logo
الظلم.. والألم الإنساني

الظلم.. والألم الإنساني

صحيفة الخليجمنذ 2 أيام
الحرب شكّلت وتشكّل عالم الظلمات، كما أنها تؤثر سلباً في كينونة الإنسان في ظل المتغيرات الزمنية وبالتفاصيل الإنسانية، في تحدٍ صريح لكل ما هو من شأنه تهديد الوجود الإنساني. وأخطر كارثة تواجهها البشرية عندما تتحطم القيم الأخلاقية وتضطرب الأمور ويتفشى الشر ويلبس الحق بالباطل. وكأن العالم يعيش في عصر البدائية ويتقنع بأقنعة الديمقراطية والرأسمالية الليبرالية، ومع ذلك تتداخل جميع الأحاسيس وعواطف الشر المادي بفعل العنف وصدام القيم، في فوضى من تجاريد مشوشة لا معنى لها، لا نجد غير ما يدعو إلى اليأس وإشاعة التشاؤم الذي هو استنكار صارخ لإرادة الحياة، والذي لا ينطبق مطلقاً مع أفعال الفطرة البشرية. فالألم والقتل والتدمير أصبح الرغبة الأكثر تأثيراً على الناس، لتطرح الأسئلة المخيفة وقسوة الإنسان على أخيه الإنسان، نتيجة عالم ذي صلة وثيقة بعالم اللاشعور أو اللاوعي، إنه عالم الأشرار الذين يفسدون في الأرض والتاريخ الإنساني من خلال إشعال الحروب في مشهد بائس يسلب الإنسان خصائصه. فالأعمال الشريرة ترتكب في الأرض وترعب مساحات الظلم في الحياة الإنسانية، ففي كل لحظة تشهد الدنيا ما لا حصر له من وقائع القتل والظلم والتجويع والإجحاف والاستغلال والخداع والغدر.
إذا كان الناس يتظالمون فيما بينهم بهذه الكثافة الخانقة وبشتى الطرق، لا ينظرون إلى أفعالهم بوصفها أفعالاً ظالمة وإنما يعدونها أفعالاً دفاعية تقتضيها المصلحة ويوجهها العقل دون حرج أو شعور بالذنب إحساس بمعاناة الآخرين، كما هو حاصل في غزة، حيث يموت الأطفال جوعاً ولا يجد الناس ما يسدون به رمقهم، وكأن لسان الحال من لم يُقتل بالقنابل سيقتله الجوع. غزة تحولت إلى مجمع من نفايات القنابل ورفات آلاف الجثث، بعد أن جعلوها ساحة للموت، وتحولت الأرض إلى خراب عظيم.
أحداث التاريخ وحقائق الواقع تؤكد أن مرتكبي الفظائع غالباً ما يبررون أفعالهم أو يختلقون المبررات لأفعالهم، نتيجة التحيزات السياسية والإيديولوجيا المتطرفة وانحراف في القيم الإنسانية. وهذه من طبيعة المستبد الذي لا يجد صعوبة في حشد الناس لتنفيذ ما يهواه من دون رادع من قصف بالطائرات والمدافع والصواريخ وكل الأسلحة، حتى المحرمة دولياً، وكل الوسائل لتدمير المستشفيات ودور العبادة، وحرق الأخضر واليابس، أو التسبب بفظائع لا حصر لها بما يجلب على الإنسانية من الشرور والمظالم وأنواع القهر والفقر والبؤس ما يفوق قدرة الخيال. حيث إن الطاغية تتجسد في إطار شخصية إيديولوجية تحت نوع من الانفلات ك«الستالينية» التي مارسها ستالين كوسيلة وحيدة للبقاء في السلطة، عند ذلك يبدأ التخبط في دياجير النرجسية والضياع في سراديب انفعالية عمياء هوجاء وترتطم بالتلاشي والزوال تحت مطارق الجحيم، وتكون النهاية البوار والفناء.
إنها سنة الله على مدار الأزمان، أن تذهب نظرة إنسان قاصر محدود العمر، يسير بخطى ثابتة نحو مصيره المحتوم، نحو موت مؤجل ولو إلى حين، وكل وجود هو وجود مقدر له الموت، مع أن التعليمات الأخلاقية والدينية منذ فجر التاريخ، إنما تهدف إلى جعل الخير هو القيمة العليا في المجتمعات البشرية.
لكن تنازع البقاء والسعي للسيطرة على الموارد، كان ولايزال سبباً للطغيان وظهور المظالم. ومن غير الممكن الحديث عن المظالم التي حدثت عبر التاريخ، لكننا نرى أمثلة لها في مجتمعاتنا المعاصرة التي من المفترض أنها حصلت بمجموعها على العلم عبر الجامعات، وتشكُّل وعي جمعي عالمي، والذي جسده الإعلان العالمي لحقوق الإنسان ببنوده العديدة التي تنص في مجملها على إرساء الحرية الكاملة لكل إنسان في مختلف بلاد العالم، من حيث الحق في الحياة وحرية المعتقد والعمل إلى غير ذلك. وقد انقسم العالم في فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية بين نهجين غربيين مختلفين في الوسائل، للوصول إلى غاية واحدة وهي تحقيق الفضيلة والخير وهما: النهج الشيوعي، والنهج الرأسمالي، ولا شك أن النهجين فيهما شيء من الظلم، نتيجة الأحوال والظروف المتغيرة للعقل البشري. وتبع ذلك الفتنة على القيم واعتداء على أقدس ما في الحياة الإنسانية، إزهاق الروح وإعدام الحياة والشقوة البائسة المنكودة التي لا تزيلها الحضارة المادية ولا الرخاء المادي، حرب القلق والخوف، خراب النفوس، ومن ثم تجد الشقاء والحيرة والاضطراب، إنها فترة تتمثل اليوم في كل مناهج السلوك السياسي، التصورات والقوانين والأوضاع وكل قيمة من القيم المادية لا يجوز أن تطغى على قيمة الإنسان، ولا هدف ينطوي على تصغير الإنسان مهما يحقق من مزايا مادية، هو هدف مخالف لغاية الوجود الإنساني، وحرمان الإنسان من حياته الشاملة، إذ يفرض عليه تحديات للقتال في الحروب، يحرمه الموت من عمره بعدما يواجه أنواعاً عديدة من الألم، والأخطر ألم الوجود والذي يكشف عن ألم غير مرئي أو محسوس عندما يفقد الأقرباء والمجتمع، وهو أمر يزداد في مراحل الانتقال التاريخي لدى الذات الإنسانية، يدفع إلى طريق الآلام المعبّد بمشاعر المعاناة.
إن تأصيل ثقافة التسامح كفيل بوأد فتنة الحرب، وتغليب لغة الحوار سبيلاً لبناء جسور الثقة للعيش المشترك في سلام وأمن يعم العالم.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

الإمارات تنفذ الإسقاط الجوي الـ 54 فوق غزة (فيديو)
الإمارات تنفذ الإسقاط الجوي الـ 54 فوق غزة (فيديو)

صحيفة الخليج

timeمنذ 8 دقائق

  • صحيفة الخليج

الإمارات تنفذ الإسقاط الجوي الـ 54 فوق غزة (فيديو)

غزة - وام أعلنت عملية «الفارس الشهم3» عن استئناف تنفيذ عمليات «طيور الخير» للإسقاط الجوي رقم 54 للمساعدات الإنسانية والإغاثية فوق قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية، استمراراً للجهود الإماراتية المتواصلة لدعم السكان المدنيين في المناطق المعزولة في القطاع التي يتعذر الوصول إليها براً. ويبلغ إجمالي ما تم إسقاطه فوق القطاع منذ انطلاق مبادرة «طيور الخير» نحو 3725 طناً من المواد الغذائية والإغاثية، باستخدام 193 طائرة، شملت مواد غذائية أساسية وإمدادات حيوية تُلبي الاحتياجات الملحة للأسر المتضررة جراء الأوضاع الإنسانية الصعبة والكارثية في القطاع. وتعكس هذه المبادرة التزام دولة الإمارات بدعم الأشقاء الفلسطينيين، وتقديم المساعدة الفورية للنازحين والمتضررين، ضمن نهج إنساني راسخ في السياسة الإماراتية، حيث كانت دولة الإمارات من الدول الرائدة في تقديم الدعم الإغاثي إذ مثّلت المساعدات الإماراتية أكثر من 44% من إجمالي المساعدات الدولية التي وصلت إلى القطاع. وتؤكد دولة الإمارات أن دعم الشعب الفلسطيني سيظل أولوية إنسانية، وستواصل التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان وصول المساعدات عبر كافة الطرق برا وبحرا وجوا إلى المناطق الأكثر احتياجاً.

الأمم المتحدة تستخدم "الهدن الإنسانية" للوصول للمتضورين جوعاً في غزة
الأمم المتحدة تستخدم "الهدن الإنسانية" للوصول للمتضورين جوعاً في غزة

البيان

timeمنذ 8 دقائق

  • البيان

الأمم المتحدة تستخدم "الهدن الإنسانية" للوصول للمتضورين جوعاً في غزة

قالت الأمم المتحدة الأحد إنها ستحاول الوصول إلى أكبر عدد من الأشخاص الذين يتضورون جوعا في غزة بعد إعلان إسرائيل أنها ستوفر ممرات آمنة لدخول القوافل الإنسانية إلى القطاع المحاصر والمدمر بفعل الحرب. من جانبه، أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أن على الأمم المتحدة أن تتوقف عن إلقاء اللوم على حكومته بشأن الوضع الإنساني في غزة. وأضاف "هناك طرق آمنة. لطالما كانت موجودة، لكنها اليوم أصبحت رسمية. لن تكون هناك أعذار بعد الآن". وقال برنامج الأغذية العالمي إن لديه ما يكفي من المواد الغذائية في القطاع أو في طريقها إليه لإطعام سكان القطاع البالغ عددهم 2,4 مليون نسمة لثلاثة أشهر تقريبا. ورحّب منسّق الشؤون الإنسانية في الأمم المتحدة توم فليتشر في منشور على إكس بالإعلان عن "هدن إنسانية". وقال "نحن على اتصال بفرقنا على الأرض، وسنبذل كل ما في وسعنا للوصول إلى أكبر عدد من الناس الذين يتضوّرون جوعا". وذكر برنامج الأغذية العالمي إن الهدن والممرات الآمنة يفترض أن تسمح بتسليم المواد الغذائية العاجلة بشكل آمن. وقال في بيان إن "المساعدات الغذائية هي السبيل الوحيد لحصول السكان على الغذاء". وأضاف أن ثلث سكان غزة لا يأكلون لأيام وأن 470 ألف شخص في القطاع "يواجهون ظروفا أشبه بالمجاعة" تتسبب في وفيات. وأكد البرنامج الحاجة إلى أكثر من 62 ألف طن من المساعدات الغذائية شهريا لإطعام كافة سكان غزة. ولفتت الوكالة إلى أنه إضافة إلى الإعلان الأحد عن "هدنة"، تعهدت إسرائيل السماح بدخول المزيد من الشاحنات إلى قطاع غزة مع تسريع إجراءات التصاريح و"ضمانات بعدم تواجد قوات مسلحة أو إطلاق نار قرب القوافل". وأضافت "معا، نأمل أن تسمح هذه الإجراءات بزيادة المساعدات الغذائية العاجلة للوصول إلى المحتاجين دون مزيد من التأخير". مشهد بائس وقال مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان فولكر تورك إن إسرائيل، بصفتها القوة المحتلة في غزة، مُلزمة ضمان توفير ما يكفي من الغذاء للسكان. وذكر في بيان "الأطفال يتضورون جوعا ويموتون أمام أعيننا. غزة مشهد بائس من الهجمات القاتلة والدمار الشامل". وانتقد "مؤسسة غزة الإنسانية"، الهيئة المدعومة من الولايات المتحدة وإسرائيل والتي بدأت في أواخر مايو توزيع المواد الغذائية بعد منع عمليات التوزيع التي تنظمها الأمم المتحدة. وقال تورك إن مواقع التوزيع "الفوضوية والمُعسكرة" التابعة للمؤسسة "تفشل تماما في إيصال المساعدات الإنسانية بالنطاق والحجم المطلوبين". وبحسب مكتبه، قتل أكثر من ألف فلسطيني برصاص القوات الإسرائيلية أثناء انتظارهم للحصول على مساعدات غذائية في غزة منذ بدء عمليات المؤسسة، نحو ثلاثة أرباعهم في محيط مواقعها. أزمة جوع وأعلن مفوض الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين فيليبو غراندي على إكس إن "تجويع سكان غزة يجب أن ينتهي الآن". وأضاف "نقف مع زملائنا في الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية، على أهبة الاستعداد لتقديم المساعدات الضرورية والمنقذة للحياة لمئات الآف المعرضين لخطر الموت". وحذر مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا) الذي يرأسه فليتشر، الجمعة من أن الوضع في غزة "كارثي ويتدهور بسرعة". وأضاف "أزمة الجوع تتفاقم" مشيرا إلى أن سوء التغذية يزيد مخاطر تفشي الأمراض وأن العواقب قد "تصبح مميتة" بسرعة. وأشار إلى أن فرق الأمم المتحدة مستعدة لتكثيف عمليات تسليم المساعدات إلى قطاع غزة "ما إن يُسمح لها بذلك". وأضاف "إذا فتحت إسرائيل المعابر وسمحت بدخول الوقود والمعدات، وسمحت للطواقم الإنسانية بالعمل بأمان، فإن الأمم المتحدة ستسرع تسليم المساعدات الغذائية والخدمات الصحية والمياه النظيفة ومعالجة النفايات والإمدادات الغذائية ومواد الإيواء".

الإمارات تنفذ عملية الإسقاط الجوي الـ 54 فوق غزة ضمن عملية طيور الخير
الإمارات تنفذ عملية الإسقاط الجوي الـ 54 فوق غزة ضمن عملية طيور الخير

البيان

timeمنذ 39 دقائق

  • البيان

الإمارات تنفذ عملية الإسقاط الجوي الـ 54 فوق غزة ضمن عملية طيور الخير

أعلنت عملية "الفارس الشهم3" عن استئناف تنفيذ عمليات «طيور الخير» للإسقاط الجوي رقم 54 للمساعدات الإنسانية والإغاثية فوق قطاع غزة، وذلك بالتعاون مع المملكة الأردنية الهاشمية، استمراراً للجهود الإماراتية المتواصلة لدعم السكان المدنيين في المناطق المعزولة في القطاع التي يتعذر الوصول إليها براً. ويبلغ إجمالي ما تم إسقاطه فوق القطاع منذ انطلاق مبادرة «طيور الخير» نحو 3725 طناً من المواد الغذائية والإغاثية، باستخدام 193 طائرة، شملت مواد غذائية أساسية وإمدادات حيوية تُلبي الاحتياجات الملحة للأسر المتضررة جراء الأوضاع الإنسانية الصعبة والكارثية في القطاع. وتعكس هذه المبادرة التزام دولة الإمارات بدعم الأشقاء الفلسطينيين، وتقديم المساعدة الفورية للنازحين والمتضررين، ضمن نهج إنساني راسخ في السياسة الإماراتية، حيث كانت دولة الإمارات من الدول الرائدة في تقديم الدعم الإغاثي إذ مثّلت المساعدات الإماراتية أكثر من 44% من إجمالي المساعدات الدولية التي وصلت إلى القطاع. وتؤكد دولة الإمارات أن دعم الشعب الفلسطيني سيظل أولوية إنسانية، وستواصل التنسيق مع الشركاء الإقليميين والدوليين لضمان وصول المساعدات عبر كافة الطرق برا وبحرا وجوا إلى المناطق الأكثر احتياجاً.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store