logo
"آبار لينة".. بين جنّ سليمان والقوى الخارقة وشواهد العلم.. حقيقة تنتظر كلمة الفصل من البحث العلمي

"آبار لينة".. بين جنّ سليمان والقوى الخارقة وشواهد العلم.. حقيقة تنتظر كلمة الفصل من البحث العلمي

صحيفة سبقمنذ 18 ساعات
تواصل "آبار لينة" الواقعة شمال المملكة إثارة الجدل بين الباحثين والمؤرخين، وسط تباين واسع في تفسير أصلها، فبينما تتواتر روايات تراثية تنسب حفرها إلى جنّ النبي سليمان عليه السلام، يطرح باحثون ميدانيون نظريات حديثة تستبعد ذلك، مستندين إلى شواهد جيولوجية ومعطيات أثرية على الأرض.
وتُعد آبار لينة، التي يزيد عددها على 300 بئر، من أبرز معالم قرية لينة التابعة لمحافظة رفحاء. ويصل عمق بعضها إلى نحو 20 مترًا، فيما تتميز بضيق فوهاتها، إذ لا يتجاوز قطر بعضها نصف متر، كما أنها محفورة في صخور رسوبية صلبة، ما يجعل طريقة إنشائها محط اهتمام وتساؤل مستمرين.
وفقًا لكتب تراثية مثل "معجم البلدان" لياقوت الحموي و"لسان العرب" لابن منظور، تعود قصة آبار لينة إلى عهد النبي سليمان عليه السلام. وتذكر إحدى الروايات أنه مرّ بالمنطقة بجيشه، فعطش الناس، فضحك أحد الجن قائلاً إنهم يقفون على ماء وفير دون أن يعلموا. فأمرهم النبي سليمان بالحفر، فانبثقت المياه، وبقيت الآبار شاهدة على ذلك الحدث.
أما العلامة حمد الجاسر، فذكر أن "لينة ماء لبني غاضرة"، مضيفًا رواية أخرى تقول إن من حفرها هم شياطين سليمان عليه السلام، في إشارة إلى تسخيرهم في المهام الخارقة، ومنها شق الآبار في الأرض.
وتجد هذه الروايات صدى في الثقافة الشعبية المحلية، مدعومة بصعوبة الحفر في مثل هذه الصخور قديمًا، وضيق الآبار الذي لا يسمح بدخول الإنسان، ما جعل نسبة الحفر إلى قوى خارقة كالجن أمرًا مقبولًا عند البعض.
باحثون ينفون الأسطورة
في المقابل، يرى باحثون أن هذه الروايات لا تصمد أمام الشواهد العلمية، من بينهم الدكتور عيد اليحيى، مقدم برنامج "على خُطى العرب"، الذي أكد أن ما رآه على أرض الواقع من مجسّات محفورة بجانب الآبار يدل على أن الحفر تم بأيادٍ بشرية، باستخدام أدوات بدائية، مثل صخور بازلتية مُثبتة على أخشاب بطريقة البَري والدوران.
وأضاف أن الجنّ مخلوقات غير مادية، ولا يمكنها القيام بأعمال شاقة كالحفر، لافتًا إلى أن الموقع الجغرافي للينة لا يتطابق مع المسار المحتمل لرحلة النبي سليمان بين بيت المقدس واليمن.
ومن جانبه، فنّد الباحث في الجغرافيا والآثار تركي القهيدان، الروايات التي تنسب آبار لينة إلى الجن، مؤكدًا أنها نتاج عمل بشري، مشيرًا إلى أن الصخور من نوع الدولوميت الرسوبي، القابل للنحت، وأن الحفر تم غالبًا في نقاط ضعف وشقوق طبيعية لتسهيل الوصول إلى المياه.
وأضاف أن هناك آبارًا مشابهة في مناطق مثل القصيم وسكاكا والحِجر، تؤكد قدرة الإنسان القديم على تنفيذ مثل هذه الأعمال، دون الحاجة لنسبها إلى الجن أو القوى الخارقة.
وتابع: "سيدنا سليمان لم يذهب إلى بلقيس في اليمن، ونُبطِل خُرافة حفر الجن لآبار لينة – كما ورد في معجم البلدان ولسان العرب – بكلمة واحدة في القرآن: (وأْتُونِي)، فالصواب أن بلقيس جاءت إلى سليمان في فلسطين، كما قال تعالى في محكم التنزيل: ﴿أَلَّا تَعْلُوا عَلَيَّ وَأْتُونِي مُسْلِمِينَ﴾ [النمل: 31]".
واعتبر القهيدان أن هذه الروايات تُهمّش دور الإنسان القديم، وتُغفل احتمال وجود حضارات متقدمة عاشت في الجزيرة العربية، داعيًا إلى الابتعاد عن التفسيرات الأسطورية، والركون إلى العلم والبحث الميداني.
وبين الروايتين، تتزايد الدعوات لإجراء دراسات أثرية وجيولوجية ميدانية دقيقة، لتحديد عمر آبار لينة، وأدوات حفرها، ونمط إنشائها. ويأمل الباحثون أن تسهم هذه الدراسات في الفصل بين الرواية التراثية والتفسير العلمي القائم على الأدلة المادية.
ولا يزال ملف "آبار لينة" مفتوحًا، بانتظار كلمة حاسمة من البحث العلمي، تُنصف التاريخ، وتفسر هذا الأثر الفريد بعيدًا عن الغموض، دون أن يُطمر تاريخ الإنسان القديم تحت ظلال الأسطورة.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

«فلكية جدة» ترصد بقعة وردية في سماء شمال غرب المملكة
«فلكية جدة» ترصد بقعة وردية في سماء شمال غرب المملكة

عكاظ

timeمنذ 6 ساعات

  • عكاظ

«فلكية جدة» ترصد بقعة وردية في سماء شمال غرب المملكة

شهدت سماء شمال غرب المملكة مساء أمس، ظاهرة جوية استثنائية، حيث ظهرت بقعة دائرية وردية لامعة بعد غروب الشمس في مشهد نادر وغير مألوف. وأفاد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهرة، بأن هذه هي المرة الثانية التي يتم فيها رصد مثل هذه البقعة الوردية خلال فترة قصيرة ومشابهة في 13 مايو الماضي، ما يفتح الباب أمام مزيد من التساؤلات حول طبيعة هذه الظواهر المتكررة. وقال: «بحسب الصور الملتقطة كانت البقعة مضيئة بوضوح على خلفية السماء الزرقاء الداكنة، وثابتة في مكانها دون أي صوت مرافق أو تغيرات واضحة في الشكل، قبل أن تبدأ في التلاشي التدريجي بعد دقائق». وأضاف: «أحد التفسيرات العلمية المحتملة يرجح أن تكون هذه الظاهرة نتيجة أبخرة من الباريوم والسترونتيوم والأكسجين المؤين على ارتفاعات عالية لدراسة طبقات الغلاف الجوي العليا (الأيونوسفير)، ففي مثل هذه التجارب تضيء الأبخرة المتحررة نتيجة انعكاس ضوء الشمس المتبقي بعد الغروب على ارتفاعات تتجاوز 100 كيلومتر فتتشكل بقع مضيئة بألوان وردية أو زرقاء أو خضراء يتغير شكلها بفعل الرياح العليا». وأشار أبو زاهرة إلى احتمال أن تكون البقعة نتيجة مخلّفات في الغلاف الجوي العلوي مثل آثار احتراق صاروخ أو بقايا أقمار صناعية وسحب غازات مثل الهيليوم أو الهيدروجين. أخبار ذات صلة

"فلكية جدة" ترصد بقعة وردية نادرة أضاءت سماء شمال غرب المملكة
"فلكية جدة" ترصد بقعة وردية نادرة أضاءت سماء شمال غرب المملكة

صحيفة سبق

timeمنذ 7 ساعات

  • صحيفة سبق

"فلكية جدة" ترصد بقعة وردية نادرة أضاءت سماء شمال غرب المملكة

شهدت سماء شمال غرب المملكة مساء أمس، ظاهرة جوية استثنائية، حيث ظهرت بقعة دائرية وردية لامعة بعد غروب الشمس في مشهد نادر وغير مألوف. وأفاد رئيس الجمعية الفلكية بجدة المهندس ماجد أبو زاهره، أن هذه الظاهرة تأتي للمرة الثانية التي يتم فيها رصد مثل هذه البقعة الوردية خلال فترة قصيرة ومشابهة في 13 مايو الماضي، مما يفتح الباب أمام مزيد من التساؤلات حول طبيعة هذه الظواهر المتكررة. وقال: "بحسب الصور الملتقطة كانت البقعة مضيئة بوضوح على خلفية السماء الزرقاء الداكنة وثابتة في مكانها دون أي صوت مرافق أو تغيرات واضحة في الشكل قبل أن تبدأ في التلاشي التدريجي بعد دقائق". وأضاف: "أحد التفسيرات العلمية المحتملة يرجح أن تكون هذه الظاهرة نتيجة أبخرة من الباريوم والسترونتيوم والأكسجين المؤين على ارتفاعات عالية لدراسة طبقات الغلاف الجوي العليا (الأيونوسفير)، ففي مثل هذه التجارب تضيء الأبخرة المتحررة نتيجة انعكاس ضوء الشمس المتبقي بعد الغروب على ارتفاعات تتجاوز 100 كيلومتر فتتشكل بقع مضيئة بألوان وردية أو زرقاء أو خضراء يتغير شكلها بفعل الرياح العليا".

المملكة تؤكد أهمية الاستخدام السلمي والمسؤول والمستدام للفضاء الخارجي بما يخدم مستقبل البشرية
المملكة تؤكد أهمية الاستخدام السلمي والمسؤول والمستدام للفضاء الخارجي بما يخدم مستقبل البشرية

صحيفة سبق

timeمنذ 17 ساعات

  • صحيفة سبق

المملكة تؤكد أهمية الاستخدام السلمي والمسؤول والمستدام للفضاء الخارجي بما يخدم مستقبل البشرية

اختتمت المملكة، اليوم، مشاركتها في أعمال الدورة الثامنة والستين للجنة استخدام الفضاء الخارجي في الأغراض السلمية "COPUOS" التابعة للأمم المتحدة، والمنعقدة في مركز فيينا الدولي، بمشاركة وفد مشترك من وكالة الفضاء السعودية وهيئة الاتصالات والفضاء والتقنية، إلى جانب الوفد الدائم لدى مكتب الأمم المتحدة. ورأس وفد المملكة في هذه المشاركة المهندس مريح الشهراني، أكد خلال الجلسة الافتتاحية التزام المملكة بتعزيز التعاون الدولي في قطاع الفضاء، مشيرًا إلى أهمية العمل المشترك وتبادل الخبرات لضمان الاستخدام السلمي والمسؤول والمستدام للفضاء الخارجي، بما يدعم التنمية الشاملة ويخدم مستقبل البشرية. وضمن برنامج المشاركة؛ نظّمت وكالة الفضاء السعودية جلسة جانبية وورشة عمل بعنوان "نحو مدار أكثر استدامة"، استعرضت خلالها جهود المملكة في حماية البيئة المدارية من الحطام الفضائي، والإعلان عن النسخة المقبلة من مؤتمر الحطام الفضائي 2026، إلى جانب عدد من المبادرات التوعوية الرامية إلى تعزيز الوعي المجتمعي بقضايا الفضاء والاستدامة. وشهدت الدورة تقديم عدد من الكلمات من جانب وفد المملكة جرى خلالها التأكيد على التزام المملكة بالعمل الدولي المشترك لضمان استدامة الفضاء الخارجي، وتعزيز الابتكار العلمي، وربط قطاع الفضاء بأهداف التنمية المستدامة، بما يعزز من مكانة المملكة شريكًا إستراتيجيًا على الساحة الدولية. وعقد الوفد السعودي عددًا من الاجتماعات الثنائية مع ممثلي وكالات الفضاء والدول الأعضاء، ناقش خلالها فرص التعاون المشترك وأبرز مجالات الاهتمام المتبادل، بما يسهم في توسيع الشراكات الدولية وتعزيز الحضور السعودي في القطاع. وتأتي هذه المشاركة امتدادًا لجهود المملكة في تعزيز مكانتها دولة فاعلة في صياغة مستقبل قطاع الفضاء، وترسيخ مبادئ الاستخدام السلمي والتنمية المستدامة، بما يواكب مستهدفات رؤية 2030.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store