
«بورتوبيلو»... حيث تتقاطع الأزمنة وتنبض الذاكرة
هل سبق لك أن شممت عبق الماضي يتسلَّل بين زوايا شارع يعج بالحياة؟
في صباح أحد أيام السبت، قادني هذا السؤال إلى «سوق بورتوبيلو» في حي نوتينغ هيل بلندن، حيث يلتقي عبق الزمن العتيق مع ألوان الحياة الزاهية. لم أكن أعلم ما ينتظرني، لكن حدسي دفعني إلى عالم تتعانق فيه الذكريات مع الحاضر، ويتحول فيه كل ركن إلى صفحة من كتاب حي يروي قصصاً تتجاوز حدود الزمن.
وما إنْ وطئت قدماي الشارع حتى غمرني عبق الزمن، وصدحت أصوات الحكايات المختبئة بين زوايا السوق، حيث يلتقي القديم مع الجديد في سيمفونية من الدهشة والجمال، محفورة في الذاكرة.
السوق وجهة أساسية لهواة المقتنيات القديمة (الشرق الأوسط)
سوق التحف الأوسع في العالم
يُقال إن لكل سوق قصتها، وقصة سوق «بورتوبيلو» تعود إلى قرون مضت. تُعدّ إحدى أشهر الأسواق المفتوحة في أوروبا، إن لم تكن في العالم. ورغم وجود أسواق أقدم مثل «لا بوكويريا» في برشلونة (1217)، و«سوق بولونيا» في إيطاليا من القرن الـ12، فإن «بورتوبيلو» تميَّزت بتحولها الديناميكي من سوق خضار وفواكه في منتصف القرن الـ19 إلى أكبر سوق تحف في العالم.
ومع مرور الوقت، شهدت السوق انطلاقتها الفعلية بعد شق طريق بورتوبيلو عام 1850، وازدهرت تدريجياً مع افتتاح محطة لادبروك غروف عام 1864، مما سهّل الوصول إليها بشكل كبير. وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت وجهة أساسية لهواة المقتنيات القديمة، مع تصاعد ثقافة إعادة التدوير وشغف الناس بكل ما يحمل طابعاً تاريخياً. واليوم، تحولت إلى وجهة ثقافية تجذب أكثر من مائة ألف زائر أسبوعياً، معظمهم يأتون خصيصاً لاقتناء قطع نادرة مثل ساعة جيب فيكتوريّة، أو آلة تصوير عتيقة، أو مجلد خرائط من زمن الإمبراطورية البريطانية.
في السوق أزياء «فينتج» (الشرق الأوسط)
يوم السبت... مهرجان شعبي بألوان عالمية
وفي قلب كل هذا النشاط، يحتل يوم السبت مكانة خاصة. رغم أن السوق تعمل جزئياً على مدار الأسبوع، فإن السبت هو يومها الذهبي.
يقول أحد البائعين المحليين: «هذا النهار هنا يشبه المهرجان، ترى الناس من كل أنحاء العالم يبحثون عن قطعة تروي لهم قصة، هذا هو جمال السوق».
يتحول شارع بورتوبيلو إلى ممر طويل يعجّ بالبشر، يتزاحمون بين مئات الأكشاك التي تعرض كل ما يمكن تخيّله: التحف، والمجوهرات، والأزياء «فينتج»، والكتب القديمة، والأسطوانات الموسيقية، وأدوات المطبخ، وحتى ألعاب طفولة من القرن الماضي.
مع تنقلك بين العارضين، تتنوع الحواس. يطالعك وجه مغنٍّ يعزف على ناصية، وآخر يرقص بجوار عربته الصغيرة، وتتصاعد رائحة الفطائر الإنجليزية، والأطباق العالمية، والقهوة الطازجة لتكمل المشهد.
وعلى الطرف الآخر، تنبعث رائحة دافئة مألوفة: مناقيش الزعتر اللبناني تُخبز على صاج حديدي يشبه ذاك الذي يُستخدم في قرى لبنان. تُقدّمها صاحبة الكشك بابتسامة، فيعيدك الطعم، والبخار المتصاعد من الزعتر والخبز الطازج، إلى صباحات الطفولة، حين كانت البساطة تنطق بالفرح.
رائحة مناقيش الزعتر اللبناني تُخبز على صاج حديدي (الشرق الأوسط)
تنوع ثقافي وفني يسحر العين
لا بد من الإشارة إلى المشهد البصري الذي يسحر العين. فالأكشاك تنتشر على خلفية من بيوت بألوان هادئة، كالأزرق السماوي والوردي والأصفر الفاتح، في حين يعبّر الزبائن عن تنوّع لندن الحقيقي: سيّاح من آسيا، وعشّاق فن من أوروبا، ومحليّون يبحثون عن صفقة العمر في صندوق خشبي متهالك.
وللفن حضور بارز وسط هذا المشهد. رسامون يعرضون لوحاتهم، ومصوّرون يوثّقون اللحظة، وصنّاع مجوهرات يعرضون تصاميمهم اليدوية بلمسة شخصية نادرة في زمن الإنتاج الكبير.
تقول فنانة محلية: «أحب أن أعرض أعمالي هنا لأن السوق تنبض بالحياة، وأجد في الزوار من يتذوق الفن كما يجب».
صانعة مجوهرات تعرض تصاميمها اليدوية (الشرق الأوسط)
السوق في السينما والأدب
ولا تكتمل صورة السوق من دون الإشارة إلى حضورها في السينما والأدب. ففي فيلم «Notting Hill» الشهير، كانت السوق الخلفية الرومانسية للقصة التي جمعت جوليا روبرتس وهيو غرانت.
لكن الحضور الثقافي يعود إلى ما قبل ذلك بكثير، فقد ذُكرت السوق في أعمال أدبية بريطانية منذ خمسينات القرن الـ20، وظهرت في تقارير صحافية عديدة بوصفها مثالاً حيّاً على تحوّلات لندن الطبقية والثقافية، لا سيما بعد «مهرجان نوتينغ هيل» السنوي الذي انطلق عام 1966 كردّ فعل على التوترات العِرقية في الحي.
ركن لكتب مرَّت بين آلاف الأيدي (الشرق الأوسط)
تجربة لا تُشترى... لكنها تُعاش
عندما تخطو داخل سوق بورتوبيلو، تُدرك أن الأمر أكبر من مجرد تسوُّق. أن تمشي في السوق هو أن تمشي عبر الزمن.
بين التحف المرهقة بالذكريات، والملابس التي تحكي فصول الموضة، والكتب التي مرّت بين آلاف الأيدي... تشعر بأن المكان ليس مجرد سوق، بل أرشيف حيّ لذاكرة لندن بكل تقاطعاتها الاجتماعية والتاريخية، وبنبضها الذي لا يهدأ.
أما بالنسبة لي، فكانت اللحظة الأجمل حين توقّفتُ عند طاولة خشبية قديمة يعرض صاحبها عملات من كلّ أصقاع العالم.
حيث صوّر فيلم «Notting Hill» عام 1999 (الشرق الأوسط)
تنقلت عيناي بين جنيهات إنجليزية، ودراهم خليجية، ودولارات أميركية باهتة اللون... إلى أن لفتني شيء مألوف.
كانت هناك، بين تلك العملات، ليرة لبنانية ورقية تعود لعام 1973، بلونها البنيّ المُعتّق، وتحمل صورة قلعة بعلبك، تماماً كما أتذكّرها في طفولتي.
لحظتُها، أحسست بأن السوق، بكل ضجيجها وتنوّعها، صمتت للحظة، كأن الذاكرة استعادت نفسها في ورقةٍ صغيرة تقاطعت مساراتها مع غربتي صدفةً... لكن بعمق لا يُشترى.
قطع نادرة مثل آلة تصوير عتيقة (الشرق الأوسط)
قبل أن تذهب...
إذا كنت تُخطط لزيارة «سوق بورتوبيلو»، فاجعل يوم السبت خيارك الأول، إذ تبلغ السوق في هذا اليوم أوج نشاطها وحيويّتها. يُفضّل الوصول قبل الساعة العاشرة صباحاً لتفادي الزحام والاستمتاع بالتجربة في هدوء نسبي. أقرب محطات المترو هي «Notting Hill Gate» و«Ladbroke Grove»، وتقع كلتاهما على بُعد خطوات من قلب السوق. ولا تنسَ ارتداء حذاء مريح، فالمشي هنا رحلة طويلة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مجلة هي
منذ 15 ساعات
- مجلة هي
إطلالات النجمات الجمالية في فعاليات زفاف جيف بيزوس ولورين سانشيز خطفت الأنظار ..بالصور
انطلقت رسمياً فعاليات الإحتفال بزفاف رجل الأعمال الأميركي جيف بيزوس ولورين سانشيز وذلك خلال استقبال حافل للنجوم والمشاهير في مدينة البندقية الإيطالية. واللافت مواكبة أجمل إطلالاتهن الجمالية والتحضيرات التي ستسبق حفل الزفاف الذي سيستمر 3 ليالٍ في أجواء جمالية نبدأ بمواكبتها منذ اللحظات الأولى. شاهدي من خلال الصور كيف وثّقت عدسات المصورين أبرز إطلالات النجمات الجمالية اللواتي سيحضرن هذا الحفل، على رأسهن الملكة رانيا والأميرة رجوة الحسين وكيم كارداشيان وغيرهن من النجمات. اطلالة العروس Lauren Sanchez بالمكياج الناعم اطلالة العروس Lauren Sanchez بالمكياج الناعم- الصورة من حسابها على انستغرام بداية أطلّت العروس لورين سانشيز Lauren Sanchez برسمات المكياج الناعم والمسحوب على كامل الجفون العليا للعينين. فسحرتنا بالظلال النيود البارزة على حدود الجفون العليا للعينين، ولم تتردد بسحب خطوط الآيلاينر السوداء الرفيعة على الجفون العليا بطريقة مجنحة وممدودة الى الجهة الخارجية للعينين. هذه الظلال تبدو أكثر تميزاً مع تمرير الماسكارا السوداء الكثيفة المفرغة على الرموش العليا والسفلى بحد سواء. كما حافظت على الوان البلاشر المشمشي المات اعلى الوجنتين مع احمر الشفاه المشمشس بطريقة ملفتة للنظر مع تحديد الشفة السفلى بالكونتور الكريمي الرفيع. إطلالة كيم كارداشيان بالمكياج البرونزي إطلالة كيم كارداشيان بالمكياج البرونزي- الصورة من حساب خبير الشعر Dimitris Giannetos على انستغرام من الاطلالات الجمالية البارزة في هذا الحفل، إطلالة النجمة كيم كارداشيان Kim Kardashian برسمات المكياج البرونزي على كامل الجفون العليا مع احمر الشفاه الطبيعي اللماع. فقومي بتمرير الظلال المشرقة وانثري التدرجات الظلال البنية المدموجة مع اللون الاسود على كامل الجفون العليا للعينين وصولاً الى حدود الحواجب. كما اسحبي الخطوط البنية على الجفون السفلى للعينين خصوصاً أن هذه التدرجات تليق بالبشرة السمراء. ولا تتخلى عن تكثيف طبقات الماسكارا السوداء التي تجعل عينيك أوسع. إطلالة كيم كارداشيان بتسريحات الشعر الطبيعية - الصورة من حساب خبير الشعر Dimitris Giannetos على انستغرام من ناحية تسريحات الشعر، تألقت كيم كارداشيان Kim Kardashian بأجمل تسريحات الشعر الويفي المنسدلة على كامل الظهر والاكتاف مع الفرق الوسطي والخصل الجانبية العالية والمسحوبة مع الشعر للحصول على جمال متكامل. إطلالة كريس جينر بالخطوط السوداء المات إطلالة كريس جينر بالخطوط السوداء المات- الصورة من حساب خبيرة المكياج Nikki_Makeup على انستغرام وحرصت النجمة كريس جينر Kris Jenner على اختيار مكياج مشرق في هذا الحفل، وتألقت برسمات المكياج الاسود الذي جعل بشرتها ملفتة وأكثر جاذبية. طبّقي بأسلوبها هذه الظلال على الجهة الخارجية للجفون العليا للعينين قبل تمرير الخطوط السوداء المات على الجهة الداخلية للعينين وعند حدود الجفون السفلى بطريقة مترابطة وتظهر سحبة العينين، مع طبقات الماسكارا الكثيفة والسوداء. لا بد من تطبيق بأسلوب النجمة كريس جينر Kris Jenner البلاشر البرونزي القوي على جوانب الوجنتين بطريقة مسحوبة الى حدود الاذنين. ولا تتخلي بأسلوبها عن أحمر الشفاه اللماع مع الكونتور الداكن الذي يبرز حجم الشفاه بشكل طبيعي. إطلالة كريس جينر بأجمل تسريحات الشعر القصير والمتدرجة - الصورة من حساب خبيرة المكياج Nikki_Makeup على انستغرام كما تألقت كريس جينر Kris Jenner بأجمل تسريحات الشعر القصير والمتدرجة مع الموديلات الكاريه والمبللة، المسحوبة مع الفرق الجانبي العصري والخصل الهندسية المنسدلة على الجبين بطريقة ملفتة ومصفصفة. فطبّقي بأسلوبها أجمل التسريحات المترابطة مع الخصل الحيوية والتي لا تصل الى حدود الاكتاف ولا تتخلي عن الغرة الامامية على الجبين بأسلوب ملفت للنظر. اطلالة Ivanka Trump بمكياج سموكي ومشرق اطلالة Ivanka Trump بمكياج سموكي ومشرق- الصورة من حسابها على انستغرام وحرصت الجميلة إيفانكا ترامب Ivanka Trump على اختيار مكياج سموكي ومشرق في هذا الحفل، وتألقت برسمات المكياج الاسود الذي برز بشرتها الفاتحة. فطبّقي بأسلوبها رسمات المكياج القوي الذي اختارته مسحوباً على كامل الجفون العليا للعينين، مع تمرير خطوط الكحل البنية والمات على الجفون السفلى للعينين. هذا المكياج يمكنك تمريره مع الظلال البيج الفاتحة وألوان البلاشر البرونزي القوي بطريقة ساحرة. كما حافظت على تسريحات الشعر الويفي المتدرج على الاكتاف الطويلة مع الخصل الجانبية التي لا تخف الجبين بطريقة متجددة وساحرة في عالم الجمال. إطلالة الملكة رانيا بتسريحات الشعر الويفي إطلالة الملكة رانيا بتسريحات الشعر الويفي- الصورة من Getty Images بدورها حافظت الملكة رانيا على تسريحات الشعر الويفي المتدرج على الظهر مع الخصل المسحوبة بشكل نصفي على الجوانب بتدرجات قصيرة من الامام وطويلة من الخلف. مع هذه التسريحة برزت صيحة الخصل العسلية الفاتحة والمسحوبة مع الشعر بكثير من البساطة مع عدم اسدال الخصل على جوانب الجبين لجعل اطلالاتها شبابية.


الشرق الأوسط
منذ 15 ساعات
- الشرق الأوسط
«بورتوبيلو»... حيث تتقاطع الأزمنة وتنبض الذاكرة
هل سبق لك أن شممت عبق الماضي يتسلَّل بين زوايا شارع يعج بالحياة؟ في صباح أحد أيام السبت، قادني هذا السؤال إلى «سوق بورتوبيلو» في حي نوتينغ هيل بلندن، حيث يلتقي عبق الزمن العتيق مع ألوان الحياة الزاهية. لم أكن أعلم ما ينتظرني، لكن حدسي دفعني إلى عالم تتعانق فيه الذكريات مع الحاضر، ويتحول فيه كل ركن إلى صفحة من كتاب حي يروي قصصاً تتجاوز حدود الزمن. وما إنْ وطئت قدماي الشارع حتى غمرني عبق الزمن، وصدحت أصوات الحكايات المختبئة بين زوايا السوق، حيث يلتقي القديم مع الجديد في سيمفونية من الدهشة والجمال، محفورة في الذاكرة. السوق وجهة أساسية لهواة المقتنيات القديمة (الشرق الأوسط) سوق التحف الأوسع في العالم يُقال إن لكل سوق قصتها، وقصة سوق «بورتوبيلو» تعود إلى قرون مضت. تُعدّ إحدى أشهر الأسواق المفتوحة في أوروبا، إن لم تكن في العالم. ورغم وجود أسواق أقدم مثل «لا بوكويريا» في برشلونة (1217)، و«سوق بولونيا» في إيطاليا من القرن الـ12، فإن «بورتوبيلو» تميَّزت بتحولها الديناميكي من سوق خضار وفواكه في منتصف القرن الـ19 إلى أكبر سوق تحف في العالم. ومع مرور الوقت، شهدت السوق انطلاقتها الفعلية بعد شق طريق بورتوبيلو عام 1850، وازدهرت تدريجياً مع افتتاح محطة لادبروك غروف عام 1864، مما سهّل الوصول إليها بشكل كبير. وبعد الحرب العالمية الثانية، أصبحت وجهة أساسية لهواة المقتنيات القديمة، مع تصاعد ثقافة إعادة التدوير وشغف الناس بكل ما يحمل طابعاً تاريخياً. واليوم، تحولت إلى وجهة ثقافية تجذب أكثر من مائة ألف زائر أسبوعياً، معظمهم يأتون خصيصاً لاقتناء قطع نادرة مثل ساعة جيب فيكتوريّة، أو آلة تصوير عتيقة، أو مجلد خرائط من زمن الإمبراطورية البريطانية. في السوق أزياء «فينتج» (الشرق الأوسط) يوم السبت... مهرجان شعبي بألوان عالمية وفي قلب كل هذا النشاط، يحتل يوم السبت مكانة خاصة. رغم أن السوق تعمل جزئياً على مدار الأسبوع، فإن السبت هو يومها الذهبي. يقول أحد البائعين المحليين: «هذا النهار هنا يشبه المهرجان، ترى الناس من كل أنحاء العالم يبحثون عن قطعة تروي لهم قصة، هذا هو جمال السوق». يتحول شارع بورتوبيلو إلى ممر طويل يعجّ بالبشر، يتزاحمون بين مئات الأكشاك التي تعرض كل ما يمكن تخيّله: التحف، والمجوهرات، والأزياء «فينتج»، والكتب القديمة، والأسطوانات الموسيقية، وأدوات المطبخ، وحتى ألعاب طفولة من القرن الماضي. مع تنقلك بين العارضين، تتنوع الحواس. يطالعك وجه مغنٍّ يعزف على ناصية، وآخر يرقص بجوار عربته الصغيرة، وتتصاعد رائحة الفطائر الإنجليزية، والأطباق العالمية، والقهوة الطازجة لتكمل المشهد. وعلى الطرف الآخر، تنبعث رائحة دافئة مألوفة: مناقيش الزعتر اللبناني تُخبز على صاج حديدي يشبه ذاك الذي يُستخدم في قرى لبنان. تُقدّمها صاحبة الكشك بابتسامة، فيعيدك الطعم، والبخار المتصاعد من الزعتر والخبز الطازج، إلى صباحات الطفولة، حين كانت البساطة تنطق بالفرح. رائحة مناقيش الزعتر اللبناني تُخبز على صاج حديدي (الشرق الأوسط) تنوع ثقافي وفني يسحر العين لا بد من الإشارة إلى المشهد البصري الذي يسحر العين. فالأكشاك تنتشر على خلفية من بيوت بألوان هادئة، كالأزرق السماوي والوردي والأصفر الفاتح، في حين يعبّر الزبائن عن تنوّع لندن الحقيقي: سيّاح من آسيا، وعشّاق فن من أوروبا، ومحليّون يبحثون عن صفقة العمر في صندوق خشبي متهالك. وللفن حضور بارز وسط هذا المشهد. رسامون يعرضون لوحاتهم، ومصوّرون يوثّقون اللحظة، وصنّاع مجوهرات يعرضون تصاميمهم اليدوية بلمسة شخصية نادرة في زمن الإنتاج الكبير. تقول فنانة محلية: «أحب أن أعرض أعمالي هنا لأن السوق تنبض بالحياة، وأجد في الزوار من يتذوق الفن كما يجب». صانعة مجوهرات تعرض تصاميمها اليدوية (الشرق الأوسط) السوق في السينما والأدب ولا تكتمل صورة السوق من دون الإشارة إلى حضورها في السينما والأدب. ففي فيلم «Notting Hill» الشهير، كانت السوق الخلفية الرومانسية للقصة التي جمعت جوليا روبرتس وهيو غرانت. لكن الحضور الثقافي يعود إلى ما قبل ذلك بكثير، فقد ذُكرت السوق في أعمال أدبية بريطانية منذ خمسينات القرن الـ20، وظهرت في تقارير صحافية عديدة بوصفها مثالاً حيّاً على تحوّلات لندن الطبقية والثقافية، لا سيما بعد «مهرجان نوتينغ هيل» السنوي الذي انطلق عام 1966 كردّ فعل على التوترات العِرقية في الحي. ركن لكتب مرَّت بين آلاف الأيدي (الشرق الأوسط) تجربة لا تُشترى... لكنها تُعاش عندما تخطو داخل سوق بورتوبيلو، تُدرك أن الأمر أكبر من مجرد تسوُّق. أن تمشي في السوق هو أن تمشي عبر الزمن. بين التحف المرهقة بالذكريات، والملابس التي تحكي فصول الموضة، والكتب التي مرّت بين آلاف الأيدي... تشعر بأن المكان ليس مجرد سوق، بل أرشيف حيّ لذاكرة لندن بكل تقاطعاتها الاجتماعية والتاريخية، وبنبضها الذي لا يهدأ. أما بالنسبة لي، فكانت اللحظة الأجمل حين توقّفتُ عند طاولة خشبية قديمة يعرض صاحبها عملات من كلّ أصقاع العالم. حيث صوّر فيلم «Notting Hill» عام 1999 (الشرق الأوسط) تنقلت عيناي بين جنيهات إنجليزية، ودراهم خليجية، ودولارات أميركية باهتة اللون... إلى أن لفتني شيء مألوف. كانت هناك، بين تلك العملات، ليرة لبنانية ورقية تعود لعام 1973، بلونها البنيّ المُعتّق، وتحمل صورة قلعة بعلبك، تماماً كما أتذكّرها في طفولتي. لحظتُها، أحسست بأن السوق، بكل ضجيجها وتنوّعها، صمتت للحظة، كأن الذاكرة استعادت نفسها في ورقةٍ صغيرة تقاطعت مساراتها مع غربتي صدفةً... لكن بعمق لا يُشترى. قطع نادرة مثل آلة تصوير عتيقة (الشرق الأوسط) قبل أن تذهب... إذا كنت تُخطط لزيارة «سوق بورتوبيلو»، فاجعل يوم السبت خيارك الأول، إذ تبلغ السوق في هذا اليوم أوج نشاطها وحيويّتها. يُفضّل الوصول قبل الساعة العاشرة صباحاً لتفادي الزحام والاستمتاع بالتجربة في هدوء نسبي. أقرب محطات المترو هي «Notting Hill Gate» و«Ladbroke Grove»، وتقع كلتاهما على بُعد خطوات من قلب السوق. ولا تنسَ ارتداء حذاء مريح، فالمشي هنا رحلة طويلة.


مجلة هي
منذ 17 ساعات
- مجلة هي
حقيبة Chanel 25... هل تتفوّق نجمة الموضة الصاعدة على الكلاسيكيات؟
عندما نتحدّث عن الحقائب الكلاسيكية التي صممتها علامة CHANEL، لا بدّ أن نذكر فورًا حقيبتي Classic Flap و2.55، فبفضل تصميمهما الخالد تحوّلتا إلى تصميم أيقوني يتحدّى اختبار الزمن. لكن أحدث تصاميم حقائب العلامة، "شانيل 25" Chanel 25 (التي سُميت تيمنًا بعام إطلاقها، كما جرت العادة)، سرعان ما لفتت الأنظار إذ تُقدّم لمسة عصرية على رموز الدار المميزة والمعروفة، متحولةً بسرعة قياسية إلى التصميم الأكثر رغبة بين النجمات وعشاق الموضة على حد سواء. فما السر وراء هذا النجاح المدويّ، وهل تستطيع هذه الحقيبة أن تتفوق على أيقونة شانيل الخالدة، حقيبة Classic Flap؟ Jennie Kim متألقة بحقيبة Chanel 25 في الحملة الاعلانية لماذا حقيبة "شانيل 25" هي نجمة اللحظة؟ منذ إطلاقها، لفتت حقيبة "شانيل 25" الأنظار بتصميمها العصري والعملي الذي يجمع بين لمسة الأناقة المتأصلة في دار شانيل وروح الشباب والحيوية. تتميز الحقيبة بحجمها المثالي الذي يتسع للكثير من الضروريات اليومية دون أن تبدو ضخمة، مع الإشارة إلى أنها متوفّرة بأحجام متوسطة وكبيرة، بالإضافة إلى حقيبة كلاتش، أما سلسلتها المميزة فتعكس طراز العلامة الكلاسيكي. تُجسّد هذه الحقيبة العصرية، المُستوحاة من رموز الدار الأيقونية، جيبين جانبيين كبيرين يحملان توقيعها، جاذبيةً تُناسب جميع الأذواق. تتوفر حقيبة "شانيل 25" بمجموعة من الألوان الجذابة، من الوردي الباستيل إلى الأصفر والأخضر والأزرق والألوان الميتاليكية، لذا فمن المنطقي أن تلفت انتباه المشاهير وخبراء الموضة على حد سواء. من عرض ازياء شانيل لربيع وصيف 2025 ما يميز حقيبة شانيل 25 هو قدرتها على التكيف مع مختلف الإطلالات، من النهار إلى المساء، ومن الإطلالات الكاجوال إلى الأكثر رسمية. هذا التنوع جعلها خيارًا مفضلاً للعديد من النجمات العالميات، اللواتي شوهدن يتألقن بها في شوارع المدن الكبرى، مما ساهم في تعزيز شعبيتها وجعلها قطعة لا غنى عنها في خزانة أيقونات الموضة. إلى جانب كل من "جيني" و"دوا ليبا"، سفيرتا الحقيبة، شاهدنا العديد من النجمات يتألقن بحقيبة "شانيل 25، من بينهنّ Charli xcx التي صُوّرت وهي تحمل الحقيبة في مهرجان كوتشيلا في وقت سابق من هذا العام، تايلور سويفت، وغرايسي أبرامز. "دوا ليبا" Dua Lipa هل تتفوق "شانيل 25" على Classic Flap هنا يطرح السؤال الأهم: هل تستطيع حقيبة شانيل 25 الجديدة أن تنتزع العرش من حقيبة شانيل "كلاسيك فلاب"، التي تعتبر رمزًا للأناقة الخالدة والاستثمار طويل الأجل؟ حقيبة Classic Flap، بتصميمها الأيقوني الذي أطلقته كوكو شانيل ومن ثم أعاد تفسيره كارل لاغرفيلد، تُعتبر تحفة فنية بكل معنى الكلمة. مع تفاصيلها الدقيقة، مثل قفل CC المزدوج، والجلد المبطن، والسلسلة الجلدية المتداخلة، تحوّلت الحقيبة إلى قطعة أساسية في تاريخ الموضة، وتجسيدًا للرفاهية والرقي. إنها حقيبة تتجاوز الزمان والمكان، وتحافظ على قيمتها بل وتزداد مع مرور السنوات. باختصار فإن حقيبة شانيل Classic Flap ليست مجرد حقيبة، بل هي إرث، وقطعة تتوارثها الأجيال. حقيبة شانيل Classic Flap في النهاية، قد لا تكون المقارنة بين حقيبة "شانيل 25" وحقيبة كلاسيك فلاب منافسة بقدر ما هي تكامل. فالأولى تمثّل روح العصر، وتقدم خيارًا عصريًا وعمليًا يلبي احتياجات المرأة اليوم. أما الثانية، فهي تظل العمود الفقري لدار شانيل، ورمزًا للأناقة الخالدة. مع اقتراب كشف "ماثيو بلازي" عن مجموعته الأولى كمدير ابداعي للعلامة في وقت لاحق من هذا العام، ستتجه الأنظار نحو أي إكسسوارات جديدة، وخصوصًا تصاميم الحقائب، ستُعرض على منصات العرض. لكن في غضون ذلك، هل تسير حقيبة "شانيل 25" بخطى ثابتة لتصبح قطعة كلاسيكية في المستقبل؟