
مدينة الحصن: حاضرة الثقافة والتراث ونافذة العيش المشترك
وتعرف الحصن، أو ما كانت تسمى "هيبوس"، بكونها إحدى مدن الديكابوليس العشر، وتتميز بانتشار المعابد والكنائس والأنفاق الأثرية التي تربطها بسهول حوران، ما يمنحها قيمة تاريخية وحضارية، ويجعلها نموذجا للعيش المشترك بين المسلمين والمسيحيين، والذي يتجلى في تمركز دور العبادة ومظاهر التآلف والوحدة بين مكونات المجتمع المحلي منذ مئات السنين.
وقال المؤرخ الدكتور مازن مرجي لوكالة الأنباء الأردنية (بترا)، اليوم الاثنين، إن الحصن كانت حاضنة للعلم والثقافة، وبرز منها أكثر من 45 عالما وباحثا خلال قرن وعقدين من الزمن، وكانت مركزا إداريا يضم 14 قرية، تمتد حدودها من منطقة حوارة وحتى قضاء صخرة (الجنيد حاليا) في محافظة عجلون.
وأوضح أن الحصن كانت مقصدا للرحالة والمستكشفين نظرا لغناها الأثري والحضاري، إذ تعاقبت عليها حضارات منذ العصر البرونزي وحتى العصور الإسلامية، مؤكدا أن تل الحصن أو "الديون"، كان موضع أطماع العديد من الممالك القديمة، ومنها مملكة باشان الآرامية، لما يتمتع به من خصوبة أرض وإطلالة استراتيجية.
ولفت إلى أن المدينة حظيت باهتمام الخلفاء الأمويين، وكانت محطة للاستقرار والراحة خلال فتوحات بلاد الشام، مشيرا إلى شخصية "محمد الحصني"، الولي الصالح الذي نسب للقرية، ودفن على ظهر التل في مسجد صغير يعرف باسمه، ما يعكس مكانته الروحية.
وأشار إلى أن عددا من الرحالة الأجانب ذكروا الحصن في مدوناتهم، من بينهم بكينجهام، وليندسي عام 1847، والرحالة الألماني سيتيزن عام 1806، وبيرك هارت الذي نزل عند شيخ القرية عبدالله الغانم.
وتناول مرجي سيرة الأديب والدبلوماسي عقيل أبو الشعر، أحد أبناء الحصن، الذي غادر إلى فلسطين ثم الإكوادور، حيث عمل في السلك السياسي والدبلوماسي حتى أصبح سفيرا للإكوادور في باريس، مشيرا إلى أنه أول من حمل شهادة الدكتوراه في العالم العربي، بحسب توثيق الدكتورة هند أبو الشعر.
وأكد مرجي أن الحصن كانت وما زالت بيئة حاضنة للكفاءات العلمية والثقافية، إذ تتمتع بتراكم حضاري أعطاها مكانة متميزة بين المدن العربية، موضحا أن فيها أنفاقا أثرية تصل حتى مدينة أم قيس، وشكلت جزءا من نظام إنذار مبكر بين مدن الديكابوليس، عبر إشارات النار والدخان.
وأضاف أن الحصن عرفت منذ القدم بازدهارها الزراعي واقتصادها المحلي، حيث وفرت الآبار المياه لسكانها، وبرزت كمركز لإنتاج النبيذ في الحقبة البيزنطية، فيما سميت بـ"الديون"، وهو اسم مشتق من آلهة الخمر، وتشتهر بما كان يعرف بـ"المقدية"، وهي أماكن مخصصة لصناعة النبيذ، إلى جانب وجود "بيارات العسل" لتخزينه.
وقال مرجي إن المدينة اليوم تشهد نهضة حضارية وثقافية، ما جعلها محط أنظار شخصيات دولية، منها وفود من وكالة الفضاء الأميركية (ناسا) عام 2010، لافتا إلى إنشاء متحف الحصن للتراث الشعبي عام 2007، الذي يوثق مظاهر العيش المشترك والمقتنيات التراثية التي تعكس هوية المدينة.
كما أشار إلى وجود متحف الفيلسوف أديب عباسي، أحد أعلام المدينة، الذي عرف بمناظراته مع الأديب عباس محمود العقاد في ثلاثينيات القرن الماضي، ودحضه لنظرية آينشتاين، مبينا أن أبناء الحصن يسعون إلى إنشاء متحف خاص بالفنان توفيق النمري لتوثيق إرثه الفني.
وختم مرجي بالإشارة إلى المضافات التي أعيد ترميمها في المدينة، والتي أصبحت ملتقى أسبوعيا لأبناء الأردن من مختلف المحافظات، للتباحث في الشأن الثقافي والقضايا الوطنية، وتعزيز الصف الوطني في إطار دعم القيادة الهاشمية ومواقفها الثابتة تجاه القضايا المحلية والعربية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الرأي
منذ 5 ساعات
- الرأي
التربية تحدد 9 آب موعدًا لاختبار المرشحين للتسريع الأكاديمي ومدارس التميز
أعلنت وزارة التربية والتعليم ان موعد اختبار الطلبة المرشحين لبرنامج التسريع الأكاديمي السبت، 9 آب 2025 الساعة 11:00 صباحًا. للاطلاع على رقم الجلوس، ومركز الامتحان انقر هنا كما بينت ان اختبار الطلبة المرشحين لمدارس الملك عبد الله الثاني للتميز سينعقد السبت، 9 آب 2025 الساعة 11:00 صباحًا. للاطلاع على رقم الجلوس، ومركز الامتحان انقر هنا


البوابة
منذ 7 ساعات
- البوابة
دعاء فجر يوم الإثنين
يعتبر الدعاء من أجمل العبادات والتي تعكس حُسن ظن العبد بربه سبحانه وتعالى، وللتعرف على مجموعة من الأدعية المستجابة عند الفجر ليوم الإثنين تابع المقال الآتي. دعاء فجر يوم الإثنين فيما يلي دعاء جميل لفجر يوم الإثنين، يمكن أن تبدئي به يومك بكل تفاؤل وخشوع: اللهم في فجر هذا اليوم المبارك، اجعل لنا من كل همٍ فرجًا، ومن كل ضيقٍ مخرجًا، وارزقنا من حيث لا نحتسب. اللهم افتح لنا أبواب رحمتك، وبارك لنا في أعمالنا، ووفقنا لما تحب وترضى. اللهم اجعل هذا اليوم بداية لأفراح لا تنتهي، وأرزقنا فيه راحة البال وسكينة القلب ودوام الشكر. اللهم إني أسألك في هذا الفجر أن ترزقني رزقًا طيبًا مباركًا، وتيسر لي أمري، وتشرح صدري، وتغفر ذنبي، وتحقق لي ما أتمنى، إنك على كل شيء قدير. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم. اللهم إني أسألك علماً نافعاً ورزقاً طيباً وعملاً متقبلاً". ويُعد هذا الذكر أجمل دعاء الفجر قصيراً. اللهم أجرني من النار. (يُقال 7 مرات). لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، يحيي ويميت وهو على كل شيءٍ قدير. دعاء الفجر للرزق

الدستور
منذ 14 ساعات
- الدستور
بلدية عجلون تبذل جهوداً للحفاظ على البيئة بما يتناسب وطبيعتها السياحية
عجلون - علي القضاة أكد رئيس لجنة بلدية عجلون الكبرى المهندس محمد البشابشة، أهمية تحسين وتطوير مداخل محافظة عجلون بما بتناسب مع طبيعتها السياحية والتاريخية، والبيئية والتراثية انسجاماً مع رؤى وتوجيهات وتطلعات جلالة الملك عبدالله الثاني، بهدف النهوض بواقعها التنموي، كذلك الزيارات الحكومية وتوجيهات رئيس الوزراء الدكتور جعفر حسان بضرورة الارتقاء بالخدمات وتحسين البنية التحتية. وقال البشابشة في حديث لـ «الدستور «إن مناطق البلدية الخمسة تشهد حضورا وكثافة من قبل الزوار والمتنزهين للاستمتاع بما فيها من ميزات ومن ابرزها الطبيعة الخلابة ومشروع التلفريك الذي جاء برؤية ملكية وأحدث نقلة نوعية للمحافظة وجعلها وجهة سياحية مفضلة إلى جانب وجود القلعة ومواقع الحج المسيحي ومحمية غابات، لافتا الى ان هذه المواقع تقع ضمن اختصاص بلدية عجلون الكبرى وهي التي تستقطب الزوار بكثافة ما يرتب على البلدية جهودا مضاعفة في مجال الاهتمام بالنظافة والحفاظ على البيئة؛ وهذا ما نؤكد عليه مع مديري المناطق وكوادرها وبما يتناسب مع طبيعة عجلون وبما يحافظ على هويتها التاريخية ويعزز مكانتها السياحية لتكون في الطليعة. وأشار المهندس البشابشة إلى أن البلدية تنفذ حملات بيئية شاملة بهدف إزالة كافة التشوهات البصرية التي تلوث المظهر الجمالي للمنطقة مؤكدا أن هذه الحملات هي جزء من خطط البلدية الرامية لتحسين مداخل مناطقها من خلال تنظيف وزراعة الأشجار على جوانب الطرق والجزر الوسطية ودهان الأطاريف وإزالة كافة التشوهات التي لحقت بالشوارع والأرصفة وأصبحت لا تتناسب وطبيعة المحافظة السياحية وبخاصة مناطق البلدية بما فيها من أماكن للتنزه سواء استراحات وفنادق ومنشآت ومطاعم سياحية، حيث تشهد مناطق البلدية حركة سياحية نشطة خلال عطلة نهاية الأسبوع، مبينا أن حملات تشمل أيضا تقليم وإزالة اغصان الأشجار من الجزر الوسطية، والتي باتت تحجب الرؤيا وتشكل خطراً على السلامة العامة، لافتاً إلى تكثيف جولات عمال الوطن والكابسات داخل الأحياء السكنية وأماكن التنزه بهدف منع تجمع النفايات. ولفت المهندس البشابشة إلى أن عجلون تشهد نهضة تنموية وعددا من الاستثمارات لمشاريع كبرى ضمن المخطط الشمولي؛ ما سيجعل منها جنة بيئية وسياحية وزراعية، ونموذجا للمحافظات، مبينا أن من أبرز المشاريع المنتجع الاستشفائي بقيمة 50 مليون دينار، وتقوم البلدية بتعبيد الطريق الواصلة لها بالإضافة لمشروع المتنزة القومي، وإعادة تأهيل قرية دير الصمادي التراثية وأكاديمية الطهي. مؤكدا أن هذه المشاريع وغيرها ستسهم في تحفيز النمو الاقتصادي للمحافظة، وتوفير فرص عمل للشباب، لافتا إلى أن المرحلة الحالية تتطلب العمل ضمن برنامج مدروس لتسهيل إنجاز الأعمال المطلوبة وتنفيذ المشاريع التنموية، مؤكداً ضرورة تنسيق الجهود لمنع العشوائية في العمل بين جميع الجهات والمؤسسات الخدمية من مياه وكهرباء واتصالات، لتسهيل مهمة البلدية إصدار التصاريح اللازمة في حال تنفيذ المشاريع ضمن اختصاصها.