logo
أخبار العالم : ما جائزة نوبل للسلام التي يرى ترامب أنه أهلٌ لنيلها؟

أخبار العالم : ما جائزة نوبل للسلام التي يرى ترامب أنه أهلٌ لنيلها؟

الأربعاء 9 يوليو 2025 02:40 صباحاً
نافذة على العالم - صدر الصورة، Getty Images
قبل ساعة واحدة
عندما سلّم رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو رسالة ترشيح رسمية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب لنيل جائزة نوبل للسلام، خلال زيارته الأخيرة إلى واشنطن، لم يكن الحدث مجرد لفتة دبلوماسية عابرة، بل لحظة جديدة أعادت واحدة من أرفع الجوائز العالمية إلى صدارة النقاش السياسي والإعلامي.
نتنياهو قال إن ترامب "يصنع السلام في منطقة تلو الأخرى"، في إشارة إلى دوره في اتفاقات أبراهام بين إسرائيل وعدد من الدول العربية.
ولم يكن هذا الترشيح الوحيد، فقد أعلنت باكستان في وقت سابق عن نيتها ترشيح ترامب، مشيدة بدوره في خفض التوتر مع الهند، لكن الترشيحات لم تمر بهدوء، وواجهت انتقادات واسعة، خاصة في ظل التطورات الميدانية التي شهدها الشرق الأوسط.
بهذا الترشيح، عادت جائزة نوبل للسلام إلى دائرة الضوء، لا بسبب الأسماء فحسب، بل بسبب الأسئلة القديمة المتجددة التي تطرح نفسها مع كل ترشيح مثير: من يملك حق الترشيح؟ ومن يقرر؟ وبأي معايير تُمنح الجائزة التي تحمل اسم السلام؟
ما هي جائزة نوبل للسلام؟
تُعد جائزة نوبل للسلام واحدة من أكثر الجوائز شهرةً وتقديراً في العالم، وتعود جذورها إلى وصية الصناعي السويدي ألفريد نوبل، مخترع الديناميت، الذي أوصى عند وفاته عام 1896 بتخصيص ثروته لتأسيس جوائز تُمنح لمن قدّم أعظم إسهام في خدمة الإنسانية، في مجالات الفيزياء والكيمياء والطب والأدب والسلام.
وتُمنح جائزة السلام تحديداً في النرويج، بخلاف الجوائز الأخرى التي تُمنح من قبل لجان سويدية، وقد كانت تلك رغبةً شخصيةً من نوبل نفسه، دون أن يوضح السبب في وصيته.
وصدرت أول جائزة نوبل للسلام عام 1901، ومنذ ذلك الحين، باتت تُمنح سنوياً في العاشر من ديسمبر/كانون الأول، في العاصمة النرويجية أوسلو، تزامناً مع ذكرى وفاة نوبل، بينما يُعلن اسم الفائز عادة في شهر أكتوبر/تشرين الأول.
صدر الصورة، Getty Images
التعليق على الصورة،
ألفريد نوبل
وبين عامي 1901 و2024، مُنحت جائزة نوبل للسلام 105 مرة لـ142 فائزاً، من بينهم 111 شخصاً و31 منظمة.
وتعد الولايات المتحدة تُعد الدولة الأكثر حصولاً على الجائزة عبر مواطنيها، تليها فرنسا، والمملكة المتحدة، وقد حصلت 19 امرأة على الجائزة حتى عام 2024، من بينهن الناشطة الباكستانية ملالا يوسفزاي، التي فازت بها عام 2014 وكانت أصغر الحائزين عمراً (17 عاماً).
وأكبر الحائزين سناً كان جوزف روتبلت، الذي فاز عام 1995 عن عمر ناهز 87 عاماً.
ورغم انتظامها السنوي، لم تُمنح الجائزة في 19 مناسبة، تحديداً في أعوام اندلعت فيها الحروب العالمية أو ساد فيها الاضطراب الدولي، ومن أبرز فترات الانقطاع كانت: أعوام الحرب العالمية الأولى: (1914، 1915، 1916، 1918)، وأعوام الحرب العالمية الثانية: (1939–1943)
في بعض الحالات، كانت اللجنة تمتنع عن منحها لأسباب تتعلق بعدم وجود مرشّح يستوفي الشروط، أو تعذر التوافق.
هل يقتصر الترشيح على الدول والحكومات؟
من المثير أن الدول والحكومات ليست هي الجهة الرئيسية لترشيح الأسماء لنيل جائزة نوبل للسلام، بل إن النظام الأساسي للجائزة لا يمنح حق الترشيح للدول ويعتمد على أفراد ومؤسسات محددين تنطبق عليهم شروط دقيقة، وهو ما يجعل الترشيحات في كثير من الأحيان مسألة شخصية أو رمزية أكثر منها رسمية.
بحسب قواعد مؤسسة نوبل، يحق للجهات التالية تقديم ترشيحات سنوية:
- أعضاء البرلمانات الوطنية والحكومات من مختلف دول العالم
- رؤساء الدول
- أساتذة الجامعات في مجالات الفلسفة، والحقوق، والعلوم السياسية، والتاريخ، والدين
- الحائزون السابقون على جائزة نوبل بجميع فروعها
- أعضاء المحاكم الدولية
- مدراء ومعهدو مراكز الأبحاث في مجال السلام والنزاعات الدولية
- رؤساء منظمات دولية معينة لها صفة مراقب في الأمم المتحدة
وفي عام 2024، بلغ عدد المرشحين لجائزة نوبل للسلام 286 مرشحاً، وكان أعلى عدد من الترشيحات قد سُجّل في عام 2016، وبلغ 376 مرشحاً.
وبينما يحتفظ معهد نوبل في أوسلو بسرية قائمة المرشحين الكاملة لمدة 50 عاماً – وفقاً لقواعد صارمة – يختار بعض المرشِّحين إعلان ترشيحاتهم للعامة، كما فعل رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عند ترشيحه للرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
تُفتح أبواب الترشيح مع بداية كل عام وتُغلق في 31 يناير كانون الثاني، بينما يتم الإعلان عن الفائز أو الفائزين بجائزة نوبل للسلام لعام 2025 يوم الجمعة 10 أكتوبر/تشرين الأول، على أن يُقام حفل تسليم الجائزة في 10 ديسمبر/أيلول في أوسلو، النرويج.
وعادة ما تقوم اللجنة المسؤولة بعد إغلاق التشريحات، بإعداد قائمة أولية تُعرف بـ"القائمة القصيرة"، والتي تُعرض على مستشارين وخبراء دوليين مستقلين لتقديم تحليلات معمّقة عن سيرة المرشحين ودورهم في قضايا السلام.
صدر الصورة، Getty Images
ومن المهم التأكيد أن مجرد ورود اسم شخص في قائمة المرشحين لا يعني تزكيته أو تأييداً رسمياً من اللجنة، ففي بعض السنوات، تلقت اللجنة مئات الترشيحات، بينها أسماء أثارت الجدل عالمياً، مثل أدولف هتلر في ثلاثينيات القرن الماضي، وستالين لاحقاً، وهنري كيسنجر الذي فاز فعلياً رغم الانتقادات.
ولا تعتمد الجائزة على عدد الترشيحات، بل على قيمة العمل الفعلي الذي أسهم في تعزيز السلام، وفق المعايير التي وضعها ألفريد نوبل في وصيته الأصلية عام 1895.
ماذا عن ترامب ونوبل؟
أمّا الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي لم يُخفِ يوماً رغبته في الحصول على جائزة نوبل للسلام، فقد تلقى خلال السنوات الأخيرة عدة ترشيحات معلنة، أبرزها من أعضاء في البرلمان النرويجي والسويدي، استندوا في ترشيحهم إلى دوره في توقيع اتفاقات أبراهام، التي مهّدت لتطبيع العلاقات بين إسرائيل وعدد من الدول العربية، بينها الإمارات والبحرين والمغرب والسودان.
كما أشار مؤيدوه إلى سياساته تجاه كوريا الشمالية، وانفتاحه غير المسبوق على قيادتها، إلى جانب تقليص التدخلات العسكرية الأمريكية في بعض مناطق النزاع، مقارنة بإدارات سابقة.
صدر الصورة، Getty Images
ترامب عبّر مراراً عن فخره بهذه الترشيحات، واعتبرها دليلاً على استحقاقه الدولي، مشيراً إلى ما يراه تجاهلاً إعلامياً لإنجازاته، وفي أحد تصريحاته، قال ساخراً: "أعطوا أوباما جائزة نوبل في بداية ولايته، أما أنا فقد أنجزت أكثر منه بكثير، ولم أحصل على شيء!".
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

عالم نفس يكشف الجانب المظلم في شخصية دونالد ترامب
عالم نفس يكشف الجانب المظلم في شخصية دونالد ترامب

الدستور

timeمنذ 3 ساعات

  • الدستور

عالم نفس يكشف الجانب المظلم في شخصية دونالد ترامب

ذكر عالم النفس بجامعة إيدج هيل البريطانية جيف بيتي، في مقال لموقع "ذا كونفرسيشن"، أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يعاني من سمة شخصية سلبية تتمثل بإلقاء مسؤولية إخفاقاته على الآخرين وأشار عالم النفس في المقال إلى أن "الرئيس الأمريكي هاري ترومان قد وضع في السنوات التي تلت الحرب العالمية الثانية، لافتة صغيرة على مكتبه كتب عليها: المسؤولية تقع على عاتقنا!، وأكدت هذه اللافتة استعداده لتحمل المسؤولية الكاملة عن قراراته وأفعاله كرئيس، حتى تلك التي لم يكتب لها النجاح". وأضاف: "من المثير للاهتمام أن اللافتة وضعت في السجن الإصلاحي الفيدرالي في إل رينو، أوكلاهوما، مما يوحي ببعد أخلاقي ضمني لمسألة المسؤولية والمحاسبة. جميعنا مسؤولون عن أفعالنا، أيا كنا، ولكن الرئيس هو المسؤول الأول". لكن كيف يبدو أن الأمور تغيرت مع وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض؟ يوضح عالم النفس أن "ترامب ينسب لنفسه باستمرار أي نجاحات يفترض أن يحققها كرئيس - الرسوم الجمركية، وزيادة الدول الأعضاء في الناتو في دفع الرسوم، وأزمة الشرق الأوسط، لكنه يحرص على أن تنسب أي إخفاقات إلى جهات أخرى فورا". كما لفت إلى أنه كثيرا ما يصور نفسه متفاجئا بقرارات غير شعبية، والتي دائما ما تكون من صنع شخص آخر، وخطأ شخص آخر، ويحمل المسؤولية لهم، كما لا يتردد في توجيه أصابع الاتهام إليهم مباشرة، وغالبا ما يكون ذلك في مناسبات عامة رفيعة المستوى. على سبيل المثال، وجهت انتقادات شديدة مؤخرا إلى وزير الدفاع بيت هيغسيث، المؤيد الكبير لترامب، لمسؤوليته الشخصية عن إيقاف تسليم شحنات الأسلحة إلى أوكرانيا، كما يبدو أن مسؤولي الدفاع الأمريكيين شعروا بالقلق من انخفاض مخزونات الأسلحة، إذ كانوا بحاجة إلى تحويلها إلى إسرائيل للمساعدة في الحرب مع إيران. في 4 يوليو، أفادت شبكة "إن بي سي" أن تعليق المساعدات العسكرية لكييف كان قرارا أحاديا اتخذه وزير الدفاع الأمريكي بيت هيغسيث. وأشارت شبكة "سي إن إن" لاحقا إلى أن هيغسيث لم يبلغ إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بقراره مسبقا. كما ذكرت أن قرار البنتاغون فاجأ ترامب، ليصرح الرئيس الأمريكي بعدها بأنه لا يعرف من أذن بتعليق المساعدات العسكرية لكييف.

أخبار العالم : فيدان: مأساة الفلسطينيين بغزة فشل كبير للإنسانية ولكنها أكبر للمسلمين
أخبار العالم : فيدان: مأساة الفلسطينيين بغزة فشل كبير للإنسانية ولكنها أكبر للمسلمين

نافذة على العالم

timeمنذ 4 ساعات

  • نافذة على العالم

أخبار العالم : فيدان: مأساة الفلسطينيين بغزة فشل كبير للإنسانية ولكنها أكبر للمسلمين

السبت 12 يوليو 2025 03:20 صباحاً قال وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، الجمعة، إن مأساة الفلسطينيين في قطاع غزة فشل كبير للإنسانية جمعاء، ولكنها فشل أكبر بالنسبة للمسلمين. جاء ذلك في مقابلة مع قناة "برناما" الإخبارية الماليزية الرسمية. وأوضح فيدان، أن الإبادة الجماعية المستمرة في غزة حدث تُدمي القلوب. وأضاف: "نشهد أحداثا مؤلمة للغاية لنا جميعا، ولا يمكن أن ننساها أبدا، هذا فشل كبير للبشرية عموما، ولكنه فشل أكبر بالنسبة للمسلمين". وأشار فيدان، إلى أن تركيا وماليزيا تتحملان مسؤوليات محددة فيما يتعلق بغزة. وفي هذا الصدد، أشاد الوزير التركي بموقف رئيس الوزراء الماليزي أنور إبراهيم، بشأن الفلسطينيين المضطهدين والأراضي الفلسطينية المحتلة. وأكد على ضرورة العمل معا وفي تعاون وثيق بشأن قضية غزة. وحذر فيدان، من أنه "إذا لم نتكاتف ضد هذا النوع من الهمجية، فقد يصل إلينا أيضا يوما ما". وشدد على أهمية الضغط المنسق لإيصال المساعدات الإنسانية إلى غزة. وأشار فيدان، إلى أن "مليوني مواطن من سكان غزة محتجزون حاليا، وغزة باتت أشبه بمعسكر اعتقال من الحرب العالمية الثانية (1939-1945)". وتابع "يُجوّع الشعب الفلسطيني عمدا، ويُخضع لظروف قاسية، كل هذا يحدث أمام أعيننا، ولا يمكن لنا السماح باستمرار ذلك". من جهة أخرى، أشار الوزير فيدان، إلى أن النظام الدولي يعاني من مشاكل وجودية، وأن أي مشكلة في أي مكان من العالم تؤثر سلبا على الجميع في النظام الدولي. وأوضح أن النظام الدولي الحالي أنشئ مباشرة بعد الحرب العالمية الثانية، حيث كان هناك 55 دولة في ذلك الوقت، وحاليا هناك 193 دولة مسجلة لدى الأمم المتحدة. وأضاف: "عندما ننظر في كل مرة إلى النظام الدولي وجميع مؤسساته، نجد أنها أنشئت من قبل الأطراف المنتصرة (خلال الحرب العالمية الثانية)، ومن الطبيعي أن تخدم مصالح الأطراف المنتصرة، ولكن في كل مرة نجد أن هذه المؤسسات لها مدة صلاحية محدودة". فيدان، أردف: "لا أحد يرغب في التخلي عن امتيازاته في ظل النظام الدولي الحالي، سواء كان حق النقض (الفيتو) أو مقعدا دائما في مجلس الأمن الدولي، وتبدو هذه الحقوق وكأنها مُنحت لهم منذ البداية، ولا أحد يرغب في التخلي عنها". وتابع: "هذه الحقوق تتعارض مع مصالح بقية المجتمع الدولي، وأخشى أن نضطر إلى خوض صراع كبير لتأسيس نظام دولي جديد إذا لم نتعلم من التاريخ، ولكن كبشرية، يجب أن نتعلم من التاريخ أنه يجب ألا نكرر هذا الخطأ". ومنذ 2 مارس/ آذار الماضي، تغلق إسرائيل معابر قطاع غزة بوجه جميع الإمدادات والمساعدات الإغاثية، ما أدخل نحو 2.4 مليون فلسطيني في حالة مجاعة. وبدعم أمريكي ترتكب إسرائيل منذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، إبادة جماعية بغزة تشمل القتل والتجويع والتدمير والتهجير القسري، متجاهلة النداءات الدولية كافة وأوامر لمحكمة العدل الدولية بوقفها. وخلفت الإبادة أكثر من 195 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، إضافة إلى مئات آلاف النازحين ومجاعة أزهقت أرواح كثيرين بينهم عشرات الأطفال.

مفاوضات الدوحة على صفيح ملتهب
مفاوضات الدوحة على صفيح ملتهب

وكالة شهاب

timeمنذ 5 ساعات

  • وكالة شهاب

مفاوضات الدوحة على صفيح ملتهب

تعيش مفاوضات التهدئة الجارية في الدوحة حالةً من التقلّب والتوتّر، تعكس تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في غزة، وسط ضغوط أميركية، وتلكؤ إسرائيلي، وإصرار فلسطيني على ضمانات واضحة. فاللقاءات المكوكية بين واشنطن وتل أبيب والدوحة، وإنْ أحرزت تقدماً شكلياً، إلا أنها لم تحسم جوهر النزاع المرتبط بمصير الحرب والانسحاب من غزة، وهو ما يجعل التهدئة المحتملة أقرب إلى التجميد المؤقت للنار من كونها اتفاقاً سياسياً دائماً. منذ أسابيع، تضغط إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب لإبرام اتفاق هدنة، تسوّقه على أنه "إنجاز سياسي" في عام انتخابي حاسم. لكن المفاوضات الجارية ما تزال تفتقر إلى الأساس الصلب؛ إذ إن الوعود الأميركية للفصائل الفلسطينية تظل شفهية وغير مكتوبة، ما يضعف أي التزام دولي ويُبقي التفاهمات عرضة للانهيار عند أول انتكاسة ميدانية أو مناورة إسرائيلية. وهذا ما دفع مصادر مصرية إلى التحذير من هشاشة الاتفاق، ما لم يُترجم إلى ضمانات ملموسة، تضمن وقفاً فعلياً ومستداماً لإطلاق النار، لا مجرد هدنة مؤقتة محكومة بالحسابات التكتيكية. في المقابل، لا تزال "إسرائيل" تراوغ في تقديم خريطة طريق واضحة لإنهاء الحرب. فرغم التعديلات التي أدخلتها على خرائط الانسحاب، والتي جاءت بعد رفض أميركي وقطري لخطة الانسحاب الأولى، إلا أن هذه التعديلات لم تحسم بعد قضية "محور موراغ"، وهي منطقة استراتيجية تفصل جنوب القطاع عن وسطه، وتُعدّ من وجهة نظر تل أبيب حاجزاً أمنياً أساسياً لمنع تهريب الأسلحة. ومع ذلك، تصرّ حركة "حماس" على انسحاب إسرائيلي كامل من هذا المحور، في مسعى لإعادة التموضع داخل رفح وتثبيت حضورها الميداني. وتأتي هذه المعركة التفاوضية في ظلّ معادلات داخلية معقّدة يعيشها رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الذي يُحاصر داخلياً من اليمين المتطرف الرافض لأي تنازل، ويُواجه في الوقت نفسه ضغوطاً أمريكية للتوصل إلى اتفاق، مع ارتفاع منسوب الغضب والتململ داخل الشارع الإسرائيلي جراء ضربات المقاومة وعملياتها النوعية، التي تستمر في تعميق المأزق الإسرائيلي وإضعاف إمكانية الحسم العسكري والاحتلال الشامل للقطاع. وفي هذا السياق، كشفت مصادر عبرية عن اجتماع ثلاثي في الدوحة، ضم مسؤولين إسرائيليين وأميركيين وقطريين، وصفته بـ"المتوتر"، بعدما هدد القطريون بانهيار المحادثات، في حال استمرت تل أبيب بالمماطلة. أما من الجانب الأميركي، فتبدو إدارة ترامب حريصة على تسويق أي اختراق في المفاوضات، ولو كان شكلياً، خاصة أنها تُدرك أن صبر الحلفاء الإقليميين آخذ في النفاد، بينما تتزايد الضغوط الداخلية نتيجة تعثّر المفاوضات وتفاقم الوضع الإنساني في غزة. ويظهر ذلك في الدعوة التي وجّهها البيت الأبيض لعائلات الأسرى الإسرائيليين، والتي جاءت على خلفية تنامي السخط الشعبي في "إسرائيل" حيال إخفاق الحكومة في حسم الحرب أو إعادة الأسرى. اللافت للنظر في هذه الجولة من المفاوضات هو محاولة "إسرائيل" طرح مشاريع سياسية وأمنية، تتجاوز وقف إطلاق النار، وتستهدف تقويض حكم "حماس" في غزة. فخطة تل أبيب الجديدة تتضمن إقامة "منطقة إنسانية" في رفح، ونقاط تفتيش لمراقبة حركة السكان، وتوزيع مساعدات بمعزل عن الآليات أو القنوات الأخرى كالأونروا أو المظمات الدولية أو الجهات المحلية. كما تهدف إلى إنشاء "منطقة خضراء" تُسوَّق باعتبارها آمنة، في محاولة لإيجاد واقع بديل داخل القطاع، وهو ما يشي بأن "إسرائيل" ترى في التهدئة فرصة لإعادة تشكيل الخارطة السياسية في غزة، لا مجرد خطوة نحو التسوية الدائمة. رغم هذه المحاولات، فإن المشهد ما يزال يراوح مكانه. فـ"إسرائيل" لا تملك رفاهية الاستمرار في حرب استنزاف طويلة، وحركة حماس تدرك أن أي تهدئة من دون انسحاب شامل سيُعد فشلاً استراتيجياً قد يتم تسويقه كهزيمة سياسية وميدانية، بينما واشنطن تسعى لتسجيل "إنجاز" سريع، دون الدخول في تعقيدات الصراع الطويل. في المحصلة، يبدو أن مفاوضات الدوحة مرشحة للاستمرار، وربما التصعيد، ما لم تُترجم التعهدات إلى اتفاق مكتوب، بضمانات دولية وإقليمية. فخلاف ذلك، ستظل الهدنة مجرّد فاصل هشّ بين جولتين من نار.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store