قوة اليورو تزداد لكنها غير موائمة
صعود اليورو قد يهدد الانتعاش الهش في منطقة اليورو ويقوّض تنافسية صادراتها
على مؤيدي
.
تثبت تجارب العقد الماضي أن فرط قوة اليورو هو آخر ما تحتاجه المنطقة الآن. ورغم أن رئيس البنك المركزي الأوروبي السابق ماريو دراجي لطالما تجنب الحديث عن قوة العملة، اضطر للتطرق إليها في أعوام 2014 و2017 و2018. لكن تحذيره الأخير في خطابه حول "مستقبل القدرة التنافسية الأوروبية" يبدو مهماً للغاية
.
في المقابل، يتصاعد الحديث عن موجة إنفاق أوروبية ضخمة على البنية التحتية والدفاع بقيادة ألمانيا، في ظل توقّعات، خصوصاً من رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاجارد، بأن يستفيد اليورو من تراجع الدولار
.
تراجع كأصل احتياطي
كما هي الحال في كثير من التحليلات المتعلقة بالدولار، تخلط معظم التقديرات المتفائلة بشأن اليورو بين استخدام العملة، ومفهوم مختلف تماماً هو القيمة النسبية لأزواج العملات. فلا مؤشرات تُذكر على أن اليورو يكتسب زخماً كعملة عالمية للأعمال خارج نطاقه الإقليمي. بل إن
، بحسب التقييم السنوي للبنك المركزي الأوروبي، انتزع من اليورو موقعه كثاني أكبر مكوّن في احتياطات البنوك المركزية العالمية. وتشير دراسة لمجلس الذهب العالمي إلى أن هذا الاتجاه مرشّح للاستمرار بلا تهديد لموقع الدولار المتصدّر عالمياً سواء من حيث الاستخدام أو الاحتياطات
.
صحيح أن اليورو ارتفع 13% مقابل الدولار هذا العام، لكن المؤشر الأكثر دلالة ربما هو مكسبه المحدود بنسبة 3% فقط أمام الجنيه الإسترليني. فالمركزي الأوروبي خفّض أسعار الفائدة بوتيرة أسرع بمرتين من الاحتياطي الفيدرالي وبنك إنجلترا خلال العام الماضي، ومع ذلك لم تظهر هذه السياسة بوضوح على قيمة العملة
.
رغم أن اليورو يبدو في وضع مستقر حالياً، إلا أن تعزيز الطلب المحلي فعلياً سيحتاج إلى تدخّل مالي كبير. وبالطبع، فإن الحفاظ على قوة العملة يفترض أيضاً أن تتراجع وتيرة نمو الاقتصادات المنافسة، وهذا مطلب صعب جداً
.
تعويل أوروبا على التصدير
صحيح أن منطقة اليورو ستظلّ أكبر سوق موحّدة في العالم، لكنها تعتمد في الأساس على صادراتها الصناعية كمحرّك رئيسي للنمو الاقتصادي. وهذا ما يفسّر دخولها في مفاوضات شائكة حول الرسوم الجمركية مع إدارة الرئيس دونالد ترمب. إذ إن ألمانيا وحدها تسجّل فائضاً في الحساب الجاري يُقدّر بنحو 250 مليار يورو (290 مليار دولار)، وهو الأكبر عالمياً، متجاوزة حتى اليابان في العام الماضي
.
بالتالي، ما كان يُعدّ سابقاً من أبرز نقاط القوة في الاتحاد الأوروبي بات اليوم نقطة ضعف واضحة؛ فكلما زادت قوة اليورو بات الحفاظ على تنافسية الصادرات أصعب
.
يبدو أن محاولة التأثير في الأسواق من خلال التصريحات العلنية قد بدأت. صرّح نائب رئيس البنك المركزي الأوروبي لويس دي جويندوس لتلفزيون بلومبرغ الثلاثاء بأن تجاوز اليورو مستوى 1.20 دولار "سيكون أمراً معقداً جداً ولكن مستوى 1.20 مقبول تماماً
".
وعلى أساس القيمة المرجّحة بالتجارة، لم يسجّل اليورو مستوى أقوى مما هو عليه اليوم، وفقاً لمؤشر البنك المركزي الأوروبي الذي يقيسه مقابل 41 عملة. صحيح أن ضعف الدولار يبقى العامل الأبرز، بما أن نحو 20% من صادرات الاتحاد الأوروبي تتجه إلى السوق الأمريكية، لكن العلاقة مع اليوان الصيني باتت تضاهيه أهمية، في ظل بلوغ حجم التجارة الثنائية مع الصين نحو 740 مليار يورو عام 2023
.
ترجمة الوعود إلى أفعال
حذرت أودري تشايلد-فريمان، كبيرة إستراتيجيي عملات مجموعة العشر في "بلومبرغ إنتليجنس"، من أن البنك المركزي الأوروبي قد يجد نفسه في موقف حرج إذا تسارعت مكاسب اليورو نتيجة تباطؤ الاقتصاد الأمريكي. إن ارتفاع العملة بوتيرة أسرع قد يدفع المركزي الأوروبي إلى خفض الفائدة مجدداً، وربما إلى ما دون مستوى الحياد النقدي المقدر بنحو 2% الذي يفضّله، وهو المستوى الذي يستقر عنده حالياً معدل الفائدة على الودائع
.
صحيح أن قوة اليورو تترجم إلى انخفاض تكلفة الواردات، ما قد يخفف أعباء الفواتير عن كاهل الأسر ويعزّز الدخل المتاح للإنفاق والاستهلاك، إلا أن هذه الفوائد تقابلها مخاطر أخرى. فمع بقاء
في منطقة اليورو دون مستهدف البنك المركزي البالغ 2% — كما في فرنسا التي سجلت تضخماً سنوياً بـ0.8% في يونيو — تتصاعد المخاوف من انكماش سعري
.
بطبيعة الحال، يمكن لاقتصاد قوي وتنافسي أن يتعامل بسهولة مع عملة مرتفعة القيمة، كما كانت الحال مع المارك الألماني قبل اعتماد اليورو. لكن اقتصاد منطقة اليورو المتباطئ، الذي لا ينمو سوى بنحو 1%، بعيد جداً عن ذلك. وقد خفّض المركزي الأوروبي أسعار الفائدة إلى النصف خلال العام الماضي لسبب وجيه
.
تحقيق الوعود المتعلقة بزيادة كبيرة في الإنفاق العام، وبأسرع وقت ممكن، أساسي لاستمرار صعود اليورو. فبناء قدرات دفاعية ذاتية أمر أساسي، لكن الاستجابة لنداء ماريو دراجي لتعزيز القدرة التنافسية لا تقل أهمية. في حالة اليورو، الأفعال خير من الأقوال، وهذا يعني ترتيب البيت الداخلي أولاً
.
خاص بـ "بلومبرغ"
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


العربية
منذ 21 دقائق
- العربية
العقوبات على روسيا تضع إمارة أوروبية غنية في أزمة مع "صناديق الزومبي"
شكلت "ليختنشتاين" فريق عمل طارئ لمعالجة أزمة الصناديق "الزومبي"، التي تركت مئات الكيانات المرتبطة بأثرياء روس في حالة شلل قانوني. تعرضت هذه الإمارة الصغيرة الواقعة في جبال الألب، التي تعد مركزاً لآلاف الصناديق والمؤسسات، لموجة من الاستقالات من قبل الأمناء وأعضاء مجالس الإدارة خلال الأشهر الستة الماضية، مع تكيف نظامها التنظيمي مع حزم العقوبات الأميركية المفروضة على روسيا. وقد تؤدي هذه النتيجة إلى ترك ما يصل إلى 800 كيان معزول - معترف به قانونياً ولكنه مجمد وظيفياً - دون أي مسؤول عن إدارة أصوله أو الإشراف على تصفيته، بحسب ما ذكرته صحيفة "فاينانشال تايمز"، واطلعت عليه "العربية Business". مصرفيون ومحامون حذروا من أن الأزمة قد تنتقل إلى القطاع المالي الأوسع في البلاد، بما في ذلك البنوك الكبرى، إذا لم تعالج الحكومة المشكلة. وقال محام من "فادوز": "نحن نتحدث عن صناديق استئمانية زومبي عائمة بمليارات الدولارات. ولا يوجد حل حتى الآن. لم أرَ شيئاً كهذا من قبل". اعتمدت ليختنشتاين حزم عقوبات من الاتحاد الأوروبي ضد روسيا عقب الغزو الشامل لأوكرانيا عام 2022. ومع ذلك، في عام 2024، وفي عهد إدارة بايدن، فرضت الولايات المتحدة عقوبات على العديد من الكيانات والأفراد المقيمين في ليختنشتاين بسبب ارتباطهم بأفراد وأنشطة روسية. كما حذرت الولايات المتحدة ليختنشتاين ودولاً أوروبية أخرى العام الماضي من أنها قد تفرض عقوبات ثانوية على المؤسسات المالية الأجنبية التي تتعامل مع عملاء روس معينين - حتى لو لم يخضع هؤلاء العملاء لعقوبات فردية. خوفاً من مزيد من الإجراءات الأميركية، اعتمدت هيئة السوق المالية في ليختنشتاين (FMA) نهجاً قائماً على عدم التسامح مطلقاً، وحثت القطاع في سبتمبر على اعتبار العقوبات الأميركية ملزمة فعلياً لأنها تشكل مخاطر قانونية وسمعة "وجودية". نصحت هيئة الأسواق المالية صراحةً الأمناء - أي شخص أو كيان مصرح له قانوناً بإدارة الأصول نيابةً عن آخرين - بإنهاء علاقاتهم مع العملاء المعرضين للخطر، قائلة إنها "الوسيلة الوحيدة المناسبة" للسيطرة على المخاطر. وقال المحامي في شركة "شوارزلر ريشتسانفالتي"، هيلموت شوارزلر، بأن هذا دفع المديرين إلى الاستقالة جماعياً. وأضافت أن الالتزامات القانونية المتداخلة، سواءً من أنظمة العقوبات الأجنبية أو في ليختنشتاين، جعلت من شبه المستحيل إيجاد بدائل للمديرين. وأضاف "الغالبية العظمى من هذه الكيانات هي أصول لأشخاص روس غير خاضعين للعقوبات يعيشون في جنوب فرنسا أو إيطاليا أو أماكن مثل دبي. حتى الكيانات التي لها صلة بعيدة بروسيا تتأثر". تظهر الأرقام الحكومية أن 350 كياناً في حالة غموض بانتظار المواعيد النهائية التنظيمية، وأن 40 منها في إجراءات تصفية مبكرة. وذكرت الحكومة أن 85 كياناً أصبحت يتيمة لعدم إمكانية تعيين مصفي. وبلغ عدد الكيانات المتأثرة في النهاية إلى 800 كيان دون إيجاد حل. إن الطبيعة الغامضة للكيانات تصعب تقدير حجم الثروة المجمدة أو العالقة المرتبطة بالشعب الروسي. وقال المصدر إن الصناديق الاستئمانية تحتوي على أصول تتراوح بين 5 ملايين دولار نقداً ومليارات الدولارات، بما في ذلك اليخوت والطائرات والمكاتب العائلية والعقارات الفاخرة. وهناك مخاوف من أن تقوض الأزمة مكانة ليختنشتاين كمركز مالي. ويقدر قطاع الصناديق الاستئمانية الضخم في هذا البلد الصغير بأطره الضريبية والقانونية المواتية، بالإضافة إلى قدرته المتصورة على حماية العملاء من التداعيات الجيوسياسية. وقال الشريك في شركة "جاسر بارتنر"، إحدى أكبر شركات المحاماة في الإمارة، يوهانس جاسر، إن الخطر الآخر الذي يلوح في الأفق إذا لم يحل الوضع هو أن تمارس روسيا ضغوطاً على ليختنشتاين. وأضاف: "هناك خطر من الولايات المتحدة، ولكن أيضاً من روسيا الآن. وقد يصبح هذا خطراً آخر غير مسبوق ولا مثيل له من الجانب الآخر الذي لا يقل قوةً". وأعلنت وزارة الخزانة الأميركية في بيان أنها تتعاون مع سلطات ليختنشتاين بشأن قضايا التمويل غير المشروع: "تتبادل وزارة الخزانة المعلومات والإرشادات مع ليختنشتاين بشأن الامتثال للعقوبات الأميركية ومكافحة غسل الأموال في نطاق ولايتها القضائية".


الرياض
منذ ساعة واحدة
- الرياض
بعد تشديد القيود على الصادرات الصينيةارتفاع كبير في أسعار معادن الأرض النادرة
أظهر المؤشر الشهري لاتحاد الصناعة البافاري في ألمانيا ارتفاعا كبيرا في أسعار معادن الأرض النادرة خلال مايو الماضي بعد قرار الصين تشديد القيود المفروضة على صادراتها من هذه المعادن. وبحسب المؤشر ارتفعت أسعار معادن الأرض النادرة وهي مجموعة من المعادن الحيوية للعديد من الصناعات المتقدمة بدءا من الإلكترونيات وحتى الصناعات العسكرية، بنسبة 8% مقومة بالدولار. كما أن بعض هذه المعادن سجلت زيادة أكبر في أسعارها، مثل معدن التيربيوم الذي ارتفع بنحو 19% والجادولينيوم بنسبة 17% وساماريوم بنسبة 15%. جاءت القفزة في أسعار هذه المعادن بعد إعلان الصين في أبريل تطبيق قيود جديد على صادرات العديد من المعادن ردا على خطط الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية باهظة على المنتجات الصينية. يذكر أن الصين تنتج حوالي 90% من إمدادات معادن الأرض النادرة المستخدمة في الصناعة على مستوى العالم وفقا لتقديرات عديدة. من ناحيته حذر اتحاد الصناعة الألماني بي.دي.آي مؤخرا أوروبا من اعتمادها المتزايد على الصين كمصدر لهذه المعادن الحيوية.


الشرق للأعمال
منذ 5 ساعات
- الشرق للأعمال
أسعار الذهب تستقر مع إعلان ترمب عن خططه بشأن الرسوم
استقرت أسعار الذهب بعد أن عكست خسائرها في الجلسة السابقة، عندما بدأ الرئيس دونالد ترمب بإبلاغ مجموعة من الدول بمعدلات الرسوم الجمركية الجديدة، ما عزز الطلب على الملاذات الآمنة في ظل تنامي المخاوف من حرب تجارية تقودها الولايات المتحدة. وقد أنهى المعدن الثمين تداولات الإثنين من دون تغيير يُذكر بعد أن تراجع في وقت سابق بما يصل إلى 1.2%، وبقي مستقراً يوم الثلاثاء عند نحو 3,335 دولاراً للأونصة. وقال الرئيس الأميركي إن اليابان وكوريا الجنوبية ستواجهان رسوماً جمركية بنسبة 25% على السلع، مع فرض معدلات أخرى على شركاء تجاريين مختلفين، ما أدى إلى عمليات بيع في عملات الدول المستهدفة، وعزّز من قوة الدولار. وغالباً ما يجعل الدولار الأقوى الذهب أكثر كلفة بالنسبة لمعظم المشترين. البداية من الدول الآسيوية كانت الدول الآسيوية أول من تلقى هذه الرسائل ضمن ما وعد الرئيس بأنه سيكون فيضاً من التحذيرات الأحادية والصفقات التجارية التي أُعلن عنها يوم الإثنين. في الوقت ذاته، يستهد المستثمرون لمزيد من التداعيات المحتملة مع استعداد البيت الأبيض لفرض رسوم جمركية أعلى على الدول التي لا تتوصل إلى اتفاق مع الولايات المتحدة. ومع ذلك، فإن قرار ترمب بتأجيل تطبيق المعدلات الجديدة حتى الأول من أغسطس، يمنح فعلياً كل دولة متأثرة مهلة إضافية مدتها ثلاثة أسابيع لإبرام صفقة. سياسات ترمب تدعم الذهب تُعد جهود ترمب لإعادة تشكيل السياسات التجارية مصدر قلق دائم للأسواق، في ظل المخاوف من تأثير الرسوم الجمركية الأميركية الواسعة على الاقتصاد العالمي. دفع ذلك المستثمرين إلى اللجوء للأصول الآمنة مثل الذهب، الذي ارتفع بأكثر من ربع قيمته هذا العام، ويتداول حالياً على بعد نحو 160 دولاراً من أعلى مستوى قياسي سجله في أبريل. كما ساهم تصاعد التوترات الجيوسياسية في تعزيز جاذبية المعدن كملاذ آمن. واستقر سعر الذهب الفوري عند 3,337.30 دولاراً للأونصة بحلول الساعة 7:15 صباحاً في سنغافورة. وانخفض مؤشر "بلومبرغ" الفوري للدولار بنسبة 0.1% بعد أن ارتفع بنسبة 0.5% يوم الإثنين. ولم يطرأ تغيّر يُذكر على أسعار الفضة والبلاديوم، بينما تراجع البلاتين.