
نضالات العلمانيين
د. #هاشم_غرايبه
في الثقافة المجتمعية الغربية تعتبر الفتاة دون الثامنة عشرة طفلة، ومواقعتها جريمة كونها قاصر، وفي الوقت نفسه يعتبرون بقاء الفتاة عذراء الى ما بعد الثامنة عشرة مشكلة، وتحاول عائلتها حلها بتشجيعها على اقامة علاقة مع الجنس الآخر، هذا التناقض جاء بسب قيمهم التي بنتها العلمانية، في ظل تغييب القيم الدينية، والتي تعتبر ممارسة الجنس حرية شخصية لكلي الجنسين لا يجوز حجرها أو مضايقة من يمارسها، ولا ضرورة لأن تتحدد بالعلاقة الزوجية التي شرعها الله لغايات الحفاظ على الجنس البشري.
الحالة الوحيدة المجرّمة عندهم هي الاغتصاب، وهي من الناحية العملية من الصعب حدوثها إلا في حالات الجرائم العنيفة، لذلك هي نادرة الحدوث، إذ اثبتت الدراسات الاجتماعية أن الحالات المبلغ عنها كاغتصاب، إما حدثت برضا الفتاة لكن بالتغرير بها بوعد الزواج، أو لخلاف بين الطرفين فتتهم الفتاة الشاب بأثر رجعي بأنه واقعها بغير رضاها انتقاما، أما أكثر الحالات في الغرب فدافعها الابتزاز المالي أو السياسي كما في قصة كلينتون الشهيرة.
في مجتمعاتنا وبحمد الله، حمانا الله من هذه القيم المهلكة، بهديه إيانا الى الصراط المستقيم، لكن نظامنا السياسي العلماني، فتح الباب لاستيراد بعض من قيمهم، والتي يتطوع علمانيونا لترسيخها.
وما زلت أذكر تلك المعركة التي خاضها هؤلاء وجرت على بطاح مجلس النواب قبل بضع سنين لإلغاء المادة '308 ' عقوبات، والتي كانت تسمح بتخفيض عقوبة المغتصب إذا تزوج من المجني عليها، والتي اعتبروها تشجع الاغتصاب وتنجي المجرم، وهي حقيقة قد تكون كذلك، لكننا نحن المؤمنين لم نكن نحس بالمشكلة، كون عقيدتنا تحرم الزنا بالمطلق، سواء كان برضا الطرفين أم بالإكراه.
لذا لم نهتم بتلك المعركة، لأننا نعرف أن النتيجة ستكون دائما لصالح ما تريده الحكومة، وهي التي حركت العلمانيين لكي تبين للإتحاد الأوروبي المانح أنها ملتزمة بتعليماته.
سألنا فقيل لنا أنها من أجل تحرير المرأة من ظلم الرجل، قلنا إن كانت كذلك فكلّنا معكم .. ولينصركم الله على من يقف ضدكم، سألناهم عمن يكون هؤلاء، فقالوا: هم القوى الظلامية المتحيزة للرجل، فهتفنا: الله أكبر ..ليسقط الظلاميون ولينصر الله التنويريين!.
ربما – نحن عامة الشعب – لم نكن نحس بتلك الحاجة الماسة الى إلغاء تلك المادة المجحفة بحق المرأة والتي بلا شك وجدت نتيجة للتسلط الذكوري العتيق، لذلك لم نشارك في الزفة الإعلامية، بل كنا نتابع المشهد بلا حماسة، لسببين: أولهما كوننا غارقين إلى آذاننا بمصائب انتجتها أنظمتنا السياسية من فساد وفشل أهلكت الحرث والنسل، وفشل في التصدي للأعداء وإذلالاتهم المتواصلة لنا.
وثانيهما أننا – نحن العوام – متدينون بطبعنا، سواء كنا إسلاميين أومسيحيين، لذا فإننا نُجرّم ممارسة الجنس خارج الزوجية الشرعية، ولا نهتم بالتقسيمات والتصنيفات لهذه الممارسة كالغربيين ومن والاهم من المتنورين، فلا نعتبر أن هنالك فارقا كبيرا بين إن كان عمر الفتاة سبعة عشر أو ثمانية عشر عاما، فكله محرم ولو بلغ عمرها ثمانين عاما، ولا نفرق كثيرا بإدانة هذا الفعل إن كان تم برضا الطرفين أو بالتغرير أو بإغراء المال أو الزواج، فكل ممارسة جنسية بين الذكر والأنثى إن كانا غير متزوجين بالمفهوم الشرعي هي جريمة.
بالطبع ألغيت المادة، وأغرتني الإحتفالات بهذا الإنجاز للبحث في مدى الدعم الذي تحقق لحقوق المرأة (التي لا شك أنها مازالت مهضومة) نتيجة لهذا الإنتصار، فرجعت الى سجلات وزارة الشؤون الإجتماعية، فوجدت تصريحا للوزيرة السابقة 'ريم أبوحسان' قد كشفت انه حتى ذلك العام 2015، كان عدد الفتيات القاصرات بدور الرعاية 79 فتاة منهن 69 فتاة مواقعة قاصر برضاها وليس اغتصاب، أما البقية فقد اعتبرته الوزيرة أنه لم يكن الاغتصاب بالقوة والاكراه أكثر مما هو المواقعة برضا الفتاة لكن عن جهل وتغرير.
نستخلص أن الموضوع لم يكن انتصارا من فئة على فئة، بدليل أن من وضع هذه المادة الظالمة في القانون هو النظام السياسي نفسه الذي احتفل بإلغائها، لكنه وكالعادة استغل المناسبة لتمرير تعديلات على قانون العقوبات تزيد من سيطرة القبضة الأمنية والتضييق على الحريات العامة من خلال تعديل المادة 73 عقوبات، وهذه التعديلات هي ما كان يستحق الإهتمام والنضال من مدعي الحرص على الحريات العامة.

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا
اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:
التعليقات
لا يوجد تعليقات بعد...
أخبار ذات صلة


جو 24
منذ ساعة واحدة
- جو 24
رئيس حزب مصري يثير موجة تفاعل وغضب بعد تحدثه عن ورود اسم حزبه في القرآن (فيديو)
جو 24 : أثار رئيس حزب الوفد المصري عبد السند يمامة موجة تفاعل عارمة بعدما تحدث في لقاء تلفزيوني عن ذكر اسم حزبه في القرآن الكريم. وقال يمامة، في تصريحات خلال لقاء تلفزيوني بقناة صدى البلد مساء الخميس، إن اسم حزبه ورد في سورة "ويوم نحشر المتقين إلى الرحمن وفدا". وذكر يمامة في ختام لقائه التلفزيوني: "وأنا أقرأ القرآن اليوم، وصلت إلى هذه الآية في سورة مريم، يوم نحشر المؤمنين إلى الرحمن وفدا"، وتابع ضاحكا: "فالوفد في القرآن كما أهو". وقوبلت هذه الكلمات بتفاعل واسع على وسائل التواصل الاجتماعي، وأثارت غضب البعض في حين سخر مدونون من الربط بين اسم الحزب والآية القرآنية، واتهمه آخرون بالاستهزاء بالقرآن. واعتبر الداعية المصري المعروف محمد أبو بكر، حديث رئيس الوفد، نوعا من الاستهزاء بالقرآن، وقال: "إن قصد الكلام فتلك مصيبة وإن لم يقصد فالمصيبة أعظم، والقرآن لا يجوز بحال استخدامه لخدمة أغراض الأشخاص والأهواء". وواصل: "وأنا أدعو القائل إلى التوبة والاستغفار والندم لأن الله حذر من مثل هذه الأقوال فقال جل وعلا: ولئن سألتهم ليقولن إنما كنا نخوض ونلعب، قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون. لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم إن نعف عن طائفة منكم نعذب طائفة بأنهم كانوا مجرمين". وقال آخر: "عيب يا يمامة، من غير اللائق أستاذ عبد السند، استخدام تعبير قرآني مرتبط بالآخرة لربط اسم حزب سياسي به، هذا النوع من الربط قد يُفهم على أنه إيحاء ديني يمنح الحزب مكانة روحية أو شرعية خاصة، وهو أمر غير مقبول لا من الناحية الشرعية ولا من الناحية السياسية، لما فيه من تضليل للعامة وخلط بين الدين والعمل الحزبي". فيما أضاف آخر: حزب الوفد مذكور في القرآن! لما ده رئيس حزب الوفد، يبقى إيه حال أعضاء الوفد؟! رغم إن التصريح مقصود به الفُكاهة، لكنه بيعبر عن حال حزب الوفد المتردي في الخَطابة". وعلق الداعية مظهر شاهين، قائلا: "المؤسف أن مثل هذا القول، حتى إن قيل على سبيل المزاح أو الطرافة، فإنه غير مقبول، لأن كلام الله تعالى أقدس وأعظم من أن يُمزح به أو يُقحم في سياقات لا تليق بجلاله". المصدر: RT تابعو الأردن 24 على


خبرني
منذ 6 ساعات
- خبرني
الاردن .. وفاة الشاب أسامة عواودة بحادث سير مؤسف
خبرني - فُجعت عائلة الشاب الأردني أسامة فراس عواودة، اليوم الخميس، بوفاته متأثرًا بإصابات خطيرة تعرّض لها إثر حادث سير وقع قبل أيام، أثناء عودته ليلا من عمله على دراجته "السكوتر". وبحسب مصادر مقربة من العائلة، فإن الشاب أسامة، المعروف بأخلاقه العالية وتدينه، كان قد لجأ إلى العمل على دراجة "سكوتر" لتوفير لقمة العيش ومساندة والده في ظل الأوضاع الاقتصادية الصعبة، رغم حصوله على شهادة في الهندسة. وأوضحت المصادر أن الحادث وقع في أحد الطرق المظلمة، حين تفاجأ أسامة بكلب ضال اعترض طريقه، ما اضطره لمحاولة تفاديه، فانقلبت دراجته، وأُصيب إصابة بليغة في الرأس أدت إلى نزيف دماغي، دخل على إثره في غيبوبة استمرت عدة أيام، قبل أن يفارق الحياة صباح اليوم. ومن المقرر أن يتم دفن جثمان الشاب الراحل بعد صلاه عصر اليوم الخميس من مسجد قميم الكبير في محافظة إربد. وقدّم العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي تعازيهم الحارّة لذوي الفقيد، مستذكرين خصاله الطيبة وانضباطه الأخلاقي، داعين الله أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يمنّ على أسرته بالصبر والسلوان.


صراحة نيوز
منذ 7 ساعات
- صراحة نيوز
الأردن نعمة تستحق أن تصان
صراحة نيوز- أ.د. بيتي السقرات / الجامعة الأردنية كانت الأمم السالفة تُقدّر النعمة، وتكون حامدة شاكرة ردحًا من الزمان، إلى أن يعتاد الناس عليها، ويظهر جيل جديد يألف النعمة. ومع مرور الوقت، يتحوّل الشكر إلى شعور بالحاجة للمزيد، وأحيانًا يفقد الفرد، ثم المجتمع، الشعور بموجبات استحقاق دوام النعمة. ومن أعظم النعم التي ينالها الإنسان: راحة البال والرضا. أما للمجتمع، فتكمن تمام النعمة في التراحم، والتكافل، والعيش بتناغم في أمنٍ واستقرار. وقد أنعم الله على وطننا بنِعَم عظيمة قلّ أن تجتمع في غيره: أمنٌ في محيطٍ مضطرب، استقرارٌ رغم التحديات، قيادة شابة حكيمة، وشعبٌ مخلص معطاء. فالأردن، برغم قلة موارده، أثبت أنه قادر على صناعة التميز، واحتضان الجميع، وتحقيق منجزات يشهد لها القريب والبعيد؛ كالتعليم المتقدم، والقطاع الصحيّ المتميز، والمواقف السياسية المتزنة على الساحة الدولية. لكن للأسف، ظهرت على الساحة مؤخرًا أصوات تنكر الجميل، وتُغالي في النقد حتى يغدو جلدًا للذات، وتُعمي أعينها عن الإنجازات لتبصر فقط النواقص. وهنا لا بد من التفريق بين النقد البنّاء الذي يدفع للإصلاح، والنقمة المجانية التي تزرع الإحباط وتفتّت الانتماء. من الجحود أن نتحوّل إلى راجمي حجارة في بئرنا، وأن نرى الوطن بعينٍ عوراء، فنُغفل ما تحقق، ونرفض الاعتراف بمواطن القوة. فالوطن، ككل بناء، يحتاج إلى الترميم لا إلى الهدم. إننا بحاجة اليوم إلى إعلام وطني واعٍ يوازن بين النقد الموضوعي وإبراز المنجز، ويُعيد بث الروح الوطنية في قلوب الجيل الجديد. نحتاج إلى عودة الأدب الشعبي الوطني، ومسرح أردني معاصر يعكس هويتنا، ويفتح أبواب الإبداع أمام شبابنا، وينقل للعالم صورة الأردن المتحضّر الواعي. نحن في وطنٍ يحتلّ مكانةً تُحسد، لا بالمبالغة ولا بالشعارات، بل بما تحقق فعليًا رغم محدودية الإمكانيات. فقد صار الأردن بحقّ كوكبًا متفرّدًا في سلوكه السياسي، وقيمه المجتمعية، وصموده الاقتصادي.