
«الهجرة النبويَّة.. تدبيرٌ إلهيٌّ وبُعدٌ إنسانيّ»
وأوضح فضيلته أنّ الهجرة النبويّة جاءت محفوفة بالعِبر والدروس العظيمة، وظهر فيها جانب من خصائص النبيّ ﷺ التي تفرّد بها، فقد خصّه الله ب الهجرة ، وخصّه بالإسراء والمعراج ، وجعل له مقام الشفاعة الكبرى يوم القيامة، كما جاء في حديث صحيح رواه الإمام مسلم عن أنس بن مالك رضي الله عنه، أن النبيّ ﷺ يكون أوّل من يستفتح باب الجنة، فيقول له خازنها: «بِكَ أُمِرْتُ، لا أَفْتَحُ لأَحَدٍ قَبْلَكَ».
وأشار عضو هيئة كبار ال علماء إلى رفعة قدر النبيّ ﷺ ، وسموّ منزلته عند الله عز وجل، مستشهدًا بقول الله تعالى: ﴿وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ﴾، وبما رواه أن جبريل عليه السلام قال للنبيّ ﷺ: «لا أُذكَرُ إلا ذُكرتَ معي»، ولذلك اقترن اسمه باسم الله تعالى في الأذان والتشهّد، وتوقّف فضيلته عند مشهدٍ مؤثّرٍ من لحظة مغادرة النبيّ ﷺ لمكة، إذ خرج منها متوجّهًا إلى المدينة وقلبه يتفطّر شوقًا إلى أحبّ بلاد الله، وقال وهو يودّعها بعين دامعة: «واللهِ إنّكِ لَأَحَبُّ أرضِ اللهِ إليَّ، وأحبُّ أرضِ اللهِ إلى الله، ولولا أنّ قومكِ أخرجوني منكِ ما خرجت»، فجاءه الوحي في لحظتها يُثبّته ويُبشّره: ﴿إِنَّ الَّذِي فَرَضَ عَلَيْكَ الْقُرْآنَ لَرَادُّكَ إِلَىٰ مَعَادٍ﴾.
وبيَّن فضيلته خلال كلمته أنَّ الهجرة لم تكن فرارًا، بل تأسيسًا لدولة إسلامية جديدة، أُقيمت على ثلاثة أسس متينة: أولها توثيق الصلة بالله، وثانيها توثيق علاقة المسلمين بعضهم ببعض، وثالثها توثيق الصلة بغاية الإسلام الكبرى، لتكون الهجرة بذلك مدرسةً خالدة في الفهم والتخطيط والعمل والبناء.
من جانبه، أكد فضيلة الدكتور محمد الجندي، الأمين العام ل مجمع البحوث الإسلامية ، أن الهجرة النبويّة ليست مجرّد حدث تاريخي أو انتقال جغرافي، بل هي مسارٌ بنائيٌّ ونهضويٌّ لصناعة الأمة، لا يدركه إلا مَن امتلأ قلبه بالتصديق والإيمان، مستشهدًا بموقف سيدنا أبي بكر الصدّيق رضي الله عنه الذي رفع يديه قائلاً: «الصحبةَ، الصحبةَ يا رسول الله»، ليكون تصديقه القلبي هو البداية الحقيقية لرحلة الهجرة.
وأوضح فضيلته أنّ الهجرة تنقسم إلى هجرة «مبنى» وهجرة «معنى»، مشيرًا إلى أن رسول الله ﷺ جمع بين الهجرتين؛ إذ هاجر بجسده وروحه، بينما يُطلب من المؤمنين اليوم أن يهاجروا بقلوبهم إلى رسول الله، فيتحقق فيهم المعنى الروحي للهجرة، وهو التعلّق القلبي برسول الله ﷺ ، بحيث يتصل قلب المؤمن بقلب نبيّه، فيعيش في حضرته المعنوية كما لو كان في الروضة الشريفة.
وأشار فضيلته إلى أنّ التصديق القلبي هو الأساس في استحضار حدث الهجرة وفهم أبعاده، وهو ما يتطلب إخلاصًا في النيّة وصفاءً في التوجّه، لافتًا إلى أن الإمام البخاري صدّر صحيحه بحديث النيّة: «إنما الأعمال بالنيات...» ليؤكد أن كلّ هجرة – سواء كانت مكانية أو معنوية – لا تُقبل إلا إذا كانت خالصة لله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها أو امرأة ينكحها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
كما أكد فضيلة الدكتور حسن يحيى، الأمين العام المساعد لشؤون اللجنة العليا للدعوة الإسلامية ، أن الهجرة النبويّة كانت حدثًا فارقًا غيّر مجرى التاريخ، وأنّ القرآن الكريم وصفها بالنصر، كما في قوله تعالى: ﴿إِلَّا تَنْصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾، مشيرًا إلى أنّ النصر – بمفهومه الشامل – يُحدث تحوّلات كبرى في حياة الأمم، لأنه يُمكّن المنتصر من فرض قيمه وأفكاره وتقاليده على الواقع.
وأوضح فضيلته أن الهجرة لم تكن مجرّد انتقالٍ جغرافي، بل كانت إرادةً إلهية تجلّت في صورة نصرٍ مبارك، أتاح للناس أن يستمتعوا بوحي السماء، ويهتدوا بتعاليم النبوّة التي قامت على تقويم الاعوجاج وتصويب الأخطاء. وأكّد أنّ النبي ﷺ أسّس بهذا النصر مجتمعًا جديدًا في المدينة، غيّر العادات والأعراف التي كانت سائدة آنذاك، وهو ما يُعدّ من أهمّ وسائل التغيير الحضاري والتاريخي.
واختتم الدكتور حسن يحيى كلمته بالإشارة إلى أنّ من أبرز ثمار الهجرة المؤاخاة التي عقدها النبي ﷺ بين الأوس والخزرج، وبين الأنصار والمهاجرين، بعد أن كانوا في جاهليّتهم يقتتلون لسنين طويلة لأسباب واهية، دفنوا فيها أنفسهم بأيديهم من أجل ناقة أو ضرع. فجاءت الهجرة لتزرع أعرافًا جديدة يسودها الأمن النفسي والاجتماعي، وتُوحِّد الصفوف وتُقيم مجتمعًا متماسكًا يقوم على الإيمان والتكافل.
Previous Next
تابع بوابة الجمهورية اون لاين علي

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


الجمهورية
منذ 22 دقائق
- الجمهورية
بإجمالي 1239محفظًا لمركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم
وفي هذا السياق، صرح الدكتور عبد المنعم فؤاد، المشرف العام على الأنشطة العلمية للرواق الأزهر ي ب الجامع الأزهر ، قائلاً: "تعتبر هذه الدورة جزءاً من استراتيجية الأزهر لتأهيل خريجيه للقيام بدورهم في نشر وتعليم القرآن الكريم ، ونحن نهدف إلى تحسين جودة التعليم القرآني وضمان أن يكون الم حفظ ون مؤهلين بشكل جيد لتلبية احتياجات المجتمع ومواكبة تطوراته"، لافتًا إلى أن هذه الدورات تهدف إلى رفع كفاءة الم حفظ ين للعمل بفروع الرواق الأزهر ي في ال محافظات ، مما يسهم في تعزيز تحفيظ القرآن الكريم". من جهته، أشار الدكتور هاني عودة، مدير عام الجامع الأزهر ، إلى أهمية هذه الدورات قائلاً: "تأتي هذه الدورة في وقت يشهد فيه الأزهر توسعا ملحوظا في الأروقة الأزهر ية، والتي بلغت أعدادها أكثر من 1450 فرعا في مختلف محافظات الجمهورية ، ونحن نعمل على إعداد نخبة من الم حفظ ين لديهم القدرة على تحفيظ القرآن الكريم بشكل فعّال لمختلف فئات الجمهور". يُذكر أن الدورات التدريبية عقدت في مقرات الرواق الأزهر ي بال محافظات على مستوى الجمهورية واستهدفت؛ - مراجعة القرآن الكريم كاملًا. - حفظ ودراسة متون التجويد. - إتقان الأداء في القراءة وأحكام التلاوة، وذلك من أجل الارتقاء بمستوى الم حفظ ين، واستغرقت الدورة مدة أربعة أشهر، وتم تصميمها لتزويد المشاركين بالمهارات اللازمة لتعليم وتحفيظ القرآن الكريم والتدريب على طرق التدريس الحديثة إضافةً إلى التدريب على الجوانب التربوية، كما أدى 1239م حفظ ًا ال اختبارات بمقرات مركز إعداد وتطوير معلمي القرآن الكريم ، ب محافظات أسيوط والإسكندرية والأقصر ومقر الجامع الأزهر. Previous Next


فيتو
منذ 36 دقائق
- فيتو
البابا تواضروس: خادم الصفحة الكنسية يجب أن يكون صوت حق وأمينا ورحيما
أكد قداسة البابا تواضروس الثاني، بابا الإسكندرية وبطريرك الكرازة المرقسية، أن المسؤول عن أي صفحة كنسية يجب أن يكون صوتًا للحق، أمينًا في مسؤوليته، جميلًا في طرحه، ورحيمًا في تفاعله، مشددًا على أن هذه القيم الأربعة هي أساس خدمة الإعلام الكنسي في العصر الرقمي. صفحات الإيبارشيات والأديرة والكنائس جاء ذلك خلال اللقاء التدريبي الأول الذي نظمه الموقع الإلكتروني الرسمي للكنيسة القبطية الأرثوذكسية لمسؤولي وخدام صفحات الإيبارشيات والأديرة والكنائس، والذي أقيم بالمقر البابوي بالكاتدرائية المرقسية بالعباسية في القاهرة. وأوضح البابا تواضروس أن السيد المسيح نفسه كرر مرارًا عبارة "الحق أقول لكم"، مشيرًا إلى أن التمسك بالحق والصدق هو أول ما يجب أن يتحلى به خادم الصفحة، باعتباره انعكاسًا لصورة المسيح. وأضاف: "كن أمينًا في خدمتك ومسؤوليتك، كما أوصانا الكتاب المقدس، فالأمانة التزام لا ينبغي الحياد عنه"، متابعًا: "كن جميلا في طرحك، فأنت جزء من جمال الكنيسة، واحرص أن تنظر بعين المحبة لا بعين النقد فقط"، مشيرًا إلى أهمية الكلمة الرقيقة في كتابة المحتوى الكنسي. وتابع قداسة البابا تواضروس الثاني: "كن رحيمًا.. العالم مليء بالقسوة، والخدمة الكنسية لا تحتمل المزيد منها. حتى عند التعامل مع الخطأ، يجب أن نتحلى بروح المحبة التي ميزت التلميذ الذي كان يسوع يحبه." كما حذر البابا تواضروس من خطورة الضلال وتأثيره، مشيرًا إلى أن "الإنسان العتيق" بداخل النفس البشرية يقود إلى الصراعات والشرور، رغم أن الله قد ميز الإنسان بنعمة العقل، متسائلًا: "لماذا تحدث الصراعات بين البشر، بينما لا نجدها بين الحيوانات؟" وتضمن اللقاء جلسات تدريبية متخصصة تناولت التحول الرقمي، وآليات استخدام الذكاء الاصطناعي في خدمة الإعلام الكنسي، بما يواكب التطور التكنولوجي ويسهم في تقديم محتوى روحي هادف يخاطب مختلف الفئات. وشارك في اللقاء ٢٤٥ من الكهنة والرهبان والخدام والخادمات، ممثلين عن ٧٢ إيبارشية وقطاعًا رعويًّا في الكرازة المرقسية، إلى جانب ١٢ ديرًا من الأديرة الرهبانية العامرة. ونقدم لكم من خلال موقع (فيتو)، تغطية ورصدًا مستمرًّا على مدار الـ 24 ساعة لـ أسعار الذهب، أسعار اللحوم ، أسعار الدولار ، أسعار اليورو ، أسعار العملات ، أخبار الرياضة ، أخبار مصر، أخبار اقتصاد ، أخبار المحافظات ، أخبار السياسة، أخبار الحوداث ، ويقوم فريقنا بمتابعة حصرية لجميع الدوريات العالمية مثل الدوري الإنجليزي ، الدوري الإيطالي ، الدوري المصري، دوري أبطال أوروبا ، دوري أبطال أفريقيا ، دوري أبطال آسيا ، والأحداث الهامة و السياسة الخارجية والداخلية بالإضافة للنقل الحصري لـ أخبار الفن والعديد من الأنشطة الثقافية والأدبية.


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
مار جرجس بورسعيد تستقبل العزاء في وفاة القمص بطرس الجبلاوي
استقبلت مطرانية الأقباط الأرثوذكس ببورسعيد برئاسة الانبا تادرس مطران محافظة بورسعيد وضواحيها، اقباط بورسعيد ومسلميها على حد السواء بقاعة المناسبات بكنيسة مارجرجس بشارع محمد على لتقديم واجب العزاء في القمص بطرس الجبلاوي كاهن الكنيسة الذي يعتبر من أهم رموز الدينية والوطنية بالمحافظة الباسلة، والذي وافته المنية بالولايات المتحدة الأمريكية بعد مشوار حافل من العطاء والأدوار الوطنية الجليلة. وشهد العزاء حالة من الحزن الشديد والبكاء من كل محبين القمص بطرس الجبلاوي الراحل، والذي كان يتمتع بشعبية كبيرة ومحبه أكبر في نفوس المسيحيين والمسلمين على حد السواء وبالاخص الكبار سنا، لدور البطولي في فترة المقاومة الشعبية ببورسعيد عام 1956، حيث كان يخطب في الناس ويحفزهم للدفاع عن الوطن ضد العدو، وكان داعما لابطال المقاومه الشعبية، كما كان له بطولات كبيره في جميع الحروب التي خاضتها مصر. وأكدت مطرانية الأقباط الأرثوذكس ببورسعيد أن مصر بوجه عام وبورسعيد بوجه خاص فقدت اليوم رجلا وطنيا ذو طراز فريد من حب الوطن والتفاني في خدمته، داعيين الله أن يعزى قلوب محبيه ويلهمهم الصبر والقوه، ومؤكدين أن ذكرى القمص بطرس الجبلاوي ستظل ذكرى محبه وخير على مر السنوات. جدير بالذكر أن القمص بطرس الجبلاوي توفي اليوم في الولايات المتحدة الامريكية عن عمر يناهز ال 93 عام، وذلك قضاء اكثر من 75 عاما في خدمة الكنيسة ونشر مبادئ المحبه والخير بين الجميع، حيث تم رسامته وإعلانه كاهنا عام 1954 وهو في عمر 22 عام وذلك لنبوغه وفطانته والثقافة التي يتمتع بها. وفي سياق آخر، أعلن القس أرميا فهمي المتحدث الاعلامي باسم مطرانية الاقباط الارثوذكس في بورسعيد، انه سيقام عزاء القمص بطرس الجبلاوي في كنيسة مار جرجس ببورسعيد الكائنة بشارع شارع محمد علي اليوم وغدا من الساعة السابعة وحتى الساعة التاسعة مساءا، وسيتم استقبال كافة رموز الشارع البورسعيدي والقيادات والمسؤولين. 1000174685 1000174683 1000174691 1000174684 1000174689 1000174680 1000174686 1000174688 1000174681 1000174682 1000174690