز وأسماء أبو اليزيد وأحمد غزي وعمرو عبد الجليل، ويتكون من 10 حلقات فقط يتم عرضها تباعا على المنصة.
View this post on Instagram
A post shared by Yango Play | يانغو بلاي (@yangoplay)
مؤامرات وخداع وعشق محرم
يبدأ المسلسل براوٍ يقدم لنا مقدمة سابقة لأحداث "مملكة الحرير" تبدأ من جريمة القتل الأولى، وقصص أبناء آدم وقابيل وهابيل، وأننا كبشر أبناء القاتل، ثم نقفز إلى جريمة موازية يقتل فيها الأمير الذهبي (عمرو عبد الجليل) أخاه الملك نور الدين، ويخطط لقتل ابنيه وريثي عرش مملكة الحرير، وهما الأميران شمس الدين وجلال الدين، لكن أحد الخدم يهرّبهما، ويترك خلفه الأميرة جليلة باعتبار أنها فتاة، ولن يهتم عمها بقتلها.
تزداد الأمور تعقيدا حين يتعرض الخادم لهجوم من اثنين من قطّاع الطرق، فيخطف كل منهما طفلا بهدف بيعه، يكبر شمس الدين (كريم محمود عبد العزيز) كأحد عبيد جيش المماليك، في حين ينشأ جلال الدين (أحمد غزي) بين اللصوص وقطّاع الطرق ويصبح واحدا منهم، لكن ما يميزه عن أخيه هو أن جبل (وليد فواز) الرجل الذي ربّاه كابنه يعلم بأصله الملكي ويحتفظ بهذا السر.
بينما تكبر جليلة (أسماء أبو اليزيد) في القصر الملكي، وتبدأ الأحداث بزفافها على الأمير سليمان ابن الملك الذهبي (يوسف عمر)، وتشتعل كراهيتها تجاه الملك وابنه وأخويها اللذين استطاعا الهرب من القصر وتركاها خلفهما.
الفانتازيا التاريخية هي قصص خيالية تدمج بين التاريخ والعناصر الخيالية، فتجمع بين السحر أو المخلوقات الأسطورية مع سمات الحقبة الزمنية التي تدور فيها الأحداث، وتستكشف هذه الأعمال التاريخ عبر الصراعات التقليدية بين الخير والشر.
وفي "مملكة الحرير" يصبح الصراع أكثر تعقيدا، لأن الخير أو الورثة الشرعيين للمملكة يتواجهون كأعداء في نقطة من الأحداث.
لكن صنّاع المسلسل وضعوا الأحداث في إطار قصص الحب والعشق الممنوع والمؤامرات التي تقوم بها نساء لإسقاط رجال البلاط بشكل مستمر، لتصبح هذه الحبكات هي المحرك الرئيسي للأحداث، خاصة شخصيتي ريحانة (سارة التونسي) والأميرة جليلة اللتين لا تتوانى إحداهما عن استخدام فتنتها والدخول في علاقات محرمة أو قتل أعدائها بعنف طالما ستصل إلى مبتغاها في النهاية.
وفي النهاية، يتحول المسلسل إلى نسخة غير أصلية من مسلسل "حريم السلطان" التركي، والذي ينتمي بدوره إلى الدراما التاريخية، وقد دارت أحداثه في قصر السلطان سليمان القانوني الذي يتعرض طوال الوقت للمؤامرات، في حين في الخلفية تتصارع الجواري وسيدات القصر.
View this post on Instagram
A post shared by كريم محمود عبد العزيز (@karimmahmoudabdelaziz)
محاولات لصنع صورة مبهرة
تعتمد الفانتازيا التاريخية بشكل كبير على إبهار المتفرجين، بداية من الأزياء والمكياج وحتى الديكورات قديما والمؤثرات البصرية حديثا، وتتنافس في ذلك المسلسلات العالمية قبل المحلية، فنجد في مسلسلات مثل "صراع العروش" (Game of Thrones) تُرصد لكل حلقة من حلقاتها ميزانيات عملاقة من أجل هذه التجربة البصرية والسمعية المذهلة التي تقدمها.
يحاكي مسلسل "مملكة الحرير" مسلسلات الفانتازيا التاريخية عالية الميزانية قدر الإمكان أو بقدر الإمكانيات المتاحة لعملية الإنتاج، فنجد اهتماما واضحا بتصميم الأزياء، والقصور التي تدور فيها الأحداث، والمزج بين التصوير في الأماكن الحقيقية واستخدام المؤثرات البصرية، كما اهتم صُنّاع المسلسل إلى جانب الصوت بالموسيقى التصويرية والأغاني التي تضفي طابعا خاصا على المسلسل.
لكن مسلسلات الفانتازيا التاريخية لا تسعى فقط خلف الإبهار البصري والسمعي، بل تتمثل نقطة قوتها الأساسية في الحبكة المنطقية ذات التصاعد المحكم والأداء التمثيلي المتقن، وهي عناصر افتقدها مسلسل "مملكة الحرير" إلى حد كبير.
يتميز المسلسل بتسارع الأحداث، فعلى سبيل المثال يعلم جلال الدين بحقيقته بشكل مبكر نسبيا لهذا النوع من المسلسلات، وربما يرجع الأمر إلى عدد الحلقات المحدود، ويعكس هذا التسارع في الوقت ذاته عدم استقرار حياة القصور وعنفها غير المتوقع نتيجة للمؤامرات المستمرة.
لكن على الجانب الآخر هناك الكثير من الأحداث التي لم يتم التأسيس لها من داخل المسلسل، فبدت مفاجئة بشكل واضح.
مثّل الأداء التمثيلي نقطة ضعف كبيرة في "مملكة الحرير"، فبعيدا عن أداء كريم محمود عبد العزيز -الذي كان الأفضل في المسلسل بشكل عام- نجد أداء تمثيليا متفاوتا للغاية.
ويغلب الافتعال والمبالغة المسرحية على أداء كل من أسماء أبو اليزيد وأحمد غزي وسارة التونسي، إذ يبدون طوال الوقت وكأنهم واعون بأنهم يقدمون أدوارا معقدة في مسلسل فانتازيا تاريخية، ويحاكون أداءات مشابهة في أعمال أخرى.
أما عمرو عبد الجليل فكان اختيارا غير مألوف لدور الملك الذهبي الشرير وقاتل أخيه، فخلط الكوميديا والسخرية بالجدية بشكل غير متوازن.
إعلان
يعود بيتر ميمي في "مملكة الحرير" إلى الفانتازيا التاريخية التي قدمها من قبل في "الحشاشين" العام الماضي، لكن بينما غلبت على "الحشاشين" التوريات السياسية لا يجمع بين المسلسلين هنا سوى استخدام المؤثرات البصرية بإفراط، فلا يقدم المسلسل قراءة جديدة للتاريخ أو حتى للصراع بين الخير والشر، وقد تم قلب الأحداث إلى صراع ممجوج من "كيد النساء".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

"خماسية النهر".. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد
"خماسية النهر".. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

"خماسية النهر".. صراع أفريقيا بين النهب والاستبداد

الآن وبعد 45 عاما يكتب فتحي إمبابي كلمة الختام في روايته "خماسية النهر"، رواية كان "النيل" فيها هو البطل، وكل ما يجري على ضفتيه من حجر وبشر وحضارات هي كلها من صنعه وخلقه. رحلة صعبة وطويلة لم يكن النيل فيها هادئا مثل "نهر الدون"، ولم يكن غاضبا مثل نهر المسيسيبي، بل كان عازفا لحن الحياة، صانعا الحضارات على مدى آلاف السنين. تلك هي "سيرة النهر" التي سطرها من خلال خماسية: "نهر السماء"، "عتبات الجنة"، "رقص الإبل"، "عشق"، و"منازل الروح" في جزأين: "الحرية أو الموت"، و"العودة إلى الوطن"، هي قصة أفريقيا الجنة، والإنسان المطارد بين فكي النهب والسلب والاستبداد. وعن بداية الكتابة يقول فتحي إمبابي: |لم تكن الكتابة مقصدي، ولا خططت لأن أكون كاتبا، ولكنها اللعنة والغواية، لعنة أن تكون عربيا في زمن مستبد لا تعرف فيه الصديق من الغريب، ولا الشقيق من العدو، ولعنة أن تكون مشرقيا في وجه مستعمر غاشم، لا تكفيه أرضك وتاريخك، ولا يلهيه عرضك وجسدك، ولا يقنعه إلا مص دمائك ومحو ذاكرتك، وغواية أن تتبعه، ولا تصدق أن السكين التي في يده ليست لفك قيدك، بل لقطع رقبتك. وما بين مستبد ومستعمر عشت مكمم الفم، عاجزا عن دفع سكين القصاب، عشت الأوهام بكل جبروتها، وتجرعت المرارات كلها، لأجد نفسي في النهاية كاتبا رغما عن أنفي، ووجدت في حنو القلم وصدقه ما لم أجده في صحبة الرفاق والأصدقاء. جلست أكتب مسودات عن عالم يفتقد الرشاد ويسوده الظلم، ورسمت على الورق أحلاما مستحيلة في عالم محكوم عليه بالاعتقال والموت، لعل يوما يأتي وتجد أحلامي أرضا سعيدة.| والروائي فتحي إمبابي (1949) مهندس إنشاء أنفاق ساهم بشكل فعال في إنشاء شبكة أنفاق القاهرة الكبرى، لكن أصابته الغواية، ووقع في شرك الكتابة، التقيناه في بيته بالقاهرة، وبعد أكثر من نصف قرن من كتابة عشرات الروايات والقصص القصيرة والكتب الفكرية و"خماسية النهر" سألناه: إعلان ما شغلني منذ اللحظة الأولى هو سؤال الهوية والمصير، شغلتني هجرة المصريين إلى النفط في ليبيا ودول الخليج، فكانت روايات "مراعي القتل"، و"أقنعة الصحراء"، و"شرف الله". ورأيت رفاق الحركة الطلابية من جيل السبعينيات وهم يتساقطون ويموتون كمدا وقهرا في عمر الزهور، فكتبت عن أروى صالح وسهام صبري والروافد الاجتماعية لجيل السبعينيات. سؤال الهوية "خماسية النهر" رواية امتدت بطول نهر النيل، من القاهرة إلى الخرطوم إلى أوغندا ، فمنابع النيل العليا، متى بدأت كتابتها؟ وهل خططت لها منذ البداية، أم أنها جاءت عفو الخاطر؟ قد لا تصدقني إن قلت إنها هي التي كتبتني، عندما بدأت كتابة رواية "نهر السماء" لم يخطر ببالي ولو للحظة واحدة أنني سأكتب جزءا ثانيا للرواية، كان سؤال الهوية هو الذي دفعني أولا إلى القراءة، ثم إلى الكتابة رغما عن أنفي، كانت مرارة الهزيمة في عام 1967 أمرا صعبا للغاية، لجيل نشأ وترعرع على حب وطنه وعلى آمال قومية وأحلام وطنية عريضة. في تلك السن الحرجة كنت أنا ورفاقي في الجامعة يشغلنا سؤال: لماذا هزمنا؟ ثم جاءت التحولات التي ألمت بالشخصية المصرية وما حدث بعد حرب 1973: الانتقال من الشرق إلى الغرب، وانتشار روح التعصب الديني، كل هذا كان يدهشني ويشغلني ويعصف بعقلي بعنف. ومن هنا بدأت الحكاية.. حكاية "خماسية النهر" وفاتحتها رواية "نهر السماء"، ولأجل التجهيز لهذه الرواية كتبت ملازم ضخمة جدا وأنا أغوص في التاريخ، بدءا من القرن الـ18 حتى مطلع القرن الـ20 مرورا بالثلاثينيات وحتى مرحلة الستينيات. مأساة حكم العبيد ومن هذه النقطة بالذات بدأت أعي أنني أقف على سر ما جرى، وأثر بعنف على المنطقة، وهي القرون الستة التي سبقت الحملة الفرنسية على مصر ، وتحديدا فترة الحكم المملوكي، بداية من سنة 1275 ميلادية، حيث بدأت أكتب عن الحياة المصرية تحت حكم المماليك. وكان السؤال الذي أرقني كثيرا: من هم المماليك؟ وبالبحث، اكتشفت أنهم عبيد حكمونا لمدة 6 قرون، وكانت صدمة مرعبة، عبيد جاؤوا من أواسط آسيا ومن شرق أوروبا ومن الحبشة، وأغلبهم كانوا يدينون بديانات أخرى أو بلا دين أساسا ولا لهجة ولا ثقافة، ولا علاقة لهم بالإسلام أو العرب، ومع ذلك حكموا مصر 600 عام، هذا اكتشفته وأنا ابن الفترة الناصرية التي كانت تتحدث بثقة عن أن "الشعب هو المعلم"، فكان ذلك بمثابة مطرقة ثقيلة هوت على تفكيري. ثم كانت الصدمة الثانية: أن حكم العبيد لمصر -والذي استمر 600 عام- استمر كل هذه الفترة بمساندة رجال الدين، نحن إزاء قضية من أخطر ما واجهت مصر طوال تاريخها، وهي أنه لولا مساندة رجال الدين لما قام حكم المماليك ولا استمر. وعلى جانبي التاريخ والجغرافيا اكتشفت عاملا آخر كان هو سبب الحضارة والتمدن وهو النيل، النيل صانع الحضارة والتاريخ ومهندس الجغرافيا. والمصريون والسودانيون والأفارقة على ضفتيه مثل النمل الذي يكد ويعمل بلا كلل، وبشغف في كل الظروف الصعبة، وتحت مقصلة الطاعون الذي يتكرر كل 5 سنوات، ثم يأتي الطوفان ليدمر كل شيء في طريقه من أجل خلق جديد أو إعادة خلق الشعب المصري، ومن هنا كانت البداية، وكان الاكتشاف الذاتي الذي انطلقت منه لأكتب "خماسية النهر". ماذا حدث بعد "نهر السماء"؟ وكيف صارت بك الأحوال والمقادير لتكتب جزءا ثانيا للرواية، ثم لتكتب خماسية أو ملحمة للنهر من 6 كتب تقترب صفحاتها من ألفي صفحة؟ الموضوع لم أخطط له، وكما قلت لم يكن في بالي أن أكتب جزءا ثانيا لـ"نهر السماء"، ولكن لأني مفتون بقراءة وشراء الكتب التاريخية بشكل خاص وقع في يدي كتاب بعنوان "المديرية الاستوائية" لمؤلفه الدكتور جميل عبيد، ويتناول الكتاب موضوع الوجود المصري في الجمهورية الاستوائية (دولة جنوب السودان حاليا)، وهنا بدأت أكتب رواية "عتبات الجنة"، وحتى هذه اللحظة لم يخطر ببالي أن أكتب جزءا ثانيا لرواية "نهر السماء". بدأت أكتب عن قصة الأورطة المصرية (الكتيبة) التي شاركت في الثورة العرابية إلى جانب أحمد عرابي، وبعد أن احتل الإنجليز مصر وفشلت الثورة تم نفيهم إلى المنطقة الاستوائية، كانوا 12 ضابطا برفقة أسرهم، بدأت أفتش عن قصة هؤلاء الضباط: ما هو مصيرهم؟ أين ذهبوا؟ وأين قتلوا؟ ولم يرجع منهم إلى مصر سوى ضابط واحد فقط. رواية "عتبات الجنة" تدور أحداثها عقب الثورة العرابية واحتلال بريطانيا مصر، الرواية صراع بين الجغرافيا والزمن، وتنتهي ببلوغ هؤلاء الضباط أو هذه الأورطة البحيرات العظمى ولقائهم بملك أوغندا الذي يعترف بالسيادة المصرية على مناطق أعالي النيل. وتم ذلك في مدينة لادو التي كانت عاصمة جمهورية جنوب السودان أو عاصمة المديرية الاستوائية المصرية كما كان يطلق عليها، وكان الوجود المصري هناك وجودا حضاريا عمر الأرض ونشر التعليم وحارب تجارة العبيد. لما كتبت "عتبات الجنة" بدأت تتشكل ما يمكن تسميتها بالثلاثية، ومع وجود الضباط الـ12 كان لكل ضابط منهم قصة، هذه الحكايات هي ما نكملها في الجزء الثالث الذي خططت له وهو "منازل الروح"، حيث أختم الثلاثية بهذا الجزء، ولكن يحدث ما لم أتوقعه أنا ولا يمكن لأحد أن يتوقعه. دعتني صديقة سودانية لزيارة السودان، وهناك عشت وسط السودانيين، وخلال فترة إقامتي مع الإخوة السودانيين رأيت شعبا لا تملك إلا أن تعشقه، إجادتهم للغة العربية ونطقهم بالعربية الفصحى شيء يذهلك، وعلاقتهم بالثقافة العربية عالية جدا، علاقتهم بالشعر مخيفة، شعراء من طراز رفيع، لكن هذا غير ظاهر، ويتميزون بتنوع سياسي وثقافي عال وبطلاقة وفهم عميق لروح الثقافة العربية. ومن خلال معايشتي للسودانيين في تلك الفترة غيرت بوصلة الرواية عندي وأجّلت كتابة "منازل الروح"، وبدأت أكتب عن الحرب بين المهدية والجيش المصري وطبيعة الثورة المهدية، وأشير في هذه الرواية إلى أن هناك شخصين فقط هما من شكّلا السودان الحديث، وهما محمد علي باشا والمهدي. استطعت في رواية "رقص الإبل" أن أروي حكاية "المرحال"، وهذا شيء عظيم في تاريخ السودان، ومع ذلك لم يتعرض له الكتاب السودانيون. "المرحال" هو رحلة الشتاء والصيف، حيث تقوم قبائل السودان برحلتها ما بين الخريف والصيف والحركة وراء المطر، تبدأ الرحلة من الأبيض ووسط كردفان حتى بحر العرب، وتصل إلى بحر الغزال على النيل الأبيض، وتمتد حتى البحيرات العظمى. يأتي "المرحال" من وسط كردفان ويسير مسافة طويلة وسط غابات السافانا، وهناك مئات الآلاف من الأبقار والأغنام. هي رحلة رعي عظيمة يتوزع فيها الرعاة إلى نوعين: رعاة الإبل ويسمون "الأبالة" ورعاة البقر ويسمون "البقارة"، وهناك منطقتان أعشقهما: أرض النهود، وبحيرة الرهد. وأسأل الإخوة السودانيين مع كامل الاحترام لرواية "موسم الهجرة إلى الشمال" وللمبدع الطيب صالح، أقول لهم: السودان في حد ذاته هو عشرات الروايات الكبرى التي يمكن أن تقف جنبا إلى جنب مع روايات مثل "الحرب والسلام" لتولستوي، و"لمن تقرع الأجراس؟" لهيمنغواي، و"عوليس" لجيمس جويس، و"الصخب والعنف" لوليام فوكنر. كيف يكون عندكم هذا "المرحال" الذي يقام سنويا منذ مئات السنين وتتحرك فيه عشرات القبائل من "البقارة" و"الأبالة" وأهل الحمير، يقطعونه ذهابا وإيابا، ويضم حكايات من العشق والحب والحرب والقتل والكره والصراع والكفاح والكد والجد، ويحملون معهم العنقريب، ويقيمون المخيمات في رحلتهم، وتنسج الملاحم التي لا تنتهي، ثم تتركون كل هذا لتكتبوا عن امرأة بيضاء؟! ثم بدأت الحرب من الخرطوم إلى الأبيض، حيث قام المهدي بحرق القرى الواقعة في طريق الجيش المصري، ومنع عنهم الماء، وجهز خطة لهزيمة الجنود المصريين بقيادة القائد الإنجليزي. تتخلل الرواية أحداث كثيرة في سياق صراع الجيش المصري مع الحركة المهدية، وتمكن المهدي في النهاية من إبادة 13 ألف جندي وقتل معهم القائد البريطاني. الجزء الأخير من الخماسية يبدأ بدخول المهدي الخرطوم في أول يناير 1885، وقتله للقائد البريطاني تشارلز غوردون الذي أرسلته الملكة. ومن قبله تم قتل القائد هيكس. ويقال إن المهدي غضب من قتل غوردون، لأنه كان يريد مقايضته بالزعيم أحمد عرابي، وبقي الحال على ما هو عليه: شمال ووسط السودان تحت حكم المهدي، والجيش المصري في الجنوب، مع انقطاع خطوط الاتصال بينه وبين مصر. "منازل الروح" بجزأيها "الحرية أو الموت"، و"العودة إلى الوطن" هي سرد لما تبقى من فلول الجيش المصري المهزوم، فبعد إعادة بقايا الجيش إلى الخدمة وقتل القائد الإنجليزي غوردون انقطعت العلاقة تماما بين الجيش في الجنوب والحكومة في مصر، استقال شريف باشا وجاء نوبار باشا، وأرسل رسالة إلى الجيش تقول "أنتم أحرار، من يأتي يأتي، ومن يريد البقاء فليبق، ولا علاقة لكم بالسلطة في مصر"، وبجرة قلم ألقوا ببقايا الجيش في العراء. الواقع أشد سوداوية من الخيال كتبت عن المصريين في المهجر وعن غزو العراق وعن الشام والخليج العربي، ولم يكن لقضية فلسطين أثر واضح في كتاباتك وأنت المهموم بعروبتك؟ كنت أجهز للسفر إلى فلسطين، وكان لدي مشروع أعد له منذ فترة، عن الحروب الأربع: 1948، 1956، 1967، 1973، وهذا المشروع لن يكون بعيدا عن فلسطين وما جرى في مدنها من ظلم وعنصرية بغيضة. انتهيت من كل قصصي المفتوحة، ووضعت على الجرح النازف ملحا، ورسمت خطتي المستقبلية للسفر إلى الضفة وغزة لأكتب قصة فلسطين، فأنا لا أؤمن إلا بالكتابة من خلال المعايشة. لكن تفاجئني أحداث 7 أكتوبر وتقطع علي الطريق، ولم أدر ماذا أفعل، جلست أشاهد مجزرة على الهواء بكل لغات العالم، لم يترك الصهاينة حرمة لطفل أو لامرأة أو لجريح في مستشفى، بل لم يتركوا كرامة لحجر أو شجر أو رصيف لشارع، كانوا بحق "أعداء الحياة". وما أذهلني هو صمت العالم عما يجري، ويكاد الخذلان العربي أن يذهب بعقلي، أتساءل: كيف ينام العرب؟! كيف يأكلون؟! كيف تحلو لهم الحياة في ظل مذبحة موثقة تبث على الهواء ترتكب بحق أشقائهم؟! والآن، أنا لا أقدر على الكتابة ولا أستطيع أن أفعل شيئا وأنا أشاهد مذابح الفلسطينيين على الهواء مباشرة والعالم صامت لا يتحرك، في مشهد يفوق الخيال بؤسا وسوداوية.

أوبزرفر: لماذا سحبت "بي بي سي" فيلما عن قصف الأطقم الطبية بغزة؟
أوبزرفر: لماذا سحبت "بي بي سي" فيلما عن قصف الأطقم الطبية بغزة؟

الجزيرة

timeمنذ 17 ساعات

  • الجزيرة

أوبزرفر: لماذا سحبت "بي بي سي" فيلما عن قصف الأطقم الطبية بغزة؟

كشف منتجا فيلم وثائقي أعدته شبكة "بي بي سي" البريطانية -يتناول استهداف الجيش الإسرائيلي الأطقم الطبية والمستشفيات في قطاع غزة – عن أن إدارة القناة سحبت الفيلم قبيل موعد بثه بعد سلسلة من التأجيلات، لأسباب وصفوها بأنها سياسية وليست تحريرية. وكان الفيلم الذي حمل عنوان "غزة.. أطباء تحت القصف"، والذي أخرجه كريم شاه وأعدّته الصحفية الاستقصائية الحائزة جوائز راميتا نافاي وزميلها بن دي بير، ثمرة تحقيق استمر عاما كاملا، ووثق شهادات مؤلمة لأطباء ومسعفين فقدوا زملاءهم وأفرادا من عائلاتهم في القصف الإسرائيلي. وأوضح معدا الفيلم -في مقال لهما بصحيفة أوبزرفر البريطانية- أن العمل نال موافقة المحامين والمحررين في "بي بي سي"، وحاز ثناء كبار المسؤولين التحريريين، بيد أن عرضه أجل لعدة مرات قبل أن يسحب نهائيا في مايو/أيار الماضي، قبل أيام من بثه. ووفقا للمنتجين، فإن إدارة "بي بي سي" طرحت فكرة تقليص دور راميتا نافاي من "مراسلة" إلى "مساهمة خارجية"، بذريعة أن تغريداتها على موقع إكس (تويتر سابقا) اعتُبرت "منحازة" للفلسطينيين، رغم كونها إعادة تغريد لمصادر حقوقية توثق الانتهاكات. واعتبر المنتجان أن المؤسسة الإعلامية البريطانية العريقة رضخت لضغوط وخشيت من تكرار ما حدث مع فيلم وثائقي سابق عن غزة بعنوان "كيف تنجو في منطقة حرب"، سُحب من منصاتها بعد الجدل الذي أثاره بسبب كون الراوي "وهو طفل عمره 14 عاما ابنا لوزير في حركة حماس". وأشارا في مقالهما إلى أن إدارة "بي بي سي" بررت التأجيل بأن الفيلم الجديد يحتاج لمراجعة من مستويات عليا داخل المؤسسة، واعتبرت أن هناك حساسية سياسية كبيرة بشأن تغطية الحرب على غزة، خاصة في ظل الانتقادات التي وُجهت لتغطية القناة والتي اتُهمت بأنها تمنح "تكافؤا زائفا" بين ما جرى في السابع من أكتوبر/تشرين الأول ، والرد الإسرائيلي الذي خلف عشرات آلاف القتلى الفلسطينيين. كما كشفا أن بعض الاجتماعات التحريرية كانت تدار بروح من الرقابة الذاتية، حيث أُثيرت أسماء نشطاء مؤيدين لإسرائيل، وقيل إن بعض المعلومات في الفيلم قد تُرفض إذا اعتُبرت غير مقبولة من منظمات ضغط إعلامي مؤيدة لإسرائيل. وتابعا أنه في أحد الاجتماعات، قال أحد كبار صحفيي "بي بي سي" إنه يجب حذف بعض المعلومات لأنها لن تُرضي منظمة كاميرا، وهي هيئة رقابة إعلامية مؤيدة لإسرائيل. ورغم محاولة القناة لاحقا بث مقتطفات قصيرة من الفيلم، فإن شرطا قانونيا أُدرج في العقد ينص على منع منتجي الفيلم أو أي طرف يشتريه من "الإساءة لبي بي سي" أو الإيحاء بأنه فيلم معتمد من المؤسسة، وهو ما أدى إلى رفض التوقيع على العقد. وفي نهاية المطاف، بثت قناة "شانل 4" البريطانية الفيلم كاملا، ونال إشادة واسعة من النقاد والمتابعين، بينما تواصلت ردود الفعل داخل "بي بي سي" وخارجها، حيث أبدى عديد من الصحفيين تعاطفهم مع فريق العمل، وأكدوا أنهم "في الجانب الصحيح من التاريخ". لكن راميتا نافاي ودي بير اختتما شهادتهما بالقول: "نحن لا نريد أن نكون في الجانب الصحيح من التاريخ، بل في الجانب الصحيح من الزمن الحاضر".

فيديو نادر أطلق واحدة من أشهر ألعاب العالم.. القصة الحقيقية لـ"برنس أوف بيرشيا"
فيديو نادر أطلق واحدة من أشهر ألعاب العالم.. القصة الحقيقية لـ"برنس أوف بيرشيا"

الجزيرة

timeمنذ 20 ساعات

  • الجزيرة

فيديو نادر أطلق واحدة من أشهر ألعاب العالم.. القصة الحقيقية لـ"برنس أوف بيرشيا"

قلّة من الألعاب تمتع بالشعبية التي وصلت إليها لعبة "برنس أوف بيرشيا" -أي أمير بلاد فارس- إذ تمكنت اللعبة من بيع مليوني نسخة رغم صدورها في عام 1989، ومع أن اللعبة كانت تعتمد على مستوى رسومي وأسلوب لعب مبسط، فإن القصة وراءها أعمق مما تبدو. إذ أوضح جوردان ميكنر في كتابه "صناعة أمير بلاد فارس: يوميات 1985-1993" أنه اعتمد على تسجيل مقاطع فيديو لشقيقه ديفيد وهو يقوم بالحركات البهلوانية والقفزات المختلفة التي تظهر في اللعبة، ومن أجل الحفاظ على مصداقية المقاطع، ارتدى ديفيد ملابس تشبه ملابس بطل اللعبة طوال فترة التسجيل. وأشار ميكنر في كتابه إلى أنه اعتمد على تقنية تدعى "روتوسكوبينغ" (Rotoscoping) في تطوير مشاهد الحركة باللعبة، وهي تقنية عتيقة يعود استخدامها إلى عام 1915 عندما قام رسام الرسوم المتحركة ماكس فلايشر لأول مرة في سلسلة عصر الأفلام الصامتة من أجل توليد صور متحركة أقرب إلى الواقعية، ولكن لم تنتشر التقنية حتى عام 1937 عندما استخدمت في فيلم ديزني الشهير "بياض الثلج والأقزام السبعة". وتعتمد هذه التقنية على تتبع مشاهد ملتقطة حقيقية ونقلها في أوراق الرسومات من أجل تطبيقها على الرسوم المتحركة وتحريكها على مجموعة من المشاهد المتحركة للشخصيات التي تظهر في اللعبة أو الفيلم، وهي تعد من العمليات التي تستغرق وقتا طويلا في التحريك ولكن نتائجها تعد أفضل من غيرها. وحتى يتمكن ميكنر من القيام بذلك، كان يحتاج إلى تشغيل شريط الفيديو بعد تسجيل شقيقه، ثم يقوم بالتقاط مجموعة من الصور لكل ثانية من شريط الفيديو، بعد ذلك تتم معالجة هذه الصور ويعود بها للمنزل ليقوم برسمها يدويا قبل إرسالها إلى الأستوديو لوضعها في اللعبة. ورغم أن جزءا من هذه العملية كان يتم رقميا بحلول عام 1985، فقد كانت تستغرق وقتا طويلا وذلك بفضل رغبة ميكنر في تقديم تجربة ألعاب تحاكي التجربة التي قدمها سابقا في أولى ألعابه "كاراتيكا" (Karateka) التي كان والده هو نموذج الشخصية بداخلها. ويذكر ميكنر في كتابه أن شقيقه ليس الوحيد الذي كان نموذجا في لعبة "برنس أوف بيرشيا"، بل امتد الأمر إلى تينا ابنة زميله بيتر لا دو التي كانت ترتدي فستان حفلة التخرج الخاصة بها وكانت تعانق المنتج برايان إهيلر لالتقاط مشهد النهاية في اللعبة حين يصل الأمير إلى الأميرة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store