
هل إسرائيل شرطي المنطقة الجديد؟
وللمرة الأولى في تاريخِها الحديث، لم تعد هناك قوةٌ تعلن تهديدها لإسرائيل وقادرة على فعل ذلك. حتى إيران لا تستطيع ذلك بعد التَّدمير الذي لحقَ بقدراتها الهجومية، وقد تتغيَّر هذه المعادلة مستقبلاً إن تمكَّنت ايران من إعادة بناء قوتها الداخلية والخارجية، لكنَّ الأمر يبدو مستبعداً أو بعيداً. بتبدّل الأوضاع تتبدَّل الاستراتيجية الإسرائيلية، تريد أن تكونَ لاعباً هجوميّاً في المنطقة وليس مجردَ حارسٍ للحدود. والمنطقة الآنَ في حال متبعثرة، وبلا تحالفاتٍ واضحة، كأنَّها تنتظر أن تحسمَ الأمور المضطربة، ومن بينها محور طهران الذي تقلَّص كثيراً. هناك احتمالان لما ستكون عليه إسرائيل.
الأول: أن تعتبرَ نفسَها قوة لحفظ الواقع الجديد، و«استقراره»، والانخراط سلمياً مع الجوار باستكمال علاقاتِها مع بقية العرب. وهذا سيعني نهايةَ حقبةِ الحرب والمقاطعة. مع نهاية الأنظمة المعادية لها أو إضعافِها، ستعزّز إسرائيل مصالَحها بترسيخ الوضعِ الجيوسياسي وتنظيفِ محيطها وإقصاء ما تبقَّى من حركاتٍ معادية لها.
الاحتمال الثاني: أنَّ إسرائيل بقوتها المتفوقةِ تريد أن تعيد تشكيلَ المنطقة وَفق منظورها السياسيِّ ومصالِحها وهذا قد يعني المزيدَ من المواجهات. فالدول الإقليمية لديها هواجسُ قديمة في هذا الشأن. فقد كانت هناك أنظمةٌ توسعية مثل صدام العراق وإيران اعتبرت إسرائيل عقبةً أمام طموحاتها الإقليمية وتبنَّت مواجهتها، وإن كانتِ العناوين دائماً تتدثّر بالقضية الفلسطينية. هجماتُ حركة حماس أخرجت إسرائيلَ من القمقم ووضعتها طرفاً في المعادلة الإقليمية أكثرَ من ذي قبل. فهل إسرائيل تبحث عن التعايش إقليمياً أم تطمح لتنصب نفسها شرطياً للمنطقة؟ كل شيء يوحي بأنَّ إسرائيلَ تريد أن تكون طرفاً في النَّشاط السياسيّ الإقليميَ ومعاركِ المنطقة، قد تكونُ المقاولَ العسكري أو لاعباً إقليمياً أو حتى زعيمةَ حلف. فهي سريعاً منعتِ التَّدخلَ العراقي في سوريا والتَّمدد التُّركيَّ كذلك.
شهية حكومةِ نتنياهو للقتال المستمرة أحيت مخاوفَ مشروع إسرائيل الكبرى، والتخطيط للتوسع في المنطقة. الحقيقة أنَّ معظمَ هذه الطروحات تسوّقُ لها الأطرافُ المنخرطة في الصّراع مثل إيران وسوريا والإخوان واليسار. إسرائيل ربَّما تبحث عن دور مهيمن، لكنَّ التَّوسعَ الجغرافي مستبعد. فهيَ على مدى خمسين عاماً انكفأت على نفسها وسخرت إمكانياتها المادية والعسكرية والقانونية لابتلاع الأراضي التي احتلتها في حرب 1967. ولا تزال تصارعُ للحفاظ عليها وإفشال العديد من المحاولات لتخليصها بإقامة دولة فلسطينية أو إعادتها تحت الإدارتين الأردنية والمصرية. الدولة الإسرائيلية صغيرة وستبقَى كذلك نتيجة طبيعة نظامِها المتمسّك بالحفاظ على يهوديتها. حالياً عشرون في المائة من مواطنيها فلسطينيون، ولو ضمَّت الأراضيَ المحتلة للدولة ستصبح نسبتُهم نصفَ السُّكان تماماً.
هذا يجعل التحديَ استيعابَ الضفة وغزة وليس التوسع. الخشية أن يسعى المتطرفون الإسرائيليون إلى الاستفادة من حالة الفوضى لهذا الغرض، كما حدث بعد أكتوبر، إذ استُغلَّت هجمات «حماس» للتخلّص من جزءٍ من سكان الضفة وغزة. هذا احتمالٌ وارد وله تداعياتُه الخطيرة. إنَّما توجد مبالغة فيما يروّج له المؤدلجون محذرين ممَّا يسمى إسرائيل الكبرى، مستشهدين بصور ومقالاتٍ تدعو للتوسع لما وراء نهر الأردن. قد تكون ضمنَ الطروحات التلمودية والسياسية التي تشبه الحديث عن «الأندلس» عندَ الذين يحنُّون للتاريخ العربيّ والإسلاميَ القديم. ديموغرافياً إسرائيلُ محكومةٌ بمفهومها للدولة اليهودية وتخشى من أن تذوبَ إثنياً بخلاف معظم دول المنطقة التي تشكَّلت واستوعبت أعراقاً وإثنياتٍ متنوعة. إسرائيل تسعى للهيمنة لكنَّها تخاف من الاندماجات الديموغرافية الحتمية نتيجة الاحتلالات.
سياسياً، تبقَى استراتيجية الدولة اليهودية المقبلة، عقب انتصاراتها الأخيرة، غامضةً وربَّما لا تزال تحت التَّشكّل. ومهما تريد لنفسها، سواء أكانت تريد دولة مسالمة منفتحة على جيرانها العرب أم شرطياً للمنطقة منخرطاً في معاركَ دائمة، فإنَّ للمنطقة ديناميكيتها التي تحركها عواملُ مختلفة ومتنافسة ولا تستطيع قوةٌ واحدةٌ الهيمنةَ عليها.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 14 دقائق
- العربية
لهجة حاسمة خلال "مؤتمر نيويورك"
إعلان نيويورك (42 بنداً) الصادر عن المؤتمر الدولي لحل الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية مطلع الأسبوع الماضي لم يكن مجرد خطوة إعلامية موسمية، فالمؤتمر الذي قادته وسعت إلى عقده السعودية بمشاركة فرنسا لم يولد من العدم أو الصدفة، والصيغ التي أوردها في إعلانه الختامي تخطت لغة التمني إلى لغة الفعل والاتفاق على خطوات ملموسة، وهو إلى ذلك يكتسب أهمية مميزة ربطاً بالظروف المأسوية التي يمر بها الشعب الفلسطيني ومستوى التوتر الشامل الذي تعيشه المنطقة. منذ أشهر أعلنت الرياض عزمها عقد هذا اللقاء الدولي وكثفت مساعيها في هذا الاتجاه منذ اندلاع حرب غزة المدمرة، ويمكن أن نجد لبنود "إعلان نيويورك" أساساً في القمم والاجتماعات التي خصصتها السعودية لمعالجة نتائج الحرب المستمرة والخروج منها إلى حلول دائمة تضمن حقوق الشعب الفلسطيني، ومنها خصوصاً القمة العربية - الإسلامية في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024 التي ركزت على وضع حد للحرب وإغاثة سكان غزة، وأقرت التمسك بقيام الدولة الفلسطينية إلى جانب إسرائيل، وقد تحفظت إيران في حينه على هذا القرار . لقد زاد حجم الدمار والموت والجوع في القطاع أهمية البحث عن الحلول الحقيقية، فمغامرة "حماس" في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023 فتحت الباب أمام كارثة تاريخية جديد لحقت بالفلسطينيين وزادت من حدة التطرف الإسرائيلي، مما أدى إلى طرح المشاريع الصهيونية القصوى على بساط التنفيذ، فلم تعد إسرائيل مستعدة للعودة إلى الوضع السابق في غزة ولا لبنان، بل هي تطرح إعادة احتلال القطاع وتهجير أهله تحت وطأة الحصار والقتل والتجويع، وما عادت تتحدث سوى عن توسيع الاستيطان في الضفة وصولاً إلى ضمها بعد تفريغ ما أمكن من سكانها طرداً وتهجيراً، وفتحت معركة السابع من أكتوبر 2023 الباب واسعاً من جهة ثانية أمام التوسع الإسرائيلي في جنوب سوريا وجنوب لبنان، حيث زادت الأمور تعقيداً وكان لا بد لأحد من أن يعيد الأمور لنصابها. الدور السعودي بمشاركة فرنسا كان تحديداً محاولة إعادة الأمور لحقيقتها انطلاقا من المصلحة العربية العميقة وموجبات السلام الدائم، والحقيقة ألا حل يرسي سلاماً شاملاً من دون تسوية جدية للصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، وهذا الحل يبدأ بوقف الحرب المريعة في غزة، وفي نيويورك ومن داخل مقر الأمم المتحدة التقت دول أوروبية أساس ومعها نحو 100 دولة من العالم لترسم الطريق إلى تسوية الدولتين، وقد حصل ذلك في توقيت حساس بالنسبة إلى إسرائيل التي تتعرض لضغوط وانتقادات من جانب حلفائها ويخشى قادتها السفر بسبب قرارات القضاء الدولي، ومع أن الولايات المتحدة قاطعت "مؤتمر نيويورك" فإن حلفاء بارزين لها حضروه وشاركوا في أعماله بقوة، ودعوا إلى أن تكون دورة الجمعية العامة للأمم المتحدة خلال الشهر المقبل فرصة لجعل موضوع حل الدولتين عنوان أساساً لها ومناسبة لتوسيع دائرة الدول التي تعترف بالدولة الفلسطينية المستقلة، مما يتيح إعادة طرح الموضوع على مجلس الأمن الدولي لاتخاذ القرارات المناسبة، وفي إعلان نيويورك عزم على السير في هذا الاتجاه، فهو يتحدث عن خطوات ملموسة زمنياً لتحقيق حل الدولتين، ويؤكد ضرورة اتخاذ إجراءات جماعية لإنهاء الحرب في غزة وانسحاب إسرائيل وتسليم القطاع للسلطة الفلسطينية، وقال الإعلان "يجب أن تنتهي الحرب في غزة الآن وأن تكون الحكومة وإنفاذ القانون والأمن في جميع الأراضي الفلسطينية بيد السلطة، دولة واحدة، قانون واحد، حكومة واحدة وسلاح واحد، ويجب على حركة 'حماس' إنهاء حكمها في غزة وتسليم سلاحها للسلطة تماشياً مع هدف إقامة الدولة". المشروع الطموح الذي تقوده السعودية وفرنسا اعتبره الإعلام الإسرائيلي بمثابة "تسونامي" يضرب إسرائيل، نظراً إلى جذبه دولاً أساسية منها بريطانيا وهولندا، والرد الإسرائيلي الرسمي على إعلان نيويورك لم يتأخر فقد قال نتنياهو لرئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر إن الاعتراف بالدولة المستقلة هو "عقاب للضحية"، وشرح أن قيام "دولة جهادية عند حدود إسرائيل سيهدد بريطانيا غداً"، أما مندوب إسرائيل لدى الأمم المتحدة داني دانون فقد بادر إلى الهجوم على "الإعلانات الجوفاء" باعتبارها "نفاقاً وإهداراً للوقت يمنح شرعية للإرهاب". ورحبت السلطة الفلسطينية بإعلان نيويورك ومثلها فعلت حركة "حماس" التي رأت "مواقف إيجابية" في المؤتمر الدولي، لكنها أصرت على أن "سلاح المقاومة حق باق طالما بقي الاحتلال"، فلم تقفل الحركة الباب وإن كان موقفها يختلف عن الترحيب العارم من جانب السلطة، غير أن توقيع حليفيها تركيا وقطر على إعلان نيويورك وبند نزع سلاحها لم يدع مجالا للشك في أن هامش التحرك يضيق أمامها، على أن الأمر منوط في النهاية بالموقف الأميركي، فقبل عام تحدث الرئيس الأميركي الأسبق جو بايدن عن حل الدولتين وضرورة قيام دولة فلسطينية، وفي رد فعله على موجة الاعتراف بهذه الدولة رأى الرئيس الحالي دونالد ترمب أن الاعتراف "خطوة من دون وزن"، لكنه يعرف في النهاية ألا مفر من تسوية تحفظ حق الفلسطينيين في الدولة إذا أراد تطبيق نظريته حول السلام في الشرق الأوسط، إبراهيمياً كان أو غير إبراهيمي . لقد تمكنت السعودية ومعها فرنسا وبانضمام دول فاعلة أخرى من رسم خريطة طريق لا بديل عنها للخروج من مأساة غزة وكارثة الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي المتواصلة، وربطت هذا الخروج بمواعيد ومحطات وشروط واضحة، والشروط مطلوب من إسرائيل والفلسطينيين التزامها، والمواعيد مرتبطة بانعقاد الجمعية العامة واجتماعات مجلس الأمن المتزامنة، وحتى ذلك الحين نشاط هادئ ومكثف يمكنه للمرة الأولى أن يحدث تحولاً في موقف أميركي يتبنى كلية موقفاً إسرائيلياً لا يرى ضرورة لسلام متفق عليه. كتب بطرس بطرس غالي في مذكراته متحدثاً عن المؤتمرات الدولية: "إنه لشيء مؤثر أن تسمع الأصوات الجهورية نفسها تدافع عن القضايا نفسها، فهل هي عبثية الكلام أم عدم فعالية العمل؟ أم هو قدر يعرضه نظام العالم؟"، وقد يصح هذا التقدير في وصف أي مؤتمر دولي، لكن ما جرى في لقاء حل الدولتين والظروف التي انعقد فيها والإرادة الصلبة لراعيه يجعل غالي للمرة الأولى يبدل نظرته إلى المؤتمرات، وما علينا سوى بعض العمل والانتظار.


العربية
منذ 14 دقائق
- العربية
ليس رصاص "حماس" ولكن أضلع الجوعى!
البعض يرى أن التطور الدولي تجاه القضية الفلسطينية، وبخاصة من الدول الوازنة الغربية، كفرنسا وبريطانيا وغيرهما، هو نتيجة رصاص "حماس" في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023 . هذا من حق من يرى ذلك الرأي ويتبناه، لكنه موضع خلاف، فهناك رأي، أن ما استفز المجتمعات الغربية وحكوماتها هو الهياكل الإنسانية التي تظهر على شاشات الإعلام الغربي كل مساء، بجانب الجهد الديبلوماسي الذي تقوم به الدول العربية في الفضاء الدولي للقبول بحل الدولتين. الاعتراف بالدولة الفلسطينية حالياً متوافر جزئياً، فهناك 139 دولة معترفة بفلسطين رسمياً من جملة 193 أعضاء الأمم المتحدة. بعد إعلان منظمة التحرير الفلسطينية في الجزائر 1988 استقلال دولة فلسطين، مستندة إلى قرار الأمم المتحدة 181 (قرار التقسيم)، باتت الدول تعترف بفلسطين، في آسيا مثل الصين والهند، وفي أفريقيا معظم دول القارة، وفي أميركا اللاتينية، وبعض دول أوروبا الشرقية مثل بولندا وتشيكوسلوفاكيا وبالطبع روسيا!! كان هذا الاعتراف مستعصياً في الدول الغربية، اليوم تبدو بشائر الاعتراف من الدول الغربية الوازنة آتية، بعد شهرين على الأكثر، وخاصة من فرنسا وبريطانيا، وعدد من الدول الغربية. الملاحظ أن إعلان رئيس وزراء بريطانيا شروط الاعتراف يمكن أن يتغير، إذا قامت إسرائيل بوقف الحرب في غزة، وفتحت المعابر لوصول المساعدات الإنسانية، وهو كناية عن اختفاء صراع الطناجر للبحث عن اللقمة، واختفاء الهياكل العظمية من الشاشات. وضع هذا الشرط يعني بأن الدافع الرئيسي للاعتراف هو الهياكل العظمية، التي تظهر في الإعلام الغربي كل مساء. هنا تكمن الخطورة، فهذه الفترة هي فرصة قد لا تتكرر، والدفع بالموضوع الفلسطيني على الساحة الدولية والحصول على اعتراف واسع من الدول، نافذته قصيرة، وتحتاج إلى حصافة سياسية. الافتراض هو أنه إذا دخلت المساعدات بشكل واسع، وخفت صور طناجر الأكل التي تتدافع حول أماكن توزيع الغذاء، واختفت أيضاً الهياكل العظمية التي تبدو الآن للعالم، إذا تم ذلك، ربما يتراجع حماس بعض الدول الغربية. قد يرى البعض أن ذلك صعب، لأن الأمور قد وصلت إلى مكان لا يمكن الرجوع عنه، ولكن في السياسة كل شيء ممكن. فلا تزال إسرائيل تملك عدداً من الأوراق، منها السيطرة شبه الكاملة على وسائل الإعلام، وعلى عدد من الأحزاب الأوروبية بمقولات معاداة السامية، والتذكير بمذبحة الهولوكوست، واستخدام المال، وأيضاً التهديد والترغيب. إذاً، هناك فرصة أمام الفلسطينيين بكافة تشكيلاتهم لأن يتدبروا هذا الأمر؛ فالشقاق الفلسطيني - الفلسطيني، عقبة كبرى أمام تقدم القضية، وكل فريق من الفرقاء الفلسطينيين يعتقد أنه يملك الحل. الحقيقة الأخرى أن التوجه الدولي للاعتراف بالدولة الفلسطينية، يستثني علناً وجود "حماس" المسلحة أو حتى "حماس" السياسية في غزة، أو في الضفة الغربية، وهذه عقبة كبرى لأن "حماس" أو قيادتها حتى الآن لم تصل إلى تلك القناعة التي قد تقول إن "ما فعلناه يكفي، وإننا فتحنا الباب للدولة الفلسطينية، وعلينا أن نتراجع لكي تقوم القوى الفلسطينية الأخرى بدورها في تحقيق الحلم، فما يصلح للحرب لا يصلح للسلم". هذه العقبة الرئيسية التي قد تؤخر أو تجمد أو حتى تدفع لمراجعة الاعتراف بالدولة الفلسطينية من الدول الغربية الوازنة، وبالتالي تخسر القضية مرة أخرى، كما لم تخسر في السابق. الجهد الديبلوماسي العربي مشهود، وتم على رؤوس الأشهاد في الأمم المتحدة. حتى الولايات المتحدة رغم معارضتها علناً للفكرة، إلا أنها بعد حين، إذا تهيأت الظروف التي تم شرحها في السابق، أي تواضع سياسي من القيادات الحماسية، وتقديم المصلحة الأوسع للفلسطينيين على مصلحة التنظيم، وقتها قد تأتي الولايات المتحدة أيضاً إلى الطاولة. اليوم تبدو هناك فرصة سانحة، وهي الاعتراف الأوسع بدولة مستقلة على الأراضي التي احتلت بعد حرب 67. المعارضة لهذه الفكرة من اليمين الإسرائيلي واضحة، ولكن أيضاً هناك رأي عام في إسرائيل يتوجب التوجه إليه وإقناعه بخطأ مقولة أن "الأمن ليس وظيفة من وظائف الدولة الإسرائيلية، بل شرط لوجودها"، حيث ثمة إقناع للجمهور الإسرائيلي بأنه مهدد بمن حوله. الحقائق على الأرض تقول عكس ذلك، فهناك سلام مع الأردن وأيضاً مع مصر، وتجري أيضاً مباحثات نشطة مع سوريا، كما لإسرائيل تمثيل في عدد من الدول العربية الأخرى. هذه الفكرة يجب أن تستثمر، في الإعلام العالمي، من أجل دحر مفهوم العقيدة الوجودية العسكرية لإسرائيل.


الشرق الأوسط
منذ 14 دقائق
- الشرق الأوسط
«ستؤدي إلى موت جميع الأسرى»... لابيد يحذر من سيطرة الجيش الإسرائيلي على غزة
حذّر زعيم المعارضة الإسرائيلية، يائير لابيد، من أن خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو المعلنة لاحتلال قطاع غزة بالكامل، ستُعرّض للخطر حياةَ الأسرى الإسرائيليين المتبقين، وتُحمّل الإسرائيليين أعباءً طويلة الأمد نتيجة حكم عدد كبير من الفلسطينيين، وفقاً لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل». وقال لابيد، في بيانٍ شديد اللهجة: «إنّ التوجه الذي تسلكه الحكومة والوزراء سيؤدي إلى موت جميع الأسرى جوعاً وضرباً وتعذيباً، أو قتلهم خلال عمليات جيش الدفاع الإسرائيلي». وتأتي تصريحاته بعد تقارير تُفيد بأنّ نتنياهو يميل إلى إصدار أوامر للجيش الإسرائيلي بالسيطرة الكاملة على غزة، رغم معارضة المؤسسة العسكرية. وفقاً لمصادر نقلتها إذاعة «كان» و«القناة 12»، فإن مثل هذه الخطوة ستُعرّض نحو 20 رهينة ناجين لخطر الإعدام أو الموت بشكل متزايد أثناء العمليات القتالية، مع اقتراب القوات من المناطق التي قد يُحتجزون فيها. وتابع لابيد: «في المقابل، سنحكم مليوني فلسطيني. ندفع ثمن الكهرباء والمياه لهم، ونبني لهم المدارس والمستشفيات من أموال دافعي الضرائب الإسرائيليين... الضم يعني الدفع». وحذّر من أن مثل هذه الخطوة ستعزل إسرائيل دولياً، وتقضي على أي أمل في الحصول على دعم إقليمي لإعادة الإعمار بعد الحرب. وترأس نتنياهو، بعد ظهر اليوم (الثلاثاء)، اجتماعاً أمنياً عرضت خلاله الخيارات لمواصلة الحرب في غزة، وذلك بعيد تأكيده أن على إسرائيل أن تكمل هزيمة «حماس» لتحرير الرهائن المحتجزين في القطاع. وأفاد مكتب رئيس الوزراء أن الأخير عقد بعد الظهر «اجتماعاً أمنياً استمر لنحو 3 ساعات، عرض خلاله رئيس أركان الجيش الخيارات لمواصلة العمليات في غزة». وقال المكتب، إثر الاجتماع، إن الجيش «مستعد لتنفيذ أي قرار تتخذه» الحكومة. وأشار نتنياهو خلال زيارة منشأة تدريب عسكرية في وقت سابق إلى أنه «من الضروري إتمام هزيمة العدو في غزة، لتحرير جميع رهائننا، وضمان ألا تشكل غزة تهديداً لإسرائيل بعد الآن».