
هل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟ زيارة مكان قوم لوط اعرف حكمها؟
الاثنين 30 يونيو 2025 04:00 مساءً
نافذة على العالم - فتاوى تشغل الأذهان:
ما حكم زيارة البحر الميت والصلاة عنده؟
حكم الاحتفال بذكرى الميلاد بالصيام شكرا لله؟
حكم التوسعة على الأهل يوم عاشوراء
هل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟
نشر موقع صدى البلد خلال الساعات الماضية عددا من الفتاوى التى تشغل بال الكثير نستعرض أبرزها فى التقرير التالى.
ما حكم زيارة البحر الميت والصلاة عنده؟
تلقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: أريد أن أستفسر عن أمر مهم جدًا لبعض المسلمين في فلسطين والأردن:
- ما هو حكم زيارة البحر الميت الذي هو مكان قوم لوط الذين خسف الله بهم؟ وهل تجوز الصلاة هناك؟
وأجابت دار الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن الذهاب إلى البحر الميت وغيره من البحار لا شيء فيه؛ سواء كان الذهاب بقصد السياحة والترويح عن النفس والتعرف على الأماكن أو بقصد التداوي.
حكم الصلاة عند البحر الميت
وأوضحت ان الصلاة عند البحر الميت وفي كل بقاع الأرض جائزة وصحيحة؛ لقوله صلى الله عليه وآله وسلم: «جُعِلَتْ لِيَ الأَرْضُ مَسْجِدًا وَطَهُورًا» رواه البخاري. وليس هناك بحار أو أرض ملعونة. ومما ذكر يعلم الجواب.
هل يجوز الصلاة بالحذاء؟
لا يعلم كثير أنه يجوز الصلاة الصلاة بالحذاء ولكن بضوابط معينة، حيث لم يختلف عالم في حكم الصلاة بالحذاء ، لأنها من الأمور المباحة في عصر النبي صلى الله عليه وسلم، حيث كانت المساجد ليست مثل الآن من فرش السجاد ونحوه، ويجب أن يكون الحذاء طاهرا، ولا مانع شرعا أن يصلي المسلم بالحذاء في المنزل أو الحدائق أو غيرهما.
كيفية الصلاة بالحذاء وشروطها
ورد إلى دار الإفتاء المصرية، سؤال يقول صاحبه (هل من باب اللياقة والذوق والأدب أن يقف الإنسان في حضرة الإله- سبحانه وتعالى- لابسًا حذاءه وقت الصلاة، بينما الولد يخفي سيجارته من أبيه عند حضوره؟).. أرجو من فضيلتكم إفادتي عن هذا السؤال بالأدلة من السنة الشريفة، ولفضيلتكم وافر شكري سلفًا.
وقالت دار الإفتاء في إجابتها على السؤال، إن الصلاة في النعال يدور حكمها بين الندب والإباحة، فلا يجوز اعتقاد وجوبها ولا اعتقاد حرمتها؛ لأن كليهما لم يشرع فيهما، فمن صلى فيها على وجه الندب، ومن تركها في الصلاة على وجه الإباحة؛ لم يتعد حدود الله فيها.
وذكرت دار الإفتاء، أن أداء العامة في هذا الزمان الصلاة في المساجد بالنعال أو بدونها أمر يحتاج إلى النظر فيما إذا كان في وسعهم أن يتحروا طهارة الأحذية ويتحققوا من خلوها من النجاسات والأقذار مع كثرتها في الطرق كما كان يتحرى الصحابة والسلف الصالح، وهل يمكن أن يبقى للمساجد حرمتها وللفرش التي بها نظافتها إذا اقتحموها للصلاة بأحذيتهم كما يغشى أهل الكتاب الآن كنائسهم بالأحذية؟ والجواب عن ذلك: بالسلب، فإذا سلكنا بالعامة في هذا الباب مسلك ابن عمر وأبي موسى الأشعري من ترك الصلاة بالنعال -وناهيك بهما تحريًا واقتداءً- وسعنا ذلك، وكان فيه اقتداء بالرسول صلى الله عليه وسلم في بعض أحواله.
وروي عن أبي مسلمة بن يزيد الأزدي قال: سألت أنسًا رضي الله عنه: أكان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصلي في نعليه؟ قال: "نعم" رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة رضي الله عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَخَلَعَ نَعْلَيْهِ فَلَا يُؤْذِ بِهِمَا أَحَدًا، لِيَجْعَلْهُمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ، أَوْ لِيُصَلِّ فِيهِمَا».
وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده رضي الله عنهم قال: "رأيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يُصَلِّي حَافِيًا وَمُنْتَعِلًا" رواهما أبو داود.
حكم الاحتفال بذكرى الميلاد بالصيام شكرا لله؟
لقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم صيام الإنسان يوم ذكرى ميلاده؟ فأنا أحتفل بيوم ميلادي بصومه شكرًا لله تعالى، وعندما عَلِم بعض الناس ذلك قال لي: إنه بدعة، فأرجو الإفادة بالرأي الشرعي في ذلك.
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إن احتفال الإنسان بيوم ميلاده بصومه شكرًا لله تعالى من الأمور المباحة شرعًا، والصيام بهذه النية ممَّا يُثاب الإنسان عليه، ولا يُعدُّ ذلك من البدع المذمومة شرعًا.
حكم احتفال المسلم بيوم ميلاده
وأوضحت أن احتفال الإنسان بيوم ميلاده بصفة عامة من الأمور التي لا حرج فيها شرعًا، ما دامت في حدود الأدب والانضباط بضوابط الشرع، ولا يقع فيه شيء من المحرمات؛ لأن هذا الاحتفال عبارة عن تذكر هذا اليوم، والفرح فيه بنعمة وفضلِ الله تعالى إيجادًا وإمدادًا، كما أنه يتسبب في إشاعة ونشر البهجة والسرور في حقِّ من يتعلق به اليوم المذكور.
ويقول ابن عطاء الله السكندري في حكمه المشهورة: "هو الذي أنعم عليك بنعمة الإيجاد ثم بتوالي الإمداد".
وقد ورد الأمر القرآني بالتذكير بأيام الله تعالى؛ كما في قوله سبحانه: ﴿وَذَكِّرْهُمْ بِأَيَّامِ اللَّهِ﴾ [إبراهيم: 5]، ولا شك أنَّ أيام الميلاد من أيام الله تعالى؛ لذلك كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يصوم يوم الإثنين من كلِّ أسبوع؛ شكرًا لله تعالى على نعمة إيجاده صلى الله عليه وآله وسلم، واحتفالًا بيوم ميلاده الشريف؛ فعن أبي قتادة الأنصاري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سُئل عن صوم يوم الإثنين فقال: «ذَاكَ يَوْمٌ وُلِدْتُ فِيهِ، وَيَوْمٌ بُعِثْتُ -أَوْ أُنْزِلَ عَلَيَّ- فِيهِ» رواه مسلم.
كما ورد الأمر القرآني أيضًا بالفرح بفضل الله ونعمته على الإنسان، قال تعالى: ﴿قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا﴾ [يونس: 59].
ووجه الاستشهاد بهذه الآية أن الأمر بالفرح إنما يكون لما تفضل الله تعالى به على العبد من نعمة إيجاده، والتفضل عليه بإخراجه إلى نور هذا الوجود، وهذا -لا شك- فضل من الله ورحمة، وهو أمر يندرج في المقصود من الرحمة والفضل الوارد ذكرهما في الآية؛ لأن المقصود منهما عموم الرحمة والفضل، كما ذكره المفسرون. ينظر: "التسهيل لعلوم التنزيل" لابن جزي (1/ 358، ط. دار الأرقم).
والشريعة تدعو إلى إشاعة الفرحة وإدخال السرور على قلوب الآخرين، فقد ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآلِهِ وَسَلَّمَ: أَيُّ الْعَمَلِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «تُدْخِلُ عَلَى أَخِيكَ الْمُؤْمِنِ سُرُورًا، أَوْ تَقْضِي عَنْهُ دَيْنًا، أَوْ تُطْعِمُهُ خُبْزًا» أخرجه ابن شاهين في "الترغيب"، وورد أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: سُئِلَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وآله وَسَلَّمَ: أَيُّ الْأَعْمَالِ أَفْضَلُ؟ قَالَ: «إِدْخَالُكَ السُّرُورَ عَلَى مُؤْمِنٍ أَشْبَعْتَ جَوْعَتَهُ، أَوْ كَسَوْتَ عُرْيَهُ، أَوْ قَضَيْتَ لَهُ حَاجَةً» أخرجه الطبراني في "المعجم الأوسط".
ويُسْتَأنس في القول بجواز الاحتفال بيوم الميلاد بقول الله تعالى حكاية عن سيدنا عيسى عليه السلام: ﴿وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ وُلِدْتُ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا﴾ [مريم: 33]، فأشار بذلك إلى المعنى الذي يقتضي الحكم أن يوم مولد الإنسان هو يوم نعمة توجب الشكر عليها.
كما أشار الحديث إلى جواز الاحتفال بأيام النعم كلها، فيوم المولد ويوم نزول الوحي والبعثة الشريفة نعمتان توجبان الشكر في ذلك اليوم.
حكم صوم المسلم يوم ذكرى ميلاده شكرًا لله
وعن احتفال الإنسان بيوم ميلاده بصومه أو بالصوم فيه قالت إنه شكرٌ لله تعالى بالعبادة، وهذا مأمورٌ به في قول الله تعالى: ﴿وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُون﴾ [العنكبوت: 17].
والأمر بالشكر هنا ورد على جهة العموم في مقابلة النعم، فيبقى على ذلك من حيث الأوقات والهيئات، ومما يندرج تحته إيقاع العبادة -ومنها الصيام- في ذكرى يوم الميلاد؛ شكرًا لله تعالى على نعمة الإيجاد، وهو ما نص عليه المفسرون عند تفسير قول الله تعالى: ﴿لِإِيلَافِ قُرَيْشٍ إِيلَافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتَاءِ وَالصَّيْفِ فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْت﴾ [قريش: 1-3].
ونوهت بانه لا يتأتى القول بمنع صيام الإنسان يوم مولده بدعوى عدم وروده، أو أنه أمر خاص بيوم ميلاد الأنبياء والمرسلين عليهم الصلاة والسلام؛ وذلك لاندراجه تحت أصل عام، ألا وهو ما جاء عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، قال: سمعت النبي صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ، بَعَّدَ اللَّهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ سَبْعِينَ خَرِيفًا» متفقٌ عليه.
وقد بيَّن العلماء أن المراد بقوله: "في سبيل الله" الطاعةُ لوجه الله على أيِّ كيفية كانت.
ولا يخفى أن صوم الإنسان يوم مولده من شكر الله تعالى على نعمة الإيجاد إنما هو في سبيله عزَّ وجلَّ وطاعته وابتغاء مرضاته.
والاحتفال بـيوم الميلاد مظهرٌ من مظاهر تذكر أيام الله التي أمر الله به في القرآن الكريم، وليس في الشرع ما يمنع من أن تكون هناك مناسبة لذلك يُعَبِّر فيها الناس عن شكرهم لله تعالى، فإنَّ هذا أمرٌ مباحٌ لا حرج فيه، ولا صلة له بمسألة البدعة التي يدندن حولها كثير من الناس بمناسبة ومن غير مناسبة؛ فإن البدعة المردودة هي ما أُحدث على خلاف الشرع؛ لما ورد من حديث أم المؤمنين السيدة عائشة رضي الله عنها أنَّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» متفقٌ عليه، ومفهومه أنَّ مَن أَحدث فيه ما هو منه فهو مقبول غير مردود، وقد قررنا آنفًا جواز شكر النعمة بالعبادة، ويدخل تحتها: عبادة الصوم.
قال حجة الإسلام أبو حامد الغزالي في "إحياء علوم الدين" (2/ 3، ط. دار المعرفة): [ليس كل ما أبدع منهيًّا عنه، بل المنهيُّ عنه بدعةٌ تضاد سُنَّةً ثابتةً، وترفع أمرًا من الشرع] اهـ.
وأكدت بناءً على ذلك أن الاحتفال بيوم ميلادك بصومه شكرًا لله تعالى من الأمور المباحة شرعًا، والصيام بهذه النية مما يثاب الإنسان عليه، ولا يُعدُّ ذلك من البدع المذمومة شرعًا.
حكم التوسعة على الأهل يوم عاشوراء
لقت دار الإفتاء المصرية سؤالا يقول صاحبه: ما حكم التوسعة على الأهل والعيال في يوم عاشوراء؟ حيث إن البعض يدَّعي أنها هذه التوسعة لا أصل لها ولا تصح، وأنها ليست سنَّةً بحال، وأن جميع الأحاديث الواردة فيها لا تصح؟
وأجابت دار الإفتاء عن السؤال قائلة: إن التوسعة على الأهل والعيال في يوم عاشوراء سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم والصحابة والسلف الصالح من بعده، ونص على الأخذ بها فقهاء مذاهب أهل السنة الأربعة المتبوعة من غير خلاف، وجرى عليها عمل جماهير الأمة في مختلف الأعصار والأمصار، فلا التفات إلى قول منكرها.
التوسعة على الأهل يوم عاشوراء
وأوضحت عبر موقعها الرسمى أن التوسعة على الأهل والعيال يوم عاشوراء سنَّةٌ نبوية جليلة؛ قوَّاها كبار الحُفَّاظ، وأخذ بها فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية، وجرت عليها عادة جماهير الأمة عبر الأمصار والأعصار، وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جماعة من الصحابة؛ منهم: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم.
وأمثل هذه الطرق وأقواها حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما:
فأخرج الحافظ أبو عمر بن عبد البر في "الاستذكار" (3/ 330-331، ط. دار الكتب العلمية) من طريق شعبة، عن أبي الزبير، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: «مَنْ وَسَّعَ عَلَى نَفْسِهِ وَأَهْلِهِ يَوْمَ عَاشُورَاءَ وَسَّعَ اللهُ عَلَيْهِ سَائِرَ سَنَتِهِ». قال جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: "جَرَّبْنَاهُ فَوَجَدْنَاهُ كَذَلِكَ"، وقال أبو الزبير مِثْلَهُ، وقال شعبة مِثْلَهُ.
قال الحافظ أبو الحسن بن القطَّان في "فضائل عرفة" (ق16): [إسناد هذا الحديث حسن] اهـ.
وقال الحافظ العراقي في "جزء التوسعة": [وهو على شرط مسلم] اهـ.
وقد ورد الأثر بهذه السُّنَّة عن الصحابيين الجليلين عمر بن الخطاب رضي الله عنه، وجابر بن عبد الله رضي الله عنهما، وعن محمد بن المنتشر (وكان مِن أفاضل أهل الكوفة في زمانه؛ كما قال ابن عُيَيْنَةَ)، وابنه إبراهيم، وأبي الزبير، وشعبة بن الحجاج، ويحيى بن سعيد، وسفيان بن عُيَيْنَةَ.
فأخرج الدار قطني في "الأفراد"، وابن عبد البر في "الاستذكار" (3/ 331) عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: "مَن وسَّع على أهله يوم عاشوراء وسَّع الله عليه سائرَ سَنَتِه".
قال يحيى بن سعيد: "جرَّبنا ذلك فوجدناه حقًّا".
قال الحافظان العراقي والسخاوي في "المقاصد الحسنة": سنده جيد.
وقال سفيان بن عُيَيْنَةَ: "فجرَّبنا ذلك نحوًا مِن خمسين سنة فلم نَرَ إلا سَعةً".
وسُنَّة التوسعة قوَّاها جمعٌ من الأئمة والحفّاظ؛ كالإمام عبد الملك بن حبيب من المالكية، والحافظ البيهقي، وأبي موسى المديني، وأبي الفضل بن ناصر، والعراقي، وابن حجر في "الأمالي"، والسخاوي، والسيوطي، وغيرهم، ومن ضعَّف منهم أسانيد أحاديثها أو بعضها فقد قوَّاها بمجموعها؛ كما صنع الحافظ البيهقي في "شعب الإيمان" (5/ 333، ط. مكتبة الرشد) حيث يقول: [هذه الأسانيدُ وإن كانت ضعيفةً فهي إذا ضُمَّ بعضُها إلى بعض أخذَتْ قوةً، واللهُ أعلم] اهـ.
وروى الحافظ أبو موسى المديني هذا الحديث في "فضائل الأيام والشهور" ثم قال: حديث حسن؛ كما نقله الحافظ ابن الملقِّن في "التوضيح لشرح الجامع الصحيح" (13/ 542، ط. دار الفلاح).
وقال الحافظ السيوطي في "الدرر المنتثرة في الأحاديث المشتهرة" (ص: 186، ط. جامعة الملك سعود) ردًّا على من ادَّعَى عدم ثبوت الحديث: [كلَّا، بل هو ثابت صحيح] اهـ.
وقد صنف جماعةٌ من الأئمة الحفَّاظ في جمع طرق أحاديثها وتقويتها والرد على من أنكرها؛ كما صنع الحافظ أبو الفضل العراقي [ت806هـ] في رسالة "التَّوْسِعَةِ على العيال"، والإمام السيوطي [ت911هـ] في رسالته "فضل التوسعة في يوم عاشوراء"، والحافظ أحمد بن الصديق الغماري [ت1380هـ] في كتابه "هدية الصغرا، بتصحيح حديث التَّوْسِعَةِ على العيال يوم عاشورا".
نصوص المذاهب الفقهية في التوسعة على الأهل يوم عاشوراء
اتفقت المذاهب الأربعة بلا خلاف على استحباب التوسعة على الأهل في يوم عاشوراء.
قال الحافظ العيني الحنفي في "نخب الأفكار" (8/ 388، ط. وزارة الأوقاف القطرية): [وبالجملة هو يوم عظيم معلوم القدر عند الأنبياء عليهم السلام، والنفقة فيه مخلوفة. ثم روى حديث جابر رضي الله عنه مرفوعًا] اهـ.
وقال العلامة ابن عابدين الحنفي في "رد المحتار على الدر المختار" (2/ 419، ط. دار الفكر): [نعم، حديث التَّوْسِعَةِ ثابتٌ صحيحٌ كما قال الحافظ السيوطي في "الدرر"] اهـ.
وقال الإمام ابن العربي المالكي في "المسالك في شرح موطأ مالك" (4/ 205-206، ط. دار الغرب الإسلامي): [وأمَّا النَّفَقَةُ فيه والتَّوسعة فمخلوفَةٌ باتِّفَاقٍ إذا أُرِيدَ بها وجه الله تعالى، وأنَّه يخلف الله بالدِّرْهَمِ عشرًا] اهـ.
ثم ذكر الأبيات التي نظمها الإمام الفقيه عبد الملك بن حبيب المالكي [ت238هـ] في حث أمير الأندلس عبد الرحمن بن الحكم بن هشام على التوسعة يوم عاشوراء:
لا تَنْسَ لا ينسكَ الرحمنُ عاشورا ... واذكره لا زِلتَ في الأخيار مذكورا
قالَ الرَّســــــــــولُ صـــلاة الله تشمله ... قولًا وجدنا عليه الحـــــــــقَّ والنــــــــــورا
من بات في ليل عاشوراء ذا سعةٍ ... يكنْ بعيشتهِ في الحــــــول محبـــــــــــــــورا
فارغــــــــــــب فديتك فيما فيه رغَّبنا ... خيرُ الورى كلِّـــــهم حيًّا ومقبـــــــــــــورا
قال الحافظ السيوطي في "اللآلئ المصنوعة" (2/ 96، ط. دار الكتب العلمية) بعد أن ساق هذه الأبيات: [وهذا من الإمامِ الجليلِ دليلٌ على صحةِ الحديث] اهـ.
وقال العلامة الصاوي المالكي في "حاشيته على الشرح الصغير" (1/ 691، ط. دار المعارف): [ويندبُ في عاشوراء التَّوْسِعَة على الأهلِ والأقاربِ] اهـ.
وقال العلامة سليمان الجمل الشافعي في "حاشيته على فتح الوهاب" لشيخ الإسلام زكريا الأنصاري (2/ 347، ط. دار الفكر): [ويستحبُّ فيه التَّوْسِعَةُ على العيال والأقارب، والتصدقُ على الفقراءِ والمساكين من غير تكَلُّفٍ، فإن لم يجد شيئًا فليوسع خلقه ويكفَّ عن ظلمه] اهـ.
وقال العلامة برهان الدين بن مفلح الحنبلي في "المبدع في شرح المقنع" (3/ 49، ط. دار الكتب العلمية): [فائدة: ينبغي فيه التوسعة على العيال، سأل ابن منصور أحمد عنه قال: "نعم"] اهـ.
وأكدت بناءً على ذلك أن التوسعة على العيال سنة ثابتة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وعن السلف الصالح، وقد نص على الأخذ بها فقهاء مذاهب أهل السنة الأربعة المتبوعة من غير خلاف، وجرى عليها عمل جماهير الأمة في مختلف الأعصار والأمصار، فلا التفات إلى قول منكرها.
هل عدم صيام يوم عاشوراء حرام؟
تلقت دار الإفتاء المصرية، سؤالًا يقول صاحبه: ما حكم صيام النفل؟ وهل في تركه إثم؟ حيث أعمل بالزراعة، وعملي شاقٌّ، وأصوم رمضان، ولكن لا أستطيع أن أصوم بعض النفل؛ مثل: يوم عرفة وعاشوراء وغير ذلك.
وأجابت الإفتاء عبر موقعها الرسمى عن السؤال قائلة: إن الأيام التي ذكرها السائل هي أيام صيام النفل، وحكمها الاستحباب لا الوجوب، أي: أنَّ صيام هذه الأيام يزيد من ثواب العبد، لكنَّ تركه ليس فيه إثم، خاصة والحال كما ذكر السائل.
فضل يوم عاشوراء
وأوضحت الإفتاء إن التوسعة على الأهل والعيال يوم عاشوراء سنَّةٌ نبوية جليلة؛ قوَّاها كبار الحُفَّاظ، وأخذ بها فقهاء المسلمين على اختلاف مذاهبهم الفقهية، وجرت عليها عادة جماهير الأمة عبر الأمصار والأعصار، وقد جاءت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم من حديث جماعة من الصحابة؛ منهم: جابر بن عبد الله، وعبد الله بن مسعود، وأبو هريرة، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر، رضي الله عنهم.
حكم صيام عاشوراء فقط إذا صادف يوم السبت
قالت دار الإفتاء، إن يوم عاشوراء: هو اليوم العاشر من شهر الله المحرم؛ ويوافق هذا العام السبت 5 يوليو، وقد ورد فى فضل صيامه أنه يكفر ذنوب السنة التى قبله؛ فعن أبى قتادة رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وآله وسلم قال: «صِيَامُ يَوْمِ عَرَفَةَ، أَحْتَسِبُ عَلَى اللهِ أن يُكَفِّرَ السَّنَةَ الَّتِى قَبْلَهُ، وَالسَّنَةَ الَّتِى بعده.
وحول حكم صيام يوم السبت منفردا، أكد عدد من كبار الفقهاء المعاصرين أن صيام يوم عاشوراء منفردًا، إذا وافق يوم السبت، جائز شرعًا ولا حرج فيه، لأنه صيام مشروع وله سبب واضح، وهو إحياء لسنة نبوية عظيمة ثبت فضلها في الأحاديث الصحيحة.
وأشار العلماء إلى أن صيام يوم عاشوراء، وهو العاشر من شهر الله المحرم، يُعد من أعظم أيام السنة في الأجر والثواب، لما ورد في الحديث الصحيح عن النبي ﷺ: "صوم عاشوراء يكفر السنة الماضية"، وهو حديث رواه النسائي في "السنن الكبرى"، وأكد عليه جمهور العلماء.
وأوضح الفقهاء أن الأكمل والأفضل أن يصوم المسلم يوم عاشوراء ومعه يومًا قبله أو بعده، سواء التاسع أو الحادي عشر من محرم، اتباعًا لهدي النبي ﷺ واحتياطًا لاحتمال الخطأ في تحديد بداية الشهر القمري، كما أشار إلى ذلك الإمام النووي، والخطيب الشربيني، والإمام الشافعي في كتبه

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


مستقبل وطن
منذ 10 دقائق
- مستقبل وطن
عائلة الشيخ شعبان الصياد تهدي مقتنياته للجناح المخصص له في متحف القرآن الكريم
- عاش يتيما فاحتضنه القرآن وأتم حفظه في السابعة - بحضور الرئيس الراحل أنور السادات كان أول من قرأ القرآن في مسجد القنطرة شرق بعد تحريرها - ترك التدريس الجامعي من أجل القرآن فعظم الله منزلته في نفوس الملايين أهدت عائلة فضيلة المغفور له وأحد أعمدة تلاوة القرآن الكريم في مصر والعالم العربي والإسلامي الشيخ شعبان عبدالعزيز الصياد، مقتنياته الخاصة لوضعها في الجناح المخصص لفضيلته في متحف القران الكريم في ماسبيرو. ويقول الإذاعي الكبير إسماعيل دويدار رئيس إذاعة القرآن الكريم -في تصريح اليوم الاثنين- إن المقتنيات تجسد تاريخ ومسيرة المغفور له في خدمة القرآن الكريم خلال سنوات حياته المليئة بالعطاء، عقب أن قرر فضيلته في وقت مبكر بعد تخرجه من الأزهر الشريف وحصوله على درجه العالمية، أن يكرس نفسه لكتاب الله وتلاوته. حصل فضيلة المغفور له الشيخ شعبان عبدالعزيز الصياد على درجة العالمية من كلية أصول الدين شعبة العقيدة والفلسفة من جامعة الأزهر في مارس 1967 بدرجة "جيد جدا" وهو ما أهله بعد تخرجه للعمل بهيئة التدريس آنذاك، وقال رحمة الله عليه في مذكراته "إن نداء القرآن كان أقوى من نداء التدريس بالنسبه له" و"إنه كان منذ طفولته يعشق الاستماع للقرآن وتدبر معانيه وتفسيره حتى أتم حفظه وهو في السابعة". ومن العلامات التاريخية التي يعتز بها الشيخ شعبان الصياد وودونها في مذكراته الخاصه تلاوته للقرآن الكريم في صلاه الجمعة في مدينة القنطرة شرق بعد تحريرها وإعادة إعمارها عقب نصر أكتوبر 73 بحضور الرئيس السادات رحمه الله لافتتاح مسجد القنطره شرق الذي أعيد بناؤه بعد زوال آثار العدوان. وفي العام 1975، طلبت إذاعة القرآن الكريم منه تقديم ابتهالات دينية فور دخوله الإذاعة لكنه اعتذر للتفرغ لتلاوة القرآن الكريم وهي الرساله التي كرس حياته من أجلها. كان فضيلة المغفور له الشيخ شعبان عبدالعزيز الصياد يرى أن إذاعة القرآن الكريم هي "الحاضنة لكتاب الله المحفوظ بأمر الله في قلوب المؤمنين" وأنها مهمة للغاية في إيصال القرآن مسموعا إلى ملايين المستمعين في مصر والعالم العربي والإسلامي خاصة لمن لا يجيدون القراءة حيث كانت معدلات الأمية والتسرب من التعليم مرتفعه آنذاك. وكان فضيلته يرى أن إذاعة القرآن الكريم كانت نقلة نوعية لحفظ كتاب الله "مسموعا" مثلما حفظ "مكتوبا" لمن كانوا يقرؤون، وأنها قامت بدورها في هذا الصدد. ولد فضيلة المغفور له الشيخ شعبان عبدالعزيز الصياد في أشمون بمحافظة المنوفية عام 1940 ووافته المنية وهو في الثامنة والخمسين من العمر وأتم حفظ القرآن الكريم وهو في السابعة من العمر في كتاب القرية، ثم تابع دراسته في المعاهد الأزهرية والتحق بجامعة الأزهر الشريف فكان أحد نوابغ طلابها وترشح بعد تخرجه للعمل كعضو هيئة تدريس فيها لكنه فضل أن يحمل كتاب الله وأن يكرس له ما بقى من حياته. كتب الشيخ شعبان الصياد في مذكراته "عشت حياتى يتيما واحتضنني القرآن الكريم"، وكان يرى أن إذاعة القرآن الكريم تلعب دورا مهما في حفظ النطق السليم لألفاظ القرآن في مناطق لا تتحدث العربية أصلا ولمسلمين نشؤوا في بلدان المهجر الغربي ولم تتح لهم الفرصة الكافية لدراسة اللغة العربية، ومن ثم كانت تلاوات فضيلته عبر إذاعة القرآن الكريم ذات بعد تعليمي لنشر كتاب الله مسموعا ومقروءا في قلوب المؤمنين أينما وجدوا على ظهر الأرض. ويقول فضيلته، في مذكراته، "رفضت العمل كأستاذ جامعي مفضلا أن أكون خادما للقرآن الكريم.. فأبدلني الله منزلة كبرى في نفوس الملايين". ويؤكد الإذاعي الكبير إسماعيل دويدار رئيس إذاعة القرآن الكريم، إن الشيخ شعبان الصياد كان رصيدا كبيرا يعزز من قوة مصر الناعمة وتأثيرها العربي والإسلامي منذ ارتبط في أذهان المستمعين بصلاه الفجر عبر الأثير بصوته الخاشع من مسجد الحسين ومسجد السيدة زينب. ويضيف "كان رحمه الله يحرص كل ثلاثة أسابيع على تلاوة قرآن الفجر في مسجد مختلف على امتداد الوطن في مصر، ثم اشتهر بتلاوة القرآن في افتتاح الإرسال التلفزيوني المصري (التلفزيون العربي) آنذاك وكان ذلك تقليدا متبعا في حينه حتى صار أحد أعمدة التلاوة وهو في عمر صغير جنبا إلى جنب مع أساطير التلاوة الشيخ محمد عبدالباسط عبدالصمد والشيخ محمود خليل الحصري وقد شهدوا له بالجمع بين العلم الشرعي وعذوبة الصوت". ولقبت الصحافة المصرية فضيلة المغفور له الشيخ شعبان عبدالعزيز الصياد بـ"صياد القلوب" و"ملك الفجر" و"صوت من السماء" لارتباط صوته القرآنى العذب بشعائر صلاه الفجر يوميا.

مصرس
منذ 21 دقائق
- مصرس
دعاء الصباح مكتوب وبالصور.. ابدأ يومك بالبركة والسكينة
يبحث كثيرون عن دعاء الصباح مكتوب وبالصور كي يكون سهل القراءة وجميل العرض، فتتزيّن به الهواتف وصفحات التواصل الاجتماعي، ويُشارك مع الأهل والأصدقاء. ويستيقظ المؤمن مع بزوغ الفجر، فيبدأ يومه بذكر الله تعالى، مستشعرًا نعمته وعظمته، فيفتح قلبه بدعاءٍ صادقٍ يطهّر صدره من الهمّ ويبعث في روحه الأمل والتوكل. وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالذكر والدعاء صباحًا ومساءً، لتكون النفوس مطمئنةً بالله، متوكّلةً عليه، محاطةً بعنايته، كما يحرص المسلمون على ترديد أدعيةٍ ثابتةٍ من القرآن الكريم والسنّة النبوية، مثل قول: «اللهم بك أصبحنا وبك أمسينا وبك نحيا وبك نموت وإليك النشور»، فتكون بداية اليوم مليئةً بالرجاء والحمد.صور أدعية الصباحينشر البعض صور أدعية الصباح المزيّنة بخطوط جميلة ومناظر طبيعية مريحة للنفس، فتترك أثرًا طيبًا وتذكيرًا ناعمًا لكل من يراها، وتُعدّ هذه الصور وسيلةً بسيطةً لإحياء روح الألفة، وغرس معاني التفاؤل بين الناس، حيث يلتقط محبّو التصميم أروع العبارات من الأذكار اليومية، ويكتبونها بخطوط واضحة مع زهورٍ أو شروق شمس، لتصبح منشورًا ينشر الأجر.وتتنوع الأدعية التي يمكن ترديدها صباحًا، فمنها ما يفتح أبواب الرزق ويُزيل الهموم، ومنها ما يحصّن العبد من الشرور، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من قال حين يصبح وحين يمسي: بسم الله الذي لا يضرّ مع اسمه شيءٌ في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات، لم يضرّه شيءٌ»، لذا يُستحب تكرار هذه الأدعية بيقينٍ وإخلاص.أهمية أدعية الصباح يُدرك العبد أهمية أن يبدأ يومه بآياتٍ وأذكارٍ تثبّت قلبه على الطاعة، ويُفضّل أن ينوّع المسلم بين الدعاء لنفسه وأهله ووطنه وأمّته، فيدعو قائلًا: «اللهم إني أسألك خير هذا اليوم وخير ما بعده، وأعوذ بك من شر هذا اليوم وشر ما بعده»، ومع الدعاء، يرفع يديه بخشوع، متيقّنًا بأن الله سميعٌ مجيب.كما يشجّع الأئمة وخطباء المساجد الناس على عدم الاكتفاء بمجرّد نسخ الأدعية، بل بتدبّرها واستشعار كلماتها، فليس الغرض تكرار الألفاظ فحسب، بل التعلّق بالله حق التعلّق، واستحضار معاني الرضا والطمأنينة، ومع تكرار الأذكار يصبح اللسان رطبًا بذكر الله، وتزول الغفلة عن القلب.ويزيد دعاء الصباح من يقين المؤمن أن يومه بيد الله وحده، وأنه مهما واجه من صعوباتٍ فهو محاطٌ برحمةٍ إلهية لا تنقطع، فيمدّ الدعاء صاحبه بقوّةٍ نفسيةٍ، فينطلق للعمل والدراسة وحسن المعاملة، مستعينًا بالله، وهكذا يظلّ الدعاء رفيقًا للقلب، مكتوبًا على الورق، مرسومًا في الصور، منقوشًا في الذاكرة.


الدستور
منذ ساعة واحدة
- الدستور
هل ذكر العنكبوت والحمامتين فى هجرة النبى صلى الله عليه وآله وسلم صحيح؟
ورد سؤال إلى دار الإفتاء المصرية، يقول صاحبه: هل ذكر العنكبوت والحمامتين في هجرة النبي، صلى الله عليه وآله وسلم صحيح؟، وأجابت الإفتاء عبر موقعها الإلكتروني بأن قصة نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين على بابه في حادثة الهجرة الشريفة قصةٌ ثابتةٌ برواياتٍ صحيحةٍ من طرقٍ كثيرةٍ في كتب السنة والسيرة، ولا مطعن على مضامينها بوجه من الوجوه. وأوضحت الإفتاء، أنه وردت قصة نسج العنكبوت على الغار ووقوف الحمامتين عليه وقت الهجرة النبوية الشريفة في كتب السنة المشرفة والسيرة المطهرة برواياتٍ صحيحةٍ مشهورةٍ مروية من طُرق كثيرة؛ فقد أخرج الإمام أحمد في "مسنده" عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما فِي قَوْلِهِ تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوك﴾ [الأنفال: 30] قَالَ: "تَشَاوَرَتْ قُرَيْشٌ لَيْلَةً بِمَكَّةَ، فَقَالَ بَعْضُهُمْ: إِذَا أَصْبَحَ فَأَثْبِتُوهُ بِالْوَثَاقِ، يُرِيدُونَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلِ اقْتُلُوهُ، وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ أَخْرِجُوهُ، فَأَطْلَعَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ نَبِيَّهُ عَلَى ذَلِكَ، فَبَاتَ عَلِيٌّ رضي الله عنه عَلَى فِرَاشِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وآله وسلم تِلْكَ اللَّيْلَةَ، وَخَرَجَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وآله وسلم حَتَّى لَحِقَ بِالْغَارِ، وَبَاتَ الْمُشْرِكُونَ يَحْرُسُونَ عَلِيًّا رضي الله عنه يَحْسَبُونَهُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وآله وسلم، فَلَمَّا أَصْبَحُوا ثَارُوا إِلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْا عَلِيًّا رضي الله عنه رَدَّ اللهُ مَكْرَهُمْ فَقَالُوا: أَيْنَ صَاحِبُكَ هَذَا؟ قَالَ: لَا أَدْرِي. فَاقْتَصُّوا أَثَرَهُ، فَلَمَّا بَلَغُوا الْجَبَلَ خُلِطَ عَلَيْهِمْ، فَصَعِدُوا فِي الْجَبَلِ فَمَرُّوا بِالْغَارِ، فَرَأَوْا عَلَى بَابِهِ نَسْجَ الْعَنْكَبُوتِ، فَقَالُوا: لَوْ دَخَلَ هَاهُنَا لَمْ يَكُنْ نَسْجُ الْعَنْكَبُوتِ عَلَى بَابِهِ، فَمَكَثَ فِيهِ ثَلَاثَ لَيَالٍ". وأخرجها عددٌ كبيرٌ من أئمة الحديث؛ كالإمام عبدالرزاق في "مصنفه"، والحافظ أبوبكر المروزي في "مسند أبي بكر الصديق"، والإمام الطحاوي في "شرح مشكل الآثار"، والحافظ الطبراني في "المعجم الكبير"، وذكرها أيضًا الإمام جلال الدين السيوطي في "الدر المنثور"، والملا علي القاري في "مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح"، وغيرهم، كما أوردها المؤرخون وأهل السير في أحداث الهجرة النبوية الشريفة من غير نكير، سيما أنه قد التزم جماعة منهم الصحة أو القبول فيما يذكرونه. ولقد صحح جماعات من كبار المحدِّثين هذه القصة، وحسَّنوها؛ منهم الحافظ ابن كثير؛ حيث قال في "البداية والنهاية" (3/ 221، ط. دار إحياء التراث): [وهذا إسناد حسن وهو من أجود ما روي في قصة نسج العنكبوت على فم الغار، وذلك من حماية الله رسوله صلى الله عليه وآله وسلم] اهـ. وقال الحافظ الهيثمي في "مجمع الزوائد" (7/ 27، ط. مكتبة القدسي): [رواه أحمد والطبراني، وفيه عثمان بن عمرو الجزري، وثقه ابن حبان، وضعفه غيره، وبقية رجاله رجال الصحيح] اهـ. وقال الحافظ ابن حجر في "فتح الباري" (7/ 236، ط. دار المعرفة، بتصرف): [وذكر أحمد من حديث ابن عباس رضي الله عنهما بإسناد حسن في قوله تعالى: ﴿وَإِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللهُ وَاللهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ﴾ [الأنفال: 30]. وفي مسند أبي بكر الصديق لأبي بكر بن علي المروزي شيخ النسائي من مرسل الحسن في قصة نسج العنكبوت نحوه، وذكر الواقدي أن قريشا بعثوا في أثرهما قائفين أحدهما كرز بن علقمة، فرأى كرز بن علقمة على الغار نسج العنكبوت فقال: ها هنا انقطع الأثر] اهـ. وقال شمس الدين السفيري في شرحه على صحيح البخاري المسمى "المجالس الوعظية" (1/ 140، ط. دار الكتب العلمية): [ففي هذه إشارةٌ إلى حماية النبي صلى الله عليه وآله وسلم من أعدائه من الكفار؛ وقعت بأضعف الأشياء مغنية عن أقوى الأشياء؛ وقعت بنسج العنكبوت وهو أضعف الأشياء؛ قال تعالى: ﴿وَإِنَّ أَوْهَنَ البُيُوتِ لَبَيْتُ العَنكَبُوتِ﴾ [العنكبوت: 41] مُغنِيَة عن الدروع التي قال الله عنها: ﴿وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَّكُمْ لِتُحْصِنَكُم مِّنْ بَأْسِكُم﴾ [الأنبياء: 80]] اهـ.