logo
ديناميكيات جديدة فى الشرق الأوسط

ديناميكيات جديدة فى الشرق الأوسط

بوابة الأهراممنذ 9 ساعات
توقفت الحرب بين كل من أمريكا وإسرائيل ضد إيران، لكنها لم تنته بعد، الأمر المؤكد، وكما ورد على لسان وزير الحرب الإسرائيلى يسرائيل كاتس الذى أعلن (الخميس الماضى) أن «إسرائيل ستضرب إيران مجدداً وبقوة إذا تعرضت لتهديد منها»، الموقف نفسه يتكرر لدى الجانب الإيرانى، فالبرلمان الإيرانى اتخذ قراراً بتعليق العلاقة مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، فى إشارة إلى إمكان الانسحاب الكامل من معاهدة حظر انتشار الأسلحة الذرية ومن ثم إطلاق آفاق البرنامج النووى إلى منتهاه، دون اكتراث بأى تهديدات، حذر رئيس الجمهورية مسعود بزشكيان من أى استئناف للمفاوضات مع الولايات المتحدة، أو التعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تجدد الحرب، أو استئنافها يمكن أن يكون إجابة للسؤال المهم الذى يشغل الكثيرين الآن، وهو سؤال: وماذا بعد أن توقفت الحرب؟ إلى أين تتجه المنطقة؟ لكن الواضح أن هناك «كوابح» ستفرض نفسها حتماً وستحكم أى مواجهة فى المستقبل منها الشرط الذى وضعه يسرائيل كاتس وزير الحرب الإسرائيلى المشار إليه بخصوص أن إسرائيل لن تضرب إيران مجدداً إلا إذا تعرضت إلى عدوان إيرانى، وهذا تطور جديد شديد الأهمية بخصوص وجود إدراك إسرائيلى جديد، ولدته الحرب الأخيرة وعنف الضربات الإيرانية، مفاده أن «إسرائيل لن تبادر بحرب ضد إيران»، لكن التطور الأهم يتعلق بإدراكات القوى الإقليمية الدولية لتوازن القوى الإقليمى الجديد الذى ولدته الحرب الأخيرة التى فجرها العدوان الأمريكى - الإسرائيلى على إيران، ولما يمكن أن تولده أيضاً من مشروعات لإعادة هندسة النظام الإقليمى على ضوء الديناميكيات الجديدة التى بدأت تفرض نفسها على المنطقة بعد تلك الحرب. لدينا مدخل مهم للتفكير فى إجابات عن فحوى هذه «الديناميكيات» الجديدة يتمثل فى الأفكار المهمة فى الدراسة التى نشرتها مجلة «فورين أفيرز» (الشئون الخارجية) التى تصدر عن المجلس الأمريكى للسياسة الخارجية شديد الاقتراب بدوائر صنع القرار فى الولايات المتحدة (عدد يوليو/ أغسطس 2025) كتبها كل من الدكتورة «أونا هاثاواى» أستاذة القانون فى كلية الحقوق بجامعة ييل، وهى باحثة غير مقيمة فى «مؤسسة كارنيجي» للسلام الدولى الأمريكية، والرئيس المنتخب للجمعية الأمريكية للقانون الدولى. بالمشاركة مع زميلها الدكتور «سكوت شابيرو» أستاذ القانون وأستاذ الفلسفة فى جامعة ييل، وهما مؤلفا كتاب «الأمميون: كيف أعادت خطة جذرية لحظر الحرب تشكيل العالم». هذه الدراسة جاءت تحت عنوان: «النظام العالمى الأمريكى الجديد: عودة الروح للحرب ولمبدأ (القوة تصنع الحق»)، وتمحورت حول خلاصتين:
الأولى: أن الولايات المتحدة (وليس فقط إدارة ترامب) باشرت عملياً تدمير النظام العالمى الذى أقامته بعد الحرب العالمية الثانية، والذى استند (ولو اسمياً) إلى القانون الدولى، وميثاق الأمم المتحدة وما تضمنه هذا الميثاق من أهداف ومبادئ سامية، ترفض الحرب كوسيلة لحل النزاعات، وتعلى من حق الدول فى الدفاع عن نفسها وسيادتها ومواردها، وتمتعها بحق تقرير المصير واستقلالية قرارها الوطني. فالولايات المتحدة تنتكس الآن بهذه الالتزامات وتعود مجدداً إلى «نظام ما قبل الحرب العالمية الأولى» المستند إلى تشريع مبدأ الحرب، والاستيلاء على الأرض والدول بالقوة، إضافة إلى إحياء المبدأ الشهير الذى نبذه العالم بثوراته التحررية التى أعقبت تأسيس الأمم المتحدة كرمز لنظام القانون وعدالته وسيادة الدول، وهو مبدأ «القوة تصنع الحق». الثانية: أن هذا التحول الأمريكى سيدفع الدول الكبرى إلى تقسيم العالم إلى مناطق نفوذ لها، واحتلال ما تشاء من الدول فى مناطق نفوذها (أمريكا تبتلع كندا والمكسيك وجرينلاند وربما كل القارة الأمريكية) مع طموحات التمدد الجغرافى فى الشرق الأوسط (على غرار ريفييرا الشرق الأوسط الأمريكية المأمولة فى قطاع غزة)، وروسيا تبتلع أوكرانيا وما يتيسر لها من دول البلطيق وشرق أوروبا، والصين تبتلع تايوان وما يتيسر لها فى شرق آسيا/ الباسيفيك.
الخلاصة التى توصلت إليها تلك الدراسة هى دعوة الدول الـ141 التى صوتت دعماً لموقف الولايات المتحدة فى قرار صدر عن الجمعية العامة يدين محاولة روسيا ضم الأراضى الأوكرانية، للتوحد هذه المرة ضد الولايات المتحدة والقوى العالمية الكبرى وتأسيس تحالف عالمى يكون هدفه التصدى للولايات المتحدة ومنعها من إعادة فرض «الحرب» كقانون أساسى (وقانوني) لنظام عالمى جديد تريد أن تفرضه.
هذه «التوصية» أو «الخلاصة» المهمة تجد ما يدعمها فى الشرق الأوسط ضمن النتائج والديناميكيات التى ولدتها الحرب الأخيرة على إيران ومن أبرزها: ــ لم يعد ممكنا الفصل بين ما هو مشروع أمريكى وما هو مشروع إسرائيلى فى الشرق الأوسط، وأن التوجه الأمريكى – الإسرائيلى للسيطرة الكاملة على الشرق الأوسط وفرض هندسة جديدة لنظامه الإقليمى تخدم المصالح العليا الأمريكية والإسرائيلية لن يتراجع بل هو فى مرحلة صعود، يؤكد هذا «هوس» كل من الرئيس الأمريكى ترامب ونيتانياهو رئيس حكومة كيان الاحتلال بقانون «القوة تصنع الحق على حساب القانون الدولى وحقوق وحريات الشعوب فى العدالة والسلام».
ــ أن إسرائيل، رغم الدرس القاسى الذى ولدته الحرب على إيران، وفشل إسرائيل فى الاعتماد على قوتها الذاتية لهزيمة إيران سيزيد من اندفاع إسرائيل لفرض مشروعها المرتكز على قاعدة «منع وجود جيوش قوية فى الدول المحيطة بها: خاصة إيران وتركيا ومصر، على الترتيب اعتماداً على تحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة .
ــ أن إيران ومصر وتركيا ستجد نفسها مدفوعة حتماً للتفكير فى كيفية التصدى لهذا المشروع الإسرائيلى الأمريكى، فى وقت أضحى فيه التوفيق مستحيلاً بين أن تقبل الانسحاق أو أن تسعى للتصدى لهذا الخيار المستحيل، وهنا يكون السؤال كيف؟.. وهل آن الأوان أمام هذه الدول الكبرى الثلاث ومعها دول عربية أخرى لمعالجة الخلل فى توازن القوى فى الإقليم الذى أضحى معرضاً للاختلال الشديد فى ظل دخول الولايات المتحدة كطرف مدفوع للهيمنة والسيطرة متحالفاً مع إسرائيل؟ هذا هو السؤال الذى تستوجب الإجابة عنه الوعى بخصائص التحولات الديناميكية الإقليمية الجديدة، وإجابته هى التى ستحدد معالم المستقبل الإقليمى.
Orange background

جرب ميزات الذكاء الاصطناعي لدينا

اكتشف ما يمكن أن يفعله Daily8 AI من أجلك:

التعليقات

لا يوجد تعليقات بعد...

أخبار ذات صلة

أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر تجاوزت المليون
أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر تجاوزت المليون

مصرس

timeمنذ 2 ساعات

  • مصرس

أعداد اللاجئين وطالبي اللجوء المسجلين في مصر تجاوزت المليون

أعلنت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن أعداد طالبى اللجوء واللاجئين المسجلين لديها فى مصر حتى نهاية يونيو الماضى تجاوزت المليون لاجئ، وطالب لجوء، حيث وصلت إلى 1.002.524 من 61 جنسية مقيمة فى مصر. وأضافت المفوضية فى تقرير، تلقت «المصرى اليوم» نسخة منه، أن الجنسية السودانية مثلت النصيب الأكبر فى أعداد المسجلين فى المفوضية بمصر، ب737.394 لاجئًا وطالب لجوء، بينما وصلت أعداد السوريين المسجلين إلى 130.082 لاجئًا وطالب لجوء سورى، ووصلت أعداد باقى الجنسيات إلى 135.046 لاجئ وطالب لجوء.وكشفت المفوضية فى تقريرها أن أعداد طالبى اللجوء الذين سجلوا فى مكتب مفوضية الأمم المتحدة فى مصر خلال الربع الأول من عام 2025 وصلت إلى 166 ألف طالب لجوء، وأن العدد الأكبر من المسجلين من السيدات والأطفال بنسبة 73٪، فى حين وصلت نسبة المسجلين من ذوى الإعاقة إلى 19٪.=وتسعى المفوضية للتواصل مع الجهات المانحة لتوفير التمويل المطلوب، وبحث آثار نقص التمويل على حياة اللاجئين، وقد طلبت المفوضية لتلبية احتياجات اللاجئين فى مصر 137 مليون دولار لسنة 2025، لكن حتى 28 فبراير الماضى، حصلت فى مصر على 21٪ فقط من المبلغ المطلوب، ما اضطر المفوضية إلى تعليق الخدمات الصحية.وقالت فاطيمة إدريس، المدير التنفيذى للمجلس المصرى متعدد الثقافات (تضامن) والمعنى بقضايا اللاجئين، إنه منذ اندلاع الحرب فى السودان، إبريل 2023 وأعداد اللاجئين تضاعفت خاصة من أبناء السودان، مشيرة إلى وجود «تباطؤ شديد» فى تسجيل طالبى اللجوء خاصة منذ بدء توافد السودانيين لدى المفوضية.

السفير بسام راضى يستعرض نجاحات الدبلوماسية المصرية فى منظمة " الفاو "
السفير بسام راضى يستعرض نجاحات الدبلوماسية المصرية فى منظمة " الفاو "

بوابة ماسبيرو

timeمنذ 4 ساعات

  • بوابة ماسبيرو

السفير بسام راضى يستعرض نجاحات الدبلوماسية المصرية فى منظمة " الفاو "

أعرب السفير بسام راضي سفير مصر بإيطاليا ومندوبها الدائم لدى منظمات الأمم المتحدة في روما، عن سعادته وفخره بانتخاب مصر بالإجماع من قبل المؤتمر العام لمنظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة "الفاو" رئيسا للمجلس التنفيذي للمنظمة العالمية لمدة أربع سنوات قادمة، موضحا أن السفارة المصرية في روما كانت قد قامت بدعم وترشيح مستشارها مينا رزق نائب المندوب الدائم لمصر في منظمة "الفاو" لخوض انتخابات رئيس المجلس التنفيذي للمنظمة والذي استطاع أن ينجح ويقتنص هذا المنصب ،لافتا إلى أنه يعد أول شاب مصري يبلغ من العمر ٣٨ عاما يشغل هذا المنصب في تاريخ المنظمة الممتد على مدار ٨٠ عاما منذ عام ١٩٤٥ . وأكد راضي من خلال حديثه لبرنامج (رادار الشرق) أن الذي يدعو إلى الفخر أن المنافسة كانت شرسة للغاية وضمت خمسة مرشحين من مختلف دول العالم من المجموعات الجغرافية بالمنظمة من إفريقيا و آسيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا ومنهم أيضا وزراء ومسئولين كبار بهذه الدول تعدت أعمارهم ٦٠ عاما، لافتا إلى أن المرشح المصري المستشار مينا رزق فاز في هذه الانتخابات بالإجماع حيث حصل على ٨٦ صوتا من ٨٦ دولة حول العالم من أصل ١٦١ دولة، الأمر الذي يعد إنجازا كبيرا لمصر مثمنا تكاتف كل الدول العربية التي كانت داعمة للدولة المصرية والمرشح المصري، فضلا عن دعم معظم الدول الإفريقية، مشيرا إلى أن هذا الدعم يعكس مكانة مصر داخل المنظمات الأممية ويعد أبلغ دليل على نجاح الجهود الدبلوماسية المصرية والعلاقات الطيبة التي تجمع السفارة المصرية مع السفارات العربية . وأوضح السفير بسام راضي أن فوز مصر بهذا المنصب كان إنجازا مستحقا عن جدارة وتتويجا لمسيرة من العمل والجهد الدؤوب للدبلوماسية المصرية في إيطاليا على مدار عامين الهدف منه الدفع بدماء جديدة وكوادر شابة تكون جديرة بالاهتمام وبمنح الثقة، معربا عن إيمانه واعتزازه بما تعلمه شخصيا من الرئيس عبد الفتاح السيسي أثناء عمله الذي شرف به كمتحدث رسمي باسم رئاسة الجمهورية مشيرا إلى أنه تعلم العديد من المبادئ ومنها ضرورة تمكين الشباب وإعطائهم الفرصة فضلا عن معرفة كيفية انتقاء الكوادر التي يمكن أن تحمل القيادة فيما بعد والتي يمكنها الوصول لأعلى المناصب وتحقيق أفضل نتائج عالمية من خلال تطبيق الأسلوب العلمي في التخطيط والإدارة، مؤكدا أنه تم تطبيق هذه المبادئ على أرض الواقع بشكل عملي ونظري وبالفعل تحقق النجاح بتوفيق من الله عز وجل أولا وأخيرا. وأشار إلى أن هذا ليس هو الإنجاز أو النجاح الوحيد للدبلوماسية المصرية في "منظمة الفاو" لكن تم أيضا النجاح في اختيار مصر هذا العام ٢٠٢٥ لاستضافة الاجتماع السنوي للمكاتب الإقليمية حول العالم لمنظمة "الفاو" والتي تبلغ ١٣٣ مكتبا قطري وإقليمي منوها بأنه من المقرر أن يعقد هذا الاجتماع يومي ٦ ،٧ ديسمبر القادم بالعاصمة الإدارية الجديدة . وفي نهاية حديثه، أشار السفير بسام راضي إلى أنه من ضمن الإنجازات التي تم تحقيقها أيضا اختيار الجهاز المركزي للمحاسبات للقيام بالمراجعة القانونية والمحاسبية لمنظمة "الفاو" لمدة ست سنوات قادمة وذلك للمرة الأولى الأمر الذي يعد شهادة تقدير دولية للخبراء المصريين بهذا المجال وأبلغ دليل على أن الجهاز يعد جهة مؤهلة لذلك ويستحقها عن جدارة، لافتا إلى أن هذا يتيح أيضا الفرصة للجهاز المركزي للمحاسبات بالانطلاق في العديد من المنظمات الدولية بالخارج الأمر الذي سيكون له أكبر عائد على الدولة المصرية من جميع الجوانب سواء المادية أو الشرفية. برنامج (رادار الشرق) يذاع على موجات إذاعة الشرق الأوسط يوم الأحد من كل أسبوع الساعة ١٢ ظهرا

من تحالف ناشئ إلى عملاق دولي.. كيف أصبحت 'بريكس' تهديدا حقيقيا للهيمنة الغربية؟
من تحالف ناشئ إلى عملاق دولي.. كيف أصبحت 'بريكس' تهديدا حقيقيا للهيمنة الغربية؟

بوابة الفجر

timeمنذ 4 ساعات

  • بوابة الفجر

من تحالف ناشئ إلى عملاق دولي.. كيف أصبحت 'بريكس' تهديدا حقيقيا للهيمنة الغربية؟

في مشهد يتغير فيه وجه العالم بسرعة غير مسبوقة، تولد قوى جديدة تصطف لتتحدى أقدم وأقوى نظام هيمنة عرفته البشرية. في قلب هذا التحول، تقف مجموعة "بريكس" كرمز للنفوذ الصاعد، متجاوزة كونها تكتلًا اقتصاديًا إلى كابوس حقيقي يهدد مصالح الغرب القديمة. من قمة البرازيل الساخنة إلى الصراعات المالية العميقة، تبرز "بريكس" ليس فقط كخصم، بل كإعلان صريح بأن عصر الهيمنة الأحادية في طريقه إلى النهاية. في لحظة فارقة تتجاوز البروتوكولات الدبلوماسية، انعقدت قمة مجموعة "بريكس" في البرازيل وسط أجواء مشحونة بتحديات سياسية واقتصادية، وعلى وقع تهديدات مباشرة من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الذي وصف المجموعة صراحة بأنها "معادية للولايات المتحدة" مُشهرًا سلاح الرسوم الجمركية بوجه التكتل الصاعد. فهل بدأت واشنطن تخشى التحالف الجديد، أم أنها مجرد مناورة في صراع جيوسياسي أوسع؟ "بريكس" من فكرة إلى قوة عالمية لا يمكن تجاهلها ما بدأ كفكرة بسيطة لبناء نظام اقتصادي عالمي أكثر توازنًا، بعيدًا عن قبضة الغرب وهيمنة الدولار، تحول اليوم إلى قوة لا يمكن تجاهلها. تأسست مجموعة "بريكس" على هذا المفهوم المحوري، ومع توسعها الأخير لتضم 11 دولة، انتقلت من مجرد تكتل ناشئ إلى لاعب رئيس على الساحة الدولية. هذا التوسع الاستراتيجي الذي وصفته وكالة "شينخوا" الصينية بأنه "يعزز التعاون العالمي الجنوبي من أجل تنمية شاملة"، منح المجموعة ثقلًا سياسيًا واقتصاديًا متزايدًا يثير قلق العواصم الغربية. يرى محللون وخبراء أن "بريكس" رغم التحديات الداخلية الكبيرة التي تواجهها، تمضي قدمًا وبثبات في مسارها نحو تشكيل نظام عالمي متعدد الأقطاب، وهو ما يثير حفيظة القوى التقليدية التي اعتادت على الهيمنة المنفردة. الدولار في خطر.. "بريكس" تبحث عن بدائل جريئة لطالما كان الدولار الأمريكي العملة المهيمنة التي لا تُنازع في التجارة العالمية والاحتياطيات الأجنبية، لكن "بريكس" تسعى جاهدة لتقليص هذا الاعتماد، في خطوة تمثل تحديًا مباشرًا لهذا الوضع الراهن. لم يخفِ ترامب استياءه الشديد من هذه المساعي، مُهددًا بفرض تعريفات جمركية قاسية على الدول التي تحاول "منافسة الدولار"، في محاولة واضحة لردع أي محاولة لتقويض العملة الأمريكية. ورغم أن خبراء الاقتصاد يرون أن الدولار لن يفقد هيمنته بسهولة أو في المدى القصير، إلا أن تنامي مشاريع العملات الإقليمية والتفاهمات النقدية الثنائية بين أعضاء "بريكس"، خاصة بين عمالقة مثل الصين وروسيا والهند، يمثل خطوة استراتيجية جريئة نحو بناء نظام مالي عالمي أكثر تنوعًا ومرونة. هذه الخطوات وإن كانت لا تهدد الدولار بشكل مباشر وفوري، إلا أنها ترسم بوضوح ملامح مستقبل قد يشهد تراجعًا تدريجيًا لهيمنته المطلقة. كشف الأوراق السرية.. لماذا يرتبك ترامب من "بريكس"؟ منذ نشأتها في العام 2009، لم تُخفِ "بريكس" طموحها في أن تكون تحديًا مباشرًا للهيمنة الأمريكية. في عالم اعتادت فيه واشنطن على فرض إرادتها كقوة أحادية، ظهرت "بريكس" كجبهة موحدة تقودها قوى صاعدة مثل الصين وروسيا، تطمح بوضوح إلى إعادة تشكيل النظام العالمي الذي تأسس بعد الحرب العالمية الثانية. ومع توسع المجموعة الأخير إلى 11 دولة، ضمت دولًا مثل الأرجنتين، مصر، السعودية، الإمارات، وغيرها، الأمر الذي يهدد بزعزعة موازين القوى التقليدية، ما يجعلها "كابوس الغرب الجديد" كما وصفتها وسائل إعلام غربية. التحديات الداخلية في "بريكس" رغم النجاحات التي تحققت، تواجه "بريكس" تحديات جوهرية في التنسيق بين أعضاء متبايني الرؤى والمصالح، خاصة مع التنوع الجغرافي والسياسي الواسع. الصراعات الجيوسياسية بين بعض الدول الأعضاء، والاختلاف في السياسات الاقتصادية، يضعف أحيانًا من القدرة على اتخاذ قرارات موحدة، لكنه لا يوقف مسيرة المجموعة في التحول إلى قوة عالمية. الرسوم الجمركية.. السلاح الأمريكي في مواجهة "بريكس" في محاولة للحد من نفوذ "بريكس"، لجأ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى استخدام الرسوم الجمركية كأداة ضغط سياسي واقتصادي. فرض تعريفات جمركية على واردات من دول "بريكس" كان رسالة واضحة مفادها أن واشنطن لن تسمح لأي تحدٍ لأنظمتها المالية والتجارية أن يمر دون رد. ورغم التحذيرات من الاقتصاديين حول تأثيرات هذه السياسات على المستهلك الأمريكي، إلا أن ترامب يراها وسيلة ضغط ضرورية للردع والسيطرة على اللاعبين الجدد. هذه المواجهة المفتوحة تضع العالم على مشارف صراعات تجارية قد تعيد رسم خريطة الاقتصاد الدولي. تشكل "بريكس" تحديًا وجوديًا للغرب، ليس فقط عبر أرقام اقتصادية أو مشاريع مالية، بل عبر رؤية استراتيجية تعيد تشكيل النظام الدولي نحو تعددية القطبية. التوسع المستمر للمجموعة ورفضها الخضوع لهيمنة الدولار يبرزان كخطوات جريئة في اتجاه عالم أكثر توازنًا، حيث لا مركز وحيد للسلطة. مواجهة واشنطن لهذا التحالف ليست فقط معركة تجارية أو مالية، بل صراع على شكل النظام العالمي ذاته ومستقبل العلاقات الدولية. في هذا السياق، يبدو أن "بريكس" ليست مجرد تكتل جديد، بل إعلان بداية عصر جديد قد يعيد رسم خريطة القوة العالمية بالكامل. وفي ظل هذه الديناميكية المتسارعة، ستظل "بريكس" في بؤرة اهتمام الجميع، بين من يحذر من مخاطر انقسامات جديدة في النظام الدولي، ومن يرى فيها فرصة لإعادة التوازن الاقتصادي والسياسي العالمي بعيدًا عن احتكار قوة واحدة.

حمل التطبيق

حمّل التطبيق الآن وابدأ باستخدامه الآن

هل أنت مستعد للنغماس في عالم من الحتوى العالي حمل تطبيق دايلي8 اليوم من متجر ذو النكهة الحلية؟ ّ التطبيقات الفضل لديك وابدأ الستكشاف.
app-storeplay-store