
"السذاجة" ذكاء اجتماعي أو عمليات تأثير وإقناع؟
"السذاجة وعلم النفس الاجتماعي: الأخبار الكاذبة، نظريات المؤامرة، والمعتقدات اللاعقلانية"، كتاب مرجعي لفهم ظاهرة انتشار المعتقدات الزائفة في المجتمعات المعاصرة، على الرغم مما يُفترض فيها من عقلانية واعتماد على المنهج العلمي.
يجمع هذا العمل أبحاث عدد من روّاد علم النفس الاجتماعي (33 عملاً)، لتحليل الآليات النفسية والاجتماعية التي تقف وراء قبول الأفراد معتقدات غير عقلانية، وأحياناً غير إنسانية، بل ومتناقضة مع الأدلة الموضوعية. وهو من تحرير جوزيف ب. فورغاس وروي ف. بوميستر، ترجمة محمد صلاح السيد، (منشورات صفحة 7).
ما هي السذاجة
يعرّف المؤلفان فورغاس وبوميستر السذاجة بأنها "فشل في الذكاء الاجتماعي، يسهل فيه خداع الشخص أو التلاعب به لتحقيق نتائج غير محمودة"، وهو تعريف يربط السذاجة بضعف البصيرة الاجتماعية، ويضعها في قلب عمليات التأثير والإقناع.
كما توصف بأنها "قرينة للغفلة، والميل إلى تصديق الافتراضات غير المحتملة وغير المدعومة بالأدلة"، ما يعزّز مكانتها كبنية معرفية هشّة، تؤسّس لقبول التضليل وتشكّل قابلية للتأثر بالمعلومات الزائفة.
تبقى معايير الحكم على السذاجة محلّ إشكال، إذ لا يمكن حصرها في التناقض مع "الواقع الموضوعي"، لأن هذا الأخير كثيراً ما تحدّده أعراف ثقافية ومعايير جماعية مهيمنة.
فمثلاً يوصف من يعتقد بأن الأرض مسطّحة "بأنه ساذج، ليس فقط لغرابة الفكرة، بل لانفصالها عن الإجماع العلمي. غير أن هذا الاستخدام يتسع ليشمل أحياناً كل من يخرج عن المألوف أو المعايير الاجتماعية، بصرف النظر عن حججهم"، ما يفتح الباب أمام تصنيفات قَبلية وإقصائية، كما يُعبّر المثل الشعبي: "من يبحث عن حكاية، فسوف يجدها".
هذا التعقيد يجد طريقاً له في بعض التصوّرات الأخلاقية والصوفية، التي لا ترى الغفلة مجرّد نقص في الوعي، بل تلمّح إلى وظيفتها النفسية الترميمية، باعتبارها لحظة استراحة من فرط التفكّر أو قلق المعنى.
ويُفهم في هذا السياق قولهم: "الغفلة عزّ الجاهل، وسلوى العاقل"، بما يعكس دورها في التخفيف من الإرهاق العقلي، وإن على نحو مؤقت. وعند تقاطع هذه الرؤية مع علم النفس الاجتماعي، يمكن فهم السذاجة كامتداد وظيفي لهذا النمط: ليست فقط ضعفاً في الإدراك، بل استجابة ذهنية تختزل التعقيد، وتحتمي بتصوّرات جاهزة تمنح شعوراً بالأمان أو الانتماء، ولو زائفاً.
تغدو السذاجة هكذا، استراتيجية نفسية اجتماعية تُفعّل في لحظات التهديد أو عدم اليقين، وتندمج في النظام الإدراكي للفرد، لا على هامشه.
ينقسم هذا المؤلف الجماعي إلى 14 فصلاً يغطي موضوعات متنوّعة، مثل نظريات المؤامرة والطائفية السياسية، مروراً بتأثير الأخبار الكاذبة والمعتقدات الدينية المتطرفة، ووسائل التواصل الاجتماعي، والأسس العصبية والانفعالية للسذاجة.
يعرض فورغاس وبوميستر في المقدّمة، إطاراً نظرياً شاملاً لفهم السذاجة كظاهرة متعدّدة الأبعاد، معتمدَين على أحدث الدراسات التجريبية في مجال علم النفس الاجتماعي.
تكمن أهمية هذا العمل في انتقاله من النظرة السطحية للسذاجة، المترسّبة في الذاكرة الجمعية بوصفها "جهلاً" أو "غشامة" فحسب، إلى تحليلها كنتاج لعمليات عقلية معقّدة يلعب فيها الفكر، والأديان، والتربية الثقافية دوراً كبيراً، إذ يتم تشويه إدراك الواقع لتحقيق أغراض نفسية واجتماعية وسياسية.
ليست السذاجة إذاً راحة اجتماعية أو شخصية، بل لها أدوار في الفردية والسياسة والاقتصاد. السذاجة ليست "غباءً بل آلية تكيّف معطوبة تخدم أغراضاً نفسية".
لا تنشأ المعتقدات الخاطئة من فراغ، ولا من عقل "سطحي" "ساذج"، بل تترسّخ عبر آليات معرفية واجتماعية معقّدة، مثل الانحيازات المعرفية، وحاجة الفرد إلى الانتماء، وسيكولوجيا الإقناع، والاصطفاف العقائدي، بل وحتى الأدبي.
لا تعدّ السذاجة تصرفاً عارضاً فحسب، بل سلوكاً يشمل مناحي الحياة، والعقل متواطئ عملياً في إنتاجها، على الرغم من افتراقها الظاهري عنه، أو هكذا يبدو بحسب آليات احتكام العقل.
يُبرز الكتاب ضرورة فهم هذه المنظومة الفكرية النفسية الاجتماعية، لمواجهة التحديات المعاصرة، وخصوصاً في سياق انتشار التضليل الإعلامي، وتعمّق الاستقطاب السياسي، وتأثير وسائل التواصل الاجتماعي.
كما يقدّم أدوات عملية للتعامل مع هذه الظواهر، وفقاً لعلم النفس الاجتماعي، ودراسات الاتصال، وتحليل الخطاب السياسي والاجتماعي.
السذاجة من بنيات العقل
من الضروري وصف العقل البشري بأنه كيان متغيّر، قابل للتكيّف، ومقاوم للثبات؛ وهذا لا يُعدّ نقصاً، بل مظهراً من صلاحيته الوظيفية. ولأن العقل يعمل في إطار بنى اجتماعية واقتصادية وسياسية متبدّلة، فإنه يضطر إلى تكييف ذاته وفق ما يتيح له الاشتغال ضمنها.
وتبعاً لذلك، توصَف هذه القابلية أحياناً بالمرونة، وطوراً بالمراوغة أو النفعية، غير أن جميع هذه الصفات، على تباينها، تعدّ من بنيات العقل نفسه، لا من خارجها. وهكذا، لا يُستغرب أن يجمع العقل بين المتناقضات، وأن تندرج السذاجة ضمن تكوينه، لا بوصفها خللاً عارضاً، بل كمكوّن ذهني اجتماعي له جذوره المعرفية والنفسية.
نظرية المؤامرة وتصديق الأخبار الكاذبة
يحلّل كتاب "السذاجة وعلم النفس الاجتماعي" الآليات النفسية التي تجعل الأفراد عرضة لتصديق معلومات زائفة، حتى عندما يكونون على علم بزيفها، ويعتمد في ذلك على مفهوم يُعرف بـ"تأثير الحقيقة الزائفة"، حيث يمنح التكرار المعلومة مصداقية شعورية، لا لصدقها، بل لألفتها. وهذا ما عبّر عنه وزير الدعاية النازية جوزيف غوبلز بقوله: اكذب، اكذب، فلا بدّ أن يصدّق الناس كذبة واحدة.
تتقاطع هذه الآلية النفسية مع ما تطرحه الباحثة الهولندية رووس فونك، أستاذة علم النفس الاجتماعي بجامعة رادبود، في كتابها "عيوب بشرية: في سيكولوجية سلوكنا اليومي"، حيث ترى أن الانسجام العاطفي والانتماء الاجتماعي يدفعان الأفراد إلى قبول أفكار مألوفة دون تمحيص، لأن التكرار يخلق شعوراً بالثقة، حتى لو لم يكن مبنياً على دليل.
يرتبط الإيمان بنظرية" المؤامرة"، كما يشرح الكتاب، بالحاجة النفسية إلى التفسير في مواجهة العجز، إذ توفّر الروايات التبسيطية شعوراً زائفاً بالسيطرة، وهو ما يتناغم مع ملاحظات فونك حول رغبة الأفراد في تفسير شامل، ولو كان وهماً، لأن المجهول يثير القلق، بينما تعطي المؤامرة شكلاً مريحاً للواقع.
أن تبنّي نظريات المؤامرة لا يرتبط فقط بالسمات الفردية، بل يتأثر أيضاً بطبيعة البنية الاجتماعية التي ينتمي إليها الأفراد. فالمجتمعات القائمة على الجماعية تُظهر ميلاً أعلى لتصديق الروايات المؤامراتية، بخلاف المجتمعات الفردية التي تضع المسؤولية الذاتية في صلب تصوراتها، ما يحدّ من انتشار هذا النمط من التفكير. وتُفسّر هذه الظاهرة نفسياً على النحو الآتي:
"من المرجّح أن يكون الأشخاص الذين يشعرون بالعجز وقلة الحيلة أكثر ميلاً لتبني روايات المؤامرة، لأنها تقدّم لهم تفسيراً بسيطاً ومريحاً لما يحدث، وتحميهم من الشعور بعدم القدرة على التأثير في مجريات الأمور."
بهذا المعنى، تصبح نظرية المؤامرة في المجتمعات الجماعية، بمثابة استراتيجية نفسية لتعويض الإحساس بالعجز الجمعي، بينما يواجهها الأفراد في البيئات الفردية بدرجة أعلى من التحليل الذاتي وتحمل المسؤولية. وهكذا، يظهر، التفكير التآمري باعتباره "نظاماً مغلقاً" وليس جهلاً فحسب.
أما في ما يخص الإشاعات، فيُبرز الكتاب بعدها الاجتماعي، حيث يُنظر إليها على أنها وسيلة تفاعل نفسي أكثر من كونها اعتقاداً. الناس لا ينشرون الإشاعة لأنهم يصدّقونها، بل لأنهم لا يريدون أن يصمتوا. هذا السلوك يفسّر وفق تحليل رووس فونك أن القبول الاجتماعي دافع أقوى من حب الحقيقة؛ وقد يفضّل الإنسان الانحياز إلى الخطأ الجماعي عوض التمسك بالصواب الفردي، انسياقاً مع ضغط الانتماء.
السذاجة الأخلاقية
وفيما يتعلق بالسذاجة الأخلاقية، يشير الكتاب إلى أنها نزوع نفسي لتصديق ما يعزّز الصورة الأخلاقية الذاتية، ولو تعارض مع الحقيقة، إذ تُعاد صياغة الوقائع بما يريح الضمير. وهذا ما تعبّر عنه الباحثة الهولندية رووس فونك بقولها إن الناس يحبّون الاعتقاد بأنهم من الأخيار، ولذلك يتم إهمال أو تحريف الحقائق التي تهدّد هذا التصوّر.
ومن منظور عصبي–معرفي، تظهر دراسات التصوير الدماغي أن تكرار المعلومات ينشّط القشرة المحيطية بالحصين المسؤولة عن الشعور بالألفة، ويُضعف في المقابل النشاط في مناطق التحليل النقدي مثل الفص الجبهي الظهراني، ما يفسّر كيف تكتسب المعلومة المكرّرة مظهراً من الحقيقة، دون أن تكون صحيحة.
سلطت أزمة كورونا، ولا سيما حملات التشكيك باللقاحات، الضوء على خطورة هذه الظواهر؛ حيث استمدّت روايات المؤامرة المتعلقة باللقاح قوتها من تكرارها ومن الشعور الزائف الذي تمنحه، لا من أي أساس علمي. ونجحت بعض برامج التدخّل النفسي والاجتماعي في مواجهتها عبر ما يُعرف بالتطعيم المعرفي، وهو أسلوب وقائي يعرض الآليات التضليلية نفسها للأفراد قبل أن يواجهوها في الواقع.
يُعزى تصديق الأكاذيب إلى 4 آليات متداخلة: حاجة نفسية لليقين في عالم معقّد، وتأثير التكرار الذي يُنتج شعوراً زائفاً بالمصداقية، وضغط اجتماعي يجعل الانتماء أولى من الحقيقة، وانحياز أخلاقي يدفع لتصديق ما يعزّز الهوية الذاتية.
تُستغل هذه الثغرات في العصر الرقمي، عبر تكرار خوارزمي ومحتوى انفعالي، ما يفسر انتشار نظريات المؤامرة والمعلومات الزائفة.
إن ما يبدو "سذاجة" لا يعكس غياب الذكاء، بل يكشف هشاشة العلاقة بين المعرفة والهوية والانتماء. نحن نصدّق لا لأننا نجهل، بل لأن التصديق في بعض السياقات يمنحنا شعوراً بالتماسك، ولو كان وهماً."
إن السذاجة ليست مرادفاً للغباء، بل هي استعداد معرفي لتصديق روايات غير مدعّمة بالأدلة، فقط لأنها منسجمة عاطفياً".
تُفهم السذاجة في كتاب "السذاجة وعلم النفس الاجتماعي"، كظاهرة مركّبة تتقاطع فيها العوامل النفسية والاجتماعية والتقنية، وليست مجرّد نقص في المعرفة.
يشير الكتاب إلى أن تكرار المعلومة الزائفة يجعل 78% من الأفراد يصدقونها رغم معرفتهم بخطئها، ما يُبرز مركزية القبول والموافقة في صناعة التصديق. كما يُبيّن أن الميل لتبنّي نظريات المؤامرة غالباً ما ينبع من العجز لا من الجهل، وأن المجتمعات الجماعية أكثر قابلية لها من المجتمعات الفردية.
ويُظهر أن السذاجة الأخلاقية تنبع من الرغبة في الحفاظ على صورة الذات، لا من تقييم عقلاني للحقائق.
نحتاج راهناً إلى تفكيك البنية التكنولوجية التي تعيد إنتاج السذاجة بشكل منهجي عبر خوارزميات التضليل الرقمي، التي تُعزّز التكرار، وتُكرّس الانحيازات المسبقة، وتُقصي المعلومات المخالفة. ويتطلّب ذلك بناء نموذج تكاملي يشمل البُعد المعرفي، والعاطفي، والاجتماعي، والتقني.
تعدّ الترجمة العربية للكتاب رصينة، نقلت المفاهيم النفسية المعقّدة بدقّة ووضوح. وحرص المُترجم على تحديث بعض المصطلحات لتتلاءم مع السياق الثقافي العربي المعاصر.
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


صحيفة سبق
منذ 18 دقائق
- صحيفة سبق
الوكالة الذرية: لا نعلم أين اختفى اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب
أعرب مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، رافائيل غروسي، عن قلقه من مصير كميات من اليورانيوم الإيراني عالي التخصيب، قائلاً إن الوكالة "لا تعرف أين يمكن أن تكون" بعد الضربات الأمريكية الأخيرة. وفي حديث لقناة سي بي إس نيوز، أشار غروسي إلى أن إيران أبلغت عن نقل حوالي 900 رطل من اليورانيوم عالي التخصيب قبيل الضربة، لكن لا توجد معلومات مؤكدة حول موقعه حتى الآن. وأضاف: "ربما دُمّر جزء منه، لكن هناك احتمال أن يكون نُقل إلى مكان آخر". وأكد غروسي أن العمل العسكري وحده لا يمكن أن ينهي البرنامج النووي الإيراني، مشددًا على أن إيران دولة متقدمة نوويًا ولا يمكن محو هذه المعرفة بالقوة. وقال: "لن يُحل الملف النووي الإيراني إلا من خلال اتفاق سياسي". وتأتي هذه التصريحات في ظل تصعيد متبادل استمر 12 يومًا بين إيران وإسرائيل، بدأ في 13 يونيو، حين استهدفت إسرائيل منشآت نووية وقادة بارزين، تبعته ضربة أمريكية في 22 يونيو، وردت طهران بقصف قاعدة أمريكية في قطر في اليوم التالي، معلنة عدم نيتها التصعيد.


صحيفة سبق
منذ 3 ساعات
- صحيفة سبق
علماء مصريون يكتشفون فطرًا جديدًا يحمل اسم Trichoderma egyptiacum
أعلنت مدينة الأبحاث العلمية والتطبيقات التكنولوجية في مصر عن اكتشاف نوع جديد من الفطريات ينتمي إلى جنس Trichoderma، وتم تعريفه وتسجيله رسميًا تحت اسم Trichoderma egyptiacum. وأوضحت المدينة أن النوع المُكتشف يشكل فرصة واعدة لاستخدامه في مجالي التسميد الحيوي والمكافحة الحيوية ضد مسببات الأمراض النباتية. وأكد وزير التعليم العالي والبحث العلمي المصري، الدكتور أيمن عاشور، أن هذا الاكتشاف يمثل إنجازًا علميًا يُجسّد قدرة مؤسسات البحث العلمي المصرية على الإسهام في تطوير المعرفة العالمية، ودعم البحوث التطبيقية الهادفة إلى مواجهة التحديات الزراعية والصناعية، وتعزيز الأمن الغذائي، إلى جانب تقليل الاعتماد على المبيدات الكيميائية. من جانبه، أوضح الدكتور يونس رشاد، الباحث المساعد بمعهد بحوث زراعة الأراضي القاحلة بالمدينة ومُكتشف الفطر الجديد، أن جنس Trichoderma يُستخدم على نطاق واسع في المجالات الزراعية والصناعية والطبية، ويُعد أساسًا لأكثر من 50% من منتجات المكافحة الحيوية الفطرية عالميًا. وأضاف رشاد أن فريق البحث قام بدراسة التنوع الحيوي لهذا الجنس الفطري في مصر، من خلال عزل 60 عزلة فطرية من 119 عينة نباتية وتربة جذرية تمثل خمس بيئات مصرية مختلفة. وأسفرت الدراسة عن اكتشاف النوع الجديد المنتمي إلى مجموعة Harzianum، وتمت تسميته رسميًا بـ Trichoderma egyptiacum، وتوثيقه في قاعدة بيانات MycoBank العالمية المعنية بتصنيف الفطريات. وأشار إلى أن النوع الجديد أُجيز رسميًا من قِبل الجمعية الألمانية للفطريات (DGfM)، وتم نشر تفاصيله العلمية في المجلة المتخصصة Mycological Progress الصادرة في يونيو 2025م، ما يعزز من مكانة البحث العلمي المصري على الخارطة الدولية.


صحيفة سبق
منذ 4 ساعات
- صحيفة سبق
"البرنامج لم يُدَمّر".. هل تستطيع إيران صنع أسلحة نووية بعد الضربات الأمريكية والإسرائيلية؟
نفذت الولايات المتحدة وإسرائيل ضربات عسكرية دقيقة ضد منشآت نووية إيرانية رئيسية، مستهدفة مواقع تخصيب اليورانيوم والبنية التحتية للبرنامج النووي في إيران، وهذه الهجمات، التي استهدفت مراكز مثل نطنز وفوردو وأصفهان، أثارت تساؤلات عالمية حول قدرة إيران على مواصلة سعيها لامتلاك سلاح نووي، فهل نجحت هذه الضربات في إيقاف البرنامج النووي الإيراني، أم أن طهران لا تزال تملك القدرة على الاستمرار؟ الخبرة النووية على مدى عقود، طورت إيران خبرات علمية وهندسية متقدمة في التكنولوجيا النووية، مما جعلها قادرة على بناء برنامج نووي متكامل، لكن الضربات الإسرائيلية الأخيرة، التي أودت بحياة 14 من كبار العلماء النوويين، ألحقت ضررًا بطبقة القيادة العلمية. ورغم هذا الخسارة، يبقى لدى إيران جيل آخر من العلماء يمتلكون معرفة كافية، فالتجارب السابقة، مثل اغتيالات علماء نوويين في العقد الماضي، تُظهر أن إيران تمكنت من استئناف أعمالها النووية بمرور الوقت، مما يشير إلى مرونة برنامجها العلمي، وفقًا لصحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية. تعدين اليورانيوم وتمتلك إيران منجمين نشطين لليورانيوم في وسط البلاد، أحدهما نارجان، الذي يُعتقد أنه يحتوي على احتياطيات تكفي لصناعة أكثر من 50 سلاحًا نوويًا. ولم تُستهدف هذه المناجم في الضربات الأخيرة، مما يعني أن قدرة إيران على استخراج خام اليورانيوم لم تتأثر، وهذا يمنح طهران مصدرًا مستمرًا للمواد الأساسية اللازمة لبرنامجها النووي. تحويل وتخصيب ومنشأة أصفهان كانت الوحيدة القادرة على تحويل اليورانيوم الطبيعي إلى غاز هكسافلوريد اليورانيوم، وهو خطوة حاسمة قبل التخصيب، والضربات الأمريكية دمرت هذه المنشأة، مما قد يعطل عملية التحويل لسنوات. واستهدفت إسرائيل منشأة نطنز، مما أدى إلى تدمير جميع أجهزة الطرد المركزي فيها، بينما أفادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بأن منشأة فوردو، المحصنة داخل جبل، باتت غير عاملة بعد الضربات الأمريكية، ومع ذلك، تدعي إيران وجود منشآت تخصيب سرية، رغم عدم وجود أدلة تثبت تشغيلها. مخزون كافي وقبل الضربات، كانت إيران تمتلك حوالي 900 رطل من اليورانيوم المخصب بنسبة 60%، وهي كمية قريبة من درجة التصنيع العسكري، وهذا المخزون، المخزن في أصفهان، يكفي لصناعة 9 إلى 10 أسلحة نووية إذا تم تخصيبه إلى 90%. وتشير تقارير استخباراتية إلى أن إيران نقلت جزءًا كبيرًا من مخزونها قبل الضربات، مما يعني أنها ربما حافظت على هذه المادة الحساسة، ومع ذلك، تتطلب الخطوة التالية أجهزة طرد مركزي عاملة، وهو ما تضرر بشدة. صناعة الأسلحة ودمرت إسرائيل منشأة أصفهان لتحويل اليورانيوم المخصب إلى معدن، وهي خطوة أساسية لصنع قنبلة، لكن خبراء يحذرون من أن إيران ربما تمتلك مواقع سرية أخرى لهذا الغرض. واستهدفت الضربات منشآت تصنيع أنظمة التفجير في سنجاريان، لكن إيران قد تمتلك قدرات مماثلة في مواقع أخرى، رغم تقدمها في تصغير مكونات السلاح، لا يزال غير مؤكد ما إذا كانت تمتلك القدرة الكاملة لصنع قنبلة حديثة. وتمتلك إيران آلاف الصواريخ القادرة على حمل رؤوس نووية، والضربات الإسرائيلية دمرت مئات من قاذفات الصواريخ، لكنها لم تقضِ على قدرة إيران بالكامل، ولا تزال إيران قادرة على إطلاق صواريخ يمكنها حمل أسلحة نووية، مما يجعلها تهديدًا محتملاً في حال نجحت في تصنيع سلاح. فهل يمكن لإيران تجاوز الضربات؟ رغم الضرر الكبير الذي أصاب برنامجها النووي، فإن مرونة إيران العلمية وقدرتها على حماية مواردها تشيران إلى أن طهران قد تجد طرقًا لاستئناف برنامجها، لكن، هل ستتمكن من التغلب على التحديات التقنية والدبلوماسية لصنع قنبلة نووية؟