logo
الحزب الثالث في أميركا وتبعاته المستحيلة

الحزب الثالث في أميركا وتبعاته المستحيلة

الشرق الأوسط٠٩-٠٦-٢٠٢٥

في خضم الجدل ذي الطابع الشخصي المُغلف بتباين مصالح، بين الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحليفه السابق الملياردير إيلون ماسك، دعا الأخير في الخامس من يونيو (حزيران) الحالي، عبر منصة «إكس» التي يملكها، إلى ضرورة بناء حزب ثالث يمثل ما أسماه مصالح الطبقة الوسطى، وأظهرت النتيجة الأوّلية تأييد ما يقرب من 81 في المائة من مجموع المستطلعة آراؤهم، وهم 5 ملايين و631 ألف مشارك، لهذه الفكرة بعد ساعات قليلة من إطلاق الدعوة.
ومع ذلك فمن العسير تقبل تلك النتيجة باعتبارها نقلة في التفكير الجماعي الأميركي بشأن طبيعة النظام السياسي ذي الحزبين، الذي تعيش في ظله الولايات المتحدة طيلة 150 عاماً مضت، فعدد مَن شارك في الاستطلاع الافتراضي قليل جداً مقارنة بعدد الأميركيين، ولا يتجاوزون نسبة 17 في الألف من المائة، أي 17 أميركياً مقابل كل 100 ألف، ما يجعل الاستنتاج بتأييد شريحة معقولة من الأميركيين لإنشاء أو لظهور حزب ثالث ينتشر في كل الولايات أو غالبيتها العظمى على الأقل، ويمثل مصالح الطبقة الوسطى، وهم الغالبية في المجتمع، أمراً متسرعاً بعض الشيء.
بداية، فدعوة ماسك ليست جديدة، وهناك بالفعل أحزاب أخرى منها الخضر والأحرار «لبريتاريان» والدستور، توصف بأنها ثالثة غير الحزبين «الديمقراطي» و«الجمهوري» الكبيريْن المهيمنَيْن على الحياة السياسية، والغالبية العظمى من تلك الأحزاب الصغيرة تُعد تجمعات سياسية محلية، حيث تظهر في ولاية أو أكثر، ولكن دون أن تصل إلى حد الانتشار في الولايات الأميركية كلها. وبعضها يدعو إلى انفصال ولايات كبرى عن النظام الفيدرالي، وغالبيتها العظمى بلا برامج حزبية تعكس مصالح وتطلعات قطاع كبير من الأميركيين، تتيح لها أن تكون منافساً جاداً لنظام الثنائية الحزبية المسيطر.
وكانت هناك محاولة في يوليو (تموز) 2022، لإنشاء حزب قوي بمسمى «إلى الأمام» برئاسة المرشح الديمقراطي السابق للرئاسة أندرو يانغ، وكريستين تود ويتمان الحاكمة الجمهورية السابقة لولاية نيوجيرسي. وتُبرز دراسات رصينة حول مستقبل النظام السياسي الأميركي، أن التفاؤل بقرب ظهور حزب ثالث ذي منحى فيدرالي هو تفاؤل غير واقعي، فالمسألة ليست سيطرة حزبَيْن كبيريْن وحسب، بل ترتبط أساساً بالدستور والنظام الانتخابي، وسيادة مبدأ «الغالب يحصد الكل»، ودور المندوبين الحزبيين في اختيار الرئيس عبر ما يعرف «بالكلية/ المجمع الانتخابي»، الذي يحدد الفائز بغض النظر أحياناً عن عدد الأصوات الشعبية التي يتحصل عليها كل مرشح. كما تلعب وسائل الإعلام دوراً في ترسيخ الثنائية الحزبية من خلال قواعد المناظرات في الانتخابات الرئاسية، حيث تمتنع عن استضافة أي مرشح لغير الحزبين الكبيرين. ومن ثمَّ فإن وجود حزب ثالث أياً كانت نسبة التصويت الشعبي التي حصل عليها مرشحه في الانتخابات الرئاسية، لن تتوافر لديه فرصة الفوز؛ فالقرار بيد المندوبين وليس الناخبين.
ومن بين العوائق التي يواجهها مرشحو الأحزاب الثالثة، المواقف الراسخة لقوى الضغط والأغنياء المانحين للحملة الانتخابية، لا سيما الأغنياء جداً من أمثال الملياردير ماسك، وهم كُثر ولهم أولويات لحماية مصالحهم، وأن يوجه التمويل لمن يُتصور أنه سيحمي تلك المصالح، أياً كانت توجهاته في القضايا الكبرى التي تهم أغلبية الشعب مثل الصحة والتعليم والوظائف والبيئة.
السؤال المهم في حالة ماسك، هل يمهد لإنشاء حزب فيدرالي يتحمل تكلفة بنائه وصياغة برنامج يحقق مصالح مَن وصفهم بالطبقة الوسطى الأميركية، التي يتجاهل الحزبان المسيطران مصالحها العامة؟ والمؤكد أن الأمر لا يتوقف عند حد توفير الملايين أو ربما المليارات من الدولارات التي يتطلبها إنشاء حزب فيدرالي، كما أنه أبعد من مجرد حشد شعبي عبر منصة «إكس» التي يسيطر عليها ماسك نفسه، فتغيير القوانين في الولايات المتعلقة بتنظيم الانتخابات شرط ضروري، يتبعه شرط آخر أكثر أهمية يتعلق بتغيير قانون الانتخابات الرئاسية بحيث يعتمد التمثيل النسبي، والأصوات الشعبية، وليست أصوات المندوبين في المجمع الانتخابي، وهو الأمر المستحيل حدوثه، فالحزبان «الجمهوري» و«الديمقراطي» رغم اختلاف أولوياتهما السياسية والاجتماعية، لن يسمحا بتغيير أي قانون، يسمح بولادة أحزاب جديدة تنهي ما يتمتعان به من سطوة سياسية وبرلمانية.
الشيء المؤكد في حالة ماسك والأكثر شهرة به أنه شخص متقلب في المواقف السياسية، ما بين ليبرالية اقتصادية، ولا مبالاة بحقوق العمال والموظفين الفيدراليين، وثيق الصلة بمؤسسات الدولة الأميركية العميقة وغير العميقة، ولشركاته مصالح كبرى مع وكالات ووزارات مهمة، مثل «ناسا» الفضائية، ووزارة الدفاع، وشركات التكنولوجيا الكبرى، وانخراطه في العمل السياسي يكلفه الكثير، وهو يتعرض الآن لتهديدات رسمية وشبه رسمية بسحب الكثير من العقود الحكومية من شركاته، وهي بمليارات الدولارات. بل الأكثر من ذلك هناك أصوات محسوبة على الرئيس ترمب تنادي بمصادرة بعض شركاته، لا سيما «سبيس إكس» التي تعرف وتتعاون في الكثير من المجالات ذات الطابع الحساس في الصناعات العسكرية وغير العسكرية، ووصل الأمر بالدعوة إلى سحب جنسيته الأميركية، نظراً لمولده في دولة جنوب أفريقيا التي تعتبرها إدارة الرئيس ترمب دولة معادية سياسياً، نظراً لدورها ومواقفها القوية لمناصرة غزة، وإدانة كبار المسؤولين الإسرائيليين المتورطين في حرب الإبادة الجماعية للفلسطينيين.
قد تكون الدعوة إلى إصلاح النظام الانتخابي الأميركي دعوة رشيدة تحقق المصالح الحقيقية لغالبية الأميركيين، التي يتم تجاهلها من النخبة السياسية الراهنة، سواء الجمهورية أو الديمقراطية، بيد أن الأمر لا يتعلق برشادة الفكرة وحدها، بل بالآليات والإمكانات الفعلية لتحويلها إلى واقع يضرب بجذوره في الحياة السياسية الأميركية ككل، وهي آليات وفقاً لتركيبة النظام السياسي عصية على ماسك، كما كانت وما زالت عصية على مَن سبقوه في هذا المجال.

Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

تركيا: يجب البقاء متأهبين لاحتمال انهيار وقف النار بين إسرائيل وإيران
تركيا: يجب البقاء متأهبين لاحتمال انهيار وقف النار بين إسرائيل وإيران

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

تركيا: يجب البقاء متأهبين لاحتمال انهيار وقف النار بين إسرائيل وإيران

قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، مساء الجمعة، إن "المنطقة بحاجة لأن تكون في حالة تأهب قصوى لاحتمال انهيار وقف إطلاق النار بين إيران وإسرائيل، وتجدد الهجمات المتبادلة". وأضاف فيدان في مقابلة مع قناة "أ خبر" التركية، أن "الحرب انتهت بعد 12 يوماً، لكن هناك وقف إطلاق نار مبرم بناء على افتراض القضاء على القدرة النووية الإيرانية"، مؤكداً ضرورة "استمرار فترة الصمت الحالية، وجعلها دائمة، من خلال الاتفاق بين إيران والولايات المتحدة". وذكر فيدان، في التصريحات التي أوردتها وكالة "الأناضول"، أن كلا الجانبين لديهما الرغبة في الجلوس إلى طاولة المفاوضات، مشيراً إلى أن الأوروبيين لديهم أيضاً "عملية يرغبون في المضي بها مع الإيرانيين". كما لفت إلى أن تركيا "تتابع عن كثب جميع التطورات في المنطقة، وتشارك فيها في معظم الأحيان كوسيطة". "منشآت إيران النووية تعرضت لأضرار بالغة" وأضاف فيدان في تصريحاته، أنه "نتيجة للعملية العسكرية التي نفذتها الولايات المتحدة، أصبح من الواضح أن المنشآت النووية في إيران تعرضت لأضرار بالغة، وأصبحت غير صالحة للاستخدام". وتابع فيدان قائلاً: "يمكننا الآن أن نتحدث عن ضربة كبيرة للغاية استهدفت البرنامج النووي" لإيران. ولكنه أكد أن "التحدي الأكبر أمامنا هو المفاوضات"، متسائلاً: "عندما تجلس إيران إلى الطاولة، هل سيقتصر الأميركيون على القضية النووية، أم سيطرحون ملفات أخرى؟ إذا طرحوا ملفات أخرى، فلا أعتقد أن الإيرانيين سيناقشونها". وأعرب فيدان عن اعتقاده بأنه ستكون هناك مفاوضات وجهود للتوصل إلى "تفاهم مشترك"، على غرار التوافق الذي كان قائماً خلال فترة الرئيس الأميركي السابق باراك أوباما. وأضاف: "لكن لا أعتقد أنه سيتم النظر بإيجابية في الوقت الحالي، بعد مرور 12 يوماً على الحرب، إلى العروض التي تطالب باستسلام شامل، وتشمل إزالة القدرات غير النووية أيضاً". وشدد وزير الخارجية التركي على أن الحرب بين إيران وإسرائيل لا تؤثر على البلدين فحسب، بل تشمل تداعياتها المنطقة أيضاً.

مجلس الشيوخ الأميركي يرفض محاولة كبح صلاحيات ترمب في "حرب إيران"
مجلس الشيوخ الأميركي يرفض محاولة كبح صلاحيات ترمب في "حرب إيران"

الشرق السعودية

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق السعودية

مجلس الشيوخ الأميركي يرفض محاولة كبح صلاحيات ترمب في "حرب إيران"

رفض مجلس الشيوخ الأميركي ذو الأغلبية الجمهورية، الجمعة، محاولة قادها الديمقراطيون لمنع الرئيس دونالد ترمب من استخدام المزيد من القوة العسكرية ضد إيران. جاء هذا التصويت بعد ساعات قليلة من إعلان ترمب أنه يدرس قصف إيران مجدداً. وصوّت المجلس بأغلبية 53 صوتاً مقابل 47 ضد قرار صلاحيات الحرب، الذي كان سيلزم ترمب بالحصول على موافقة الكونجرس قبل أي أعمال عسكرية إضافية ضد إيران. وكان التصويت حزبياً بشكل كبير، بينما خالف السيناتور الديمقراطي جون فيترمان (داعم قوي لإسرائيل) حزبه وصوت بـ"لا" مع الجمهوريين، بينما صوت السيناتور الجمهوري راند بول بـ"نعم" مع الديمقراطيين. ويسعى السيناتور تيم كين، الراعي الرئيسي لمشروع القرار، منذ سنوات لاستعادة سلطة الكونجرس في إعلان الحرب من الرؤساء، مؤكداً أن الدستور الأميركي يمنح الكونجرس وحده هذه الصلاحية. وأوضح كين أن أي عملية عسكرية ضد إيران تتطلب تفويضاً صريحاً عبر إعلان حرب أو موافقة محددة على استخدام القوة العسكرية. وقال في خطاب قبل التصويت: "إذا كنت تعتقد أنه يجب على الرئيس أن يأتي إلى الكونجرس، سواء كنت مؤيداً أو معارضاً لحرب إيران، فستدعم مشروع القرار، ستدعم الدستور الذي صمد أمام اختبار الزمن". ويضغط المشرعون للحصول على معلومات إضافية حول الضربات الأميركية التي وقعت فجر الأحد على إيران، بالإضافة إلى مصير مخزونات اليورانيوم عالي التخصيب. وفي وقت سابق، الجمعة، انتقد ترمب المرشد الأعلى الإيراني علي خامنئي بشدة، وألغى خطط رفع العقوبات عن إيران، مشيراً إلى أنه قد يفكر في قصف البلاد مجدداً إذا وصلت مستويات تخصيب اليورانيوم إلى حد مقلق. إحاطات سرية في الكونجرس وعقد أعضاء فريق الأمن القومي لترمب إحاطات سرية حول الضربات في مجلسي الشيوخ والنواب، يومي الخميس والجمعة. غادر العديد من المشرعين الديمقراطيين هذه الإحاطات معربين عن عدم اقتناعهم بأن المنشآت النووية الإيرانية "تم محوها" بالكامل، كما أعلن ترمب بعد وقت قصير من الضربات الأميركية. واعتبر معارضو القرار أن الضربة على إيران كانت عملية واحدة ومحدودة تقع ضمن صلاحيات ترمب كقائد أعلى للقوات المسلحة، وليست بداية لحرب مستمرة. وقال السيناتور بيل هاجرتي، الجمهوري الذي شغل منصب سفير لدى اليابان في ولاية ترمب الأولى، إن هذا الإجراء قد يمنع أي رئيس من التصرف بسرعة ضد خصم طويل الأمد. وأضاف هاجرتي قبل التصويت: "يجب ألا نقيد رئيسنا في خضم أزمة عندما تكون الأرواح على المحك". وخلال ولاية ترمب الأولى في عام 2020، قدم كين قراراً مماثلاً للحد من قدرة الرئيس الجمهوري على شن حرب ضد إيران. وقد أقر هذا الإجراء في مجلسي الشيوخ والنواب بدعم من بعض الجمهوريين، لكنه لم يحصل على ما يكفي من الأصوات لتجاوز حق النقض الرئاسي.

بعد القصف الإسرائيلي والأميركي… نشاط محدود للمتسللين الإلكترونيين الإيرانيين
بعد القصف الإسرائيلي والأميركي… نشاط محدود للمتسللين الإلكترونيين الإيرانيين

الشرق الأوسط

timeمنذ ساعة واحدة

  • الشرق الأوسط

بعد القصف الإسرائيلي والأميركي… نشاط محدود للمتسللين الإلكترونيين الإيرانيين

بعد أن قصفت القوات الإسرائيلية والأميركية أهدافا نووية إيرانية، دق المسؤولون في إسرائيل والولايات المتحدة ناقوس الخطر بشأن هجمات إلكترونية مدمرة قد ينفذها متسللون إلكترونيون تابعون لإيران. لكن مع صمود وقف إطلاق النار الهش، يقول مسؤولو الأمن الإلكتروني في الولايات المتحدة وإسرائيل إنهم لم يروا حتى الآن سوى القليل من الأمور غير العادية، وفقاً لوكالة «رويترز». ولم تكن هناك مؤشرات على وقوع هجمات إلكترونية تخريبية والتي كثيراً ما يجري التطرق إليها خلال المناقشات عن قدرات إيران الرقمية، مثل عمليات الاختراق الأمني لملاهٍ ليلية أو مرافق مياه أميركية. وقالت نيكول فيشباين، الباحثة الأمنية الكبيرة في شركة «إنتيزر» الإسرائيلية: «حجم الهجمات منخفض نسبياً فيما يبدو. والتقنيات المستخدمة ليست متطورة كثيراً». وتباهت مجموعات من المتسللين الإلكترونيين يقول محللون أمنيون إنها تعمل بتوجيه من إيران، باختراق سلسلة من الشركات الإسرائيلية والغربية في أعقاب الغارات الجوية. وأعلنت مجموعة قرصنة إلكترونية تطلق على نفسها اسم «حنظلة» مسؤوليتها عن سلسلة من عمليات سرقة البيانات والاختراق، لكن «رويترز» لم تتمكن من التحقق من صحة أحدث تصريحاتها المتعلقة بإعلان هجمات تسلل إلكتروني. ويقول باحثون إن المجموعة، التي ظهرت في أعقاب هجوم حركة «حماس» على إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، تعمل على الأرجح انطلاقاً من وزارة المخابرات الإيرانية. وقال ريف بيلينج، الباحث الرئيسي في مجال التهديدات المخابراتية في شركة الأمن الإلكتروني البريطانية «سوفوس»، إن تأثير نشاط القرصنة ضئيل على ما يبدو. وأضاف: «على حد علمنا، فإنه المزيج المعتاد من الفوضى غير الفعالة من مجموعات القرصنة الحقيقية والهجمات محددة الهدف من الشخصيات المرتبطة بإيران والتي من المحتمل أن تحقق بعض النجاح، لكنها تبالغ أيضاً في حجم تأثيرها». ولم ترد بعثة إيران لدى الأمم المتحدة في نيويورك على طلب التعليق. وتنفي إيران عادة تنفيذ حملات قرصنة إلكترونية. وقالت شركة «تشيك بوينت سوفت وير» الإسرائيلية إن حملة قرصنة تربطها بـ«الحرس الثوري» الإيراني أرسلت في الأيام القليلة الماضية رسائل تصيد احتيالي إلى صحافيين ومسؤولين أكاديميين إسرائيليين وآخرين. والتصيد الاحتيالي هو هجوم إلكتروني يهدف إلى خداع الأفراد وسرقة معلوماتهم الشخصية أو المالية، مثل كلمات المرور وأرقام بطاقات الائتمان. ويحدث ذلك عادة عن طريق إرسال رسائل إلكترونية أو رسائل نصية أو مكالمات هاتفية تبدو وكأنها صادرة من جهات موثوق فيها، مثل البنوك أو الشركات الكبرى، ولكنها في الواقع تأتي من محتالين. وأفاد سيرغي شيكيفيتش، مدير مجموعة التهديدات المخابراتية في «تشيك بوينت»، بأن في إحدى الحالات، حاول المتسللون استدراج هدف إلى اجتماع شخصي في تل أبيب. وأضاف أن دوافع الاجتماع المقترح لم تكن واضحة. وأوضح شيكيفيتش أن محاولات جرت لتدمير البيانات لدى أهداف إسرائيلية، أحجم عن تحديدها، فضلاً عن زيادة كبيرة في محاولات استغلال ثغرة أمنية في كاميرات مراقبة مصنوعة في الصين؛ وذلك لتقييم أضرار القصف في إسرائيل على الأرجح. وعمليات القرصنة الإلكترونية التي ينفذها موالون لإيران غير متماثلة في الطبيعة والنطاق مع تلك التي يقوم بها مؤيدون لإسرائيل والمرتبطة بالحرب الجوية التي بدأت في 13 يونيو (حزيران). ومنذ بدء الصراع، قال قراصنة يشتبه بأنهم إسرائيليون إنهم دمروا بيانات في أحد أكبر البنوك الحكومية الإيرانية وحرقوا عملات مشفرة (سحبوا رموزها من التداول) بقيمة نحو 90 مليون دولار وذكروا أنها مرتبطة بأجهزة الأمن الحكومية. ولم ترد الهيئة الوطنية للأمن الإلكتروني في إسرائيل على رسالة من أجل الحصول على تعليق. وقال محللون إن الوضع متقلب وإن أنشطة التجسس الإلكتروني الأكثر تطوراً ربما تكون جارية دون رصدها. وحث مسؤولون إسرائيليون وأميركيون القطاع على توخي الحذر. وحذرت نشرة صادرة عن وزارة الأمن الداخلي الأميركية في 22 يونيو (حزيران) من أن الصراع الدائر يزيد بيئة التهديد في الولايات المتحدة، وأن جهات فاعلة إلكترونية تابعة للحكومة الإيرانية قد تشن هجمات على الشبكات الأميركية. ورفض مكتب التحقيقات الاتحادي (إف بي آي) التعليق على أي أنشطة إلكترونية إيرانية محتملة في الولايات المتحدة. وشبّه يليسي بوهوسلافسكي، المؤسس المشارك لشركة «ريد سينس» لجمع المعلومات والبيانات وتحليلها ونشرها، العمليات الإلكترونية الإيرانية ببرنامجها الصاروخي. وتسببت الصواريخ الإيرانية التي أطلقت نحو إسرائيل خلال الصراع في مقتل 28 شخصاً وتدمير آلاف المنازل، لكن معظمها تسنى اعتراضه ولم يلحق أي منها أضراراً جسيمة بالجيش الإسرائيلي. وقال بوهوسلافسكي إن عمليات القرصنة الإيرانية تعمل بالطريقة نفسها فيما يبدو. وأضاف: «هناك كثير من المبالغات، وهناك كثير من الاستهداف العشوائي للمدنيين، لكن على أرض الواقع ليست هناك نتائج كثيرة».

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store