
فنانون اسبان يعيدون رسم «غرنيكا» بوجوه أطفال غزة ردا على المجازر
القاهرة – «القدس العربي»: ليست غزة أول من ينزف، لكنها جرح لا يتوقف، ودم لا يجف. ومن قلب الذاكرة الإسبانية خرج الفنانون ليقولوا إن ما حدث في غرنيكا بالأمس يتكرر اليوم في غزة، بالقسوة نفسها، وصرخة الأمهات نفسها التي لا تُخطئها عين ولا أذن. الفن لا يُوقف القنابل، لكنه يفضحها، ولا يعيد الأموات، لكنه يُخلدهم. في مواجهة المجازر، تصبح اللوحة وثيقة، وتتحول الألوان إلى شهود على الدم.
في تاريخ الفن الإنساني، قلّ أن وُجد عمل بصري يُجسد وحشية الحرب وعبثيتها مثل اللوحة الشهيرة التي رسمها الفنان الإسباني بابلو بيكاسو عام 1937، والتي حملت اسم المدينة الباسكية «غرنيكا»، التي دمرها القصف الوحشي من قبل القوات النازية والفاشية، خلال الحرب الأهلية في إسبانيا.
جاءت اللوحة في مساحة ضخمة، لتملأ العين والقلب معًا، بعناصرها المشوّهة، ووجوهها الممزقة، وأجسادها المبعثرة، كأنها توثق لحظة الانفجار لا بعده فقط. من أبرز عناصرها وأكثرها إيلامًا، صورة الأم التي تضم طفلها الميت بين ذراعيها، تصرخ في أسفل يسار اللوحة، في مشهد يختزل كل ما يمكن أن تقوله الحرب دون كلمات.
ثمانية عقود مرّت، ولا تزال هذه الصرخة تتكرر، ولكن هذه المرة من قلب فلسطين، من غزة تحديدًا، حيث تُرتكب مجازر يومية بحق المدنيين، وخصوصًا الأطفال، وسط صمت دولي قاتل. منذ بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في أكتوبر/تشرين الأول 2023، أعلنت منظمات دولية أن أكثر من خمسين ألف طفل فلسطيني قُتلوا أو أُصيبوا، كثير منهم في حضن أمهاتهم، كما لو أن التاريخ يعيد لوحته، ولكن بدم جديد. استشعارًا لهذا التكرار المأساوي، قرر عدد من الفنانين الإسبان إعادة تخيّل لوحة «غرنيكا» القديمة، ولكن بروح جديدة، تحمل وجوه أطفال غزة وأمهاتهم، وتحمل عنوانًا مستوحى من المعاناة: «أم غرنيكا». هذه المجموعة الفنية قُدمت لأول مرة أمام أحد أهم المتاحف في العاصمة الإسبانية مدريد، في شهر آذار من عام 2025، كفعل احتجاجي صامت لكن عميق. وفي حزيران/يونيو، انتقلت هذه اللوحات إلى موقع أكثر جرأة: الساحة المواجهة لمجلس النواب الإسباني، حيث أعادت حركة «أوقفوا الحرب»، وهي حركة شعبية تضم عشرات الهيئات المناهضة للعدوان، عرض اللوحات بالتزامن مع مظاهرات حاشدة عمّت عدة مدن في إسبانيا، رفضًا للإبادة الجماعية التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني.
اللوحات الجديدة لم تكن نسخًا من عمل بيكاسو، بل كانت صرخات بصرية معاصرة، تحمل وجوهًا فلسطينية، وملامح من أطفال قُطعت أطرافهم، وأمهات تنوح في الأزقة، ومنازل تحت الأنقاض. كانت محاولة فنية لإنقاذ الذاكرة من بلادة العالم، ولربط ما بين جريمة الأمس وصمت اليوم.
خرج آلاف الإسبان إلى الشوارع استجابة لدعوة عدد من الفنانين والمثقفين، من بينهم مخرجون كبار ومفكرون معروفون، مؤكدين أن الفن لا يجب أن يبقى حبيس القاعات، بل عليه أن يخرج إلى الميادين، كما خرجت «غرنيكا» من اللوحة إلى الحياة.
قال أحد ممثلي الحركة الشعبية المناهضة للعدوان خلال التظاهرات: «ربما لا تستطيع اللوحة أن توقف قصفًا، لكنها تستطيع أن تُحرج الصامتين، وتخترق قلوب البعيدين. وما دام هناك أم تبكي طفلها في غزة، فإن صرخة غرنيكا ستبقى حيّة، في كل لوحة، وكل شارع، وكل وجدان لا يزال حيًا».
هاشتاغز

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


القدس العربي
منذ 2 ساعات
- القدس العربي
أحمد السقا يتجاهل قرار استدعائه للنيابة بهذه الطريقة- (فيديو)
'القدس العربي': تجاهل الفنان المصري أحمد السقا القرار الذي صدر من نيابة الشيخ زايد باستدعائه لسؤاله في الاتهام الموجه إليه من طليقته الإعلامية مها الصغير؛ بالاعتداء عليها هي وسائقها أثناء دخولها الكمبوند الذي تعيش فيه. وعبر حسابه الخاص على 'إنستغرام'، نشر السقا مقطع فيديو طريفاً له مع الفنان أحمد فهمي روّج به للإعلان عن موعد عرض فيلمه الجديد 'أحمد وأحمد'، حيث ظهرا بالفيديو وهما يتحدثان معًا عن تغيير ارتداء الملابس قائلين: 'استنوا فيلم أحمد وأحمد استنونا يوم 2 يوليو'. وكانت الإعلامية مها الصغير قد أدلت بأقوالها أمام جهات التحقيق المختصة في أكتوبر، في اتهامها لطليقها أحمد السقا بالتعدّي عليها بالضرب أمام المارّة، داخل الكمبوند الذي تقيم فيه. واستمعت النيابة إلى أقوال مها الصغير وسائقها، وقررت جهات التحقيق المختصة استدعاء أحمد السقا لاستجوابه في اتهام طليقته مها الصغير له بالاعتداء عليها بالضرب أمام المارّة، كما قررت استدعاء شهود عيان وفرد أمن كانوا متواجدين في مكان الحادث، والاستعجال بالتحريات حول الواقعة، والتحفّظ على كاميرات المراقبة وتفريغها.


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
"حكايات جزيرة"… الروضة والمنيل في مرآة الفن والذاكرة
تُعدّ جزيرة الروضة وشارع المنيل من أبرز معالم القاهرة العمرانية والثقافية، حيث شكّلا فضاءً نابضاً بالاحتفالات الشعبية والموالد والتقاليد المتوارثة. وتحتفي هذه الذاكرة الحيّة مساء اليوم الجمعة في حرم "الجامعة الأميركية" من خلال افتتاح معرض جماعي متعدّد الوسائط تنظمه مدرسة خزانة للتراث ، بعنوان "حكايات جزيرة: هنا وسرور في الروضة والمنيل"، ويتواصل لمدّة أسبوعٍ، ويعرض مخرجات ورشة تحمل الاسم نفسه استمرت ستة أشهر، بدءاً من نوفمبر/تشرين الثاني الماضي. من الورشة إلى المعرض عبر تاريخها الإسلامي، كانت جزيرة الروضة (إحدى ثلاث جزر في النيل بين القاهرة والجيزة) مقرّاً للحكّام، في حين يمتلك شارع المنيل (ضمن الجزيرة نفسها) تاريخاً أحدث نسبياً، حيث احتضن مسارح ودور سينما شكلت جزءاً من المشهد الثقافي القاهري في القرن العشرين، إلى جانب معالم بارزة مثل متحف أم كلثوم ومقياس النيل. وقد اعتمدت الورشة مقاربة توثيقية في تناول هذين المكانين، تنظر إلى المدينة وأحيائها من خلال عدسة الترفيه، مركّزة على أربعة محاور رئيسية: الاحتفالات والأعياد، والعلاقة مع النيل، وجمع التاريخ الشفاهي وحكايات السكان، بالإضافة إلى توثيق أماكن الترفيه القديمة التي تراجعت بفعل التحولات العمرانية. تتنوّع المشاريع التي أنجزها المشاركون بين الوسائط البصرية والسمعية والكتابية، بدءاً من كتيّب القصاصات "الألوان والصدأ" الذي أعدّه الحسيني أحمد، إلى خريطة "تُنسى كأن لم تكن" لأحمد عمر، ومطبوعة "حكاية النيل" لرنا هاني، والفيلم الوثائقي القصير "الروضة والمنيل في عيون سكانها" من إعداد آلاء حمدي وشيماء بكري، ومعرض "الصوت والضوء" لمحمد إبراهيم، إلى جانب خريطة "مقتنيات المنيل" لأحمد الشريف، وكتاب "من أخبار السراديب والدهاليز وحكايا شجر الجميز" الذي أنجزته مريم عبد العزيز وإسراء كمال، وكتيّب "من هنا مرّوا" لمي محمود، وصولًا إلى المشروع التركيبي "3×1" الذي يجمع بين خريطة وكتيّب و"بازل" من إعداد مي جمال الدين. من تحضيرات المعرض (صفحة "خزانة للتراث" على فيسبوك) منظور مختلف لعلاقتنا بالمدينة يُقام المعرض بالتعاون مع مكتبة الكتب النادرة والمجموعات الخاصة بالجامعة، ويقدم خلاصة بحث ميداني وعمل توثيقي، ضمن برنامج "هنا وسرور" الذي أطلقته مدرسة "خزانة للتراث" عام 2022، لتوثيق التراث من منظور الترفيه والعلاقة بالمكان. تتضمن فعالية الختام أيضاً تقديم "مدرسة خزانة للتراث" واستعراض أهداف مشروعها، كما يُلقي عدد من الضيوف كلمات حول موضوعات مختلفة، إذ يتناول الباحث عبد الله البياري "التغيرات في المدينة في العالم العربي وقوة القصص الشخصية في علاقتها بالمدينة"، فيما يستعرض الباحث عماد أبو غازي "الذاكرة والتاريخ الشفاهي مع ذكرياته عن الترفيه في المنيل"، إضافة إلى مداخلة من الباحثة هبة صفي الدين التي تناقش جدوى الورشة من منظور عمراني وعلاقتها بصناعة المكان وجودة الحياة. تأسّست "مدرسة خزانة للتراث" عام 2022 على يد المهندسة المعمارية علياء نصار، وتهدف إلى تعريف الناس بالتراث بأنواعه المختلفة وتعليمهم كيفية التوثيق بأنفسهم، من خلال الأنشطة والورشات والجولات في الأحياء القديمة. آداب التحديثات الحية عُري الكاتب أمام قارئه.. آني إرنو تقول "نحن" وشكري يصرخ "أنا"


العربي الجديد
منذ 3 ساعات
- العربي الجديد
جابر تعود إلى ويمبلدون.. من حُلم أول "غراند سلام" إلى البحث عن رد الاعتبار
ترتبط النجمة التونسية، أنس جابر (30 عاماً)، المصنفة الـ59 عالمياً، بعلاقة مختلفة ببطولة ويمبلدون للتنس ، إذ حصدت أفضل النتائج في مسيرتها الاحترافية بلندن، بوصولها مرّتين إلى الدور النهائي، وذلك في نسختي 2022 و2023، كأفضل إنجاز حققته في بطولات " غراند سلام "، إضافة إلى نهائي بطولة الولايات المتحدة الأميركية في عام 2022. وكانت جابر قريبة من حصد أول لقب لها في البطولات الكبرى في ويمبلدون خلال نهائي 2022، عندما تقدمت في المجموعة الأولى أمام الكازاخية إيلينا ريباكينا (26 عاماً)، قبل أن تخسر المواجهة (1ـ2)، وفي عام 2023 خسرت أمام التشيكية ماركيتا فوندروسوفا (25 عاماً) بنتيجة (0ـ2) في نهائي لم تتخلص من تبعاته حتى الآن . ومنذ خسارة نهائي 2023، تواجه جابر الأزمات، التي قادتها إلى خسارة مركز الوصيف، الذي كان أفضل ترتيب في مسيرتها لتتراجع بشكل متواصل وتغادر "التوب 10"، بعدما بذلت مجهوداً كبيراً للوصول إلى قمة المجد، ولم تستطع جابر تجاوز خيبة نهائي عام 2023، إذ اعترفت في مناسبات عديدة بتأثيرات الخسارة معنوياً. وقالت في تصريحات نقلتها صحيفة ليكيب الفرنسية، أمس الجمعة: "في يوم المباراة النهائية، بينما كنت أقوم بالتحضيرات الروتينية مع ميلاني مايارد (طبيبتها النفسية)، قلت لها: أنا متوترة للغاية، لا أستطيع، الأمر يفوق قدرتي، قد يمكنني أن أقول إنني كنت أعاني نوبة هلع، لقد كانت أصعب خسارة في مسيرتي، فقد حطمتني نفسياً. لم يقتصر الأمر على فوزي ببطولة ويمبلدون، بل تلاشى حلم الإنجاب مع فوزي بالكأس (كانت تنوي إنجاب طفل في حال تتويجها بأول غراند سلام). لذا، أعتقد أن هذا ما أثر فينا، أنا وكريم (زوجها)، فقد بكينا كالأطفال ". رياضات أخرى التحديثات الحية ألكاراز يتجنّب سينر حتى النهائي في ويمبلدون... وهذه منافسة أنس جابر وخلال نسخة 2025، تدخل جابر البطولة، وهي خارج ترشيحات التتويج أو الوصول إلى أدوار متقدمة، بما أن بداية الموسم العشبي لم تحمل انفراجاً في أزمة النتائج بحصاد ضعيف للغاية، باستثناء الفوز على المصنفة الخامسة عالمياً، الإيطالية جاسمين باوليني (29 عاماً)، وهي أفضل نتيجة لها منذ قرابة العامين أمام لاعبة من "التوب 10"، ولكن جابر في رحلة ردّ الاعتبار قد تقلب الطاولة وتستعيد مستواها الحقيقي في البطولة، التي كانت ستدخلها إلى عالم الكبار، ولكنها لم تتخلص من صدمة الانكسار في نهائي 2023 .