logo
عامان على مقتل بريغوجين.. كيف غيّر تمرد فاغنر شكل روسيا؟

عامان على مقتل بريغوجين.. كيف غيّر تمرد فاغنر شكل روسيا؟

الجزيرةمنذ 4 أيام
في صباحٍ ثقيل من صباحات الحرب الروسية الأوكرانية، وبينما العالم مشغول بعدّ أيام المعارك وخرائط التقدم والانسحاب، استيقظت روسيا على مشهد لا يشبه ما قبله، في 24 يونيو/حزيران 2023، تمردت مجموعة " فاغنر" شبه العسكرية التابعة لروسيا بقيادة زعيمها يفغيني بريغوجين ، في تحدٍّ مباشر للسلطة العسكرية والسياسية المركزية في موسكو.
سيطرت فاغنر أولا على مدينة روستوف، كبرى مدن الجنوب الروسي، حيث تتمركز قيادة العمليات العسكرية في أوكرانيا، ثم تمدد التمرد إلى مدينة فورونيج، ولم تعد تفصل قوات بريغوجين عن العاصمة موسكو سوى ساعات قليلة. وبينما تتقدم المدرعات على طرق البلاد، بدا كأنّ روسيا تنتظر انقلابا شاملا أو حربا داخلية طاحنة.
بحسب رواية فاغنر اللاحقة، لم يكن التمرد طمعا في الحكم، بل كان غضبا من قادة الجيش الذين حرموا مقاتليها من العتاد، وعرقلوا تحركاتها بتعقيدات بيروقراطية، وقصفوا مواقعها في أوكرانيا كما تقول.
بيْد أن صدمة العالم لم تدم طويلا؛ فما كاد الخبر ينتشر حتى جاءت أنباء تراجع المتمردين، وسرعان ما ظهر رئيس بيلاروسيا، ألكسندر لوكاشينكو ، ليكون وسيطا في اتفاق غامض مفادُه إسقاط التهم عن بريغوجين، ومنحه اللجوء إلى بيلاروسيا، وكأن التمرد قد أُطفئ في مهده.
وفي يوم 26 من الشهر نفسه، أطل بريغوجين في تسجيل صوتي أكد فيه أن ما حدث لم يكن انقلابا، بل "مسيرة احتجاجية" لحماية فاغنر، ولمحاسبة القادة العسكريين الذين تسببوا في كوارث ميدانية بأوكرانيا، بحسب وصفه.
بعدها بيومين فقط، كتب المؤرخ العسكري ألكسندر بيرنز، أستاذ التاريخ بجامعة فرانسيسكان الأميركية، مقالة مطولة على منصة "War on the Rocks"، سعى فيها لقراءة تمرد فاغنر من منظور تاريخي مختلف، إذ رأى بيرنز أن ما فعله بريغوجين كان مشابها لاحتجاجات العصور الوسطى، حين كان الغضب الشعبي يُوجَّه دوما إلى الحاشية الفاسدة لا إلى الملك. فمطالب بريغوجين لم تمس بوتين، بل اقتصرت على إقالة وزير الدفاع، سيرغي شويغو ، ورئيس الأركان، فاليري غيراسيموف.
وفي هذا السياق، استحضر بيرنز مقارنة لافتة مع مشهد من تاريخ إنجلترا القديم، حين ثار الفلاحون الكاثوليك عام 1536 ضد إصلاحات هنري الثامن. لم يتهموا الملك، بل ألقوا اللوم على مستشاريه. يومها، وعدهم الملك بالعفو والحوار، ثم بعد أن انفض التمرد، أمر بإعدام نحو 200 من قادته.
تلك المفارقة، كما ختم بيرنز مقاله، كانت بمنزلة نبوءة سوداء. فبعد شهرين فقط، وفي أغسطس/آب 2023، سقطت طائرة كانت تقل يفغيني بريغوجين وعددا من قادة فاغنر، لتُطوى صفحة تمرده بطريقة شديدة الشبه بذلك التاريخ البعيد.
فاغنر بعد بريغوجين
لم تمر سوى أسابيع على سقوط الطائرة التي كانت تقل بريغوجين حتى بدأت تتشكّل ملامح ما بعد فاغنر. لم يكن موت قائدها نهاية فصل طارئ فحسب، بل بداية إعادة ترتيب دقيقة للنفوذ الذي خلّفه. تحركت الدولة الروسية بسرعة لسحب الخيوط، واحتواء الكيان الذي خرج عن الطاعة ولو ليوم واحد.
وبحسب ما قاله مسؤول سابق في مجموعة فاغنر لهيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، فقد جرى دمج عناصر فاغنر الناشطين في أوكرانيا داخل وزارة الدفاع الروسية بعد مقتل قائدهم.
أما سورشا ماكوليد، عضوة مجموعة العمل الأممية المعنية بالمرتزقة، والمحاضرة في جامعة كوبنهاغن، فقد صرحت لـ"بي بي سي" بأن فاغنر لم تعد قائمة بالصيغة التي كانت عليها، وإن كانت نسخٌ مشتتةٌ منها لا تزال تواصل العمل، لكن دون تركُّز القرار في يد رجل واحد كما كان الحال في عهد بريغوجين.
ويشير مسؤولون في الاستخبارات البريطانية إلى أن بعض وحدات المشاة التابعة لفاغنر قد أُدمجت لاحقا في الحرس الوطني الروسي.
أما في أفريقيا فيبدو أن الصورة تختلف قليلا، فواحدة من النقاط القليلة التي حُسمت بين بوتين وبريغوجين عقب التمرد هي الاتفاق على تركيز نشاط فاغنر في القارة السمراء.
وقد تشكل هذا النشاط في شقين مترابطين في أغلب الأحيان؛ أولهما تأمين الموارد لموسكو، وثانيهما دعم الأنظمة الحليفة. ويبدو أن هذا التفاهم تحديدا هو من الاتفاقات القليلة التي ظلت قائمة بعد مقتل بريغوجين في حادثة الطائرة.
وتنقل "بي بي سي" عن مصادرها أن نائب وزير الدفاع الروسي، يونس بك يفكوروف، الذي يُعد اليوم أحد أبرز أذرع الكرملين في أفريقيا، أجرى جولات دبلوماسية في عدد من العواصم الأفريقية بعد وفاة بريغوجين، لتأكيد التزام موسكو بالاستمرار في تقديم الخدمات نفسها التي كانت توفرها فاغنر دون انقطاع.
وقد لاحظ المعهد البولندي للشؤون الدولية أن النشاط الروسي في أفريقيا لم يتراجع بعد التمرد، بل ازداد قوة وانتشارا.
أما صحيفة "ذي إيكونوميست" البريطانية فقد أشارت إلى أنه رغم خضوع نشاط فاغنر في الداخل الروسي لسيطرة الدولة بشكل شبه كامل بعد تمرد بريغوجين ووفاته، فإن الوضع في أفريقيا مختلف، إذ لا تزال فاغنر تحتفظ بهيكلها وأسلوبها القديم هناك.
ورغم أن روسيا أعلنت رسميا أنها استبدلت بها ما يسمى "فيلق أفريقيا"، التابع للجيش المركزي مباشرة، فإن الصحيفة ترى أن هذا التغيير كان شكليا ومحدودا، وأنه لم تحدث إعادة هيكلة فعلية، فما زالت فاغنر حاضرة باسمها ونفوذها في الميدان.
وتتفق "بي بي سي" و"ذي إيكونوميست" على أن الوجود الأبرز لفاغنر في القارة يتمركز اليوم في جمهورية أفريقيا الوسطى.
ونقلت مصادر بريطانية عن مسؤولين في وزارة الدفاع البريطانية أن فاغنر هناك ما زالت تعمل بهياكلها التقليدية، وتحت إشراف نجل بريغوجين ذاته.
وتضيف "ذي إيكونوميست" أن المجموعة وسّعت من حضورها هناك، وتعمل حاليا على تطوير قاعدة عسكرية يُنتظر أن تستوعب 10 آلاف جندي بحلول عام 2030، لتكون بمنزلة المركز الرئيسي للعمليات العسكرية الروسية في القارة.
كما تلفت الصحيفة النظر أيضا إلى أن ثمة تحولا نوعيا قد طرأ على فاغنر الأفريقية؛ فلم تعد ذات طابعٍ عسكري بحت كما كانت أيام بريغوجين، ولم تعد على مسافة بعيدة من الدولة الروسية، بل باتت تُوكل لها مهمات دبلوماسية في القارة نيابة عن الدولة.
وبينما كان لبريغوجين سابقا حرية شبه مطلقة في التحرك والاستثمار -من تجارة الألماس إلى صناعة الجعّة- باتت المجموعةُ اليوم خاضعةً بشكل مركزي ومباشرٍ لسلطة الكرملين، وبمساحة حرية أضيق بكثير من تلك التي تمتّع بها قائدها السابق.
من جهتها، نقلت وكالة الأنباء الأوكرانية "آر بي سي" عما قالت إنها تقارير استخباراتية بريطانية أن فاغنر ما زالت تحتفظ بانتشارات عسكرية مستقلة في كلٍّ من بيلاروسيا ومالي وجمهورية أفريقيا الوسطى.
وفي قراءة تحليلية لمركز كارنيغي لروسيا وأوراسيا (مقره في برلين)، كان تمرد فاغنر إشارةً إلى خلل عميق في طريقة حكم بوتين. فرغم الصورة النمطية للزعيم الروسي بوصفه حاكما قويا بقبضة حديدية، كان بوتين، بحسب الدراسة، منشغلا بالتفاصيل الصغيرة والمناورات التكتيكية، على حساب القرارات الكبرى والاهتمام بالتوجهات الإستراتيجية والصورة الكلية.
فقبل وقوع التمرد بعام، كان الصراع بين وزارة الدفاع وبريغوجين في تصاعد مستمر، ومع ذلك لم يتخذ بوتين قرارا حاسما لإنهائه، بل فضَّل المراوحة بين طرفي النزاع، حيث اعتمد من ناحية على إيمانه بولاء بريغوجين الشخصي له، وعلى إظهار الدعم لوزارة الدفاع من ناحية أخرى، تاركا الصراع يتمدد وتستفحل آثاره.
لكن رغم هذا التوصيف الناقد، فإن نظرة متأنية على ما جرى بعد عامين من التمرد تكشف أن بوتين قد تمكَّن من احتواء الأزمة دون أن تلحق به خسائر كبيرة، بل ربما يكون التمرد قد دفعه إلى إعادة صياغة السياسات الحاكمة للنخبة الأمنية الروسية بشكل أعمق وأكثر انضباطا.
كيف غيّر التمرد في روسيا؟
لا شك أن قصة يفغيني بريغوجين كانت فريدة في سياق المركزية الأمنية الروسية، واستثناءً نادرا من فلاديمير بوتين.
لم يحدث من قبلُ أن امتلك رجل واحد هذا القدر من النفوذ العسكري والإعلامي والمالي والسياسي في موسكو، وقد مُنح كل ذلك بثقة مطلقة من بوتين، الذي كان يرى في ولاء بريغوجين الشخصي ضمانا كافيا، إلى جانب الحاجة الماسة إلى قوات فاغنر في الحرب البرية ضد أوكرانيا.
يتفق مع هذه الخلاصة الباحث نيكولاي بتروف، المتخصص في الشؤون الروسية بمركز تشاتام هاوس. لكن بوتين، وفقا لبتروف، تعلّم من هذا الخطأ، فبدأ منذ ذلك الحين بفرض سيطرة مباشرة ودائمة على جميع اللاعبين داخل أركان النظام، وبدا أكثر حرصا على توزيع الموارد والمناصب استنادا إلى معيار الولاء، دون أن يُترك لأي فرد هامشٌ واسع من النفوذ.
كما أجرى تغييرات واسعة في البنية العسكرية، ففي عام 2024، أقال بوتين وزير دفاعه سيرغي شويغو، وعيّن مكانه أندريه بيلوسوف ، وهو تكنوقراطي وخبير اقتصادي، في خطوة بدا فيها حذِرا من تعيين شخصيات ذات كاريزما قوية في مواقع حساسة. وتشير صحيفة "ذا جيروزاليم بوست" إلى أن بوتين، الذي بدا مهددا بشكل غير مسبوق خلال تمرد فاغنر، خرج منه أكثر استقرارا وأمانا من أي وقت مضى.
أما مجلة "فورين أفيرز" الأميركية، فقد رأت في تحليلها أن تمرد بريغوجين كشف لبوتين مصدر الخطر الحقيقي على نظامه؛ ليس الشارع، بل النخبة ذاتها.
ومنذ تلك اللحظة، أصبح جزء كبير من تركيز الكرملين منصبا على إدارة النخبة الروسية من الداخل، من خلال إعادة تشكيلها، واستبدال بعض رموزها، وتهميش آخرين. فبدأ بوتين بإقصاء عدد من رجال الأعمال والبيروقراطيين والشخصيات السياسية، واستبدال مُوالين أوفياء بهم.
وفي فبراير/شباط 2024، أطلق بوتين، خلافا لرغبة كثير من المسؤولين، برنامجا يستهدف دمج كبار المحاربين القدامى الموالين له في مفاصل الدولة، وتَولّيهم مناصبَ سياسية وأمنية بارزة. كما شملت إجراءاتُه اعتقال سبعة جنرالات، وإقالة شخصيات وازنة داخل المؤسسة العسكرية.
وفي موازاة ذلك، ومع تصاعد التحديات الاقتصادية الناتجة عن الحرب، ضاق الخناق أكثر على النخبة المالية والتجارية. فمنذ مارس/آذار 2024، بدأت الدولة في تأميم واسع النطاق طال أكثر من 411 شركة روسية وأجنبية، بقيمة تقدّر بنحو 30 مليار دولار، أي ما يعادل 5% من إجمالي رأس مال بورصة موسكو.
ووفقا لـ"فورين أفيرز"، بات التأميم أداة بيد الكرملين لإجبار رواد الأعمال على التخلي عن ممتلكاتهم، من أجل منع تركز الثروة في أيدٍ قليلة، في ظل صعود خطاب "الاشتراكية الوطنية" بين حلفاء بوتين، وتصاعد الهجوم على رجال الأعمال باعتبارهم مصدر تهديد داخلي.
وقد شملت هذه الحملة الملياردير فاديم موشكوفيتش، مالك أكبر تكتل زراعي في البلاد، الذي اعتقلته السلطات.
كما وضعت الدولة يدها على وكالات وقطاعات إستراتيجية، مثل وكالة "رولف" للسيارات، وأكبر شركة تجزئة إلكترونية، إضافة إلى تأميم مطار دوموديدوفو في موسكو. في الوقت نفسه، وسعت مجموعة "روسكيم" المقربة من الكرملين من سيطرتها على قطاع الصناعات الكيميائية.
وترى "فورين أفيرز" أن هذه التحولات، المترافقة مع الحرب وتمرد فاغنر، دفعت الدولة الروسية إلى الاقتراب أكثر من النموذج الكوري الشمالي، حيث باتت القبضة أشد، والرقابة أوسع، والتدخل الأيديولوجي أعمق.
وتصف تقارير غربية كثيرة هذه المرحلة من حكم بوتين بأنها "البوتينية المتوحشة"، في إشارة إلى مستوى القمع الذي وصل، بحسبها، إلى معدلات غير مسبوقة منذ الحقبة السوفيتية.
وتستشهد بعض هذه التقارير بقضية أوليغ أورلوف، الناشط الحقوقي الذي حُكم عليه بالسجن في فبراير/شباط 2024 بتهمة "كراهية القيم التقليدية"، فيما يبدو أنها تهمة عبثية للغاية. ونقل مركز "كارنيغي" في إحدى ملاحظاته أن "الجميع في روسيا اليوم لا يعرف ما الذي يحمله له الغد، وأن الاعتقال بات احتمالا قائما لأي شخص، بغض النظر عن رتبته أو موقعه".
كما تشير مصادر متعددة إلى أن التدخل في القطاع التعليمي والإعلامي قد تصاعد خلال العامين الماضيين، في محاولة لصياغة جيل يتناغم مع رؤية بوتين ونظامه، من خلال المناهج، ومضامين الإعلام، وأدوات التنشئة الثقافية.
لكن بصرف النظر عن النظرة الغربية التي تصف التحولات الجارية باعتبارها قمعا مفرطا، فإن المؤكد أن تمرد فاغنر لعب دورا حاسما في إعادة ضبط الدولة الروسية من داخلها. لقد أدرك بوتين بعده خطورة ترك النفوذ يتجمع في يد واحدة، مهما بدا ولاؤها، وخرج من التجربة أكثر وعيا بمكامن الضعف في نظامه، وأكثر تشددا في إحكام سيطرته على مفاصله.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

بعد إعلان ترامب.. ارتياح أوكراني للدعم العسكري الأميركي
بعد إعلان ترامب.. ارتياح أوكراني للدعم العسكري الأميركي

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

بعد إعلان ترامب.. ارتياح أوكراني للدعم العسكري الأميركي

كييف- بعد أن فشل بإنهاء الحرب خلال 24 ساعة كما وعد، وأدار ظهره للأوكرانيين وعنّف رئيسهم في البيت الأبيض ، يبدو أن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب ، أعاد بلاده بقوة إلى مشهد الحرب الروسية على أوكرانيا في عامها الرابع. ذلك لأن ترامب "مستاء" من نظيره الروسي فلاديمير بوتين ، ويرى أن الأخير "يقول ما لا يفعل"، وأنه "لا معنى للكلام معه"، فهو يقصف المدن الأوكرانية، التي تحتاج إلى حماية توفرها نظم الدفاع الجوي الأميركي " باتريوت". وترامب لن "يغيث" أوكرانيا بـ17 نظاما جاهزا للإرسال وحسب، كما لمَّح، وإنما سيزودها "عاجلا" بصواريخ وذخائر وأسلحة نوعية أخرى لم يكشف تفاصيلها، وسيمنح بوتين 50 يوما للتوصل إلى اتفاق، وإلا سيفرض رسوما قد تصل إلى 100% على روسيا والمتعاونين معها. إمدادات وموقف مهم لكن مواقع وصحفًا أميركية، مثل "أكسيوس" و"سي إن إن" و"واشنطن بوست" وغيرها، كشفت (نقلا عن مصادرها)، أن الإمدادات الأميركية قد تشمل صواريخ قصيرة المدى، ومدافع هاوتزر، وصواريخ جو- جو متوسطة المدى. ووفقا لوسائل الإعلام أيضا، فقد تنظر الولايات المتحدة في تسليم صواريخ " توماهوك" و"جيه إيه إس إس إم" (JASSM) بعيدة المدى إلى أوكرانيا، وأن المرحلة الأولى من الإمدادات ستكون بنحو 10 مليارات دولار، تدفعها دول أوروبية إلى أميركا، وعلى رأسها ألمانيا. ويشعر الأوكرانيون بارتياح كبير بعد هذا التحول الأميركي، ووصف الرئيس فولوديمير زيلينسكي محادثات أجراها أمس الاثنين في كييف مع المبعوث الأميركي، كيث كيلو غ، بالمثمرة، كما وصف محادثة هاتفية مع ترامب بـ"الجيدة جدا"، ولمَّح إلى أنها تطرقت إلى "كل ما تحتاجه أوكرانيا". وينبع هذا الارتياح الأوكراني من حقيقة أن الموقف الأميركي الجديد يشكل أهمية كبيرة بالنسبة لكييف في 3 مجالات رئيسية: إعلان الوضع الميداني: فلطالما كان دعم واشنطن حاسما في الحرب، وسببا رئيسيا لتحرير مساحات واسعة من الأراضي الأوكرانية، لا سيما في مقاطعات خاركيف شرقا في سبتمبر/أيلول 2022، ثم في خيرسون وميكولايف جنوبا خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني من العام نفسه، التي لعبت فيها راجمات الصواريخ الأميركية "هيمارس" دورا كبيرا آنذاك. وإلى جانب التعويل على هذه الإمدادات لتعزيز الجبهات وحماية المدن؛ يرى الخبير العسكري، إيفان ستوباك، أنها "كفيلة بإفشال خطط روسيا الهجومية لصيف 2025، وإجبارها على التفاوض بموضوعية". ويضيف للجزيرة نت "دعونا نعترف: منذ أن أحجم ترامب عن دعم أوكرانيا، تحول مسار الحرب لصالح الروس 6 أشهر كاملة، فالأسلحة الأميركية مفصلية في هذه المواجهة"، على حد قوله. استهداف العمق: وعلى سبيل المثال، الصواريخ الأميركية متوسطة المدى، وخاصة "أتاكمز" ساهمت أكثر من غيرها بضرب دقيق مضمون لمواقع روسية هامة وحساسة، سواء في الأراضي المحتلة أو في العمق الروسي، لا سيما في مقاطعة كورسك. لهذا يرى الخبير ستوباك أنه "على المدى القريب، هذا أكثر ما يخشاه الروس، لأنه كفيل فعلا بإحداث فارق في ميزان القوى، يحد من قدرتهم على الحشد وإرسال التعزيزات". ويتابع "إذا صحت فعلا التوقعات بالحصول على صواريخ نوعية أخرى بعيدة المدى قادرة على استهداف موسكو وغيرها، فإن خشية الروس ستكون أكبر، وكذلك سيكون الأثر على مسار الحرب". فزاعة العقوبات: وإلى جانب الدعم العسكري، يلوِّح ترامب بعقوبات "ثانوية" قاسية قد تفرض بعد 50 يوما إذا لم يستجب بوتين لدعوات الحل بالتفاوض، ويرى رئيس مركز الدراسات السياسية التطبيقية "بنتا"، فولوديمير فيسينكو، أن "في هذا التلويح تهديدا مباشرا لروسيا، ورسالة إلى الصين والهند والبرازيل، مفادها: اضغطوا على موسكو وإلا فإن العقوبات ستطالكم معها". ترامب جاد حتى الآن، يبدو المشهد وكأن ترامب قرر قلب الطاولة في وجه بوتين، والعودة إلى النهج الذي جمع سلفه، جو بايدن، مع الأوروبيين، المتحمسين أكثر لدعم أوكرانيا. ويقول عضو لجنة الدفاع في البرلمان الأوكراني، يوري فيديرينكو للجزيرة نت، إن "درجة التوتر تزداد بين واشنطن و موسكو ، وترامب يشعر بأن التودد لبوتين لم يُحدث نتيجة، وأن الأخير أهانه فعلا". ويضيف "صحوة ترامب تنبع من هذه الحقيقة التي كررها مرارا يوم أمس، وأعتقد أنه جادّ بتهديداته، وأن إعلانه عن دور لحلف الناتو في نقل المساعدات إلى أوكرانيا يتضمن رسالة في غاية الحزم تجاه موسكو". ورغم زخم مشاعر الارتياح والتفاؤل، هناك أصوات تدعو إلى عدم استعجال الفرح، معتبرة أن ترامب لم يكن واضحا بما يكفي، وأن "طبعه لم يتغير". وقال الدبلوماسي السابق، رومان بيزسميرتني للجزيرة نت: "تحدث ترامب عن استعداد دول لنقل 17 منظومة "باتريوت"، وتبين سريعا أن هذا غير صحيح، وأن الأمر قد يستغرق شهورا. ربما كان يقصد 17 صاروخا، وهذا لا شيء". وتابع: من الخطأ القول إن موقف ترامب تغير، فقد تغير مرارا خلال 6 شهور. موقفه من روسيا هو الذي تغير بحدة، ولكنه قال أمس "إنها في النهاية ليست حرب أميركا إذا لم يستجب بوتين". بمعنى آخر، إذا صعَّدت روسيا كما نتوقع كردة فعل، لن يصعد ترامب. ويعتقد بيزسميرتني أن "الشيء الذي يدعو للتفاؤل فعلا، هو أن الأمر لن يكون كمساعدات مجانية أو مباشرة يضغط بها علينا، بل في إطار عملية بيع يدفع ثمنها الأوروبيون، وهذا عامل استقرار بالغ الأهمية بالنسبة لأوكرانيا".

الادعاء البرازيلي يطلب إدانة بولسونارو بالتخطيط لانقلاب
الادعاء البرازيلي يطلب إدانة بولسونارو بالتخطيط لانقلاب

الجزيرة

timeمنذ ساعة واحدة

  • الجزيرة

الادعاء البرازيلي يطلب إدانة بولسونارو بالتخطيط لانقلاب

طلب الادعاء العام البرازيلي اليوم الثلاثاء إدانة الرئيس السابق جايير بولسونارو بالتخطيط لانقلاب، في المرافعات الختامية بعد محاكمة شهدت تدخل الرئيس الأميركي دونالد ترامب لمصلحة حليفه اليميني. وطالب المدعي العام المحكمة العليا البرازيلية بأن توجه لبولسونارو تهمة السعي لإلغاء نتائج انتخابات عام 2022 التي فاز بها خصمه اليساري الرئيس لويس إيناسيو لولا دا سيلفا. وأبلغ الادعاء المحكمة أن بولسونارو -وهو ضابط سابق في الجيش- و7 آخرين شكلوا "عصابة إجرامية مسلحة" من أجل "إسقاط النظام الديمقراطي بالعنف". وفي حال إدانته، يواجه بولسونارو والمتهمون معه عقوبة بالسجن تصل إلى 40 عاما. ويقول بولسونارو -الذي شغل منصب الرئيس من عام 2019 إلى عام 2023- إنه ضحية اضطهاد سياسي. في المقابل، يقول المدّعون إنه بعد فوز لول، دبر بولسونارو مؤامرة لكنها فشلت لأن الجيش لم يقف إلى جانبه، ثم نفذ أنصاره أعمال شغب واقتحموا المباني الحكومية في العاصمة برازيليا في مشاهد أعادت إلى الأذهان هجوم أنصار ترامب على مبنى الكابيتول بعد هزيمته في 2020. وتدخل ترامب بالدعوة إلى وقف محاكمة بولسونارو، متهما السلطات بشن "حملة شعواء" ضده، كما هدد في 9 يوليو/تموز الجاري بفرض رسوم جمركية بنسبة 50% على الواردات البرازيلية إلى الولايات المتحدة ، لكن لولا رد على ترامب، مؤكدا أنه "لا أحد فوق القانون".

بعد تهديد ترامب بعقوبات.. ماذا تستورد أميركا من روسيا؟
بعد تهديد ترامب بعقوبات.. ماذا تستورد أميركا من روسيا؟

الجزيرة

timeمنذ 2 ساعات

  • الجزيرة

بعد تهديد ترامب بعقوبات.. ماذا تستورد أميركا من روسيا؟

أمهل الرئيس الأميركي دونالد ترامب نظيره الروسي فلاديمير بوتين 50 يومًا للتوصل إلى اتفاق سلام مع أوكرانيا، وإلا فستواجه روسيا عقوبات أميركية صارمة، بما في ذلك قيود تجارية شديدة. جاءت هذه التصريحات يوم الاثنين، في تحول واضح في السياسة الخارجية الأميركية، حيث أعلن ترامب عن اتفاق مع حلفاء الناتو لإرسال المزيد من الأسلحة إلى كييف، وذلك بعد أسابيع فقط من إعلان واشنطن تعليق مبيعات الأسلحة لأوكرانيا. وقد عبّر ترامب عن إحباطه المتزايد من بوتين، آملاً أن تؤدي التعريفات الجمركية والعقوبات، إلى جانب صفقات جديدة لتزويد أوكرانيا بصواريخ " باتريوت" الدفاعية، إلى إنهاء الحرب الروسية الأوكرانية المستمرة منذ أكثر من 3 سنوات. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي عبر " تليغرام" إنه تحدث إلى ترامب وشكره على "استعداده لدعم أوكرانيا ومواصلة العمل معًا لوقف القتل وتحقيق سلام دائم وعادل". وفي المقابل، قال ديمتري ميدفيديف ، كبير مسؤولي الأمن في روسيا، إن الكرملين لا يهتم بـ"الإنذار المسرحي" الذي أصدره ترامب، مضيفًا أن بوتين سيعلق على المقترحات الأميركية إذا رأى ضرورة لذلك. ماذا قال ترامب؟ خلال لقائه الأمين العام لحلف الناتو مارك روتي في البيت الأبيض ، قال ترامب إنه يشعر بخيبة أمل من بوتين، معلنًا أن مليارات الدولارات من الأسلحة الأميركية ستُرسل إلى أوكرانيا. وقد أطلقت روسيا مؤخرًا مئات الطائرات المسيّرة لمهاجمة المدن الأوكرانية، مما أثار غضب ترامب، الذي اتهم بوتين في 8 يوليو/تموز بـ"إلقاء الكثير من الهراء" على الولايات المتحدة. وقال ترامب: "محادثاتي معه [بوتين] دائمًا ممتعة… ثم تنطلق الصواريخ في الليل". وأضاف "سنصنع أسلحة متطورة جدا، وستُرسل إلى الناتو"، مشيرًا إلى أن الحلف سيتحمل تكاليفها. من جانبه، قال روتي إن كندا والدانمارك وفنلندا وألمانيا والسويد وهولندا والنرويج ترغب في المشاركة في صفقة الأسلحة. كما صرّح ترامب "سنفرض تعريفات جمركية شديدة جدا [على روسيا] إذا لم نتوصل إلى اتفاق خلال 50 يومًا". ولم يقبل بوتين بعد اقتراح ترامب بوقف إطلاق النار غير المشروط، وهو اقتراح سرعان ما أيدته كييف. وهدد ترامب أيضًا بفرض تعريفات جمركية بنسبة "100%" على الصادرات الروسية، بالإضافة إلى "تعريفات ثانوية" تُعرف أيضًا بالعقوبات الثانوية. العقوبات الثانوية ستكون أكثر قسوة من التعريفات المباشرة، إذ ستُفرض على أي دولة تتاجر مع موسكو ، مستهدفةً بشكل خاص قطاع السلع الأساسية الروسي. ما تهديدات ترامب التجارية لروسيا؟ منذ غزو روسيا لأوكرانيا في فبراير/شباط 2022، فرضت الدول الغربية -بما فيها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة ودول الاتحاد الأوروبي – أكثر من 21 ألف عقوبة على روسيا، معظمها على أفراد. تشمل العقوبات الرئيسية حظر استيراد النفط الروسي، وتحديد سقف لأسعار الوقود الروسي، وتجميد أصول البنك المركزي الروسي في المؤسسات المالية الأوروبية. لكن التهديد بفرض عقوبات ثانوية يمثل تحولًا كبيرًا في السياسة. حتى الآن، امتنعت دول مجموعة السبع عن اتخاذ خطوات تمنع روسيا من بيع الوقود الأحفوري لدول مثل الصين والهند. ويضغط مشرعون من الحزبين في الولايات المتحدة لإقرار قانون "معاقبة روسيا لعام 2025″، الذي يستهدف الدول التي تشتري النفط والغاز الروسيين. وسيسمح القانون لترامب بفرض تعريفات جمركية بنسبة 500% على أي دولة تساعد روسيا. ويُقال إن أعضاء مجلس الشيوخ ينتظرون موافقة ترامب للمضي قدمًا في القانون. كما يمكن لترامب فرض تعريفات ثانوية بموجب قانون "الصلاحيات الاقتصادية الطارئة الدولية"، الذي يمنح الرئيس سلطة تقييد التجارة في حالات الطوارئ الوطنية. وفي أوروبا، قالت كايا كالاس ، مسؤولة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، إن دول الاتحاد على وشك التوصل إلى اتفاق بشأن حزمة العقوبات الـ18 ضد روسيا. ما مدى اعتماد الاقتصاد الروسي على الوقود الأحفوري؟ لا تزال مبيعات الوقود الأحفوري مصدرًا رئيسيًّا للإيرادات في روسيا. فعلى الرغم من انخفاض إيرادات النفط البحري في عام 2024، فقد بقيت قريبة من مستويات ما قبل الحرب في أوكرانيا. ويُعزى ذلك إلى " أسطول الظل" الروسي – سفن ذات هياكل ملكية غامضة ولا ترتبط بالغرب من حيث التمويل أو التأمين، مما يسمح لها بتجاوز العقوبات الغربية. وبينما خفضت عقوبات مجموعة السبع هوامش الأرباح الروسية وزادت من تكاليف التصدير، فلم تقلل من حجم الصادرات إلى الدول المستوردة. ومن 2022 إلى 2025، اشترت الصين نحو نصف صادرات النفط الخام الروسي (حوالي 5 ملايين برميل يوميا)، تليها الهند بنسبة تقارب 40%. كما تستورد الدولتان كميات كبيرة من الفحم الروسي. وتشمل الدول الأخرى المستوردة البرازيل وتركيا ومصر. أما الاتحاد الأوروبي، فلا يزال يستهلك كميات كبيرة من الغاز الطبيعي الروسي، رغم إعلان بروكسل أنها ستنهي جميع عقودها بحلول عام 2027. وبالنسبة للولايات المتحدة، فإن رفع التعريفات الجمركية على السلع الروسية لن يكون له تأثير كبير، إذ بلغت صادرات روسيا إلى الولايات المتحدة 3 مليارات دولار فقط في عام 2024، أي ما يعادل 0.7% من إجمالي صادرات روسيا. ورغم انخفاض مساهمة الوقود الأحفوري في الناتج المحلي الإجمالي الروسي مقارنة بما قبل الحرب، فإن اعتماد موسكو على منتجات الطاقة لا يزال مرتفعًا. وتشير التقديرات إلى أن الوقود الأحفوري لا يزال يمثل 55% من إيرادات الصادرات الروسية، و16% من الناتج المحلي الإجمالي (حوالي 280 مليار دولار)، مقارنة بـ60% و18% قبل الحرب. ما مدى تأثير تهديدات ترامب على الاقتصاد الروسي؟ من المرجح أن يؤدي انخفاض حاد في صادرات الطاقة الروسية نتيجة العقوبات الثانوية إلى ارتفاع الأسعار العالمية، خاصة للغاز الطبيعي. وقال كيران تومبكينز، كبير الاقتصاديين في مجال المناخ والسلع في شركة "كابيتال إيكونوميكس"، إن "تأثير ذلك سيكون أكبر على أسعار الغاز الطبيعي مقارنة بالنفط"، مشيرًا إلى أن سوق النفط لديه قدرة احتياطية كافية لتعويض خسارة الصادرات الروسية، بفضل إمدادات أوبك غير المستغلة. وأضاف أن "خفض نصف صادرات روسيا من النفط والمنتجات البترولية قد يقلل من إيرادات التصدير بنحو 75 مليار دولار". وقد يؤدي ذلك إلى أزمة مالية في روسيا، تشمل زيادة إصدار الديون، وارتفاع عوائد السندات ، وضغوطًا لتشديد الإنفاق الحكومي. وقبل انتهاء مهلة الـ50 يومًا، سيكون لدى موسكو بعض الوقت لتقديم مقترحات مضادة وتأخير تنفيذ العقوبات. لكن ترامب يأمل أن يدفع هذا التهديد بوتين إلى إنهاء الحرب في أوكرانيا.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store