
صفقة ترمب لإنقاذ نتنياهو مقابل إنهاء حرب غزة
فاجأ الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإسرائيليين، مساء الأربعاء، بمنشور عبر موقع "تروث سوشيال"، دعا فيه إلى العفو عن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، المتهم في قضايا فساد، واصفاً إياه بـ "المحارب". وكتب: "ينبغي إلغاء محاكمة بيبي نتنياهو على الفور، أو منحه عفواً، فهو بطل عظيم قدم كثيراً لدولة إسرائيل".
جاءت تدوينة ترمب قبيل أيام من استئناف محاكمة نتنياهو، الذي يواجه اتهامات بالرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، في محاكمة مستمرة منذ عام 2020. ووفقاً لترمب، فإن "الولايات المتحدة هي التي أنقذت إسرائيل، والآن ستكون هي التي ستنقذ بيبي نتنياهو".
ربما يأمل ترمب في عفو رئاسي عن صديقه الإسرائيلي، إذ يملك الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ صلاحية العفو عن نتنياهو. لكن ترمب، المعروف بلقب "رجل الصفقات"، لن يجعل الأمر مجرد هبة في إطار الصداقة السياسية، بل صفقة تنطوي على "إنقاذ" نتنياهو من المحاكمة، مقابل تسوية الحرب في غزة ضمن اتفاق شامل يضمن الإفراج عن الرهائن المحتجزين لدى حركة "حماس"، ويدفع سريعاً نحو المضي في خطة اتفاقيات السلام العربية - الإسرائيلية التي بدأها في ولايته الأولى.
نوبل للسلام
الصفقة التي يسعى إليها ترمب مع نتنياهو ربما ترتبط بطموحه في الحصول على جائزة نوبل للسلام، إذ تباهى خلال الأيام الماضية بدوره في التوسط لاتفاقات تنهي صراعات، من بينها وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران. كما كتب على "تروث سوشيال"، معبراً عن أسفه لعدم منحه جائزة نوبل للسلام لـ"وقفه" الحرب بين الهند وباكستان، أو بين صربيا وكوسوفو، ولسعيه إلى الحفاظ على السلام بين مصر وإثيوبيا حول سد النهضة. وتحدث أيضاً عن إبرامه "اتفاقات إبراهام" في الشرق الأوسط، مشيراً إلى أنه إذا سارت الأمور على ما يرام، فإنها "ستتوج بانضمام دول أخرى، وستوحد الشرق الأوسط للمرة الأولى على مر العصور".
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وفي منشوره أشار إلى الإعلان عن ترتيب معاهدة "رائعة" بين الكونغو ورواندا في شأن حربهما. وقال: "لا، لن أحصل على جائزة نوبل للسلام مهما فعلت، بما في ذلك روسيا - أوكرانيا، وإسرائيل - إيران، مهما كانت النتائج، لكن الناس يتفهمون، وهذا كل ما يهمني". وأشار في حديثه إلى الصحافيين الجمعة الماضية، إلى أن ثلاثة من الرؤساء الأربعة الفائزين بجائزة نوبل للسلام ينتمون للحزب الديمقراطي، قائلاً: "كان ينبغي أن أحصل عليها أربع أو خمس مرات، لن يمنحوني جائزة نوبل للسلام لأنهم يمنحونها لليبراليين فقط".
صفقة كبرى
وإضافة إلى مكاسبه الشخصية، فإنه وفق الصحافة الإسرائيلية يتعلق الأمر بجزء من إستراتيجية أوسع، وربما منسقة، تهدف إلى إعادة تشكيل المشهد السياسي في الشرق الأوسط، مع لعب نتنياهو دوراً محورياً فيها. فمنذ إعلانه عن وقف إطلاق النار بوساطة أميركية بين إسرائيل وإيران، أبدى ترمب نفاد صبر متزايد تجاه إسرائيل، وخصوصاً بسبب استمرار القتال في غزة. وتتمثل رؤيته، وفقاً لتصريحاته المتكررة، في إنهاء الحرب وضمان الإفراج عن الرهائن وتوسعة "اتفاقات أبراهام" لتشمل الشرق الأوسط وربما ما بعده.
وألمح مبعوث ترمب إلى الشرق الأوسط ستيف ويتكوف، إلى ذلك، قائلاً إن التوصل إلى اتفاق مع "حماس" "أقرب من أي وقت مضى". وقال في تصريحات لقناة "سي إن بي سي" الأميركية أمس الأربعاء، إن الإدارة الأميركية بصدد "إعلان مهم" قريبا في شأن الدول المشاركة في "اتفاقات إبراهام"، مضيفاً "نتوقع تطبيع العديد من الدول (علاقاتها مع إسرائيل)".
وتقول صحيفة يديعوت آحرينوت، إنه في هذا السياق، يمكن النظر إلى تدخل ترمب في المشكلات القانونية التي يواجهها نتنياهو كجزء من "صفقة شاملة" تنطوي على دعم علني، وربما عملي، لزعيم إسرائيل مقابل تعاون نتنياهو في إنهاء حرب غزة ودفع الأهداف الإقليمية التي تقودها الولايات المتحدة. ويعتقد بعض المحللين أن هذه الخطوة قد تكون مجرد بداية لحملة دبلوماسية أوسع لم يُكشف عنها بعد.
غضب المعارضة الإسرائيلية
وقد ألمح زعيم المعارضة يائير لابيد إلى هذا الاحتمال في مقابلة مع الصحيفة الإسرائيلية، قائلاً إنه "مع كامل الاحترام لترمب، عليه ألا يتدخل في مسار قانوني داخل دولة ذات سيادة. أعتقد أن هذه تعويضات، لأنه سيضغط على نتنياهو لإنهاء الحرب في غزة. وهذا أسلوب ترمب المعتاد." واستخدمت النائبة نعما لازيمي من حزب الديمقراطيين لغة أكثر حدة في انتقاد الأمر قائلة بسخرية إن "نتنياهو بريء لدرجة أنه يستعين بترمب لإلغاء محاكمته. هذا المنشور (لترمب) يُظهر كيف تُحتجز أمة بأكملها رهينة بيد متهم جنائي. نتنياهو، أفرج عن قبضتك الخانقة على النظام الديمقراطي في إسرائيل. لا يمكن أن تُدمر المجتمع الإسرائيلي بسبب فساد رجل واحد. كفى."
في المقابل، كانت ردود فعل حلفاء نتنياهو أكثر ترحيباً بتعليقات الرئيس الأميركي. وقال رئيس لجنة الدستور والقانون والعدالة في الكنيست سمحا روثمان، إن كلمات ترمب تعكس "حقيقة عميقة"، لكنه شدد في الوقت ذاته على أن "من غير المناسب أن يتدخل الرئيس الأميركي في الشؤون القانونية لدولة إسرائيل. استقلال القضاء أمر حيوي حتي بالنسبة لنتنياهو." وبدلاً من ذلك، دعا روثمان الرئيس الإسرائيلي إلى منح نتنياهو عفواً: "امنحوا هذه الأمة العدالة ولحظات من الهدوء والرحمة." فيما لم يستبعد السفير الأميركي لدى إسرائيل مايك هاكابي، احتمال ممارسة الولايات المتحدة ضغوطًا على الجهاز القضائي الإسرائيلي، جاء ذلك في تصريحات أدلى بها خلال زيارة إلى مركز سوروكا الطبي في بئر السبع عقب الضربة الصاروخية الإيرانية.
اختباراً لاستقلالية القضاء
ويواجه نتنياهو المحاكمة في ثلاث قضايا فساد، تتضمن اتهامات بالاحتيال وخيانة الأمانة والرشوة. وتتعلق إحدى المحاكمات باتهامه وزوجته سارة بتلقي هدايا ثمينة بشكل غير قانوني من قطب الإعلام الهوليوودي أرنون ميلتشان، بقيمة تُقدر بنحو 700 ألف شيكل. وتشير لائحة الاتهام إلى أن نتنياهو خالف قوانين تضارب المصالح عندما سعى إلى مساعدة ميلتشان في تجديد تأشيرته الأميركية طويلة الأمد، وقدم له دعماً في قضايا ضريبية.
وتعلق قضية أخرى بالاحتيال وخيانة الأمانة، إثر محاولة نتنياهو المزعومة التوصل إلى صفقة "مقايضة" مع ناشر صحيفة يديعوت أحرونوت، أرنون (نوني) موزيس، بحيث تقدم الصحيفة تغطية إعلامية إيجابية لرئيس الوزراء مقابل سنّ قانون يضعف منافستها الرئيسة، صحيفة يسرائيل هيوم. والقضية الثالثة المعروفة باسم "قضية بيزك-واللا"، فهي الأخطر، إذ يُتهم نتنياهو فيها بإصدار قرارات تنظيمية أفادت مالك شركة بيزك العملاقة للاتصالات، شاؤول إلوفيتش، بمئات الملايين من الشواقل. وبالمقابل، يُزعم أنه حصل على تغطية إعلامية إيجابية من موقع واللا الإخباري، الذي كان أيضاً مملوكاً لإلوفيتش.
ويقول موقع "تايمز أوف إسرائيل" إن هذه القضايا تُعد اختباراً رئيساً لاستقلالية النظام القضائي الإسرائيلي، في وقت يشهد تدخلات سياسية متزايدة وضغوطاً داخلية وخارجية على مجريات المحاكمة. وينفي نتنياهو جميع التهم المنسوبة إليه، ويؤكد أنه لم يرتكب أية مخالفة، ويزعم أن القضايا ضده ملفقة بالكامل ووُضعت في إطار "انقلاب سياسي" دبرته الشرطة والنيابة العامة بهدف الإطاحة به من الحكم.
وبموجب القانون الإسرائيلي، لا يمكن منح العفو إلا بعد انتهاء الإجراءات القانونية. ومع ذلك، تقول يديعوت آحرينوت إنه في ظل السياق الأمني الحالي، لا سيما بعد الضربة الأميركية الناجحة ضد المنشآت النووية الإيرانية، قد يصبح منح العفو أمراً ممكناً سياسياً. وقد ألمح الرئيس يتسحاق هرتسوغ أخيراً إلى أنه سينظر بإيجابية في مثل هذا الطلب إذا قدم رسمياً.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الأمناء
منذ 35 دقائق
- الأمناء
ترامب يعلن نهاية حرب الاثني عشر يوما بين إيران وإسرائيل .. وماذا بعد ؟؟
نتنياهو : إسرائيل وافقت على وقف إطلاق النار بعد أن استطاعت إزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني إيران : حققنا نصرا جعل العدو يندم ويقبل بالهزيمة ويوقف عدوانه من طرف واحد محللون : الاتفاق الذي أعلنه ترامب ربما يمثل أفضل صيغة لجميع الأطراف المنخرطة في الصراع إدارة ترامب : هدفنا كان تدمير البرنامج النووي الإيراني وليس إشعال حرب واسعة النطاق قال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يوم الثلاثاء إن وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران دخل حيز التنفيذ الآن وطلب من البلدين عدم انتهاكه، وذلك بعد ساعات فقط من إطلاق إيران موجات من الصواريخ قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية إنها أسفرت عن مقتل أربعة أشخاص. وكتب ترامب على منصة تروث سوشيال "وقف إطلاق النار دخل حيز التنفيذ الآن. الرجاء عدم انتهاكه!". وعندما أعلن ترامب الاثنين ما أسماه وقفا كاملا لإطلاق النار لإنهاء الحرب التي استمرت 12 يوما، بدا أنه يلمح إلى أنه سيكون لدى إسرائيل وإيران بعض الوقت لاستكمال أي مهام جارية، وبعدها سيبدأ وقف إطلاق النار على مراحل. وقال شهود إنهم سمعوا دوي انفجارات بالقرب من تل أبيب وبئر السبع في جنوب إسرائيل قبل منشور ترامب. وقال الجيش الإسرائيلي إن إيران أطلقت ست موجات من الصواريخ أول أمس الثلاثاء، وذكرت هيئة الإسعاف الإسرائيلية أن أربعة أشخاص قتلوا، في أول وفيات منذ إعلان ترامب وقف إطلاق النار. وذكرت وكالة أنباء الطلبة الإيرانية شبه الرسمية صباح أمس أن طهران أطلقت آخر دفعة من الصواريخ قبل دخول وقف إطلاق النار حيز التنفيذ. وقال مسؤول كبير في البيت الأبيض إن ترامب توسط في اتفاق لوقف إطلاق النار في مكالمة هاتفية مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وإن إسرائيل وافقت على ذلك ما دامت إيران لا تشن المزيد من الهجمات. وكتب ترامب على منصته تروث سوشيال "على اعتبار أن كل شيء سيمضي كما هو مفترض، وهو ما سيحدث، أود أن أهنئ البلدين، إسرائيل وإيران، على امتلاكهما القدرة والشجاعة والذكاء لإنهاء ما ينبغي أن تسمى حرب الاثني عشر يوما". من جانبه، قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في بيان نشره مكتبه أول أمس الثلاثاء إن إسرائيل وافقت على اقتراح الرئيس الاميركي وقف إطلاق النار مع إيران بعد أن حققت هدفها بإزالة التهديد النووي والصاروخي الإيراني. وبينما أكد مسؤول إيراني في وقت سابق موافقة طهران على وقف إطلاق النار، قال وزير خارجية البلاد عباس عراقجي إنه لن يكون هناك وقف للأعمال القتالية ما لم توقف إسرائيل هجماتها. وقال عراقجي في ساعة مبكرة من صباح أول أمس الثلاثاء إنه إذا أوقفت إسرائيل "عدوانها غير القانوني" على الشعب الإيراني في موعد أقصاه الساعة الرابعة صباحا بتوقيت طهران (00:30 بتوقيت غرينتش) من اليوم فإن إيران لا تنوي مواصلة ردها بعد ذلك. وأضاف في منشور على إكس "من المقرر اتخاذ القرار النهائي بشأن وقف عملياتنا العسكرية في وقت لاحق". وأعلن المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني أول أمس الثلاثاء أنه "أرغم" إسرائيل على وقف الحرب "من طرف واحد"، محذرا بأن الجمهورية الإسلامية تبقى في حال "تأهب" و"على استعداد للرد على أي عدوان"، وذلك بعد إعلان واشنطن وقفا لإطلاق النار بين الطرفين. وأكد المجلس تحقيق "نصر جعل العدو يندم ويقبل بالهزيمة ويوقف عدوانه من طرف واحد" مضفيا أن إيران "لا تثق إطلاقا بالأعداء" و"تبقي إصبعها على الزناد" لتوجيه "رد قاصم يجعل كل من يطلق عدوانا (ضدها) يندم". ونفذت إسرائيل، التي انضمت إليها الولايات المتحدة مطلع الأسبوع، هجمات على منشآت نووية إيرانية بعد أن قالت إن طهران تقترب من امتلاك سلاح نووي. تنفي إيران امتلاكها لأي برنامج للأسلحة النووية، لكن الزعيم الأعلى علي خامنئي قال إنه لو أرادت إيران ذلك "لما استطاع قادة العالم إيقافنا". وإسرائيل، غير العضو في معاهدة حظر الانتشار النووي، هي الوحيدة في الشرق الأوسط التي يعتقد أنها تمتلك أسلحة نووية، وهو أمر لا تنفيه إسرائيل ولا تؤكده. وأبلغ مسؤول مطلع على المفاوضات رويترز أول أمس الثلاثاء بأن رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني تمكن من الحصول على موافقة طهران خلال اتصال هاتفي مع مسؤولين إيرانيين. وقال مسؤول بالبيت الأبيض إن جيه.دي فانس نائب الرئيس الأميركي ووزير الخارجية ماركو روبيو والمبعوث الأميركي الخاص ستيف ويتكوف كانوا على اتصال مباشر وغير مباشر مع الإيرانيين. ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة ولا السفارة الإسرائيلية في واشنطن بعد على طلبين منفصلين من رويترز للتعليق. وقبل هذا بساعات، أشار ثلاثة مسؤولين إسرائيليين إلى أن إسرائيل تتطلع إلى إنهاء حملتها على إيران قريبا ونقلت هذه الرسالة إلى الولايات المتحدة. وأفادت القناة 12 التلفزيونية الإسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو طلب من وزراء الحكومة، الذين انتهت مناقشاتهم في وقت مبكر من الثلاثاء، عدم الإدلاء بأي تصريحات علنية. وتفاعلت الأسواق بشكل إيجابي مع هذه الأنباء. وسجلت العقود الآجلة للمؤشر ستاندرد اند بورز 500 ارتفاعا 0.4 بالمئة في وقت متأخر من أمس الاثنين، مما يشير إلى أن المتعاملين يتوقعون أن تفتح البورصة الأمريكية على مكاسب اليوم. وهوت العقود الآجلة للخام الأميركي في التعاملات الآسيوية المبكرة اليوم إلى أدنى مستوى في أكثر من أسبوع بعد أن أعلن ترامب الاتفاق على وقف لإطلاق النار. وهدأ الإعلان من مخاوف اضطرابات الإمدادات من المنطقة. قال ترامب في وقت سابق الاثنين الماضي إنه سيشجع إسرائيل على المضي قدما باتجاه السلام بعد تجاهله الهجوم الإيراني على قاعدة جوية أمريكية الذي لم يسفر عن إصابات وشكر طهران على الإخطار المبكر بالضربات. وأشار إلى أن إيران أطلقت 14 صاروخا على القاعدة الجوية الأميركية واصفا الهجوم بأنه "رد ضعيف للغاية، وهو ما توقعناه وتصدينا له بفعالية كبيرة". وأعادت طريقة تعامل إيران مع الهجوم إلى الأذهان اشتباكات سابقة مع الولايات المتحدة وإسرائيل، إذ سعت طهران إلى تحقيق توازن بين حفظ ماء الوجه والرد العسكري دون خلق دوامة تصعيد لا تستطيع تحملها. وجاء الهجوم الإيراني بعد إسقاط قاذفات أميركية قنابل خارقة للتحصينات زنة 30 ألف رطل على منشآت نووية إيرانية تحت الأرض مطلع الأسبوع لتنضم إلى الحرب الجوية الإسرائيلية. وفر العديد من سكان طهران البالغ عددهم 10 ملايين نسمة بعد أيام من القصف. وتصر إدارة ترامب على أن هدفها كان تدمير البرنامج النووي الإيراني فحسب وليس إشعال حرب أوسع. وبينما لم يتم الكشف عن هذا الاتفاق وملابساته، حرص جي دي فانس نائب الرئيس الأميركي على التأكيد على أن "إيران أصبحت الآن غير قادرة على صنع سلاح نووي بالمعدات التي تمتلكها لأننا دمرناها". ونقلت قناة فوكس نيوز عنه تحذيرا لطهران بأنه إذا أرادت بناء سلاح نووي في المستقبل "فسيتعين عليها التعامل مع الجيش الأميركي مجددا". ويشير ترامب إلى تقارير مخابراتية تفيد بأن إيران كانت على وشك تطوير سلاح نووي من دون الخوض في تفاصيل. غير أن أجهزة المخابرات الأميركية قالت في وقت سابق من العام الجاري إن تقديراتها تشير إلى أن إيران لا تصنع سلاحا نوويا، وقال مصدر مطلع على تقارير المخابرات الأميركية لرويترز الأسبوع الماضي إن هذا التقييم لم يتغير. وتحدث ترامب في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي الأحد عن الإطاحة بالحكام الدينيين المتشددين الذين يناصبون واشنطن العداء بشكل أساسي في الشرق الأوسط منذ الثورة الإسلامية الإيرانية في 1979. ورغم ذلك، أوضحت إسرائيل أن هجماتها على إيفين، وهو سجن سيئ السمعة يضم سجناء سياسيين، وأهداف أخرى في طهران كانت تستهدف ضرب بنية النظام الحاكم في إيران على نطاق واسع وكذلك قدرته على الحفاظ على السلطة. ووسط تأكيدات مسؤولين إسرائيليين على تفوق بلدهم عسكريا وتكبيدهم إيران خسائر فادحة، ترجم في صورة "تناقص كبير في قدرات إيران الصاروخية" وأن "منظومة المسيرات الإيرانية انهارت"، ذكرت صحيفة وول ستريت جورنال أن إسرائيل نقلت رسالة إلى إيران أبدت فيها رغبتها في إنهاء الحرب. ويرى محللون أن الاتفاق الذي أعلنه ترامب ربما يمثل أفضل صيغة لجميع الأطراف المنخرطة في الصراع، وأن تلك الأطراف خرجت رابحة بنسب متفاوتة، فالولايات المتحدة برهنت لخصومها على تفوقها العسكري من خلال استعراض القوة الذي تمثل في الضربة التي استهدفت المنشآت النووية الإيرانية. كما أنه يمثل نهاية مريحة لإسرائيل التي يتباهى مسؤولوها بأنهم قضوا على "تهديد وجودي"، حيث يمنحها فرصة لالتقاط الأنفاس، في ظل الصراع متعدد الجبهات الذي تخوضه منذ أكثر من 20 شهرا. وربما يمثل الاتفاق طوق نجاة للنظام الإيراني الذي تلقى ضربة موجعة، وكان يمكن الإطاحة به في ظل كم الاختراقات التي كشفت عنها جولة الصراع الأخيرة، والضربات التي طالت أهدافا حساسة عدة في مناطق متفرقة من البلاد، التي ترزح تحت طائلة عقوبات اقتصادية خانقة منذ سنوات عديدة. ولاشك أيضا أن هذا الاتفاق يشكل نبأ سارا للعديد من الأطراف الأخرى سواء في منطقة الشرق الأوسط أو خارجها، حيث كانت المخاوف من توسع الحرب بين إسرائيل وإيران وانعكاسها في صورة ركود اقتصادي كبير بمثابة هاجس للكثيرين، ومن بينهم أوروبا التي حثت عبر وزراء خارجيتها خلال اجتماعهم الاثنين في بروكسل على الاحتكام إلى الدبلوماسية بعد الضربات الأمريكية على إيران. وهذا التطور الدراماتيكي اللافت دفع البعض للتساؤل عن الظروف التي قادت إليه والسر وراء غياب تلك الإرادة عن إنهاء الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ أواخر عام 2023 على الرغم من مساعي المجتمع الدولي في هذا الصدد


الموقع بوست
منذ ساعة واحدة
- الموقع بوست
توكل كرمان تنعي الشاعر فؤاد الحميري: خسرت اليمن شخصية وطنية جديرة بالاحترام
نعت الناشطة الحائزة على جائزة نوبل للسلام، توكل كرمان، الشاعر والحقوقي البارز فؤاد الحميري، الذي وافته المنية اليوم الجمعة في مدينة إسطنبول، بعد صراع طويل مع المرض. وقالت كرمان -في منشور لها على فيسبوك- "ببالغ الحزن والأسى، تلقيت نبأ وفاة الشاعر والحقوقي الكبير فؤاد الحميري، المعروف بانحيازه لقضايا اليمنيين العادلة". واضافت "لقد خسر اليمن برحيله شخصية وطنية جديرة بالاحترام، كرّست قلمها وصوتها للمطالبة باستعادة الدولة وإنهاء هيمنة المليشيات على مقدرات الشعب اليمني". وتوفي الحميري، اليوم الجمعة، في أحد مستشفيات مدينة إسطنبول التركية، بعد معاناة طويلة مع مرض الفشل الكلوي. الراحل، من مواليد عام 1978 في مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز، كان أحد أبرز وجوه ثورة فبراير 2011، وواحداً من أهم الأصوات الإعلامية والخطابية التي واجهت نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح، وظل منذ ذلك الحين رمزًا للثورة وأحد أعلامها المخلصين. عانى الحميري لسنوات من الفشل الكلوي، وأجرى عملية زراعة كلى ناجحة عام 2017، لكن مناعته الضعيفة وتبعات المرض تسببت في تدهور صحته مجددًا، حيث دخل في غيبوبة استمرت أسبوعين قبل أن يفارق الحياة اليوم في إسطنبول. تنقّل الراحل بين عدة أدوار بارزة؛ فقد شغل منصب نائب وزير الإعلام في الحكومة اليمنية عام 2014، وعمل مدرباً في مجال حقوق الإنسان، وخطيبًا لجامع الرحمن بصنعاء، كما كان الناطق الرسمي باسم شباب الثورة، وعضوًا في اللجنة التحضيرية للمؤتمر الوطني للشباب. إلى جانب نشاطه السياسي، عُرف الحميري بإسهاماته الأدبية والثقافية، وترك خلفه ديوانين شعريين هما: شمس النضال ومقاوم مع سبق الإصرار، ومسرحية شعرية بعنوان الأبالسة، كما كتب لسنوات عمودًا صحفيًا بعنوان المقامات الحميرية في صحيفة 'اليقين'. قاد الحميري واحدة من أبرز فعاليات الثورة اليمنية، مسيرة السيارات الشهيرة عام 2011، كما أُصيب خلال مشاركته في جمعة الكرامة، وكان صاحب أول برنامج تلفزيوني ثوري حمل عنوان صدى التغيير على قناة سهيل. وقد رحل الحميري عن عمر ناهز 47 عامًا، مخلفًا خمسة من الأبناء وإرثًا نضاليًا وثقافيًا سيظل محفورًا في ذاكرة اليمنيين وكل من حملوا حلم التغيير.


الموقع بوست
منذ ساعة واحدة
- الموقع بوست
في حادثة غريبة.. ترامب يطلب طرد صحفيين كشفوا "فشل" تدمير مواقع إيران النووية
في هجوم جديد على حرية الصحافة والتضيق عليها، طالب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفصل صحفيين من شبكة "سي إن إن" وصحيفة نيويورك تايمز بسبب تقاريرهم عن فشل تدمير منشآت إيران النووية وطالب بالاعتذار، لكن الصحيفة رفضت. وكتب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بأحرف كبيرة على منصته "تروث سوشيال" يوم الخميس (26 حزيران/يونيو 2025): "يجب طرد صحفيي الأخبار المزيفة من سي إن إن ونيويورك تايمز، فورا!!! أناس سيئون بنوايا شريرة". ومن النادر للغاية أن تدعو حكومة دولة ديمقراطية صراحة إلى فصل صحفيين. وسبق لـ "سي إن إن" و"ذا تايمز" و"واشنطن بوست" أن أفادوا في وقت سابق من الأسبوع أن قصف نهاية الأسبوع فشل في تدمير المنشآت النووية الإيرانية تحت الأرض، مستشهدة بمسؤولين مطلعين على تقرير الاستخبارات العسكرية من وكالة استخبارات الدفاع (دي أي إيه) التابعة للبنتاغون. وسرعان ما انتقد ترامب التقارير الإعلامية ووصفها بأنها "أخبار مزيفة" وأصر على أن برنامج إيران النووي قد تم إعاقته "لعقود أساساً". وأفادت صحيفة "نيويورك تايمز" أن ترامب هددها برفع دعوى قضائية وطالب باعتذار. واستشهدت الصحيفة بمحاميها، ديفيد ماكرو، الذي رد في رسالة بأن "لا حاجة لسحب التقرير". وأضاف ماكرو: "لن يكون هناك أي اعتذار. لقد قلنا الحقيقة قدر استطاعتنا. وسنواصل القيام بذلك". وانتقد ترامب بانتظام وسائل الإعلام الكبرى، واصفاً إياها بـ "وسائل الإعلام الإخبارية المزيفة"، واتخذ إجراءات صارمة ضد وسائل الإعلام التي تنتقد سياسات الحكومة. وكان الرئيس الأمريكي صريحاً بشكل خاص - مستخدما أحيانا لغة قوية – رداً على التقارير التي تشكك في روايته حول مدى الضرر الذي لحق بالمنشآت النووية الإيرانية، والذي لا يزال غير واضح. ووصف ترامب الضربات بأنها "نجاح عسكري باهر" وقال مرارا إنها "دمرت" المواقع النووية. لكن وسائل إعلام أمريكية كشفت في وقت سابق من هذا الأسبوع عن تقييم أولي للاستخبارات الأمريكية جاء فيه أن الضربات لم تؤد إلا إلى تأخير البرنامج النووي الإيراني لعدة أشهر، وانتقد وزير الدفاع بيت هيغسيث هذه التقارير بشدة. وقال هيغسيث "سواء كانت أخبارا كاذبة من سي إن إن أو إم إس إن بي سي أو نيويورك تايمز، فقد كانت هناك تغطية منحازة للتقييم الأولي".