
لماذا لا نرفق بالصغار؟!
بعضنا يقرأ الحادثة مرورًا ويغفل عن لطف النبي بالصغير.. ألم يبلغك مواساته لأبي عمير، حين قال له: "ما فعل النُّغَير؟!"؟ وما أبو عمير هذا إلا طفل هنئ بتدليل رسول الله، فأصبحت قصته حديث المجالس.
هل ندرك فعلًا أهمية إدخال السرور على قلوب الأطفال؟ تعلمتُ من المعلمين القدماء توزيع الحلاوة على الطلاب، وحين نفذت التجربة، كان لها مفعول السحر
في زيارتي الأخيرة للروضة المباركة، اصطحبتُ معي ابني الصغير لأعرِّفه على المعالم الإسلامية، وأعقد أواصر المحبة بينه وبين نبيه، وحين اقتربنا من القبر الشريف للسلام عليه، ازدحمت الجموع فلم يرَ ابني شيئًا. هنا احتملتُ ابني من إبطيه حتى يرى ما لا يراه القصار، فأخذ يكركر ضحكًا وهو يقول: "أنت تضحكني"! كررت المحاولة وأنا أحمله من إبطيه، وهو لا يكف عن الضحك، حتى فشلت محاولاتي، فلجأت إلى التصوير، ليرى ما لم يكن يراه!
بعض الكبار لا ينتبه لرسالة النبي في الوداد مع الصغار، أليس هو الرحمة المهداة؟ أما كان رحمةً للعالمين؟ لماذا لا نتعلم منه فن الرفق والمداراة مع الأطفال؟
في لقطة ذهبية، أهدت طفلة صغيرة ترافق أباها قطعة حلاوة لابني الصغير، هنا انبثقت فكرة أن نوزع الحلاوة لكل طفل نراه أمامنا، وتسلم ابني هذه المهمة، فأخذ يلاحق الصغار ليمنحهم هداياه الصغيرة. رغم بساطة التجربة، فإننا كسبنا الكثير من الابتسامات، حتى من الآباء المرافقين، لهذا عقدتُ في عقلي ألا أنسى كيس الحلاوة حين أزور النبي.
الصغير أبسط معروف يفرحه، وكانت أمي تقول: "من أفرح صبيًّا أفرح نبيًّا"! فهل ندرك فعلًا أهمية إدخال السرور على قلوب الأطفال؟ تعلمتُ من المعلمين القدماء توزيع الحلاوة على الطلاب، وحين نفذت التجربة، كان لها مفعول السحر.. أصبحت المدرسة رحلة تنزه وغرفة بهجة، وما القيمة المالية إلا حفنة ريالات بسيطة.
كم ابتهاجًا ستصنع بكيس حلاوة صغير؟ ليست القيمة في هذا الكيس العجيب، بقدر ما هي في هذا الشعور الذي يسكنك باللطف على الصغار وخلق المودة معهم، ومن نبينا محمد نتعلم بوادر اللطف. كم منا من سمع أو قرأ المأثورة النبوية:"يا أبا عمير ما فعل النغير؟"، دون أن يفهم المغزى أو يلمح المعنى!
إعلان
أنا لا أقول لك كن جملًا وبعيرًا لأبنائك، بل أقول لك: تنبّه لتواضع النبي ومودته الصغار.. من أراد طريق الجنة فليسلك الآثار النبوية، وبالفعل سيصل. ألم يصل سراقة بن مالك إلى غار ثور في يوم الهجرة، حين اقتفى الأثر؟ وأنا أقول لك: هناك آثار معنوية لا تزال عالقة وتنتظر الاقتفاء؛ فلِمَ لا تجرب السير خلفها لترى النبي؟
لقد رأيته في عالم الرؤيا، وسترى بنفسك أن ابتسامته، إذا وُضعت في كفة، وكل ما في الدنيا في كفة، لرجحت ابتسامته. فلماذا لا نتعلم منه سر الابتسام، وفن اللطف، وسعادة الحياة؟ لماذا لا تكني صغيرك بأبي عمير أو بأي كنية تليق به؟ لماذا لا تسأل ابنك عن حال حيوانه الصغير كما فعل النبي؟ لماذا لا تطيل السجود إذا ارتحلك أحد أبنائك؟ أليس لنا في النبي خير قدوة؟ فلماذا نقسو على الصغار؟ ونحمل العصا ونمارس الصفع والتقريع؟
اللطف ليس مقالات نقرؤها، بل سلوكًا نخطو به الحياة.. جرّب الاقتفاء، فقد تصل إلى رفيق الجنة، الذي يسرك إذا نظرت إليه، ويُتحفك بالعطر الطيب
إن سلوكياتنا ابتعدت كثيرًا عن نبراس الاقتداء.. نتشدق بالمعلومات، والواقع مُزرٍ! فلماذا لا نفتح صفحة التعلم كما يفعل طفل الابتدائية؟ لنكتب أبجديات الأخلاق في مدرسة الحياة، لا بحمل القلم والتدوين، بل بالفعل والمشاركة. ابدأ بتوزيع كيس الحلاوة لتمرّن قلبك على اللطف.
كنت أرى رجلًا يطعم الحيوانات في الحديقة كل يوم، وكأن إطعامهم فريضة، فماذا استفاد هذا الرجل؟ إننا نتخم الحاويات ببقايا الطعام، وليس للحيوان في زادنا نصيب! لاحظ كيف يعلمنا النبي درس اللطف؛ فحين يأكل تمرًا يعطي النوى لدابته.. فأين تذهب بقايا طعامك؟
اللطف ليس مقالات نقرؤها، بل سلوكًا نخطو به في الحياة.. جرّب الاقتفاء، فقد تصل إلى رفيق الجنة، الذي يسرك إذا نظرت إليه، ويُتحفك بالعطر الطيب.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجزيرة
منذ 9 ساعات
- الجزيرة
هكذا تفعل الحداثة.. بدو سيناء خارج الخيمة
جنوب سيناء- حين كان إسماعيل في الخامسة من عمره، لم تكن أنشطته اليومية تتعدى مساعدة أبيه في سقي الإبل ومعاونة أمه في نقل الحطب والبحث مع رفاقه عن ألعاب بدائية للتسلية، أما الآن وهو على مشارف الأربعين فقد بات مندهشا من التغيرات التي حلت على الحياة البدوية وبخاصة بين الأجيال الجديدة. يحاول إسماعيل، الذي ينتمي لقبيلة الجبالية ويعيش بمنطقة سانت كاترين في جنوب سيناء، أن يقنع ابنتيه -اللتين لم تتجاوزا العشر سنوات- بخطورة استخدام الألعاب الإلكترونية لساعات طويلة، "لا تفعلان شيئا طيلة اليوم سوى التحديق في الهاتف المحمول"، هكذا يقول بينما يتذكر طفولته التي وصفها بالمتواضعة. يتراجع الرجل البدوي عن وصف طفولته بالمتواضعة ليقول إنها كانت مناسبة للبيئة المحيطة به، فمن الطبيعي -وفق رأيه- أن ترتبط أنشطة الأطفال الذين يسكنون الصحراء بتراثهم. أما غير الطبيعي هو أن يكونوا منساقين وراء ثقافات أخرى، وبسبب ما يتابعه من تغيرات على محيطه لا يخفي إسماعيل مخاوفه من اندثار التراث البدوي بعد عقود قليلة على يد الأجيال الجديدة. مخاوف الرجل البدوي تبدو متفهمة، ثمة مظاهر تطور أثرت على معيشة أبناء قبائل سيناء، جعلت الخيمة البدوية، التي دُقت أوتادها على مدى مئات السنين، في مهب رياح مجاراة العصر، لتمسي الخيمة بما تطويه من تراث مجرد فلكلور لقضاء وقت ممتع بالصحراء واسترجاع أجواء الماضي لا مسكن يشهد حياة. المرعى ولى مظاهر التطور التي حلت على الحياة البدوية بسيناء عديدة، وربما أكثرها وضوحا هي نزوح أبناء القبائل للعيش بالتجمعات السكنية -سواء كانت مدنا أو قرى- بعيدا عن الترحال بالخيام في نواحي متفرقة بحثا عن المراعي كحال الأسلاف. في جنوب سيناء، صار البدوي، الذي يسكن خيمة ويمتهن الرعي، رجلا متمسكا بالندرة، ذلك يبدو مبررا بالنظر إلى الطبيعة السياحية للمنطقة، فالمدن السياحية، مثل شرم الشيخ ودهب ونويبع وطابا، التي تجذب السائحين للزيارة جذبت أيضا أعدادا كبيرة من البدو على مدى العقود الثلاثة الماضية للانخراط بالعمل في قطاع السياحة. يقول صالح، وهو من قبيلة المزينة ويعيش بمدينة دهب، إن أعدادا قليلة من أبناء قبيلته ما زالوا متمسكين بالصورة القديمة لحياة البادية وتتركز مناطق رعيهم في وسط سيناء لا الجنوب، أما شمال سيناء فيتجه إلى الطبيعة المتمدنة بسبب الأجيال الشابة التي تخرجت من الجامعات. وهناك سبب آخر يجعل بدو الشمال يميلون إلى الاستقرار بعيدا عن الترحال وهو امتهان أعداد منهم للزراعة خاصة زراعة الزيتون والخوخ والنباتات العطرية والطبية. فمنذ أكثر من 10 سنوات، يعمل صالح في قطاع السياحة حيث يتولى قيادة سيارة دفع رباعي لنقل الزوار إلى قلب الصحراء، حيث الوديان والجبال التي تعد مقصدا سياحيا، وهو لا يسكن الخيام كأجداده بل شقة بإحدى البنايات التي طرحتها الحكومة في إطار مشروعات للإسكان الاجتماعي بتسهيلات في السداد. ثوب في طور الاندثار قديما كان رداء المرأة البدوية يتميز بخصوصية ثقافية، أما الآن فنساء القبائل يرتدين ملابس عادية تشبه نساء محافظات وادي النيل (الدلتا والصعيد)، فقط تتمسك الجدات بالزي التقليدي الذي يتسم بالألوان الزاهية والتطريزات اليدوية. وتقول سعيدة، وهي سيدة خمسينية تعيش في وادي غزالة القريب من مدينة نويبع، إن كثيرا من نساء سيناء أصبحن يرتدين الملابس العادية بينما الزي التقليدي بات مقتصرا على كبار السن وأيضا يظهر في المناسبات الاجتماعية. وتحتاج الحياكة اليدوية للثوب البدوي الواحد مدة طويلة تصل لنحو شهرين، كما تؤكد سعيدة، إذ تستغرق التطريزات المتنوعة وقتا، كما أن هناك ملحقات أو لوازم عديدة للثوب مثل "القنعة" وهي غطاء للرأس، و"البرقع" وهو قناع للوجه مصنوع من القطع المعدنية، و"المقوط" وهو حزام حول الخصر، و"المريرة" وهو شريط يوضع فوق الحزام يصنع من شعر الماعز، مما يجعل الرداء بمشتملاته مرتفع الثمن ويقلل أيضا من الإقبال عليه مقابل المصنوع آليا. في المقابل، يبدو الرجل البدوي أكثر محافظة على زيه التقليدي من امرأته، إذ يرتدي الجلباب والسروال الفضفاض وينتعل حذاء خفيفا ولا يتحرر من هذا الزي إلا في أوقات العمل إذا كان يشتغل لدى جهة حكومية أو أثناء الدراسة. وتقول سعيدة إن الملابس الرجالية بسيطة في تفاصيلها ومريحة في الحركة وليست مرتفعة الثمن بالتالي لا يسعى الرجل لاستبدالها بأخرى مثلما حدث مع المرأة. ولم يتغير الملبس فقط في حياة المرأة البدوية، بل تغيرت نظرتها لعدد الأسرة، فمثلا سعيدة هي أم لـ9 أبناء وجدة للعدد نفسه، أما أولادها المتزوجون فأكثرهم عددا من أنجب 4 أطفال، وتلخص السيدة الخمسينية ما جرى "الدنيا تغيرت.. كنا ننجب كثيرا لأن الموت كان يأخذ كثيرا، والأب كان محتاجا لمن يساعده في العمل". ما فعله الإنترنت بالبادية يقول إسماعيل إنه اشترى لطفلته جنة هاتفا محمولا حين بلغت الثلاث سنوات وكذلك فعل مع ابنته الثانية، وغيره الكثير من أبناء القبائل يفعل ذلك مع أبنائه، صحيح هو نادم على ذلك لأن الهاتف صار بديلا للحياة الحقيقية بالنسبة لابنتيه لكنه لم يعد في إمكانه التراجع عن ذلك. هو نفسه لا يمكنه الاستغناء عن الهاتف أو استخدام وسائل التواصل الاجتماعي، لأن الأخيرة تحديدا تفيده في الترويج لعمله كدليل لزوار الصحراء خلال رحلات السفاري. لكنه يحاول أن يكون متوازنا في استخدام التكنولوجيا بعكس بعض أصدقائه، ويقول "نلتقي كل فترة ونخرج للصحراء فيما يفترض أنه خلوة ولكن يكون المشهد غريبا جدا، نرتدي جميعنا الزي البدوي ونجلس داخل خيمة ولكن الكل منشغل بالتحديق في هاتفه المحمول طيلة الجلسة"، ويضيف ساخرا "يشترط الأصدقاء أن يكون التخييم في مكان قريب داخل نطاق تغطية شركات الاتصالات حتى لا ينقطع عن هواتفهم الإنترنت". ورغم ذلك فأكثر ما يمثل خطورة بالنسبة لإسماعيل هو تأثير الإنترنت على طبائع الشخصية البدوية، ويوضح "قديما إذا حدثت مشكلة بين طرفين يكون هناك احترام للعادات واحتكام تام للمجلس العرفي. أما الآن فصحيح ما زال المجلس العرفي هو الحاكم لكن أيضا يلجأ الطرفان للفيسبوك كساحة لإفشاء الأسرار بل والمعايرة". تحديث المجتمعات البدوية بدأ اهتمام جامعة عين شمس بدراسة المتغيرات على المجتمع البدوي عبر إعداد دراستين، أولهما حملت عنوان "تحديث المجتمعات البدوية وعلاقته بالثوابت والمتغيرات في الموروث الثقافي الشعبي لبدو سيناء". وأظهرت الدراسة، التي أشرف عليها معهد بحوث الصحراء، وجود علاقة ما بين التغير في النشاط الاقتصادي والتطور التكنولوجي، وبين حدوث تغيرات اجتماعية وثقافية سواء مادية وغير مادية. بناء على ذلك فإن محافظة شمال سيناء ذات مستويات التعليم المرتفعة والانفتاح على العالم الخارجي هي أكثر تحديثا من محافظة جنوب سيناء، وفق النتائج البحثية. وأوضحت الدراسة التي أعدها 3 باحثين أن التحديث قد يعمل على إحداث تغير في النظام الاجتماعي القائم عبر إضعاف القيم المتوارثة واستبدالها بطائفة من مظاهر السلوك الجديدة. وحذرت من كون مظاهر السلوك الجديدة بتعارضها مع القيم المتوارثة قد تؤدي إلى فقدان وضوح الرؤية أمام مسيرة المجتمع وخلق حالة من التخبط المجتمعي. أما الدراسة الثانية التي أعهدها معهد الدراسات والبحوث البيئية، فقد ركزت على أثر التكنولوجيا الحديثة في تحديث المجتمعات البدوية، كاشفة أن نحو 80% من البدو لديهم هواتف محمولة وحسابات على صفحات التواصل الاجتماعي. وبيّنت أن البدو يقضون وقتا طويلا في استخدام الإنترنت مما أدى إلى تغيرات -وصفتها الدراسة بالجذرية- في طباع وعادات تلك المجتمعات، ومنها ضعف العلاقات الاجتماعية التي كان المجتمع البدوي يمتاز بمتانتها.


الجزيرة
منذ يوم واحد
- الجزيرة
لماذا لا نرفق بالصغار؟!
في ظاهرة نبوية، كان النبي يطيل سجوده ليحتمل على ظهره الحسن والحسين، حتى إنّ بعض المسلمين ظنّ أنه خبر من السماء جاء أو وحيٌ نزل. بل كان أبو بكر يقول: "نِعْم الجمل جملكما"، ويرد النبي: "ونِعْم الراكبان هما". بعضنا يقرأ الحادثة مرورًا ويغفل عن لطف النبي بالصغير.. ألم يبلغك مواساته لأبي عمير، حين قال له: "ما فعل النُّغَير؟!"؟ وما أبو عمير هذا إلا طفل هنئ بتدليل رسول الله، فأصبحت قصته حديث المجالس. هل ندرك فعلًا أهمية إدخال السرور على قلوب الأطفال؟ تعلمتُ من المعلمين القدماء توزيع الحلاوة على الطلاب، وحين نفذت التجربة، كان لها مفعول السحر في زيارتي الأخيرة للروضة المباركة، اصطحبتُ معي ابني الصغير لأعرِّفه على المعالم الإسلامية، وأعقد أواصر المحبة بينه وبين نبيه، وحين اقتربنا من القبر الشريف للسلام عليه، ازدحمت الجموع فلم يرَ ابني شيئًا. هنا احتملتُ ابني من إبطيه حتى يرى ما لا يراه القصار، فأخذ يكركر ضحكًا وهو يقول: "أنت تضحكني"! كررت المحاولة وأنا أحمله من إبطيه، وهو لا يكف عن الضحك، حتى فشلت محاولاتي، فلجأت إلى التصوير، ليرى ما لم يكن يراه! بعض الكبار لا ينتبه لرسالة النبي في الوداد مع الصغار، أليس هو الرحمة المهداة؟ أما كان رحمةً للعالمين؟ لماذا لا نتعلم منه فن الرفق والمداراة مع الأطفال؟ في لقطة ذهبية، أهدت طفلة صغيرة ترافق أباها قطعة حلاوة لابني الصغير، هنا انبثقت فكرة أن نوزع الحلاوة لكل طفل نراه أمامنا، وتسلم ابني هذه المهمة، فأخذ يلاحق الصغار ليمنحهم هداياه الصغيرة. رغم بساطة التجربة، فإننا كسبنا الكثير من الابتسامات، حتى من الآباء المرافقين، لهذا عقدتُ في عقلي ألا أنسى كيس الحلاوة حين أزور النبي. الصغير أبسط معروف يفرحه، وكانت أمي تقول: "من أفرح صبيًّا أفرح نبيًّا"! فهل ندرك فعلًا أهمية إدخال السرور على قلوب الأطفال؟ تعلمتُ من المعلمين القدماء توزيع الحلاوة على الطلاب، وحين نفذت التجربة، كان لها مفعول السحر.. أصبحت المدرسة رحلة تنزه وغرفة بهجة، وما القيمة المالية إلا حفنة ريالات بسيطة. كم ابتهاجًا ستصنع بكيس حلاوة صغير؟ ليست القيمة في هذا الكيس العجيب، بقدر ما هي في هذا الشعور الذي يسكنك باللطف على الصغار وخلق المودة معهم، ومن نبينا محمد نتعلم بوادر اللطف. كم منا من سمع أو قرأ المأثورة النبوية:"يا أبا عمير ما فعل النغير؟"، دون أن يفهم المغزى أو يلمح المعنى! إعلان أنا لا أقول لك كن جملًا وبعيرًا لأبنائك، بل أقول لك: تنبّه لتواضع النبي ومودته الصغار.. من أراد طريق الجنة فليسلك الآثار النبوية، وبالفعل سيصل. ألم يصل سراقة بن مالك إلى غار ثور في يوم الهجرة، حين اقتفى الأثر؟ وأنا أقول لك: هناك آثار معنوية لا تزال عالقة وتنتظر الاقتفاء؛ فلِمَ لا تجرب السير خلفها لترى النبي؟ لقد رأيته في عالم الرؤيا، وسترى بنفسك أن ابتسامته، إذا وُضعت في كفة، وكل ما في الدنيا في كفة، لرجحت ابتسامته. فلماذا لا نتعلم منه سر الابتسام، وفن اللطف، وسعادة الحياة؟ لماذا لا تكني صغيرك بأبي عمير أو بأي كنية تليق به؟ لماذا لا تسأل ابنك عن حال حيوانه الصغير كما فعل النبي؟ لماذا لا تطيل السجود إذا ارتحلك أحد أبنائك؟ أليس لنا في النبي خير قدوة؟ فلماذا نقسو على الصغار؟ ونحمل العصا ونمارس الصفع والتقريع؟ اللطف ليس مقالات نقرؤها، بل سلوكًا نخطو به الحياة.. جرّب الاقتفاء، فقد تصل إلى رفيق الجنة، الذي يسرك إذا نظرت إليه، ويُتحفك بالعطر الطيب إن سلوكياتنا ابتعدت كثيرًا عن نبراس الاقتداء.. نتشدق بالمعلومات، والواقع مُزرٍ! فلماذا لا نفتح صفحة التعلم كما يفعل طفل الابتدائية؟ لنكتب أبجديات الأخلاق في مدرسة الحياة، لا بحمل القلم والتدوين، بل بالفعل والمشاركة. ابدأ بتوزيع كيس الحلاوة لتمرّن قلبك على اللطف. كنت أرى رجلًا يطعم الحيوانات في الحديقة كل يوم، وكأن إطعامهم فريضة، فماذا استفاد هذا الرجل؟ إننا نتخم الحاويات ببقايا الطعام، وليس للحيوان في زادنا نصيب! لاحظ كيف يعلمنا النبي درس اللطف؛ فحين يأكل تمرًا يعطي النوى لدابته.. فأين تذهب بقايا طعامك؟ اللطف ليس مقالات نقرؤها، بل سلوكًا نخطو به في الحياة.. جرّب الاقتفاء، فقد تصل إلى رفيق الجنة، الذي يسرك إذا نظرت إليه، ويُتحفك بالعطر الطيب.


الجزيرة
منذ 2 أيام
- الجزيرة
حقيقة دعوة هالاند للمغربي بونو للانضمام إلى مانشستر سيتي
كشف النرويجي إيرلينغ هالاند مهاجم مانشستر سيتي حقيقة طلبه من المغربي ياسين بونو حارس مرمى الهلال الانضمام للفريق الإنجليزي، بعد تألقه خلال مباراة الفريقين في ثمن نهائي كأس العالم للأندية المقامة في الولايات المتحدة. وظهر هالاند بعد المباراة في مقطع فيديو قصير وهو يصافح بونو ويهنئه بحرارة على الأداء الخرافي الذي قدّمه، إذ قام الأخير بـ10 تصديات مؤثرة بينها 3 في الشوط الأول والهلال متأخر بالنتيجة الأمر الذي ساعد "الزعيم" على العودة وتحقيق الانتصار المثير (4-3) في النهاية. وفي ذلك المقطع أشار هالاند إلى بونو بإيماءة، فسّرها كثيرون عبر مواقع التواصل الاجتماعي على أنها دعوة لانضمام الحارس المغربي إلى صفوف مانشستر سيتي، معتقدين بأنه قال له "تعال معنا". ويبدو أن هذا التفسير وصل إلى مسامع المهاجم النرويجي الذي سارع إلى نفي ذلك بشكل قاطع. ونشر هالاند صور تلك اللقطة التي جمعته بالمغربي بونو عبر خاصية "القصة" بحسابه الرسمي على "إنستغرام" مرفقا إياها بتعليق "ليس صحيحا". ولم يكشف هالاند عن فحوى الحوار القصير أو الكلمات التي وجهها إلى بونو (34 عاما) مكتفيا بنفي صحة التفسيرات الرائجة على مواقع التواصل الاجتماعي. وكان هالاند قد سجّل الهدف الثاني للسيتي بمرمى الهلال في المباراة التي جرت فجر أمس الثلاثاء وانتهت بفوز تاريخي للفريق السعودي. وشارك هالاند في 4 مباريات بمونديال الأندية سجّل خلالها 3 أهداف وقدّم لزملائه تمريرة حاسمة وحيدة. إعلان في الأثناء أشادت صحيفة "آس" الإسبانية بمستوى بونو في تلك المباراة وقالت "كان أداؤه ضد مانشستر سيتي حاسما للغاية وساهم بشكل كبير في تحقيق مفاجأة البطولة الكبرى بإقصاء فريق غوارديولا". وأضافت "لا يمكن الحديث عن تلك المباراة دون الإشارة إلى التألق المبهر للحارس المغربي، وفي سن 34 عاما يواصل تقديم مستوى عال من الثبات والتألق تماما كما فعل طوال مسيرته وأكد أنه ما زال قادرا على المنافسة في أعلى المستويات". ومن المقرر أن يواجه الهلال نظيره فلومينينسي البرازيلي في ربع النهائي من كأس العالم للأندية يوم الجمعة المقبل عند الساعة 10 مساء (22:00) بتوقيت مكة والدوحة.