
مدينة الغد والتحصينات الكارثية..!
زمن الحروب
منذ عقدين ، على اﻷرجح ، ولج إنسان الألفية الثالثة النزاع العسكري من بابه الواسع ، تمثل في عدة محطات سياسية هامة ،بدءا بهجمات 11 سبتمبر2001، والحرب العراقية الإيرانية 1980، وأحداث الربيع العربي2010، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية 2014-…، وانتهاء بالحرب الإسرائيلية الإيرانية ، ناهيك عن حرب غزة. وهي حروب ، بالكاد شمولية ؛ لا تقيم وزنا ولا اعتبارا 'لأخلاقيات الحرب War Ethics' التي كانت ؛ فيما مضى ؛ تميز بين المدني والعسكري ، وتحتاط للنساء والأطفال والشيوخ ، ومصادر الغوث والحياة ، حروب تستعر نيرانها حينما تستهدف المنشآت والمرافق السكنية والمدنية، وبشكل أعمى أحياناً ، المستشفيات ودور العبادة! وهيحروب قذرة وملوثة بجرائم علنية ، أصبحت الأمم المتحدة نفسها عاجزة عن اتخاذ قرارات بشأنها إذا استثنينا عبارات الشجب والتنديد.
صافرات إنذار بالأخطار
فيما مضى ، كان هناك تقليد ؛ ما زال العمل جار به حتى اليوم ، يتمثل في رصد كوارث تتهدد مدينة ، إما في شكل أسراب جراد عابر ، أو موجة صواريخ على وشك الانفجار ، أو تسونامي جارف في طريقه لضرب مدينة معلومة ، بل مكنت تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية ، وآليات الرصد الذكية من التقاط صور 'الخطر' وإحداثياته قبل وصوله ببضعة دقائق ، لتفعيل منظومة الإنذارات المبكرة وإجراءات المقاومة وآلياتها ، وهي تتجه أساسا إلى العنصر البشري ، بوجوب 'الاختباء والتحصن' إلى حين مرور الكارثة ، أو بالأحرى إلى إشعار آخر Further Notice .
الحروب الآنية ، أخذت بعدا آخر ، في رقعتها الجغرافية ، فلم تعد تقتصر على تبادل القصف بين الطرفين المتحاربين ، بل امتدت لتستهدف ، أو بالأحرى لتهدد مدنا بأكملها ، كثيرا ما يذهب ضحيتها المدنيون بالآلاف ، إما لعنصر المباغتة ، كالقصف ليلا ، أو عدم وجود ملاجئ ومخابئ قريبة.
مدينة الغد وتكنولوجيا الحروب
مهما تطورت وسائل الحرب التكنولوجية ؛ في دقة الرصد والتصويب والاستهداف ؛ سيبقى دوما العنصر البشري عرضة لويلاتها وتداعياتها وآثارها ، حتى ولو كانت مخابئه محصنة بدرجة عالية ، وذلك لوجود تفكير عسكري ؛ ما زال مهيمنا ، ، مفاده أن العدو يتحصن في 'مخابئ' ، فلا يمكنه التمييز بين ما إن كانت مدنية أو عسكرية ، أو ما إن كانت للعدو أذرع 'مدنية' يحتمي بها ، وكم من مخابئ محصنة انهارت على رؤوس أصحابها بفعل شدة القصف وتواليه.
التحصينات ضد كوارث الغد
هناك تحديات أمنية يواجهها هذا الإنسان ، بفعل عوامل عديدة ، كتضاؤل الموارد واشتداد المنافسة عليها ، والصراع المحموم على احتكار الأسواق الاستهلاكية ، وفي آن ، صدام الحضارات والميز العنصري على أساس اللون والدين ، ما يساهم بقوة فى توتر المناخات الدولية و الإقليمية ، ونشوب نزاعات.. تفضي ؛ في المقام الأول ؛ إلى اصطدامات عسكرية طاحنة ، قد يكون فيها للأزرار اليد الطولى في خوضها.
ومن هذا المنظور الأمني ، أصبح التفكير في إعادة بناء المدينة أمرا ملحا ، درءا لكل أخطار الخطوب والكوارث والحروب ، وهذا ما سيحتم التخطيط في اتجاه تشييد مدن مزدوجة الطبقات ؛ تأخذ في الحسبان مواجهة الطوارئ بتقنيات ورصّادات تكنولوجية ، تقدم للإنسان المنكوب كل وسائل الإنقاذ والنجاة ، مهما كانت الطوارئ ؛ وباءا سابحا في الفضاء كان أو أسرابا لبعوض متسرب من الأرض ، أو صواريخ عابرة للقارات ، أو موجة إشعاعات قاتلة تغزو الفضاء تترصد الإنسان والحيوان والنبات.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


المغرب اليوم
منذ 6 ساعات
- المغرب اليوم
أخنوش يؤكد أن المغرب يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية
عزيز أخنوش ، أمام المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، الذي انطلقت أشغاله اليوم الاثنين باشبيلية، أن المغرب، بقيادة الملك محمد السادس، يواصل تعزيز إصلاحاته الهيكلية في المجالات ذات الأولوية. وأوضح أخنوش، الذي يمثل الملك في هذا المؤتمر، أن هذه المجالات تهم، على الخصوص، الدعم الاجتماعي المباشر، والحماية الاجتماعية، والتأمين الإجباري عن المرض، والمساعدة في تملك السكن، علاوة على مباشرة إصلاحات عميقة في التعليم والصحة. وأضاف أن هذه الإصلاحات، التي تعكس الإرادة القوية للمملكة المغربية في تحسين ظروف عيش المواطنين وإرساء أسس التنمية الشاملة والمستدامة، تساهم بلا شك في تسريع النمو، لكنها تتطلب موارد مالية كبيرة. وأشار رئيس الحكومة، في هذا الصدد، إلى أن المملكة المغربية بذلت جهودا كبيرة لتعبئة الموارد المالية الوطنية بشكل أكثر فعالية، من خلال مباشرة إصلاحات ضريبية طموحة، ومكافحة التهرب الضريبي، وإعداد بيئة ضريبية مواتية للتنمية. وقال أخنوش إن هذه الجهود ساهمت في توسيع قاعدة الوعاء الضريبي بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا، بالمقابل، أنه 'ورغم هذه الموارد المالية، فإن حاجاتنا لتمويل مختلف الأوراش الطموحة والمهيكلة تستدعي تعبئة موارد إضافية'. من جهة أخرى، أبرز أخنوش أن المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية يكتسي أهمية خاصة، إذ ينعقد في سياق دولي يتسم بتحديات كبرى تتعلق بالتنمية الاقتصادية العالمية، وانتظارات متزايدة للسكان. ودعا رئيس الحكومة إلى التعاطى بجدية مع آفاق إصلاح آليات التمويل الدولية، وضمان عدم استثناء البلدان النامية، ولا سيما البلدان ذات الدخل المتوسط. ولتحقيق هذا الهدف فمن الضروري، يقول أخنوش، الانخراط في حوار بناء بين المؤسسات التي أنشئت في القرن الماضي والأجيال الجديدة من الفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين، من أجل الاستجابة للتطلعات المشروعة للمواطنين. وشدد رئيس الحكومة على أهمية تمويل التنمية بالموازاة مع إصلاح نموذج التمويل التقليدي، وذلك بهدف تجديد وإعادة ابتكار تمويل التنمية الدولي. وخلص أخنوش إلى أن المملكة المغربية، بصفتها دولة ذات دخل متوسط، تهدف إلى المساهمة في البحث عن آليات تمويل جديدة على نطاق عالمي، قادرة على ضمان النمو العادل والمستدام في جميع أنحاء العالم. ويشارك في المؤتمر الدولي الرابع حول تمويل التنمية، المنعقد إلى غاية الخميس المقبل، نحو 50 رئيس دولة وحكومة، إلى جانب 4 آلاف ممثل عن منظمات المجتمع المدني، والمؤسسات المالية الدولية، والقطاع الخاص. ويضم الوفد المغربي، على الخصوص، وزيرة الاقتصاد والمالية نادية فتاح، والسفير الممثل الدائم للمملكة لدى الأمم المتحدة عمر هلال ، وسفيرة المغرب بإسبانيا كريمة بنيعيش. ويهدف هذا المؤتمر إلى بلورة حلول عملية لسد العجز السنوي المقدر بـ4000 مليار دولار، الذي تواجهه البلدان النامية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة.


ألتبريس
منذ 11 ساعات
- ألتبريس
مدينة الغد والتحصينات الكارثية..!
عبد اللطيف مجدوب زمن الحروب منذ عقدين ، على اﻷرجح ، ولج إنسان الألفية الثالثة النزاع العسكري من بابه الواسع ، تمثل في عدة محطات سياسية هامة ،بدءا بهجمات 11 سبتمبر2001، والحرب العراقية الإيرانية 1980، وأحداث الربيع العربي2010، مرورا بالحرب الروسية الأوكرانية 2014-…، وانتهاء بالحرب الإسرائيلية الإيرانية ، ناهيك عن حرب غزة. وهي حروب ، بالكاد شمولية ؛ لا تقيم وزنا ولا اعتبارا 'لأخلاقيات الحرب War Ethics' التي كانت ؛ فيما مضى ؛ تميز بين المدني والعسكري ، وتحتاط للنساء والأطفال والشيوخ ، ومصادر الغوث والحياة ، حروب تستعر نيرانها حينما تستهدف المنشآت والمرافق السكنية والمدنية، وبشكل أعمى أحياناً ، المستشفيات ودور العبادة! وهيحروب قذرة وملوثة بجرائم علنية ، أصبحت الأمم المتحدة نفسها عاجزة عن اتخاذ قرارات بشأنها إذا استثنينا عبارات الشجب والتنديد. صافرات إنذار بالأخطار فيما مضى ، كان هناك تقليد ؛ ما زال العمل جار به حتى اليوم ، يتمثل في رصد كوارث تتهدد مدينة ، إما في شكل أسراب جراد عابر ، أو موجة صواريخ على وشك الانفجار ، أو تسونامي جارف في طريقه لضرب مدينة معلومة ، بل مكنت تكنولوجيا الأقمار الاصطناعية ، وآليات الرصد الذكية من التقاط صور 'الخطر' وإحداثياته قبل وصوله ببضعة دقائق ، لتفعيل منظومة الإنذارات المبكرة وإجراءات المقاومة وآلياتها ، وهي تتجه أساسا إلى العنصر البشري ، بوجوب 'الاختباء والتحصن' إلى حين مرور الكارثة ، أو بالأحرى إلى إشعار آخر Further Notice . الحروب الآنية ، أخذت بعدا آخر ، في رقعتها الجغرافية ، فلم تعد تقتصر على تبادل القصف بين الطرفين المتحاربين ، بل امتدت لتستهدف ، أو بالأحرى لتهدد مدنا بأكملها ، كثيرا ما يذهب ضحيتها المدنيون بالآلاف ، إما لعنصر المباغتة ، كالقصف ليلا ، أو عدم وجود ملاجئ ومخابئ قريبة. مدينة الغد وتكنولوجيا الحروب مهما تطورت وسائل الحرب التكنولوجية ؛ في دقة الرصد والتصويب والاستهداف ؛ سيبقى دوما العنصر البشري عرضة لويلاتها وتداعياتها وآثارها ، حتى ولو كانت مخابئه محصنة بدرجة عالية ، وذلك لوجود تفكير عسكري ؛ ما زال مهيمنا ، ، مفاده أن العدو يتحصن في 'مخابئ' ، فلا يمكنه التمييز بين ما إن كانت مدنية أو عسكرية ، أو ما إن كانت للعدو أذرع 'مدنية' يحتمي بها ، وكم من مخابئ محصنة انهارت على رؤوس أصحابها بفعل شدة القصف وتواليه. التحصينات ضد كوارث الغد هناك تحديات أمنية يواجهها هذا الإنسان ، بفعل عوامل عديدة ، كتضاؤل الموارد واشتداد المنافسة عليها ، والصراع المحموم على احتكار الأسواق الاستهلاكية ، وفي آن ، صدام الحضارات والميز العنصري على أساس اللون والدين ، ما يساهم بقوة فى توتر المناخات الدولية و الإقليمية ، ونشوب نزاعات.. تفضي ؛ في المقام الأول ؛ إلى اصطدامات عسكرية طاحنة ، قد يكون فيها للأزرار اليد الطولى في خوضها. ومن هذا المنظور الأمني ، أصبح التفكير في إعادة بناء المدينة أمرا ملحا ، درءا لكل أخطار الخطوب والكوارث والحروب ، وهذا ما سيحتم التخطيط في اتجاه تشييد مدن مزدوجة الطبقات ؛ تأخذ في الحسبان مواجهة الطوارئ بتقنيات ورصّادات تكنولوجية ، تقدم للإنسان المنكوب كل وسائل الإنقاذ والنجاة ، مهما كانت الطوارئ ؛ وباءا سابحا في الفضاء كان أو أسرابا لبعوض متسرب من الأرض ، أو صواريخ عابرة للقارات ، أو موجة إشعاعات قاتلة تغزو الفضاء تترصد الإنسان والحيوان والنبات.


المغرب اليوم
منذ 12 ساعات
- المغرب اليوم
اليهود... حُماة الذاكرة
مما تميّز به اليهود حول العالم، حساسيتهم العالية تجاه الذاكرة الجماعية، وحِيال فكرة البقاء والنجاة رغم كل الأهوال التي مرّ بها اليهود، على وجه الخصوص في العصور الأوروبية المسيحية المُظلمة، وصولاً إلى ما فعله بهم اليمين القومي المسيحي على يد الألمان والطليان والإسبان، والشعوب الأوروبية الشرقية. صورة اليهودي في الثقافة المسيحية، في تجلّيها الغربي، كانت صورة بائسة مُشيطنة، ولذلك أسبابه الدينية والسياسية والاجتماعية والاقتصادية أيضاً. هذا ولّد لدى الوعي اليهودي، الحرص على التراصّ وإبقاء شعلة الذاكرة «للشعب اليهودي» متوهجة عبر الزمان، رغم أن الديانة اليهودية غير تبشيرية، كما المسيحية والإسلام، وغيرهما. من أهمّ الأدوات التي حرص عليها اليهود - شأن كل الأقليّات - تخليد الوعي والذاكرة بتشييد المتاحف، وتجميع قِطع الذكريات، وصناعة الوجهات السياحية ذات الطابع السياسي الثقافي، ولعلّ أبرز مآثرهم في هذا الصدد متحف أو متاحف «الهولوكوست» أو المحرقة أو المحارق اليهودية عبر التاريخ. حاول الأرمن واليونان وحركة السود، تقليد اليهود في هذا العمل، بتشييد ذاكرة، حيّة، تجمع الأهل وتُكتّلهم حول المركز، وتجذب العطف من الأغيار، أو تضغط على الكارهين، بفيضان هذه المشاعر الخانقة، ضد كل كاره. في جلسة لمجلس الأمن حول حرب غزة الأخيرة ارتدى مندوب إسرائيل في الأمم المتحدة غيلاد إردان نجمة داود صفراء على سترته مُخاطباً مجلس الأمن، في مشهدٍ يسترجع تمييز اليهود بالعلامة نفسها في معسكرات الاعتقال النازية التي قضى فيها الملايين منهم. كُتب على النجمة الصفراء هذه عبارة: never again (لن تتكرر)؛ كإشارة إلى المحرقة النازية، في مضاهاة بين النازي و«حماس». هذه الصناعة، صناعة الذاكرة لدى العرب، صناعة هشّة، غير دائمة، تعال وسرّح بصرك في طول العالم العربي وعرضه، وابحث عن متاحف قائمة على أصلٍ صحيح وغني ومُستدام، حول: محاكم التفتيش (في بلاد المغرب العربي التي هرب إليها الأندلسيون). آثار الاستعمار البريطاني في مصر. آثار الاستعمار البريطاني في العراق. بعيداً عن الخارج، متاحف تحفظ التجارب الداخلية الكُبرى: متحف عن حرب تحرير الكويت. متحف عن الخليج العربي. متحف عن البحر الأحمر. متحف عن «الإرهاب» في السعودية ومصر. متحف عن النفط. والأمثلة كثيرة. أريد القول: نعم توجد لدينا متاحف عامّة، تتفاوت في جودتها وغِناها في العالم العربي، وبعض المتاحف الخاصّة، لكن المُراد، أننا ضعفاء في هذا الميدان مقارنة باليهود، وأمثالهم من الأقليّات. هل ذلك بسبب اطمئنان الأكثرية؟! أو لأننا - في جذورنا - أبناء ثقافة شفاهية؟!