logo
من دمشق... هنا الرياض

من دمشق... هنا الرياض

العربيةمنذ 5 أيام
في أجواء سياسية واقتصادية مشحونة بالتوترات الإقليمية والآمال الوطنية، أعلنت المملكة العربية السعودية في 24 يوليو/‏تموز 2025 عبر منتدى الاستثمار السوري السعودي في دمشق عن توقيع 47 اتفاقية ومذكرة تفاهم قيمتها تقارب 24 مليار ريال (6.4 مليارات دولار)، في خطوة وصفتها وسائل الإعلام بأنها تحول نوعي في علاقات البلدين الاقتصادية. ومن بين تلك الاتفاقيات تخصيص أكثر من 11 مليار ريال (2.93 مليار دولار) لمشروعات البنية التحتية والعقارات، تتضمن إنشاء ثلاثة مصانع جديدة للإسمنت، فيما يبلغ حجم الاستثمارات في قطاع الاتصالات وتقنية المعلومات نحو أربعة مليارات ريال (حوالي مليار دولار). وتشمل الاتفاقيات توقيع مذكرة تفاهم بين سوق دمشق للأوراق المالية ومجموعة تداول السعودية لتعزيز التعاون في مجال التقنيات المالية، إضافة إلى مشروع سكني تجاري في حمص تنفذه شركة «بيت الإباء» تعود عوائده لصالح برامج الدعم الاجتماعي. ويتوزع الاستثمار السعودي على قطاعات الطاقة والعقارات والصناعة والبنية التحتية والخدمات المالية والصحة والزراعة والاتصالات وتقنية المعلومات والمقاولات والتعليم، وتشير التقارير إلى أن أكثر من عشرين جهة حكومية سعودية وما يزيد على مئة شركة من القطاع الخاص شاركت في المنتدى، ما يشي بنية سعودية حقيقية لاجتراح شراكة استراتيجية طويلة الأمد، خصوصاً بعد موافقة ولي العهد الأمير محمد بن سلمان على تأسيس مجلس أعمال سعودي سوري.
هذا الزخم الاقتصادي يتجاوز حدود الاستثمار ليشكّل موقفاً سياسياً داعماً للشرعية السورية الناشئة بعد سقوط حكم بشار الأسد وتولي الرئيس الانتقالي أحمد الشرع السلطة. فعلى الرغم من أن الحكومة الجديدة ما زالت تتلمس طريقها وسط مصاعب أمنية واقتصادية واجتماعية، فإن ضخ مليارات الدولارات من السعودية إلى دمشق يضخ في شرايين الدولة موارد حيوية تدعم قدرتها على إعادة الإعمار وتوفير الخدمات وتحريك عجلة الاقتصاد، وهو عملياً «إعادة دمج» لسوريا في الفضاء العربي ومساندة لرغبتها في بناء مؤسسات حديثة. المنتدى الاستثماري جاء بعد أيام قليلة من قصف إسرائيلي عنيف على دمشق في 16 يوليو/‏تموز؛ إذ استهدفت الطائرات الإسرائيلية مقر هيئة الأركان في ساحة الأمويين ومواقع أخرى وهي مؤشر على سياسة إسرائيلية عدوانية تهدف إلى الضغط على الحكومة السورية عبر استثمار الفوضى الأمنية في الجنوب. في هذا السياق، يعد الإعلان السعودي رسالة سياسية مزدوجة؛ فمن جهة يؤكد أن دمشق ليست وحيدة وأن لديها داعماً عربياً يمثل القوة الوازنة في المنطقة برمتها، ومن جهة أخرى يلمح إلى أن خيارات المواجهة مع إسرائيل ليست عسكرية فحسب بل اقتصادية أيضاً، فالتنمية وتثبيت الاستقرار يمثلان رداً ناعماً على التصعيد الإسرائيلي.
وفي خضم هذه التحولات، يحتفي السوريون بما يعتبرونه عودة الروح العربية إلى بلادهم، ويشعرون بأن استثمارات السعودية ليست مجرد أرقام أو مشاريع وإنما رسائل أخوة وسند إنساني. فالشارع السوري يرى في قرار الرياض تسديد ديون سوريا للبنك الدولي والآن ضخ مليارات الدولارات في قطاعات متنوعة ترجمة عملية لقول وزير الاستثمار السعودي بأن المملكة تقف «موقفاً ثابتاً وداعماً لشقيقتها سوريا». ويزداد هذا الشعور عمقاً حين يتذكر السوريون كيف فتحت المملكة أبوابها لأكثر من 2600 رائد أعمال سوري، وكيف استوعبت عشرات الآلاف من أبناء الجالية السورية ومنحتهم فرصاً للعيش والعمل. وبينما تنظر بعض الدول الغربية بعين الريبة إلى المستقبل السوري وتشكّك في قدرة الحكومة الانتقالية على إدارة بلد مزّقته الحرب لأربعة عشر عاماً، فإن المبادرة السعودية تأتي لتقول إن ثمة من يثق بقدرة السوريين على النهوض من تحت الركام وبناء وطن مزدهر. هذا الشعور بالاعتزاز يتجاوز القيادة إلى الناس العاديين الذين خرجوا لاستقبال الوفد السعودي في دمشق بأعلام خضراء، مردّدين الأهازيج التي تربط بين مكة ودمشق، وبين العروبة والإسلام، وبين الذاكرة المشتركة. فاللغة التي يتحدث بها السوريون عن الرياض اليوم هي لغة الحب والشكر، إذ يرون أن لا شيء يضاهي هذا الكرم السياسي والاقتصادي والإنساني؛ فهو كرم يغسل ذكريات الحرب وينسج خيوط الأمل في أن تعود بلادهم كما كانت ملتقى للحضارات ومركزاً للتجارة والثقافة. ومن هنا، تبدو الاستثمارات السعودية في سوريا أكثر من مجرد عقود؛ إنها تعبير عن قدرة الشعوب العربية على تجاوز جراحها حين تتكاتف، ورسالة بأن العلاقات الأخوية بين الشعبين أقوى من المحن، وأن القلب السعودي الذي يطرق باب دمشق اليوم يفتح معه نافذة واسعة على مستقبل يستحقه السوريون.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

المزاد الدولي لإنتاج الصقور ينطلق في ملهم
المزاد الدولي لإنتاج الصقور ينطلق في ملهم

الشرق الأوسط

timeمنذ 22 دقائق

  • الشرق الأوسط

المزاد الدولي لإنتاج الصقور ينطلق في ملهم

انطلقت، الثلاثاء، في مقر نادي الصقور السعودي بملهم، شمال مدينة الرياض، فعاليات المزاد الدولي لمزارع إنتاج الصقور، الذي يمتد إلى 25 أغسطس (آب) الحالي، بمشاركة أكثر من 60 مزرعة متخصصة تمثل 19 دولة من مختلف قارات العالم. ويعد المزاد إحدى أبرز المنصات العالمية المتخصصة في بيع وشراء الصقور المنتجة داخل مزارع احترافية، ويهدف إلى دعم مزارع الإنتاج المحلية، وتوفير بيئة موثوق بها وآمنة لتبادل الصقور عالية الجودة، بما يسهم في تعزيز ريادة السعودية في قطاع الصقور إقليمياً وعالمياً. المزاد شهد نمواً ملحوظاً في حجم المبيعات وعدد الصقور المتداولة (نادي الصقور) وشهد المزاد، منذ انطلاق نسخته الأولى قبل 4 أعوام، نمواً ملحوظاً في حجم المبيعات وعدد الصقور المتداولة، حيث بلغ إجمالي المبيعات أكثر من 29 مليون ريال، وتم بيع أكثر من 2,300 صقر، في حين سجّل أغلى صقر من مزارع الإنتاج الدولية سعراً تجاوز 1.75 مليون ريال، بينما بلغ سعر أغلى صقر من مزارع الإنتاج المحلية أكثر من 500 ألف ريال. وبلغت مبيعات نسخة 2024 وحدها أكثر من 10 ملايين ريال. وتتضمن فعاليات المزاد أنشطة متنوعة من أبرزها: منصة المزاد الرسمية، وأجنحة المزارع، وأجنحة مستلزمات الصقور الدولية، وجناح صقار المستقبل، بالإضافة إلى العروض التفاعلية التي تسهم في إثراء تجربة الزوار. ويأتي تنظيم المزاد ضمن استراتيجية نادي الصقور السعودي الرامية إلى تأكيد ريادة المملكة عالمياً في تنظيم فعاليات الصقور، ودعم سبل الاستثمار في هذا المجال، إلى جانب الحفاظ على هذا الإرث الثقافي العريق وتطويره بأساليب احترافية حديثة. ويُنتظر أن يشهد المزاد في نسخته الحالية عدداً من الصفقات البارزة، في ظل المشاركة الواسعة من المزارع الدولية والمحلية، والإقبال المتزايد من قبل المستثمرين والمهتمين؛ ما يعزز من مكانة المزاد كمنصة دولية رائدة في قطاع إنتاج وتداول الصقور.

محدّث.."تداول" يشهد تنفيذ صفقتين خاصتين بقيمة 70.75 مليون ريال
محدّث.."تداول" يشهد تنفيذ صفقتين خاصتين بقيمة 70.75 مليون ريال

مباشر

timeمنذ 26 دقائق

  • مباشر

محدّث.."تداول" يشهد تنفيذ صفقتين خاصتين بقيمة 70.75 مليون ريال

الرياض - مباشر: شهد سوق الأسهم السعودية "تداول"، اليوم الثلاثاء، تنفيذ صفقتين خاصتين ، على كل من سهمي "أكوا باور" و"أرامكو" بقمة إجمالية تبلغ 70.74 مليون ريال، من خلال 2.73 مليون سهم. ووفقاً لبيانات "تداول"، تم تنفيذ صفقة على "أرامكو" نحو 64.75 مليون ريال، من خلال 2.70 مليون سهم، وتم تنفيذ الصفقة بسعر 23.98 ريالاً للسهم. وبلغت قيمة الصفقة على "أكوا باور" بقيمة 6 ملايين ريال، من خلال 27.16 ألف سهم، وتم تنفيذ الصفقة بسعر 221 ريالاً للسهم. وتم التداول على السهم بجلسة اليوم بين مستويات 222.40 ريال، و219 ريالاً للسهم؛ وهو أعلى وأدنى مستوى للسهم على التوالي. والصفقات الخاصة هي الأوامر التي يتم تنفيذها من خلال اتفاق مستثمر بائع ومستثمر مشترٍ على أوراق مالية محددة، بسعر محدد؛ بما يتوافق مع ضوابط (تداول)، ولوائح هيئة السوق المالية. ولا تؤثر الصفقات الخاصة على سعر آخر صفقة، وأعلى وأدنى سعر للسهم، وسعر الافتتاح، وسعر الإغلاق، ومؤشر السوق، أو مؤشرات القطاعات، بينما تؤثر بكميات وقيم التداول. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي

المصارف السعودية ترفع استثماراتها بالسندات الحكومية 44.45 مليار ريال خلال 6 أشهر
المصارف السعودية ترفع استثماراتها بالسندات الحكومية 44.45 مليار ريال خلال 6 أشهر

مباشر

timeمنذ 26 دقائق

  • مباشر

المصارف السعودية ترفع استثماراتها بالسندات الحكومية 44.45 مليار ريال خلال 6 أشهر

مباشر - السيد جمال: استمرت سلسلة ارتفاع الاستثمارات التراكمية للمصارف العاملة في المملكة العربية السعودية بالسندات الحكومية وشبه الحكومية بنهاية شهر يونيو/ حزيران 2025م للشهر الثاني عشر على التوالي؛ لتقفز منذ بداية العام بنحو 44.45 مليار ريال. وارتفعت الاستثمارات التراكمية للبنوك والمصارف العاملة في المملكة بالسندات الحكومية بنسبة 14.49% بنهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي على أساس سنوي، وبزيادة تعادل 80.53 مليار ريال مقارنةً مع قيمتها في نهاية الشهر المماثل من عام 2024م؛ وفقاً لإحصائية لـ"مباشر" تستند للنشرة الشهرية للبنك المركزي السعودي "ساما". ووصلت حيازة البنوك التراكمية بالسندات الحكومية إلى 636.35 مليار ريال بنهاية يونيو/ حزيران 2025م؛ وهو أعلى مستوى تاريخي تصل له على الإطلاق، مقابل قيمتها في نهاية الشهر نفسه من عام 2024م والبالغة 555.82 مليار ريال. وعلى أساس شهري، واصلت المصارف زيادة استثماراتها بالسندات الحكومية بنهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي للشهر الثاني عشر على التوالي؛ حيث زادت بنحو 2.2% وبما يعادل 13.45 مليار ريال عن قيمتها في نهاية الشهر السابق (مايو/ أيار 2025م) والبالغة بنهايته 622.9 مليار ريال. وارتفعت استثمارات المصارف بالسندات الحكومية وشبه الحكومية بواقع 44.45 مليار ريال في أول 6 أشهر من عام 2025م، حيث زادت بنسبة 7.5% مقارنةً مع قيمتها بنهاية عام 2024م والبالغة 591.9 مليار ريال. ورفعت المصارف العاملة في المملكة استثماراتها التراكمية بالسندات الحكومية بنهاية العام 2024م بنسبة 9.55% على أساس سنوي، حيث كانت تبلغ 540.32 مليار ريال بنهاية عام 2023م. وتشمل السندات الحكومية وشبه الحكومية التي تصدرها الحكومة السعودية، السندات والصكوك الحكومية المصدرة دولياً التي تقوم المصارف بشرائها من السوق الثانوية. يُشار إلى أن السندات أداة من أدوات الدين العام طويلة الأجل، تلجأ إليها الدول لتمويل عجز الموازنة، فيما تعني الصكوك السيادية أنها أداة من أدوات الدين تصدرها الدولة لجمع الأموال تستخدمها في سد العجز، وتثبت حق الملكية لحامليها في أصول. وشكلت استثمارات المصارف في المملكة بالسندات الحكومية 73.72% من إجمالي مطلوبات البنوك بالمملكة من القطاع العام (الحكومي وشبه الحكومي) بنهاية شهر يونيو/ حزيران 2025م. وبلغت مطلوبات البنوك الإجمالية من القطاع العام 863.19 مليار ريال بنهاية شهر يونيو/ حزيران الماضي؛ مقابل 714.86 مليار ريال في نهاية الشهر المماثل من عام 2024م؛ لتزيد بنسبة 20.75%، وبما يعادل 148.33 مليار ريال. وتضمنت مطلوبات البنوك من القطاع العام أيضاً ائتماناً مصرفياً للمؤسسات العامة (يشمل قروضاً وسلفاً وسحوبات على المكشوف) بقيمة 226.84 مليار ريال بنهاية يونيو/ حزيران 2025م، مقابل 159.04 مليار ريال بنهاية الشهر ذاته من العام الماضي؛ لترتفع بنحو 42.6% وبما يعادل 67.8 مليار ريال. حمل تطبيق معلومات مباشر الآن ليصلك كل جديد من خلال أبل ستور أو جوجل بلاي للتداول والاستثمار في البورصات الخليجية اضغط هنا لمتابعة قناتنا الرسمية على يوتيوب اضغط هنا لمتابعة آخر أخبار البنوك السعودية.. تابع مباشر بنوك السعودية.. اضغط هنا ترشيحات:

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store